الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَكَذَا، فَلَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَقَالَ الْقَاضِي: الْيَهُودِيَّةُ مِلَّةٌ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ مِلَّةٌ وَمَنْ عَدَاهُمَا مِلَّةٌ (وَيَرِثُ ذِمِّيٌّ حَرْبِيًّا وَعَكْسُهُ) أَيْ يَرِثُ الْحَرْبِيُّ الذِّمِّيَّ (وَ) يَرِثُ (حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنًا وَعَكْسُهُ) أَيْ يَرِثُ الْمُسْتَأْمَنُ الْحَرْبِيَّ (وَ) يَرِثُ (ذِمِّيٌّ مُسْتَأْمَنًا وَعَكْسُهُ) أَيْ يَرِثُ الْمُسْتَأْمَنُ الذِّمِّيَّ (بِشَرْطِهِ) وَهُوَ اتِّحَادُ الْمِلَّةِ، فَاخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ لَيْسَ بِمَانِعٍ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَاتِ مِنْ النُّصُوصِ تَقْتَضِي تَوْرِيثَهُمْ وَلَمْ يَرِدْ بِتَخْصِيصِهِمْ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِمْ قِيَاسٌ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِعُمُومِهَا.
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» أَنَّ أَهْلَ الْمِلَّةِ الْوَاحِدَةِ يَتَوَارَثُونَ وَضَبْطُ التَّوْرِيثِ بِالْمِلَّةِ وَالْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ (وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ أَحَدًا) مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ دِينٍ مِنْ الْأَدْيَانِ (إلَّا أَنْ يُسْلِمَ) الْمُرْتَدُّ (قَبْلَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ) فَيَرِثَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا يَرِثُهُ) أَيْ الْمُرْتَدَّ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ مِنْ الْكَافِرِ وَلَا مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُهُمْ فِي حُكْمِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الرِّدَّةِ (فَإِنْ مَاتَ) الْمُرْتَدُّ وَلَوْ أُنْثَى (فِي رِدَّتِهِ فَمَالُهُ فَيْءٌ) يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَلَيْسَ وَارِثًا كَمَا تَقَدَّمَ، بَلْ جِهَةٌ وَمَصْلَحَةٌ (وَالزِّنْدِيقُ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُسَمَّى مُنَافِقًا فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمُرْتَدٍّ) وَ (لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ) ظَاهِرًا (وَيَأْتِي فِي بَابِ الْمُرْتَدِّ) وَالنِّفَاقُ اسْمٌ إسْلَامِيٌّ لَمْ تَعْرِفْهُ الْعَرَبُ بِالْمَعْنَى الْمَخْصُوصِ بِهِ، وَهُوَ سَتْرُ الْكُفْرِ وَإِظْهَارُ الْإِيمَانِ.
وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ مَعْرُوفًا، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّافِقَاءِ، أَوْ مِنْ النَّفَقِ وَهُوَ السَّرَبُ الَّذِي يُسْتَتَرُ فِيهِ (وَمِثْلُهُ مُرْتَكِبُ بِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ كَجَهْمِيٍّ) وَاحِدِ الْجَهْمِيَّةِ وَهُمْ أَتْبَاعُ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ الْقَائِلِ بِالتَّعْطِيلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُشَبِّهَةِ وَنَحْوِهِمْ فَمَنْ لَمْ يَتُبْ لَا يَرِثْ وَلَا يُورَثْ.
[فَصْلٌ يَرِثُ مَجُوسِيٌّ إذَا أَسْلَمَ أَوْ حَاكَمَ إلَيْنَا]
(فَصْلٌ وَيَرِثُ مَجُوسِيٌّ وَنَحْوُهُ مِمَّنْ يَرَى حِلَّ نِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِ) إنْ أَمْكَنَ (إذَا أَسْلَمَ أَوْ حَاكَمَ إلَيْنَا) وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدٍ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفَ، فَإِذَا كَانَتْ الْأُمُّ أُخْتًا وَجَبَ إعْطَاؤُهَا مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا فِي الْآيَتَيْنِ كَالشَّخْصَيْنِ، وَلِأَنَّهُمَا قَرَابَتَانِ تَرِثُ
بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَةً لَا تَحْجُبُ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، وَلَا تُرَجَّحُ بِهَا فَتَرِثُ بِهِمَا مُجْتَمِعَيْنِ، كَزَوْجٍ هُوَ ابْنُ عَمٍّ أَوْ ابْنُ عَمٍّ هُوَ أَخٌ مِنْ أُمٍّ، وَكَذَوِي الْأَرْحَامِ الْمُدْلِينَ بِقَرَابَتَيْنِ (فَإِذَا خَلَّفَ أُمًّا وَهِيَ أُخْتُهُ مِنْ أَبِيهِ) لِكَوْنِ أَبِيهِ تَزَوَّجَ بِنْتَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ هَذَا الْمَيِّتَ (وَ) خَلَّفَ مَعَهَا (عَمَّا وَرِثَتْ الثُّلُثَ بِكَوْنِهَا أُمًّا وَ) وَرِثَتْ (النِّصْفَ بِكَوْنِهَا أُخْتًا وَالْبَاقِي) وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ (لِلْعَمِّ) لِحَدِيثِ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا» (فَإِنْ كَانَ مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْأُمِّ الَّتِي هِيَ أُخْتٌ (أُخْتٌ أُخْرَى لَمْ تَرِثْ) الْأُخْتُ الَّتِي هِيَ أُمٌّ (بِكَوْنِهَا أُمًّا إلَّا السُّدُسَ؛ لِأَنَّهَا انْحَجَبَتْ بِنَفْسِهَا وَبِالْأُخْرَى) ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ تُحْجَبُ عَنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ بِأُخْتَيْنِ وَقَدْ وُجِدَتَا.
