الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن عروة عن عائشة رضي الله عنها.
قال أبو داود: "وحديث سفيان أتم. وقال مسدد: قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم
…
".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير مجاهد بن وَردان، وهو ثقة.
وابن الأصبهاني: اسمه عبد الرحمن.
وسفيان: هو الثوري.
والحديث أخرجه الطيالسي (1465)، ومن طريقه البيهقي (6/ 243): حدثنا شعبة
…
به نحوه.
وأخرجه أحمد (6/ 137): ثنا وكيع
…
به.
وأخرجه ابن ماجه (2733)، والبيهقي أيضًا من طرق أخرى عن وكيع
…
به.
ثم أخرجه أحمد (6/ 181)، والترمذي (2106)، والطحاوي (4/ 404) من طرق أخرى عن سفيان
…
به. وقال الترمذي:
"وهذا حديث حسن".
9 - باب مِيرَاث ابن المُلاعَنَةِ
2582 -
عن مكحول قال:
جَعَلَ رسول الله - صلي الله عليه وسلم - مِيراثَ ابن الملاعنة لأُمِّه، ولِوَرَثَتهِا من بعدها.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا محمود بن خالد وموسى بن عامر قالا: ثنا الوليد: أخبرنا ابن
جابر: ثنا مكحول.
قلت: وهذا إسناد مرسل صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وابن جابر: اسمه عبد الرحمن بن يزيد، وقد توبع.
والمرسل - وإن كان الأصل فيه أنه لا يُحْتَجُّ به -؛ إلا أن هذا ليس على إطلاقه، بل هو حجة إذا جاء موصولًا من طريق أخرى، أو جاءت له شواهد تقويه، وهذا هو الحال في هذا كما يأتي.
والحديث رواه البيهقي (6/ 259) من طريق المؤلف.
وأخرجه الدارمي (2/ 264) من طريق النعمان عن مكحول:
أنه سئل عن ميراث ولد الملاعنة؛ لمن هو؟ قال: جعله رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لأمه - في سَبَبِهِ؛ لما لقيت من البلاء -، ولإخوته من أمه.
والنعمان: هو ابن المنذر، ثقة.
وكذا من دونه.
2583 -
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا موسى بن عامر: ثنا الوليد: أخبرني عيسى أبو محمد عن العلاء بن الحارث عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ لولا أن العلاء بن الحارث كان اختلط.
وعيسى أبو محمد: هو ابن موسى الدمشقي أخو سليمان بن موسى الفقيه، وقد وثقه دحيم، وروى عنه الوليد بن مسلم وعمرو بن أبي سلمة التِّنِّيسِيُّ ومحمد بن سليمان الحَرَّاني؛ ولذا قال الحافظ:
"صدوق".
وموسى بن عامر؛ قال الذهبي في "الكاشف":
"ثقة مكثر عن الوليد". وأما قول الحافظ:
"صدوق له أوهام"!
فلا وجه له عندي؛ لأن أحدًا لم يضعفه، لا تصريحًا ولا تلويحًا؛ بل أشار ابن عدي - فيما رواه عن المؤلف - إلى جلالة قدره بقوله:
"حديثه عن الوليد عن الأوزاعي يشبه حديث هِقْلٍ".
وهِقْل - بكسر أوله وسكون القاف - قال الذهبي:
"إمام مُفْتٍ ثبت". ثم قال ابن عدي:
"ومن لم يلحق هشامًا ودحيمًا؛ كانوا يجعلونه عوضًا منهما".
وأما قوله: "سمعت عبدان قال: وكان أبو داود لا يحدث عنه"!
فلا أدري وجهه! وها هو قد روى عنه! على أنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (6/ 259) من طريق المؤلف.
كما روى حديث مكحول المتقدم عنه، وقال عقبهما:
"حديث مكحول منقطع (يعني: مرسلًا). وعيسى: هو ابن موسى أبو محمد القُرَشِيُّ؛ فيه نظر"!
قلت: أما الإرسال فواضح؛ لكنه لا يضر هنا كما تقدم، ويأتي له مزيد من البيان.
وأما النظر الذي ادعاه في حديث عيسى الموصول؛ فلم يوضحه، ولعله يعني ما نقله المنذري (4/ 180) عنه أنه قال:
"عيسى
…
ليس بالمشهور"!
قلت: وهذا مردود؛ فقد عرفت أنه روى عنه ثلاثةٌ من الثقات، ووثقه دحيم.
