الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ولو أنه صاد صيودا ولم يأكل منها، ثم أكل من صيد لا يؤكل هذا الصيد، لأنه علامة الجهل، ولا ما يصيده بعده حتى يصير معلما على اختلاف الروايات كما بيناها في الابتداء.
وأما الصيود التي أخذها من قبل فما أكل منها لا تظهر الحرمة فيه لانعدام المحلية، وما ليس بمحرز بأن كان في المفازة بأن لم يظفر صاحبه بعد تثبت الحرمة فيه بالاتفاق وما هو محرر في بيته يحرم عنده خلافا لهما، هما يقولان: إن الأكل ليس يدل على الجهل فيما تقدم؛ لأن الحرفة قد تنسى، ولأن فيما أحرزه قد أمضى الحكم فيه بالاجتهاد فلا ينقض باجتهاد مثله؛ لأن المقصود قد حصل بالأول. بخلاف غير المحرز؛ لأنه ما حصل المقصود من كل وجه؛ لبقائه صيدا من وجه لعدم الإحراز فحرمناه احتياطا.
ــ
[البناية]
[الكلب صاد صيودا ولم يأكل منها شيئا ثم أكل من صيد]
م: (قال: ولو أن صاد صيودا ولم يأكل منها، ثم أكل من صيد لا يؤكل هذا الصيد) ش: ذكره تفريعا على مسألة القدوري، وهي من مسائل الأصل، أي: ولو أن الكلب صاد صيودا، ولم يأكل منها شيئا ثم أكل من صيد لا يؤكل من هذا الصيد، أي الذي يأكل منه م:(لأنه علامة الجهل) ش: أي أكله علامة الجهل، وصيد الكلب الجاهل لا يؤكل م:(ولا ما يصيده بعده) ش: أي: ولا يؤكل أيضا ما صاده بعد ذلك م: (حتى يصير معلما على اختلاف الروايات) ش: فعنده باجتهاد الكلاب، وعنده يترك الأكل ثلاثا م:(كما بيناها في الابتداء) ش: أراد به ما ذكر أنه يحله عندهما ما اصطادوا بالنابح.
م: (وأما الصيود التي أخذها من قبل فما أكل منها لا تظهر الحرمة فيه لانعدام المحلية) ش: لأن الحكم بالحرمة لا يتصور إلا في محل قائم، وقد فات المحل بالأكل.
م: (وما ليس بمحرز بأن كان في المفازة لم يظفر صاحبه بعد) ش: لم يأخذه الصياد م: (تثبت الحرمة فيه بالاتفاق ما هو محرز في بيته محرم عنده) ش: أي عند أبي حنيفة م: (خلافا لهما) ش: أي لأبي يوسف، ومحمد - رحمهما الله.
م: (هما يقولان: إن الأكل ليس يدل على الجهل فيما تقدم؛ لأن الحرفة قد تنسى) ش: كما في بني آدم، فلم يحرز تحريم ما تقدم بالشك م:(ولأن فيما أحرزه قد أمضى الحكم فيه بالاجتهاد) ش: فلأن علم الكلب يثبت بالاجتهاد م: (فلا ينقض باجتهاد مثله) ش: كالقاضي إذا قضى في حادثة بالاجتهاد ثم أحدث له اجتهادا آخر في المستقبل فإنه يعمل في المستقبل بالحادث، ولا ينقض الماضي م:(لأن المقصود قد حصل بالأول) ش: أي بالاجتهاد الأول.
م: (بخلاف غير المحرز؛ لأنه ما حصل المقصود من كل وجه؛ لبقائه صيدا من وجه لعدم الإحراز) ش: تقريره أن الإباحة غير محكومة فيها بعد من كل وجه. قالا: إنما يحكم بها إذا خرج الصيد من الصيدية من كل وجه، وشيء من معناها باق، وهو أنه في المفازة بعد م:(فحرمناه احتياطا)
وله: أنه آية جهله من الابتداء؛ لأن الحرفة لا ينسى أصلها، فإذا أكل تبين أنه كان تركه الأكل للشبع لا للعلم وتبدل الاجتهاد قبل حصول المقصود
ــ
[البناية]
ش: أي إذا كان كذلك، فحرمناه بطريق الاحتياط.
فإن قلت: الصيد اسم للمتوحش المنفر، ولم يبق من هذا المعنى شيء؟.
قلت: بقي ما يلازمه وهو عدم الإحراز على أنا نقول: التنفر، والتوحش ليس بلازم للصيدية، فإن البيض صيد باعتبار ماله مع انعدام هذا المعنى فيه، فلا يكون هذا صيدا باعتبار ما كان بالطريق الأولى.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أنه آية جهله) ش: أي لأن أكله علامة جهله م: (من الابتداء) ش: أشار بهذا إلى أنه يحكم بجهله عنده مستندا، وعندهما مقتصرا، وبه قالت الثلاثة م:(لأن الحرفة لا ينسى أصلها) ش: هذا جواب عن نكتة غير مذكورة في الكتاب يحتجان بها: وهي أن الأكل في الحال لا يدل على كونه جاهلا في الماضي، لجواز أنه كان عاملا، إلا أنه جهل، والحرفة قد تنسى.
فأجاب: بأنه لو كان عالما لما جهل إذ أصل الحرفة لا تنسى، وإنما تنسى وقائعها بالترك كالخياطة ونحوها في الآدمي، وبه يتبين أن تركه الأكل كان للشبع لا للعلم، وهو معنى قوله م:(فإذا أكل تبين أنه كان تركه الأكل كان للشبع لا للعلم) ش: أي كان لأجل الشبع لا لكونه عالما.
ومن أصحابنا من حمل هذا الخلاف على أن الأكل كان مقارنا لزمان التعليم؛ لأنه إذا كان كذلك دل على فقد التعليم؛ لأن المدة القصيرة تنسى فيها، وإنما ترك الأكل فيما تقدم للشبع ولم يأكل. وأما إذا طالت المدة فيجوز أن يكون أكل للنسيان فلا يستدل بذلك على فقد التعليم في الأصل، فكذلك أكل.
وقال القدوري في "مختصره": وظاهر الرواية يقتضي: أنه لا يؤكل بكل حال، وذلك لأن الاصطياد ليس بعلم مكتسب، وإنما هو من الضرورات، ومثل ذلك لا ينسى، وإنما يضعف بالترك كالخياطة والرمي، فإذا أكل الكلب علم أنه لم يكن معلما في الأصل.
م: (وتبدل الاجتهاد قبل حصول المقصود) ش: هذا جواب عما قالا أو لأن فيما أحرزه وقد أمضى الحكم فيه بالاجتهاد، ولا حقيقة أن حكم الإباحة في المحرز إنما ثبت عند ترك الأكل، لأنها مبنية على كون الطلب معلما، وذلك ثابت بالاجتهاد على ما قال، فكان وهما واحتمالا، والموهوم يعتبر عند الضرورة، وذلك عند الأكل، فلم تكن الإباحة ثابتة قبله، فلو اعتبر هكذا بالاجتهاد لأدى إلى نقض حكم أي باجتهاد مثله، بل يؤدي إلى المنع، فصار كظهور اجتهاد