الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما نقيع التمر، وهو السكر، وهو النيء من ماء التمر أي الرطب، فهو حرام مكروه، وقال شريك بن عبد الله: إنه مباح لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: 67] .
ــ
[البناية]
قطعي لا يعتبر الاختلاف بعد ذلك.
[نقيع التمر وما يتخذ من التمر]
م: (وأما نقيع التمر) ش: عطف على قوله: وأما العصير م: (وهو السكر) ش: بفتح السين، والكاف جميعا، وما يتخذ من التمر أنواعه ثلاثة: السكر، والنبيذ، والفضيخ: وهو المراد بالنقيع، وإنه حرام كالبازق. والنقيع من أنقع التمر، والزبيب في الخابية إذا أبقاه فيها ليبتل ويخرج منه الحلاوة في الماء، وأهمه الشراب النقيع.
م: (وهو النيء من ماء التمر) ش: أي النقيع الذي هو السكر وهو النيء من ماء العنب م: (أي الرطب) ش: قال الأترازي رحمه الله: تفسير " صاحب الهداية ": التمر بالرطب فيه نظر؛ لأن التمر إذا نقع في الماء يسمى نقيعا، ولا حاجة إلى أن ينقع الرطب لا محالة يعني يسمى نقيعا.
وقياس كلامه هنا: أن يقول: في نقيع الزبيب؛ أي نقيع العنب، وليس بقوي.
قلت: هذا التفسير لا بد منه لأن الشراب المتخذ من التمر اسمه نبيذ التمر، لا السكر، وهو حلال على قول أبي حنيفة، وأبي يوسف -رحمهما الله - على ما يجيء إن شاء الله تعالى.
وقال تاج الشريعة: وفائدة تفسير التمر بالرطب: أن في نقيع اليابس ينبغي أن يكون خلاف الأوزاعي كما في المطبوخ قليلا من عصير العنب، والجامع أن في الأول ذهب البعض بالنار، وفي الثاني بالشمس، والحاصل: أنه ذكر خلاف الأوزاعي في الزبيب؛ لأنه ذهب بعضه بالشمس.
وهذا المعنى ثابت في التمر. ولم يذكر الخلاف فيه، علم أن المراد من التمر الرطب لأنه لا يخالفون في الرطب، وإنما يخالفنا في اليابس من التمر م:(فهو حرام مكروه) ش: أردف الحرام بالمكروه ليعلم أن درجة حرمته أدنى من الخمر؛ لأن حرمة السكر اجتهادية، وحرمة الخمر بالإجماع قطعية. ولهذا لا يكفر مستحل السكر، ويكفر مستحل الخمر.
م: (وقال شريك بن عبد الله) ش: ابن أبي شريك ساب بن عبد الله النخعي الكوفي من أصحاب أبي حنيفة رحمه الله، وممن أخذ منه ببخارى، ومات بالكوفة يوم السبت في ذي القعدة سنة سبع وسبعين ومائة، وروى له مسلم متابعة، تولى القضاء بواسط سنة وخمسين ومائة ثم تولى الكوفة بعد ذلك.
م: (إنه مباح) ش: أي السكر مباح م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: 67] ش:
امتن علينا به وهو بالمحرم لا يتحقق. ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم
ــ
[البناية]
أول الآية، ومن ثمرات النخيل، والأعناب تتخذون سكرا ورزقا حسنا أي يسقيكم من ثمرات النخيل، والأعناب أي من عصيرها. وحذف الدلالة يسقيكم قليله عليه. وقوله: تتخذون منه سكرا بيان وكشف عن كيفية الإسقاء. والسكر: النبيذ: وهو خمر التمر، والرزق الحسن: الدبس، والخل، والتمر، والزبيب، وغير ذلك. والرزق الحسن شرعا ما هو حلال. وحكم المعطوف، والمعطوف عليه واحد؛ لأن الآية لبيان الامتناع. ويجوز أن يجعل السكر رزقا حسنا كأنه قيل: تتخذون ما هو سكر، ورزق حسن.
م: (امتن علينا به) ش: أي بالسكر م: (وهو بالمحرم لا يتحقق) ش: أي الامتنان بالحرام لا يتحقق من الحكم. م: (ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم) ش: يعني على تحريم السكر.
