الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيعتبر بالوثيقة في طرف الوجوب، وهي الكفالة.
قال: الرهن ينعقد بالإيجاب والقبول ويتم بالقبض. قالوا: الركن الإيجاب بمجرده؛ لأنه عقد تبرع فيتم بالمتبرع كالهبة
ــ
[البناية]
بالمجهرون المماطلة ومن أخذ سائر الغرماء بعد موت الراهن.
وأما لجانب الاستيفاء: فلأنه يرد على المال، وطرف الاستيفاء وهو المختص بالأموال فوهب أن يكون مشروعا، وإذا كان كذلك م:(فيعتبر بالوثيقة في طرف الوجوب) ش: الذي يختص بالذمم. وتقريره: أن الدين طرفان، طرف الوجوب وطرف الاستيفاء، لأنه يجب أولا في الذمة ثم تستوفي المال بعد ذلك.
ثم الوثيقة لطرف الوجوب الذي يختص بالذمة م: (وهي الكفالة) ش: جائزة، فكذا الوثيقة التي تختص بالمال، بل بطريق الأولى، لأن الاستيفاء هو المقصود من الوجوب وسيلة إليه.
[انعقاد الرهن]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (الرهن ينعقد بالإيجاب والقبول) ش: وبه قال مالك، وأحمد في رواية. واختلف المشايخ في القبول، قال بعضهم: إنه شرط، وظاهر ما ذكره في " المحيط " يشير إلى أنه ركن.
وقال في الأيمان في الإجارة: بدون القبول ليست بإجارة، وكذا الرهن حتى لا يحنث من حلف لا يؤاجر ولا يرهن بدون القبول. وقال بعضهم: الإيجاب ركن، والقبول شرط، أما القبض شرط اللزوم. وقال محمد في الكتاب: لا يجوز الرهن إلا مقبوضا، فقد أشار إلى القبض شرط الجواز. وقال شيخ الإسلام: شرط اللزوم كما في الهبة، وبه قال أكثر العلماء.
م: (ويتم بالقبض) ش: أي يتم عقد الرهن بقبض المرهون. وقال مالك: يصح بالإيجاب والقبول بدون القبض. ونحن نقول: قال الله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] وصف الرهن بكونها مقبوضة، والنكرة إذا وصفت عمت.
م: (قالوا) ش: أي قال المشايخ، يعني بعض المشايخ، وأشار به إلى ما قال شيخ الإسلام خواهر زاده؛ لأنه قال: إن الرهن قبل القبض جائز، إلا أنه غير لازم، وإنما يصير لازما في حق الراهن بالقبض، فكان القبض شرط اللزوم لا شرط الجواز كما في الهبة م:(الركن الإيجاب بمجرده) ش: يعني ركن الرهن مجرد الإيجاب بدون القبول، الإيجاب هو: قول الراهن: رهنتك هذا المال بدين لك علي وما أشبه. والقبول هو قول المرتهن قبلت.
وقال المصنف عن خواهر زاده ما ذكرناه، ثم علله بقوله: م: (لأنه) ش: أي لأن الرهن م: (عقد تبرع) ش: لأن الراهن لم يستوجب بمقابلة ما أثبت للمرتهن من اليد على الرهن شيئا، فكان تبرعا م:(فيتم بالمتبرع) ش: أي فيتم الرهن بالمتبرع، فإذا كان كذلك يكون م: (كالهبة
والصدقة، والقبض شرط اللزوم على ما نبينه إن شاء الله تعالى. وقال مالك رحمه الله: يلزم بنفس العقد؛ لأنه يختص بالمال من الجانبين، فصار كالبيع، ولأنه عقد وثيقة فأشبه الكفالة. ولنا ما تلوناه والمصدر المقرون بحرف الفاء في محل الجزاء يراد به الأمر
ــ
[البناية]
والصدقة) ش: لأنهما عقد تبرع، فالقبض فيهما شرط اللزوم لا شرط الجواز م:(والقبض شرط اللزوم) ش: كأنه تفسير لقول القدوري: ويتم القبض، فيكون الرهن قبل القبض جائزا، ولا يلزم إلا بالقبض.
وهذا الذي ذكره المصنف مخالف لرواية عامة الكتب. قال محمد: لا يجوز الرهن إلا مقبوضا. وقال الحاكم الشهيد في " الكافي ": لا يجوز الرهن غير مقبوض. وقال الطحاوي في "مختصره": ولا يجوز الرهن إلا مقبوضا مفرغا محرزا.
م: (على ما نبينه إن شاء الله تعالى. وقال مالك رحمه الله: يلزم) ش: أي الرهن م: (بنفس العقد) ش: يعني بدون شرط القبض م: (لأنه) ش: أي لأن الرهن م: (يختص بالمال من الجانبين) ش: أي من جانب الراهن والمرتهن م: (فصار كالبيع) ش: بأنه يلزم بنفس العقد. م: (ولأنه عقد وثيقة فأشبه الكفالة) ش: في عدم اشتراط القبض.
م: (ولنا ما تلوناه) ش: أراد به قَوْله تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] م: (والمصدر المقرون بحرف الفاء) ش: أراد به لفظ رهان، فإنه جعله مصدرا م:(في محل الجزاء يراد به الأمر) ش: كما في قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92](النساء: الآية 92)، أي فتحرير. فيكون تقديره والله أعلم:{وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ} [البقرة: 283] أي ارهنوا، لكن ترك كونه معمولا به في حق ذلك، حيث لم يجب الرهن على المديون ولا قبوله على الدائن بالإجماع، فوجب أن يعمل في شرطه وهو القبض كما في قوله صلى الله عليه وسلم:«الحنطة بالحنطة مثلا بمثل» بالنصب، أي يقفوا، فلم يعمل الأمر في نفس البيع؛ لأن البيع مباح بطريق إلى شرطه وهو المماثلة في أموال الربا، فكذا هذا وفيه نظر من وجوه:
الأول: في تسمية الرهان مصدرا؛ لأن في كتب اللغات: الرهان جمع رهن كالنعل والنعال، ويدله على ذلك قوله مقبوضة بالتأنيث.
الثاني: أنه يجوز أن يكون الأمر للإباحة بقرينة الإجماع، فيصرف إلى الرهن لا إلى القبض.
والثالث: أن الآية متروكة الظاهر؛ لأن ظاهرها يدل على أن الرهن إنما يكون في السفر، كما قال به داود، ومجاهد، والضحاك، وقد ترك ذلك، ومتروك الظاهر لا يصلح حجة.
ولأنه عقد تبرع لما أن الراهن لا يستوجب بمقابلته على المرتهن شيئا، ولهذا لا يجبر عليه، فلا بد من إمضائه كما في الوصية، وذلك بالقبض ثم يكتفى فيه بالتخلية في ظاهر الرواية؛ لأنه قبض بحكم عقد مشروع فأشبه قبض المبيع، وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه لا يثبت في المنقول إلا بالنقل؛ لأنه قبض موجب الضمان ابتداء بمنزلة الغصب. بخلاف الشراء؛
ــ
[البناية]
فأجاب عن الأول في " الفوائد الظهيرية ": بأن الرهان يجوز أن يكون مصدرا كالضراب والفعال، وتأنيث المقبوضة بتأويله السلعة كما يؤنث الصوب بتأويل الصحة.
وأجيب عن الثاني: بأن الأمر في الوجوب حقيقة، والإجماع قرينة للمجاز؛ لأن المجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له بقرينة. والإجماع لم يكن حال استعمال هذا اللفظ. وعن الثالث بأنا لا نسلم أن متروك الظاهر بدليل ليس بحجة؛ لأن النصوص المأولة متروك الظاهر وهي عامة الدلائل.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن الرهن وهذا دليل معقول على اشتراط القبض م: (عقد تبرع لما أن الراهن لا يستوجب بمقابلته على المرتهن شيئا، ولهذا) ش: أي ولأجل كون الرهن عقد تبرع م: (لا يجبر) ش: أي الراهن م: (عليه) ش: أي على الرهن م: (فلا بد من إمضائه) ش: أي إنفاذ الرهن، فإمضاؤه بالقبض، يعني لا بد لثبوت الاستحقاق من الإمضاء م:(كما في الوصية) ش: لأنها عقد تبرع لا يستحق إلا بالإمضاء، ولكن إمضاءه بأن لا يرجع عنها صريحا أو دلالة م:(وذلك بالقبض) ش: أي بالإمضاء في الرهن بالقبض م: (ثم يكتفي فيه) ش: أي في القبض م: (بالتخلية) ش: وعلى رفع الموانع عن القبض، يعني أن الراهن إذا خلى بين المرتهن والمرهون يعتبر قابضا، كما إذا فعل البائع مثل ذلك في البيع والمشتري، وبه قال الشافعي، ومالك م:(في ظاهر الرواية) ش: قيد به لأنه روى عن أبي يوسف اشتراط شيء آخر على ما يجيء الآن.
م: (لأنه) ش: أي لأن القبض الرهن م: (قبض بحكم عقد مشروع) ش: أي حكم عقد مشروع. وقال تاج الشريعة: قوله "مشروع" احترازا عن المقبوض في البيع الفاسد، فإنه لا يكتفي فيه بالتخلية، لأن الفاسد واجب الإعدام، فيكون السعي في نقضه هو اللائق، م:(فأشبه قبض المبيع) ش: حيث يكتفي فيه بالتخلية.
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله أنه) ش: أي أن القبض م: (لا يثبت في المنقول إلا بالنقل) ش: إلى داؤده، وبه قال أحمد م:(لأنه) ش: أي لأن هذا القبض م: (قبض موجب الضمان ابتداء) ش: أراد بابتداء الضمان أن لا يكون مضمونا قبل العقد، فكان قبض الرهن م:(بمنزلة الغصب) ش: وفي الغصب: يشترط النقل للضمان، ولا يثبت بالتخلية، فكذا هذا.
م: (بخلاف الشراء) ش: جواب عن قياس وجه الظاهر بأن القبض في الشراء ناقل