المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌9 - باب ميراث ابن الملاعنة - صحيح سنن أبي داود ط غراس - جـ ٨

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌121 - باب في قتل النساء

- ‌122 - باب في كراهية حَرْقِ العَدُوِّ بالنار

- ‌123 - باب في الرجل يَكري دابته على النصف أو السهم

- ‌124 - باب في الأسير يُوثَقُ

- ‌125 - باب في الأسير يُنَالُ منه ويُضْرَبُ ويُقرّر

- ‌126 - باب في الأسير يُكْرَهُ على الإسلام

- ‌127 - باب قتل الأسير ولا يُعْرَضُ عليه الإسلام

- ‌128 - باب في قتل الأسير صبرًا

- ‌129 - باب في قتل الأسير بالنبل

- ‌130 - باب في المَنِّ على الأسير بغير فِدَاءٍ

- ‌131 - باب في فِدَاءِ الأسير بالمال

- ‌132 - باب في الإمام يُقِيمُ عند الظهور على العَدُوِّ بعَرْصتهم

- ‌133 - باب في التفريق بين السَّبْيِ

- ‌134 - باب الرخصة في المُدْرِكِينَ يفَرَّقُ بينهم

- ‌135 - باب المال يُصِيبُهُ العدوُّ من المسلمين، ثم يدركه صاحبُهُ في الغنيمة

- ‌136 - باب في عَبِيد المشركين يَلْحَقونَ بالمسلمين فيُسْلِمُون

- ‌137 - باب في إباحة الطعام في أرض العدو

- ‌138 - باب في النهي عن النُّهْبَى إذا كان في الطعام قِلَّةٌ في أرض العَدُوِّ

- ‌139 - باب في حمل الطعام من أرض العدو

- ‌140 - باب في بيع الطعام إذا فَضَلَ عن الناس في أرض العَدُوِّ

- ‌141 - باب في الرجل ينتفع من الغنيمة بالشيء

- ‌142 - باب في الرُّخصة في السلاح يُقَاتَلُ به في المعركة

- ‌143 - باب في تعظيم الغُلُولِ

- ‌144 - باب في الغلُولِ إذا كان يسيرًا؛ يتركهُ الإمام ولا يُحَرِّقُ رَحْلَهُ

- ‌145 - باب في عقوبة الغالّ

- ‌146 - باب النهي عن الستر على مَن غَلَّ

- ‌147 - باب في السَّلَبِ يُعْطَى القَاتِلَ

- ‌148 - باب في الإمام يمنع القاتل السَّلَبَ إن رأى، والفرسُ والسلاحُ من السَّلَبِ

