الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الاستبراء وغيره
قال: ومن اشترى جارية فإنه لا يقربها، ولا يلمسها، ولا يقبلها، ولا ينظر إلى فرجها بشهوة حتى يستبرئها. والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام في سبايا أوطاس:«ألا لا توطأ الحبالى حتى يضعن حملهن، ولا الحيالى حتى يستبرئن بحيضة» .
ــ
[البناية]
[فصل في الاستبراء وغيره]
[تعريف الاستبراء]
م: (فصل في الاستبراء وغيره) ش: أي: هذا فصل في بيان أحكام الاستبراء: وهو طلب براءة الرحم عن الحمل، وأراد بغيره مسألة المعانقة، والمصافحة، والقبلة. وأخر فصل الاستبراء لأنه احترز عن وطء مقيد فالمقيد بمنزلة المركب، والمركب مؤخر عن المفرد.
وفي فتاوى " قاضي خان ": اختلف فيمن أنكر وجوب الاستبراء، هل يكفر. قيل: لأنه أنكر إجماع المسلمين. وقال عامة المشائخ: لا يكفر لأن ظاهر قوله سبحانه وتعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] يقتضي إباحة الوطء مطلقا. وعرف وجوب الاستبراء بالخبر فلا يكفر جاحده.
م: (قال: ومن اشترى جارية فإنه لا يقربها، ولا يلمسها، ولا يقبلها، ولا ينظر إلى فرجها بشهوة حتى يستبرئها) ش: أي قال في " الجامع الصغير "
قوله: لا يقربها أي لا يطأها. ولا يمسها من اللمس باليد من باب نصر، وضرب، وقوله: بشهوة يرجع إلى أصل المجموع. م: (والأصل فيه) ش: أي في وجوب الاستبراء م: «قوله عليه الصلاة والسلام في سبايا أوطاس: "ألا لا توطأ الحبالى حتى يضعن حملهن، ولا الحبالى حتى يستبرئن بحيضة» ش: هذا الحديث أخرجه أبو داود في "النكاح"، عن شريك، عن قيس بن وهب رحمه الله، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ورفعه أنه «قال في سبايا أوطاس: "لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة» .
رواه الحاكم في " المستدرك " وقال: حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وأعله ابن القطان رحمه الله بشريك، وقال: إنه مدلس، وهو ممن ساء حفظه بالقضاء، وعن الحاكم: رواه البيهقي رحمه الله في " السنن "، وفي " المعرفة ".
وروى أبو داود رحمه الله أيضا: حدثنا النفيلي، حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق، «عن حنش الصنعاني: أن رويفع ابن ثابت الأنصاري قام فينا خطيبا فقال: أما إني ما أقول لكم إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم -
أفاد وجوب الاستبراء على المولى.
ــ
[البناية]
يقول يوم حنين: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله، واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره -يعني إتيان الحبالى- ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله، واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يقسم» .
حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا أبو معاوية عن بن إسحاق بهذا الحديث، وقال:«حتى يستبرئها بحيضة» ، وقال أبو داود رحمه الله:[الحيضة] ليست بمحفوظة، ورواه ابن حبان رحمه الله في "صحيحه ".
وأخرج ابن أبي شيبة في"مصنفه " حدثنا حفص عن حجاج، عن عبد الله بن زيد عن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توطأ الحامل حتى تضع أو الحائل حتى تستبرأ بحيضة» .
وأخرج الدارقطني في "سننه "، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن مسلم الجنهدر، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توطأ الحامل حتى تضع، أو حائل حتى تحيض» .
قوله: في سبايا أوطاس، السبايا جمع سبية، وهي الجارية التي تسبى، وأوطاس: اسم موضع على ثلاث مراحل من مكة، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة مشهورة وهي غزوة حنين، وكلمة إلا للسبية.
والحبالى جمع حبلى، والأصل في الجمع كسر اللام؛ لأن كل جمع ثالثه ألف يتكرر الحرف الذي بعدها، نحو مساجد وجوامع، ومن ثم أبدلوا من الياء المنقلبة من ألف التأنيث ألفا. وقالوا: حبالى بالفتح ليفرقوا بين الألفين، كما قلنا في الصحاري.
