الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد تابعه ابن جريج: أخبرني محمد بن عمر بن علي
…
به.
أخرجه النسائي (1/123) ، والطحاوي والبيهقي وأحمد (رقم 1797) .
وسقط من إسناده- في رواية عنده (1817) -: عباس بن عبد الله! فصار
بذلك أشد انقطاعاً.
رواه من طريق عبد الرزاق، وهذا في " مصنفه "(28/2/2358) .
113- باب منْ قال: لا يقطع الصلاة شيءٌ
115-
عن مُجالِدٍ عن أبي الوداكِ عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" لا يقطعُ الصلاة شيء، وادرءُوا ما استطعتم؛ فإنما هو شيطان ".
(قلت: إسناده ضعيف- وكذا قال النووي-؛ وعلّته مجالد هذا- وهو ابن
أبي سعيد الهمْداني-، وهو سيئ الحفظ، وكان قد تغير في آخر عمره. وقد
اضطرب في هذا الحديث: فمرة يرفع الجملة الأولى منه- كما في هذه الرواية-،
ومرة يوقفها- كما في الرواية الاتية-، وهي أشبه بالصواب. وأما قوله:
" وادرءُوا
…
" إلخ؛ فهو حديث صحيح، له في الكتاب الأخر طريق أخرى
(رقم 694 و 695)) .
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: أنا أبو أسامة عن مجالد.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، كما قال النووي في " المجموع "(3/246) ؛ وعلته
من مجالد- وهو ابن سعيد الهمْداني الكوفي-، وقد ضعفه جمهور علماء
الحديث؛ لسوء حفظه، وكان قد تغير في آخر عمره، وقد روى عنه أبو أسامة هذا
- واسمه: حماد بن أسامة- بعد أن تغير، كما ذكر ابن مهدي، وروى له مسلم
مقروناً. وقال الذهبي:
" فيه لين ". وقال الحافظ:
" ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره ".
وبقية رجال الإسناد ثقات رجال مسلم. وقول ابن حزم في " المحلى "
(4/13) :
" أبو الوئاك ضعيف، ومجالد مثله "!
ليس بصواب؛ فإن أبا الوداك- واسمه: جبر بن نوف- ثقة احتج به مسلم،
ووثقه جماعة- منهم النسائي في رواية-، ولم نقف على من ضعفه؛ إلا النسائي
في الرواية الأخرى عنه.
والأولى هي الصواب؛ لموافقتها للأئمة الآخرين، ولأن الجرح المبهم لا
يقبل.
فعلة هذا الحديث إنما هو مجالد هذا.
وبه أعله المنذري في " مختصره ".
والحديث أخرجه البيهقي (2/178) من طريق أخرى عن أبي أسامة
…
به.
وأخرجه الدارقطني (ص 141) ؛ دون قوله: " وادرءوا ما استطعتم ".
وهذه الجملة من الحديث صحيحة ثابتة من طريق أخرى عن أبي سعيد
الخدري، في حديث له مضى في الكتاب الآخر برقم (694 و 695) .
والجملة الأولى منه قد رواها غير أبي أسامة عن مجالد
…
موقوفاً على أبي
سعيد؛ وهو الأشبه بالصواب. وهو:
116-
عن مجالد: ثنا أبو الوداك قال:
مرّ شاب من قريش بين يدي أبي سعيد الخدري وهو يصلي، فدفعه،
ثم عاد؛ فدفعه- ثلاث مرات-، فلما انصرف قال:
إن الصلاة لا يقطعها شيء، ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ادرءُوا ما استطعتم؛ فإنه شيطان ".
(قلت: إسناده ضعيف؛ لما علمت من حال مجالد) .
قال أبو داود: " إذا تنازع الخبران عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ نظِر إلى ما عمِل به
أصحابه من بعده " (1) .
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد: ثنا مجالد.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لما عرفت من حال مجالد في الرواية الأولى.
وقوله: " إن الصلاة لا يقطعها شيء " موقوف في رواية ابن زياد هذه.
وخالفه أبو أسامة- كما تقدم- فرواه مرفوعة.
ولعل الموقوف أصح؛ فقد روى سعيد بن منصور- بإسناد صحيح- عن علي
وعثمان وغيرهما نحو ذلك موقوفاً- كما في " الفتح "(1/466) -، قال:
" وأخرجها الدارقطني مرفوعة عن ابن عمر- وإسنادها ضعيف. ووردت أيضاً
(1) قلت: هذا صحيح إذا لم يمكن التوفيق بين الخبرين، وهو هنا ممكن كما سبق تحقيقه؛
فلا داعي للرجوع إلي عملهم من بعده.
مرفوعة من حديث أبي سعيد- عند أبي داود-، ومن حديث أنس وأبي أمامة
- عند الدارقطني-، ومن حديث جابر- عند الطبراني في " الأوسط "-؛ وفي إسناد
كل منها ضعف ".
قلت: وقد ضعف الزيلعي (2/76- 77) جميع هذه الروايات المرفوعة- حاشا
رواية أنس-. وقال الحافظ في " الدراية "(ص 104) :
" إسناده حسن "!
