الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ: الْهِرِّ (عَادَةٌ بِذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ صَاحِبُهُ) مَا أَتْلَفَهُ لِعَدَمِ عُدْوَانِهِ بِاقْتِنَائِهِ مَا لَا عَادَةَ لَهُ بِذَلِكَ (كَالْكَلْبِ الَّذِي لَيْسَ بِعَقُورٍ) إذَا اقْتَنَاهُ لِنَحْوِ صَيْدٍ وَلَمْ يَكُنْ أَسْوَدَ بَهِيمًا فَإِنَّ صَاحِبَهُ لَا يَضْمَنُ جِنَايَتَهُ.
(وَلَا فَرْقَ) فِي ضَمَانِ إتْلَافِ مَا لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ (بَيْنَ) الْإِتْلَافِ فِي (اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) ؛ لِأَنَّهُ لِلْعُدْوَانِ بِخِلَافِ الْبَهَائِمِ مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ وَنَحْوِهَا (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْمَخْرُوقَ ثَوْبُهُ أَوْ نَحْوُهُ (دَخَلَ مَنْزِلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ) دَخَلَ (بِإِذْنِهِ وَنَبَّهَهُ) رَبُّ الْمَنْزِلِ (أَنَّهُ) أَيْ: الْكَلْبَ وَنَحْوَهُ (عَقُورٌ أَوْ غَيْرُ مَوْثُوقٍ) فَلَا يَضْمَنُ رَبُّ الْمَنْزِلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ الْمُتَعَدِّي بِالدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ وَنَبَّهَهُ عَلَى أَنَّهُ عَقُورٌ أَوْ غَيْرُ مَوْثُوقٍ فَقَدْ أَدْخَلَ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ.
(وَلَا يَضْمَنُ) مُقْتَنِي الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَنَحْوِهِ (مَا أَفْسَدَتْ بِغَيْرِ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ عَقْرٍ أَوْ خَرْقِ ثَوْبٍ بِأَنْ أَفْسَدَتْ (بِبَوْلٍ أَوْ وُلُوغٍ) فِي إنَاءٍ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ.
(وَلَهُ قَتْلُ هِرٍّ بِسَبَبِ) أَكْلِ (لَحْمٍ وَنَحْوِهِ كَالْفَوَاسِقِ) وَسَائِرِ مَا فِيهِ أَذًى دَفْعًا لِأَذَاهُ (وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَنَصَرَهُ الْحَارِثِيُّ حِينَ أَكْلِهَا) اللَّحْمَ وَنَحْوَهُ (فَقَطْ) إلْحَاقًا لَهَا بِالصَّائِلِ.
(وَلَوْ حَصَلَ عِنْدَهُ كَلْبٌ عَقُورٌ أَوْ سِنَّوْرٌ ضَارٌّ) أَيْ: لَهُ عَادَةٌ بِأَكْلِ الطُّيُورِ وَقَلْبِ الْقُدُورِ مِنْ غَيْرِ اقْتِنَاءٍ وَمِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ (فَأَفْسَدَ) شَيْئًا (لَمْ يَضْمَنْ) مَا أَفْسَدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَدِّيَ مِنْهُ وَلَا تَسَبُّبَ إذْ لَمْ يَقْتَنِهِ.
(وَإِنْ اقْتَنَى حَمَامًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الطَّيْرِ فَأَرْسَلَهُ نَهَارًا فَلَقَطَ حَبًّا) لِلْغَيْرِ (ضَمِنَ) الْمُقْتَنِي خَرَّجَهُ فِي الْآدَابِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَإِنْ قُلْنَا يَحْرُمُ الِاقْتِنَاءُ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ وَبَعْدَ الْجَزْمِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ.