- ‌149 - باب في السَّلَبِ لا يُخَمَّسُ

- ‌150 - باب من أجاز على جريح مثخنٍ يُنَفَّلُ من سَلَبِه

- ‌151 - باب فيمن جاء بعد الغنيمة؛ لا سَهْمَ له

- ‌152 - باب في المرأة والعبد يُحْذَيَانِ من الغنيمة

- ‌153 - باب في المشرك يُسْهَم له

- ‌154 - باب في سُهْمَانِ الخيل

- ‌155 - باب فيمن أسهم له سهمًا

- ‌156 - باب في النَّفَلِ

- ‌157 - باب في نَفَلِ السَّرِيَّةِ تَخْرُجُ من العَسْكَرِ

- ‌158 - باب فيمن قال: الخُمُسُ قَبْلَ النَّفَلِ

- ‌159 - باب في السَّرِيَّةِ ترد على أهل العسكر

- ‌160 - باب في النَّفَلِ من الذهب والفضة ومِنْ أَوَّلِ مَغْنَمٍ

- ‌161 - باب في الإمام يستأثر بشيء من الفيء لنفسه

- ‌162 - باب في الوفاء بالعهد

- ‌163 - باب في الإمام يُسْتَجنُّ به في العهود

- ‌164 - باب الإمام يكون بينه وبين العدو عهد فيسير إليه

- ‌165 - باب في الوفاء للمعاهد وحُرْمَةِ ذِمَّتِهِ

- ‌166 - باب في الرسل

- ‌167 - باب في أمان المرأة

- ‌168 - باب في صُلْحِ العَدُوِّ

- ‌169 - باب في العدو يُؤْتَى على غِرَّةٍ ويُتَشبَّهُ بهم

- ‌170 - باب في التكبير على كُلِّ شَرَفٍ في المسير

- ‌171 - باب في الإذن في القُفُولِ بعد النهي

- ‌172 - باب في بعثة السرايا

- ‌173 - باب في إعطاء البشير

- ‌174 - باب في سجود الشكر

- ‌175 - باب في الطُّرُوقِ

- ‌176 - باب في التَّلَقِّي

- ‌177 - باب فيما يُسْتَحَبُّ من إنفاد الزاد في الغزو إذا قَفَلَ

- ‌178 - الصلاة عند القدوم من السفر

- ‌179 - باب في كراء المقاسم

- ‌180 - باب في التجارة في الغزو

- ‌181 - باب في حمل السلاح إلى أرض العدو

- ‌182 - باب في الإقامة بأرض الشرك

- ‌10 - كتاب الضحايا

- ‌1 - باب ما جاء في إيجاب الأضاحي

- ‌2 - باب الأضحية عن الميت

- ‌3 - باب الرجل يأخذ من شَعَرِهِ في العَشْرِ وهو يريد أن يُضَحِّيَ

- ‌4 - باب ما يُسْتَحَبُّ من الضحايا

- ‌5 - باب ما يجوز مِنَ السِّنِّ في الضحايا

- ‌6 - باب ما يُكْرَهُ من الضحايا

- ‌7 - باب في البقر والجزور، عن كم تجزئ

- ‌8 - باب في الشاة يضحى بها عن جماعة

- ‌9 - باب الإمام يذبح بالمصلى

- ‌10 - باب في حبس لحوم الأضاحي

- ‌11 - باب في المسافر يُضَحِّي

- ‌12 - باب في النهي أن تُصْبر البهائم، والرِّفْقِ بالذَّبِيحَةِ

- ‌13 - باب في ذبائح أهل الكتاب

- ‌14 - باب ما جاء في أكل مُعَاقَرَةِ الأعراب

- ‌15 - باب في الذَّبيحة بالمَرْوَةِ

- ‌16 - باب ما جاء في ذبيحة المتردية

- ‌17 - باب في المبالغة في الذبح

- ‌18 - باب ما جاء في ذَكَاةِ الجَنِينِ

- ‌19 - باب ما جاء في أكل اللحم، لا يُدْرَى أَذُكِرَ اسمُ اللهِ عليه أم لا

- ‌20 - بابٌ في العَتِيرَةِ

- ‌21 - باب في العقيقة

- ‌11 - كتاب الصيد

- ‌1 - باب في اتخاذ الكلب للصيد وغيره

- ‌2 - باب في الصيد

- ‌3 - باب في صَيْدٍ قُطعَ منه قِطْعَةٌ

- ‌4 - باب في اتِّباعِ الصيد

- ‌12 - كتاب الوصايا

- ‌1 - باب ما جاء فيما يُؤْمَرُ به مِنَ الوصيةِ

- ‌2 - باب ما جاء فيما لا يجوزُ للمُوصِي في مالِهِ

- ‌3 - باب ما جاء في كرَاهِيَةِ الإضرار في الوصية

- ‌4 - باب ما جاء في الدُّخولِ في الوصايا

- ‌5 - باب ما جاء في نَسْخِ الوصية للوالدين والأقربين

- ‌6 - باب ما جاء في الوصية للوارث

- ‌7 - باب مخالطة اليتيم في الطعام

- ‌8 - باب ما جاء فيما لِوَلِيِّ اليتيمِ أن ينالَ مِنْ مالِ اليتيم

- ‌9 - باب ما جاء متى ينقطع اليُتْمُ

- ‌10 - باب ما جاء في التشديد في أكل مال اليتيم

- ‌11 - باب ما جاء في الدليل على أنَّ الكفنَ من رأسِ المالِ

- ‌12 - باب في الرَّجُلِ يَهَبُ الهبةَ ثم يُوصَى له بها أو يَرثُها

- ‌13 - باب ما جاء في الرجل يُوقِفُ الوَقْفَ

- ‌14 - باب ما جاء في الصدقة عن الميت

- ‌15 - باب ما جاء فيمن مات مِنْ غير وصية، يُتَصَدَّقُ عنه

- ‌16 - باب في وصية الحربي يُسلم وليه؛ أيلزمه أن ينفذها

- ‌17 - باب ما جاء في الرجل يموت وعليه دين، وله وفاءٌ؛ يُستنظر غرماؤه، ويُرْفَقُ بالوارث

