المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أرسل صيده وذكر اسم الله تعالى عند إرساله فأخذ الصيد وجرحه فمات] - البناية شرح الهداية - جـ ١٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأضحية

- ‌[تعريف الأضحية]

- ‌[حكم الأضحية]

- ‌«من وجد سعة ولم يضح

- ‌[على من تجب الأضحية]

- ‌[الأضحية عن نفس المكلف]

- ‌[من تجزيء عنه الأضحية وحكم الإشتراك في الأضحية]

- ‌[إذا ذبحت البقرة عن خمس أو ستة أو ثلاثة هل تجزئهم]

- ‌[الأضحية عن أهل بيت واحد وإن كانوا أكثر من سبعة]

- ‌ اشترى بقرة يريد أن يضحي بها عن نفسه، ثم اشترك فيها ستة معه

- ‌وقت الأضحية

- ‌[الأضحية على الفقير والمسافر]

- ‌[سافر رجل فأمر أهله وهم في المصر أن يضحوا عنه]

- ‌ ضحى بعدما صلى أهل المسجد، ولم يصل أهل الجبانة

- ‌[أيام النحر وأفضل هذه الأيام]

- ‌ لم يضح حتى مضت أيام النحر

- ‌[وقت ذبح الأضحية]

- ‌[مالا يجزئ في الأضحية]

- ‌[التضحية بالعمياء]

- ‌[التضحية بمقطوعة الأذن والذنب]

- ‌[التضحية بالشاة التي ذهب أكثر أذنيها]

- ‌[التضحية بالجماء]

- ‌[التضحية بالخصي]

- ‌[التضحية بالجرباء والثولاء]

- ‌[التضحية بالسكاء]

- ‌[أوجب على نفسه أضحية بغير عينها فاشترى صحيحة ثم تعيبت]

- ‌[ما يجزئ في الأضحية من الأنعام]

- ‌[التضحية بالمولود بين الأهلي والوحشي]

- ‌[الأكل من الأضحية]

- ‌ أجرة الجزار

- ‌[ما يستحب في الأضحية]

- ‌ غصب شاة فضحى بها

- ‌كتاب الكراهية

- ‌ معنى المكروه

- ‌ فصل في الأكل والشرب

- ‌ الأكل والشرب والادهان والتطيب في آنية الذهب، والفضة

- ‌ الشرب في الإناء المفضض

- ‌[أرسل أجيرا له فاشترى لحما فقال اشتريته من يهودي أو نصراني أو مسلم]

- ‌ الإخبار بنجاسة الماء

- ‌[يدعى إلى الوليمة والطعام فيجد ثمة اللعب والغناء]

- ‌فصل في اللبس

- ‌[لبس الحرير للرجال]

- ‌[العلم في عرض الثوب]

- ‌[توسد الحرير والنوم عليه]

- ‌لبس الحرير والديباج في الحرب

- ‌[ما سداه حرير ولحمته غير حرير كالقطن والخز لبسه في الحرب وغيره]

- ‌[لبس ما كان لحمته حريرا وسداه غير حرير]

- ‌[التحلي بالذهب للرجال]

- ‌[التختم بالحجر والحديد والصفر]

- ‌التختم بالذهب على الرجال

- ‌[شد الأسنان بالذهب الفضة]

- ‌ الخرقة التي تحمل فيمسح بها العرق

- ‌فصل: في الوطء والنظر واللمس

- ‌[النظر إلى وجه الأجنبية وكفيها]

- ‌[مصافحة العجوز التي لا تشتهى ولمس يدها]

- ‌[نظر القاضي للمرأة للحكم عليها]

- ‌[نظر الخاطب]

- ‌[نظر الطبيب للمرأة الأجنبية]

- ‌ النظر إلى موضع الاحتقان من الرجل

- ‌[ما ينظر إليه الرجل من الرجل]

- ‌[عورة الرجل]

- ‌[والفخذ هل تعتبر عورة أم لا]

- ‌ما يباح النظر إليه للرجل من الرجل

- ‌ نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي

- ‌[ما تنظر إليه المرأة من الرجل الرجل]