وَفِي الْمُغْنِي: لَا ضَمَانَ وَكَذَا نَقَلَهُ فِي الْإِنْصَافِ عَنْ الْحَارِثِيِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ أَجَّجَ نَارًا فِي مَوَاتٍ أَوْ أَجَّجَهَا فِي مِلْكِهِ]
(فَصْلٌ وَإِنْ أَجَّجَ نَارًا فِي مَوَاتٍ أَوْ أَجَّجَهَا فِي مِلْكِهِ) بِأَنْ أَوْقَدَ النَّارَ حَتَّى صَارَتْ تَلْتَهِبُ فِي دَارِهِ أَوْ عَلَى سَطْحِهِ (أَوْ سَقَى أَرْضَهُ) لِشَجَرٍ أَوْ زَرْعٍ بِهَا أَوْ لِيَزْرَعَهَا (فَتَعَدَّى) مَا ذُكِرَ مِنْ النَّارِ وَالْمَاءِ (إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَهُ) أَيْ: أَتْلَفَ الْمُتَعَدِّي مِنْ النَّارِ أَوْ الْمَاءِ مِلْكَ غَيْرِهِ (لَمْ يَضْمَنْ) الْفَاعِلُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَلَا تَعَدِّيهِ وَلَا تَفْرِيطِهِ وَسُئِلَ أَحْمَدُ: أَوْقَدَ نَارًا فِي السَّفِينَةِ؟ فَقَالَ: لَا بُدَّ لَهُ مِنْ
أَنْ يَطْبُخَ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ (إذَا كَانَ) التَّأْجِيجُ أَوْ السَّقْيُ (مَا) أَيْ: شَيْئًا (جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِلَا إفْرَاطٍ وَلَا تَفْرِيطٍ فَإِنْ فَرَّطَ) بِأَنْ تَرَكَ النَّارَ مُؤَجَّجَةً وَالْمَاءَ مَفْتُوحًا وَنَامَ فَحَصَلَ التَّلَفُ بِذَلِكَ وَهُوَ نَائِمٌ ضَمِنَ لِتَفْرِيطِهِ (أَوْ فَرَّطَ بِأَنْ أَجَّجَ نَارًا تَسْرِي فِي الْعَادَةِ لِكَثْرَتِهَا أَوْ) أَجَّجَهَا (فِي رِيحٍ شَدِيدَةٍ تَحْمِلُهَا) إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ ضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ وَكَذَا لَوْ أَجَّجَهَا قُرْبَ زَرْبٍ أَوْ حَصِيدٍ ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ وَ (لَا) يَضْمَنُ إنْ تَعَدَّتْ (بِطَرَيَانِهَا) أَيْ: الرِّيحِ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَوْ أَجَّجَهَا عَلَى سَطْحِ دَارٍ فَهَبَّتْ الرِّيحُ فَأَطَارَ الشَّرَرَ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يُفَرِّطْ وَهُبُوبُ الرِّيحِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ.
(أَوْ فَتَحَ مَاءً كَثِيرًا يَتَعَدَّى) عَادَةً (أَوْ فَتَحَهُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ أَوْ أَوْقَدَ) نَارًا (فِي مِلْكِ غَيْرِهِ) تَعَدِّيًا (فَرَّطَ أَوْ أَفْرَطَ) أَيْ: أَسْرَفَ (أَوْ لَا ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ) لِتَعَدِّيهِ.
(وَكَذَلِكَ) يَضْمَنُ (إنْ أَيْبَسَتْ النَّارُ) الَّتِي أَوْقَدَهَا وَلَوْ فِي مِلْكِهِ (أَغْصَانُ شَجَرِ غَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ نَارٍ كَثِيرَةٍ (إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَغْصَانُ فِي هَوَائِهِ فَلَا يَضْمَنُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ.
(وَإِنْ أَلْقَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبَ غَيْرِهِ لَزِمَهُ حِفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ) بِيَدِهِ إلَى أَنْ يَرُدَّهُ لِرَبِّهِ (فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَ الدَّارِ صَاحِبَهُ) أَيْ: الثَّوْبِ (فَهُوَ لُقَطَةٌ) يُعَرِّفُهُ حَوْلًا.
