الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا بخلاف الهبة من رجلين حيث لا تجوز عند أبي حنيفة رحمه الله قال: فإن تهايأ فكل واحد منهما في نوبته كالعدل في حق الآخر والمضمون على كل واحد منهما حصته من الدين؛ لأن عند الهلاك يصير كل واحد منهما مستوفيا حصته، إذ الاستيفاء مما يتجزأ. قال فإن أعطى أحدهما دينه كان كله رهنا في يد الآخر، لأن جميع العين رهن في يد كل واحد منهما من غير تفرق، وعلى هذا حبس المبيع إذا أدى أحد المشتريين حصته من الثمن.
: قال
ــ
[البناية]
م: (وهذا بخلاف الهبة من رجلين حيث لا تجوز عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: لأن المقصود بالهبة الملك، ويستحيل أن يكون جميع العين مالكا لهذا.
م: (قال) ش: أي المصنف: وليس في كثير من النسخ لفظ "قال" هذا م: (فإن تهايأ) ش: بأن أمسك أحدهما يوما والآخر يوما م: (فكل واحد منهما في نوبته كالعدل في حق الآخر) ش: وفائدة كونه كالعدل في حق الآخر أن يكون الرهن في ضمان كل واحد منهما، حتى لو هلك الرهن عند أحدهما يكون المضمون على واحد منهما نصيبه.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (والمضمون على كل واحد منهما حصته من الدين) ش: هذا من تتمة قول القدوري الذي مر معنا وهو قوله فإن رهن عينا واحدة عند رجلين صورته أن يكون لأحدهما عشرة على الراهن للآخر خمسة عليه، وللراهن ثلاثون درهما فهلك عشرون من الرهن فتبقى العشرة من الرهن في يدهما ثلاثا، ويسقط من صاحب العشرة ثلثاه ومن صاحب الخمسة ثلاثة فيكون على الرهن لصاحب العشرة ثلث العشرة، وهي ثلاث وثلث، ولصاحب الخمسة ثلث الخمسة وهو درهم وثلثا درهم.
م: (لأن عند الهلاك يصير كل واحد منهما مستوفيا حصته، إذ الاستيفاء مما يتجزأ) ش: أي الراهن؛ لأن الاستيفاء مما يتجزأ، فلذلك يصير كل واحد مستوفيا حصته.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (فإن أعطى) ش: أي الرهن م: (أحدهما) ش: أي أحد المرتهنين م: (دينه كان كله) ش: أي كل الرهن م: (رهنا في يد الآخر؛ لأن جميع العين رهن في يد كل واحد منهما من غير تفرق) ش: وعند الثلاثة نصف رهن ونصفه وديعة. وفي " المبسوط " لو هلك العين عند الآخر الذي أدى دينه أن يسترد ما أدى خلافا للأئمة الثلاثة، لأن ارتهان كل واحد منهما في نوبته كالعدل في حق الآخر، فيصير كل واحد منهما عند الهلاك مستوفيا دينه من مالية الرهن مستردا ما أعطاه كيلا يتكرر الاستيفاء.
م: (وعلى هذا حبس المبيع إذا أدى أحد المشتريين حصته) ش: أي وعلى حكم المذكور إذا اشترى الاثنان من الواحد فأدى أحدهما حصته م: (من الثمن) ش: كان للبائع أن يحبس المبيع بنصيب الآخر.
[رهن رجلان بدين عليهما رجلا رهنا واحدا]
م: (قال) ش: أي المصنف إن هذه المسألة ليست مذكورة في " الجامع الصغير "
وإن رهن رجلان بدين عليهما رجلا رهنا واحدا فهو جائز، والرهن رهن بكل الدين، فللمرتهن أن يمسكه حتى يستوفي جميع الدين لأن قبض الرهن يحصل في الكل من غير شيوع، فإن أقام الرجلان كل واحد منهما البينة على رجل أنه رهنه عبده الذي في يده وقبضه فهو باطل، لأن كل واحد منهما أثبت بينته أنه رهنه كل العبد، ولا وجه إلى القضاء لكل واحد منهما بالكل؛ لأن العبد الواحد يستحيل أن يكون كله رهنا لهذا، وكله رهنا لذلك في حالة واحدة، ولا إلى القضاء بكله لواحد بعينه لعدم الأولوية، ولا إلى القضاء لكل واحد منهما بالنصف؛ لأنه يؤدي إلى الشيوع فتعذر العمل بهما وتعين التهاتر،
ــ
[البناية]
و" مختصر القدوري "، وإنما ذكرها الكرخي في "مختصره " م:(وإن رهن رجلان بدين عليهما رجلا رهنا واحدا فهو جائز، والرهن رهن بكل الدين، فللمرتهن أن يمسكه حتى يستوفي جميع الدين؛ لأن قبض الرهن يحصل في الكل من غير شيوع) ش: وعند الأئمة الثلاثة بالشيوع لما أن رهن المشاع جائز عندهم.
م: (فإن أقام الرجلان) ش: قال تاج الشريعة: أي اللذان سبق ذكرهما عند قوله إن رهن عينا واحدة عند رجلين، وفي بعض النسخ فإن أقام رجلان، وحينئذ لا حاجة، إلى هذا التكلف. صورته: عبد في يد رجل وأقام الرجلان م: (كل واحد منهما البينة على رجل) ش: أي الذي هو العبد في يده م: (أنه رهنه عبده الذي في يده وقبضه فهو باطل) ش: أي قيام كل واحد من البينتين بالرهن باطل، أي قال الفقيه أبو الليث: وقال في كتاب الشهادات: الرهن في القياس باطل، وفي الاستحسان جائز، وبالقياس. فأخذ وجه الاستحسان أنه يجوز أن يكون الشيء رهنا عند رجلين فيكون لكل واحد منهما نصفه بنصف حقه. وجه القياس ما ذكره المصنف بقوله: م: (لأن كل واحد منهما) ش: أي من الرجلين م: (أثبت بينته أنه رهنه كل العبد، ولا وجه إلى القضاء) ش: أي لا وجه أيضا إلى الحكم م: (لكل واحد منهما بالكل) ش: أي بكل العبد م: (لأن العبد الواحد يستحيل أن يكون كله رهنا لهذا، وكله رهنا لذلك في حالة واحدة) ش: والاستحالة فيه ظاهرة م: (ولا إلى القضاء) ش: أي ولا وجه إلى الحكم م: (بكله) ش: أي بكل العبد م: (لواحد) ش: من الاثنين م: (بعينه لعدم الأولوية) ش: أي لعدم من يكون أولى منهما، أي من الاثنين م:(ولا إلى القضاء لكل واحد منهما بالنصف) ش: أي بنصف العبد م: (لأنه يؤدي إلى الشيوع فتعذر العمل بهما) ش: أي لأن القضاء لكل منهما أي بالبينتين م: (وتعين التهاتر) ش: أي تهاتر البينتين، أي تساقطها والترك، فالحكم لعدم الترجيح، ولا أن القضاء، أي ولا وجه أيضا إلى الحكم لكل واحد منهما.
ولا يقال: إنه يكون رهنا لهما، كأنهما ارتهانه معا إذا جهل التاريخ بينهما وجعل في كتاب الشهادات، هذا وجه الاستحسان، لأنا نقول: هذا عمل على خلاف ما اقتضته الحجة؛ لأن كلا منهما أثبت ببينته حبسا يكون وسيلة إلى مثله في الاستيفاء، وبهذا القضاء يثبت حبس يكون وسيلة إلى شطره في الاستيفاء، وليس هذا عملا على وفق الحجة، وما ذكرناه وإن كان قياسا لكن محمدا رحمه الله أخذ به لقوته، وإذا وقع باطلا فلو هلك يهلك أمانة، لأن الباطل لا حكم له.
قال: ولو مات الراهن والعبد في أيديهما فأقام كل واحد منهما البينة على ما وصفنا كان في يد كل واحد منهما نصفه رهنا يبيعه بحقه.
ــ
[البناية]
م: (ولا يقال: إنه) ش: أي أن العبد م: (يكون رهنا لهما) ش: أي للاثنين م: (كأنهما ارتهناه معا إذا جهل التاريخ بينهما) ش: أي لأن التاريخ لم يعلم بين بينتي الاثنين، فإذا كان كذلك يصح أن يكون رهنا بينهما، وهذا وجه الاستحسان، أشار إليه بقوله: م: (وجعل في كتاب الشهادات، هذا وجه الاستحسان) ش: أي جعل محمد في كتاب الشهادات من " المبسوط " هذا الذي ذكره من قوله لا يقال إلا أن وجه الاستحسان في الجواز.
م: (لأنا نقول: هذا عمل على خلاف ما اقتضته الحجة، لأن كلا منهما أثبت ببينته حبسا) ش: سماه حبسا، لأن الرهن حبس م:(يكون وسيلة إلى مثله) ش: أي إلى مثل حبس يكون وسيلة في الاستيفاء ش: أي استيفاء كل الرهن م: (وبهذا القضاء يثبت حبس يكون وسيلة إلى شطره) ش: أي إلى شطر الحبس م: (في الاستيفاء وليس هذا) ش: أي ليس القضاء ثبوت حق يكون وسيلة إلى شطر الحبس م: (عملا على وفق الحجة) ش: التي يقوم بها كل واحد منهما، لأن كلا منهما يثبت حبسا يكون وسيلة إلى استيفاء تمام حقه. ولو جعل هذا يكون وسيلة إلى نصف حقه.