- ‌نظر المرأة من المرأة

- ‌نظر الرجل من أمته التي تحل له وزوجته

- ‌نظر الرجل من ذوات محارمه

- ‌[يمس الموضع الذي يجوز له النظر إلى ذلك الموضع من ذوات المحارم]

- ‌ الزنا بذوات المحارم

- ‌نظر الرجل من مملوكة غيره

- ‌[النظر إلى ظهر الأمة الأجنبية]

- ‌[مس الأمة إذا أراد شراءها]

- ‌[نظر الخصي إلى الأجنبية]

- ‌[نظر المجبوب إلى الأجنبية]

- ‌[نظر المخنث إلى الأجنبية]

- ‌[نظر العبد إلى سيدته]

- ‌[العزل عن الأمة بغير إذنها]

- ‌فصل في الاستبراء وغيره

- ‌[تعريف الاستبراء]

- ‌[على من يجب الاستبراء]

- ‌[الاستبراء إذا كانت الأمة المشتراة بكرا لم توطأ]

- ‌[استبراء الحامل]

- ‌[الحيلة في إسقاط الاستبراء]

- ‌[لمس المظاهر وتقبيله قبل التكفير]

- ‌ له أمتان أختان فقبلهما بشهوة

- ‌ الجمع بين الأختين المملوكتين

- ‌ يقبل الرجل فم الرجل أو يده أو شيئا منه، أو يعانقه

- ‌ المعانقة في إزار واحد

- ‌[تقبيل الأرض بين يدي العلماء]

- ‌فصل في البيع

- ‌ ببيع السرقين

- ‌ الانتفاع بالمخلوط

- ‌[بيع وشراء الصبي]

- ‌[أخبرها ثقة أو غيره أن زوجها الغائب مات عنها أو طلقها ثلاثا]

- ‌[قالت انقضت عدتي وتزوجت بآخر ودخل بي ثم طلقني وانقضت عدتي]

- ‌ الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم

- ‌ تلقي الركبان»

- ‌ احتكر غلة ضيعته أو ما جلبه من بلد آخر

- ‌[تسعير الوالي]

- ‌عجز القاضي عن صيانة حقوق المسلمين إلا بالتسعير

- ‌هل يبيع القاضي على المحتكر طعامه من غير رضاه

- ‌ بيع السلاح في أيام الفتنة

- ‌ ببيع العصير ممن يعلم أنه يتخذه خمرا

- ‌ أجر بيتا ليتخذ فيه بيت نار

- ‌[استأجر من مسلم دابة أو سفينة لينقل عليها خمرا]

- ‌[بيع أرض مكة]

- ‌[إجارة بيوت مكة]

- ‌[وضع درهما عند بقال يأخذ منه ما يشاء]

- ‌مسائل متفرقة

- ‌ التعشير والنقط في المصحف

- ‌تحلية المصحف

- ‌[دخول أهل الذمة المسجد الحرام]

- ‌ استخدام الخصيان

- ‌خصاء البهائم

- ‌إنزاء الحمير على الخيل

- ‌عيادة اليهودي والنصراني

- ‌ يقول الرجل في دعائه: أسألك بمعقد العز من عرشك

- ‌ اللعب بالشطرنج والنرد

- ‌قبول هدية العبد التاجر

- ‌[قبض الملتقط اللقيط الهبة أو الصدقة]

- ‌[حكم إجارة الملتقط]

- ‌[الرجل يجعل في عنق عبده الراية]

- ‌[حكم التداوي]

- ‌[حكم رزق القاضي]

- ‌[سفر الأمة وأم الولد بغير محرم]

- ‌كتاب إحياء الموات

- ‌[تعريف إحياء الموات]

- ‌[شرط إحياء الموات]

- ‌[من أحيا أرضا ميتة هل يملك رقبتها]

- ‌[الذمي هل يملك بالإحياء في دار الإسلام]

- ‌ حجر أرضا ولم يعمرها ثلاث سنين

- ‌ إحياء ما قرب من العامر

- ‌ احتفر آخر بئرا في حد حريم الأولى

- ‌[حفر الثاني بئرا وراء حريم الأولى فذهب ماء البئر الأولى]

- ‌[الانتفاع في البئر بالحريم]

