الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا صار الخمر خلا يطهر ما يوازيها من الإناء، فأما أعلاه وهو الذي نقص منه الخمر قيل: يطهر تبعا، وقيل: لا يطهر؛ لأنه خمر يابس إلا إذا غسل بالخل فيتخلل من ساعته، فيطهر، وكذا إذا صب منه الخمر ثم ملئ خلا يطهر في الحال على ما قالوا.
قال: ويكره
شرب دردي الخمر
والامتشاط به
ــ
[البناية]
هارون أخبرنا ابن أبي دريب عن سعد بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه: أن عمر رضي الله عنه حرق بيت روشيد السعفي وكان حاويا للشراب، قال: فلقد رأيته ملتهبا نارا.
وقد ورد في حديث عن جابر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم عوض الأيتام عن خمرهم مالا» كما رواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" حدثنا جعفر بن حميد الكوفي حدثنا يعقوب القمي عن عيسى بن حارثة عن جابر، فذكر. وفيه قال:«إذا أتانا مال البحرين فإنا نعوض أيتاما في مالهم» ، وقد تقدم فيما مضى من هذا الباب.
م (وإذا صار الخمر خلا يطهر ما يوازيها من الإناء) ش: يجوز فيما يواريها بالراء المهملة من المواراة، وهي الستر، ويجوز بالزاي المعجمة من الموازاة، وهي المساواة أي يطهر ما يستر الخمر من الإناء أو ما يساويها من الإناء بمعنى قدر ارتفاعها في الإناء م:(فأما أعلاه) ش: أي أعلى الإناء م: (وهو الذي نقص منه الخمر) ش: مثلا إذا كانت الخمر في نصف الإناء لا يكون المشغول منه بالخمر إلا النصف التحتاني، فإذا صارت خلا يطهر النصف التحتاني لصيرورة الخمرة خلا. وأما النصف الفوقاني هل بالخل يطهر؟ م:(قيل: يطهر تبعا) ش: أي من إرادة الخل، وبه أخذ الهندواني وأبو عبيد والصدر الشهيد.
م: (وقيل: لا يطهر لأنه خمر يابس) ش: فيكون نجسا م: (إلا إذا غسل بالخل فيتخلل من ساعته فيطهر) ش: يعني يدار فيه الخل حتى يصيب جميع الظرف، فإذا فعل ذلك فقد طهر وإن لم يشب فيه الخمر كذا في " الذخيرة "، وقد مر الكلام فيه عن قريب. م:(وكذا إذا صب منه الخمر ثم ملئ خلا يطهر في الحال على ما قالوا) ش: أي المشايخ، لأن آثار الخمر التي فيه تستحيل خلا في ساعته فيطهر.
[شرب دردي الخمر]
م: (قال: ويكره شرب دردي الخمر) ش: أي قال في " الجامع الصغير "، ودردي الخمر ما يرسب في أسفله، وكذا دردي الزبيب ونحوه م:(والامتشاط به) ش: أي بدردي الخمر إنما خص الامتشاط، لأن له تأثير في تحسين الشعر، وقد صح عن عائشة: أنها كانت تنهى النساء
لأن فيه أجزاء الخمر والانتفاع بالمحرم حرام، ولهذا لا يجوز أن يداوي به جرحا أو دبرة دابة، ولا أن يسقي ذميا، ولا أن يسقي صبيا للتداوي، والوبال على من سقاه. وكذا لا يسقيها الدواب، وقيل: لا تحمل الخمر إليها. أما إذا قيدت إلى الخمر فلا بأس به، كما في الكلب والميتة. ولو ألقى الدردي في الخل لا بأس به؛ لأنه يصير خلا، لكن يباح حمل الخل إليه لا عكسه لما قلنا. قال: ولا يحد شاربه، أي شارب الدردي إن لم يسكر. وقال الشافعي رحمه الله: يحد؛ لأنه شرب جزءا من الخمر. ولنا: أن قليله لا يدعو إلى كثيره لما في الطباع من النبوة
ــ
[البناية]
عن ذلك أشد النهي.
م: (لأن فيه) ش: أي في الدردي م: (إجزاء الخمر والانتفاع بالمحرم حرام، ولهذا لا يجوز أن يداوي به) ش: أي بالخمر م: (جرحا) ش: لحديث ابن مسعود رضي الله عنه: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» م: (أو دبرة دابة) ش: أي أو يداوي دبر دابة، والدبر بفتحتين جرح الدابة أو عقرها من دبرت الدابة تدبر دبرا من باب علم يعلم، والدبر بفتح الدال وكسر الباء هو الحيوان الذي فيه دبر بفتحتين م:(ولا أن يسقي ذميا) ش: أي ولا يجوز، لأن فيه اقترابا للخمر، وهو مأمور بالاجتناب عنه وإعانة على المعصية م:(ولا أن يسقي صبيا للتداوي) ش: أي ولا يجوز أن يسقي صبيا لأجل التداوي لما ذكرنا من حديث ابن مسعود م: (والوبال) ش: أي الإثم والخطيئة م: (على من سقاه) ش: لأن الصبي غير مخاطب، فالإثم يبنى على الخطاب.
