المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حكم رزق القاضي] - البناية شرح الهداية - جـ ١٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأضحية

- ‌[تعريف الأضحية]

- ‌[حكم الأضحية]

- ‌«من وجد سعة ولم يضح

- ‌[على من تجب الأضحية]

- ‌[الأضحية عن نفس المكلف]

- ‌[من تجزيء عنه الأضحية وحكم الإشتراك في الأضحية]

- ‌[إذا ذبحت البقرة عن خمس أو ستة أو ثلاثة هل تجزئهم]

- ‌[الأضحية عن أهل بيت واحد وإن كانوا أكثر من سبعة]

- ‌ اشترى بقرة يريد أن يضحي بها عن نفسه، ثم اشترك فيها ستة معه

- ‌وقت الأضحية

- ‌[الأضحية على الفقير والمسافر]

- ‌[سافر رجل فأمر أهله وهم في المصر أن يضحوا عنه]

- ‌ ضحى بعدما صلى أهل المسجد، ولم يصل أهل الجبانة

- ‌[أيام النحر وأفضل هذه الأيام]

- ‌ لم يضح حتى مضت أيام النحر

- ‌[وقت ذبح الأضحية]

- ‌[مالا يجزئ في الأضحية]

- ‌[التضحية بالعمياء]

- ‌[التضحية بمقطوعة الأذن والذنب]

- ‌[التضحية بالشاة التي ذهب أكثر أذنيها]

- ‌[التضحية بالجماء]

- ‌[التضحية بالخصي]

- ‌[التضحية بالجرباء والثولاء]

- ‌[التضحية بالسكاء]

- ‌[أوجب على نفسه أضحية بغير عينها فاشترى صحيحة ثم تعيبت]

- ‌[ما يجزئ في الأضحية من الأنعام]

- ‌[التضحية بالمولود بين الأهلي والوحشي]

- ‌[الأكل من الأضحية]

- ‌ أجرة الجزار

- ‌[ما يستحب في الأضحية]

- ‌ غصب شاة فضحى بها

- ‌كتاب الكراهية

- ‌ معنى المكروه

- ‌ فصل في الأكل والشرب

- ‌ الأكل والشرب والادهان والتطيب في آنية الذهب، والفضة

- ‌ الشرب في الإناء المفضض

- ‌[أرسل أجيرا له فاشترى لحما فقال اشتريته من يهودي أو نصراني أو مسلم]

- ‌ الإخبار بنجاسة الماء

- ‌[يدعى إلى الوليمة والطعام فيجد ثمة اللعب والغناء]

- ‌فصل في اللبس

- ‌[لبس الحرير للرجال]

- ‌[العلم في عرض الثوب]

- ‌[توسد الحرير والنوم عليه]

- ‌لبس الحرير والديباج في الحرب

- ‌[ما سداه حرير ولحمته غير حرير كالقطن والخز لبسه في الحرب وغيره]

- ‌[لبس ما كان لحمته حريرا وسداه غير حرير]

- ‌[التحلي بالذهب للرجال]

- ‌[التختم بالحجر والحديد والصفر]

- ‌التختم بالذهب على الرجال

- ‌[شد الأسنان بالذهب الفضة]

- ‌ الخرقة التي تحمل فيمسح بها العرق

- ‌فصل: في الوطء والنظر واللمس

- ‌[النظر إلى وجه الأجنبية وكفيها]

- ‌[مصافحة العجوز التي لا تشتهى ولمس يدها]

- ‌[نظر القاضي للمرأة للحكم عليها]

- ‌[نظر الخاطب]

- ‌[نظر الطبيب للمرأة الأجنبية]

- ‌ النظر إلى موضع الاحتقان من الرجل

- ‌[ما ينظر إليه الرجل من الرجل]

- ‌[عورة الرجل]

- ‌[والفخذ هل تعتبر عورة أم لا]

- ‌ما يباح النظر إليه للرجل من الرجل

- ‌ نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي

- ‌[ما تنظر إليه المرأة من الرجل الرجل]

- ‌نظر المرأة من المرأة

- ‌نظر الرجل من أمته التي تحل له وزوجته

- ‌نظر الرجل من ذوات محارمه

- ‌[يمس الموضع الذي يجوز له النظر إلى ذلك الموضع من ذوات المحارم]

- ‌ الزنا بذوات المحارم

- ‌نظر الرجل من مملوكة غيره

- ‌[النظر إلى ظهر الأمة الأجنبية]

- ‌[مس الأمة إذا أراد شراءها]

- ‌[نظر الخصي إلى الأجنبية]

- ‌[نظر المجبوب إلى الأجنبية]

- ‌[نظر المخنث إلى الأجنبية]

- ‌[نظر العبد إلى سيدته]

- ‌[العزل عن الأمة بغير إذنها]

- ‌فصل في الاستبراء وغيره

- ‌[تعريف الاستبراء]

- ‌[على من يجب الاستبراء]

- ‌[الاستبراء إذا كانت الأمة المشتراة بكرا لم توطأ]

- ‌[استبراء الحامل]

- ‌[الحيلة في إسقاط الاستبراء]

- ‌[لمس المظاهر وتقبيله قبل التكفير]

- ‌ له أمتان أختان فقبلهما بشهوة

- ‌ الجمع بين الأختين المملوكتين

- ‌ يقبل الرجل فم الرجل أو يده أو شيئا منه، أو يعانقه

- ‌ المعانقة في إزار واحد

- ‌[تقبيل الأرض بين يدي العلماء]

- ‌فصل في البيع

- ‌ ببيع السرقين

- ‌ الانتفاع بالمخلوط

- ‌[بيع وشراء الصبي]

- ‌[أخبرها ثقة أو غيره أن زوجها الغائب مات عنها أو طلقها ثلاثا]

- ‌[قالت انقضت عدتي وتزوجت بآخر ودخل بي ثم طلقني وانقضت عدتي]

- ‌ الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم

- ‌ تلقي الركبان»

- ‌ احتكر غلة ضيعته أو ما جلبه من بلد آخر

- ‌[تسعير الوالي]

- ‌عجز القاضي عن صيانة حقوق المسلمين إلا بالتسعير

- ‌هل يبيع القاضي على المحتكر طعامه من غير رضاه

- ‌ بيع السلاح في أيام الفتنة

- ‌ ببيع العصير ممن يعلم أنه يتخذه خمرا

- ‌ أجر بيتا ليتخذ فيه بيت نار

- ‌[استأجر من مسلم دابة أو سفينة لينقل عليها خمرا]

- ‌[بيع أرض مكة]

- ‌[إجارة بيوت مكة]

- ‌[وضع درهما عند بقال يأخذ منه ما يشاء]

- ‌مسائل متفرقة

- ‌ التعشير والنقط في المصحف

- ‌تحلية المصحف

- ‌[دخول أهل الذمة المسجد الحرام]

- ‌ استخدام الخصيان

- ‌خصاء البهائم

- ‌إنزاء الحمير على الخيل

- ‌عيادة اليهودي والنصراني

- ‌ يقول الرجل في دعائه: أسألك بمعقد العز من عرشك

- ‌ اللعب بالشطرنج والنرد

- ‌قبول هدية العبد التاجر

- ‌[قبض الملتقط اللقيط الهبة أو الصدقة]

- ‌[حكم إجارة الملتقط]

- ‌[الرجل يجعل في عنق عبده الراية]

- ‌[حكم التداوي]

- ‌[حكم رزق القاضي]

- ‌[سفر الأمة وأم الولد بغير محرم]

- ‌كتاب إحياء الموات

- ‌[تعريف إحياء الموات]

- ‌[شرط إحياء الموات]

- ‌[من أحيا أرضا ميتة هل يملك رقبتها]

- ‌[الذمي هل يملك بالإحياء في دار الإسلام]

- ‌ حجر أرضا ولم يعمرها ثلاث سنين

- ‌ إحياء ما قرب من العامر

- ‌ احتفر آخر بئرا في حد حريم الأولى

- ‌[حفر الثاني بئرا وراء حريم الأولى فذهب ماء البئر الأولى]

- ‌[الانتفاع في البئر بالحريم]

- ‌ تنازعا في مصراع باب ليس في يدهما

- ‌فصول في مسائل الشرب

- ‌الانتفاع بماء البحر

- ‌[الشركة في الماء والكلأ والنار]

- ‌[الشركة في الماء المحرز في الأواني]

- ‌[النهر في ملك رجل أيمنعه ممن يريد الشفه]

- ‌[يرد من الإبل والمواشي كثرة ينقطع الماء بشربها ألصاحب النهر المملوك منعه]

