الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وهي جائزة في ثلاثة أيام: يوم النحر، ويومان بعده
ــ
[البناية]
طالب رضي الله عنه كان يستخلف بالكوفة من يصلي صلاة العيد بالصفة في المسجد الجامع، وكان يخرج مع الأقرباء إلى الجبانة، كذا ذكره شيخ خواهر زاده في " شرح الأصل ".
وقالوا في " شرح الجامع الصغير " في كتاب الحج: دونت المسألة على أن صلاة العيد في مصر واحد في موضعين تجوز بخلاف صلاة الجمعة فإنها لا تجوز في موضعين في مصر واحد؛ لأنها سميت جمعة لاجتماع الناس وفي ذلك تفرقهم.
[أيام النحر وأفضل هذه الأيام]
م: (قال: وهي جائزة في ثلاثة أيام: يوم النحر، ويومان بعده) ش: أي قال القدوري: الأضحية جائزة في ثلاثة أيام: يوم النحر أولها، والثاني والثالث: وهما يومان بعد يوم النحر.
وبه قال مالك، وأحمد، والثوري، وهو قول ستة من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وهم عمر، وعلي، وابن عباس، وابن عمر، وأبو هريرة، وأنس رضي الله عنهم.
وقال ابن سيرين: لا يجوز إلا في يوم النحر خاصة؛ لأنها وظيفة عيد فلا يجوز إلا في يوم واحد كأداء الفطرة يوم الفطر.
وبقوله قال سعيد بن جابر، وجابر بن زيد رضي الله عنهم في أهل الأمصار، وبقولنا في أهل منى، وقال أهل الظاهر: يجوز التضحية إلى هلال محرم، وبه قال سلمة بن عبد الرحمن، وعطاء بن يسار. وروى محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، وسليمان بن يسار أنهما قالا بلغنا أنه صلى الله عليه وسلم قال:«الأضاحي إلى هلال المحرم لمن أراد أن يستأني ذلك» .
قلت: روى ذلك أبو داود في " المراسيل ".
فإن قلت: " المراسيل " عندكم حجة، وكذا عند المالكية فكان ينبغي أن يقول به.
قلت: قول الصحابة الذين لم يرو عن غيرهم من الصحابة خلافه أولى بأن يقال به. وعن قريب يتبين أقوالهم.
وقال صاحب " الاستذكار ": روي ذلك عن علي وابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم ولم يختلف فيه عن أبي هريرة وأنس رضي الله عنه وهو الأصح عن ابن عمر رضي الله عنهما وهو مذهب أبي حنيفة والثوري ومالك، وفي " نوادر الفقهاء " لابن بنت نعيم: أجمع الفقهاء أن التضحية في اليوم الثالث عشر غير جائز إلا الشافعي فإنه أجازها فيه.
وقال الشافعي رحمه الله: ثلاثة أيام بعده لقوله عليه الصلاة والسلام: «أيام التشريق كلها أيام ذبح» .
ــ
[البناية]
وفي " التفريع ": قال مالك: وقتها يوم النحر ويومان بعده، ولا يضحى في اليوم الرابع ولا يضحى بليل، وقال الحربي: وإذا مضى نهار من يوم الأضحى مقدار صلاة الإمام العيد وخطبته فقد حل الذبح إلى آخر يومين من أيام التشريق نهارا ولا يجوز ليلا.
م: (وقال الشافعي رحمه الله: ثلاثة أيام بعده) ش: أي بعد يوم النحر، فالجملة أربعة أيام عنده، وبه قال عطاء والحسن.
وقال أصحاب الشافعي: أول الوقت بانقضاء وقت الكراهة بعد طلوع الشمس يوم العيد وبعد مقدار خطبتين وركعتين خفيفتين، وقيل: بل طويلتين على العادة، وآخره غروب الشمس ثالث أيام التشريق، ويجزئ بالليل وفي اليوم الثالث من أيام التشريق.
م: (لقوله عليه الصلاة والسلام: «أيام التشريق كلها أيام ذبح» ش: هذا الحديث أخرجه أحمد في " مسنده " وابن حبان في " صحيحه " من حديث عبد الرحمن بن أبي جبير عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل أيام التشريق ذبح وعرفة كلها موقف......» الحديث وقد مر في الحج ورواه البيهقي أيضا.
