الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ فَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ فَيُؤَدِّي إثْبَاتُهَا إلَى نَفْيِهَا فَإِنْ كَانَ الْحَمَّامُ كَبِيرًا تَمْكُنُ قِسْمَتُهُ حَمَّامَيْنِ أَوْ أَمْكَنَتْ قِسْمَةُ الْبِئْرِ بِئْرَيْنِ أَوْ كَانَ مَعَ الْبِئْرِ بَيَاضُ أَرْضٍ بِحَيْثُ تَحْصُلُ الْبِئْرُ فِي أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَكَذَا الرَّحَى.
(وَلَا) شُفْعَةَ أَيْضًا (فِيمَا لَيْسَ بِعَقَارٍ كَشَجَرٍ) مُفْرَدٍ (وَحَيَوَانٍ وَبِنَاءٍ مُفْرَدٍ) عَنْ أَرْضٍ (وَجَوْهَرٍ وَسَيْفٍ وَنَحْوِهَا) كَسَفِينَةٍ وَزَرْعٍ وَثَمَرَةٍ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِهَا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ أَرْضًا؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَبْقَى عَلَى الدَّوَامِ وَيَدُومُ ضَرَرُهَا (إلَّا أَنَّ الْغِرَاسَ وَالْبِنَاءَ يُؤْخَذَانِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ) لِقَضَائِهِ صلى الله عليه وسلم «بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مُشْتَرَكٍ لَمْ يُقْسَمْ رِيعُهُ أَوْ حَائِطًا» وَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ الْبِنَاءُ وَالْأَشْجَارُ.
(وَكَذَا نَهْرٌ وَبِئْرٌ وَقَنَاةٌ وَدُولَابٌ) فَتُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ لَا مُفْرَدَةً وَ (لَا) يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ تَبَعًا وَلَا مُفْرَدًا (ثَمَرَةٌ) قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ظَاهِرُهُ.
(وَ) لَا (زَرْعَ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَدْخُلَانِ فِي الشُّفْعَةِ كَقُمَاشِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ لَكِنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لِلشَّفِيعِ سُلْطَانَ الْأَخْذِ بِغَيْرِ رِضَا الْمُشْتَرِي (فَإِنْ بِيعَ الشَّجَرُ) مَعَ أَرْضٍ فِيهَا شُفْعَةٌ وَأُخِذَ الشَّجَرُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِالشُّفْعَةِ (وَفِيهِ) أَيْ: الشَّجَرِ (ثَمَرَةٌ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ كَالطَّلْعِ غَيْرِ الْمُتَشَقِّقِ دَخَلَ) الثَّمَرُ (فِي الشُّفْعَةِ) أَيْ: الْمَشْفُوعِ تَبَعًا لَهُ حَيْثُ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ قَبْلَ التَّشَقُّقِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ فِي الْبَيْعِ فَتَبِعَ فِي الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ فِي الْمَعْنَى فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى تَشَقَّقَ بَقِيَ الثَّمَرُ لِمُشْتَرٍ إلَى أَوَانِ أَخْذِهِ وَيَأْتِي مُفَصَّلًا.
(وَإِنْ بِيعَتْ حِصَّةٌ مِنْ عُلُوِّ دَارٍ مُشْتَرَكٍ) أَيْ: الْعُلُوِّ (وَكَانَ السَّقْفُ الَّذِي تَحْتَهُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ) وَحْدَهُ (أَوْ) كَانَ السَّقْفُ (لَهُمَا) أَيْ: لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ (أَوْ) كَانَ السَّقْفُ (لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ) فَلَا شُفْعَةَ فِي الْعُلُوِّ؛ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ مُفْرَدٌ (وَلَا) شُفْعَةَ أَيْضًا (فِي السَّقْفِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا أَرْضَ لَهُ فَهُوَ كَالْأَبْنِيَةِ الْمُفْرَدَةِ (وَإِنْ كَانَ السُّفْلُ مُشْتَرَكًا) بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (وَالْعُلُوُّ خَالِصٌ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَبَاعَ) رَبُّ الْعُلُوِّ نُصِيبَهُ مِنْ السُّفْلِ (فَلِلشَّرِيكِ الشُّفْعَةُ فِي السُّفْلِ فَقَطْ) دُونَ الْعُلُوِّ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ فِيهِ.