- ‌[أراد أن يسقي شجرا أو خضرا في داره حملا بجراره من نهر غيره]

- ‌فصل في كري الأنهار

- ‌[أحكام كري الأنهار]

- ‌[ومؤنة كري النهر المشترك على من تكون]

- ‌[من له مسيل على سطح غيره هل له عمارته]

- ‌فصل في الدعوى والاختلاف والتصرف فيه

- ‌[حكم دعوى الشرب بغير أرض]

- ‌ نهر لرجل يجري في أرض غيره فأراد صاحب الأرض أن لا يجري النهر في أرضه

- ‌[نهر بين قوم اختصموا في الشرب منه]

- ‌ تراضوا على أن يسكر الأعلى النهر حتى يشرب بحصته

- ‌[اتخاذ القنطرة علي النهر]

- ‌[المتصرف في ملكه إذا أضر بغيره]

- ‌ مبادلة الشرب بالشرب

- ‌[حكم الوصية بالشرب]

- ‌[تزوج امرأة على شرب بغير أرض]

- ‌[ادعى شيئا ثم صالح على شرب بدون أرض]

- ‌[كانت في أرضه جحر فأر فتعدى إلى أرض جاره فغرقت أرض جاره]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌ الأشربة المحرمة

- ‌[تعريف الأشربة]

- ‌[من الأشربة المحرمة الخمر]

- ‌[من الأشربة المحرمة العصير]

- ‌[من الأشربة المحرمة نقيع التمر]

- ‌[علة تحريم قليل الخمر]

- ‌[نجاسة الخمر]

- ‌ الانتفاع بالنجس

- ‌[سقوط مالية الخمر]

- ‌[الحد في شرب الخمر]

- ‌[الخمر إذا طبخت حتى ذهب ثلثاها]

- ‌[تخليل الخمر]

- ‌[نقيع التمر وما يتخذ من التمر]

- ‌[من الأشربة المحرمة نقيع الزبيب]

- ‌[بيع الأشربة المحرمة]

- ‌[السكر من لبن الرماك]

- ‌[شرب الخليطان نقيع التمر ونقيع الزبيب]

- ‌[شرب نبيذ العسل والتين ونبيذ الحنطة والذرة والشعير]

- ‌هل يحد في المتخذ من الحبوب إذا سكر منه

- ‌[المتخذ من الألبان إذا اشتد هل يحد بشربه]

- ‌[حكم شرب عصير العنب إذا طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه]

- ‌[الحكمة من تحريم الخمر]

- ‌[طبخ ماء العنب بعد عصر العنب]

- ‌ جمع بين عصير العنب ونقيع التمر

- ‌[جمع في الطبخ بين العنب والتمر وبين التمر والزبيب]

- ‌ طبخ نقيع التمر والزبيب أدنى طبخة، ثم أنقع فيه تمرا أو زبيبا

- ‌ طبخ الخمر أو غيره بعد الاشتداد حتى يذهب ثلثاه

- ‌الانتباذ في الدباء والحنتم والمزفت والنقير

- ‌ شرب دردي الخمر

- ‌فصل في طبخ العصير

- ‌[كيفية طبخ العصير إلى أن يذهب ثلثاه]

- ‌كتاب الصيد

- ‌[تعريف الصيد]

- ‌فصل في الجوارح

- ‌ الاصطياد بالكلب المعلم والفهد والبازي وسائر الجوارح المعلمة

- ‌تعليم الكلب

- ‌[أرسل صيده وذكر اسم الله تعالى عند إرساله فأخذ الصيد وجرحه فمات]

- ‌[الكلب صاد صيودا ولم يأكل منها شيئا ثم أكل من صيد]

- ‌ أخذ الصيد من المعلم ثم قطع منه قطعة وألقاها إليه فأكلها

- ‌ أدرك المرسل الصيد حيا

- ‌ أرسل كلبه المعلم على صيد وأخذ غيره

- ‌ أرسله على صيد كثير وسمى مرة واحدة حالة الإرسال

- ‌ شاركه كلب غير معلم أو كلب مجوسي أو كلب لم يذكر اسم الله عليه يريد به عمدا

- ‌فصل في الرمي

- ‌ حس صيد فرماه أو أرسل كلبا أو بازيا عليه فأصاب صيدا

- ‌[التسمية عند الرمي]