(وَلَا يَرِثُونَ) أَيْ الْمَجُوسُ وَنَحْوُهُمْ (بِنِكَاحِ الْمَحَارِمِ) لِبُطْلَانِهِ (وَلَا) يَرِثُونَ أَيْضًا (بِنِكَاحٍ لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمُوا كَمَنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَتَهُ ثَلَاثًا) قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ.
(وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمَجُوسِيُّ بِنْتَهُ فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا ثُمَّ مَاتَ عَنْهُمَا فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ؛ لِأَنَّهُمَا ابْنَتَاهُ، وَلَا تَرِثُ الْكُبْرَى بِالزَّوْجِيَّةِ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُقَرَّانِ عَلَيْهَا (فَإِنْ مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ أَبِيهَا (فَقَدْ تَرَكَتْ بِنْتًا هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ فَلَهَا النِّصْفُ بِالْبُنُوَّةِ وَالْبَاقِي بِالْأُخُوَّةِ) لِأَنَّهَا بِنْتٌ وَأُخْتٌ.
(فَإِنْ مَاتَتْ الصُّغْرَى أَوَّلًا) أَيْ وَالْكُبْرَى بَاقِيَةٌ فَقَدْ تَرَكَتْ أُمًّا هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ فَلَهَا النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ.
(وَ) لَهَا (الثُّلُثُ) اثْنَانِ (بِالْقَرَابَتَيْنِ) أَيْ النِّصْفُ بالأختية وَالثُّلُثُ بِالْأُمُومَةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا ثُمَّ مَاتَ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ وَلِابْنَتِهِ النِّصْفُ فَإِنْ مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَهُ فَقَدْ خَلَّفَتْ بِنْتًا هِيَ بِنْتُ ابْنٍ فَلَهَا الثُّلُثَانِ بِالْقَرَابَتَيْنِ.
(وَلَوْ أَوْلَدَ مُسْلِمٌ ذَاتَ مَحْرَمٍ أَوْ غَيْرَهَا بِشُبْهَةٍ ثَبَتَ النَّسَبُ) لِلشُّبْهَةِ (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا) أَيْ ذَاتَ مَحْرَمِهِ (وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا فَوَطِئَهَا) فَأَتَتْ بِوَلَدٍ (ثَبَتَ النَّسَبُ وَوَرِثَ بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِ) قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَالْمَسَائِلُ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا قَرَابَتَانِ يَصِحُّ الْإِرْثُ بِهِمَا: سِتٌّ، إحْدَاهُنَّ فِي الذُّكُورِ، وَهِيَ عَمٌّ هُوَ أَخٌ مِنْ أُمٍّ، بِأَنْ يَنْكِحَ زَوْجَةَ ابْنِهِ الَّتِي أَوْلَدَهَا وَلَدًا فَوَلَدَتْ مِنْهُ أَيْضًا ابْنًا، فَهُوَ عَمٌّ لِوَلَدِ ابْنِهِ، وَأَخُوهُ لِأُمِّهِ وَخَمْسٌ فِي الْإِنَاثِ.
وَهِيَ: بِنْتٌ هِيَ أُخْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ وَأُمٌّ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمُّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمُّ أَبٍ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ قَالَ: وَمَتَى كَانَتْ الْبِنْتُ أُخْتًا وَالْمَيِّتُ رَجُلًا فَهِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَهِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ وَإِنْ قِيلَ: أُمٌّ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ أَوْ أُمُّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ أَوْ أُمُّ أَبٍ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ فَهُوَ مُحَالٌ.
(وَإِذَا مَاتَ ذِمِّيٌّ) أَوْ مُسْتَأْمَنٌ (لَا وَارِثَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ) وَلَا الْعَهْدِ وَلَا الْأَمَانِ (كَانَ مَالُهُ فَيْئًا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْفَيْءِ (وَكَذَا مَا فَضَلَ مِنْ مَالِهِ) أَيْ