- ‌13 - كتاب الفرائض

- ‌1 - باب ما جاء في تعليم الفرائض

- ‌2 - باب في الكلالة

- ‌3 - باب من كان ليس له ولد وله أخوات

- ‌4 - باب ما جاء في ميراث الصُّلْبِ

- ‌5 - باب في الجدّة

- ‌6 - باب ما جاء في ميراث الجد

- ‌7 - باب في ميراث العَصَبَةِ

- ‌8 - باب في ميراث ذوي الأرحام

- ‌9 - باب مِيرَاث ابن المُلاعَنَةِ

- ‌10 - باب هل يرث المسلم الكافر

- ‌11 - باب فيمن أسلم على ميراث

- ‌12 - باب في الوَلاءِ

- ‌13 - باب في الرَّجُلِ يُسْلِمُ على يدي الرَّجُلِ

- ‌14 - باب في بيع الوَلاءِ

- ‌15 - باب في المولود يَسْتَهِلُّ ثم يموتُ

- ‌16 - باب نسخ ميراث العَقْدِ بميراث الرَّحِمِ

- ‌17 - باب في الحِلْفِ

- ‌18 - باب في المرأة ترث من دية زوجها

- ‌14 - كتاب الخَرَاجِ والإمارة والفَيْءِ

- ‌1 - باب ما يلزم الإمام من حق الرعية

- ‌2 - باب ما جاء في طلب الإمارة

- ‌3 - باب في الضَّرِيرِ يُوَلَّى

- ‌4 - باب في اتخاذ الوزير

- ‌5 - باب في العرافة

- ‌6 - باب في اتخاذ الكاتب

- ‌7 - باب في السِّعَايَةِ على الصدقة

- ‌8 - باب في الخليفة يَسْتَخْلِفُ

- ‌9 - باب ما جاء في البَيْعَةِ

- ‌10 - باب في أرزاق العُمَّالِ

- ‌11 - باب في هدايا العمال

- ‌12 - باب في غُلُولِ الصدقة

- ‌13 - باب فيما يَلْزَمُ الإمامَ مِنْ أَمْرِ الرَّعِيَّةِ والحجَبة عنه

- ‌14 - باب في قَسْمِ الفَيْءِ

- ‌15 - باب في أرزاق الذُّرِّيَّةِ

- ‌16 - باب متى يُفرضُ للرجل في المقاتلة

- ‌17 - باب في كراهية الافتراض في آخر الزمان

- ‌18 - باب في تدوين العطاء

- ‌19 - باب في صَفَايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال

- ‌20 - باب في بيان مواضع قَسْمِ الخُمُسِ وَسَهْمِ ذي القُرْبى

- ‌21 - باب ما جاء في سهم الصَّفِيِّ

- ‌22 - باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة

- ‌23 - باب في خبر النَّضِيرِ

- ‌24 - باب ما جاء في حكم أرض خيبر

- ‌25 - باب ما جاء في خبر مكة

- ‌26 - باب ما جاء في خبر الطائف

- ‌27 - باب ما جاء في حكم أرض اليمن

- ‌28 - باب إخراج اليهود من جزيرة العرب

- ‌29 - باب في إيقاف أرض السواد وأرض العَنْوَةِ

- ‌30 - باب في أخذ الجزية

- ‌31 - باب في أخذ الجزية من المجوس

- ‌32 - باب في التشديد في جِبَايَةِ الجِزيَةِ

- ‌33 - باب في تَعْشِير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات

- ‌34 - باب في الذمي يُسْلم في بعض السنة؛ هل عليه جزية

