الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ إثْمُ مَا أَدْخَلَ عَلَى قَلْبِ مَالِكِهِ مِنْ أَلَمِ الْغَصْبِ وَمَضَرَّةِ الْمَنْعِ مِنْ مِلْكِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَلَا يَزُولُ إثْمُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّوْبَةِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: أَنَّ بِالضَّمَانِ وَالْقَضَاءِ بِلَا تَوْبَةٍ يَزُولُ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَيَبْقَى مُجَرَّدُ حَقِّ اللَّهِ وَذَكَر الْمَجْدُ فِيمَنْ ادَّانَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ فَعَجَزَ: لَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ.
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِير: بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحِلُّ وِفَاقٍ (وَلَوْ رَدَّهُ) أَيْ: الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَنَحْوَهُ (وَارِثُ الْغَاصِبِ) أَوْ السَّارِقِ وَنَحْوُهُ (فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ) أَوْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَنَحْوِهِ (مُطَالَبَتُهُ) أَيْ: الْغَاصِبِ أَوْ السَّارِقِ وَنَحْوِهِ (فِي الْآخِرَةِ نَصًّا) ؛ لِأَنَّ الْمَظَالِمَ لَوْ انْتَقَلَتْ لَمَا اسْتَقَرَّ لِمَظْلُومٍ حَقٌّ فِي الْآخِرَةِ.
[فَصْلٌ فِيمَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَالُ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ]
(فَصْلٌ) فِيمَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَالُ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ (وَمَنْ أَتْلَفَ) مِنْ مُكَلَّفٍ وَغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ رَبُّهُ (وَلَوْ) كَانَ الْإِتْلَافُ (خَطَأً أَوْ سَهْوًا مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ: الْمَالِكِ (ضَمِنَهُ) أَيْ: ضَمِنَ الْمُتْلِفُ مَا أَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ كَمَا لَوْ غَصَبَهُ فَتَلِفَ عِنْدَهُ وَاحْتُرِزَ بِالْمَالِ عَنْ الْكَلْبِ وَالسَّرْجَيْنِ النَّجَسِ وَنَحْوِهِمَا (سِوَى إتْلَافِ حَرْبِيٍّ مَالَ مُسْلِمٍ) وَعَكْسِهِ وَعَادَلَ مَالَ بَاغٍ وَعَكْسِهِ حَالَ الْحَرْبِ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُتْلِفُ وَيَأْتِي (وَغَيْرِ الْمُحْتَرَمِ كَمَالِ حَرْبِيٍّ وَصَائِلٍ وَرَقِيقٍ حَالَ قَطْعِهِ الطَّرِيقَ وَنَحْوهِمْ) كَآلَاتِ لَهْوٍ وَآنِيَةِ خَمْرٍ وَآنِيَةِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَصَلِيبٍ وَصَنَمٍ وَنَحْوِهَا (لَا يَضْمَنُهُ) مُتْلِفُهُ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِ وَيَأْتِي.
(وَإِنْ أُكْرِهَ إنْسَانٌ عَلَى إتْلَافِهِ) أَيْ: الْمَالِ الْمَضْمُونِ (ضَمِنَهُ مُكْرِهُهُ) وَلَوْ كَانَ مَالَ الْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ مِنْ الْمُكْرِهِ، وَأَمَّا الْمُكْرَهُ فَهُوَ كَالْآلَةِ.
(وَمَنْ أَغْرَى ظَالِمًا بِأَخْذِ مَالِ إنْسَانٍ وَدَلَّهُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْإِنْسَانِ أَوْ مَالِهِ (ضَمِنَهُ) الْمُغْرِي لِتَسَبُّبِهِ (أَفْتَى بِهِ ابْنُ الزَّرِيرَانِيِّ) وَلَعَلَّهُ جَوَابُ سُؤَالٍ فَلَا يُحْتَجُّ بِمَفْهُومِهِ وَأَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْإِغْرَاءِ أَوْ الدَّلَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي ظُلْمِهِ فَهْوَ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ.