وفيما قاله نظر؛ فإن الدارقطني أخرجه (ص 140- 141) ، وكذا البيهقي
(2/177- 178) من طريق إبراهيم بن منقذ الخولاني: نا إدريس بن يحيى أبو
عمرو- المعروف بالخولاني- عن بكر بن مُضر عن صخر بن عبد الله بن حرملة أنه
سمع عمر بن عبد العزيز يقول: عن أنس بن مالك:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى بالناس، فمر بين أيديهم حمار، فقال عياش بن أبي
ربيعة: سبحان الله، سبحان الله! فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" منِ المسبِّح آنفاً: سبحان الله وبحمده؟ ". قال: فقال: أنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم!
إني سمعت أن الحمار يقطع الصلاة؟ قال:
" لا يقطعُ الصلاة شيء ".
وهذا إسناد ضعيف عندي؛ فإن إبراهيم بن مُنْقِذ الخوْلاني وشيخه إدريس بن
يحيى لم أجد من ترجمهما!
ومن العجيب ميْلُ الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على " الترمذي "
(2/164- 166) ، وعلى " المحلى "(4/13- 15) إلى تصحيح الحديث، مع اعترافه
بجهالة بعض رواته! حيث قال:
" ولم أجد ترجمة لإدريس هذا، وما أظن أحداً ضعفه. ولذلك لما أراد ابن
الجوزي في " التحقيق " أن ينصر مذهبه ضعف الحديث بصخر بن عبد الله، فأخطأً
جداً؛ لأنه زعمه: صخر بن عبد الله الحاجبي المِنْقرِي، وهو كوفي متأخر، روى عن
مالك والليث، وبقي إلى حدود سنة (230) . وأما الذىِ في الإسناد؛ فهو صخر
ابن عبد الله بن حرملة المُدْلِجِي، وهو حجازي قديم، كان في حدود سنة (130) ،
وهو ثقة "!!
قلت: وفيما ظن نظرٌ:
أولا: أنه مجرد ظن، والظن لا يغني من الحق شيئاً؛ فإن عدم العلم بالشيء
لا يستلزم نفي المعلوم، كما لا يخفى.
وثانياً: لو ثبت أنه لم يضعفه أحد؛ فلا يلزم منه ثبوت العدالة له؛ فإن لذلك
شروطاً مقررة في مصطلح الحديث معروفة، ولو أن أحدأ طرد هذا الذي ذهب إليه
الشيخ؛ لثبت عدالة كثيرين من الرواة المجهولين عندنا، بحجة أننا لا نعلم أن أحدا
ضعفهم! ولا يخفى بطلان هذا.
وثالثاً: أن انصراف ابن الجوزي عن هذه العلة إلى علة أخرى غير صحيحة: لا
يدلً على أن ليس هناك علة أخرى صحيحة؛ لجواز أنه ذهل عنها. وكثيراً ما رأينا
في إسناد غير ما حديث أكثر من علة واحدة، فيشتغل بعض الناقدين ببيان
إحداها، ويذهل بذلك عن الأخرى، وقد تكون هذه هما القادحة في صحة
الحديث، فلا ينتبه لها إلا من شاء الله! ولعله قد مضى في كتابنا هذا- من هذا
القبِيل- غير ما حديث، ومن ذلك الحديث التقدم برقم (4) ، فقد أعله الصنف بتفرد
همام، وليس كذلك! وإنما علته الحقيقية تدليس ابن جريج، كما بيناه هناك.
ثم إن الشيخ أحمد حفظه الله قوى الحديث بما نقله عن الباغندي في " مسند
عمر بن عبد العزيز " (ص 3) : حدثنا هشام بن خالد الأزرق: نا الوليد بن مسلم
عن بكر بن مضر المصري عن صخر بن عبد الله المدْلجِي قال: سمعت عمر بن
عبد العزيز يحدث عن عياش بن أبي ربيعة الخزومي قال:
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي يوماً بأصحابه
…
الحديث نحوه. قال الشيخ أحمد:
" هذا إسناد صحيح؛ إلا أن عمر بن عبد العزيز لم يسمع من عياش، فقد
مات سنة (15) ، ولكنه محمول على الروايه الأولى عن أنس "!
قلت: لكن هذه الرواية معلولة كما بينا؛ فلا يصح أن تتخذ موئلا في أن
الحديث موصول الأصل!
على أن في هذه الرواية الأخرى ما يعلها أيضاً، وذلك أن الوليد بن مسلم
مدلس- وقد عنعنه- فكيف يكون الحديث صحيحاً؟!
وبالجملة؛ فكل هذه الأحاديث ضعيفة الأسانيد، لا يحتج يشيء منها، لا
سيما وقد عارضها الحديث الصحيح:
" يقطع صلاة الرجلِ- إذا لم يكن بين يديه قِيد آخرة الرحل-: الحمارُ،
والكلب الأسود، والمرأة ".
أخرجه مسلم وغيره عن أبي ذر، وهو في الكتاب الآخر برقم (699) .
ولو أن هذه الأحاديث صحتْ؛ لكان الجمع بينها وبين حديث أبي ذر هذا
ممكناً بأن يقال: إن تلك مطلقة، وهذا مقيد، فيحمل المطلق على المقيد- كما في
علم الأصول تقيّد-، فينتج من ذلك أنه:
لا يقطع الصلاة شيء إذا كان بين يديه ما يستره، وإلا؛ قطعت بالثلاثة
المذكورة. وهذا في الواقع مفهوم حديث أبي ذر- كما لا يخفى-، بل قد جاء ذلك
منطوقاً في رواية عنه بلفظ: