الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأبوال الإبل. وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - لا بأس بأبوال الإبل. وتأويل قول أبي يوسف: أنه لا بأس بها للتداوي. وقد بينا هذه الجملة فيما تقدم في الصلاة، والذبائح فلا نعيدها، واللبن متولد من اللحم فأخذ حكمه.
قال: ولا يجوز
الأكل والشرب والادهان والتطيب في آنية الذهب، والفضة
للرجال والنساء لقوله عليه الصلاة والسلام في الذي يشرب في إناء الذهب والفضة: «إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» .
ــ
[البناية]
م: (وأبوال الإبل) ش: أي يكره أبوال الإبل أيضا عند أبي حنيفة رحمه الله م: (وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: لا بأس بأبوال الإبل، وتأويل قول أبي يوسف) ش: لأنه ذكر مطلقا في " الجامع الصغير " حيث قال محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة قال: أكره شرب أبوال الإبل وأكل لحم الفرس، وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: لا بأس بذلك كله.
قال المصنف: تأويل أبي يوسف رحمه الله م: (أنه لا بأس بها للتداوي) ش: لا مطلقا كما هو مذهب محمد رحمه الله م: (وقد بينا هذه الجملة فيما تقدم في الصلاة) ش: في كتاب الطهارات في فصل البئر م: (والذبائح) ش: أي في كتاب الذبائح، وأراد به حكم لحوم الأتن م:(فلا نعيدها) ش: أي من التكرار.
م: (واللبن متولد من اللحم فأخذ حكمه) ش: أي فيما لم يختلف ما هو المقصود من كل واحد منهما، ولا بد من ذلك القيد وإلا يلزم نقضا على هذا الأصل لبن الفرس على قول أبي حنيفة رحمه الله في رواية هذا الكتاب: جعل شرب لبنه حلالا لما أن المقصود من تحريم لحمه تعليل آلة الفن ولا يوجد ذلك في اللبن.
[الأكل والشرب والادهان والتطيب في آنية الذهب والفضة]
م: (قال: ولا يجوز الأكل والشرب والادهان والتطيب في آنية الذهب والفضة للرجال والنساء) ش: أي قال القدوري " رحمه الله " في " مختصره ": قبل: صورة الادهان المحرم أن يأخذ الإناء ويصب على رأسه، أما إذا أدخل يده فيها وأخذ الدهن ثم صب على رأسه من اليد لا يكره ذلك في " الجامع " و " الذخيرة " و " المحيط ".
وكذا لو دفع الطعام ووضعه على الخبز وأكله لأنه يحل لانقطاعه عن آنية الفضة م: (لقوله عليه الصلاة والسلام في الذي يشرب في إناء الذهب والفضة: «إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» ش: هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم - رحمهما الله - عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عن أم سلمة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» .
وفي لفظ لمسلم رحمه الله: «من يشرب في إناء ذهب أو فضة» وفي لفظ له: «الذي يأكل ويشرب في آنية الذهب والفضة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
ولم يذكر البخاري رحمه الله الأكل ولا ذكر الذهب، أخرجه البخاري رحمه الله في الأشربة، ومسلم رحمه الله في أول اللباس.
وأخرجه الدارقطني رحمه الله ثم البيهقي رحمه الله عن يحيى بن محمد الجاري رحمه الله ثنا زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع عن أبيه عن ابن عمر نحوه، وزاد فيه:«آنية الذهب والفضة» أو فيه شيء من ذلك، ويحيى الجاري فيه، فقال: أخرجاه في الطهارة.
وروى البخاري أيضا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: «كان حذيفة بالمدائن فاستقى الماء وأتى دهقان بقدح فضة فرمى به فقال: إني لم أرمه إلا أني نهيته فلم ينته، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الحرير والديباج والشرب في آنية الذهب والفضة وقال: " هي لهم في الدنيا وهي لكم في الآخرة» ".
وقال الخطابي: أصل الجرجرة هدير الفحل إذا اهتاج ويقال: جرجر الفحل إذا هدر في شقشقته، ومثله جرجرة الرحى. وقال الجوهري رحمه الله: الجرجرة صوت يردده البعير في حنجرته ومعناه يرددها في بطنه.
وقال صاحب " العناية ": و " نار " منصوب على ما هو محفوظ من الثقات.
قلت: روى الزمخشري أيضا بالنصب في تابعه واقتصر عليه وقال: أي يرددها فيه من حرز الفحل إذا ردد الصوت في حنجرته. انتهى. ذلك يجوز فيه الوجهان.
قال الخطابي رحمه الله: وفي إعرابه وجهان: أحدهما: إن رفع النار، أي كأنه يصوت في جهة بطنه نار جهنم، والوجه الآخر: أن ينصب النار، أي كأنه يجرع في شربه نار جهنم: كقوله تعالى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء: 10] انتهى.
قلت: التحقيق في إعراب هذا الحديث الذي قوله: الذي: مبتدأ موصول، وقوله: يشرب من إناء الذهب: صلة، قوله: إنما يجرجر في بطنه نار جهنم: خبر المبتدأ، وهي جملة وفيها العائد إلى الاسم للأول، ثم قوله: يجرجر سواء رفعت النار أو نصبت على بناء الفاعل، ولكن معناه في النصب متعدد في الرفع لازم، ونار جهنم في النصب تردد وفي الرفع متردد، والأصل هذا الفعل لازم، ولكن يتعدى في النصب؛ لأنه يكون معنى يتجرع وهو من باب التضمين وفيه يصير اللازم متعديا، فافهم.
وهكذا فسره الزمخشري رحمه الله في النصب بقوله: أي يرددها؛ لأنها حينئذ تتضمن جرجر معنى ردد، وردد متعد وإلا فأصله لازم لأنك تقول جرجر الرحى إذا سمع منه
وأتي أبو هريرة بشراب في إناء فضة فلم يقبله، وقال: نهانا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا ثبت هذا في الشراب، فكذا في الادهان ونحوه؛ لأنه في معناه، ولأنه تشبه بزي المشركين وتنعم بتنعم المترفين والمسرفين. وقال في " الجامع الصغير ": يكره،
ــ
[البناية]
صوت فتردد.
م: «وأتي أبو هريرة بشراب في إناء فضة فلم يقبله، وقال: نهانا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم» ش: هذا عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - غير صحيح، وهو في الكتب الستة عن حذيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال:«استسقى حذيفة فسقاه مجوسي في إناء من فضة فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة» أخرجه البخاري رحمه الله في الأشربة والأطعمة واللباس، ومسلم في الأطعمة، وأبو داود والترمذي في الأشربة، وابن ماجه في الأشربة واللباس، والنسائي رحمه الله في الزينة والوليمة.
م: (وإذا ثبت هذا) ش: أي عدم الجواز م: (في الشراب فكذا في الادهان ونحوه) ش: أي فكذا ثبت عدم الجواز في الادهان ونحوه مثل التداوي يداوي فيه والإسقاط والإنحار والاختتان م: (لأنه في معناه) ش: أي لأن الادهان في معنى الشرب منه؛ لأن كل واحد استعمال للمحرم والمحرم الاستعمال بأي وجه كان.
م: (ولأنه تشبه بزي المشركين) ش: أي ولأن كل من الأكل والشرب والادهان والتطيب في آنية الذهب والفضة، تشبيه بأفعال المشركين؛ لأنهم لا يستعملون من الأشياء إلا في أواني الذهب والفضة، ولا سيما ملوك الروم والغجر.
م: (وتنعم بتنعم المترفين والمسرفين) ش: المترف - بضم الميم وسكون التاء المثناة من فوق وفتح الراء وفي آخره فاء -، وهو المنعم، يقال: أترفه أي نعمه وأترفته النعمة أي أطغته، كذا في " الديوان ".
ومنه قوله سبحانه وتعالى: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا} [الإسراء: 16] .
وقال الكاكي رحمه الله: تنعم المترفين أي الطاغين.
قال سبحانه وتعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: 20] والإسراف المجاوزة عن الحد في استعمال الأشياء.
م: (وقال في " الجامع الصغير ": يكره) ش: حيث قال محمد رحمه الله عن يعقوب عن أبي حنيفة رحمه الله: أنه كان يكره الأكل والشرب والادهان في آنية الذهب، وكان لا يرى