(وَإِنْ عَرَفَهُ) أَيْ: عَرَفَ رَبُّ الدَّار صَاحِبَ الثَّوْبِ (لَزِمَهُ إعْلَامُهُ) بِالثَّوْبِ فَوْرًا (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ: لَمْ يُعْلِمْ رَبَّهُ بِهِ مَعَ عِلْمِهِ (ضَمِنَهُ) إنْ تَلِفَ بَعْد مُضِيِّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ إعْلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ.
(وَإِنْ سَقَطَ طَائِرٌ غَيْرِهِ فِي دَارِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ: رَبَّ الدَّارِ (حِفْظُهُ وَلَا إعْلَامُ صَاحِبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُمْتَنِعًا (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الطَّيْرُ (غَيْرَ مُمْتَنِعٍ) كَالْمَقْصُوصِ جَنَاحُهُ (فَكَالثَّوْبِ) إنْ لَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَهُ فَلُقَطَةٌ وَإِنَّ عَرَفَهُ أَعْلَمَهُ فَوْرًا وَإِلَّا ضَمِنَ.
(وَإِنْ دَخَلَ) طَيْرٌ مَمْلُوكٌ (بُرْجَهُ فَأَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ) رَبُّ الْبُرْجِ (نَاوِيًا إمْسَاكَهُ لِنَفْسِهِ ضَمِنَهُ) لِتَعَدِّيهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُغْلِقْ عَلَيْهِ الْبَابُ أَوْ أَغْلَقَهُ غَيْرُ نَاوٍ إمْسَاكَهُ لِنَفْسِهِ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ نَوَى إمْسَاكَهُ لِرَبِّهِ (فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ وَهُوَ فِي الْأَخِيرَةِ مُحْسِنٌ لَكِنْ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ فَوْرًا إنْ عَلِمَهُ كَمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ حَفَرَ فِي فِنَائِهِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ (وَهُوَ) أَيْ: الْفِنَاءُ (مَا كَانَ خَارِجَ الدَّارِ) وَنَحْوِهَا (قَرِيبًا مِنْهَا) قَالَ فِي الْقَامُوسِ فِنَاءُ الدَّارِ كَكِسَاءٍ مَا اتَّسَعَ مِنْ أَمَامِهَا وَجَمْعُهُ أَفَنِيَةٌ وَفُنِيٌّ (بِئْرًا لِنَفْسِهِ وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ) وَلَوْ بِلَا ضَرَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ كَمَا يَأْتِي وَكَذَا إنْ حَفَرَ نِصْفَ الْبِئْرِ فِي حَدِّهِ وَنِصْفَهَا فِي فِنَائِهِ.
(وَكَذَا الْبِنَاءُ) فِي فِنَائِهِ (ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا) أَيْ: الْبِئْرِ وَكَذَا
الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّهُ تَلَفٌ حَصَلَ بِسَبَبِ تَعَدِّيهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ نَصَبَ فِي فِنَائِهِ سِكِّينًا فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ إذْ الْأَفْنِيَةُ لَيْسَتْ بِمِلْكِ مُلَّاكِ الدُّورِ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ مَرَافِقِهِمْ.
(وَلَوْ حَفَرَهَا) أَيْ: الْبِئْرَ فِي الْفِنَاءِ (الْحُرِّ بِأُجْرَةٍ أَوْ لَا وَثَبَتَ عِلْمُهُ أَنَّهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ) أَيْ: الْآذِنِ (ضَمِنَ الْحَافِرُ) مَا تَلِفَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَدِّي (وَإِنْ جَهِلَ) الْحَافِرُ أَنَّهَا مِلْكُ الْغَيْرِ ضَمِنَ (الْآمِرُ) لِتَغْرِيرِهِ الْحَافِرَ وَكَذَا لَوْ جَهِلَ الْبَانِي فَلَوْ ادَّعَى الْآمِرُ عِلْمَ الْحَافِرِ أَوْ الْبَانِي بِالْحَالِ وَأَنْكَرَاهُ فَقَوْلُهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.
