الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن البيع في الوجه الأول قد بطل؛ لأن الخمر ليس بمال متقوم في حق المسلم فبقي الثمن على ملك المشتري فلا يحل أخذه من البائع. وفي الوجه الثاني: صح البيع؛ لأنه مال متقوم في حق الذمي، فملكه البائع فيحل الأخذ منه.
قال: ويكره
الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم
إذا كان ذلك في بلد يضر الاحتكار بأهله.
ــ
[البناية]
الوجهين م: (أن البيع في الوجه الأول قد بطل؛ لأن الخمر ليس بمال متقوم في حق المسلم فبقي الثمن على ملك المشتري فلا يحل أخذه من البائع) ش: يعني أن العقد على الخمر غير منعقد في حق المسلمين فيكون الثمن المقبوض مستحق الرد على البائع شرعا، فصار كالمغصوب في يده، ومن قضى بالدراهم المغصوبة لا يحل للقابض أن يقبضه إذا علم به فهذا مثله.
م: (وفي الوجه الثاني: صح البيع؛ لأنه مال متقوم في حق الذمي، فملكه البائع فيحل الأخذ منه) ش: لأن الخمر لهم كالعصير لنا لأنه رخص لهم في البيع.
قال عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: ولو هم ببيعها وأخذوا العشر من أثمانها.
وعن محمد رحمه الله: هذا إذا كان القضاء والاقتضاء بالتراضي، فأما إن كان بالقضاء بأن قضى القاضي عليه بهذا الثمن، ولم يعلم القاضي بكونه ثمن الخمر يطيب له ذلك بقضائه، وإنما حرم عند الاقتضاء بالتراضي.
وفي " فتاوى الولوالجي ": رجل مات وكسبه من بيع البازق إن تورع الورثة عن أخذ ذلك كان أولى، ويردون على أربابها؛ لأنها ممكن فيه نوع حيث وإن لم يعرفوا أربابها تصدقوا بها، وكذلك الجواب فيما أخذ رشوة وظلما إن تورع الورثة كان أولى. وأما المغني والنائحة والقول والأمل فيه أيسر؛ لأن فيه أعطى بالرضا من غير شرط وعقد، وأما الإهدار والضيافة فينظر إن كان غالبا المهدي والضيف لا يقبله ما لم يجز أن ذلك المال حلال، وإن كان غالب ماله حلالا فلا بأس بأن يقبل حتى يتبين عنده أنه حرام.
رجل مات وابنه يعتمد أنه كان يكتسب من حيث لا يحل لكن لا يعلم ذلك بعينه ليرد عليه، فالميراث له حلال في الحكم لوجود المطلق وانعدام المانع بعينه فيتصرف فيه حيث شاء ولا يؤمر بالتصدق، فإن تورع وتصدق كان أولى لكن يصدق بينه خصى أبيه.
رجل جمع المال وهو مطرب مغن، هل يباح له ذلك إن كان أخذ المال من غير شرط يباح له لأنه أعطى المال عن طوع، كذا في " فتاوى الولوالجي ".
وفي " الدراية " ولو قضى دينه بدراهم أو دنانير مغصوبة لا يحل للقابض قبضه إذا علم.
[الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم]
م: (قال: ويكره الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم إذا كان ذلك في بلد يضر الاحتكار بأهله)
وكذلك التلقي. فأما إذا كان لا يضر فلا بأس به، والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام:«الجالب مرزوق والمحتكر ملعون".»
ــ
[البناية]
ش: أي قال القدوري رحمه الله: والاحتكار الجمع والحبس، يقال: احتكر الطعام وغيره إذا جمعه يتربص به الغلاء، كذا في " ديوان الأدب ". وفي " المجمل ": الحكر حبس الطعام إرادة غلائية وهو الحكر، والحكر أيضا.
وفي " الكافي ": الاحتكار حبس الطعام للغلاء، افتعال من حكر، إذا ظلم. وقيل حبس وحكر الشيء إذا استبد به وحبسه عن غيره.
وفي اصطلاح أهل الشرع: حبس أقوات الناس والبهائم عن البيع يتربص الغلاء شهرا فما زاد فيهما اشتراه في المصروفية إضرارا بالناس.
