الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن كان الطير مائيا فإن كانت الجراحة لا تنغمس في الماء أكل، وإن انغمست لا يؤكل، كما إذا وقع في الماء.
قال: وما أصابه المعراض بعرضه لم يؤكل، وإن جرحه يؤكل
ــ
[البناية]
على إطلاقه وحمله على غير حالة الانشقاق يخرج إلى الفرق بين الجبل والأرض في الانشقاق، فإنه لو انشق لوقوعه على الأرض أكل، وقد ذكر أنه في معناه.
وقال الكرخي في "مختصره": لو وقع على حرف آجرة في الأرض، أو حرف حجر، ثم وقع على الأرض: لم يؤكل، لأنه قد شرك السقوط غيره. ولو كانت الآجرة مبطوحة على الأرض، واللبنة فوقع عليها ثم مات: أكل، وذلك لأن الآجرة المطبوخة كالأرض مرفوعة عليها كوقوعه على الأرض، ولو وقع على جبل فاستقر عليه: أكل، وذلك لأن استقراره على الجبل كاستقراره على الأرض. ولو سقط من الرمية في ماء فمات: لا يؤكل، ولا أعلم في هذا خلافا، لأنه قد يجوز أن يكون خنق بالماء.
وقال بشر، وعلي بن الجعد، عن أبي يوسف: إذا رمى رجل صيدا وهو في السماء بنشابة، وسمى، فأصابه فوقع على الأرض فمات: أكل، وليس هذا بمترد، ولذلك لو كان على جدار أو حائط أو رأسه أو جبل فوقع منها على الأرض، ولكن المتردي الذي لا يؤكل أن يقع فوق الشيء من السماء أو من موضع فوقه ثم يقع من ذلك الموضع إلى موضع آخر، فهذا لا يؤكل، فهذا مترد - إلى هنا لفظ الكرخي.
وقال القدوري: وهذا صحيح؛ لأن المتردي هو المتردد، ولكن لما اجتمع الحرفان قلبوا أحدهما كما في قولهم لمقفي البازي "وإنما هو بعصعص"، والمتردي وهو أن يقع على شيء ثم منه على شيء، قال القدوري: ذكر في " المنتقى " عن أبي يوسف قال: ولو رمى صيدا على قمة جبل وأثخنه حتى لا يتحرك ولم يستطع أن يأخذه فرماه فقتله ووقع: لم يأكله، وذلك لأنه خرج من حيز الامتناع بالرمي من الأول، فصار الرمي الثاني إلى غير ممتنع: فلا يؤكل.
م: (وإن كان الطير مائيا فإن كانت الجراحة لا تنغمس في الماء أكل وإن انغمست) ش: في الماء م: (لا يؤكل) ش: يعني إذا رمى طيرا في الماء م: (كما إذا وقع في الماء) ش: وهو مجروح، فإن كانت الجراحة لم تنغمس في الماء يؤكل، وإن انغمست الجراحة في الماء لا يؤكل لاحتمال الموت بالماء، وبه قالت الثلاثة، وإن كانت الجراحة غير مهلكة: يحل عند الشافعي، ومالك - رحمهما الله -، كما إذا وقع من الماء، أي كما إذا وقع طير غير الماء في الماء: لا يحل لاحتمال الموت بسبب آخر.
[رمي بالمعراض الصيد فأصيب]
م: (قال: وما أصابه المعراض بعرضه لم يؤكل، وإن جرحه يؤكل) ش: أي قال القدوري، والمعراض سهم بلا ريش ولا نصل يمضي عرضا فيصيب بعرض السهم لا بحده. وفي " مجمل
لقوله عليه الصلاة والسلام فيه: «ما أصاب بحده فكل، وما أصاب بعرضه فلا تأكل» ، ولأنه لا بد من الجرح ليتحقق معنى الذكاة على ما قدمناه. قال: ولا يؤكل ما أصابته البندقة فمات بها لأنها تدق وتكسر ولا تجرح، فصار كالمعراض إذا لم يخزق
ــ
[البناية]
اللغة ": المعراض سهم طويل له أربع قدد إذا رمى رمى به عرض م: (لقوله عليه الصلاة والسلام فيه: «ما أصاب بحده فكل، وما أصاب بعرضه فلا تأكل» ش: هذا الحديث رواه الجماعة في كتبهم «عن عدي بن حاتم، قال: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أرسل الكلاب المعلمة فيمسك علي وأذكر اسم الله؟ قال: "إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك". قلت: وإن قتل؟، قال: "وإن قتل ما لم يشركه كلب ليس معه". قلت: فإذا رمي بالمعراض الصيد فأصيب؟، قال: "إن أصاب بحده فكل، وإن أصاب بعرض نصل فلا تأكل منه» " وقيد.
م: (ولأنه لا بد من الجرح ليتحقق معنى الذكاة على ما قدمناه) ش: أشار به إلى ما ذكره في الفصل الأول، ولا بد من الجرح لتحقق معنى الذكاة في ظاهر الرواية؛ لأنه إذا لم يجرح يتمزق بإصابة عرض المعراض، ويكون ذلك رماه وكسر إلا جراحا وبضعا وذكاة الاضطرار هي الجرح أو البضع.
م: (قال: ولا يؤكل ما أصابته البندقة فمات بها) ش: أي قال القدوري، والبندقة بضم الباء الموحدة وسكون النون طينة مدورة يرمى بها، ويقال لها: الجلامق م: (لأنها تدق وتكسر ولا تجرح، فصار كالمعراض إذا لم يخزق) ش: بالخاء والزاي المعجمتين، يقال: خزق المعراض إذا نفذ، وبالراء المهملة تصحيف.
وفي " المبسوط ": بالزاي يستعمل في الحيوان، وبالراء المهملة في الثوب، والأصل فيه ما روي «عن عدي رضي الله عنه قال: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد المعراض، فقال:"ما خزق بالزاي: فكل، وما قتل بعرضه: فلا نهر" وفيه: "لا يؤكل» متفق عليه، وهو قول أكثر أهل العلم.
وقال الأوزاعي وأهل الشام: يباح ما قتله بعرضه وحده. وقال ابن عمر: كلاهما موقوذة، وبه قال الحسن، ولا خلاف في سائر آلات الجراحة أنها إن قتلته بعرضها ولم تجرح: لا تحل، وإن جرحت تحل ولأنها إذا لم تجرح فإنها تقتل بثقله فأشبه ما أصاب بعرض المعراض.
وقال الحاكم الشهيد في " مختصر الكافي ": ولا يحل صيد البندقة والحجر والمعراض والعصي، وما أشبه ذلك، وإن جرح لأنه لا يخزق إلا أن يكون شيء من ذلك قد حددوه وطوله كالسهم، انتهى.
وكذلك إن رماه بحجر، وكذلك إن جرحه، قالوا: تأويله إذا كان ثقيلا وبه حدة، لاحتمال أنه قتله بثقله، وإن كان الحجر خفيفا وبه حدة يحل لتعيين الموت بالجرح، ولو كان الحجر خفيفا وجعله طويلا كالسهم وبه حدة، فإنه يحل لأنه يقتله بجرحه، ولو رماه بمروة حديدة ولم تبضع بضعا لا يحل؛ لأنه
ــ
[البناية]
وذكر فخر الإسلام في " شرح الزيادات ": في باب الصيد: ويحل أكله إذا رمى فأصاب غيره؛ لأن الحجر والبندقة إذا جرح: حل، وكذا المعراض.
م: (وكذلك إن رماه بحجر، وكذلك إن جرحه) ش: أي إن جرحه الحجر، وهذا من مسائل الأصل، ذكره تفريعا، لأن الحجر يمزق ولا يقطع إذا لم يكن له حد فيكون كالمعراض إذا أصاب بعرضه.
م: (قالوا) ش: أي المشايخ م: (تأويله) ش: أي تأويل ما ذكره محمد في الأصل م: (إذا كان ثقيلا وبه حدة، لاحتمال أنه قتله بثقله) ش: أي الحجر لا يحل له م: (وإن كان الحجر خفيفا وبه حدة يحل لتعيين الموت بالجرح، ولو كان الحجر خفيفا وجعله طويلا كالسهم وبه حدة، فإنه يحل؛ لأنه يقتله بجرحه) ش: وفي " الأصل ": وإن مات بالجرح فإن كان الجرح مدميا: فإنه يحل بلا خلاف، وإن جرح ولم يدم اختلف المشايخ فيه.
قال بعضهم: لا يحل لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أنهر الدم وأفرى الأوداج» فكل شرط الإنهار وهذا ضعيف عندي؛ لأنه كما شرط الإنهار شرط فري الأوداج، وفي ذكاة الاضطرار: لم يشترط فري الأوداج فكذلك لا يشترط الإنهار.