[فَصْلٌ لِلشُّفْعَةِ الْمُطَالَبَةُ بِهَا عَلَى الْفَوْرِ]
(فَصْلٌ) الشَّرْطُ (الثَّالِثُ) لِلشُّفْعَةِ (الْمُطَالَبَةُ بِهَا عَلَى الْفَوْرِ) سَاعَةَ يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الشُّفْعَةُ
لِمَنْ وَاثَبَهَا» رَوَاهُ الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ وَرَدَّهُ الْحَارِثِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا فِي رِوَايَةٍ «الشُّفْعَةُ كَحَلِّ الْعِقَالِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّ ثُبُوتَهَا عَلَى التَّرَاخِي رُبَّمَا أَضَرَّ بِالْمُشْتَرِي؛ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ (بِأَنْ يُشْهِدَ) الشَّفِيعُ (بِالطَّلَبِ) بِالشُّفْعَةِ (حِينَ يَعْلَمُ) بِالْبَيْعِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) لِلشَّفِيعِ (عُذْرٌ) يَمْنَعهُ مِنْ الطَّلَبِ (ثُمَّ) إذَا أَشْهَدَ عَلَى الطَّلَبِ (لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ) الْمُشْتَرِي (وَلَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ) أَوْ أَشْهُرٍ أَوْ سِنِينَ؛ لِأَنَّ إشْهَادَهُ دَلِيلٌ عَلَى رَغْبَتِهِ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُطَالَبَةِ حُضُورُ الْمُشْتَرِي لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الطَّلَبِ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ اشْتَرَطَهُ كَالْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْمُرَادُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ: أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ مُوَاجَهَةُ الشَّفِيعِ لَهُ قَالَ الْحَارِثِيُّ: الْمَذْهَبُ الْإِجْزَاءُ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ مَسَائِلهِ وَالْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ فِي تَمَامِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ لَكِنْ بِقَيْدِ الْإِشْهَادِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَالْأَثْرَمِ وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَإِيرَادُ الْمُصَنِّفِ - أَيْ: الْمُوَفَّقُ - هُنَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِجْزَاءِ وَأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُوَاجَهَةُ قَالَ: وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ انْتَهَى.
وَالثَّانِي مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْمُنْتَهَى (وَلَا) عَلَى الْأَوَّلِ: فَالْأَوْلَى أَيْضًا أَنْ (يُبَادِرَ) الشَّفِيعُ (إلَى الْمُشْتَرِي) فَيُطَالِبهُ (بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ) بِالشُّفْعَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (فَإِنْ بَادَرَ هُوَ) أَيْ: الشَّفِيعُ (أَوْ) بَادَرَ.
(وَكِيلُهُ) فَطَالَبَ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ (مِنْ غَيْر إشْهَادٍ) أَنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ (فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ) لِعَدَمِ تَأْخِيرِهِ الطَّلَبَ (فَإِنْ كَانَ) لِلشَّفِيعِ (عُذْرٌ) يَمْنَعُهُ الطَّلَبَ (مِثْلُ أَنْ لَا يَعْلَمَ) بِالْبَيْعِ فَأَخَّرَ إلَى أَنْ عَلِمَ وَطَالَبَ سَاعَةَ عَلِمَ (أَوْ عَلِمَ) الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ (لَيْلًا فَأَخَّرَهُ) أَيْ: الطَّلَبَ (إلَى الصُّبْحِ) مَعَ غَيْبَةِ مُشْتَرٍ عَنْهُ (أَوْ) أَخَّرَ الطَّلَبَ (لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ حَتَّى يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ) مَعَ غَيْبَةِ مُشْتَرٍ (أَوْ) أَخَّرَ الطَّلَبَ مُحْدِثٌ (لِطَهَارَةٍ) مَعَ غَيْبَةٍ (أَوْ) أَخَّرَهُ لِ (إغْلَاقِ بَابٍ أَوْ لِيَخْرُجَ مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ (أَوْ لِيُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ وَيَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ بِسُنَنِهَا أَوْ لِيَشْهَدَهَا فِي جَمَاعَةٍ يَخَافُ فَوْتَهَا وَنَحْوِهِ) كَمَنْ عَلِمَ وَقَدْ انْحَرَقَ ثَوْبُهُ أَوْ ضَاعَ مِنْهُ مَالٌ فَأَخَّرَ الطَّلَبَ لِيُرَقِّعَ ثَوْبَهُ أَوْ يَلْتَمِسَ مَا سَقَطَ مِنْهُ (لَمْ تَسْقُطْ) الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْدِيمُ هَذِهِ الْحَوَائِجِ وَنَحْوِهَا عَلَى غَيْرِهَا فَلَا يَكُونُ الِاشْتِغَالُ بِهَا رِضًا بِتَرْكِ الشُّفْعَةِ.
