الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
80- من باب الوضوء من النوم
26-
عن أبي خالد الدّالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم/كان يسجد وينام وينفخ، ثم يقوم فيصلي ولا
يتوضأ، قال: فقلت له: صليْت ولم تتوضأ وقد نِمْت؟ فقال:
" إنما الوضوء على من نام مضطجعاً (زاد في رواية: فإنه إذا اضطجع
اسْترْختْ مفاصِلُهُ) ".
(قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ وله أربع علل: ضعف أبي خالد الدالاني،
والانقطاع بينه وبين قتادة، والانقطاع بين قتادة وأبي العالية، والوقف. ولذلك
ضعف الحديث البخاريُ وأحمد- كما يأتي- والترمذي وإبراهيم الحربي وابن
حزم وغيرهم. ونقل النووي اتفاق أهل الحديث على ضعفه. وممن ضعفه
المصنف رحمه الله؛ وقد بين بعض ما أجملنا فقال:
" قال أبو داود: قوله: " الوضوء على من نام مضطجعاً ": هو حديث
منكر، لم يروه إلا يزيد أبو خالد الدالاني عن قتادة. وروى أوله جماعة عن ابن
عباس
…
لم يذكروا شيئاً من هذا، وقال (1) : كان النبي صلى الله عليه وسلم محفوظاً. وقالت
عائشة: قال النبي صلى الله عليه وسلم ِ،:" تنام عيناي ولا ينام قلبي ". وقال شعبة: إنما سمع
(1) من الظاهر أن القائل هو ابن عباس رضي الله عنه. لكن ما نقله البيهقي عن المصنف
يفيد خلاف ذلك؛ وهذا نصه في " سننه الكبرى "(1/121) : " قال أبو داود: وروى أوله
جماعة عن ابن عباس لم يذكروا شيئاً من هذا، وقال عكرمة: كان للنبي صلى الله عليه وسلم محفوظاً،
وقالت عائشة
…
إلخ ".
ثم أخرج البيهقي حديث ابن عباس من طريق أيوب وحميد وحماد الكوفي عن عكرمة
عن ابن عباس:
قتادة عن أبي العالية أربعة أحاديث: حديث يونس بن متى، وحديث ابن
عمر في الصلاة، وحديث:" القضاة ثلاثة "، وحديث ابن عباس: حدثني
رجال مرْضيون؛ منهم عمر، وأرضاهم عندي عمر ".
(قال أبو داود: وذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل فانْتهرني
استعظاماً له، فقال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة؟! ولم يعبأ
بالحديث) .
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نام، حتى سُمع له غطيط، فقام فصلى ولم يتوضأ.
قال عكرمة: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان محفوظاً.
وإسناده صحيح.
ثم أخرج نحوه عن سعيد بن جبير وكريب عن ابن عباس؛ وهما في " الصحيحين ".
وأخرجهما المصنف في أواخر " قيام الليل "، وسنوردهما في الكتاب الأخر إن شاء الله تعالى
(رقم/
…
) .
وحديث عائشة وصله البيهقي أيضاً؛ وهو متفق عليه.
قال في " عون المعبود ":
" ومقصود المؤلف من إيراد قول ابن عباس- أو عكرمة-، وحديث عائشة: تضعيف آخر
الحديث- أي سؤال ابن عباس بقوله: صليت ولم تتوضأ وقد نمت؟ وجوابه صلى الله عليه وسلم بقوله: " إنما
الوضوء على من نام مضطجعاً " -. وتقريره: أن آخر الحديث يدل على أن نومه صلى الله عليه وسلم مضطجعاً
ناقض لوضوئه، والحال أنه مخالف لحديث عائشة:" تنام عيناي ولا ينام قلبي "، ولقول ابن
عباس- أو عكرمة-: كان النبي صلى الله عليه وسلم محفوظاً. والحاصل أن آخر الحديث- مع أنه منكر-
مخالف في المعنى للحديث الصحيح المتفق عليه ".
وحديث ابن عمر- من الأحاديث الأربعة التي أشار إليها المصنف- لم أدْرِ أي حديث هو؟!
وأما الثلاثة الباقية فقد أخرجها المصنف:
فحديث يونس بن متى أخرجه في " السنة "[7- باب في التخيير بين الأنبياء] .
وحديث: " القضاة ثلاثة " في " القضاء ".
وحديث ابن عباس في [الصلاة/299- باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة] .
إسناده: حدثنا يحيى بن معين وهناد بن السًرِي وعثمان بن أبي شيبة عن
عبد السلام بن حرب- وهذا لفظ حديث يحيى- عن أبي خالد الدالاني.
والزيادة لعثمان وهناد.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال " الصحيح "؛ غير أبي خالد الدالاني
- واسمه يزيد بن عبد الرحمن بن أبي سلامة-، وهو مختلف فيه، وقد سقطت ترجمته
من " تهذيب التهذيب "(*) ؛ فلم يذكره في " الأسماء "، ولا في " الكنى "! واستدرك
ذلك في " التقريب "، فأورده فيه في الموضعين، أحال في الأول على الأخر، فقال فيه:
" صدوق، يخطئ كثيراً، وكان يدلس ".