- ‌35 - باب في الإمام يَقْبَلُ هَدَايا المشركين

- ‌36 - باب في إقطاع الأرضين

- ‌37 - باب في إحياء الموات

- ‌38 - باب ما جاء في الدخول في أرض الخراج

- ‌39 - باب في الأرض يحميها الإمام أو الرجل

- ‌40 - باب ما جاء في الرِّكاز وما فيه

- ‌41 - باب نبش القبور العادية يكون فيها المال

- ‌1 - باب الأمراض المكفرة للذنوب

- ‌2 - باب إذا كان الرجل يعمل عملًا صالحًا فشغله عنه مرض أو سفر

- ‌3 - باب عيادة النساء

- ‌4 - باب في العيادة

- ‌5 - باب في عيادة الذمي

- ‌6 - باب المشي في العيادة

- ‌7 - باب في فضل العيادة على وضوء

- ‌8 - باب في العيادة مرارًا

- ‌9 - باب في العيادة من الرَّمَدِ

- ‌10 - باب الخروج من الطاعون

- ‌11 - باب الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة

- ‌12 - باب الدعاء للمريض عند العيادة

- ‌13 - باب في كراهية تمني الموت

- ‌14 - باب موت الفَجْأَةِ

- ‌15 - باب في فضل من مات في الطاعون

- ‌16 - باب المريض يؤخذ من أظفاره وعانته

- ‌17 - باب ما يستحب من حسن الظن بالله عند الموت

- ‌18 - باب ما يستحب من تطهير ثياب الميت عند الموت

- ‌19 - باب ما يستحب أن يقال عند الميت من الكلام

- ‌20 - باب في التلقين

- ‌21 - باب تغميض الميت

- ‌22 - باب في الاسترجاع

- ‌23 - باب في الميت يُسَجَّى

- ‌24 - باب القراءة عند الميت

- ‌25 - باب في الجلوس عند المصيبة

- ‌26 - باب الصبر عند الصدمة

الفصل: ‌9 - باب ميراث ابن الملاعنة

عن عروة عن عائشة رضي الله عنها.

قال أبو داود: "وحديث سفيان أتم. وقال مسدد: قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم

".

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير مجاهد بن وَردان، وهو ثقة.

وابن الأصبهاني: اسمه عبد الرحمن.

وسفيان: هو الثوري.

والحديث أخرجه الطيالسي (1465)، ومن طريقه البيهقي (6/ 243): حدثنا شعبة

به نحوه.

وأخرجه أحمد (6/ 137): ثنا وكيع

به.

وأخرجه ابن ماجه (2733)، والبيهقي أيضًا من طرق أخرى عن وكيع

به.

ثم أخرجه أحمد (6/ 181)، والترمذي (2106)، والطحاوي (4/ 404) من طرق أخرى عن سفيان

به. وقال الترمذي:

"وهذا حديث حسن".

‌9 - باب مِيرَاث ابن المُلاعَنَةِ

2582 -

عن مكحول قال:

جَعَلَ رسول الله - صلي الله عليه وسلم - مِيراثَ ابن الملاعنة لأُمِّه، ولِوَرَثَتهِا من بعدها.

(قلت: حديث صحيح).

إسناده: حدثنا محمود بن خالد وموسى بن عامر قالا: ثنا الوليد: أخبرنا ابن

ص: 259

جابر: ثنا مكحول.

