الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال - رحمة الله عليه -: وإذا أرسل كلبه المعلم أو بازيه وذكر اسم الله تعالى عند إرساله، فأخذ الصيد وجرحه فمات حل أكله لما روينا من حديث عدي رضي الله عنه. ولأن الكلب أو البازي آلة، والذبح لا يحصل بمجرد الآلة إلا بالاستعمال، وذلك فيهما بالإرسال، فنزل منزلة الرمي وإمرار السكين فلا بد من التسمية عنده، ولو تركه ناسيا حل أيضا على ما بيناه، وحرمة متروك التسمية عامدا في الذبائح، ولا بد من الجرح في ظاهر الرواية
ــ
[البناية]
[أرسل صيده وذكر اسم الله تعالى عند إرساله فأخذ الصيد وجرحه فمات]
م: (قال - رحمة الله عليه -: وإذا أرسل كلبه المعلم أو بازيه وذكر اسم الله تعالى عند إرساله فأخذ الصيد، وجرحه، فمات حل أكله) ش: أي قال القدوري في "مختصره": م: (لما روينا من حديث عدي رضي الله عنه) ش: حيث قال فيه: «إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه فكل» ، وقد ذكر شرط الإرسال والتسمية جميعا.
م: (ولأن الكلب والبازي آلة، والذبح لا يحصل بمجرد الآلة إلا بالاستعمال) ش: أي باستعمالهما للذبح، ولهذا قال: لو انقلب الصيد أو الشاة على سكين وأصاب مذبحها لا يحل؛ لأن الاستعمال لم يوجد م: (وذلك فيهما بالإرسال) ش: أي الاستعمال يكون بإرسال في الكلب، والبازي، فلا بد من الإرسال، وبه قالت الثلاثة، وأكثر أهل العلم.
وعن عطاء، والأوزاعي: يؤكل إذا أخرجه للصيد؛ لأن الإخراج له كالإرسال.
وقال إسحاق رحمه الله: إذا سمى عند انتقاله يباح صيده، ولو استرسل وسمى صاحبه وزاجره، وزاد في عدوه أبيح، وبه قال أحمد. وقال الشافعي: لا يباح لعدم الانزجار. وعن مالك كالمذهبين. قلنا: لما زجره صار كأنه أرسله، وكذا لو أرسله ثم سمى، وزجره فزاد في عدوه: أبيح صيده.
م: (فنزل منزلة الرمي، وإمرار السكين) ش: أي ترك الإرسال منزلة رمي الطير بالسهم، وإمرار السكين على حلق الشاة، فكذلك يشترط التسمية عند الإرسال، وهو معنى قوله: م: (فلا بد من التسمية عنده) ش: أي عند الإرسال م: (ولو تركه ناسيا حل أيضا) ش: أي: ولو ترك ذكر التسمية حال كونه ناسيا حل كما في وجود التسمية، وهو معنى قوله أيضا: م: (على ما بيناه) ش: أي على ما بينا أن ترك التسمية ناسيا لا يضر م: (وحرمة متروك التسمية عامدا) ش: ينصب حرمة عطف على الضمير المنصوب في بيناه، أي وعلى ما بينا حرمة متروك التسمية حال كون عامدا م:(في الذبائح) ش: يرجع إلى الاثنين.
م: (ولا بد من الجرح) ش: أي جرح الكلب الصيد، أو البازي، حتى لو قتله الكلب، أو البازي بلا جرح لا يحل، وكذا أذكره من غير جرح لا يحل م:(في ظاهر الرواية) ش: أشار به إلى رواية الزيادات حيث اشترط الجرح، وأشار في " الأصل " إلى: أنه يحل بذلك الجرح كما
ليتحقق الذكاة الاضطراري وهو الجرح في أي موضع كان من البدن بانتساب ما وجد من الآلة إليه بالاستعمال، وفي ظاهر قَوْله تَعَالَى:{وما علّمتم من الجوارح} [المائدة: 4](المائدة: الآية 4) ما يشير إلى اشتراط الجرح، إذ هو من الجرح بمعنى الجراحة في تأويل قوله فيحمل على الجارح الكاسب بنابه ومخلبه ولا تنافي، وفيه أخذ باليقين.
ــ
[البناية]
روي عن أبي يوسف، وهو قول عن الشافعي رحمه الله، وفي قول آخر: لا يحل كما في ظاهر الرواية، وبه قال مالك، وأحمد.
وفي " الذخيرة ": الفتوى على ظاهر الرواية، قال شيخ الإسلام: قال الشافعي في القديم: يؤكل، وإن قتل صيدا بلا جرح. والجرح ليس بشرط للإباحة، وقد روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة، وأبي يوسف في رواية الأصول مثل قول الشافعي في القديم م:(ليتحقق الذكاة الاضطراري وهو الجرح في أي موضع كان من البدن بانتساب ما وجد من الآلة إليه بالاستعمال) ش: تقريره أن الذكاة لا بد منه إما حقيقة أو حكما، وهاهنا يتعذر الذكاة الحقيقة فتقوم مكانها الذكاة الاضطرارية، فالذكاة الاضطرارية هي أن يوجد الجرح في أي موضع كان من بدن الصيد بانتساب ما وجد من آلة إليه، أي إلى الصيد باستعماله، يعني يكون استعمله مضافا إلى الصائد باعتبار الإرسال، وصار الإرسال كالذكاة، فلهذا اشترط التسمية، وأهلية المرسل عند ذلك فلا بد من الجرح ليكون ذكاة.