(وَإِنْ غَرِمَ) إنْسَانٌ (بِسَبَبِ كَذِبٍ عَلَيْهِ عِنْدَ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَلَهُ) أَيْ: الْغَارِمِ (تَغْرِيمُ الْكَاذِبِ) لِتَسَبُّبِهِ فِي ظُلْمِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخِذِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي الْحَجْرِ) وَتَقَدَّمَتْ لَهُ نَظَائِرُ أَيْضًا وَمِثْلُهُ مَنْ شَكَا إنْسَانًا ظُلْمًا فَأَغْرَمَهُ شَيْئًا لِحَاكِمٍ سِيَاسِيٍّ كَمَا أَفْتَى بِهِ قَاضِي الْقُضَاةِ الشِّهَابُ ابْنُ النَّجَّارِ وَلَمْ يَزَلْ مَشَايِخُنَا
يُفْتُونَ بِهِ بَلْ لَوْ غَرَّمَهُ شَيْئًا لِقَاضٍ ظُلْمًا كَانَ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ فِيمَا غَرِمَهُ رَبُّ الدَّيْنِ بِمَطْلِ الْمَدِينِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبِهِ.
(وَإِنْ أَذِنَ رَبُّ الْمَالِ فِي إتْلَافِهِ) أَوْ دَفَعَهُ إلَى مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِحَظِّهِ (فَأَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْ الْمُتْلِفُ) مَا أَتْلَفَهُ لِتَسْلِيطِ رَبِّهِ لَهُ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ فَتَحَ) إنْسَانٌ (قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ) مَمْلُوكٍ مُحْتَرَمٍ أَوْ فَتَحَ إصْطَبْلَ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ (أَوْ حَلَّ إنْسَانٌ قَيْدَ عَبْدِهِ أَوْ) حَلَّ قَيْدَ (أَسِيرٍ أَوْ دَفَعَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ: الْعَبْدِ أَوْ الْأَسِيرِ (مِبْرَدًا فَبَرَدَهُ) أَيْ: الْقَيْدَ (فَذَهَبُوا) أَيْ: الطَّائِرُ وَالْعَبْدُ وَالْأَسِيرُ ضَمِنَ الْفَاتِحُ وَالْحَالُّ وَدَافِعُ الْمَبْرَدِ لِتَسَبُّبِهِ فِي الضَّيَاع.
(أَوْ حَلَّ إنْسَانٌ رِبَاطَ سَفِينَةٍ فَغَرِقَتْ بِعُصُوفِ رِيحٍ أَوْ لَا) ضَمِنَ.
(أَوْ فَتَحَ إصْطَبْلًا) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ (فَضَاعَتْ الدَّابَّةُ أَوْ حَلَّ رِبَاطَ فَرَسٍ) فَفَاتَتْ ضَمِنَهَا.
(أَوْ) حَلَّ (وِكَاءَ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَهُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُرْبَطُ بِهِ نَحْوُ الْقِرْبَةِ (زِقٍّ) بِكَسْرِ الزَّايِ أَيْ: ظَرْفٍ (مَائِعٍ) فَانْدَفَقَ (أَوْ) حَلَّ وِكَاءَ زِقٍّ (جَامِدٍ فَأَذَابَتْهُ الشَّمْسُ) فَانْدَفَقَ ضَمِنَهُ فَإِنْ قَرَّبَ إلَيْهِ شَخْصٌ نَارًا فَذَابَ بِهَا فَقِيَاسُ مَذْهَبِنَا: يَضْمَنهُ بِقُرْبِ النَّارِ كَالدَّافِعِ مَعَ الْحَافِرِ قَالَهُ الْمَجْدُ (أَوْ بَقِيَ) الزِّقُّ (بَعْد حَلِّهِ قَاعِدًا فَأَلْقَتْهُ رِيحٌ أَوْ) أَلْقَتْهُ (زَلْزَلَةٌ فَانْدَفَقَ فَخَرَجَ) مَا فِيهِ (كُلُّهُ فِي الْحَالِ أَوْ) خَرَجَ (قَلِيلًا قَلِيلًا أَوْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَلْ أَسْفَلُهُ) أَيْ: الزِّقِّ (فَسَقَطَ) فَانْدَفَقَ (أَوْ ثَقُلَ أَحَدُ جَانِبَيْهِ) أَيْ: الزِّقِّ بَعْدَ حَلِّ وِكَائِهِ (فَلَمْ يَزَلْ يَمِيلُ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى سَقَطَ ضَمِنَهُ) أَيْ: ضَمِنَ الْمُتَسَبِّبُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ تَعَدِّيهِ سَوَاءٌ (تَعَقَّبَ ذَلِكَ فِعْلَهُ أَوْ تَرَاخَى عَنْهُ) وَسَوَاءٌ (هَاجَ الطَّائِرُ أَوْ الدَّابَّةُ حَتَّى ذَهَبَا أَوْ لَا) ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِسَبَبِ فِعْلِهِ فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ وَكَمَنْ قَطَعَ عِلَاقَةَ قِنْدِيلٍ فَسَقَطَ فَانْكَسَرَ قَالَ فِي الْفُنُونِ: إلَّا مَا كَانَ مِنْ الطُّيُورِ يَأْلَفُ الرَّوَاحَ وَيَعْتَادُ الْعَوْدَ فَلَا ضَمَانَ فِي إطْلَاقِهِ إتْلَافًا.
(وَمِثْلُهُ لَوْ أَزَالَ يَدَ إنْسَانٍ عَنْ عَبْدٍ أَوْ) عَنْ حَيَوَانٍ (فَهَرَبَ إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ مِمَّا يَذْهَبُ بِزَوَالِ الْيَدِ) عَنْهُ (كَالطَّيْرِ وَالْبَهَائِمِ الْوَحْشِيَّةِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَالْعَبْدِ الْآبِقِ) فَيَضْمَنهُ مَنْ أَزَالَ يَدَ رَبِّهِ عَنْهُ لِتَسَبُّبِهِ فِي فَوَاتِهِ.
(أَوْ نَفَّرَ الدَّابَّةَ بِأَنْ صَرَخَ فِيهَا حَتَّى شَرَدَتْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ) أَيْ: أَنَّهَا تَنْفِرُ بِصِيَاحِهِ فَيَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ يَسْتَوِي فِيهِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ.
(وَكَذَا لَوْ أَزَالَ يَدَهُ الْحَافِظَةَ) لِمَتَاعِهِ (حَتَّى نَهَبَهُ النَّاسُ أَوْ) حَتَّى (الدَّوَابُّ أَفْسَدَتْهُ أَوْ) أَفْسَدَتْهُ (النَّارُ أَوْ) أَفْسَدَهُ (الْمَاءُ) فَيَضْمَنُهُ (بِأَنْ فَتَحَ بَابَهُ) تَعَدِّيًا (فَيَجِيءُ غَيْرُهُ فَيَنْهَبُ الْمَالَ أَوْ يَسْرِقُهُ) أَوْ يُفْسِدُهُ بِحَرْقٍ أَوْ غَرَقٍ فَلِرَبِّ الْمَالِ تَضْمِينُ فَاتِحِ الْبَابِ لِتَسَبُّبِهِ فِي الْإِضَاعَةِ (وَالْقَرَارُ عَلَى الْآخِذِ) لِمُبَاشَرَتِهِ فَإِنْ ضَمِنَهُ
رَبُّ الْمَالِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ وَإِنْ ضَمِنَ الْفَاتِحُ رَجَعَ عَلَى (الْآخِذِ) .
(وَلَوْ ضَرَبَ إنْسَانٌ يَدَ آخَرَ وَفِيهَا) أَيْ: الْيَدِ (دِينَارٌ فَضَاعَ) الدِّينَارُ (ضَمِنَهُ) الضَّارِبُ لِتَسَبُّبِهِ فِي إضَاعَتِهِ.
(وَلَوْ خَاصَمَهُ فَأَسْقَطَ عِمَامَتَهُ عَنْ رَأْسِهِ بِيَدِهِ أَوْ هَزَّهُ حَتَّى سَقَطَتْ) عِمَامَتُهُ عَنْ رَأْسِهِ (فَتَلِفَتْ) لِوُقُوعِهَا فِي نَارٍ وَنَحْوِهَا (أَوْ) سَقَطَتْ (فِي زِحَامٍ) بِسَبَبِ هَزِّهِ وَنَحْوِهِ (فَضَاعَتْ ضَمِنَهَا) الَّذِي سَقَطَتْ بِفِعْلِهِ لِتَعَدِّيهِ قُلْتُ: فَإِنْ وَقَعَتْ فِي نَحْوِ قَذَرٍ يُنْقِصُهَا فَعَلَيْهِ أَرْشُ النَّقْصِ.
(وَلَوْ أَقَامَ عَمُودًا) وَنَحْوَهُ (بِجِدَارِهِ الْمَائِلِ) يَمْنَعهُ مِنْ السُّقُوطِ (فَجَاءَ آخَرُ وَرَفَعَ الْعَمُودَ) أَوْ نَحْوَهُ تَعَدِّيًا (فَسَقَطَ الْجِدَارُ فِي الْحَالِ ضَمِنَهُ) الرَّافِعُ لِلْعَمُودِ وَنَحْوِهِ لِتَعَدِّيهِ.
(وَإِنْ وَقَعَ طَائِرُ إنْسَانٍ عَلَى جِدَارٍ فَنَفَّرَهُ آخَرُ) صَاحِبُ الْجِدَارِ أَوْ غَيْرُهُ (فَطَارَ يَضْمَنُهُ الْمُنَفِّرُ) ؛ لِأَنَّ تَنْفِيرَهُ لَمْ يَكُنْ سَبَبَ فَوَاتِهِ فَإِنَّهُ كَانَ مُمْتَنِعًا قَبْلَ ذَلِكَ (وَإِنْ رَمَاهُ) إنْسَانٌ (فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُ) الرَّامِي (وَإِنْ كَانَ) فِي دَارِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ تَنْفِيرِهِ بِغَيْرِ قَتْلِهِ.
(وَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ: الطَّائِرَ (وَهُوَ مَارٌّ فِي هَوَاءِ دَارِهِ أَوْ) وَهُوَ مَارٌّ فِي هَوَاءِ دَارِ غَيْرِهِ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَنْعُ الطَّائِرِ مِنْ الْهَوَاءِ.
(وَلَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ الْمَحْلُولَةُ عَقُورًا وَجَنَتْ) بَعْدَ حَلِّهَا أَوْ فَتْحِ إصْطَبْلِهَا وَنَحْوِهِ (ضَمِنَ) الْحَالُّ وَنَحْوُهُ (جِنَايَتَهَا) ؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِيهَا (كَمَا لَوْ حَلَّ سِلْسِلَةَ فَهْدٍ أَوْ سَاجُورَ كَلْبٍ فَعَقَرَا) فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَالِّ لِتَسَبُّبِهِ وَالسَّاجُورُ: خَشَبَةٌ تُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْكَلْبِ.
(وَإِنْ أَفْسَدَتْ) الدَّابَّةُ الْمَحْلُولَةُ (زَرْعَ إنْسَانٍ فَكَإِفْسَادِ دَابَّةِ نَفْسِهِ) زَرْعَ غَيْرِهِ (عَلَى مَا سَيَأْتِي) تَفْصِيلُهُ فِي جِنَايَاتِ الْبَهَائِمِ.
(وَلَوْ فَتَحَ) إنْسَانٌ (بَثْقًا) بِتَقْدِيمِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْجِسْرُ الَّذِي يَحْبِسُ الْمَاءَ (فَأَفْسَدَ بِمَائِهِ زَرْعًا أَوْ بُنْيَانًا) قُلْت: أَوْ غِرَاسًا (ضَمِنَ) فَاتِحُ الْبَثْقِ مَا تَلِفَ بِسَبَبِهِ قُلْتُ وَعَلَى قِيَاسِهِ: لَوْ فَاتَ بِهِ رَيُّ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَتْ تُرْوَى بِسَبَبِ سَدِّهِ فَيَضْمَنُ فَاتِحُهُ خَرَاجَهُ وَعَلَى قِيَاسِهِ: لَوْ فَرَّطَ مَنْ يَلِي سَدَّ الْبَثْقِ فِيهِ فَأَزَالَهُ الْمَاءُ عِنْد عُلُوِّهِ وَأَتْلَفَ شَيْئًا أَوْ فَاتَ بِهِ رَيُّ شَيْءٍ مِنْ الْأَرَاضِي.
(كَمَا لَوْ أَطْلَقَ دَابَّةً رَمُوحًا مِنْ شِكَالٍ أَيْ: تَضْرِبُ بِرِجْلِهَا) بَيَانٌ لِلرَّمُوحِ فَيَضْمَنُ مَنْ أَطْلَقَهَا مَا تَلِفَ بِهَا.
(وَإِنْ رَمَى) أَيْ: أَلْقَى (الزِّقَّ الَّذِي بَقِيَ بَعْدَ حَلِّ وِكَائِهِ قَاعِدًا إنْسَانٌ آخَرُ اخْتَصَّ الضَّمَانُ بِهِ) أَيْ: بِالْمُلْقِي لِلزِّقِّ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ الْإِتْلَافَ.
(وَإِنْ بَقِيَ الطَّائِرُ) بَعْدَ فَتْحِ قَفَصِهِ (وَ) بَقِيَ (الْفَرَسُ) بَعْدَ حَلِّ قَيْدِهِ أَوْ فَتْحِ إصْطَبْلِهِ (بِحَالِهِمَا فَنَفَّرَهُمَا آخَرُ ضَمِنَهُمَا الْمُنَفِّرُ) وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ أَخَصُّ فَاخْتَصَّ الضَّمَانُ بِهِ كَدَافِعِ الْوَاقِعِ فِي الْبِئْرِ مَعَ حَافِرِهَا وَكَذَا لَوْ حَلَّ إنْسَانٌ حَيَوَانًا وَحَرَّضَهُ آخَرُ فَجَنَى فَإِنَّ ضَمَانَ جِنَايَتِهِ عَلَى الْمُحَرِّضِ.
(وَإِنْ أَتْلَفَ وَثِيقَةً لَا يَثْبُتُ) الْمَالُ (إلَّا بِهَا) وَتَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ (ضَمِنَهُ) مُتْلِفُهَا؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي إضَاعَتِهِ (لَا إنْ دَفَعَ) إنْسَانٌ (مِفْتَاحًا إلَى لِصٍّ) فَسَرَقَ اللِّصُّ مَا فِي الدَّارِ الْمَدْفُوعِ مِفْتَاحُهَا إلَيْهِ فَالضَّمَانُ عَلَى اللِّصِّ دُونَ الدَّافِعِ؛ لِأَنَّ اللِّصَّ مُبَاشِرٌ وَالدَّافِعَ مُتَسَبِّبٌ وَإِحَالَةُ الْحُكْمِ عَلَى الْمُبَاشِرِ أَوْلَى مِنْ الْمُتَسَبِّبِ.
(وَلَوْ حَبَسَ مَالِكٌ دَوَابَّ فَتَلِفَتْ) الدَّوَابُّ بِسَبَبِ حَبْسِهِ (لَمْ يَضْمَنْ) حَابِسُ الدَّوَابِّ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْحَبْسِ بِحَقٍّ أَوْ غَيْرِهِ.
(وَإِنْ رَبَطَ دَابَّةً) فِي طَرِيقٍ وَلَوْ وَاسِعًا (أَوْ أَوْقَفَهَا فِي طَرِيقٍ وَلَوْ) كَانَ الطَّرِيقُ (وَاسِعًا وَيَدُهُ عَلَيْهَا) بِأَنْ كَانَ رَاكِبًا أَوْ نَحْوَهُ (فَأَتْلَفَتْ) الدَّابَّةُ (شَيْئًا) ضَمِنَهُ مَنْ رَبَطَهَا أَوْ أَوْقَفَهَا (أَوْ جَنَتْ) الدَّابَّةُ (بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ فَمٍ) ضَمِنَ رَابِطُهَا وَمُوقِفُهَا لِحَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا «مَنْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ فَأَوْطَأَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَهُوَ ضَامِنٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَلِأَنَّ طَبْعَ الدَّابَّةِ الْجِنَايَةُ بِفَمِهَا أَوْ رِجْلِهَا فَإِيقَافُهَا فِي الطَّرِيقِ كَوَضْعِ الْحَجَرِ وَنَصْبِ السِّكِّينِ فِيهِ وَظَاهِرُهُ: لَا يَضْمَنُ جِنَايَةَ ذَنَبِهَا.
(أَوْ تَرَكَ) أَيْ: أَلْقَى (فِي الطَّرِيقِ طِينًا أَوْ قِشْرَ بِطِّيخٍ أَوْ رَشَّ فِيهِ مَاءً فَزَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ) ضَمِنَهُ مُلْقِي الطِّينِ أَوْ الْقِشْرِ أَوْ الرَّاشُّ لَكِنْ لَوْ كَانَ الرَّاشُّ لِتَسْكِينِ الْغُبَارِ عَلَى الْمُعْتَادِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ.
(أَوْ) أَلْقَى (خَشَبَةً أَوْ عَمُودًا أَوْ حَجَرًا) فِي الطَّرِيقِ لَا فِي نَحْوِ مَطَرٍ لِيَمْشِيَ عَلَيْهِ النَّاسُ (أَوْ كِيسَ دَرَاهِمَ أَوْ أَسْنَدَ خَشَبَةً إلَى حَائِطٍ) وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ مَالَ إلَى السُّقُوطِ (فَتَلِفَ بِهِ) أَيْ: بِوَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (شَيْءٌ) مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (ضَمِنَ) الْمُلْقِي لِذَلِكَ (مَا أَتْلَفَهُ أَوْ تَلِفَ بِهِ) لِحُصُولِ التَّلَفِ بِتَعَدِّيهِ.
(وَمَنْ ضَرَبَ دَابَّةً مَرْبُوطَةً فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ فَرَفَسَتْهُ فَمَاتَ ضَمِنَهُ صَاحِبُهَا ذَكَرَهُ) ابْنُ عَقِيلٍ (فِي الْفُنُونِ) وَظَاهِرُهُ لَوْ كَانَتْ وَاسِعَةً لَا ضَمَانَ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ إلَى ضَرْبِهَا فَهُوَ الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ.
(وَإِنْ اقْتَنَى كَلْبًا عَقُورًا بِأَنْ يَكُونَ لَهُ) أَيْ: الْكَلْبِ (عَادَةٌ بِذَلِكَ) الْعَقْرِ (أَوْ) اقْتَنَى كَلْبًا (لَا يُقْتَنَى) بِأَنْ لَا يَكُونَ كَلْبَ صَيْدٍ وَلَا زَرْعٍ وَلَا مَاشِيَةٍ (أَوْ) اقْتَنَى كَلْبًا (أَسْوَدَ بَهِيمًا أَوْ) اقْتَنَى (كَبْشًا مُعَلَّمًا النِّطَاحَ أَوْ) اقْتَنَى (أَسَدًا أَوْ نَمِرًا أَوْ نَحْوَهُمَا مِنْ السِّبَاعِ الْمُتَوَحِّشَةِ فَعَقَرَتْ أَوْ خَرَقَتْ ثَوْبًا) بِمَنْزِلِهِ أَوْ خَارِجَهُ ضَمِنَهُ مُقْتَنِيهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِاقْتِنَائِهِ.
(أَوْ) اقْتَنَى (هِرًّا تَأْكُلُ الطُّيُورَ وَتُقَلِّبُ الْقُدُورَ فِي الْعَادَةِ مَعَ عِلْمِهِ) بِحَالِهَا (بِأَنْ تَقَدَّمَ لِلْهِرِّ عَادَةٌ بِذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ أَكْلِ الطُّيُورِ وَقَلْبِ الْقُدُورِ (ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ بِاقْتِنَائِهَا إذَنْ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ)