الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فحق الشفة ثابت،
والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام: «الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار» .
ــ
[البناية]
قوم فقسمه الإمام بينهم م: (فحق الشفة ثابت) ش: في هذا القسم فالناس شركاء فيه في حق الشفة والسقي أنفسهم ودوابهم، وإن أتى في ذلك على المأكلة وليس لأهله أن يمنعوا أحدا من الشفة والسقي.
[الشركة في الماء والكلأ والنار]
م: (والأصل فيه) ش: أي فيما ذكر من الأنواع م: (قوله عليه الصلاة والسلام: «الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار» ش: هذا الحديث رواه ثلاثة من الصحابة: الأول: عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أخرج حديثه ابن ماجه في " سننه " عن عبد الله بن خداش عن العوام بن حوشب عن مجاهد عن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار» .
قال عبد الحق في " الأحكام ": قال البخاري: عبد الله بن خداش عن العوام أن حوشب: منكر الحديث، وضعفه أيضا أبو زرعة، وقال فيه أبو حاتم: ذاهب الحديث.
الثاني: عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أخرج حديثه الطبراني في " معجمه " حدثنا الحسين بن إسحاق التستري حدثنا يحيى الحماني حدثنا قيس بن الربيع عن زيد بن جبير عن ابن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار» .
الثالث: رجل من الصحابة أخرج حديثه أبو داود في " سننه في البيوع " عن علي بن الجعد عن حريز بن عثمان «عن أبي خداش بن حبان بن زيد عن رجل من الصحابة قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا، أسمعه يقول: " المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار» .
ورواه أحمد في " مسنده " وابن أبي شيبة في " مصنفه - في الأقضية "، وأسند ابن عدي في " الكامل " عن أحمد، وابن معين أنهما قالا في حريز: ثقة، وذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة أبي داود وقال: لا أعلم روى عن أبي خداش إلا حريز بن عثمان، وقد قيل فيه: مجهول. وقال البيهقي في " المعرفة ": وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم ثقات، وترك ذكر أسمائهم في الإسناد لا يضر إن لم يعارضه ما هو أصح منه.
قلت: حريز بن عثمان -بفتح الحاء وكسر الراء المهملة وفي آخره زاي معجمة -. وأبو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
خداش -بكسر الخاء المعجمة وبالدال المهملة وفي آخره شين معجمة - واسمه حبان بن زيد السرعني الحمصي. وحبان -بكسر الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة -.
وروى أبو يوسف في كتاب " الخراج " حدثنا المعلى بن كثير عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا ماءا ولا كلأ ولا نارا، فإنه متاع للمقوين وقوة للمستضعفين» .
قوله: " ثلاث " قال الشراح: القياس أن يقول في ثلاثة تغليبا للمذكر، ولكن إذا لم يذكر المعدود يجوز أن يؤنث، ونظيره: قوله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال» . وستة إنما يستعمل في الليلة، ولكن لما لم يذكر المعدود وهو الأيام أنث.
قلت: فيه نظر، لأن ها هنا معدود وهو قوله عليه السلام:«في الماء والكلأ والنار» .
وأما حديث صوم رمضان وأتبعه بستة من شوال فلم يذكر المعدود فيه فلا يصح التنظير. قوله: " والكلأ " -بفتح الكاف واللام، وفي آخره همزة - على وزن فعل كشجر وشجر. وقال الإمام خواهر زاده: الكلأ كل ما ينجم على وجه الأرض، أي يبسط وينشر، ولا يكون له ساق كالإذخر ونحوه، وما كان له ساق يكون شجر الأكل، والدليل على صحة ذلك: قوله سبحانه وتعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: 6](الرحمن: الآية 6) .
قالوا: ما قام الساق والنجم ما انبسط وانتشر على وجه الأرض، فعلى هذا قالوا: الشوك الأحمر من الشجر لا من الكلأ، وكذلك الشوك الأبيض الذي يقال له: العرقد من الشجر، لأنه يقوم بساق حتى لو نشأ في أرض مملوكة فجاء إنسان وأخذ ذلك كان لصاحب الأرض أن يسترد منه.
