الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
123- باب من جهر بالبسملة
140-
عن يزيد الفارسي قال: سمعت ابن عباس قال:
قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدْتُمْ إلى (براءة) - وهي من
المِئِين-، وإلى (الأنفال) - وهي من المثاني فجعلتموهما في السبع
الطوالِ، ولم تكتبوا بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم) ؟!
قالا عثمان:
كان النبي صلى الله عليه وسلم مما ينزل عليه الآيات، فيدعو بعض من كان يكتب له،
ويقول له: ضعْ هذه الأية في السورة التي يُذْكرُ فيها كذا وكذا. وتنزل
عليه الاية والايتان، فيقول مثل ذلك. وكانت (الأنفال) من أول ما أنزل
عليه بالمدينة، وكانت (براءة) من آخر ما نزل من القران، وكانت قصتها
شبيهة بقصتها، فظننتُ أنها منها، فمن هناك وضعتها في السبع الطوالِ،
ولم أكتب بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم) .
وفي رواية عنه عن ابن عباس
…
بمعناه؛ قال فيه:
فقُبِضر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها.
(قلت: إسناده ضعيف؛ يزيد الفارسي ضعفه البخاري والعسقلاني) .
إسناده: أخبرنا عمرو بن عون: أخبرنا هُشيْمٌ عن عوف عن يزيد الفارسي.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير يزيد الفارسي، ولم تثبت
عدالته، وليس هو يزيد بن هرمز أبا عبد الله المدني- على الأرجح-؛ قال ابن أبي
حاتم في ترجمة ابن هرمز من " الجرح والتعديل "(4/2/293) :
" اختلفوا في يزيد أنه يزيد الفارسي أم لا؟ فقال عبد الرحمن بن مهدي:
…
هو
يزيد بن هرمز. وكذا قاله أحمد بن حنبل. وأنكر يحيى بن سعيد القطان أن يكونا
واحداً. وقال ابن المديني: ذكرت ليحيى قول عبد الرحمن بن مهدي بأن يزيد
الفارسي هو يزيد بن هرمز؟ فلم يعرفه، وقال: كان يكون مع الأمراء. فسمعت أبي
يقول: يزيد بن هرمز هذا ليس بيزيد الفارسي، هو سواه. فأما يزيد بن هرمز فهو
والد عبد الله بن يزيد بن هرمز، وكان ابن هرمز من أبناء الفرس الذين كانوا
بالمدينة، وجالسوا أبا هريرة- مثل أبي السائب مولى هشام بن زهرة ونظرائه-،
وليس هو بيزيد الفارسي البصري الذي يروي عن ابن عباس، روى عنه عوف
الأعرابي؛ وإنما يروي عن يزيد بن هرمز: الحارث بن أبي ذباب، وليس بحديثه
بأس. وكذلك صاحب ابن عباس لا بأس به ".
قلت: فقد جزم أبو حاتم أن يزيد الفارسي هو غير يزيد بن هرمز.
وهو معنا ما نقله عن يحيى عن سعيد، وقال الحافظ المزي والعسقلاني:
" وهو الصحيح ".
فإذا كان الأمر كذلك؛ فما حال يزيد الفارسي؟ قد سبق قول أبي حاتم فيه:
" لا بأس به "؛ مع أنه لم يذكر راوياً عنه غير عوف الأعرابي. وكأنه لذلك لم
يعرفه يحيى بن سعيد كما تقدم، وذكره البخاري في " كتاب الضعفاء " (ص
37) .
ومن ذلك يتبين أن يزيد الفارسي هو غير يزيد بن هرمز، وأنه لم تثبت عدالته،
ولذلك فلا يصح حديثه.
وأما ابن هرمز؛ فثقة احتج به مسلم. وعلى التفريق بينهما- ذاتاً وصفة- جرى
الحافظ في " التقريب "، فقال في هذا:
" مولى بني ليث، وهو غير يزيد الفارسي على الصحيح، وهو ثقة ". وقال في
الأول:
" مقبول "؛ يعني: عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث، كما نص عليه في
مقدمة الكتاب.
ثم إن في الحديث نكارة، وهو قوله: قُبِض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يبين لنا أنها
منها "!
فإنه ينافي قوله بعْدُ: وكانت الأنفال من أول ما أنزل عليه بالمدينة، وكانت
(براءة) من آخر ما نزل من القرآن.
وقد صح عن ابن عباس: أن الأنفال نزلت في بدر، يعني: سنة أربع (*) .
فتأخر نزول (براءة) كلها عن الأنفال- بهذا الفاصل المديد من الزمان- لهو
دليل واضح على أنهما سورتان، لا سورة واحدة، كما قال الطحاوي في " مشكل
الاثار " (2/152) ، وذكر لذلك شواهد من الأحاديث والاثار؛ فليراجعها من شاء.
والحديث أخرجه الترمذي (4/113- 114) ، والطحاوي في " شرح المعاتي "
(1/119) ، وفي " المشكل "(2/151- 152) ، والحاكم (2/221 و 330) ، والبيهقي
(2/42) ، وأحمد (1/57 و 69) من طرق عن يزيد الفارسي
…
به. وقال الترمذي:
" حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث عوف عن يزيد الفارسي عن ابن
عباس. ويزيد الفارسي هو من التابعين من أهل البصرة. ويزيد بن أبان الرقاشي هو
من التابعين من أهل البصرة، وهو أصغر من يزيد الفارسي، ويزيد الرقاشي إنما
يروي عن أنس بن مالك "! وقال الحاكم في الموضع الأول:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وقال في الموضع الأخر:
(*) كذا في أصل الشيخ! والصواب: اثنْتين. (الناشر) .