الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب إحياء الموات
قال رحمه الله: الموات ما لا ينتفع به من الأراضي لانقطاع الماء عنه أو لغلبة الماء عليه، أو ما أشبه ذلك مما يمنع الزراعة، سمي بذلك لبطلان الانتفاع به. قال: فما كان منها عاديا
ــ
[البناية]
[كتاب إحياء الموات]
[تعريف إحياء الموات]
م: (كتاب إحياء الموات) ش: أي هذا كتاب في بيان أحكام إحياء الموات، قال الشراح: مناسبة هذا الكتاب بكتاب الكراهة. يجوز أن يكون من حيث أن في مسائل هذا الكتاب ما يكره وما لا يكره. وهذا ليس بشيء، لأنه قل كتاب من الكتب أن يخلو عما يكره وما لا يكره، وأبعد من هذا ما قاله الكاكي. أو لأن إحياء الأرض إحياء صورة فكان فيه التسبب للحياة النامية فكان قريبا إلى حقيقة الإحياء.
كما أن الكراهة حرمة صورة وقريب إلى الحرمة القطعية والأوجه أن يقال إن هذا الكتاب فيه بيان الموات وهو أن من الأراضي ما لا ينتفع به، وكذلك الذهب والفضة والحرير ما لا ينفع له شرعا حيث يحرم الأكل والشرب ونحوهما في الذهب والفضة في حق الرجال والنساء جميعا، ويحرم لبس الحرير وافتراشه وتوسده في حق الرجال فحكم هذه الأشياء كالموات في عدم الانتفاع به عادة في الموات، وشرعا: في الأشياء المذكورة، وكذلك كل مكروه فيه كالموات حيث لا ينتفع به شرعا.
م: (قال: رحمه الله: الموات ما لا ينتفع به من الأراضي) ش: أي قال القدوري في " مختصره ". وقوله: الموات: ما لا ينتفع به، وهو المعنى اللغوي، وقوله: من الأراضي إنما زيد إشارة إلى معناه الشرعي وأشار إلى علة عدم الانتفاع به لقوله: م: (لانقطاع الماء عنه) ش: الضمير في عنه يرجع إلى ما لا ينتفع به، ومن الأراضي بيان له وكذلك الضمير في به، كذلك في عليه في قوله م:(أو لغلبة الماء عليه) ش: بأن غطاه حتى لم يبق محلا للزراعة. م: (أو ما أشبه ذلك مما يمنع الزراعة) ش: بأن صار سبخة أو غلب عليها الرمال فصارت زراعتها متعذرة م: (سمي بذلك لبطلان الانتفاع به) ش: أي سمي الموات ما لا ينتفع به من الأراضي لأجل بطلان الانتفاع به، تشبيها بالحيوان إذا مات بطل الانتفاع به، وإحياؤه عبارة عن جعله منتفعا به.
م: (قال: فما كان منها عاديا) ش: أي قال القدوري: وقال الشراح المراد من العادي ما كان خرابة قديما ولا يعرف له ملك إلا أن يكون منسوبا لعاد. لأن جميع الأراضي الموات لم تكن لعاد وإنما كني بذلك عن القديم خرابا، لأن عادا كان في قديم الأيام، وكذا ذكره المصنف على ما يأتي.
لا مالك له، أو كان مملوكا في دار الإسلام، لا يعرف له مالك بعينه، وهو بعيد من القرية بحيث إذا وقف إنسان في أقصى العامر فصاح لا يسمع الصوت فيه فهو موات.
ــ
[البناية]
قلت: لا شك أن العادي بتشديد الياء، هو نسبة إلى عاد، وإنما لم يكن جميع الأراضي الموات منسوبة لعاد فأكثره منسوب إليه. وقد ذكر أهل التاريخ أن عادا استولى على كثير من بلاد الشام والعراق والهند، وهو عاد بن أوص بن أرم بن سام بن نوح عليه السلام. أو يكون هذه النسبة أن كل أثر قديم ينسب إلى عاد وقومه لقدمهم فتكون النسبة صحيحة على كل حال م:(لا مالك له أو كان مملوكا في دار الإسلام لا يعرف له مالك بعينه، وهو بعيد من القرية) .
ش: أي والحال أنه بعيد من القرية، وهذا الذي شرطه القدوري هو اختيار الطحاوي وهو غير ظاهر الرواية لا يشترط البعد من القرية. وقال الإمام الأسبيجابي في " شرح الطحاوي ": الأصل أن من ملك شيئا من مسلم أو ذمي بأي سبب ملك، فإنه لا يزول ملكه عنه بالترك كما إذا ملك دارا أو أرضا ثم خربها فمضت عليه السنون والقرون فهو على ملك مالكه الأول لا تكون تلك الأرض موات.
وأرض الموات: التي لم تملك ملكا لأحد ولم تكن من مرافق البلدة وكانت خارج البلدة، قربت من البلدة أو بعدت. حتى إن بحرا خارج البلدة قريبا منها لو حرز ماؤه، أو أكمة عظيمة لم يكن ملكا لأحد كانت تلك الأرض أرض موات في ظاهر الرواية. وقال الطحاوي: وما قرب من العامر فليس بموات.
وفي " خلاصة الفتاوى ": وأما في بخارى ليست بموات، لأنها دخلت في القسمة ويصرف لأقصى مالك أو منتفع في الإسلام أو إلى ورثته، فإن لم يعلم فالتصرف إلى القاضي. وفي " الذخيرة ": الأراضي المملوكة في دار الإسلام إذا انقرض أهلها فهي كاللقطة فلا يجوز إحياؤها، وبه قال الشافعي في قول، وأحمد في رواية، لأن لها مالكا فلم يجز إحياءها كما لو كان مالكها معينا. وقيل: كالموات فيملك بالإحياء وبه قال الشافعي في قول، وأحمد في رواية ومالك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:«من أحيا أرضا ميتة فهي له» .
م: (بحيث إذا وقف إنسان في أقصى العامر فصاح لا يسمع الصوت فيه) ش: هذا تفسير لقوله، هو بعيد من القرية. هكذا روي عن أبي يوسف رحمه الله. فالحد الفاصل بين القريب والبعيد على ما روي عنه: أن يقوم رجل جهري الصوت أقصى العمرانات، على مكان عال فينادي بأعلى صوته. فالموضع الذي يسمع منه صوته يكون قريبا منه، وإذا كان لا يسمع صوته منه يكون بعيدا من العمرانات، م:(فهو موات) ش: جملة في محل الرفع على أنها خبر عن قوله فما كان عاديا ودخلت الفاء لتضمين المبتدأ معنى الشرط.