م: (وما ذكرناه) ش: قال تاج الشريعة: أي ما ذكرنا في الجواب، وهو أنه باطل م:(وإن كان قياسا لكن محمدا رحمه الله أخذ به) ش: أي بالقياس وترك الاستحسان، وهذا عزيز جدا حيث قدم القياس على الاستحسان م:(لقوته) ش: أي لقوة القياس، وضعف وجه الاستحسان له أنه عمل بخلاف ما قامت به البينة فلا يصح م:(وإذا وقع) ش: أي الرهن المذكور م: (باطلا فلو هلك يهلك أمانة؛ لأن الباطل لا حكم له) ش: فلا يلزم لأحد شيء.
م: (قال) ش: أي قال محمد في " الجامع الصغير " م: (ولو مات الراهن) ش: أشار بهذا إلى أن المسألة المتقدمة فيما إذا كان الراهن حيا، وهذه المسألة في بيان ما إذا مات الراهن م: والعبد في أيديهما) ش: أي الحال أن العبد في أيد المرتهنين م: فأقام كل واحد منهما البينة على ما وصفنا) ش: أي على أن كل منهما ارتهنه م: (كان في يد كل واحد منهما رهنا يبيعه بحقه) ش:
استحسانا، وهو قول أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله - وفي القياس هذا باطل، وهو قول أبي يوسف رحمه الله؛ لأن الحبس للاستيفاء حكم أصلي لعقد الرهن، فيكون القضاء به قضاء بعقد الرهن، وأنه باطل للشيوع كما في حالة الحياة. وجه الاستحسان: أن العقد لا يراد لذاته، وإنما يراد لحكمه وحكمه في حالة الحياة الحبس والشيوع يضره، وبعد الممات الاستيفاء بالبيع في الدين والشيوع لا يضره، وصار كما إذا ادعى الرجلان نكاح امرأة، أو ادعت أختان النكاح على رجل وأقاموا البينة تهاترت في حالة الحياة ويقضى بالميراث بينهم بعد الممات؛ لأنه يقبل الانقسام، والله أعلم.
ــ
[البناية]
أي يبيعه كل واحد نصف حقه م: (استحسانا) ش: أي من حيث وجه الاستحسان م: (وهو) ش: أي الاستحسان م: (قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -، وفي القياس: هذا باطل، وهو قول أبي يوسف رحمه الله؛ لأن الحبس للاستيفاء حكم أصلي لعقد الرهن، فيكون القضاء به) ش: أي بالحبس للاستيفاء م: (قضاء بعقد الرهن، وأنه باطل) ش: أي القضاء بعقد الرهن باطل م: (للشيوع كما في حالة الحياة) ش: لأنه لا يتمكن من القضاء لكل واحد منهما إلا في النصف فيلزم الشيوع.
م: (وجه الاستحسان: أن العقد لا يراد لذاته، وإنما يراد لحكمه وحكمه في حالة الحياة الحبس والشيوع يضره) ش: لأن الحبس في الشيوع لا يجوز، م:(وبعد الممات الاستيفاء بالبيع في الدين والشيوع لا يضره، وصار) ش: أي حكم هذا كما قالوا جميعا في كتاب النكاح م: (كما إذا ادعى الرجلان نكاح امرأة) ش: أنه تزوجها م: (أو ادعت أختان النكاح على رجل) ش: أنه تزوجهما م: (وأقاموا) ش: أي الرجلان والأختان م: (البينة) ش: على دعواهم م: (تهاترت) ش: أي البينة منهم (في حالة الحياة) يعني لا يقضى لهم، لأن المقصود في حالة الحياة الحل، وهو لا تحل الشركة وبعد الممات تقبل البينة (ويقضى بالميراث بينهم بعد الممات؛ لأنه) ش: أي لأن الميراث م: (يقبل الانقسام) ش: لأنه قال: تحل الشركة والشياع، ويقضى لكل رجل منهما بالنصف، وهو ميراث الزوج، ويقضى للأختين لكل واحد منهما بالمهر وبنصف الميراث. م:(والله أعلم) .
تم الجزء الثاني عشر من: " البناية في شرح الهداية ".
ويليه: الجزء الثالث عشر مبتدئا بالباقي من كتاب الرهن أيضا.