والجواب عن هذا: أن فيه اضطرابا كثيرًا بين صاحب الشعر وبين البيهقي أيضا بعضه.
قال: ورواه سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف عند بعض أهل النقل.
قلت: هو ضعيف عند كلهم أو أكثرهم، وقد ذكره في كتابه في باب المعتكف يصوم فقال: ضعيف بمرة لا يقبل منه ما ينفرد به، ورواه البزار في " مسنده "، وقال ابن أبي حسين: لم يلق جبير بن مطعم فيكون منقطعا؛ لأنه يرجحه.
فإن قلنا: أخرجه أحمد أيضا والبيهقي عن سليمان بن موسى عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: قال البيهقي سليمان بن موسى لم يدرك جبير بن مطعم فيكون منقطعا.
فإن قلت: أخرج ابن عدي في " الكامل " عن معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري عن ابن المسيب رضي الله عنه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيام التشريق كلها ذبح» .
ولنا: ما روي عن عمر وعلي وابن عباس رضي الله عنهم: أنهم قالوا: أيام النحر ثلاثة أفضلها أولها. وقد قالوه سماعا؛ لأن الرأي لا يهتدي إلى المقادير. وفي الأخبار تعارض، فأخذنا بالمتيقن
ــ
[البناية]
قلت: معاوية بن يحيى ضعفه النسائي وابن معين وعلي بن المديني، وقال ابن أبي حاتم في كتاب " العلل ": فإن هذا حديث موضوع بهذا الإسناد.
فإن قلت: أخرج البيهقي من حديث طلحة بن عمر وعن عطاء وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: الأضحى ثلاث أيام بعد أيام النحر.
قلت: أخرج الطحاوي بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنه قال: الأضحى ثلاثة أيام ويومان بعد يوم النحر.
م: (ولنا ما روي عن عمر وعلي وابن عباس رضي الله عنهم أنهم قالوا أيام النحر ثلاثة أفضلها أولها) ش: قال الزيلعي في " تخريج أحاديث الهداية ": هذا غريب جدا، يعني عن هؤلاء الأصحاب الثلاثة، وليس كذلك.
قال الكرخي: قال في " مختصره ": حدثنا أبو بكر محمد بن الجنيد قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا ابن أبي ليلى عن المنهال ابن عمرو عن زر بن حبيش وعباد بن عبد الله الأسدي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أنه كان يقول: أيام النحر ثلاثة أيام أولهن أفضلهن. وعن ابن عباس وعن ابن عمر مثله قال: " النحر ثلاثة أيام أولها أفضلها ".
وروي: " النحر ثلاثة أيام " عن عمر رضي الله عنه وأنس بن مالك وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير، وعن الحسن وعن إبراهيم النخعي.
وقال محمد في كتاب " الآثار ": أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة قال: الأضحى ثلاثة أيام يوم النحر ويومان بعده.
وحديث مالك رضي الله عنه في " الموطأ " عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول: الأضحى يومان بعد يوم الأضحى.
وفي " سنن البيهقي " عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: الذبح بعد يوم النحر يومان.
م: (وقد قالوه سماعا؛ لأن الرأي لا يهتدي إلى المقادير) ش: لأن تخصيص العبادات بوقت لا يعرف إلا سماعا وتوقيتا. فالمروي عنهم كالمروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
م: (وفي الأخبار تعارض فأخذنا بالمتيقن) ش: أراد بالأخبار ما رواه الشافعي - رضي الله
وهو الأقل، وأفضلها أولها كما قالوا؛ ولأن فيه مسارعة إلى أداء القربة، وهو الأصل إلا لمعارض،
ويجوز الذبح في لياليها إلا أنه يكره لاحتمال الغلط في ظلمة الليل.
ــ
[البناية]
عنه - من حديث جبير بن مطعم - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وما رواه الكرخي رضي الله عنه عن الصحابة المذكورين، وجه التعارض: أن الحديث يقتضي جواز الأضحية في اليوم الرابع من النحر، والأخبار تقتضي الاقتصار على ثلاثة أيام.
م: (وهو الأقل) ش: أي المتيقن هو الأقل.
فإن قلت: إذا كان الأخذ بالمتقين أولى كان ينبغي أن يؤخذ بقول ابن سيرين، حيث لم يجوز إلا يوم النحر خاصة كما ذكرناه.