م: (وكذلك التلقي) ش: أي وكذا يكره التلقي: الجلب، إذا كان في بلد يضر أهله، وإلا فلا، والمراد منه أن يخرج من البلدة إلى القافلة التي جلبت الطعام، فاشتراها خارج البلد، يكره وإلا فلا، إذا كان لا يضر فلا بأس به.
م: (فأما إذا كان لا يضر فلا بأس به) ش: وكذا التلقي كما ذكرنا م: (والأصل فيه) ش: أي في كون الاحتكار مكروها، وفي التلقي أيضا، والأحسن أن يقال: والأصل في كون كل واحد من الاحتكار والتلقي مكروها إذا كانا يضران بالبلد.
فإن قلت: كيف يقول الأحسن هذا؟ والحديث لا يدل على كراهته الاحتكار وحديث التلقي باي.
قلت: علة كراهة الاحتكار، التضييق على الناس وهي موجودة في التلقي، فصح أن يكون حديث الاحتكار أصلا في البابين، وحديث التلقي الذي يأتي فيما بعد يكون زيادة بيان وتوضيح لأنه صريح في بابه فافهم.
م: (قوله عليه الصلاة والسلام: «الجالب مرزوق والمحتكر ملعون» ش: هذا الحديث أخرجه ابن ماجه في التجارات، عن علي بن سالم بن ثوبان، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد ابن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الجالب مرزوق والمحتكر ملعون» .
رواه إسحاق بن راهويه والدارمي، وعبد بن حميد وأبو يعلى الموصلي في "مسانيدهم"
ولأنه تعلق به حق العامة، وفي الامتناع عن البيع إبطال حقهم وتضييق الأمر عليهم فيكره إذا كان يضر بهم ذلك بأن كانت البلدة صغيرة، بخلاف ما إذا لم يضر بأن كان المصر كبيرا؛ لأنه حابس ملكه من غير إضرار بغيره،
ــ
[البناية]
والبيهقي في " شعب الإيمان ".
ورواه العقيلي في كتاب " الضعفاء "، وأعله بعلي بن سالم وقال: لا يتابعه عليه أحد بهذا اللفظ. وقد روي بغير هذا السند، والمتن عن معمر بن عبد الله العدوي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لا يحتكر إلا خاطئ» . وحديث معمر هذا أخرجه مسلم رحمه الله في "صحيحه " باللفظ المذكور في كتاب "البيوع".
روى حديث عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الحاكم في "المستدرك في البيوع" ولم يذكر فيه الجالب. ورواه إبراهيم الحربي في كتاب " غريب الحديث " عن عثمان بن عفان رضي الله عنه حدثنا أبو خيثمة حدثنا يحيى بن أبي بكير عن إسرائيل، عن علي بن سالم، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه عن عثمان بن عفان مثله سواء.
وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله في كتاب " تنبيه الغافلين ": وروي عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «الجالب مرزوق والمحتكر ملعون» .
قال الفقيه أبو الليث رضي الله عنه: "وأراد بالجالب الذي يشتري الطعام للبيع فيجلبه إلى بلده، فيبيعه فهو مرزوق لأن الناس ينتفعون به فيناله بركة دعاء المسلمين، والمحتكر يشتري الطعام للمنع ويضر بالناس لأن في ذلك تعنيفا على المسلمين.
فإن قلت: ما معنى اللعن هنا؟
قلت: اللعن هنا على نوعين، أحدهما: الطرد عن رحمة الله سبحانه وتعالى، وذلك لا يكون إلا للكافر، والثاني: الإبعاد عن درجة الأبرار، ومقام الصالحين، وهو المراد هنا؛ لأن عند أهل السنة والجماعة: المؤمن لا يخرج عن الإيمان بارتكاب الكبيرة.
م: (ولأنه تعلق به حق العامة) ش: أي ولأن الشيء الذي احتكره المحتكر تعلق به حق الناس جميعهم.
م: (وفي الامتناع عن البيع إبطال حقهم وتضييق الأمر عليهم فيكره إذا كان يضر بهم ذلك) ش: أي الاحتكار أو الحبس م: (بأن كانت البلدة صغيرة، بخلاف ما إذا لم يضر بأن كان المصر كبيرا؛ لأنه حابس ملكه من غير إضرار بغيره) ش: لأن العلة هي الإضرار، فإذا انتهى الإضرار ينبغي