الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن النهر لا ينتفع به إلا بالحريم لحاجته إلى المشي لتسييل الماء، ولا يمكنه المشي عادة في بطن النهر وإلى إلقاء الطين، ولا يمكنه النقل إلى مكان بعيد إلا بحرج فيكون له الحريم اعتبارا بالبئر. وله: أن القياس يأباه على ما ذكرناه، وفي البئر عرفناه بالأثر والحاجة إلى الحريم فيه فوقها إليه في النهر؛ لأن الانتفاع بالماء في النهر ممكن بدون الحريم،
، ولا يمكن في البئر إلا بالاستقاء، ولا استقاء إلا بالحريم فتعذر الإلحاق.
ــ
[البناية]
وقال عامتهم: الصواب أنه يستحق للنهر حريما بالإجماع استدلالا بنص صاحب الشرع في حريم البئر؛ لأن النهر لا يستغني عن الحريم، كما لا يستغني البئر عنه.
وإنما اختلف أبو حنيفة وصاحباه في وضع الاشتباه وهو أن يكون الحريم موازنا للأرض لا فاصل بينهما، وأن لا يكون الحريم مشغولا بحق أحدهما كالطين والغرس. وأما إذا كان مشغولا بحق أحدهما فهو أحق به بالإجماع؛ لأنه ظهرت يده عليه بالشغل. وقال فخر الدين قاضي خان: وكذلك إذا كانت المسناة ترتفع من الأرض فهي لصاحب النهر؛ لأن الظاهر أن ارتفاعه لإلقاء طينه.
م: (لأن النهر لا ينتفع به إلا بالحريم لحاجته إلى المشي لتسييل الماء، ولا يمكنه المشي عادة في بطن النهر) ش: أي ولا يمكنه المشي في باطن النهر عادة، وهذا ظاهر م:(وإلى إلقاء الطين) ش: أي وحاجته إلى إلقاء طين النهر م: (ولا يمكنه النقل إلى مكان بعيد إلا بحرج، فيكون له الحريم اعتبارا بالبئر) ش: أي قياسا على حريم البئر.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله: م: (أن القياس يأباه لما ذكرناه) ش: أي يأتي، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:«من حفر بئرا فله مما حولها أربعون ذراعا» . م: (وفي البئر عرفناه بالأثر والحاجة إلى الحريم فيه) ش: أي في البئر، والتذكير باعتبار القليب أو الجب م:(فوقها إليه في النهر) ش: أي فوق الحاجة إلى الحريم في النهر، وهذا جواب عمن قاس النهر على البئر، تقريره: أن الحاجة في النهر متحققة في الحال، وفي النهر موهومة باعتبار الإكراء، وقد لا يحتاج إليه، والانتفاع في البئر لا يأتي بدون الحريم، وفي النهر يتأتى م:(لأن الانتفاع بالماء في النهر ممكن بدون الحريم) ش: غير أنه يلحقه بعض الحرج في نقل الطين والمشي في وسطه.
[الانتفاع في البئر بالحريم]
م: (ولا يمكن في البئر إلا بالاستقاء) ش: أي لا يمكن الانتفاع في البئر إلا بنزح الماء م: (ولا استقاء إلا بالحريم) ش: لأنه يحتاج إلى مد الحبل ودوران الحيوان ونحوهما م: (فتعذر الإلحاق) ش: إذا كان ذلك يتعذر إلحاق النهر بالبئر، لأن البئر منصوصة، والنهر غير منصوص، فأخذنا فيه بالقياس. ألا ترى أن من بنى قصرا في مفازة لا يستحق بذلك حريما وإن كان يحتاج إلى ذلك لإلقاء الكناسة فيه لعدم ورود النص، إذ الحريم عندهما اعتبار، أي من حيث اعتبار الاستحقاق
ووجه البناء أن باستحقاق الحريم تثبت اليد عليه اعتبارا تبعا للنهر والقول لصاحب اليد وبعدم استحقاقه تنعدم اليد، والظاهر يشهد لصاحب الأرض على ما نذكره إن شاء الله تعالى، وإن كانت مسألة مبتدأة، فلهما: أن الحريم في يد صاحب النهر باستمساكه الماء به، ولهذا لا يملك صاحب الأرض نقضه، وله: أنه أشبه بالأرض صورة، ومعنى أما صورة فلاستوائهما،
ــ
[البناية]
لا حقيقة، لأن حقيقة أن يكون طينة ملقى فيه يحتاج إلى التقدير، فنصب المقادير لا يكون بالرأي، كذا في " المبسوط ".
م: (ووجه البناء) ش: أي وجه بناء مسألة المختصر على مسألة من أحيا نهرا على المذهبين بالرأي، كذا في " المبسوط ": م: (أن باستحقاق الحريم تثبت اليد عليه اعتبارا تبعا للنهر) ش: أي لأجل التبعية للنهر الذي عليه اليد حقيقة م: (والقول لصاحب اليد) ش: في المنازعة، وقوله ووجه البناء إلى ها هنا من جهة أبي يوسف ومحمد وقوله م:(وبعدم استحقاقه تنعدم اليد، والظاهر يشهد لصاحب الأرض على ما نذكره إن شاء الله تعالى من جهة أبي حنيفة رحمه الله أي وبعدم استحقاق صاحب النهر الحريم تنعدم اليد) ش: أي يد صاحب النهر على الحريم، والظاهر يشهد لصاحب الأرض، يعني الحريم. وإن اتصل بالنهر أيضا فالظاهر أنه لصاحب الأرض فالقول لمن يشهد له الظاهر.
والتحقيق في هذا الموضع: أن عند أبي حنيفة إذا لم يكن له حريم فيما إذا أحيا نهرا في أرض موات بإذن الإمام ولم يكن مدعي الحريم صاحب اليد في الحريم، فلا يكون الحريم له، بل يكون لصاحب الأرض، لأنه أشبه بالأرض، فيكون الظاهر يشهد له. وعندهما كان له حريم تبعا للنهر، فإذا ثبتت يده يكون القول لصاحب اليد.
م: (وإن كانت مسألة مبتدأة) ش: يعني وإن كان مسألة من له نهر في حريم غيره مسألة ابتدائية غير مبنية على مسألة من أحيا نهرا في أرض موات م: (فلهما) ش: أي فلأبي يوسف ومحمد -رحمهما الله - م: (أن الحريم في يد صاحب النهر باستمساكه الماء به) ش: أي بالحريم، فيكون مستعملا لحريم النهر والاستعمال يد، فباعتبار أنه في يده جعل القول قوله كما لو تنازعا في ثوب وأحدهما لابسه م:(ولهذا لا يملك صاحب الأرض نقضه) ش: أي ولأجل ذلك لا يملك صاحب الأرض نقض الحريم.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أنه) ش: أي أن الحريم م: (أشبه بالأرض صورة ومعنى) ش: أي من حيث الصورة ومن حيث المعنى م: (أما صورة فلاستوائهما) ش: أي أما الصورة فلاستواء الأرض، وأشار بهذا إلى أن الخلاف فيما إذا لم يكن المسناة مرتفعة على الأرض، فأما إذا كانت المسناة أرفع من الأرض فهي لصاحب النهر إذ الظاهر أن ارتفاعها لإلقاء طينه م: