الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ الْأَسْرِ (عَلَى كِتَابَتِهِ) لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ فَلَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ كَالْبَيْعِ (وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (بِمُدَّةِ الْأَسْرِ) فَلَا يَعْجِزُ حَتَّى يَمْضِيَ بَعْدَ الْأَسْرِ مِثْلُهَا لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَالْكَسْبِ أَشْبَهَ مَا لَوْ حَبَسَهُ سَيِّدُهُ (وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ) سَيِّدُهُ بَلْ تَرَكَهُ لِمُشْتَرِيهِ أَوْ لِمَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ قَسْمُهُ (فَهُوَ) أَيْ الْمُكَاتَبُ (لِمُشْتَرِيهِ) أَوْ لِمَنْ وَقَعَ فِي قَسْمِهِ (بِمَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ يُعْتَقُ بِالْأَدَاءِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ) كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ سَيِّدِهِ.
(وَمَنْ مَاتَ) عَنْ مُكَاتَبٍ (وَفِي وُرَّاثِهِ زَوْجَةٌ لِمُكَاتَبِهِ) كَمَا لَوْ زَوَّجَ بِنْتَه أَوْ أُخْتَهُ وَنَحْوَهَا بِمُكَاتَبِهِ ثُمَّ مَاتَ (انْفَسَخَ نِكَاحُهَا) لِأَنَّهَا مَلَكَتْ زَوْجَهَا أَوْ بَعْضَهُ.
(وَكَذَا لَوْ وَرِثَ رَجُلٌ زَوْجَتَهُ الْمُكَاتَبَةَ) أَوْ بَعْضَهَا (أَوْ) وَرِثَ زَوْجَةً لَهُ (غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ الْمُكَاتَبَةِ فَمَتَى مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ أَوْ بَعْضَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَيَأْتِي.
[فَصْلٌ الْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]
(فَصْلٌ وَالْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ) لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَهُوَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ (لَا يَدْخُلُهَا خِيَارُ) مَجْلِسٍ وَلَا شَرْطٌ وَلَا غَيْرُهُمَا، لِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ لِدَفْعِ الْغَبْنِ عَنْ الْمَالِ وَالسَّيِّدُ دَخَلَ عَلَى بَصِيرَةِ أَنَّ الْحَظَّ لِعَبْدِهِ، فَلَا مَعْنَى لِثُبُوتِ الْخِيَارِ.
وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا أَيْ الْكِتَابَةِ (عَلَى) شَرْطٍ (مُسْتَقْبَلٍ) كَقَوْلِهِ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا كَسَائِرِ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ وَخَرَجَ بِهِ الْمَاضِي وَالْحَاضِرُ كَإِنْ كُنْت عَبْدِي وَنَحْوِهِ فَقَدْ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا فَيَصِحُّ.
(وَلَا تَنْفَسِخُ) الْكِتَابَةُ (بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَا جُنُونِهِ وَلَا الْحَجْرِ عَلَيْهِ) لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ كَبَقِيَّةِ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ.
(وَيُعْتَقُ) الْمُكَاتَبُ (بِالْأَدَاءِ إلَى سَيِّدِهِ) مَعَ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقَبْضِ (وَ) بِالْأَدَاءِ (إلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ) مِنْ وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ مَعَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ فَهُوَ كَالْأَدَاءِ إلَى مُوَرِّثِهِمْ (وَغَيْرِهِمْ) أَيْ غَيْرِ وَرَثَتِهِ كَوَلِيِّهِ إنْ جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ وَوَكِيلِهِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ السَّيِّدِ أَشْبَهَ مَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ نَفْسَهُ.
(وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ) وَتَقَدَّمَ (فَإِنْ سَلَّمَهُ الْمُكَاتَبُ إلَى الْمُوصَى لَهُ) الْمُعَيَّنِ (أَوْ) إلَى (وَكِيلِهِ) إنْ كَانَ جَائِزَ التَّصَرُّفِ بَرِئَ وَعَتَقَ (أَوْ) سَلَّمَهُ إلَى (وَلِيِّهِ) أَيْ وَلِيِّ الْمُوصَى لَهُ (إنْ كَانَ) الْمُوصَى لَهُ (مَحْجُورًا عَلَيْهِ بَرِئَ) الْمُكَاتَبُ (وَعَتَقَ) لِأَدَائِهِ مَالَ الْكِتَابَةِ لِمُسْتَحِقِّهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَدَّاهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ (وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ)
لِأَنَّهُ هُوَ الْمُنْعِمُ بِالْعِتْقِ فَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ كَمَا لَوْ أَدَّى إلَيْهِ وَلِأَنَّ الْوَرَثَةَ أَوْ الْمُوصَى لَهُ إنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ مَا بَقِيَ لِلسَّيِّدِ وَإِنَّمَا بَقِيَ لَهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْبَيْعِ أَنَّ السَّيِّدَ فِي الْبَيْعِ نَقَلَ حَقَّهُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ مِنْ وَجْهٍ وَالْوَارِثُ يَخْلُفُ الْمَوْرُوثَ وَيَقُومُ مَقَامَهُ وَيَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ مُوَرِّثُهُ وَكَذَا الْمُوصَى لَهُ.