كَمَا
لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُسْرِعَ فِي مَشْيِهِ أَوْ يُحَرِّكَ دَابَّتَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ وَمَضَى عَلَى حَسَبِ عَادَتِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا عِنْدَهُ) أَيْ: الشَّفِيعِ (فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ) فَتَسْقُطُ بِتَأْخِيرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ حُضُورِهِ يُمْكِنُهُ مُطَالَبَتُهُ مِنْ غَيْرِ اشْتِغَالٍ عَنْ أَشْغَالِهِ (إلَّا الصَّلَاةَ) فَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِتَأْخِيرِ الطَّلَبِ لِلصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَلَوْ مَعَ حُضُورِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ بِتَأْخِيرِ الْكَلَامِ عَنْ الصَّلَاةِ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ: الشَّفِيعِ (تَخْفِيفُهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (وَلَا الِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ) فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ إكْمَالَهَا لَا يَدُلُّ عَلَى رَغْبَتِهِ عَنْ الشُّفْعَةِ.
(فَإِذَا فَرَغَ) الشَّفِيعُ (مِنْ حَوَائِجِهِ مَضَى عَلَى حَسَبِ عَادَتِهِ إلَى الْمُشْتَرِي) لِيُطَالِبَهُ بِالشُّفْعَةِ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ: الشَّفِيعِ (أَنْ يُسْرِعَ فِي مَشْيِهِ) إنْ مَشَى (أَوْ يُحَرِّكَ دَابَّتَهُ) إنْ رَكِبَ؛ لِأَنَّ الطَّلَبَ الْمَشْرُوطَ هُوَ الطَّلَبُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ (فَإِذَا لَقِيَهُ بَدَأَهُ بِالسَّلَامِ ثُمَّ يُطَالِبُ) ؛ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ.
وَفِي الْحَدِيثِ «مِنْ بَدَأَ بِالْكَلَامِ قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا تُجِيبُوهُ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ (فَإِنْ قَالَ) الشَّفِيعُ (بَعْدَ السَّلَامِ مُتَّصِلًا: بَارَكْ اللَّهُ لَكَ فِي صَفْقَةِ يَمِينِكَ أَوْ دَعَا لَهُ) أَيْ: لِلْمُشْتَرِي (بِالْمَغْفِرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَانَ دُعَاءً لَهُ بِالْمَعُونَةِ (لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَّصِلُ بِالسَّلَامِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِ وَالدُّعَاءُ لَهُ) .
أَيْ: لِلْمُشْتَرِي (بِالْبَرَكَةِ فِي الصَّفْقَةِ دُعَاءٌ) مِنْ الشَّفِيعِ (لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الشِّقْصَ يَرْجِعُ إلَيْهِ) أَيْ: الشَّفِيعِ إذَا أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ (فَلَا يَكُونُ) ذَلِكَ الدُّعَاءُ (رِضًا) بِتَرْكِ الشُّفْعَةِ (فَإِنْ اشْتَغَلَ) الشَّفِيعُ (بِكَلَامٍ آخَرَ) غَيْرِ الدُّعَاءِ (أَوْ) سَلَّمَ ثُمَّ (سَكَتَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ بَطَلَتْ) شُفْعَتُهُ لِفَوَاتِ شَرْطِهَا وَهُوَ الْفَوْرُ.
