الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: في الوطء والنظر واللمس
قال رحمه الله: ولا يجوز أن ينظر الرجل إلى الأجنبية إلا إلى وجهها وكفيها لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] ،
ــ
[البناية]
[فصل في الوطء والنظر واللمس]
[النظر إلى وجه الأجنبية وكفيها]
م: (فصل في الوطء والنظر واللمس) ش: هذا فصل في بيان أحكام الوطء وأحكام النظر والمس والقبلة. وقد فصل الأكل لكثرته، ثم فصل اللبس قدم على هذا الفصل لكثرة شدة الاحتياج إليه بالنسبة إلى هذا الفصل.
م (قال رحمه الله: ولا يجوز أن ينظر الرجل إلى الأجنبية) ش: أي قال القدوري في " مختصره ": أي إلى المرأة الأجنبية. وبه قال مالك والشافعي - رحمهما الله - والأصل فيه قوله سبحانه وتعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30]{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] .
وموضع الزينة الرأس؛ لأنه موضع الإكليل. والشعر؛ لأنه موضع الفصاص الدريهمات. والأذن؛ لأنها موضع القرط. والعنق؛ لأنه موضع القلادة. والصدر؛ لأنه موضع الوشاح. والعضد؛ لأنه موضع الدملج. والذراع؛ لأنه موضع السوار. والساق؛ لأنه موضع الخلخال، وذكر الزينة وأراد موضعها من قبيل ذكر الحال وإرادة المحل للمبالغة في الستر.
م: (إلا إلى وجهها وكفيها) ش: استثناء من قوله: لا يجوز، والمعنى يجوز النظر إلى وجه الأجنبية وكفيها.
م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31] ش: أي لا يظهرن أي النساء أي مواضع زينتهن وقد بينتها الآن.
م: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] ش: استثنى من قوله: ولا يبدين، إلا ما ظهر من الزينة، ثم اختلفوا فيها: يعني فيما ظهر ما هو؟ فقال بعضهم: المراد الملاءة والبرقع والخفاف لا يحل النظر للأجانب إلا إلى ملاءتها وبرقعها وخفيها الظاهرة، وهو قول ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.
وقد روى الطحاوي رحمه الله بإسناده إلى أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قال: " وما ظهر منها: الثياب والجلبات " وقال بعضهم: هو ما فوق الدرع. روى الطحاوي بإسناده إلى أبي منصور رحمه الله عن إبراهيم قال: هو ما فوق الدرع. وقالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: المراد منه إحدى عينيها؛ لأنها مضطرة إلى
قال علي وابن عباس رضي الله عنهما: ما ظهر منها الكحل والخاتم. والمراد موضعهما وهو الوجه والكف. كما أن المراد بالزينة المذكورة موضعها؛ ولأن في إبداء الوجه والكف ضرورة لحاجتها إلى المعاملة مع الرجال أخذا وإعطاء وغير ذلك.
ــ
[البناية]
كشف عين واحدة للمشي، ولا ضرورة في غير ذلك، فلا يباح بها إلا بدا ولا بغيرها النظر إلا في عين واحدة للمشي.
واختار العلماء قول علي وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فكذلك اختاره المصنف وقال: م: (قال علي وابن عباس رضي الله عنهما: ما ظهر منها الكحل والخاتم) .
ش: أخرج الطبراني في رواية ابن عباس رحمه الله في "تفسيره" وقال: حدثنا أبو كريب حدثنا مروان بن معاوية حدثنا مسلم الملائي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه في قَوْله تَعَالَى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] قال: هي الكحل والخاتم. وأخرجه البيهقي رحمه الله أيضا عن جعفر بن عون: أخبرنا مسلم الملائي به، ثم أخرجه عن المراد بالضعيف هو عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: نحوه سواه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" في النكاح، عن عكرمة وأبي صالح وسعيد بن جبير رحمهم الله من قولهم: وأما الرواية عن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فغريب.
م: (والمراد موضعهما) ش: أي موضع الكحل والخاتم كما قلنا من قبيل ذكر الحال وإرادة المحل م: (وهو الوجه والكف) ش: أي موضع الكحل هو الوجه، وموضع الخاتم الكف.
م: (كما أن المراد بالزينة المذكورة موضعها) ش: أراد بالمذكورة في قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31] كما ذكرناه. م: (ولأن في إبداء الوجه) ش: أي في إظهارهما وهذا دليل معقول م: (والكف ضرورة لحاجتها إلى المعاملة مع الرجال أخذا وإعطاء) ش: أي من حيث الأخذ ومن حيث الإعطاء م: (وغير ذلك) ش: مثل كشف وجهها عند الشهادة، وعند المعرض لمن يريد نكاحها، وعند المحاكمة. ومثل كشف الكفين عند الخبز ونحوه.
ولو استدل في ذلك بالحديث المرفوع لكان أولى وأحسن وهو ما رواه أبو داود في "سننه" بإسناده إلى عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «أن أسماء بنت أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "يا أسماء إذا
وهذا تنصيص على أنه لا يباح النظر إلى قدمها. وعن أبي حنيفة رحمه الله: أنه يباح؛ لأن فيه بعض الضرورة. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يباح النظر إلى ذراعيها أيضا؛ لأنه قد يبدو منها عادة.
قال: فإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها
ــ
[البناية]
بلغت المرأة المحيض لا يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا» وأشار إلى وجهه وكفه. وأخرجه البيهقي أيضا في "سننه".
م: (وهذا تنصيص على أنه لا يباح النظر إلى قدمها) ش: أراد به أن ما روي عن علي وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - تنصيص على عدم إباحة النظر إلى قدمي الأجنبية.
م: (وعن أبي حنيفة رحمه الله: أنه يباح؛ لأن فيه بعض الضرورة) ش: هذه رواية ابن شجاع عن أبي حنيفة؛ لأن القدم موضع الزينة الظاهرة. م: (وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه يباح النظر إلى ذراعيها أيضا؛ لأنه قد يبدو منها عادة) ش: خصوصا إذا جردت نفسها للخبز والطبخ، ذكره شمس الأئمة البيهقي في "كفايته".
م: (قال: فإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها) ش: أي قال القدوري والحاصل أن الذي ذكره من جواز النظر إلى وجه الأجنبية وكفيها إذا أمن الشهوة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]، وأما إذا لم يأمن الشهوة لم يجز النظر إلى وجهها أيضا ولا إلى كفيها. والدليل على ما رواه البخاري ومسلم -رحمهما الله- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: رأيت أسسه باللمم.
قال أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه» .
وأخرج مسلم وأبو داود -رحمهما الله- من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، يدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليدان زناهما البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذب» .
إلا لحاجة لقوله عليه الصلاة والسلام: «من نظر إلى محاسن امرأة أجنبية عن شهوة صب في عينيه الآنك يوم القيامة» . فإن خاف الشهوة لم ينظر من غير حاجة تحرزا عن المحرم، وقوله: لا يأمن يدل على أنه لا يباح إذا شك في الاشتهاء كما إذا علم أو كان أكبر رأيه ذلك، ولا يحل أن يمس وجهها ولا كفها وإن كان يأمن الشهوة لقيام المحمر وانعدام الضرورة والبلوى بخلاف النظر؛ لأن فيه بلوى
ــ
[البناية]
م: (إلا لحاجة) ش: كالشهادة وحكم الحاكم والتزويج، فعند هذه الأشياء يباح النظر إلى وجهها، وإن يخاف الشهوة للضرورة.
وقال الحاكم رحمه الله: وفيه ينظر إلى الوجه والكف منها ما أمن الشهوة فإذا أشقها لم ينظر إلا أن يكون دعي إلى شهادة عليها وأراد تزويجا وكان حاكما فينظر ليخبر إقرارها وتشهد الشهود على معرفتها، فلا بأس بالنظر إليهما وهذه المواضع م: (لقوله عليه الصلاة والسلام: «من نظر إلى محاسن امرأة أجنبية عن شهوة صب في عينيه الآنك يوم القيامة» ش: هذا الحديث أخرجه شمس الأئمة الحلواني في شرح "الكافي " ولكنه غير صحيح والمعروف: «من استمع إلى حديث قوم له كارهون صب في أذنيه الأنك يوم القيامة» أخرجه البخاري في "صحيحه " في كتاب التعبير، وعن أيوب السجستاني، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا:«من تحكم بحكم لم يره كلف أن يعقد بين شعر بير ولن يفعل، ومن استمع إلى قوم وهم له كارهون أو يفرون منه صب في أذنيه الآنك يوم القيامة، ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها وليس بنافخ» .
قوله محاسن: جمع حسن ضد القبح على خلاف القياس وكأنه جمع محسن والأنك بفتح الهمزة وضم النون وفي آخره كاف وهو: الأشرب. قال الجوهري وأفعل من ألسنة الجمع ولم يجيء عليه الواحد الأنك وفيه نظر.
م: (فإن خاف الشهوة لم ينظر من غير حاجة تحرزا عن المحرم) ش: أي لأجل الاحتراز عن الوقوع في المحرم م: (قوله: لا يأمن يدل على أنه لا يباح إذا شك في الاشتهاء) ش: أي قال القدوري: فإن كان لا يأمن الشهوة يدل على أن النظر إلى وجهها لا يباح إذا شك في الشهوة م: (كما إذا علم) ش: أي كما إذا تيقن وجود الشهوة، م:(أو كان أكبر رأيه ذلك) ش: أي وجود الشهوة.
م: (ولا يحل أن يمس وجهها ولا كفها وإن كان يأمن الشهوة لقيام المحرم) ش: وهو النص على ما يأتي م: (وانعدام الضرورة والبلوى) ش: في مس وجهها وكفيها؛ لأنه أبيح النظر إلى الوجه والكف لدفع الحرج، ولا حرج في ترك مسها فبقي على أصل القياس م:(بخلاف النظر؛ لأن فيه بلوى) ش: وهي الحاجة إليه كما ذكرنا.