قلت: ترك هذه المخالفة قول الصحابة الكبار فلا يعتبر على ما ورد عن هؤلاء الذين ذكرناه م: (وأفضلها أولها كما قالوا) ش: أي أفضل الأيام الثلاثة أولها وهو يوم النحر كما قال عمر وعلي وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.
م: (ولأن فيه) ش: أي في أول الأيام م: (مسارعة إلى أداء القربة) ش: فيكون أفضل لقوله سبحانه وتعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} [آل عمران: 133] الآية.
م: (وهو الأصل) ش: أي المسارعة إلى أداء القربة هو الأصل. وذكر الضمير باعتبار التنازع م: (إلا لمعارض) ش: أي إلا لأجل عرض يؤخذ كما في الإسفار بالفجر والإبراد بالظهر. وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر وأبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم» .
م: (ويجوز الذبح في لياليها) ش: أراد الليلتين المتسوطتين لا ليلة الرابع عندنا لخروج وقت التضحية بغروب الشمس، من اليوم الثاني عشر، وعند الشافعي رحمه الله: يبقى، أما ليلة العاشر وهي ليلة العيد لا يجوز بإجماع العلماء رضي الله عنهم فبقولنا قال الشافعي رضي الله عنه وأحمد وأصحاب الظواهر. وقال مالك وأحمد رضي الله عنهم في رواية: لا يجوز في الليل؛ لأنه سبحانه وتعالى قال: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 28](الحج: الآية 28) . ولنا أن الليل تبيع اليوم فصار وقتا للذبح، ولهذا يجوز الرمي فيه بالإجماع فيكون وقتا للذبح. م:(إلا أنه يكره لاحتمال الغلط في ظلمة الليل) ش: أي في الذبح أو في الشاة من أنها له أو لغيره. أو لغلط مع شاة فإن فيها بعض الشروط.
فإن قلت: «روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الذبح بالليل» .
وأيام النحر ثلاثة، وأيام التشريق ثلاثة، والكل يمضي بأربعة أولها نحر لا غير، وآخرها تشريق لا غير. والمتوسطان: نحر وتشريق. والتضحية فيها أفضل من التصدق بثمن الأضحية؛ لأنها تقع واجبة، أو سنة،
ــ
[البناية]
قلت: في سنده ميسر بن عبيد وهو مذكور بوضع الحديث عمدا.
فإن قلت: روى البيهقي من حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسن «أنه قال لقيم له خديجة بالليل: ألم تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن حداد الليل وحرام النحل أو قال: حصار النحل» . قال الثوري: يكون بالنهار ويحصره المساكين. فسألوا جعفرا عن الأضحى بالليل فقال: لا.
وروى البيهقي من حديث أشعب بن عبد الملك عن الحسن قال: «نهى عن حداد الليل وحصاد الليل والأضحى بالليل» .
قلت: قال البيهقي: إنما كان ذلك من شدة حال الناس، كان الرجل يفعله ليلا فنهي، ثم رخص في ذلك.
م: (وأيام النحر ثلاثة، وأيام التشريق ثلاثة، والكل يمضي بأربعة أولها نحر لا غير) ش: يعني غير تشريق م: (وآخرها تشريق لا غير) ش: يعني وآخر أيام الأربعة تشريق من غير نحر م: (والمتوسطان) ش: وهما الحادي عشر والثاني عشر من الشهر م: (نحر وتشريق) ش: فيساويان في يومين ويشابهان في يومين.
وقال القدوري في " شرحه ": هذه الأيام الثلاثة عندنا تدخل فيها المعلومات والمعدودات. لأن أبا يوسف قال: إن المعلومات أيام التشريق وأيام النحر من المعدودات وليس من المعلومات، وآخر أيام التشريق من المعلومات وليس من المعدودات، واليوم الثاني والثالث من المعدودات والمعلومات.
م: (والتضحية فيها) ش: أي في أيام النحر م: (أفضل من التصدق بثمن الأضحية؛ لأنها) ش: أي التضحية م: (تقع واجبة) ش: على ظاهر الرواية الذي هو قول أبي حنيفة م: (أو سنة) ش: أي أو تقع سنة على رواية أخرى، وهي قولهما والشافعي وأحمد؛ لأن إراقة الدم في هذه الأيام أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء رضي الله عنهم بعده ضحوا فيها. ولو كان التصدق أفضل لاشتغلوا به.