وروى عبد الرزاق في " مصنفه "، أخبرنا الثوري، عن منصور، عن أبي وائل قال: اشتكى رجل منا بطنه فوصف له السكر: فقال عبد الله بن مسعود: «إن الله لم يكن ليجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» .
أخبرنا معمر عن منصور به وزاد قال معمر: والسكر يكون من التمر، و [من] الطريق عبد الرزاق [عن] . روى الطبراني في " معجمه " بالسند الأول.
ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه "، حدثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور به حدثنا جرير عن مغيرة، عن إبراهيم قال: قال عبد الله: السكر خمر.
حدثنا عفص بن غياث، عن ليث، عن حرب، عن سعيد بن جبير، قال ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أنه سئل عن السكر، فقال: الخمر.
وفي " السنن " للدارقطني، عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: كان عبد الله يحلف بالله: أن التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم أن يكسر دنانه حين حرمت الخمر سكر التمر، والزبيب.
وروى البيهقي من حديث سفيان بن الأسود بن قيس، عن عمر بن سفيان، عن ابن عباس أنه سئل عن قول الله سبحانه وتعالى:{تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: 67] ؟.
قال: السكر ما حرم من ثمرتها؛ والرزق الحسن من ثمرتها.
وروي عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله سبحانه وتعالى:{تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا} [النحل: 67] فحرم الله السكر بعد ذلك السكر مع تحريم الخمر لأنه منها. قال: رزقا حسنا فهو حلال من الخل والرب والنبيذ، وأشباه ذلك. فأقره الله، وجعله حلالا لنا.
ويدل عليه ما رويناه من قبل. والآية محمولة على الابتداء إذ كانت الأشربة مباحة كلها. وقيل: أراد به التوبيخ. معناه والله أعلم: تتخذون منه سكرا وتدعون رزقا حسنا.
ــ
[البناية]
م: (ويدل عليه ما رويناه من قبل) ش: أي يدل على إجماع الصحابة رضي الله عنهم ما رويناه من قبل، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:«الخمر من هاتين الشجرتين» . وأشار إلى الكرمة والنخلة ولم يرو به بيان الإثم، فإنه ما بعث لذلك فيكون المراد بيان حكم الحرمة أن ما يكون من هاتين الشجرتين سواء في الحرمة. ثم التي من ماء العنب إذا غلا واشتد خمرا. فكذا التي من ماء التمر.
إلا أنه لا يحد بنفس الشرب، لأن اختلاف العلماء أورثت فيها شبهة. م:(والآية محمولة على الابتداء إذ كانت الأشربة مباحة كلها) ش: أشار بهذا إلى أن الآية منسوخة. قال مقاتل: نزلت الآية قبل تحريم الخمر لأن السورة مكية، وتحريم الخمر بالمدينة، وروى البيهقي من حديث شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم الشعبي، وأبي رزين:{تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: 67] هي منسوخة، فإذا كانت منسوخة فلا يجوز الاحتجاج به.
وفي " الكشاف "، وقيل: السكر: النبيذ، وهو عصير العنب، والزبيب، والتمر إذا طبخ حتى ذهب ثلثاه ثم يترك حتى يشتد، وهو حلال عند أبي حنيفة إلى حد السكر. ويحتج بهذه الآية.
م: (وقيل: أراد به التوبيخ) ش: أي أراد بالآية الشريفة التوبيخ، أي أراد بالآية المذكورة التوبيخ لا الامتنان م:(معناه: والله أعلم: تتخذون منه سكرا وتدعون رزقا حسنا) ش: يعني بسفاهتكم تتخذون منه سكرا حراما وتدعون رزقا حسنا: أي تتركون، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وفي " الذخيرة ": ما يتخذون من الشراب، من الخمر ثلاثة للسكر والعصير وهو الذي يسمى فضيخا، والنبيذ.
أما السكر فهو الذي من باب الرطب، فإنه حلال ما دام حلوا. وإذا اشتد وقذف بالزبد فهو حرام عندنا، وهو الصحيح خلافا للبعض وأما الفضيخ، فهو التي من ماء البسر المذنب، والاسم مشتق من الفضخ وهو الكسر.