الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 - كتاب الضحايا
1 - باب ما جاء في إيجاب الأضاحي
2487 -
عن مِخْنَفِ بن سُلَيْمٍ قال: ونحن وُقُوفٌ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ (عرفات)؛ قال:
"يا أيها الناس! إن على أهل كُلِّ بيتِ - في كلِّ عامٍ - أضحيَّةً وعَتِيرةً. أتدرون ما العتيرة؟ هذه التي تقول الناس: الرَّجَبِيَّة".
(قلت: حديث حسن، وقال الترمذي: "حسن كريب").
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد. (ح). وثنا حُمَيْدٌ بن مَسْعَدَةَ: ثنا بشر عن عبد الله بن عون عن عامر أبي رملة قال: أخبرنا مِخْنَفٌ.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال "الصحيح"؛ غير عامر هذا؛ فإنه مجهول باتفاقهم، ولهذا قال الخطابي في "المعالم" (4/ 94):
"هذا الحديث ضعيف المخرج، وأبو رملة مجهول".
قلت: لكنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (1518)، والنسائي في "الفَرَع والعتيرة"، وابن ماجه (3125)، والبيهقي (9/ 260)، وأحمد (5/ 214 و 5/ 76) من طرق عن عبد الله بن عون
…
به. وقال الترمذي:
"حديث حسن غريب، ولا نعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه من حديث ابن عون".
قلت: هو ثقة ثبت من أقران أيوب في العلم والعمل؛ كما في "التقريب"، فحديثه يكون غاية في الصحة؛ إذا كان من فوقه مثله أو قريبًا منه، وهذا مما لم يتوفر هنا؛ لما عرفت من جهالة أبي رملة؛ إلا أن يقال: إنه حسن لغيره، فهذا ممكن، بل هذا هو الذي لم يطمئن القلب إلا إليه؛ حينما وجدت له طريقًا أخرى وشاهدًا.
أما الطريق؛ فهو ما أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(8001 و 8159): أخبرنا ابن جريج قال: أخبرنا عبد الكريم عن حَبِيبِ بن مِخْنَفٍ عن أبيه قال:
انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة
…
الحديث مثله.
ورواه أحمد (5/ 76) من طريق عبد الرزاق
…
به؛ إلا أنه لم يقل: عن أبيه، فصار الحديث مرسلًا! لكن رجح الحافظُ الأولَ، فقال في "تعجيل المنفعة":
"كذا وقع في "المسند"، والصواب عن حبيب بن مخنف عن أبيه. قاله أبو نعيم وغيره. وقال ابن القطان: حبيب مجهول، والصحبة لأبيه".
قلت: وعبد الكريم - الراوي عنه - يحتمل أنه ابن أبي المخارق الضعيف، وبه جزم الحافظ في "التعجيل"، و "النكت الظراف على الأطراف"(8/ 368).
ويحتمل أنه عبد الكريم بن مالك الجزري الثقة، وإنما قلت هذا؛ لأن ابن جريج قد روى عن كل منهما، ولم أعرف ما يرجح الجزم بأنه الضعيف!
وقد جزم ابن عبد البر - في ترجمة مخنف بن سليم - بأنه روى عنه ابنه حبيب وأبو رملة. فيمكن أن يؤخذ من جزمه هذا أنه عبد الكريم الثقة، فتأمل!
وأما الشاهد؛ فهو ما رواه هشام عن حفصة عن امرأة من آل الأشعث عن عجوز لهم قالت:
أخبرنا وفدنا - وَفْدُ غَامِدٍ - حيث قَدِمُوا من عند النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"على كل أهل بيت من السلمين ضَحِيَّة وعَتِيْرةٌ".
أخرجه البيهقي (9/ 260)، ورجاله ثقات معروفون؛ غير المرأة والعجوز؛ فإني لم أعرفهما! ولا أستبعد أن تكونا صحابيتين، وبخاصة العجوز منهما؛ لأن حفصة الراوية عنهما - وهي بنت سيرين أخت محمد بن سيرين - تابعية جليلة، روت عن غير ما واحد من الصحابة، بعضهم من النساء، فإن لم يثبت هذا الاحتمال؛ فلا أقل من أن يستشهد بحديثها هذا، ويقوى به حديث الباب.
من أجل ذلك؛ لم أستجز لنفسي إلا أن أورده هنا في "الصحيح"، ولا سيما وقد حسنه الترمذي كما تقدم، وقد عمل به بعض السلف، كما تراه مشروحًا عند ابن القيم في "تهذيب السن".
وقد فاته ما رواه النسائي عقب الحديث: أن معاذ بن معاذ - الثقةَ المتقنَ - قال:
كان ابن عون (يعني: راوي الحديث عن أبي رملة) يَعتِر - أَبْصَرَتْهُ عيني - في رجب.
وروى أحمد (4/ 12) - بسند صحيح - عن وكيع بن حُدُسٍ أنه قال - عقب حديث آخر رواه في العتيرة -:
فلا أدعها أبدًا.
وقد خير فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر حياته، فقال في حجة الوداع:
"من شاء؛ عتر، ومن شاء؛ لم يعتر".
وصححه الحاكم والذهبي! لكن فيه من لا يعرف، كما هو مبين في "الإرواء"(4/ 410 - 411).
وفي الباب أحاديث أخرى، يأتي أحدها في "باب العتيرة" من حديث نُبَيْشَةَ. وآخر في "باب العقيقة" من حديث ابن عمرو.