(وَإِنْ أَبْرَأَهُ الْمُوصَى لَهُ) وَهُوَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ (مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ) الْمُوصَى لَهُ بِهِ (عَتَقَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِهَا وَبَرَاءَتُهُ لَهُ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ الْحَقَّ دُونَ الْوَرَثَةِ (فَإِنْ أَعْتَقَهُ) الْمُوصَى لَهُ بِدَيْنِ الْكِتَابَةِ (لَمْ يُعْتَقْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا لِرَقَبَتِهِ وَلَا مَأْذُونًا لَهُ فِي عِتْقِهِ وَحَقُّهُ فِيمَا عَلَيْهِ لَا فِي رَقَبَتِهِ.
(وَإِنْ عَجَزَ) عَنْ أَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ لِلْمُوصَى لَهُ بِهِ (وَرُدَّ فِي الرِّقِّ صَارَ عَبْدًا لِلْوَرَثَةِ) دُونَ الْمُوصَى لَهُ بِمَا عَلَيْهِ، وَالْأَمْرُ فِي تَعْجِيزِهِ لِلْوَرَثَةِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَمَا قَبَضَهُ الْمُوصَى لَهُ) مِنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ (فَهُوَ لَهُ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْهُ) لِفَوَاتِ مَحِلِّهِ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا.
(وَإِنْ وَصَّى) السَّيِّدُ (بِهِ) أَيْ بِمَا عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ (لِمَسَاكِينَ) وَنَحْوِهِمْ (وَوَصَّى إلَى مَنْ يَقْبِضُهُ وَيُفَرِّقُهُ بَيْنَهُمْ صَحَّ) ذَلِكَ حِينَ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ (وَمَتَى سَلَّمَ) الْمُكَاتَبُ (الْمَالَ إلَى الْمُوصَى) إلَيْهِ بِقَبْضَةٍ (بَرِئَ) مِنْ عُهْدَتِهِ (وَعَتَقَ) لِأَنَّهُ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ لِمُسْتَحِقِّ قَبْضِهِ أَشْبَهَ الْأَدَاءَ إلَى وَلِيِّ سَيِّدِهِ (وَإِنْ أَبْرَأَهُ) أَيْ أَبْرَأَ الْمُوصَى إلَيْهِ بِقَبْضِ مَالِ الْكِتَابَةِ لِيُفَرِّقَهُ لِلْمَسَاكِينِ الْمُكَاتَبَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ (لَمْ يَبْرَأْ) الْمُكَاتَبُ (لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَبْرَأَ مِنْهُ وَلَمْ يُعْتَقْ.
(وَإِنْ دَفَعَهُ الْمُكَاتَبُ إلَى الْمَسَاكِينِ لَمْ يَبْرَأْ) مِنْهُ (وَلَمْ يُعْتَقْ لِأَنَّ التَّعْيِينَ إلَى الْمُوصَى إلَيْهِ) بِقَبْضِهِ فَلَا يُفْتَاتُ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ وَصَّى) السَّيِّدُ (بِدَفْعِ الْمَالِ) الَّذِي عَلَى مُكَاتَبِهِ (إلَى غُرَمَائِهِ تَعَيَّنَ الْقَضَاءُ مِنْهُ كَمَا لَوْ وَصَّى بِهِ عَطِيَّةً لَهُمْ) أَيْ لِغُرَمَائِهِ لَا فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ (فَإِنْ كَانَ) السَّيِّدُ (إنَّمَا وَصَّى بِقَضَاءِ دُيُونِهِ مُطْلَقًا) وَلَمْ يُقَيِّدْ بِكَوْنِهَا مِنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ (كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْوَصِيِّ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ) إنْ كَانَ (وَيَدْفَعُهُ) أَيْ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ (إلَيْهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ (بِحَضْرَتِهِ) أَيْ الْوَصِيِّ (لِأَنَّ الْمَالَ لِلْوَرَثَةِ وَلَهُمْ قَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ) فَلَهُمْ وِلَايَةُ قَبْضِهِ (وَلِلْوَصِيِّ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ حَقٌّ لِأَنَّ لَهُ) أَيْ الْوَصِيِّ (مَنْعُهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ (مِنْ التَّصَرُّفِ) فِي التَّرِكَةِ (قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ) فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ حُضُورُهُ (وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةُ لِلْمُكَاتَبِ بِمَالِ الْكِتَابَةِ) مُفَصَّلَةً.
(وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا) أَيْ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ (فَسْخَهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ
اللَّازِمَةِ (إلَّا السَّيِّدَ لَهُ الْفَسْخُ إذَا حَلَّ نَجْمٌ فَلَمْ يُؤَدِّهِ الْمُكَاتَبُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ قَدْ عَجَزْت) لِأَنَّ مَالَ الْكِتَابَةِ حَقٌّ لِلسَّيِّدِ، فَكَانَ لَهُ الْفَسْخُ بِالْعَجْزِ عَنْهُ كَمَا لَوْ أَعْسَرَ الْمُشْتَرِي بِبَعْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَإِذَا حَلَّ النَّجْمُ وَمَالُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (حَاضِرٌ عِنْدَهُ طُولِبَ بِهِ وَلَمْ يَجُزْ الْفَسْخُ قَبْلَ الطَّلَبِ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَى السَّيِّدِ الْوُصُولُ لِلْعِوَضِ.
(فَإِنْ طَلَبَ) السَّيِّدُ (مِنْهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ مَا حَلَّ عَلَيْهِ (فَذَكَرَ) الْمُكَاتَبُ (أَنَّهُ) أَيْ مَالَهُ (غَائِبٌ عَنْ الْمَجْلِسِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْبَلَد أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ الْفَسْخُ) لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى السَّيِّدِ إذَنْ.
(وَأُمْهِلَ) الْمُكَاتَبُ لِذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الْوَفَاءِ لِقِصَرِ مُدَّتِهِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ السَّيِّدُ (إنْظَارُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا (لِبَيْعِ عَرَضٍ) يُوفِيه مِنْ ثَمَنِهِ (أَوْ لِمَالٍ غَائِبٍ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ يَرْجُو قُدُومَهُ وَلِدَيْنٍ حَالٍّ عَلَى مَلِيءٍ أَوْ) قَبْضِ (مُودَعٍ) لِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ مَلْحُوظٌ فِيهِ حَظُّ الْمُكَاتَبِ وَالرِّفْقُ بِهِ (وَإِذَا حَلَّ نَجْمٌ) مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ (وَالْمَكَاتِبُ غَائِبٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (الْفَسْخُ) دَفْعًا لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ بِانْتِظَارِهِ.
وَ (لَا) يَمْلِكُ الْفَسْخَ (إنْ غَابَ) الْمُكَاتَبُ (بِإِذْنِهِ) أَيْ إذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي أَدْخَلَ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِإِذْنِهِ لَهُ (لَكِنْ يَرْفَعُ) السَّيِّدُ (الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ) بِبَلَدِهِ (لِيَكْتُبَ كِتَابًا إلَى حَاكِمِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُكَاتَبُ لِيَأْمُرَهُ بِالْأَدَاءِ) أَوْ يَثْبُتُ عَجْزُهُ عِنْدَهُ فَيَفْسَخُ السَّيِّدُ أَوْ وَكِيلُهُ حِينَئِذٍ دَفْعًا لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ ضَرَرِ التَّأْخِيرِ (وَإِنْ كَانَ) الْمُكَاتَبُ (قَادِرًا عَلَى الْأَدَاءِ) لِمَا عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ (أَمَرَهُ) الْحَاكِمُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ (بِالْخُرُوجِ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ السَّيِّدُ لِيُؤَدِّيَ) مَا حَلَّ عَلَيْهِ (أَوْ وَكَّلَ مَنْ يُؤَدِّي) عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ (فَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْخُرُوجِ أَوْ التَّوْكِيلِ (فِي أَوَّلِ حَالِ الْإِمْكَانِ عِنْدَ خُرُوجِ الْقَافِلَةِ إنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ) بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ عَادَةً (إلَّا مَعَهَا) أَيْ الْقَافِلَةِ (لَمْ يَجُزْ) لِلسَّيِّدِ (الْفَسْخُ) أَيْ فَسْخُ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ الْمُكَاتَبِ.
(وَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْخُرُوجِ وَالتَّوْكِيلِ (مَعَ الْإِمْكَانِ) أَيْ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ (وَمَضَى زَمَنُ الْمَسِيرِ) عَادَةً (فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ) إزَاحَةً لِمَا لَحِقَهُ مِنْ ضَرَرِ التَّأْخِيرِ.
(وَإِنْ كَانَ قَدْ جَعَلَ السَّيِّدُ لِلْوَكِيلِ الْفَسْخَ عِنْدَ امْتِنَاعِ الْمُكَاتَبِ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ جَازَ) ذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا مَلَك أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ (وَلَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (الْفَسْخُ إذَا ثَبَتَتْ وَكَالَتُهُ) عَنْ السَّيِّدِ (بِبَيِّنَةٍ بِحَيْثُ يَأْمَنُ الْمُكَاتَبُ إنْكَارَ السَّيِّدِ) الْوَكَالَةَ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لِلْمُكَاتَبِ إذَنْ فِي التَّأْخِيرِ (فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْبَيِّنَةِ (لَمْ يَلْزَمْ الْمُكَاتَبَ الدَّفْعُ إلَيْهِ)
وَلَوْ صَدَّقَهُ أَنَّهُ وَكِيلٌ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِنْ إنْكَارِ سَيِّدِهِ الْوَكَالَةَ (وَكَانَ) ذَلِكَ (لَهُ عُذْرًا يَمْنَعُ جَوَازَ الْفَسْخِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ سَيِّدُهُ.
(وَحَيْثُ جَازَ) لِلسَّيِّدِ أَوْ وَكِيلِهِ (الْفَسْخُ لَمْ يَحْتَجْ) الْفَسْخُ (إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ) لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَشْبَهَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ قَالَهُ فِي الْكَافِي.
(وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فَسْخُهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ بِحَالٍ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ قَالَ فِي الْمُغْنِي: لِأَنَّهَا سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ وَفِيهَا حَقٌّ مُعَلَّقٌ وَفِي فَسْخِهَا إبْطَالٌ لِذَلِكَ الْحَقِّ (وَلِقَادِرٍ عَلَى الْكَسْبِ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ) بِتَرْكِ التَّكَسُّبِ لِأَنَّ مُعْظَمَ الْمَقْصُودِ مِنْ الْكِتَابَةِ تَخْلِيصُهُ مِنْ الرِّقِّ فَإِذَا لَمْ يَرُدَّ ذَلِكَ يُجْبَرُ عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَمْلِكْ) الْمُكَاتَبُ (وَفَاءً) لِمَالِ الْكِتَابَةِ (فَإِنْ مَلَكَهُ) لَمْ يَمْلِكْ تَعْجِيزَ نَفْسِهِ وَ (أُجْبِرَ عَلَى وَفَائِهِ ثُمَّ عَتَقَ) لِأَنَّ سَبَبَ الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ الْأَدَاءُ حَاصِلٌ يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ، وَالْحُرِّيَّةُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهَا مَعَ حُصُولِ سَبَبِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَمْلِكْ وَفَاءً فَإِنَّ السَّبَبَ غَيْرُ حَاصِلٌ وَعَلَيْهِ فِي السَّعْيِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ.
(وَيَجُوزُ فَسْخُهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ (بِاتِّفَاقِهِمَا) أَيْ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ بِأَنْ تَقَابَلَا أَحْكَامهَا قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَجُوزُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى اهـ قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى التَّعْلِيقِ.
(وَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمُكَاتَبُ ذِمِّيًّا أَنْ يُؤْتِيَهُ رُبْعَ مَالِ الْكِتَابَةِ) أَمَّا وُجُوبُ الْإِيتَاءِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33](1) وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَأَمَّا كَوْنُهُ رُبْع مَالِ الْكِتَابَةِ فَلِمَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ «النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] قَالَ رُبْعُ الْكِتَابَةِ» وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَنْهُ فَإِنْ قِيلَ: أَنَّهُ وَرَدَ غَيْرَ مُقَدَّرٍ؟ فَجَوَابُهُ أَنَّ السُّنَّةَ بَيَّنَتْهُ وَقَدَّرَتْهُ كَالزَّكَاةِ وَفَارَقَتْ الْكِتَابَةُ فِي ذَلِكَ سَائِرَ الْعُقُودِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا رِفْقُ الْمُكَاتَبِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا ف (إنْ شَاءَ) السَّيِّدُ (وَضَعَهُ) أَيْ الرُّبْعَ (عَنْهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابَةِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ أَنْجُمِهَا (أَوْ) وَضَعَهُ عَنْهُ (مِنْ أَثْنَائِهَا، وَإِنْ شَاءَ قَبَضَهُ) أَيْ الرُّبْعَ مِنْهُ (ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ فَنَبَّهَ بِهِ عَلَى الْوَضْعِ لِكَوْنِهِ أَنْفَعَ مِنْ الدَّفْعِ لِتَحَقُّقِ النَّفْعِ بِهِ فِي الْكِتَابَةِ (وَالْوَضْعُ عَنْهُ أَفْضَلُ) مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ أَنْفَعُ.
(وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْإِيتَاءِ) لِرُبْعِ مَالِ الْكِتَابَةِ بَعْدَ أَدَائِهِ (فَهُوَ) أَيْ الرُّبْعُ (دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ) يُحَاصِصُ بِهِ غُرَمَاءَهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَلَمْ يَسْقُطْ بِالْمَوْتِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.
(فَإِنْ