(وَإِنْ حَفَرَهَا) أَيْ: الْبِئْرَ فِي سَابِلَةٍ وَاسِعَةٍ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ بِلَا ضَرَرٍ (أَوْ بَنَى مَسْجِدًا أَوْ خَانًا وَنَحْوَهُ) كَبِنَاءٍ وَقَفَهُ عَلَى مَسْجِدٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَوَاعِدِ (فِي سَابِلَةٍ) أَيْ: طَرِيقٍ مَسْلُوكٍ (وَاسِعَةٍ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ) كَمَا لَوْ حَفَرَهَا لِيَجْتَمِعَ فِيهِ مَاءُ الْمَطَرِ أَوْ يَنْبُعَ مِنْهَا الْمَاءُ لِيَشْرَبَ الْمَارَّةُ (بِلَا ضَرَرٍ بِالْمَارَّةِ) لَأَنْ فِعْلَ ذَلِكَ (لِنَفْعِ نَفْسِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ إمَامٍ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهَا) ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ (كَبِنَاءِ جَسْرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ الْقَنْطَرَةُ لِيَمُرَّ عَلَيْهِ النَّاسُ.
(وَكَذَا لَوْ حَفَرَهَا) أَيْ: الْبِئْرَ (فِي مَوَاتٍ لِتَمَلُّكٍ أَوْ ارْتِفَاقٍ أَوْ انْتِفَاعٍ عَامٍّ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا (وَيَنْبَغِي) لِمَنْ حَفَرَ بِئْرًا بِالطَّرِيقِ الْوَاسِعِ أَوْ الْمَوَاتِ (أَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهَا حَاجِزًا تُعْلَمُ بِهِ لِتُتَوَقَّى قَالَ الشَّيْخُ: وَمَنْ لَمْ يَسُدَّ بِئْرَهُ مَسَدًّا يَمْنَعُ مِنْ الضَّرَرِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا وَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ حَفْرِ الْبِئْرِ وَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَوْ الْخَانِ وَنَحْوِهِ (فِيهَا) أَيْ: فِي الطَّرِيقِ (لِنَفْعِ نَفْسِهِ أَوْ كَانَ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ) بِأَنْ حَفَرَ الْبِئْرَ فِي الْقَارِعَةِ (أَوْ) فَعَلَهُ (فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ ضَمِنَ سَوَاءٌ فَعَلَهُ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ أَوْ لَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَلَوْ مَاتَ الْحَافِرُ ثُمَّ تَلِفَ بِهَا شَيْءٌ مِنْ تَرِكَتِهِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ فِي بَابِ الرَّهْنِ حَتَّى قَالَا: لَوْ بِيعَتْ التَّرِكَةُ لِفَسْخٍ فِي قَدْرِ الضَّمَانِ مِنْهَا لِسَبْقِ سَبَبِهِ، وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ الْوَرَثَةُ قَبْلَ الْوُقُوعِ ضَمِنُوا قِيمَةَ الْعَبْدِ كَالْمَرْهُونِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ.
(وَفِعْلُ عَبْدِهِ) لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْحَفْرِ وَالْبِنَاءِ بِالْفِنَاءِ وَالطَّرِيقِ الْوَاسِعِ أَوْ الضَّيِّقِ (بِأَمْرِهِ) أَيْ: السَّيِّدِ (كَفِعْلِ نَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ كَالْآلَةِ وَسَوَاءٌ (أَعْتَقَهُ) سَيِّدُهُ (بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَا) اعْتِبَارًا بِحَالِ الْفِعْلِ فَيَخْتَصُّ الضَّمَانُ بِالسَّيِّدِ.
(وَ) إنْ فَعَلَهُ الْعَبْدُ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ: السَّيِّدِ (يَتَعَلَّقُ ضَمَانُهُ) أَيْ: ضَمَانُ مَا يَتْلَفُ (بِرَقَبَتِهِ) كَسَائِرِ جِنَايَاتِهِ الَّتِي لَمْ يَأْذَنْ فِيهَا سَيِّدُهُ (ثُمَّ إنْ أَعْتَقَهُ) السَّيِّدُ بَعْدَ الْحَفْرِ أَوْ الْبِنَاءِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ تَلِفَ شَيْءٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ (فَمَا تَلِفَ بَعْدَ عِتْقِهِ فَعَلَيْهِ) أَيْ: الْعَتِيقِ
(ضَمَانُهُ) دُونَ سَيِّدِهِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْجِنَايَةِ.
(وَلَوْ أَمَرَهُ) أَيْ: الْحَافِرَ أَوْ الْبَانِيَ (السُّلْطَانُ بِفِعْلِ ذَلِكَ) أَيْ: بِالْحَفْرِ أَوْ الْبِنَاءِ (ضَمِنَ السُّلْطَانُ وَحْدَهُ) وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ الْأَرْضَ مِلْكٌ لِغَيْرِ السُّلْطَانِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا تَسَعُهُ مُخَالَفَتُهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ.
(وَإِنْ فَعَلَ) إنْسَانٌ فِي طَرِيقٍ (مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِنَفْعِ الطَّرِيق وَإِصْلَاحِهَا كَإِزَالَةِ الطِّينِ وَالْمَاءِ عَنْهَا وَتَنْقِيَتِهَا مِمَّا يَضُرُّ فِيهَا) كَقِشْرِ بِطِّيخٍ (وَحَفْرِ هَدَفَةٍ) أَيْ: رَبْوَةٍ عَالِيَةٍ (فِيهَا) أَيْ: الطَّرِيقِ بِحَيْثُ تُسَاوِي غَيْرَهَا (وَقَلْعِ حَجَرٍ) فِي الْأَرْضِ (يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ وَوَضْعِ الْحَصَى فِي حُفْرَةٍ فِيهَا) أَيْ: فِي الْأَرْضِ (لِيَمْلَأَهَا وَتَسْقِيفِ سَاقِيَةٍ فِيهَا وَوَضْعِ حَجَرٍ فِي طِينٍ فِيهَا لِيَطَأَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَهَذَا كُلُّهُ مُبَاحٌ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إحْسَانٌ وَمَعْرُوفٌ.
(وَإِنْ بَسَطَ فِي مَسْجِدٍ حَصِيرًا أَوْ بَارِيَّةً) وَهِيَ الْحَصِيرُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ لَكِنْ فِي عُرْفِ الشَّامِّ مَا يُنْسَجُ مِنْ قَصَبٍ وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ هُنَا لِيَحْصُلَ التَّغَايُرُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (أَوْ) بَسَطَ فِي الْمَسْجِدِ (بِسَاطًا أَوْ عَلَّقَ فِيهِ قِنْدِيلًا أَوْ أَوْقَدَهُ أَوْ نَصَبَ فِيهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (بَابًا أَوْ عُمُدًا أَوْ بَنَى جِدَارًا) يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَسْجِدُ (أَوْ سَقَّفَهُ أَوْ جَعَلَ فِيهِ رَفًّا وَنَحْوَهُ لِنَفْعِ النَّاسِ أَوْ وَضَعَ فِيهِ حَصًى لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ.
(وَإِنْ جَلَسَ) فِي مَسْجِدٍ أَوْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ (أَوْ اضْطَجَعَ) فِي مَسْجِدٍ أَوْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ (أَوْ قَامَ فِي مَسْجِدٍ أَوْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ فَعَثَرَ بِهِ حَيَوَانٌ) فَتَلِفَ أَوْ نَقَصَ (لَمْ يَضْمَنْ) تَلَفَهُ وَلَا نَقْصَهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مُبَاحًا لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ عَلَى أَحَدٍ فِي مَكَان لَهُ فِيهِ حَقٌّ أَشْبَهَ مَا لَوْ فَعَلَهُ بِمِلْكِهِ وَيَضْمَنُ إنْ كَانَ الْفِعْلُ مُحَرَّمًا كَالْجُلُوسِ مَعَ الْحَيْضِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ مَعَ إضْرَارِ الْمَارَّةِ فِي الطَّرِيقِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْحَارِثِيِّ: لَا ضَمَانَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَا لِذَاتِ الْجُلُوسِ بَلْ لِمَعْنًى قَارَنَهُ وَهُوَ الْجَنَابَةُ أَوْ الْحَيْضُ فَأَشْبَهَ مَنْ جَلَسَ بِمِلْكِهِ بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ.
(وَيَضْمَنُ إنْ جَلَسَ أَوْ اضْطَجَعَ) أَوْ قَامَ (فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ) لِإِضْرَارِهِ بِالْمَارَّةِ (وَيَأْتِي فِي الدِّيَاتِ) .
وَإِنْ أَحْدَثَ بِرْكَةً لِلْمَاءِ أَوْ كَنِيفًا أَوْ مُسْتَحَمًّا فَنَزَّ إلَى جِدَارِ جَارِهِ فَأَوْهَاهُ وَهَدَمَهُ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَسْبَابَ تَتَعَدَّى ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَالتَّلْخِيصِ قَالَا: وَلِلْجَارِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَبْنِيَ حَاجِزًا مُحَكَّمًا يَمْنَعُ النَّزَّ زَادَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَوْ يَبْعُدُ بِحَيْثُ لَا يَتَعَدَّى النَّزُّ إلَى جِدَارِ جَارِهِ وَقَالَ أَيْضًا: الدَّقُّ الَّذِي يَهِدُّ الْجِدَارَ مَضْمُونُ السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهُ عُدْوَانٌ مَحْضٌ.
(وَإِنْ أَخْرَجَ) إنْسَانٌ (جَنَاحًا) وَهُوَ الرَّوْشَنُ (أَوْ مِيزَابًا وَنَحْوَهُ) كَسَابَاطٍ وَحَجَرٍ بَرَزَ بِهِ فِي الْبُنْيَانِ (إلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ) مُطْلَقًا إلَّا بِإِذْنِ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ فِي جَنَاحٍ أَوْ سَابَاطٍ أَوْ
مِيزَابٍ بِلَا ضَرَرٍ (أَوْ) أَخْرَجَ مَا ذُكِرَ فِي دَرْبٍ (غَيْرِ نَافِذٍ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ فَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ وَلَوْ) كَانَ سُقُوطُهُ (بَعْدَ بَيْعِهِ وَقَدْ طُولِبَ بِنَقْضِهِ لِحُصُولِهِ) أَيْ: التَّلَفِ (بِفِعْلِهِ) أَيْ: بِسَبَبِ فِعْلِهِ الَّذِي تَعَدَّى بِهِ وَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ إذَا سَقَطَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَمْ يَكُنْ طُولِبَ بِنَقْضِهِ لَا يَضْمَنُ (مَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ) أَيْ: الْجَنَاحِ وَالْمِيزَابِ وَالسَّابَاطِ (إلَى الطَّرِيقِ النَّافِذِ فَقَطْ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ ضَرَرٌ عَلَى الْمَارَّةِ بِإِخْرَاجِهِ فَلَا ضَمَانَ) ؛ لِأَنَّ النَّافِذَ حَقٌّ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْإِمَامُ وَكِيلُهُمْ فَإِذْنُهُ كَإِذْنِهِمْ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَذِنَ أَهْلُ غَيْرِ النَّافِذِ لَهُ فِي ذَلِكَ.
