الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْسَرِ بِالْبَعْضِ عَتَقَ بِقَدْرِ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ حَجَرَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ الْجَانِي وَبَادَرَ وَأَدَّى إلَى سَيِّدِهِ مَالَ الْكِتَابَةِ قَبْلَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (صَحَّ دَفْعُهُ إلَى السَّيِّدِ) وَعَتَقَ لِأَنَّهُ يَقْضِي حَقًّا عَلَيْهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَضَى بَعْضَ غُرَمَائِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَاسْتَقَرَّ ضَمَانُ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ.
(وَالْوَاجِبُ فِي الْفِدَاءِ) أَيْ فِدَاءِ الْمُكَاتَبِ (أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ إنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ (أَوْ أَرْشُ جِنَايَتِهِ) إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَعَ كَوْنِ الْأَرْشِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا مَوْضِعَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِهَا.
(وَلَا يُجْبَرُ الْمُكَاتَبُ عَلَى الْكَسْبِ لِوَفَاءِ دَيْنِ الْكِتَابَةِ) لِأَنَّ عَلَيْهِ فِي السَّعْيِ فِيهِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ، وَدَيْنُ الْكِتَابَةِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ (بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ) فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْكَسْبِ لِوَفَائِهَا لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ فِي مُدَّةِ الْكِتَابَةِ بِشَرْطٍ]
(فَصْلٌ وَإِنْ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ فِي مُدَّةِ الْكِتَابَةِ بِشَرْطِ) أَيْ مَعَ اشْتِرَاطِهِ عَلَيْهَا فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ أَنْ يَطَأهَا (جَازَ) لِبَقَاءِ أَصْلِ الْمِلْكِ كَرَاهِنٍ يَطَأُ بِشَرْطٍ ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَلِأَنَّ بُضْعَهَا مِنْ جُمْلَةِ مَنَافِعِهَا فَإِذَا اسْتَثْنَى نَفْعَهُ صَحَّ، كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى مَنْفَعَةً أُخْرَى وَجَازَ وَطْؤُهُ لَهَا لِأَنَّهَا أَمَتُهُ وَهِيَ فِي جَوَازِ وَطْئِهِ لَهَا كَغَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ لِاسْتِثْنَائِهِ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ وَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ يَتَوَجَّهُ جَوَازُ وَطْئِهَا بِلَا شَرْطٍ بِأَنَّهَا.
(وَ) حَيْثُ شَرَطَ وَطْأَهَا ف (لَا مَهْرَ) بِوَطْئِهِ إيَّاهَا لِأَنَّهُ وَطْءٌ يَمْلِكُهُ وَيُبَاحُ لَهُ كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ الْقِنُّ.
(وَ) إنْ وَطِئَ مُكَاتَبَته (بِلَا شَرْطٍ يُؤَدَّبْ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ مِنْهُ وَمِنْهَا) لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ سَيِّدَ الْمُكَاتَبَةِ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا (مَهْرُ) مِثْلِهَا (وَلَوْ) كَانَتْ (مُطَاوِعَةً) لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ (ك) مَا لَوْ وَطِئَ (أَمَتَهَا) لِأَنَّهُ عِوَضُ شَيْءٍ مُسْتَحَقٍّ لِلْمُكَاتَبَةِ فَكَانَ لَهَا كَبَقِيَّةِ مَنَافِعِهَا، وَعَدَمُ مَنْعِهَا مِنْ وَطْئِهِ لَيْسَ بِإِذْنٍ مِنْهَا لَهُ فِي الْفِعْلِ وَلِهَذَا لَوْ رَأَى مَالِكُ مَالٍ إنْسَانًا يُتْلِفُهُ فَلَمْ يَمْنَعْهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الضَّمَانُ، وَتَحْصُلُ الْمُقَاصَّةُ إنْ بَقِيَ لَهَا نَجْمٌ وَهُوَ بِذِمَّتِهِ بِشَرْطِهِ.
(وَلَا حَدَّ) بِوَطْئِهِ مُكَاتَبَتَهُ أَوْ أَمَتَهَا لِشُبْهَةِ الْمُلْكِ (فَإِنْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ) لِمُكَاتَبَتِهِ أَوْ لِأَمَتِهَا (قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَهْرَهُ فَمَهْرٌ وَاحِدٌ) لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ، وَهِيَ كَوْنُ الْمَوْطُوءَةِ مَمْلُوكَتَهُ أَوْ مَمْلُوكَةَ
مَمْلُوكَتِهِ كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ (وَمَتَى أَدَّى) السَّيِّدُ الْوَاطِئُ لِمُكَاتَبَتِهِ أَوْ لِأَمَتِهَا (مَهْرَ وَطْءٍ) ثُمَّ أَعَادَهُ (لَزِمَهُ مَهْرُ مَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْوَطْءِ الَّذِي أَدَّى مَهْرَهُ لِأَنَّ الْأَدَاءَ قَدْ قَطَعَ حُكْمَ الْوَطْءِ.