- ‌ تنازعا في مصراع باب ليس في يدهما

- ‌فصول في مسائل الشرب

- ‌الانتفاع بماء البحر

- ‌[الشركة في الماء والكلأ والنار]

- ‌[الشركة في الماء المحرز في الأواني]

- ‌[النهر في ملك رجل أيمنعه ممن يريد الشفه]

- ‌[يرد من الإبل والمواشي كثرة ينقطع الماء بشربها ألصاحب النهر المملوك منعه]

- ‌[أراد أن يسقي شجرا أو خضرا في داره حملا بجراره من نهر غيره]

- ‌فصل في كري الأنهار

- ‌[أحكام كري الأنهار]

- ‌[ومؤنة كري النهر المشترك على من تكون]

- ‌[من له مسيل على سطح غيره هل له عمارته]

- ‌فصل في الدعوى والاختلاف والتصرف فيه

- ‌[حكم دعوى الشرب بغير أرض]

- ‌ نهر لرجل يجري في أرض غيره فأراد صاحب الأرض أن لا يجري النهر في أرضه

- ‌[نهر بين قوم اختصموا في الشرب منه]

- ‌ تراضوا على أن يسكر الأعلى النهر حتى يشرب بحصته

- ‌[اتخاذ القنطرة علي النهر]

- ‌[المتصرف في ملكه إذا أضر بغيره]

- ‌ مبادلة الشرب بالشرب

- ‌[حكم الوصية بالشرب]

- ‌[تزوج امرأة على شرب بغير أرض]

- ‌[ادعى شيئا ثم صالح على شرب بدون أرض]

- ‌[كانت في أرضه جحر فأر فتعدى إلى أرض جاره فغرقت أرض جاره]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌ الأشربة المحرمة

- ‌[تعريف الأشربة]

- ‌[من الأشربة المحرمة الخمر]

- ‌[من الأشربة المحرمة العصير]

- ‌[من الأشربة المحرمة نقيع التمر]

- ‌[علة تحريم قليل الخمر]

- ‌[نجاسة الخمر]

- ‌ الانتفاع بالنجس

- ‌[سقوط مالية الخمر]

- ‌[الحد في شرب الخمر]

- ‌[الخمر إذا طبخت حتى ذهب ثلثاها]

- ‌[تخليل الخمر]

- ‌[نقيع التمر وما يتخذ من التمر]

- ‌[من الأشربة المحرمة نقيع الزبيب]

- ‌[بيع الأشربة المحرمة]

- ‌[السكر من لبن الرماك]

- ‌[شرب الخليطان نقيع التمر ونقيع الزبيب]

- ‌[شرب نبيذ العسل والتين ونبيذ الحنطة والذرة والشعير]

- ‌هل يحد في المتخذ من الحبوب إذا سكر منه

- ‌[المتخذ من الألبان إذا اشتد هل يحد بشربه]

- ‌[حكم شرب عصير العنب إذا طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه]

- ‌[الحكمة من تحريم الخمر]

- ‌[طبخ ماء العنب بعد عصر العنب]

- ‌ جمع بين عصير العنب ونقيع التمر

- ‌[جمع في الطبخ بين العنب والتمر وبين التمر والزبيب]

- ‌ طبخ نقيع التمر والزبيب أدنى طبخة، ثم أنقع فيه تمرا أو زبيبا

- ‌ طبخ الخمر أو غيره بعد الاشتداد حتى يذهب ثلثاه

- ‌الانتباذ في الدباء والحنتم والمزفت والنقير

- ‌ شرب دردي الخمر

- ‌فصل في طبخ العصير

- ‌[كيفية طبخ العصير إلى أن يذهب ثلثاه]

- ‌كتاب الصيد

- ‌[تعريف الصيد]

- ‌فصل في الجوارح

- ‌ الاصطياد بالكلب المعلم والفهد والبازي وسائر الجوارح المعلمة

- ‌تعليم الكلب

- ‌[أرسل صيده وذكر اسم الله تعالى عند إرساله فأخذ الصيد وجرحه فمات]

- ‌[الكلب صاد صيودا ولم يأكل منها شيئا ثم أكل من صيد]