- ‌ رمى صيدا فوقع في الماء أو وقع على سطح أو جبل ثم تردى منه إلى الأرض

- ‌[رمي بالمعراض الصيد فأصيب]

- ‌[رمى الصيد بقفاء السكين أو بمقبض السيف أو بالحديد]

- ‌ صيد المجوسي والمرتد والوثني

- ‌[رمى صيدا فأصابه ولم يثخنه فرماه آخر فقتله]

- ‌[صيد ما يؤكل لحمه من الحيوان وما لا يؤكل]

- ‌كتاب الرهن

- ‌[تعريف الرهن]

- ‌[انعقاد الرهن]

- ‌[سلم الراهن الرهن إلى المرتهن فقبضه]

- ‌[الرهن بالدرك]

- ‌ تعدى المرتهن في الرهن

- ‌باب في بيان ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز

- ‌ رهن المشاع

- ‌[رهن ثمرة على رؤوس النخل دون النخل]

- ‌ رهن الدار بما فيها

- ‌ والرهن بالدرك

- ‌الرهن بالمبيع

- ‌ رهن الحر والمدبر والمكاتب وأم الولد

- ‌[اشترى عبدا ورهن بثمنه عبدا ثم ظهر العبد حرا]

- ‌ رهن الدراهم والدنانير والمكيل والموزون

- ‌ باع عبدا على أن يرهنه المشتري شيئا بعينه

- ‌ رهن عبدين بألف فقبض حصة أحدهما

- ‌[فصل في رهن العبدين بقيمة معينة فيقبض حصة أحدهما]

- ‌[رهن رجلان بدين عليهما رجلا رهنا واحدا]

الفصل: ‌[حكم رزق القاضي]

قال رحمه الله: ولا بأس برزق القاضي؛ لأنه عليه الصلاة والسلام بعث عتاب بن أسيد إلى مكة وفرض له.

ــ

[البناية]

فإن قلت: في الحقيقة كشف العورة؟.

قلت: لا نسلم ذلك فإنها قد تيسر بدون ذلك ولئن سلمنا بكشف العورة فهو يباح للضرورة.

[حكم رزق القاضي]

م: (قال: رحمه الله: ولا بأس برزق القاضي) ش: أي قال في " الجامع الصغير "، م: (لأنه عليه الصلاة والسلام «بعث عتاب بن أسيد إلى مكة وفرض له» .

ش: قلت: صح بعث النبي صلى الله عليه وسلم به إلى مكة، وأما فرضه له فقد قال الزيلعي في " التخريج [الأحاديث الهداية "] : هذا غريب، ثم قال: روى الحاكم في " مستدركه " في كتاب الفضائل من طريق إبراهيم الحربي رحمه الله، حدثني مصعب بن عبد الله الزبيري قال:«استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - على مكة، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عامله عليها، ومات عتاب رضي الله عنه بمكة في جمادى الأخرى سنة ثلاث عشرة» .

ثم أسند إلى عمرو بن أبي عقرب قال: سمعت عتاب بن أبي أسيد وهو مسند ظهره إلى الكعبة يقول: والله ما أصبت في عملي هذا الذي ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ثوبين معقدين فكسوتهما مولاي.

وروى ابن سعد في " الطبقات " في ترجمة عتاب: أخبرنا محمد بن عمر الواقدي، حدثنا إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال: سمعت عمر بن عبد العزيز في خلافته يقول: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وعتاب بن أسيد عامله على مكة كان ولاه يوم الفتح فلم يزل عامله عليها حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.

وأصحابنا هم الذين ذكروا أنه صلى الله عليه وسلم فرض له أربعين أوقية والأوقية أربعون درهما.

قلت: كيف يقول هذا غريب وقد أخرج البيهقي في " سننه "، من حديث أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، حدثنا إسماعيل بن أمية عن الزهري قال:«رزق رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد حين استعمله على مكة أربعين أوقية في كل سنة» .

فإن قلت: قال الذهبي في " مختصره ": لم يصح هذا؟

ص: 272

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

قلت: روى البيهقي رحمه الله أيضا في " سننه "، من حديث إسحاق بن الحصين الرقي رحمه الله حدثنا سعيد بن مسلم عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل عتاب بن أسيد رضي الله عنه على مكة. وفرض له عمالته أربعين أوقية من فضة.»

