الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8- باب أيرد السلام وهو يبول
9- باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر
[ليس تحتهما حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر " الصحيح ") ]
10- باب الخاتم يكون فيه ذكر الله يُدْخلُ به الخلاء
4-
عن همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه.
قال أبو داود: " هذا حديث منكر، وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد
ابن سعد عن الزهري عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ورِق ثم
ألقاه
…
والوهم فيه من همام، ولم يروه إلا همام "!
(قلت: كلا؛ بل رواه غيره، وعلته الحقيقية: عنعنة ابن جريج؛ فإنه
مدلس. والحديث ضعفه الجمهور) .
[إسناده: حدثنا نصر بن علي عن أبي علي الحنفي عن همام] .
ومن طريقه: أخرجه النسائي أيضاً (8/178) ، والترمذي (1/325- طبع
بولاق) وفي " الشمائل " أيضاً (1/177) ، وابن ماجه (1/129) ، والحاكم
(1/187) ، والبيهقي (1/95) كلهم عن همام بن يحيى عن ابن جريج عن
الزهري
…
به.
وهذا إسناد ظاهره الصحة، وقد اغتر به الحاكم؛ فقال:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وقال الترمذي:
" حسن غريب "! وردّه النووي فقال:
" ضعفه الجمهور، وما ذكره الترمذي مردود عليه، والوهم فيه من همام، ولم
يروه إلا همام "!
كذا قال؛ وقد تبع فيه أبا داود كما ترى، وليس بصواب؛ فقد تابعه يحيى بن
المتوكل: عند الحاكم والبيهقي، ورجاله ثقات؛ كما قال الحافظ في " التلخيص "
(1/473) .
وتابعه يحيى بن الضريْسِ: عند الدارقطني، وهو ثقة.
فهذا يدفع القول بتفرّد همام به، ويرفع المسؤولية عنه.
ولذلك كان أقرب إلى الصواب قول النسائي- فيما نقلوا عنه-:
" هذا حديث غير محفوظ "؛ لأنه ليس فيه هذا الذي نفاه أبو داود وغيره.
وأيضاً لو ثبت أنه لم يروه غير همّام؛ لم يكن الحديث منكراً، ولم يجز أن يقال
فيه إلا: إنه غير محفوظ، كما قال النسائي؛ لأن المنكر- فيما اصطلحوا-: هو ما
تفرد به ضعيف، وأما إذا كان ثقة؛ فحديثه شاذ لا منكر، وهمام بن يحيى ثقة،
احتج به الشيخان وغيرهما! وفي " عون المعبود ":
" قال الحافظ ابن حجر: وقد نوزع أبو داود في حكمه على هذا الحديث
بالنكارة؛ مع أن رجاله رجال " الصحيحين ". والجواب: أنه حكم بذلك؛ لأن
هماماً تفرد به عن ابن جريج، وهمام- وإن كان من رجال " الصحيحين " - فإن
للشيخين لم يخرجا من رواية همام عن ابن جريج شيئاً؛ لأنه لما أخذ عنه كان
بالبصرة، والذين سمعوا من ابن جريج بالبصرة في حديثهم خلل من قبله، والخلل
في هذا الحديث من قبل ابن جريج، دلسه عن الزهري بإسقاط للواسطة- وهو زياد
ابن سعد-، ووهم همام في لفظه على ما جزم أبو داود وغيره، وهذا وجه حكمه
عليه بكونه منكراً. قال: وحكم النسائي عليه بكونه غير محفوظ أصوب؛ فإنه
شاذ في الحقيقة، إذ المنفرد به من شرط الصحيح؛ لكنه بالمخالفة صار حديثه شاذاً.
قال: وأما متابعة يحيى بن المتوكل له عن ابن جريج؛ فقد تفيد، لكن يحيى بن
معين قال فيه: لا أعرفه. أي: أنه مجهول العدالة. وذكره ابن حبان في
" الثقات "، وقال: كان يخطئ. قال: على أن للنظر مجالاً في تصحيح حديث
همام؛ لأنه مبني على أن أصله حديث الزهري في اتخاذ الخاتم، ولا مانع أن يكون
هذا متناً آخر غير ذلك المتن. وقد مال إلى هذا ابن حبان، فصححهما جميعاً. ولا
علة عندي إلا تدليس ابن جريج، فإن وجد عنه التصريح بالسماع؛ فلا مانع من
الحكم بصحته. انتهى كلام الحافظ في " نكته على ابن الصلاح "
…
".
وقال شيخه الحافظ العراقي في " شرح علوم الحديث "(89) - وقد ساق
الحديث مثالاً للحديث المنكر-:
" وأما قول الترمذي بعد تخريجه له: (هذا حديث حسن صحيح غريب) ؛
فإنه أجرى حكمه على ظاهر الإسناد، وقول أبي داود والنسائي أولى بالصواب؛ إلا
أنه قد ورد من رواية غير همام: رواه الحاكم في " المستدرك "، والبيهقي في " سننه "
من رواية يحيى بن المتوكل عن ابن جريج، وصححه الحاكم على شرط
الشيخين، وضعفه البيهقي فقال: هذا شاهد ضعيف. وكأن البيهقي ظن [قلت:
وتبعه ابن القيم في " تهذيب السن "] أن يحيى بن المتوكل هو أبو عقِيل صاحب
بُهيّة، وهو ضعيف عندهم؛ وليس هو به! وإنما هو باهلي، يكنى أبا بكر؛ ذكره ابن
حبان في " الثقات ". ولا يقدح فيه قول ابن معين: لا أعرفه؛ فقد عرفه غيره،
وروى عنه نحو من عشرين نفساً، إلا أنه اشتهر تفرد همام به عن ابن جريج. والله
أعلم ".