الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ولا يجوز للرجال التحلي بالذهب لما روينا. قال: ولا بالفضة؛ لأنها في معناه.
ــ
[البناية]
[التحلي بالذهب للرجال]
م: (قال: ولا يجوز للرجال التحلي بالذهب) ش: أي قال القدوري في " مختصره " م: (لما روينا) ش: أشار به إلى قوله صلى الله عليه وسلم: «هذان حرامان على ذكور أمتي» . ومن الناس من أباح التختم بالذهب لما روى الطحاوي في " شرح الآثار " بإسناده إلى محمد بن مالك رحمه الله «قال: رأيت في يد البراء رحمه الله خاتما من ذهب فقيل له: يقال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسنة، وقال: " البس ما كساك الله عز وجل ورسوله» .
وحديث الطحاوي أيضا بإسناده إلى مصعب بن سعد رحمه الله قال: رأيت في يد طلحة بن عبد الله خاتما من ذهب، وحدث الطحاوي بإسناده، ورأيت في يد صهيب رضي الله عنه خاتما من ذهب، ورأيت في يد سعد خاتما من ذهب. وحديث الطحاوي أيضا بإسناده إلى يحيى بن سعيد بن العاص رضي الله عنه قيل: وفي يده خاتم من ذهب، ولأن النهي عن استعمال الذهب والفضة والشرب في آنية الذهب والفضة سواء، ثم لإجازة التختم بالفضة دل على جواز التختم بالذهب لعلة وجه قول العامة.
فحدث البخاري رحمه الله في " الصحيح " مسندا إلى نافع عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذا خاتما من ذهب، جعل فصه مما يلي باطن كفه، ونقش فيه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتخذ الناس مثله، فلما رآهم اتخذوها رمى به وقال: لا ألبسه أبدا. ثم اتخذ خاتما من فضة، فاتخذ الناس خواتم الفضة ". قال ابن عمر رضي الله عنه: فلبس الخاتم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان حتى وقع من عثمان رضي الله عنه في بئر أريس» .
وروى الطحاوي أيضا بإسناده إلى البراء رضي الله عنه قال: «نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب» ورواه أيضا بإسناد إلى عمران بن الحصين وإلى أبي هريرة قالا: «نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب» ، والترجيح للمحرم وما رووا كان قبل النهي ولباس التختم بخاتم الذهب والترجيح للمحرم بالذهب على التختم بالفضة فاسد، فإن جواز التختم بالفضة عرف بالنص أو يكون نموذجا وهي تندفع بالفضة فبقي الذهب على الحرمة.
م: (قال: ولا بالفضة) ش: أي ولا يجوز للرجال التحلي بالفضة م: (لأنها في معناه) ش: أي
قال: إلا بالخاتم والمنطقة وحلية السيف من الفضة.
ــ
[البناية]
لأن التحلي بالفضة في معنى التحلي بالذهب م: (قال: إلا بالخاتم والمنطقة وحلية السيف من الفضة) ش: هذا استثناء من قوله: " ولا يجوز للرجال إلخ) أي إلا التختم بالخاتم، والمنطق بالمنطقة بكسر الميم وهي التي تسمى بالحياصة.
واتخاذ حلية السيف قوله: من الفضة بيان فللثلاثة المذكورة. أما الخاتم من الفضة فلما رواه الأئمة الستة في كتبهم عن ابن شهاب الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من فضة له فص حبشي ونقش فيه محمد رسول الله» ورواه الأئمة الثلاثة أيضا إلا ابن ماجه، عن قتادة، عن أنس:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى بعض الأعاجم، فقيل: إنهم لا يقرءون كتابا إلا بخاتم، فاتخذ خاتما من فضة ونقش فيه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان في يده حتى قبض، وفي يد أبي بكر حتى قبض، وفي يد عمر حتى قبض، وفي يد عثمان حتى سقط منه في بئر أريس. ثم أمر به فنزحت فلم يقدر عليه» وقد ذكر الآن حديث ابن عمر فيه.
وأما المنطقة من الفضة فلما روى الواقدي في كتاب " المغازي ": حدثني ابن أبي سبرة، عن إسحاق بن عبد الله عن عمر بن الحكم رحمه الله قال:«ما علمنا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أغاروا على الذهب يوم أحد فأخذوا ما أخذوا من الذهب بقي معه من ذلك شيء رجع حيث غشينا المشركون إلا رجلين أحدهما: عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح جاء بمنطقة وجدها في العسكر فيها خمسون دينارا شدها على حقويه تحت ثيابه. وعباد بن بشر رحمه الله جاء بصرة فيها ثلاثة عشر مثقالا فنفلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ولم يخمسه» فإن هذا لا يدل على إباحة المنطقة؛ لأنه لا يجوز أن يكون هذا نظير ما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه من الديباج الذي أهدي له، ونظير ما أعطى عليا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حريرا، وأمره أن يقطعه خمرا للفواطم الأربع.