وينبغي أن لا يشك في صحة هذا فإن الذي يعمل عملا يحتاج إلى كفايته وكفاية عياله، فإن لم يرزق من جهة عمله وإلا يضيع ماله ولا يرضى أحد بعمل على جهة فتفرغ أحوال المسلمين، والدليل على صحة ما ذكره البخاري في باب: رزق الحكام والعاملين عليها. وكان شريح يأخذ على القضاء أجرا قالت عائشة رضي الله عنها: يأكل الوصي بقدر عمالته، وأكل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

وفي " مصنف " عبد الرزاق: أخبرنا الحسن بن عمارة، عن الحكم: أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رزق شريحا، وسلمان بن ربيعة الباهلي على القضاء، وروى ابن سعد في " الطبقات " في ترجمة شريح: أخبرنا الفضل بن دكين، حدثنا الحسن بن صالح عن ابن أبي ليلى قال: بلغني أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رزق شريحا خمسمائة. وروى في ترجمة زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أخبرنا عفان بن مسلم، حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن الحجاج بن أرطاة، عن نافع قال: استعمل عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - زيد بن ثابت على القضاء وفرض له رزقا.

وقال أيضا: أخبرنا محمد بن عمر الواقدي، أخبرنا عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قال: بويع أبو بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يوم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، وكان رجلا تاجرا يغدو كل يوم إلى السوق فيبيع ويبتاع فلما بويع للخلافة قال: والله ما يصلح للناس إلا التفرغ لهم والنظر في شأنهم ولا بد لعيالي ما يصلحهم فترك التجارة وفرض من مال المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يوما بيوم، وكان الذي فرضه له في كل سنة ستة آلاف درهم، فلما حضرته الوفاة قال لهم: ردوا ما عندنا إلى مال المسلمين، وإن أرضي التي هي بمكان كذا وكذا للمسلمين بما أصبت من أموالهم، فدفع ذلك إلى عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فقال: لقد والله أتعبت من بعدك.

فإن قلت: من أي مال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن يومئذ الدواوين ولا بيت المال وإنما كانت الدواوين في زمان عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

ص: 273

وبعث عليا إلى اليمن وفرض له، ولأنه محبوس لحق المسلمين فتكون نفقته في مالهم، وهو مال بيت المال، وهذا لأن الحبس من أسباب النفقة، كما في الوصي والمضارب إذا سافر بمال المضاربة، وهذا فيما يكون كفاية،

ــ

[البناية]

قلت: هي له ذلك من الفيء، وقيل: مما أخذه من نصارى نجران ومن الجزية التي أخذت من مجوس هجر. قال أبو يوسف في كتاب " الخراج " بإسناده إلى ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس أهل هجر، انتهى. وعتاب: بفتح العين المهملة وتشديد التاء المثناة من فوق، وفي آخره باء موحدة -، وأسيد - بفتح الهمزة وكسر السين المهملة - وهو ابن العيص بن أمية بن عبد شمس وأخوه خالد بن أبي أسيد وهما صحابيان - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.

م: «وبعث عليا إلى اليمن وفرض له» ش: بعثه صلى الله عليه وسلم عليا إلى اليمن صحيح وأما فرضه له فلم يثبت عند أهل النقل، ولكن الكلام فيه كالكلام في قصة عتاب بن أسيد. أما بعثه فقد رواه أبو داود عن شريك عن سماك، عن حسن، عن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قال:«بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيا فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ترسلني وأنا حديث السن ولا علم لي بالقضاء؟. فقال: " إن الله يستهدي قلبك ويثبت لسانك فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يبين لك القضاء " فما زلت قاضيا أو ما شككت في القضاء بعد» . ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي في " مسانيدهم ". ورواه الحاكم في " المستدرك "، وقال: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه وقد مر الكلام فيه من ذلك في " أدب القاضي ".

م: (ولأنه) ش: أي القاضي م: (محبوس لحق المسلمين فتكون نفقته في مالهم وهو مال بيت المال) ش: قالوا هذا إذا كان بيت المال حلالا، فأما إذا كان حراما جمع بباطل لم يحل أخذه بحال لأن سبل الحرام والغصب رده على أهله وليس ذلك بمال عامة المسلمين.