ونحو هذا الإعلال: ما نقله البيهقي عن الإمام الشافعي أنه قال - في الرد على من قال بالحديث -:
"واحتجوا برواية ليست ثابتة، وأخرى ليست مما تقوم بها حجة"!
ثم ساق البيهقي هذه الرواية الموصولة والتي قبلها المرسلة. فأقول:
نعم؛ كل منهما على الانفراد لا يثبت، ولكن إذا ضُمَّ أحدهما إلى الآخر؛ صلح العمل بهما، وقد نقلوا عن الإمام الشافعي أنه قال:
"إن المرسل إذا روي من وجهين مختلفين، أو روي مسندًا، أو اعتضد بعمل بعض الصحابة؛ فهو حجة" - كما في "تهذيب السنن"(4/ 177 - 178) وغيره -.
وهذا قد جاء من وجوه متعددة، هذان منها، وسأذكر من الأخرى ما تيسر لي بعد قليل.
والحديث أخرجه الدارمي (2/ 390): حدثنا مروان بن محمد: ثنا الهيثم بن حُمَيْدٍ عن العلاء بن الحارث
…
به؛ ولفظه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بميراث ابن الملاعنة لأمّه كله؛ لما لقيت فيه من العَنَاءِ.
وتابعه محمد بن إسحاق قال: وذكر عمرو بن شعيب
…
به نحوه؛ ولفظه:
قضى رسول الله - صلي الله عليه وسلم - في ولد المتلاعنين: أنه يَرِثُ أمَّه وتَرِثُهُ أمُّه.
أخرجه أحمد (2/ 216).
وابن إسحاق مدلس.
ومما يشهد للحديث قول الزهري في حديث الملاعنة:
ثم جرت السنة في ميراثها: أنها ترثه، ويرث منها ما فرض الله له.
أخرجه البخاري (5309)، والمؤلف أيضًا فيما تقدم برقم (1949)؛ دون ذكر الزهري؛ فصار مسندًا من قول سهل بن سعد - راوي الحديث -! وهو رواية للبخاري.
لكن رجح الحافظ أنه من قول الزهري.
وما روى عبد الله بن عبيد بن عمير قال: كتبتُ إلى أخ لي من بني زُرَيْق أسأله: لمن قضى النبي صلى الله عليه وسلم في ابن الملاعنة؟ فكتب إلي:
إن النبي صلى الله عليه وسلم قضى به لأمه، هي بمنزلة أمِّه وأبيه.
أخرجه الدارمي (2/ 363)، والحاكم (4/ 341)، والبيهقي (6/ 259).
ورجاله ثقات رجال مسلم، فهو إسناد صحيح؛ إن كان الزريقي من الصحابة؛ فإن ابن عبيد تابعي معروف. وكلام البيهقي يشعر بأنه ليس بصحابي؛ فإنه قال:"وهذا منقطع"، يعني: مرسلًا! والله أعلم.
وعن ابن عباس: أن قومًا اختصموا إلى علي رضي الله تعالى عنه في ولد المتلاعنيْن، فجاء عُصْبَةُ أبيه يطلبون ميراثه. فقال: إن أباه كان تبرأ منه، فليس
لكم من ميراثه شيء، فقضى بميراثه لأمه، وجعلها عَصَبَةً.
أخرجه الدارمي (2/ 365)، والحاكم (4/ 341 و 347) من طريق يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن طَهْمَانَ عن سِمَاكِ بن حرب عن عكرمة عنه. وقال الحاكم:
"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!
لكن سِمَاكٌ مضعَّف في روايته عن عكرمة خاصة.
وعن ابن مسعود قال: ميراث ابن الملاعنة كلُّه لأمه.
رواه عبد الرزاق (برقم 12479)، وعنه الطبراني في "الكبير"(9662) عن قتادة أن ابن مسعود قال
…
فذكره.
ورجاله ثقات؛ إلا أنه منقطع، قتادة لم يدرك ابن مسعود.
وقد تابعه إبراهيم عن ابن مسعود
…
به.
أخرجه الحاكم (4/ 341)، وقال:
"رواته كلهم ثقات، وهو مرسل".
يعني: منقطعًا بين إبراهيم - وهو النَّخَعِيُّ - وابن مسعود.
لكن قد صح عن إبراهيم أنه قال: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله؛ فهو الذي سمعت، وإذا قلت: قال عبد الله .. فهو عن غير واحد عن عبد الله.
وكأنه لذلك صحح البيهقي ما أرسله عن ابن مسعود - كما في "التهذيب" -.
فهذا - إذن - صحيح عنه. والله سبحانه وتعالى أعلم.