الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجب على المشتري لا على البائع؛ لأن العلة الحقيقية إرادة الوطء، والمشتري هو الذي يريده دون البائع، فيجب عليه غير أن الإرادة أمر مبطن فيدار الحكم.
ــ
[البناية]
وهذا كما قلنا في قوله صلى الله عليه وسلم: «من نام عن صلاة أو نسيها» الحديث، والحكم في الترك عامدا كذلك. إلا أن الظاهر لما كان من حال المسلم أن لا تفوت منه الصلاة إلا بالنسيان فذكره، هكذا كذلك هاهنا.
وعلم من كلامه وجوب الاستبراء، وسببه، وعلته، وحكمته، أما الوجوب: ففيها الحديث المذكور، وأما سببه: فاستحداث الملك، واليد، وأما علته: فإرادة الوطء، وأما حكمته: فالتعريف عن براءة الرحم، ولكن لما كانت الإرادة خفية أقيم دليلها الظاهر وهو التمكن عن الوطء بالملك، واليد قائما مقامها تيسرا فجعل استحداث الملك، واليد علة كما في السفر مع المشقة، ثم تعدى الحكم إلى سائر باب ملك اليمين، ملك حتى وجب عليه الاستبراء بأي سبب ملك سواء كان شراء أو هبة أو وصية، أو ميراثا أو خلعا، أو كتابة، وإذا ثبت وجوب الاستبراء وحرم الوطء حرم دواعيه أيضا من اللمس والقبلة والنظر إلى الفرج بشهوة.
وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله في " شرح الجامع الصغير ": روي عن أبي مطيع: أنه كان لا يرى بالقبلة، والملامسة بأسا، وذلك لأن القربان إنما لا يجوز لأنه يؤدي إلى اختلاط الأنساب، وليس في القبلة والملامسة هذا المعنى، قلنا: قياسا على الطهارة، وكما في غير الملك لأنها تفضي إليه، وسبب الحرام حرام.
وقال فخر الإسلام: روي عن محمد رحمه الله أنه قال: يحل الدواعي لأنها لا تحتمل الوقوع في غير الملك؛ لأن المالك الأول لا يملك الدعوى، وإنما حرم الوطء بمعنى السقي زرع غيره، وهذا لا يوجد في الدواعي.
[على من يجب الاستبراء]
م: (ويجب على المشتري لا على البائع) ش: أي يجب الاستبراء على المشتري دون البائع، وبه قالت الثلاثة، وقال النخعي، والثوري، والحسن البصري، وابن سيرين رحمهم الله: يجب على البائع دون المشتري؛ لأنه الصيانة كما تجب على المشتري تجب على البائع.
وقال الليثي: هذا صيانة عن ماء البائع فيجب عليه. ولنا ما أشار إليه بقوله: م: (لأن العلة الحقيقة إرادة الوطء) ش: لأن الشارع نهى عن الوطء، والنهي إنما يستقيم عند تمكن الوطء، وتمكن للمشتري لأنه هو المتملك لا البائع، وهو معنى قوله: م: (والمشتري هو الذي يريده) ش: الوطء لتمكنه منه م: (دون البائع فيجب عليه) ش: أي على المشتري م: (غير أن الإرادة أمر مبطن) ش: أي خفي على ما ذكرنا؛ لأن بعض الناس يريد الوطء، وبعضهم لا يريده م: (فيدار الحكم
على دليلها، وهو التمكن من الوطء، والتمكن إنما يثبت بالملك واليد فانتصب سببا وأدير الحكم عليه تيسيرا، فكان السبب استحداث ملك الرقبة المؤكد باليد وتعدي الحكم إلى سائر أسباب الملك، كالشراء والهبة والوصية والميراث والخلع والكتابة وغير ذلك، وكذا يجب على المشتري من مال الصبي، ومن المرأة، ومن المملوك
ــ
[البناية]
على دليلها) ش: أي على دليل الإرادة م: (وهو التمكن من الوطء، والتمكن إنما يثبت بالملك واليد فانتصب سببا) ش: أي انتصب التمكن سبب في الوطء لوجوب الاستبراء.
م: (وأدير الحكم عليه) ش: أي على التمكن من الوطء م: (تيسيرا) ش: أي لأجل التيسير.
فإن قلت: الإرادة ليست بأمر مبطن، ولهذا جعلت إرادة الصلاة سببا لوجوب الطهارة.
قلت: لأن إرادة الصلاة متحققة كفرضية الصلاة، ولا كذلك إرادة الوطء.
م: (فكان السبب استحداث ملك الرقبة المؤكد باليد) ش: أي إذا كان ذلك سبب وجوب الاستبراء استحداث سبب ملك يمين الرقبة الذي تأكده باليد م: (وتعدى الحكم إلى سائر أسباب الملك كالشراء) ش: بأن اشترى أمة م: (والهبة) ش: بأن وهب له رجل أمة م: (والوصية) ش: بأن أوصى له رجل بأمة فقبضها بعد موته م: (والميراث) ش: بأن مات مورثه فورث منه أمة م: (والخلع) ش: بأن خالع امرأة على أمة فقبضها م: (والكتابة) ش: بأن كاتب عبده على جارية فإنه لا يحل للزوج والمولى وطء الجارية قبل الاستبراء م: (وغير ذلك) ش: بأن تصدق عليه بجارية فإنه لا يطأها حتى يستبرئها، أو أجر داره إلى سنته وجعل الأجرة جارية وقبضها، فإنه لا يحل له الوطء إلا بعد الاستبراء، أو دفع إليه الجاني جارية عوض أرش الجناية. فكذلك لا يحل له الوطء إلا بعد الاستبراء.
م: (وكذا يجب على المشتري من مال الصبي) ش: يعني إذا باع أب الصبي، أو وصية جارية الصبي، فإنه يجب على المشتري الاستبراء م:(ومن المرأة) ش: أي وكذا يجب على المشتري من المرأة م: (ومن المملوك) ش: أي وكذا يجب على المشتري من المملوك بأن يشتري من عبده المأذون، وعليه دين مستغرق.
وفي " المبسوط ": لو اشترى من عبده المأذون الاستبراء عليه، إن كانت قد حاضت بعدما اشتراها. ولا دين عليه؛ لأن المالك ملك رقبتها من وقت الشراء فتكفي تلك الحيضة كما في يد الوكيل. وإن كان على العبد دين محيط برقبته وكسبه فكذلك الجواب عند أبي حنيفة رحمه الله يستبرئها استحسانا.
وفي القياس: لا؛ لأن المولى أحق بها حتى يملك استخلاصها لنفسه بقضاء الدين من