قال بعضهم: يحل إذا كانت الجراحة صغيرة يشترط الإدماء، وإن كانت كبيرة: تحل بلا إدماء لأنها إذا كانت صغيرة فعدم خروج الدم يدل على ضيق المنفذ لا على عدم الدم في الحيوان، وخروج الدم عند وجود الدم شرط للإباحة. وإن كانت كبيرة لا يكون عدم الخروج لضيق المنفذ بل لعدم الدم فيه أصلا كما إذا كان علقه ورق العناب فاحتبس دمه، وخروج الدم حال عدم فيه فليس بشرط للإباحة.
م: (ولو رماه بمروة حديدة) ش: أي ولو رمى الصيد بمروة وهو حجر رقيق أبيض كالسكين يذبح به م: (ولم تبضع بضعا) ش: أي ولم يقطع قطعا من البضع وهو القطع م: (لا يحل؛ لأنه
قتله دقا، وكذا إذا رماه بها فأبان رأسه أو قطع أوداجه؛ لأن العروق تنقطع بثقل الحجر كما تنقطع بالقطع فوقع الشك، أو لعله مات قبل قطع الأوداج، ولو رماه بعصا أو بعود حتى قتله لا يحل؛ لأنه يقتله ثقلا لا جرحا اللهم إلا إذا كان له حدة يبضع بضعا، فحينئذ لا بأس به؛ لأنه بمنزلة السيف والرمح. والأصل في هذه المسائل: أن الموت إذا كان مضافا إلى الجرح بيقين كان الصيد حلالا، وإذا كان مضافا إلى الثقل بيقين كان حراما، وإن وقع الشك ولا يدري مات بالجرح أو بالثقل كان حراما احتياطا، وإن رماه بسيف أو بسكين فأصابه بحده فجرحه حل، وإن أصابه بقفا السكين أو بمقبض السيف لا يحل؛ لأنه قتله دقا، والحديد وغيره فيه سواء.
ــ
[البناية]
قتله دقا) ش: فصار كالوقيذ، م:(وكذا إذا رماه بها) ش: أي وكذا لا يحل إذا رمى الصيد بمروة م: (فأبان رأسه أو قطع أوداجه؛ لأن العروق تنقطع بثقل الحجر كما تنقطع بالقطع فوقع الشك، أو لعله مات قبل قطع الأوداج) ش: وقد مر أن جانب الحرمة يغلب على جانب الإباحة عند الشك احتياطا.
م: (ولو رماه بعصا) ش: أي ولو رمى صيدا بعصا م: أو بعود) ش: وهو غصن شجرة م: (حتى قتله: لا يحل؛ لأنه يقتله ثقلا لا جرحا) ش: والجرح شرط م: (اللهم) ش: أصله: يا الله، فلما حذف حرف النداء عوض عنه الميم، ولهذا لا يقال: يا اللهم، حتى لا يجتمع العوض والمعوض عنه، واستعماله في الكلام على ثلاثة أنحاء: الأول: إذا كان [....
.....] .
والثالث: أنه يؤتى به قبل المستثنى إذا كان المستثنى عزيزا نادرا استظهارا لمشيئة الله سبحانه وتعالى.
م: (إلا إذا كان له حدة يبضع بضعا) ش: أي يقطع قطعا م: (فحينئذ لا بأس به؛ لأنه بمنزلة السيف والرمح) ش: لأنه لا يكون بالجرح مباحا م: (والأصل في هذه المسائل: أن الموت إذا كان مضافا إلى الجرح بيقين كان الصيد حلالا، وإذا كان مضافا إلى الثقل بيقين كان حراما، وإن وقع الشك ولا يدري مات بالجرح أو بالثقل: كان حراما احتياطا) ش: أي لأجل الاحتياط، وهذا كله واضح.
م: (وإن رماه بسيف أو بسكين فأصابه بحده فجرحه: حل) ش: لوجود القتل بحدة الآلة ووجود الجرح م: (وإن أصابه بقفا السكين أو بمقبض السيف) ش: أو بالحديد ونحو ذلك إن كان جرحه ومات بسبب الجرح، فإن كان الجرح مدميا أي بفتح الميم وسكون القاف وكسر الباء الموحدة حيث يقبض عليه بجميع الكف م:(لا يحل؛ لأنه قتله دقا) ش: لا جرحا م: (والحديد وغيره فيه سواء) ش: أي في القتل بالثقل، حتى لو ضربه بقطعة حديد فقطعه بثقلها: لا يحل، وفي " الشامل ": أخذ عودا وحدده إن أصاب بحده: يحل، وإلا فلا، فعلم أن العبرة للحد.