قلت: وهذا إسناد مرسل صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وابن جابر: اسمه عبد الرحمن بن يزيد، وقد توبع.

والمرسل - وإن كان الأصل فيه أنه لا يُحْتَجُّ به -؛ إلا أن هذا ليس على إطلاقه، بل هو حجة إذا جاء موصولًا من طريق أخرى، أو جاءت له شواهد تقويه، وهذا هو الحال في هذا كما يأتي.

والحديث رواه البيهقي (6/ 259) من طريق المؤلف.

وأخرجه الدارمي (2/ 264) من طريق النعمان عن مكحول:

أنه سئل عن ميراث ولد الملاعنة؛ لمن هو؟ قال: جعله رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لأمه - في سَبَبِهِ؛ لما لقيت من البلاء -، ولإخوته من أمه.

والنعمان: هو ابن المنذر، ثقة.

وكذا من دونه.

2583 -

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله.

(قلت: حديث صحيح).

إسناده: حدثنا موسى بن عامر: ثنا الوليد: أخبرني عيسى أبو محمد عن العلاء بن الحارث عن عمرو بن شعيب.

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ لولا أن العلاء بن الحارث كان اختلط.

ص: 260

وعيسى أبو محمد: هو ابن موسى الدمشقي أخو سليمان بن موسى الفقيه، وقد وثقه دحيم، وروى عنه الوليد بن مسلم وعمرو بن أبي سلمة التِّنِّيسِيُّ ومحمد بن سليمان الحَرَّاني؛ ولذا قال الحافظ:

"صدوق".

وموسى بن عامر؛ قال الذهبي في "الكاشف":

"ثقة مكثر عن الوليد". وأما قول الحافظ:

"صدوق له أوهام"!

فلا وجه له عندي؛ لأن أحدًا لم يضعفه، لا تصريحًا ولا تلويحًا؛ بل أشار ابن عدي - فيما رواه عن المؤلف - إلى جلالة قدره بقوله:

"حديثه عن الوليد عن الأوزاعي يشبه حديث هِقْلٍ".

وهِقْل - بكسر أوله وسكون القاف - قال الذهبي:

"إمام مُفْتٍ ثبت". ثم قال ابن عدي:

"ومن لم يلحق هشامًا ودحيمًا؛ كانوا يجعلونه عوضًا منهما".

وأما قوله: "سمعت عبدان قال: وكان أبو داود لا يحدث عنه"!

فلا أدري وجهه! وها هو قد روى عنه! على أنه قد توبع كما يأتي.

والحديث أخرجه البيهقي (6/ 259) من طريق المؤلف.

كما روى حديث مكحول المتقدم عنه، وقال عقبهما:

"حديث مكحول منقطع (يعني: مرسلًا). وعيسى: هو ابن موسى أبو محمد القُرَشِيُّ؛ فيه نظر"!

ص: 261

قلت: أما الإرسال فواضح؛ لكنه لا يضر هنا كما تقدم، ويأتي له مزيد من البيان.

وأما النظر الذي ادعاه في حديث عيسى الموصول؛ فلم يوضحه، ولعله يعني ما نقله المنذري (4/ 180) عنه أنه قال:

"عيسى

ليس بالمشهور"!

قلت: وهذا مردود؛ فقد عرفت أنه روى عنه ثلاثةٌ من الثقات، ووثقه دحيم.

ونحو هذا الإعلال: ما نقله البيهقي عن الإمام الشافعي أنه قال - في الرد على من قال بالحديث -:

"واحتجوا برواية ليست ثابتة، وأخرى ليست مما تقوم بها حجة"!

ثم ساق البيهقي هذه الرواية الموصولة والتي قبلها المرسلة. فأقول:

نعم؛ كل منهما على الانفراد لا يثبت، ولكن إذا ضُمَّ أحدهما إلى الآخر؛ صلح العمل بهما، وقد نقلوا عن الإمام الشافعي أنه قال:

"إن المرسل إذا روي من وجهين مختلفين، أو روي مسندًا، أو اعتضد بعمل بعض الصحابة؛ فهو حجة" - كما في "تهذيب السنن"(4/ 177 - 178) وغيره -.