م: (وفي ظاهر قَوْله تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4] (المائدة: الآية 4) ما يشير إلى اشتراط الجرح إذ هو من الجرح بمعنى الجراحة في تأويل قوله) ش: ما يشير مبتدأ. وخبره قوله: في ظاهر الرواية، قوله: إذ هو، أي قوله في الجوارح مشتق من الجرح الذي بمعنى الجراحة لا بمعنى الجرح الذي بمعنى الكسب على أحد التأويلين، وقد ذكر أحدهما، وهو الجرح بمعنى الكسب فيما مضى، والآخر هذا م:(فيحمل على الجارح الكاسب) ش: أي إذا كان كذلك فيحمل الجارح الذي دل عليه قوله سبحانه وتعالى: {مِنَ الْجَوَارِحَ} [المائدة: 4] على أنه موصوف بصفتين، الجارح من الجرح بمعنى الجراحة، والكاسب م:(بنابه ومخلبه) ش: يتعلق باللفظين، أعني الجارح والكاسب، أي الجارح بنابه في السباع، ومخلبه في الطيور، والكاسب أيضا بنابه ومخلبه م:(ولا تنافي) ش: أي: ولا منافاة بين الجرح والكسب، فيحمل عليهما، يعني يجمع في معنى الآية بين التأويلين لعدم التنافي بينهما، وذلك لأن النص أورد فيه اختلاف المعاني، فإن كان بينهما تناف يحمل على أحدهما بدليل يوجب الترجيح.
وإن لم يكن بينهما تناف يثبت الجميع أخذا بالمتيقن، وهو معنى قوله: م: (وفيه أخذ باليقين) ش: أي في الجمع بين المعنيين غير المتنافيين أخذا باليقين، كما في قوله سبحانه وتعالى:
وعن أبي يوسف: أنه لا يشترط رجوعا إلى التأويل الأول، وجوابه ما قلنا. قال: فإن أكل منه الكلب أو الفهد لم يؤكل، وإن أكل منه البازي أكل، والفرق ما بنياه في دلالة التعليم وهو مؤيد بما روينا م: (حديث عدي رضي الله عنه وهو حجة على مالك رحمه الله وعلى الشافعي في قوله القديم في إباحة ما أكل الكلب منه.
ــ
[البناية]
{وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228](البقرة: الآية 228)، قيل: أريد به الحبل، وقيل: الحيض، والصحيح أنهما مرادان؛ لأنهما لا تنافي هاهنا، وفيه نظر؛ لأن الجرح إما أن يكون مشتركا بين الكسب والجرح، يعني الجراحة، أو يكون حقيقة في أحدهما مجازا في الآخر، والمشترك لا عموم له، والجمع بين الحقيقة والمجاز عندنا لا يجوز. بخلاف قوله سبحانه وتعالى:{مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] فإنه لفظ عام يتناول الجمع بالتعاطي. وقال الكاكي: لا يلزم ذلك؛ بل الجوارح أخص من الكواسب، فليتأمل ذلك.
م: (وعن أبي يوسف أنه لا يشترط) ش: أي الجرح م: (رجوعا إلى التأويل الأول) ش: وهو أن المراد من الجوارح الكواسب، فيحصل صيده بأي وجه كان لعموم النص. م:(وجوابه ما قلنا) ش: أي جواب قول أبي يوسف ما قلناه، أشار به إلى قوله: فيحمل على الجارح الكاسب، إلى آخره.
م: (قال: فإن كان أكل منه الكلب) ش: أي من الصيد م: (أو الفهد) ش: أي أكل الفهد م: (لم يؤكل، وإن أكل من البازي أكل والفرق) ش: بين المسألتين م: (ما بيناه في دلالة التعليم) ش: يعني أن التعليم شرط فيما يصاد به من الجوارح، وهو في الكلب يترك الأكل، وفي البازي بالإجابة، وقد مر بيانه مستوفى م:(وهو) ش: أي الفرق م: (مؤيد بما روينا من حديث عدي رضي الله عنه) ش: لأنه صلى الله عليه وسلم قال فيه: «وإن أكل منه فلا تأكل» م: (وهو حجة) ش: أي حديث عدي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حجة م: (على مالك رحمه الله، وعلى الشافعي في قوله القديم في إباحة ما أكل الكلب منه) ش: وهو قول ربيعة رضي الله عنه أيضا.
واحتجوا بما روى أبو ثعلبة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه فكل» ورواه أبو داود.
وقلنا: حديث عدي متفق عليه، فكان أولى بالتقديم؛ ولأنه متضمن الزيادة، وهو ذكر الحكم معللا.