وأما الشوك الأخضر الذي يأكله الإبل ويقال له: الخارج ففيه اختلاف المشايخ، حكي عن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل كان يقول: من جملة الكلأ والحشيش. والفقيه أبو جعفر الهندواني يقول: من جملة الشجر، قالوا: روي عن محمد فيه في " النوادر " روايتان: في رواية: جعله من الكلأ، وفي رواية: جعله من جملة الشجر.
واختلف الجواب لاختلاف الموضوع، لأنه أراد برواية الكلأ ما ينبسط منه على وجه الأرض، ولا يكون له ساق، وأراد بالرواية الأخرى ما قام على الساق ولا ينجم على وجه الأرض، والسويق من الشجر لأنه يقوم على ساق، انتهى كلام خواهر زاده. وقال الجوهري: الكلأ والعشب وقد أكلت الأرض كلئت الأرض وأكلأت فهي أرض مكلئة وواسية وكلئية،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
أي ذات كلأ، سواء كانت رطبة أو يابسة.
وقال في " المغرب ": والظاهر أنه يقع على ذي ساق وغيره، وفسر في " العزيز " الكلأ بالنبات، ثم إن قوله صلى الله عليه وسلم:«الناس شركاء في ثلاث» شركة إباحة لا شركة ملك ممن سبق إلى أخذ شيء من ذلك في وعاء أو غيره وأحرزه فهو أحق به، وهو ملك له دون من سواه، ويجوز له تمليكه بجميع وحدة التمليك، وهو موروث عنه، ويجوز فيه وصاياه كما يجوز في أملاكه، فإن أخذه منه أخذ بغير إذنه ضمنه كما يضمن سائر أملاكه، وما لم يسبق إليه أحد فهو لجماعة المسلمين فهو مباح على ما كان إليه أو لا، هكذا ذكره الكرخي في " مختصره ".
ثم إنك قد عرفت الماء على أربعة أنواع كما ذكره المصنف مستقصى. وأما الشركة في الكلأ على أوجه بعضها أعم من بعض، والأعم أن يكون الحشيش في أرض لا تكون مملوكة لأحد يكون الناس شركاء في ذلك من الرعي والاحتشاش، فليس لأحد أن يمنع إنسانا من ذلك وهي كالشركة في ماء البحار وشركة أخرى أخص من هذه.
وهو أن يكون الكلأ في أرض مملوكة بنفسه لا بإنبات صاحب الأرض يكون للناس فيه شركة، حتى لو أخذه إنسان كان ما أخذه ملكا له، إلا أن لصاحب الأرض أن يمنعه من الدخول في أرضه لأجل الكلأ، ذكر محمد هذا القدر في الكتاب، ولم يزد عليه، إلا أن مشايخنا زادوا على ذلك، قال: إذا وفق المنازعة بين صاحب الأرض والذي يريد الكلأ لا بد من اعتبار منازعتها، لأن صاحب الأرض يمنعه من الدخول في ملكه، وهذا الطلب حقه، لأن له شركة في الكلأ.
وإذا وجب اعتبار المنازعة يقول إن كان يجد المريد الكلأ في موضع آخر غير مملوك لأحد قريب من تلك الأرض، يقال له: خذ من ذلك. وإن لم يجد يقال لصاحب الأرض: إما أن تعطيه بيدك أو ائذن له حتى يدخل فيأخذ حقه، كمن أتى كرم إنسان وفي حوضه ماء وأراد الدخول في كرمه ليأخذ الماء فمنعه صاحب الكرم، إن كان يجدها في موضع آخر غير مملوك لأحد قريب منه يقال له: ائت ذلك المكان خذ منه، وإن كان لا يجد يقال لصاحب الأرض: إما أن تعطيه بيدك أو ائذن له حتى يدخل ويأخذ منه، وشركة أخرى أخص من ذلك كله وهو: أن يحشر الكلأ أو ينبت الكلأ في أرضه، فإنه لا يكون مملوكا له وينقطع حق غيره ولا يكون لأحد أخذ ذلك بوجه، إلا أنه تبقى شبهة الشركة لقوله صلى الله عليه وسلم:«الناس شركاء في ثلاثة» ، حتى لو سرقه لا تقطع يده.
وأما الشركة في النار فعامة، قال شيخ الإسلام خواهر زاده في كتاب الشرب: وهو أن