- ‌ أخذ الصيد من المعلم ثم قطع منه قطعة وألقاها إليه فأكلها

- ‌ أدرك المرسل الصيد حيا

- ‌ أرسل كلبه المعلم على صيد وأخذ غيره

- ‌ أرسله على صيد كثير وسمى مرة واحدة حالة الإرسال

- ‌ شاركه كلب غير معلم أو كلب مجوسي أو كلب لم يذكر اسم الله عليه يريد به عمدا

- ‌فصل في الرمي

- ‌ حس صيد فرماه أو أرسل كلبا أو بازيا عليه فأصاب صيدا

- ‌[التسمية عند الرمي]

- ‌ رمى صيدا فوقع في الماء أو وقع على سطح أو جبل ثم تردى منه إلى الأرض

- ‌[رمي بالمعراض الصيد فأصيب]

- ‌[رمى الصيد بقفاء السكين أو بمقبض السيف أو بالحديد]

- ‌ صيد المجوسي والمرتد والوثني

- ‌[رمى صيدا فأصابه ولم يثخنه فرماه آخر فقتله]

- ‌[صيد ما يؤكل لحمه من الحيوان وما لا يؤكل]

- ‌كتاب الرهن

- ‌[تعريف الرهن]

- ‌[انعقاد الرهن]

- ‌[سلم الراهن الرهن إلى المرتهن فقبضه]

- ‌[الرهن بالدرك]

- ‌ تعدى المرتهن في الرهن

- ‌باب في بيان ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز

- ‌ رهن المشاع

- ‌[رهن ثمرة على رؤوس النخل دون النخل]

- ‌ رهن الدار بما فيها

- ‌ والرهن بالدرك

- ‌الرهن بالمبيع

- ‌ رهن الحر والمدبر والمكاتب وأم الولد

- ‌[اشترى عبدا ورهن بثمنه عبدا ثم ظهر العبد حرا]

- ‌ رهن الدراهم والدنانير والمكيل والموزون

- ‌ باع عبدا على أن يرهنه المشتري شيئا بعينه

- ‌ رهن عبدين بألف فقبض حصة أحدهما

- ‌[فصل في رهن العبدين بقيمة معينة فيقبض حصة أحدهما]

- ‌[رهن رجلان بدين عليهما رجلا رهنا واحدا]

الفصل: ‌[أرسل صيده وذكر اسم الله تعالى عند إرساله فأخذ الصيد وجرحه فمات]

قال - رحمة الله عليه -: وإذا أرسل كلبه المعلم أو بازيه وذكر اسم الله تعالى عند إرساله، فأخذ الصيد وجرحه فمات حل أكله لما روينا من حديث عدي رضي الله عنه. ولأن الكلب أو البازي آلة، والذبح لا يحصل بمجرد الآلة إلا بالاستعمال، وذلك فيهما بالإرسال، فنزل منزلة الرمي وإمرار السكين فلا بد من التسمية عنده، ولو تركه ناسيا حل أيضا على ما بيناه، وحرمة متروك التسمية عامدا في الذبائح، ولا بد من الجرح في ظاهر الرواية

ــ

[البناية]

[أرسل صيده وذكر اسم الله تعالى عند إرساله فأخذ الصيد وجرحه فمات]

م: (قال - رحمة الله عليه -: وإذا أرسل كلبه المعلم أو بازيه وذكر اسم الله تعالى عند إرساله فأخذ الصيد، وجرحه، فمات حل أكله) ش: أي قال القدوري في "مختصره": م: (لما روينا من حديث عدي رضي الله عنه) ش: حيث قال فيه: «إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه فكل» ، وقد ذكر شرط الإرسال والتسمية جميعا.

م: (ولأن الكلب والبازي آلة، والذبح لا يحصل بمجرد الآلة إلا بالاستعمال) ش: أي باستعمالهما للذبح، ولهذا قال: لو انقلب الصيد أو الشاة على سكين وأصاب مذبحها لا يحل؛ لأن الاستعمال لم يوجد م: (وذلك فيهما بالإرسال) ش: أي الاستعمال يكون بإرسال في الكلب، والبازي، فلا بد من الإرسال، وبه قالت الثلاثة، وأكثر أهل العلم.

وعن عطاء، والأوزاعي: يؤكل إذا أخرجه للصيد؛ لأن الإخراج له كالإرسال.

وقال إسحاق رحمه الله: إذا سمى عند انتقاله يباح صيده، ولو استرسل وسمى صاحبه وزاجره، وزاد في عدوه أبيح، وبه قال أحمد. وقال الشافعي: لا يباح لعدم الانزجار. وعن مالك كالمذهبين. قلنا: لما زجره صار كأنه أرسله، وكذا لو أرسله ثم سمى، وزجره فزاد في عدوه: أبيح صيده.

م: (فنزل منزلة الرمي، وإمرار السكين) ش: أي ترك الإرسال منزلة رمي الطير بالسهم، وإمرار السكين على حلق الشاة، فكذلك يشترط التسمية عند الإرسال، وهو معنى قوله: م: (فلا بد من التسمية عنده) ش: أي عند الإرسال م: (ولو تركه ناسيا حل أيضا) ش: أي: ولو ترك ذكر التسمية حال كونه ناسيا حل كما في وجود التسمية، وهو معنى قوله أيضا: م: (على ما بيناه) ش: أي على ما بينا أن ترك التسمية ناسيا لا يضر م: (وحرمة متروك التسمية عامدا) ش: ينصب حرمة عطف على الضمير المنصوب في بيناه، أي وعلى ما بينا حرمة متروك التسمية حال كون عامدا م:(في الذبائح) ش: يرجع إلى الاثنين.

م: (ولا بد من الجرح) ش: أي جرح الكلب الصيد، أو البازي، حتى لو قتله الكلب، أو البازي بلا جرح لا يحل، وكذا أذكره من غير جرح لا يحل م:(في ظاهر الرواية) ش: أشار به إلى رواية الزيادات حيث اشترط الجرح، وأشار في " الأصل " إلى: أنه يحل بذلك الجرح كما

ص: 415

ليتحقق الذكاة الاضطراري وهو الجرح في أي موضع كان من البدن بانتساب ما وجد من الآلة إليه بالاستعمال، وفي ظاهر قَوْله تَعَالَى:{وما علّمتم من الجوارح} [المائدة: 4](المائدة: الآية 4) ما يشير إلى اشتراط الجرح، إذ هو من الجرح بمعنى الجراحة في تأويل قوله فيحمل على الجارح الكاسب بنابه ومخلبه ولا تنافي، وفيه أخذ باليقين.

ــ

[البناية]

روي عن أبي يوسف، وهو قول عن الشافعي رحمه الله، وفي قول آخر: لا يحل كما في ظاهر الرواية، وبه قال مالك، وأحمد.

وفي " الذخيرة ": الفتوى على ظاهر الرواية، قال شيخ الإسلام: قال الشافعي في القديم: يؤكل، وإن قتل صيدا بلا جرح. والجرح ليس بشرط للإباحة، وقد روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة، وأبي يوسف في رواية الأصول مثل قول الشافعي في القديم م:(ليتحقق الذكاة الاضطراري وهو الجرح في أي موضع كان من البدن بانتساب ما وجد من الآلة إليه بالاستعمال) ش: تقريره أن الذكاة لا بد منه إما حقيقة أو حكما، وهاهنا يتعذر الذكاة الحقيقة فتقوم مكانها الذكاة الاضطرارية، فالذكاة الاضطرارية هي أن يوجد الجرح في أي موضع كان من بدن الصيد بانتساب ما وجد من آلة إليه، أي إلى الصيد باستعماله، يعني يكون استعمله مضافا إلى الصائد باعتبار الإرسال، وصار الإرسال كالذكاة، فلهذا اشترط التسمية، وأهلية المرسل عند ذلك فلا بد من الجرح ليكون ذكاة.

م: (وفي ظاهر قَوْله تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4] (المائدة: الآية 4) ما يشير إلى اشتراط الجرح إذ هو من الجرح بمعنى الجراحة في تأويل قوله) ش: ما يشير مبتدأ. وخبره قوله: في ظاهر الرواية، قوله: إذ هو، أي قوله في الجوارح مشتق من الجرح الذي بمعنى الجراحة لا بمعنى الجرح الذي بمعنى الكسب على أحد التأويلين، وقد ذكر أحدهما، وهو الجرح بمعنى الكسب فيما مضى، والآخر هذا م:(فيحمل على الجارح الكاسب) ش: أي إذا كان كذلك فيحمل الجارح الذي دل عليه قوله سبحانه وتعالى: {مِنَ الْجَوَارِحَ} [المائدة: 4] على أنه موصوف بصفتين، الجارح من الجرح بمعنى الجراحة، والكاسب م:(بنابه ومخلبه) ش: يتعلق باللفظين، أعني الجارح والكاسب، أي الجارح بنابه في السباع، ومخلبه في الطيور، والكاسب أيضا بنابه ومخلبه م:(ولا تنافي) ش: أي: ولا منافاة بين الجرح والكسب، فيحمل عليهما، يعني يجمع في معنى الآية بين التأويلين لعدم التنافي بينهما، وذلك لأن النص أورد فيه اختلاف المعاني، فإن كان بينهما تناف يحمل على أحدهما بدليل يوجب الترجيح.

وإن لم يكن بينهما تناف يثبت الجميع أخذا بالمتيقن، وهو معنى قوله: م: (وفيه أخذ باليقين) ش: أي في الجمع بين المعنيين غير المتنافيين أخذا باليقين، كما في قوله سبحانه وتعالى:

ص: 416

وعن أبي يوسف: أنه لا يشترط رجوعا إلى التأويل الأول، وجوابه ما قلنا. قال: فإن أكل منه الكلب أو الفهد لم يؤكل، وإن أكل منه البازي أكل، والفرق ما بنياه في دلالة التعليم وهو مؤيد بما روينا م: (حديث عدي رضي الله عنه وهو حجة على مالك رحمه الله وعلى الشافعي في قوله القديم في إباحة ما أكل الكلب منه.

ــ

[البناية]

{وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228](البقرة: الآية 228)، قيل: أريد به الحبل، وقيل: الحيض، والصحيح أنهما مرادان؛ لأنهما لا تنافي هاهنا، وفيه نظر؛ لأن الجرح إما أن يكون مشتركا بين الكسب والجرح، يعني الجراحة، أو يكون حقيقة في أحدهما مجازا في الآخر، والمشترك لا عموم له، والجمع بين الحقيقة والمجاز عندنا لا يجوز. بخلاف قوله سبحانه وتعالى:{مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] فإنه لفظ عام يتناول الجمع بالتعاطي. وقال الكاكي: لا يلزم ذلك؛ بل الجوارح أخص من الكواسب، فليتأمل ذلك.

م: (وعن أبي يوسف أنه لا يشترط) ش: أي الجرح م: (رجوعا إلى التأويل الأول) ش: وهو أن المراد من الجوارح الكواسب، فيحصل صيده بأي وجه كان لعموم النص. م:(وجوابه ما قلنا) ش: أي جواب قول أبي يوسف ما قلناه، أشار به إلى قوله: فيحمل على الجارح الكاسب، إلى آخره.

م: (قال: فإن كان أكل منه الكلب) ش: أي من الصيد م: (أو الفهد) ش: أي أكل الفهد م: (لم يؤكل، وإن أكل من البازي أكل والفرق) ش: بين المسألتين م: (ما بيناه في دلالة التعليم) ش: يعني أن التعليم شرط فيما يصاد به من الجوارح، وهو في الكلب يترك الأكل، وفي البازي بالإجابة، وقد مر بيانه مستوفى م:(وهو) ش: أي الفرق م: (مؤيد بما روينا من حديث عدي رضي الله عنه) ش: لأنه صلى الله عليه وسلم قال فيه: «وإن أكل منه فلا تأكل» م: (وهو حجة) ش: أي حديث عدي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حجة م: (على مالك رحمه الله، وعلى الشافعي في قوله القديم في إباحة ما أكل الكلب منه) ش: وهو قول ربيعة رضي الله عنه أيضا.

واحتجوا بما روى أبو ثعلبة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه فكل» ورواه أبو داود.

وقلنا: حديث عدي متفق عليه، فكان أولى بالتقديم؛ ولأنه متضمن الزيادة، وهو ذكر الحكم معللا.

ص: 417