وهذا قد جاء من وجوه متعددة، هذان منها، وسأذكر من الأخرى ما تيسر لي بعد قليل.

والحديث أخرجه الدارمي (2/ 390): حدثنا مروان بن محمد: ثنا الهيثم بن حُمَيْدٍ عن العلاء بن الحارث

به؛ ولفظه:

أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بميراث ابن الملاعنة لأمّه كله؛ لما لقيت فيه من العَنَاءِ.

ص: 262

وتابعه محمد بن إسحاق قال: وذكر عمرو بن شعيب

به نحوه؛ ولفظه:

قضى رسول الله - صلي الله عليه وسلم - في ولد المتلاعنين: أنه يَرِثُ أمَّه وتَرِثُهُ أمُّه.

أخرجه أحمد (2/ 216).

وابن إسحاق مدلس.

ومما يشهد للحديث قول الزهري في حديث الملاعنة:

ثم جرت السنة في ميراثها: أنها ترثه، ويرث منها ما فرض الله له.

أخرجه البخاري (5309)، والمؤلف أيضًا فيما تقدم برقم (1949)؛ دون ذكر الزهري؛ فصار مسندًا من قول سهل بن سعد - راوي الحديث -! وهو رواية للبخاري.

لكن رجح الحافظ أنه من قول الزهري.

وما روى عبد الله بن عبيد بن عمير قال: كتبتُ إلى أخ لي من بني زُرَيْق أسأله: لمن قضى النبي صلى الله عليه وسلم في ابن الملاعنة؟ فكتب إلي:

إن النبي صلى الله عليه وسلم قضى به لأمه، هي بمنزلة أمِّه وأبيه.

أخرجه الدارمي (2/ 363)، والحاكم (4/ 341)، والبيهقي (6/ 259).

ورجاله ثقات رجال مسلم، فهو إسناد صحيح؛ إن كان الزريقي من الصحابة؛ فإن ابن عبيد تابعي معروف. وكلام البيهقي يشعر بأنه ليس بصحابي؛ فإنه قال:"وهذا منقطع"، يعني: مرسلًا! والله أعلم.

وعن ابن عباس: أن قومًا اختصموا إلى علي رضي الله تعالى عنه في ولد المتلاعنيْن، فجاء عُصْبَةُ أبيه يطلبون ميراثه. فقال: إن أباه كان تبرأ منه، فليس

ص: 263

لكم من ميراثه شيء، فقضى بميراثه لأمه، وجعلها عَصَبَةً.

أخرجه الدارمي (2/ 365)، والحاكم (4/ 341 و 347) من طريق يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن طَهْمَانَ عن سِمَاكِ بن حرب عن عكرمة عنه. وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!

لكن سِمَاكٌ مضعَّف في روايته عن عكرمة خاصة.

وعن ابن مسعود قال: ميراث ابن الملاعنة كلُّه لأمه.

رواه عبد الرزاق (برقم 12479)، وعنه الطبراني في "الكبير"(9662) عن قتادة أن ابن مسعود قال

فذكره.

ورجاله ثقات؛ إلا أنه منقطع، قتادة لم يدرك ابن مسعود.

وقد تابعه إبراهيم عن ابن مسعود

به.

أخرجه الحاكم (4/ 341)، وقال:

"رواته كلهم ثقات، وهو مرسل".

يعني: منقطعًا بين إبراهيم - وهو النَّخَعِيُّ - وابن مسعود.

لكن قد صح عن إبراهيم أنه قال: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله؛ فهو الذي سمعت، وإذا قلت: قال عبد الله .. فهو عن غير واحد عن عبد الله.

وكأنه لذلك صحح البيهقي ما أرسله عن ابن مسعود - كما في "التهذيب" -.

فهذا - إذن - صحيح عنه. والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 264