(وَيَمْلِكُ) الشَّفِيعُ (الشِّقْصَ) الْمَشْفُوعَ (بِالْمُطَالَبَةِ) بِالشُّفْعَةِ (وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ مَعَ مُلَاءَتِهِ بِالثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ السَّابِقَ سَبَبٌ فَإِذَا انْضَمَّتْ إلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ كَانَ كَالْإِيجَابِ فِي الْبَيْعِ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ الْقَبُولُ (فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ: الشَّفِيعِ (فِيهِ) أَيْ: الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ (وَيُورَثُ) الشِّقْصُ (عَنْهُ) أَيْ: الشَّفِيعِ إذَا مَاتَ بَعْدَ الطَّلَبِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ.
(وَلَا يُعْتَبَرُ) لِانْتِفَالِ الْمِلْكِ إلَى الشَّفِيعِ (رِضَا مُشْتَرٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ قَهْرًا وَالْمَقْهُورُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ (وَلَفْظُ الطَّلَبِ) لِلْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَقُولَ (أَنَا طَالِبٌ) بِالشُّفْعَةِ (أَوْ) أَنَا (مُطَالِبٌ) بِالشُّفْعَةِ (أَوْ) أَنَا (آخِذٌ بِالشُّفْعَةِ وَ) أَنَا (قَائِمٌ عَلَيْهَا) أَيْ: الشُّفْعَةِ.
(وَنَحْوَهَا مِمَّا يُفِيدُ مُحَاوَلَةَ الْأَخْذِ) بِالشُّفْعَةِ كَتَمَلَّكْتُ الشِّقْصَ أَوْ انْتَزَعْتُهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ أَوْ ضَمَمْتُهُ إلَى مَا كُنْتُ أَمْلِكُهُ مِنْ الْعَيْنِ (فَإِنْ أَخَّرَ) الشَّرِيكُ (الطَّلَبَ مَعَ إمْكَانِهِ) أَيْ: الطَّلَبِ (وَلَوْ جَهْلًا بِاسْتِحْقَاقِهَا) أَيْ: الشُّفْعَةِ سَقَطَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ خَفَائِهِ غَالِبًا (أَوْ) أَخَّرَ الطَّلَبَ (جَهْلًا بِأَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْقِطٌ لَهَا
وَمِثْلُهُ لَا يَجْهَلُهُ سَقَطَتْ) شُفْعَتُهُ لِعَدَمِ عُذْرِهِ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) الشَّرِيكُ بِالْبَيْعِ (وَهُوَ غَائِبٌ عَنْ الْبَلَدِ فَيُشْهِدُ عَلَى الطَّلَبِ بِهَا فَلَا تَسْقُطُ) شُفْعَتُهُ.
(وَلَوْ أَخَّرَ الْمُبَادَرَةَ إلَى الطَّلَبِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عِنْدَ إمْكَانِهِ) ؛ لِأَنَّ إشْهَادَهُ بِالطَّلَبِ دَلِيلٌ عَلَى الرَّغْبَةِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ الطَّلَبِ إلَّا قِيَامَ الْعُذْرِ بِهِ وَكَالْغَائِبِ مَرِيضٌ وَمَحْبُوسٌ.
(وَتَسْقُطُ) الشُّفْعَةُ (إذَا) عَلِمَ الشَّرِيكُ بِالْبَيْعِ وَهُوَ غَائِبٌ وَ (سَارَ هُوَ) أَيْ: الشَّرِيكُ الْغَائِبُ (أَوْ) سَارَ.
(وَكِيلُهُ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُشْتَرِي فِي طَلَبِهَا) أَيْ: الشُّفْعَةِ وَلَمْ يُشْهِدْ قَبْلَ سَيْرِهِ (وَلَوْ) سَارَ (بِمُضِيٍّ) أَيْ: سَيْرٍ (مُعْتَادٍ) ؛ لِأَنَّ السَّيْرَ يَكُونُ لِطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَلِغَيْرِهِ وَقَدْ قَدَرَ أَنْ يُبَيِّنَ كَوْنَ سَيْرِهِ لِطَلَبِ الشُّفْعَةِ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ سَقَطَتْ كَتَارِكِ الطَّلَبِ مَعَ حُضُورِهِ.
