الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في البيع
قال: ولا بأس
ببيع السرقين
، ويكره ببيع العذرة. وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز بيع السرقين أيضا؛ لأنه نجس العين، فشابه العذرة وجلد الميتة قبل الدباغ. ولنا: أنه منتفع به؛ لأنه يلقى في الأراضي لاستكثار الريع فكان مالا، والمال محل للبيع بخلاف العذرة؛ لأنه ينتفع بها مخلوطا، ويجوز بيع المخلوط هو المروي عن محمد رحمه الله وهو الصحيح.
وكذا يجوز
الانتفاع بالمخلوط
لا بغير المخلوط في الصحيح والمخلوط بمنزلة زيت خالطته النجاسة.
ــ
[البناية]
[فصل في البيع]
[ببيع السرقين]
م: (فصل في البيع) ش: أخر هذا الفصل عن فصل الأكل والشرب واللمس والوطء لأن أمر تلك الأفعال متصل ببدن الإنسان، وهذا لأن ما كان أكثر اتصالا كان أحق بالتقديم. م:(قال: ولا بأس ببيع السرقين) ش: أي قال في " الجامع الصغير " والسرقين بكسر السين هو السرجين، ويقال له: العوة بضم العين المهملة وتشديد الواو والهاء. وفي حديث سعيد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أنه كان بدليل أرضه بالعوة. أي يصلح أرضه ويحسن معالجتها، ومنه سمى الدمال لأن الأرض تصلح به. وفسر العوة في الفائق: بالسرجين، وفسرها الأصمعي بعذرة الناس. وقال في " الجمهرة ": العودة البعر وما أشبه مما تشابه الأرض. م: (ويكره ببيع العذرة) ش: وهو رجيع الآدمي م: (وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز بيع السرقين أيضا؛ لأنه نجس العين فشابه العذرة وجلد الميتة قبل الدباغ) ش: وبه قال مالك وأحمد -رحمهما الله.
م: (ولنا: أنه) ش: أي السرقين م: (منتفع به؛ لأنه يلقى في الأراضي لاستكثار الريع فكان مالا، والمال محل للبيع بخلاف العذرة؛ لأنه ينتفع به مخلوطا) ش: لأن العادة لم تجر بالانتفاع بها إلا مخلوطا بالتراب أو الرماد م: (ويجوز بيع المخلوط) ش: لأنه مال ونجاسة العين يمنع الأكل ولا يمنع الانتفاع م: (هو المروي عن محمد رحمه الله وهو الصحيح) ش: واحترز به عن ما روي عن أبي حنيفة أنه قال: لا بأس ببيع غير المخلوط أيضا.
[الانتفاع بالمخلوط]
م: (وكذا يجوز الانتفاع بالمخلوط لا بغير المخلوط في الصحيح) ش: احترز به عما روي عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال: لا بأس بالانتفاع بالعذرة الخالصة.
والروايتان نقلهما الفقيه أبو الليث رحمه الله في شرح "الجامع الصغير ". م: (والمخلوط بمنزلة زيت خالطته النجاسة) ش: أي الخلوط من العذرة بالتراب بمنزلة زيت خالطته النجاسة حيث يجوز بيعه والانتفاع به كالاستصباح ونحوه اتفاقا فذلك العذرة المخلوطة بالتراب الغالب يجوز بيعه قياسا عليه، والجامع كونهما منتفعا بها لأن الناس ينتفعون بها مخلوطة.
قال: ومن علم بجارية أنها لرجل فرأى آخر يبيعها، وقال: وكلني صاحبها ببيعها، فإنه يسعها أن يبتاعها ويطأها؛ لأنه أخبر بخبر صحيح لا منازع له، وقول الواحد في المعاملات مقبول على أي وصف كان لما مر من قبل. وكذا إذا قال: اشتريتها منه أو وهبها لي أو تصدق بها علي لما قلنا، وهذا إذا كان ثقة، وكذا إذا كان غير ثقة وأكبر رأيه أنه صادق؛ لأن عدالة المخبر في المعاملات غير لازمة للحاجة على ما مر. وإن كان أكبر رأيه أنه كاذب لم يسع له أن يتعرض لشيء من ذلك؛
ــ
[البناية]
م: (قال: ومن علم بجارية أنها لرجل فرأى آخر يبيعها، وقال: وكلني صاحبها ببيعها، فإنه يسعه أن يبتاعها ويطأها) ش: أي قال في " الجامع الصغير "؛ م: (لأنه أخبر بخبر صحيح) ش: لأنه صدر عن عقل ودين مع اعتقاد حرمة الكذب م: (لا منازع له) .
م: (وقول الواحد من المعاملات مقبول على أي وصف كان) ش: يعني حرا كان أو عبدا، مسلما كان أو كافرا، رجلا كان أو امرأة، عدلا كان أو غير عدل، صبيا كان أو بالغا، بعد أن كان عاقلا مميزا م:(لما مر من قبل) ش: أي في فصل الأكل والشرب أن قول الواحد يقبل في المعاملات دفعا للحرج.