قوله: ولا الحيالى بالياء آخر الحروف بعد الحامل جمع حايل وهي التي لا حمل بها جاء على خلاف القياس للأزواج الحبالى، والقياس حوايل كما فعلوا ذلك في الغدايا والعشايا، والقياس الغدوات.
قوله: حتى يستبرأ، أن الهمز لا غير من استبراء الجارية، وهو طلب براءة رحمها.
م: (أفاد وجوب الاستبراء على المولى) ش: لأن النهي عن الوطء مع الملك المطلق يدل على
ودل على السبب في المسبية، وهو استحداث الملك واليد؛ لأنه هو الموجود في مورد النص، وهذا لأن الحكمة فيه التعرف عن براءة الرحم صيانة للمياه المحترمة عن الاختلاط، والأنساب عن الاشتباه، وذلك عند حقيقة الشغل، أو توهم الشغل بماء محترم، وهو أن يكون الولد ثابت النسب
ــ
[البناية]
وجوب الاستبراء، أو لأنه لو لم يجب لما منع المالك عن استيفاء حقه، والنفي أبلغ من النهي، أو لأن حل الوطء بقي إلى غاية وجود الاستبراء فكان الحل موقوفا على وجوده م:(ودل على السبب في المسبية) ش: أي ودل الحديث أيضا على سبب وجوب الاستبراء في الجارية المسبية.
م: (وهو استحداث الملك واليد) ش: أي المسبب هو استحداث الملك واليد م: (لأنه هو الموجود في مورد النص) ش: وهو قوله: لا توطأ الحبالى، ليس إلا استحداث الملك، واليد فيكون هو السبب. م:(وهذا) ش: أي وجوب الاستبراء كون استحداث الملك سببا م: (لأن الحكمة فيه) ش: أي في وجوب الاستبراء م: (التعرف عن براءة الرحم صيانة للمياه المحترمة عن الاختلاط) ش: بغيرها م: (والأنساب) ش: أي وصيانة الأنساب، م:(عن الاشتباه) ش: أي عن استيهانها، ولا يجوز أن يكون الحكمة موجبة؛ لأنها متعقبة، والعلة سابقة فحينئذ تعلق الحكم شرعا بالسبب الظاهر، وهو حدوث ملك الحل بسبب ملك الرقبة فيدار الحكم عليه فتستبرأ.
وذكر البزدوي في "مبسوطه ": إن علة وجوب الاستبراء إرادة الوطء فإنه متى أراد الوطء لا يحل إلا في محل فارغ يجب أن يعرف براءة الرحم حتى لا يصير ساقيا ماءه زرع غيره، وفيه حكمة صيانة الولد عن إرادة الوطء لا يوقف عليها حقيقة، فيضاف الحكم إلى التمكن من الوطء، فأقيم التمكن منه مقام إرادة الوطء، وذلك إنما يتحقق بالملك والقبض، ولهذا لا يخبر بالحقيقة قبل القبض من الاستبراء لما إنه لم يوجد علة.
م: (وذلك) ش: إشارة إلى شرط وجوب الاستبراء م: (عند حقيقة الشغل) ش: بفتح الشين بأن يكون حاملا م: (أو توهم الشغل بماء محترم وهو) ش: أي توهم الشغل بماء محترم م: (أن يكون الولد ثابت النسب) ش: احترز به عن الزنا، ولمعنى أن يمكن إثبات نسبه من الغير لتقدم ملك الغير في المحل، فمن استحدث ملك الوطء بملك اليمين من قبل الغير بأي سبب استحداث، وتمكن منه حقيقة بالقبض وجب عند ذلك وجوب الاستبراء، وشرطه فيجب عليه الاستبراء، لا يقال: الموجب كونها مبيتة إضافة، والإضافات لا مدخل لها في العلة؛ لأنه لو اعتبر ذلك انسد باب القياس، وأنه مفتوح بالنصوص فلم يبق هاهنا إلا كونها مملوكة رقبة ويدا، وهو المؤثر كما ذكر في الكتاب، وإنما قيده بماء محترم، وإن كان الحكم في غير المحترم كذلك. فإن الجارية إذا كانت حاملا من الزنا لا يحل وطئها؛ لأنه أخرج الكلام مخرج أوضاع الشرع؛ لأنه وضع لا يكون إلا في الحلال.