ويأتي ذكر بعض أقوال الأئمة المتقدمين فيه.
ولهذا الحديث علل كثيرة: هذه إحداها.
والعلة الثانية: الانقطاع بين أبي خالد هذا وقتادة؛ فقال المصنف في
" المسائل "(ص 305) :
" سمعت أحمد سئل عن حديث يزيد الدالاني- وفي الأصل: الدالاي (إ)
وهو خطأ- عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنما
الوضوء على من نام مضطجعاً "؟ قال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب
قتادة؟! ورأيته لا يعبأ بهذا الحديث ".
قلت: وقد ذكر المصنف في الكتاب نحوه- كما سبق ذكره آنفاً-.
قال البيهقي في " سننه ":
" يعني به أحمدُ: ما ذكره البخاري من أنه لا يعرف لأبي خالد الدالاني
(*) لعل ترجمة المذكور سقطت في نسخة الشيخ؛ وإلا؛ فهي موجودة في نسخ أخرى
من " التهذيب " في " الكنى " منها.
سماع من قتادة ".
الثالثة: الانقطاع أيضاً بين قتادة وأبي العالية؛ لما ذكره المصنف من أن قتادة لم
يسمع من أبي العالية إلا أربعة أحاديث- ذكرها- وليس هذا منها.
العلة الرابعة: أن سعيد بن أبي عروبة رواه موقوفاً على ابن عباس؛ كما ذكره
الترمذي، ويأتي نص كلامه في ذلك.
ولذلك قال النووي في " المجموع "(2/20) : إنه
" حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث؛ وممن صرح بضعفه من المتقدمين أحمد
ابن حنبل والبخاري وأبو داود. قال أبو داود وإبراهيم: هو حديث منكر، ونقل إمام
الحرمين في كتابه " الأساليب " إجماع أهل الحديث على ضعفه، وهو كما قال
والضعف عليه بيِّنٌ ".
قلت: وممن ضعفه- غير من ذكر- الترمذي- كما في " التلخيص " -
والدارقطني والبيهقي- كما يأتي- وابن حزم في " المحلى "(1/226) .
لكن يخدج دعوى الإجماع على ضعفه: ما نقله ابن التركماني في " الجوهر
النقي " (1/121) عن ابن جرير الطبري: أنه صحّح الحديث!
وهذا قول ضعيف، والصواب أن الحديث ضعيف لما ذكرنا.
والحديث أخرجه الترمذي (1/111) ، والدارقطني (ص 58) ، والبيهقي
(1/121) ، وأحمد وابنه (1/256) من طرق عن عبد السلام بن حرب
…
به.
وقد شارك الترمذيّ المصنف في بعض شيوخه فيه- وهو هناد-، ثم قال: (ص
113) :
" وقد روى حديث ابن عباس سعيدُ بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن
عباس
…
قوْلهُ، ولم يذكر فيه: أبا العالية، ولم يرفعه ". وقال البيهقي: " قال أبو
عيسى الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: لا
شيء. ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس
…
قوله، ولم يذكر فيه
أبا العالية، ولا أعرف لأبي خالد الدالاني سماعاً من قتادة ". وقال الدارقطني:
" تفرد به أبو خالد عن قتادة؛ ولا يصح ". قال المنذري في " مختصره ":
" وذكر ابن حبان البسْتِيُّ أن يزيد الدالاني كان كثير الخطأ، فاحش الوهم،
يخالف الثقات في الروايات، حتى إذا سمعها المبتدى في هذه الصناعة علم أنها
معمولة أو مقلوبة، لا يجوز الاحتجاج به إذا وافق الثقات، فكيف إذا انفرد عنهم
بالمعضلات؟! وذكر أبو أحمد الكرابيسيّ الدالانيّ هذا، فقال: لا يتابع في بعض
أحاديثه. وسئل أبو حاتم الرازي عنه؟ فقال: صدوق ثقة. وقال الإمام أحمد: لا
بأس به. وقال ابن معين والنسائي: ليس به بأس. وقال البيهقي: فأما هذا
الحديث فإنه قد أنكره على أبي خالد الدالاني جميع الحفاظ، وأنكر سماعه من
قتادة أحمد بن حنبل والبخاري وغيرهما. ولعل الشافعي رضي الله عنه وقف على
علة هذا الأثر حتى رجع عنه في الجديد. هذا آخر كلامه. ولو فرِض استقامه حال
الدالاني؛ كان فيما تقدم من الانقطاع في إسناده، والاضطراب ومخالفه الثقات:
ما يعضد قول من ضعفه من الأئمة رضي الله عنهم أجمعين ".
إذا علمت ذلك؛ فلا تغتر بقول صاحب " التاج "(1/95) :.
" رواه أبو داود والترمذي بسندٍ مستقيم "!
ومن الغريب: أنه قلما يخالف المذكورين؛ فلما خالفهما؛ حاد عن الصواب،
وذلك أنني رأيته لا يحسن هذه الصناعة!
ولعله قلد في ذلك المحقق أحمد محمد شاكر، فقد ذهب في تعليقه على
" المحلى " إلى تحسين الحديث! ولكنه رجع عنه في تعليقه على " الترمذي " إلى