م: (وكذا إذا قال: اشتريتها منه) ش: أي وكذا الحكم إذا قال الذي في يده الجارية: اشتريتها من فلان وهو الذي كان يعلم الرجل أنها له م: (أو وهبها لي أو تصدق بها علي لما قلنا) ش: أشار بها إلى قوله لأنه أخبر بخبر صحيح لا منازع له. م: (وهذا) ش: أي قبول قوله، وصحة العمل به م:(إذا كان ثقة) .
فإن قلت: هذا مناقض قوله: على أي وصف كان؟. قلت: معنى قوله ثقة، أن يكون من يعتمد كلامه، وإن كان فاسقا يجوز أن لا يكذب الفاسق لمروءته ولوجاهته.
م: (وكذا إذا كان غير ثقة وأكبر رأيه أنه صادق) ش: أي وكذا الحكم إذا كان المخبر غير ثقة، والحال أن أكبر رأيه أن المخبر صادق. م:(لأن عدالة المخبر في المعاملات غير لازمة للحاجة على ما مر) ش: أي في فصل الأكل والشرب. م: (وإن كان أكبر رأيه أنه كاذب لم يسع له أن يتعرض لشيء من ذلك) ش: وفي ضبط تاج الشريعة رحمه الله: لا يسع له أن يعرض، ثم فسره بقوله: أن يتعرض. وفي "شرح الأترازي " رحمه الله: لم يسع له أن يعزم بشيء موضع قوله: لا يسع له أن يتعرض لشيء من ذلك. ثم فسره بقوله: أي يقصد بشيء من الانتفاع والوطء يعني لا يشتريها ولا يطأها.
لأن أكبر الرأي يقام مقام اليقين، وكذا إذا لم يعلم أنها لفلان ولكن أخبره صاحب اليد أنها لفلان، وأنه وكله ببيعها أو اشتراها منه والمخبر ثقة قبل قوله، وإن لم يكن ثقة يعتبر أكبر الرأي؛ لأن إخباره حجة في حقه، وإن لم يخبره صاحب اليد بشيء، فإن كان عرفها للأول لم يشترها حتى يعلم انتقالها إلى ملك الثاني؛ لأن يد الأول دليل ملكه، وإن كان لا يعرف ذلك له أن يشتريها، وإن كان ذو اليد فاسقا؛ لأن يد الفاسق دليل الملك في حق الفاسق والعدل
ــ
[البناية]
قال في " الكافي ": وكذلك الطعام والشراب في جميع ذلك م: (لأن أكبر الرأي يقام مقام اليقين) ش: فيما هو أعظم من هذا كالفروج.
ألا ترى أن من تزوج امرأة فأدخلها عليه إنسان، وأخبره أنها امرأته فله أن يعتمد على خبره ويطأها إذا كان ثقة عنده، أو كان أكبر رأيه أنه صادق.
وكذا إذا دخل رجل على غيره ليلا شاهرا سيفه فلصاحب المنزل أن يقتله، وإن كان أكبر رأيه أنه لص قصد قتله وأخذ ماله، وإن كان أكبر رأيه أنه هارب من لص لم يعجل بذلك، مؤيده ما ذكرنا من قوله سبحانه وتعالى:{فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 10] جعل أكبر الرأي بمنزلة اليقين إذ العلم بإيمان الغير يقينا لا يكون إلا بأكبر الرأي فاسقا أو عدلا، «لقوله صلى الله عليه وسلم لوابصة رضي الله عنه: "ضع يدك على صدرك واستفت قلبك، فما حاك في صدرك فدعه وإن أفتاك الناس به» .
م: (وكذا إذا لم يعلم أنها لفلان ولكن أخبره صاحب اليد أنها لفلان) ش: أي وكذا الحكم إذا لم يعلم الرجل أن الجارية لفلان، ولكن الذي في يده أخبره أنها لفلان. م:(وأنه) ش: أي وأن فلانا م: (وكله ببيعها أو اشتراها منه) ش: أي وأخبره أنه اشترى الجارية من فلان م: (والمخبر ثقة) ش: أي والحال أن المخبر ثقة م: (قبل قوله، وإن لم يكن ثقة يعتبر أكبر الرأي؛ لأن إخباره حجة في حقه) ش: أي في حق نفسه فيما يرجع إليه وهو قوله، ليس لي، بل لفلان، ولكن غير حجة فيما لا يرجع إليه وهو قوله: وكلني أو اشتريت منه، فلا بد من حجة وهو أكبر الرأي.
م: (وإن لم يخبره صاحب اليد بشيء، فإن كان عرفها للأول) ش: هذا أيضا في الصورة المذكورة وهو أن يعلم بجارية أنها لفلان مثلا ثم رآها في غير يده ولم يخبره بشيء، فإنه لا يشتريها حتى يعلم انتقالها إليه، وهو معنى قوله: فإن كان عرفها للأول، م:(لم يشترها حتى يعلم انتقالها إلى ملك الثاني) ش: بشيء من أسباب الملك. م: (لأن يد الأول دليل ملكه، وإن كان لا يعرف ذلك) ش: أي كونها للأول.
م: (له أن يشتريها، وإن كان ذو اليد فاسقا؛ لأن يد الفاسق دليل الملك في حق الفاسق والعدل) ش: يعني هذا التركيب أن يد المتصرف دليل شرعي للملك وفي حق هذا الدليل الفاسق والعدل