م: (وهذا) ش: أي كون نفقته منه بحبسه لمصالح المسلمين م: (لأن الحبس من أسباب النفقة، كما في الوصي والمضارب إذا سافر بمال المضاربة) ش: لأنهما يحبسان أنفسهما بمال اليتيم ومال رب المال وكذلك نفقة المرأة سواء كانت في العصمة أو في العدة لأنها محبوسة بحق الزوج.

م: (وهذا فيما يكون كفاية) ش: أي هذا الذي ذكره محمد في " الجامع الصغير " من قوله: ولا بأس برزق القاضي فيما إذا كان كفاية ومؤنة للنفقة.

ص: 274

فإن كان شرطا فهو حرام؛ لأنه استئجار على الطاعة، إذ القضاء طاعة، بل هو أفضلها. ثم القاضي إذا كان فقيرا، فالأفضل، بل الواجب الأخذ؛ لأنه لا يمكنه إقامة فرض القضاء إلا به، إذ الاشتغال بالكسب يقعده عن إقامته. وإن كان غنيا فالأفضل الامتناع على ما قيل رفقا ببيت المال. وقيل: الأخذ، وهو الأصح صيانة للقضاء عن الهوان. ونظرا لمن يولي بعده من المحتاجين؛ لأنه إذا انقطع زمانا يتعذر إعادته ثم تسميته رزقا تدل على أنه بقدر الكفاية،

ــ

[البناية]

م: (فإن كان شرطا) ش: ومعاقدة في ابتداء الأمر بأن قال: لا أقبل القضاء إلا إذا رزقني الوالي في كل سنة كذا وكذا بمقابلة قضائي، م:(فهو حرام؛ لأنه استئجار على الطاعة إذ القضاء طاعة، بل هو أفضلها) ش: والقضاء طاعة بل أفضلها، أي أفضل الطاعات لقوله صلى الله عليه وسلم:«القضاء أشرف العبادات» ، فإذا بطل الاستئجار على سائر الطاعات فعلى هذا أولى.

ألا ترى أن حكم القاضي بالرشوة لا ينفذ، وإن كان القاضي لا ينعزل عنها بالجور والفسق والارتشاء، ولكن يستحق العزل فيعزله، خلافا للمعتزلة فإن عندهم يعزل بالفسق، وهو رواية للأصحاب.

م: (ثم القاضي إذا كان فقيرا، فالأفضل بل الواجب الأخذ) ش: أي أخذ رزقه وكفايته م: (لأنه لا يمكنه إقامة فرض القضاء إلا به، إذ الاشتغال بالكسب يقعده عن إقامته) ش: أي يؤخره عن إقامة فرض القضاء ولاشتغاله بالكسب كما ذكرنا في قصة أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عن قريب. م: (وإن كان غنيا فالأفضل الامتناع) ش: عن أخذ الرزق في بيت المال م: (على ما قيل رفقا ببيت المال) ش: أي لأجل الرفق ببيت مال المسلمين.

م: (وقيل: الأخذ، وهو الأصح

صيانة

للقضاء عن الهوان) ش: أي

لأجل

صيانة القضاء عن الهوان، أي لأجل صيانة القضاء عن الذلة، لأنه إذا لم يأخذ لا يلتفت إلى أمور القضاء كما ينبغي لاعتماده على غنائه، فإذا أخذ يلزمه حينئذ إقامة أمور القضاء.

م: (ونظرا لمن يولى بعده من المحتاجين) ش: أي ولأجل النظر في حق من يأتي بعده من القضاة الفقراء م: (لأنه إذا انقطع) ش: أي لأن رزق القاضي وهو معلومة إذا انقطع من بيت المال بترك القاضي الغني وامتناعه عنه م: (زمانا يتعذر إعادته) ش: لأن متولي أمور بيت المال يحتج عليه بعدم جري العادة فيه منذ زمان فيتضرر القاضي الفقير.

م: (ثم تسميته رزقا) ش: أي ثم تسميته، قال محمد في " الجامع الصغير ": معلوم القاضي رزقا م: (تدل على أنه بقدر الكفاية) ش: له ولعياله ولا يعطى أكثر من الكفاية لقوله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] الآية، وإن كان نزولها في وصي اليتيم لكون الوصي عليها ليتيم حابسا نفسه، لذلك الحكم لكل من يعمل لغيره بطريق الحسبة.

ص: 275