م: (وكذا لا يسقيها الدواب) ش: لأنه نوع انتفاع بالخمر وأقرب منه م: (وقيل: لا تحمل الخمر إليها) ش: أي إلى الدواب م: (أما إذا قيدت) ش: أي الدواب م: (إلى الخمر فلا بأس به) ش: لعدم المعنى الذي ذكرناه م: (كما في الكلب والميتة) ش: أي لا تحمل الميتة إلى الكلب. ولو قيد الكلب إليها لا بأس به، وكذا الفأرة لا تحمل إلى الهرة، ولكن الهرة تحمل إلى الفأرة كيلا يصير حاملا للنجاسة بلا ضرورة. وفي " الذخيرة ": ويكره أن يبل الطين بالخمر. م: (ولو ألقي الدردي في الخل لا بأس به لأنه يصير خلا، لكن يباح حمل الخل إليه) ش: أي إلى الدردي م: (لا عكسه) ش: وهو حمل الدردي إلى الخل م: (لما قلنا) ش: أشار به إلى التعليل المستفاد من قوله كما في الكلب والميتة.
م: (قال: ولا يحد شاربه، أي شارب الدردي إن لم يسكر. وقال الشافعي رحمه الله يحد) ش: وبه قال مالك وأحمد وأكثر أهل العلم م: (لأنه شرب جزءا من الخمر) ش: أي الدردي لا يخلو منه، وفي الخمر يجب الحد من القليل والكثير. م:(لنا أن قليله لا يدعو إلى كثيره لما في الطباع من النبوة) ش: أي من النفرة، لأن الطباع لا تميل إلى شرب الدردي، بل من يعتاد شرب
عنه، فكان ناقصا، فأشبه غير الخمر من الأشربة ولا حد فيها إلا بالسكر، ولأن الغالب عليه الثفل فصار كما إذا غلب عليه الماء بالامتزاج، ويكره الاحتقان بالخمر وإقطارها في الإحليل؛ لأنه انتفاع بالمحرم، ولا يجب الحد لعدم الشرب، وهو السبب، ولو جعل الخمر في مرقة لا تؤكل لتنجسها بها ولا حد ما لم يسكر منه، لأنه أصابه الطبخ. ويكره أكل خبز عجن عجينه بالخمر لقيام أجزاء الخمر فيه.
ــ
[البناية]
الخمر يعاف الدردي م: (عنه فكان ناقصا، فأشبه غير الخمر من الأشربة ولا حد فيها إلا بالسكر، ولأن الغالب عليه الثفل فصار كما إذا غلب عليه الماء بالامتزاج) ش: حيث لا يحد إذا كان الماء هو الغالب كما ذكرنا.
م: (ويكره الاحتقان بالخمر وإقطارها في الإحليل) ش: وهو ثقب الذكر م: (لأنه انتفاع بالمحرم ولا يجب الحد) ش: وفي بعض النسخ ولا يحد م: (لعدم الشرب وهو السبب) ش: أي الشرب هو السبب في وجوب الحد ولم يوجد، وبه قال الشافعي ومالك. وعن أحمد: يجب الحد بالاحتقان، لأنه أدخله إلى جوفه، قال ابن قدامة: والأصح أنه لا يجب لعدم الشرب.
م: (ولو جعل الخمر في مرقة لا تؤكل لتنجسها بها) ش: أي لتنجس المرقة بالخمر م: (ولا حد ما لم يسكر منه؛ لأنه أصابه الطبخ) ش: لأنه مطبوخ، والخمر هو الذي من ماء العنب.
وعند أحمد: يحد، لأن عين الخمر موجود فيها، ولو لم يطبخ يعتبر الغالب والمغلوب، كما لو مزج الخمر بالماء.
وقال شيخ الإسلام في "شرحه": وهذه المسألة تدل على أن الخمر إذا طبخ حتى ذهب ثلثاه أنه لا يجب الحد بشربه ما لم يسكر، لأنه بعد الطبخ لم يبق بناء.
م: (ويكره أكل خبز عُجِنَ عجينه بالخمر لقيام أجزاء الخمر فيه) ش: أي في العجين، وأما اللحم إذا طبخ بالخمر، فعند محمد: لا يطهر أبدا، وعند أبي يوسف: يغلى بالماء الطاهر ثلاث مرات ويبرد في كل مرة.