(فَإِنْ أَوْلَدَهَا) أَيْ أَوْلَدَ السَّيِّدُ مُكَاتَبَتَهُ (سَوَاءٌ وَطِئَهَا بِشَرْطٍ أَوْ لَا) صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهَا أَمَةٌ لَهُ مَا بَقِيَ عَلَيْهَا دِرْهَمٌ (أَوْ أَوْلَدَ أَمَتَهُ ثُمَّ كَاتَبَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) أَيْ بَقِيَتْ عَلَى كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مَعَ كَوْنِهَا مُكَاتَبَتَهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الِاسْتِيلَادِ وَالْكِتَابَةِ سَبَبٌ لِلْعِتْقِ فَلَا يَتَنَافَيَانِ وَوَلَدُهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بَعْدَ اسْتِيلَادِهَا تَابِعٌ لَهَا (وَوَلَدُهُ) أَيْ السَّيِّدِ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ (حُرٌّ) لِأَنَّهُ مِنْ أَمَتِهِ.
(فَإِنْ أَدَّتْ) الْمُكَاتَبَةُ الْمُسْتَوْلَدَةُ (عَتَقَتْ) بِالْأَدَاءِ (وَكَسْبُهَا لَهَا) كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوْلَدَةً.
(وَإِنْ مَاتَ) سَيِّدُهَا (وَلَمْ تُؤَدِّ) أَيْ قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ جَمِيعَ مَا كُوتِبَتْ عَلَيْهِ (أَوْ عَجَزَتْ) عَنْ أَدَاءِ مَا كُوتِبَتْ عَلَيْهِ أَوْ أُعِيدَتْ لِلرِّقِّ (عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ) لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ كُوتِبَتْ (وَسَقَطَ مَا بَقِيَ عَلَيْهَا مِنْ كِتَابَتِهَا) لِفَوَاتِ مَحِلِّ الْكِتَابَةِ بِالْعِتْقِ.
(وَمَا فِي يَدِهَا) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ الَّتِي عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ (لِوَرَثَتِهِ) أَيْ وَرَثَةِ السَّيِّدِ.
(وَلَوْ مَاتَ) السَّيِّدُ (قَبْلَ عَجْزِهَا) عَنْ أَدَاءِ مَا كُوتِبَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ بِغَيْرِ أَدَاءً وَتَقَدَّمَ فِي التَّدْبِيرِ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ) وَلَوْ قَبْلَ عَجْزِهِ فَإِنَّ مَا بِيَدِهِ يَكُونُ لِعَبْدِهِ وَتَقَدَّمَ.
(وَلَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ إجْبَارَ مُكَاتَبَتِهِ) عَلَى التَّزْوِيجِ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مِلْكٌ لَهَا لَا لَهُ (وَلَا) يَمْلِكُ السَّيِّدُ إجْبَارَ (ابْنَتِهَا) أَيْ ابْنَةِ مُكَاتَبَتِهِ عَلَى التَّزْوِيجِ (وَلَا) يَمْلِكُ أَيْضًا إجْبَارَ (أَمَتِهَا عَلَى التَّزْوِيج) لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا لِمَنَافِعِهَا كَمَا لَا يُؤَجِّرُهُنَّ (وَلَيْسَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ) أَيْ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ وَابْنَتِهَا وَأَمَتِهَا (التَّزْوِيجُ بِلَا إذْنِهِ) لِأَنَّ حَقَّهُ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْهُنَّ لِأَنَّهَا رُبَّمَا عَجَزَتْ فَيَعُدْنَ إلَى مِلْكِهِ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (وَطْءُ بِنْتِ مُكَاتَبَتِهِ وَلَوْ بِشَرْطٍ) لِأَنَّ حُكْمَ الْكِتَابَةِ ثَبَتَ فِيهَا تَبَعًا وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا حَالَ الْعَقْدِ فَاشْتَرَطَهُ (فَإِنْ فَعَلَ) بِأَنْ وَطِئَ بِنْتَ مُكَاتَبَتِهِ (فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) لِأَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ وَرُبَّمَا عَجَزَتْ أُمُّهَا فَعَادَتْ لِمِلْكِهِ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ (وَيَأْثَمُ) بِوَطْئِهِ لِابْنَةِ مُكَاتَبَتِهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَيُعَزَّرُ) عَلَيْهِ (وَلَهَا) أَيْ لِبِنْتِ الْمُكَاتَبَةِ (الْمَهْرُ) بِوَطْئِهِ لَهَا (حُكْمُهُ حُكْمُ كَسْبِهَا يَكُونُ لِأُمِّهَا) تَسْتَعِينُ بِهِ فِي كِتَابَتِهَا لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةِ بُضْعِهَا كَأُجْرَةِ خِدْمَتِهَا.
(فَإِنْ أَحْبَلَهَا) أَيْ أَحْبَلَ السَّيِّدُ بِنْتَ مُكَاتَبَتِهِ (صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) كَأُمِّهَا لِأَنَّهُ أَحْبَلَهَا بِحُرٍّ فِي مِلْكِهِ (وَالْوَلَدُ) لَهُ (حُرٌّ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ (وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السَّيِّدِ الَّذِي أَوْلَدَ بِنْتَ مُكَاتَبَتِهِ (قِيمَتُهَا) أَيْ قِيمَةُ بِنْتِ مُكَاتَبَتِهِ لِأَنَّ أُمَّهَا لَا تَمْلِكُهَا وَلَا قِيمَةَ وَلَدِهَا لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ فِي
مِلْكِهِ.
(وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ جَارِيَةٍ لِمُكَاتَبِهِ وَلَا) وَطْءُ (مُكَاتَبَتِهِ) أَيْ مُكَاتَبِهِ لِأَنَّ مِلْكَهُمَا لِلْمُكَاتَبِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِيهِمَا (فَإِنْ فَعَلَ) بِأَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبَتِهِ (أَثِمَ وَعُزِّرَ وَلَا حَدَّ) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ مَالِك الْمَالِكِ، فَهُوَ مَالِكٌ بِوَاسِطَةٍ (وَعَلَيْهِ) بِوَطْئِهِ لَهَا (مَهْرُهَا لِسَيِّدِهَا) الَّذِي هُوَ الْمُكَاتَبُ لِأَنَّهُ عِوَضُ مَنْفَعَتِهَا وَهِيَ لَهُ، فَكَذَا عِوَضُهُمَا.
(وَوَلَدُهُ) أَيْ السَّيِّدِ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ جَارِيَة مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبَتِهِ (حُرٌّ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ (وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِسَيِّدِهَا) لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَيْهِ إذْ الِاسْتِيلَادُ كَالْإِتْلَافِ (وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ) مِنْ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبَتِهِ لِأَنَّ وَلَدَ السَّيِّدِ كَجُزْءٍ مِنْهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهُ لِرَقِيقِهِ وَلِأَنَّهُ انْعَقَدَ حُرًّا.
(وَلَوْ كَاتَبَ اثْنَانِ جَارِيَتَهُمَا ثُمَّ وَطِئَهَا أَحَدُهُمَا أُدِّبَ فَوْقَ أَدَبِ الْوَاطِئِ الْمُكَاتَبَةَ الْخَالِصَةَ) لَهُ لِأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مُكَاتَبَةً وَمِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مُشْتَرَكَةً بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ الْخَالِصَةِ (وَعَلَيْهِ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَهَا فَإِذَا تَلِفَتْ بِالْوَطْءِ لَزِمَ مُتْلِفَهُمَا بَدَلُهَا وَهُوَ الْمَهْرُ (فَإِنْ وَطِئَاهَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ (فَلَهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَهْرٌ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ كَانَتْ) الْمُكَاتَبَةُ (بِكْرًا فَعَلَى) الْوَاطِئِ (الْأَوَّلِ مَهْرُ بِكْرٍ وَعَلَى) الْوَاطِئِ (الْآخَرِ مَهْرُ ثَيِّبٍ) بِاعْتِبَارِ الْحَالِ الَّتِي وَطِئَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَيْهَا.
(وَإِنْ أَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا فَوَلَدُهُ حُرٌّ) يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ (وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِحُرٍّ فِي شَيْءٍ يَمْلِكُ بَعْضَهُ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلسِّرَايَةِ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى مِنْ الْعِتْقِ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مِنْ الْمَجْنُونِ وَيَنْفُذُ مِنْ جَارِيَةِ ابْنِهِ وَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَرَضِ.