(وَإِنْ أَخَّرَ) الشَّرِيكُ (الطَّلَبَ وَالْإِشْهَادَ لِعَجْزِهِ عَنْهُمَا أَوْ) لِعَجْزِهِ (عَنْ السَّيْرِ) إلَى الْمُشْتَرِي فَيُطَالِبُهُ وَإِلَى مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى أَنَّهُ مُطَالِبٌ (كَالْمَرِيضِ لَا مِنْ صُدَاعٍ وَأَلَمٍ قَلِيلٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْجِزُهُ عَنْ الطَّلَبِ وَالْإِشْهَادِ (وَكَالْمَحْبُوسِ ظُلْمًا أَوْ بِدَيْنٍ لَا يُمْكِنُهُ أَدَاؤُهُ أَوْ مَنْ) أَيْ: غَائِبٍ (لَا يَجِدُ مَنْ يُشْهِدُهُ أَوْ وَجَدَ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْمَرْأَةِ وَالْفَاسِقِ وَنَحْوِهِمَا) كَغَيْرِ بَالِغٍ (أَوْ وَجَدَ مَسْتُورَيْ الْحَالِ فَلَمْ يُشْهِدْهُمَا) لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِعَدَمِ شَهَادَتِهِمَا.
(قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: يَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَهُمَا وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُمَا) الْحَاكِمُ (وَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ) إذَا أَشْهَدَ عَلَى الطَّلَبِ عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ (أَوْ وَجَدَ) الْغَائِبُ (مَنْ لَا يَقْدَمُ مَعَهُ إلَى مَوْضِعِ الْمُطَالَبَةِ) فَلَمْ يُشْهِدْهُ لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي إشْهَادِهِ فَإِنْ وَجَدَ وَاحِدًا فَأَشْهَدَهُ أَوْ لَمْ يُشْهِدْهُ لَمْ تَسْقُطْ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَهُ وَرَدَّ الْحَارِثِيُّ بِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلِ يُقْضَى بِهَا مَعَ الْيَمِينِ.
(أَوْ) أَخَّرَ الطَّلَبَ أَوْ الْإِشْهَادَ (لِإِظْهَارِهِمْ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ أَوْ) لِإِظْهَارِهِمْ (نَقْصًا فِي الْمَبِيعِ أَوْ) لِإِظْهَارِهِمْ (أَنَّهُ مَوْهُوبٌ) لَهُ أَيْ: لِلْمُشْتَرِي (أَوْ) لِإِظْهَارِهِمْ (أَنَّ الْمُشْتَرِيَ غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ الْمُشْتَرِي بَاطِنًا (أَوْ أَخْبَرَهُ) أَيْ: الشَّرِيكَ بِالْبَيْعِ (مَنْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ) لِفِسْقِهِ (فَلَمْ يُصَدِّقْهُ) وَلَمْ يَطْلُبْ أَوْ يُشْهِدْ (أَوْ) أَظْهَرَ الْمُتَعَاقِدَانِ (أَنَّهُمَا تَبَايَعَا بِدَنَانِيرَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ أَظْهَرَا أَنَّهُمَا تَبَايَعَا بِدَرَاهِمَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بِدَنَانِيرَ (أَوْ أَظْهَرَ) الْمُشْتَرِي (أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِنَقْدِهِ فَبَانَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ) أَظْهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ (بِنَوْعٍ مِنْ الْعُرُوضِ فَبَانَ أَنَّهُ) اشْتَرَاهُ (بِغَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ ذَلِكَ النَّوْعِ كَنَقْدٍ أَوْ نَوْعٍ آخَر (أَوْ أَظْهَرَ) الْمُشْتَرِي (أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لَهُ) أَيْ: لِنَفْسِهِ (فَبَانَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ أَظْهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ
لِغَيْرِهِ فَبَانَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ (أَوْ) أَظْهَرَ (أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِإِنْسَانٍ فَبَانَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ أَوْ أَظْهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ بِثَمَنٍ فَبَانَ أَنَّهُ اشْتَرَى نِصْفَهُ بِنِصْفِهِ أَوْ) أَظْهَرَ (أَنَّهُ اشْتَرَى نِصْفَهُ بِثَمَنٍ فَبَانَ أَنَّهُ اشْتَرَى جَمِيعَهُ بِضِعْفِهِ أَوْ) أَظْهَرَ (أَنَّهُ اشْتَرَى الشِّقْصَ وَحْدَهُ فَبَانَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ هُوَ وَغَيْرُهُ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ أَظْهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الشِّقْصَ وَغَيْرُهُ فَبَانَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَحْدَهُ (فَهُوَ) أَيْ: الشَّفِيعُ (عَلَى شُفْعَتِهِ) إذَا عَلِمَ الْحَالَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِشُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مَعْذُورٌ أَوْ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْحَالِ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ مُطْلَقًا.
(فَأَمَّا إنْ أَظْهَرَ) الْمُشْتَرِي (أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ فَبَانَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ) فَلَا شُفْعَةَ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَرْضَى بِالْقَلِيلِ لَا يَرْضَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ (أَوْ) أَظْهَرَ (أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ بِثَمَنٍ فَبَانَ أَنَّهُ اشْتَرَى بِهِ) أَيْ: بِذَلِكَ الثَّمَنِ (بَعْضَهُ) أَيْ: بَعْضَ الشِّقْصِ (سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ) ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِأَخْذِ الشِّقْصِ كُلِّهِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ لَا يَرْضَى بِأَخْذِ بَعْضِهِ بِهِ (وَإِنْ كَانَ الْمَحْبُوسُ حُبِسَ بِحَقٍّ يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى أَدَائِهِ (فَهُوَ كَالْمُطْلَقِ إنْ لَمْ يُبَادِرْ إلَى الْمُطَالَبَةِ وَلَمْ يُوَكِّلْ) مَنْ يُطَالِبُ لَهُ فَوْرًا (بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْذُورٍ كَالْمَرِيضِ مَرَضًا يَسِيرًا لَا يَمْنَعهُ مِنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ.
(وَإِنْ أَخْبَرَهُ) أَيْ: الشَّفِيعَ بِالْبَيْعِ (مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ وَلَوْ عَدْلًا وَاحِدًا: عَبْدًا أَوْ أُنْثَى فَلَمْ يُصَدِّقْهُ) الشَّفِيعُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مِنْ عَدْلٍ يَجِبُ قَبُولُهُ فِي الرِّوَايَةِ وَالْفُتْيَا وَسَائِرِ الْأَخْبَارِ الدِّينِيَّةِ فَسَقَطَتْ الشُّفْعَةُ بِتَكْذِيبِهِ (أَوْ) أَخْبَرَهُ مَنْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ كَفَاسِقٍ وَصَبِيٍّ وَصَدَّقَهُ وَلَمْ يُطَالِبْ (سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ) ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ اعْتِرَافٌ بِوُقُوعِ الْبَيْعِ فَوَجَبَ سُقُوطُهَا بِتَأْخِيرِ الطَّلَبِ.
(أَوْ قَالَ) الشَّرِيكُ (لِلْمُشْتَرِي: بِعْنِي مَا اشْتَرَيْتُ أَوْ: صَالِحْنِي) عَنْهُ (مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهَا) أَيْ: عَنْ الشُّفْعَةِ (أَوْ) قَالَ (هَبْهُ لِي أَوْ ائْتَمِنِّي عَلَيْهِ أَوْ بِعْهُ مِمَّنْ شِئْتَ أَوْ وَلِّهِ إيَّاهُ) أَيْ: أَعْطِهِ لِمَنْ شِئْتَ بِرَأْسِ مَالِهِ (أَوْ هَبْهُ لَهُ) أَيْ: لِمَنْ شِئْتَ (أَوْ أَكْرِنِي أَوْ سَاقِنِي أَوْ قَاسِمْنِي أَوْ اكْتَرِ مِنِّي أَوْ سَاقَاهُ وَنَحْوَهُ) كَاشْتَرَيْتُ غَالِيًا أَوْ بِأَكْثَرِ مِمَّا أَعْطَيْتُ أَنَا سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا وَشِبْهَهُ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِالشَّرِكَةِ وَتَرْكِهِ لِلشُّفْعَةِ وَإِنْ قِيلَ لَهُ: شَرِيكُكَ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ زَيْدٍ فَقَالَ: إنْ بَاعَنِي زَيْدٌ وَإِلَّا فَلِيَ الشُّفْعَةُ كَانَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ لِزَيْدٍ: بِعْنِي مَا اشْتَرَيْتَ قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ.
(أَوْ قَدَرَ مَعْذُورٌ) لِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ وَنَحْوِهِ (عَلَى التَّوْكِيلِ) فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ (فَلَمْ يَفْعَلْهُ) بِأَنْ لَمْ يُوَكِّلْ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ لِعَدَمِ عُذْرِهِ فِي التَّأْخِيرِ (أَوْ لَقِيَ) الشَّرِيكُ (الْمُشْتَرِيَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ فَلَمْ يُطَالِبْهُ) سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ (سَوَاءٌ قَالَ: إنَّمَا تَرَكْتُ الْمُطَالَبَةَ
لِأُطَالِبَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْبَيْعُ أَوْ) لِأُطَالِبَهُ فِي بَلَدِ (الْمَبِيعِ أَوْ لَا أَوْ) سَوَاءٌ قَالَ: إنَّمَا تَرَكْتُ الْمُطَالَبَةَ (لِآخُذَ الشِّقْصَ فِي مَوْضِعِ الشُّفْعَةِ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْ نَسِيَ الْمُطَالَبَةَ أَوْ) نَسِيَ (الْبَيْعَ) ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الطَّلَبِ فَوْرًا.
(أَوْ قَالَ) الشَّرِيكُ لِلْمُشْتَرِي (بِكَمْ اشْتَرَيْتَ؟ قَالَ) اشْتَرَيْتُ رَخِيصًا أَوْ قَالَ لَهُ (أَيْ: لِلشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي: بِعْتُك أَوْ وَلَّيْتُكَ فَقَبِلَ) ذَلِكَ (سَقَطَتْ) شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ تَرْكِهِ الشُّفْعَةَ.
(وَإِنْ دَلَّهُ) الشَّرِيكُ فِي الْبَيْعِ (أَيْ: عَمِلَ دَلَّالًا وَهُوَ السَّفِيرُ) بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالِاسْمُ الدَّلَالَةُ بِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِهَا قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَا جَعَلْتَهُ لِلدَّلِيلِ وَالدَّلَّالُ لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ (أَوْ رَضِيَ) الشَّرِيكُ (بِهِ) أَيْ: بِالْبَيْعِ (أَوْ ضَمِنَ عَنْهُ) الثَّمَنَ لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فَلَا تَسْقُطُ بِهِ (أَوْ سَلَّمَ) الشَّرِيكُ (عَلَيْهِ أَوْ دَعَا بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ السَّلَامِ مُتَّصِلًا بِهِ (وَنَحْوُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِكَلَامٍ آخَرَ أَوْ لَمْ يَسْكُتْ لِغَيْرِ حَاجَتِهِ) لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(أَوْ تَوَكَّلَ) الشَّرِيكُ (لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ فَاخْتَارَ إمْضَاءَ الْبَيْع فَ) هُوَ (عَلَى شُفْعَتِهِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ وَلِأَنَّ الْمُسْقِطَ لَهَا الرِّضَا بِتَرْكِهَا بَعْدَ وُجُوبِهَا وَلَمْ يُوجَدْ.
(وَإِنْ قَالَ الشَّرِيكُ) لِشَرِيكِهِ: (بِعْ نِصْفَ نَصِيبِي مَعَ نِصْفِ نَصِيبِكَ فَفَعَلَ) أَيْ: بَاعَ نِصْفَ النَّصِيبَيْنِ (ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْمَبِيعِ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا شَرِيكٌ (وَإِنَّ أَذِنَ) الشَّرِيكُ لِشَرِيكِهِ (فِي الْبَيْعِ أَوْ أَسْقَطَ) الشَّرِيكُ (شُفْعَتَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ لَمْ تَسْقُطْ) شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَقٍّ قَبْلَ وُجُوبِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ كَمَا لَوْ أَبْرَأهُ مِمَّا سَيُقْرِضُهُ لَهُ.
(وَإِنْ تَرَكَ وَلِيٌّ وَلَوْ) كَانَ (أَبًا شُفْعَةَ مُوَلِّيهِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ مَجْنُونًا) أَوْ سَفِيهًا (لَمْ تَسْقُطْ) شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ مِنْ غَيْرِ الشَّفِيعِ كَالْغَائِبِ إذَا تَرَكَ وَكِيلَهُ الْآخِذَ بِهَا.
