الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
والرهن بالدرك
باطل، والكفالة بالدرك جائزة. والفرق أن الرهن للاستيفاء ولا استيفاء قبل الوجوب، وإضافة التمليك إلى زمان في المستقبل لا تجوز. أما الكفالة فلالتزام المطالبة والتزام الأفعال يصح مضافا إلى المال كما في الصوم والصلاة. ولهذا تصح الكفالة بما ذاب له على فلان ولا يصح الرهن، فلو قبضه قبل الوجوب فهلك عنده يهلك أمانة؛ لأنه لا عقد حيث وقع باطلا. بخلاف الرهن بالدين الموعود، وهو أن يقول: رهنتك هذا لتقرضني ألف درهم، وهلك في يد المرتهن حيث يهلك بما سمى من المال بمقابلته
ــ
[البناية]
[والرهن بالدرك]
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (والرهن بالدرك باطل) ش: وبه قالت الأئمة الثلاثة رحمهم الله، وصورته: أن يأخذ المشتري من البائع رهنا بالثمن لو أدركه درك فإنه باطل، حتى إذا حبس الرهن فهلك عنده هلك أمانة حل إدراك أو لم يحل، والدرك في اللغة: عبارة عن التبعية من كل شيء ويراد به ضمان الثمن عند استحقاق المبيع م: (والكفالة بالدرك جائزة) ش: بلا خلاف إلا في قول الشافعي: لا يصح، وأحمد في رواية.
م: (والفرق) ش: بين الدركين م: (أن الرهن للاستيفاء ولا استيفاء قبل الوجوب) ش: أي قبل وجوب الحق م: (وإضافة التمليك إلى زمان في المستقبل لا تجوز) ش: بيانه أن الرهن فيه معنى التمليك، لأن الارتهان استيفاء، والرهن إيفاء، فكان فيه معنى المبادلة، والتمليك لا يصح تعليقها بالأخطار م:(أما الكفالة فلالتزام المطالبة) ش: يعني عقد التزام م: (والتزام الأفعال يصح مضافا إلى المال) ش: أي إلى زمان الاستقبال م: (كما في الصوم والصلاة) ش: يعني لو نذر بالصوم والصلاة يصح. وكذا لو نذر بالصدقة فإنها يحتمل تعليقا بالخطر، ويحتمل الإضافة إلى زمان الاستقبال.
م: (ولهذا) ش: أي ولأجل كون الكفالة التزام المطالبة وصحة التزام الأفعال مضاف إلى المال م: (تصح الكفالة بما ذاب له على فلان) ش: أي بما وجب له أو ظهر له ولم يجز الرهن بما تذوب له عليه، وهو معنى قوله: م: (ولا يصح الرهن، فلو قبضه قبل الوجوب) ش: أي فلو قبض المشتري الرهن في الدرك قبل حلول الدرك م: (فهلك عنده يهلك أمانة) ش: وكذا لو هلك بعد حلول الدرك م: (لأنه لا عقد حيث وقع باطلا) ش: أي لأن الشأن لا عقد للرهن، لكونه باطلا فلا ضمان.
م: (بخلاف الرهن بالدين الموعود) ش: متصل بقوله يهلك أمانة عسى أنه لا يهلك أمانة، بل يهلك مضمونا. وبين المصنف صورة الدين الموعود بقوله م:(وهو أن يقول: رهنتك هذا لتقرضني ألف درهم، وهلك في يد المرتهن حيث يهلك بما سمى من المال بمقابلته) ش: أي بمقابلة الرهن. قال الأترازي: وفيه تسامح، لأنه يهلك بالأقل من قيمته، ومما سمى له من القيمة. ثم
لأن الموعود جعل كالموجود باعتبار الحاجة، ولأنه مقبوض بجهة الرهن الذي يصح على اعتبار وجوده، فيعطى كله حكمه كالمقبوض على سوم الشراء فيضمنه. قال: ويصح الرهن برأس مال السلم وبثمن الصرف والمسلم فيه. وقال زفر رحمه الله: لا يجوز؛ لأن حكمه الاستيفاء، وهذا استبدال لعدم المجانسة وباب الاستبدال فيها مسدود. ولنا: أن المجانسة ثابتة في المالية، فيتحقق الاستيفاء من حيث المال وهو المضمون
ــ
[البناية]
نقل عن الإمام الأسبيجابي أنه قال: هكذا في " شرح الطحاوي " م: (لأن الموعود جعل كالموجود) ش: في حالة عقد الرهن م: (باعتبار الحاجة) ش: فإن الرجل يحتاج إلى استقراض شيء، وصاحب المال لا يعطيه قبل قبض الرهن، فيجعل الدين الموعود موجودا احتياطا للجواز دفعا للحاجة عن المستقرض.
م: (ولأنه مقبوض) ش: أي ولأن المأخوذ من القرض (بجهة الرهن الذي يصح على اعتبار وجوده) ش: لأنه جعل كالموجود م: (فيعطى كله حكمه) ش: أي حكم الدين المقبوض م: (كالمقبوض على سوم الشراء) ش: حيث أعطى له حكم الشراء، إلا أن المقبوض على سوم الشراء مضمون بالقيمة بالغة ما بلغت لا بالمسمى من الثمن والمقبوض على سوم الرهن مضمون بما سمى لا بالقيمة م:(فيضمنه) ش: أي إذا كان المقبوض بجهة الرهن الذي أعطى له حكم الدين المقبوض فيضمنه المرتهن القابض على سوم الرهن عن الدين الموعود؟
فإن قيل: قياس هذا بالمقبوض على سوم الشراء غير صحيح، لأن الواجب فيه القيمة وفيما نحن فيه الموعود.
فالجواب: أن التساوي بين المقيس والمقيس عليه في جميع الوجوه ليس بلازم، واعتباره به من حيث إنه يهلك مضمونا لا أمانة. وأما الفرق بينهما فقد ذكرناه الآن.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (ويصح الرهن برأس مال السلم وبثمن الصرف والمسلم فيه) ش: ولا يعلم فيه خلاف للأئمة الثلاثة م: (وقال زفر رحمه الله: لا يجوز؛ لأن حكمه) ش: أي حكم كل واحد من الثلاثة م: (الاستيفاء) ش: يعني إذا هلك الرهن كان المرتهن مستوفيا لدينه من الرهن واستيفاء غير رأس المال وبدل الصرف والمسلم فيه لا يجوز م: (وهذا) ش: أي الرهن م: (استبدال لعدم المجانسة) ش: يعني استبدال هذه الأشياء من غير جنسه لا يجوز، أشار إليه بقوله: م: (وباب الاستبدال فيها) ش: أي في هذه الأشياء م: (مسدود) ش: يعني لا يجوز أصلا.
م: (ولنا: أن المجانسة ثابتة في المالية) ش: يعني من جنس حقه معنى، وهو المالية والمضمون في الرهن معناه لا صورة، لأنه صورة أمانة م:(فيتحقق الاستيفاء من حيث المال وهو المضمون)