(وَ) تَصِيرُ أَيْضًا (مُكَاتَبَةً لَهُ) بِمَعْنَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى كِتَابَتِهَا فِي نَصِيبِهِ وَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ عَلَى كِتَابَتِهِ (كَمَا لَوْ اشْتَرَى نِصْفَهَا مِنْ شَرِيكِهِ وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُسْتَوْلِدِ (لَهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا مُكَاتَبَةً لَهُ) أَيْ لِشَرِيكِهِ (لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ) الْمُسْتَوْلَد (مُوسِرًا) بِنِصْفِ قِيمَتِهَا (أَدَّاهُ وَإِنْ كَانَ مُعَسِّرًا فَ) هُوَ (فِي ذِمَّتِهِ) إلَى أَنْ يُوسِرَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُسْتَوْلِدِ (لَهُ) أَيْ لِشَرِيكِهِ (نِصْفُ قِيمَةِ وَلَدِهَا) فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ سَبِيلِ هَذَا النِّصْفِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِشَرِيكِهِ فَقَدْ أَتْلَفَ رِقَّهُ عَلَيْهِ.
قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهَا فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَهَى وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَغْرَمُ فِي الْوَلَدِ شَيْئًا لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ فِي مِلْكِهِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَقَالَ هَذَا الْمَذْهَبُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ هَذَا
أَظْهَرُ وَهُوَ الْمُشَابِهُ لِمَا يَأْتِي فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ " تَنْبِيهٌ مُقْتَضَى كَلَامِهِ: أَنَّ نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِلشَّرِيكِ.
وَقَالَ فِي الْكَافِي وَيَكُونُ الْوَاجِبُ لِأُمِّهِ إنْ كَانَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ بَدَلُ وَلَدِهَا (وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا) وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لِشَرِيكِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ لَهَا كَمَا فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَكَمَا دَلَّ عَلَيْهِ أَوَّلُ كَلَامِهِ مِنْ، أَنَّ الْمَهْرَ إذَا وَجَبَ كَانَ لَهَا وَالصَّحِيحُ وُجُوبُ الْمَهْرِ كَامِلًا قَالَ فِي الْإِنْصَافِ.
وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ كَامِلًا أَوْ نِصْفُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَإِنْ أُلْحِقَ) الْوَلَدُ (بِهِمَا) أَيْ بِالشَّرِيكَيْنِ الْوَاطِئَيْنِ لَهَا (فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِمَا) لِأَنَّ الْوَلَدَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِمَا (يُعْتَقُ نِصْفُهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَ) يُعْتَق (بَاقِيهَا بِمَوْتِ الْآخَرِ) لِأَنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قُلْت لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوَّلًا مُوسِرًا ثُلُثُهُ بِقِيمَةِ الْبَاقِي، فَهَلْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُدَبَّرِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَوَّلًا لِكَوْنِهِ يُبْطِلُ حَقَّ صَاحِبِهِ مِنْ الْوَلَاءِ الَّذِي انْعَقَدَ بِسَبَبِهِ بِالِاسْتِيلَادِ قَالَ الشَّارِحُ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَوْلَى وَأَصَحُّ.
(وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ ارْجِعِي إلَى أَهْلِكِ فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَكِ وَيَكُونُ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ ذَلِكَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لِأَهْلِهَا فَأَبَوْا وَقَالُوا: إنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْك فَلْتَفْعَلْ وَيَكُونُ لَنَا وَلَاؤُكِ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ابْتَاعِي وَأَعْتِقِي فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِيعَتْ بَرِيرَةُ بِعِلْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ وَلَا وَجْهَ لِمَنْ أَنْكَرَهُ وَلَا أَعْلَمُ خَبَرًا يُعَارِضُهُ وَلَا أَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَخْبَارِ مَا دَلَّ عَلَى عَجْزِهَا وَتَأَوَّلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ عَجَزَتْ وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَلْ قَوْلُهَا " أَعِينِينِي " دَلَّ عَلَى بَقَائِهَا عَلَى الْكِتَابَةِ.
(وَ) تَجُوزُ (هِبَتُهُ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ) كَالْبَيْعِ (وَوَلَدُهُ التَّابِعُ لَهُ) فِي كِتَابَتِهِ كَهُوَ، فَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَالْوَصِيَّةُ مَعَ الْمُكَاتَبِ لَا مُنْفَرِدًا لِأَنَّهُ عَبْدٌ لَهُ كَأَصْلِهِ وَلِذَلِكَ صَحَّ عِتْقُهُ لَهُ بِخِلَافِ ذَوِي رَحِمِ الْمُكَاتَبِ الْمَحْرَمِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَبِيدًا لِسَيِّدِهِ (وَتَقَدَّمَ فِي الْهِبَةِ) أَنَّهُ تَصِحُّ هِبَةُ الْمُكَاتَبِ (وَ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ (الْمُوصَى إلَيْهِ) يَعْنِي لَهُ: أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمُكَاتَبِ.
(وَمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ) الْمُكَاتَبُ (بِبَيْعٍ
أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَنَحْوِهَا) يَقُومُ مَقَامَ مُكَاتِبِهِ بِكَسْرِ التَّاءِ (يُؤَدِّي إلَيْهِ) الْمُكَاتَبُ (مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ، فَإِذَا أَدَّى إلَيْهِ عَتَقَ، وَوَلَاؤُهُ لِمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ فَلَمْ تَنْفَسِخْ بِنَقْلِ الْمِلْكِ فِي الْمُكَاتَبِ (وَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ عَنْ الْأَدَاءِ لِمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ (عَادَ قِنًّا) لِأَنَّ حُكْمَهُ مَعَ بَائِعِهِ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ.
(وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرِيه) أَيْ الْمُكَاتِبُ (أَنَّهُ مُكَاتَبٌ فَلَهُ الرَّدُّ أَوْ الْأَرْشُ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ نَقْصٌ، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَنَافِعِهِ وَكَسْبِهِ وَقَدْ انْعَقَدَ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ فِيهِ أَشْبَهَ الْأَمَةَ الْمُزَوَّجَةَ.
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ) كَدَيْنِ السَّلَمِ فَإِنْ سَلَّمَ الْمُكَاتَبُ إلَى الْمُشْتَرِي نُجُومَهُ فَقِيلَ يُعْتَقُ وَيَبْرَأُ الْمُكَاتَبُ وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَضَمَّنَ الْإِذْنَ فِي، الْقَبْضِ أَشْبَهَ قَبْضَ الْوَكِيلِ وَقِيلَ لَا يُعْتَقُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَنِبْهُ فِي الْقَبْضِ وَإِنَّمَا قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ بِحُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَكَانَ الْقَبْضُ فَاسِدًا فَلَمْ يُعْتَقْ بِخِلَافِ وَكِيلِهِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَمَالُ الْكِتَابَةِ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ وَيَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ لَمْ يَصِحَّ تَسْلِيمُهُ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْن الْمُكَاتَبِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
(وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ السَّيِّدِ لِمُكَاتَبِهِ) وَتَقَدَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ (وَ) يَصِحُّ (دَفْعُ زَكَاتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى مُكَاتَبِهِ وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ (وَإِنْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُكَاتَبَيْنِ) الْمُكَاتَبَ (الْآخَرَ صَحَّ شِرَاءُ الْأَوَّلِ) لِأَنَّ التَّصَرُّفَ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ شِرَاءِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ سَيِّدَهُ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى تَنَاقُضِ الْأَحْكَامِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ أَنَا مَوْلَاك وَلِي وَلَاؤُك وَإِنْ عَجَزْت صِرْت لِي رَقِيقًا.
(وَسَوَاءٌ كَانَا) أَيْ الْمُكَاتَبَانِ (لِوَاحِدٍ أَوْ لِاثْنَيْنِ) لِأَنَّ الْعِلَّةَ كَوْنُ الْعَبْدِ لَا يَمْلِكُ سَيِّدَهُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا فَإِنْ أَدَّى الْمَبِيعُ مِنْهُمَا عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلسَّيِّدِ عَلَى مُقْتَضَى مَا سَبَقَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِكَوْنِ الْعِتْقِ تَمَّ بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَيَحْصُلُ الْإِنْعَامُ عَلَيْهِ بِإِذْنِهِ فِيهِ وَهَهُنَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِهِ فَلَا نِعْمَةَ لَهُ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ وَلَاءٌ مَا لَمْ يَعْجِزْ سَيِّدُهُ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ مَوْقُوفًا ذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ فِي الشَّرْحِ (فَإِنْ جَهِلَ الْأَوَّلَ) مِنْ الْبَيْعَيْنِ (بَطَلَ الْبَيْعَانِ وَيُرَدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى كِتَابَتِهِ) كَنِكَاحِ الْوَلِيَّيْنِ إذَا أَشْكَلَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا وَلَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ إلَى فَسْخٍ وَلَا قُرْعَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ يَقِينُ الْبَيْعِ فِي وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى فَسْخٍ.
(وَإِنْ أُسِرَ) الْمُكَاتَبُ (فَاشْتَرَاهُ أَحَدٌ فَلِسَيِّدِهِ أَخْذُهُ بِمَا اشْتَرَى بِهِ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ سَيِّدُهُ إلَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَاجِبٌ أَخْذُهُ فَيَأْخُذُهُ بِثَمَنِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُدَبَّرِ.
(وَهُوَ)