(وَإِنْ مَالَ حَائِطُهُ) بَعْدَ أَنْ بَنَاهُ مُسْتَقِيمًا (إلَى غَيْرِ مِلْكِهِ) سَوَاءٌ كَانَ مُخْتَصًّا كَهَوَاءِ جَارِهِ أَوْ مُشْتَرَكًا كَالطَّرِيقِ (عَلِمَ بِهِ) أَيْ: بِمَيَلَانِ حَائِطِهِ (أَوْ لَا فَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى أَتْلَفَ شَيْئًا لَمْ يَضْمَنْهُ) وَلَوْ أَمْكَنَهُ نَقْضُهُ وَطُولِبَ بِهِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يَسْقُطْ بِفِعْلِهِ فَهُوَ (كَمَا لَوْ سَقَطَ مِنْ غَيْرِ مَيَلَانٍ وَعَنْهُ إنْ طُولِبَ) أَيْ: طَالَبَهُ مُسْتَحِقٌّ (بِنَقْضِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ) مَعَ إمْكَانِهِ (ضَمِنَ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ) ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْهَدْمِ مَعَ الْمُطَالَبَةِ تَفْرِيطٌ وَأُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ بِسُقُوطِهِ ضَمَانٌ لَمْ تُشْتَرَطْ الْمُطَالَبَةُ بِنَقْضِهِ كَمَا لَوْ بَنَاهُ ابْتِدَاءً مَائِلًا إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ ضَمَانَ مَا يَتْلَفُ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُطَالَبْ بِنَقْضِهِ.
(قَالَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: وَالتَّفْرِيعُ عَلَيْهِ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ (وَالْمُطَالَبَةُ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ إذَا كَانَ مَيْلُهُ إلَى الطَّرِيقِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا لِعَامَّةِ النَّاسِ (كَمَا لَوْ مَالَ إلَى مِلْكِ جَمَاعَةٍ فَطَالَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ الْمُطَالَبَةُ) بِالنَّقْضِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِيهِ.
(وَإِنْ طَالَبَ وَاحِدٌ) مِمَّنْ لَهُمْ الْحَقُّ (فَاسْتَأْجَلَهُ) أَيْ: اسْتَمْهَلَهُ صَاحِبُ الْحَائِطِ أَوْ أَجَّلَهُ الْإِمَامُ (لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الضَّمَانُ) بِذَلِكَ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ عَلَى الْفَوْرِ مَعَ الْإِمْكَانِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ الْإِمْهَالُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ إلَى تَحْصِيلِ الْآلَاتِ فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ التَّفْرِيطِ ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ (وَلَا أَثَرَ لِمُطَالَبَةِ) الْمُسْتَحِقِّ (لِمُسْتَأْجِرِ الدَّارِ وَمُسْتَعِيرِهَا وَمُسْتَوْدِعهَا وَمُرْتَهِنِهَا) ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ النَّقْضَ وَلَا وِلَايَةَ لَهُمْ عَلَى الْمَالِكِ.
وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَنَحْوِهِ فَطُولِبَ لَمْ يَلْزَمْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ وَإِنْ طُولِبَ وَلِيُّهُ أَوْ الْوَصِيُّ فَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ الْمَالِكُ قَالَهُ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَارِثِيِّ وَالْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِمْ وَنَقَلَهُ فِي الْفُرُوعِ عَنْ الْمُنْتَخَبِ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ لِوُجُودِ التَّفْرِيطِ مِنْهُ وَهُوَ تَوْجِيهٌ لِصَاحِبِ الْفُرُوعِ (وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِطَلَبِهِمْ.
(وَإِنْ بَنَاهُ) أَيْ: الْحَائِطَ (مَائِلًا إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ) بَنَاهُ مَائِلًا (إلَى مِلْكِ