والخمر جمع خمار وهي ما تغطي المرأة بها رأسها، والفواطم: جمع فاطمة، وهي أم علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - واسمها فاطمة، وفاطمة الزهراء، وفاطمة بنت حمزة، وفاطمة بنت عتبة بن ربيعة رضي الله عنهن.
قلت: هذا احتمال، والأصل أن يكون قد أعطاه للاستعمال ولئن سلمنا بقول الراوي شدها على حقويه يدل على إباحة استعمالها، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم رآه هكذا، ولم ينكر عليه، إذ لو كان حراما لأنكره عليه، على أن الشيخ أبا الفتح ابن سيد الناس المعمري ذكر في كتاب " عيون
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
الأثر ": وقال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم منطقة من أديم مبشور حلقها وإبزيمها وطرفيها فضة.
وأما حلية السيف فلما روى أبو داود، والترمذي في الجهاد، والنسائي رحمه الله في الزينة، عن جرير بن حازم، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه «قال: كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة» .
وفي لفظ للنسائي: «كان نعل سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبيعة سيفه فضة، وما بين ذلك حلق، وفضة» .
وقال الترمذي رحمه الله: حديث حسن غريب، وهكذا رواه همام عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه وبعضهم رواه عن قتادة عن أنس، وبعضهم رواه عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن رضي الله عنه قال:«كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة» .
وحديث همام الذي أشار إليه هو عند النسائي، أخرجه عن عمرو بن عاصم، عن همام، وجرير، عن قتادة رضي الله عنه. وقال النسائي: هذا حديث منكر، والصواب قتادة عن سعيد مرسلا، وما رواه عن همام غير عاصم بن عمرو. انتهى.
وهذا المرسل الذي أشار إليه أخرجه أبو داود، والنسائي، عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن رحمه الله قال: كانت فتذكرة.
وقال عبد الحق في " أحكامه ": الذي أسنده ثقة، وهو جرير بن حازم. انتهى.
وقال الدارقطني رحمه الله في " علله ": هذا حديث قد اختلف فيه على قتادة، فرواه جرير بن حازم، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال:«كان حلية سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة» وكذلك رواه عمرو بن عاصم، عن همام، عن قتادة، عن أنس، ورواه هشام الدستوائي، ورواه نضر بن طريف، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، أخي الحسن رضي الله عنه مرسلا. انتهى.
وأخرج الترمذي أيضا عن طالب بن حجير، عن هود بن عبد الله بن سعد عن جده مزيدة العصري رضي الله عنه قال:«دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، وعلى سيفه ذهب وفضة.» وقال: حديث حسن غريب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
قال ابن القطان في كتابه: وإنما حسنه الترمذي رحمه الله لأنه لا يقبل المسانيد على عادته في ذلك، وهو عند ابن القطان ضعيف لا حسن، فإن هود بن عبد الله بن سعيد بصري، لا مزيد فيه على ما في الإسناد من رواية عن جده، ورواية طالب بن حجير عنه، فهو مجهول الحال.
وطالب بن حجير أبو حجير كذلك، وإن كان روى عنه أكثر من واحد، وسئل عنه الذاريان فقالا: شيخ ليس من أهل العلم، وإنما هو صاحب رواية، وقال الذهبي في " ميزانه ": صدق ابن القطان في تضعيفه لهذا الحديث فإنه منكر، فيه طالب بن حجير عنه، فهو مجهول الحال، وطالب من قال: حلية سيف النبي صلى الله عليه وسلم ذهبا.
وأخرج الطبراني رحمه الله في " معجمه " عن محمد بن حماد، حدثنا أبو الحكم، «حدثني مرزوق الصيقل: أنه صقل سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الفقار، وكانت له قبيعة من فضة وحلقة من فضة» .
وأخرجه البيهقي رحمه الله في " سننه الكبرى "، وقال الذهبي في " مختصره ": إسناده ضعيف.
وأخرج عبد الرزاق رحمه الله في " مصنفه " من الجهاد «عن جعفر بن محمد رضي الله عنه قال: رأيت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمته من فضة، ونعله من فضة، وبين ذلك حلق من فضة، وهو عند هؤلاء - يعني بني العباس -» .
وأخرج البخاري في " صحيحه " عن هشام بن عروة عن أبيه، قال: كان سيف ابن الزبير رضي الله عنه محلا بفضة، وكان سيف عروة محلى بفضة. وأخرج البيهقي رحمه الله عن المسعودي قال: رأيت في بيت القاسم بن عبد الرحمن سيفا قيعته من فضة، فقلت: سيف من هذا؟ قال: سيف عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
وأخرج البيهقي أيضا عن عثمان بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر: أنه تقلد سيف عمر رضي الله عنه يوم قتل عثمان - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وكان محلى، قلت: كما كانت حليته؟ قال: أربعمائة.
قوله: بئر أريس بفتح الهمزة، وكسر الراء بعدها ياء آخر الحروف، وسين مهملة، وهي بئر مشهورة في المدينة.