(وَلَهُ) أَيْ: الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (الْأَخْذُ بِهَا) أَيْ: بِالشُّفْعَةِ (إذَا) بَلَغَ (وَعَقَلَ وَرَشَدَ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا حَظٌّ أَوْ لَا) وَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ قَدْ صَرَّحَ بِالْعَفْوِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلشُّفْعَةِ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَظٌّ فِيهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ (وَقِيلَ: لَا يَأْخُذُ) الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَهْلِيَّتِهِ (بِهَا إلَّا إنْ كَانَ فِيهَا) أَيْ: الشُّفْعَةِ (حَظٌّ لَهُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ عَفْوَ الْوَلِيِّ عَنْهَا مَعَ عَدَمِ الْحَظِّ فِيهَا صَحِيحٌ قِيَاسًا عَلَى الْأَخْذِ مَعَ الْحَظِّ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَنْ مَلَكَ اسْتِيفَاءً لِحَقٍّ مِلْكُ إسْقَاطِهِ بِدَلِيلِ سَائِرِ حُقُوقِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي الْأَخْذِ تَحْصِيلًا لَهُ.
، (وَأَمَّا الْوَلِيُّ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِهَا) أَيْ: بِالشُّفْعَةِ (لَهُ) أَيْ: لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (إنْ كَانَ) الْأَخْذُ (أَحَظَّ) لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ الشِّرَاءُ رَخِيصًا أَوْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَلِلْمَحْجُورِ
عَلَيْهِ مَالٌ يَشْتَرِي مِنْهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الِاحْتِيَاطَ لِمُوَلِّيهِ وَفِعْلَ الْأَحَظِّ لَهُ فَإِنْ تَرَكَ الْوَلِيُّ الْأَخْذَ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ.
(وَإِلَّا) يَكُنْ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ حَظٌّ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ غَبَنَ الْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ الْأَخْذُ بِهَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَسْتَقْرِضَ وَيَرْهَنَ مَالَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ تَعَيَّنَ عَلَى الْوَلِيِّ (التَّرْكُ) كَسَائِرِ مَا لَا حَظَّ لِمُوَلِّيهِ فِيهِ (وَلَمْ يَصِحَّ الْأَخْذُ) بِالشُّفْعَةِ حِينَئِذٍ فَيَكُونُ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي.
(وَلَوْ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الشُّفْعَةِ الَّتِي فِيهَا حَظٌّ لِمُوَلِّيهِ ثُمَّ أَرَادَ) الْوَلِيُّ (الْأَخْذَ) بِهَا (فَلَهُ) أَيْ: الْوَلِيِّ ذَلِكَ لِعَدَمِ صِحَّةِ عَفْوِهِ عَنْهَا كَمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ أَرَادَ) الْوَلِيُّ (الْأَخْذَ) بِالشُّفْعَةِ (فِي ثَانِي الْحَالِ وَلَيْسَ فِيهَا مَصْلَحَةٌ) لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ: الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لِعَدَمِ الْحَظِّ.
(وَإِنْ تَجَدَّدَ الْحَظُّ) لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (أَخَذَ) الْوَلِيُّ (لَهُ بِهَا) لِعَدَمِ سُقُوطِهَا بِالتَّأْخِيرِ (وَحَيْثُ أَخَذَهَا) أَيْ: أَخَذَ الْوَلِيُّ بِالشُّفْعَةِ (مَعَ الْحَظِّ) لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (ثَبَتَ الْمِلْكُ) فِي الْمَشْفُوعِ (لِلصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ) كَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (نَقْصُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ) أَوْ الْعَقْلِ أَوْ الرُّشْدِ وَكَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِ الْوَلِيِّ اللَّازِمَةِ.
(وَحُكْمُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَ) حُكْمُ (الْمَجْنُونِ غَيْرِ الْمُطْبَقِ حُكْمُ الْمَحْبُوسِ وَالْغَائِبِ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُمَا) ؛ لِأَنَّهُمَا مَعْذُورَانِ وَلَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِمَا (وَحُكْمُ وَلِيِّ الْمَجْنُونِ الْمُطْبَقِ) ؛ لِأَنَّهُمَا مَعْذُورَانِ وَلَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِمَا (وَحُكْمُ وَلِيِّ الْمَجْنُونِ الْمُطْبَقِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ (وَهُوَ الَّذِي لَا تُرْجَى إفَاقَتُهُ وَ) حُكْمُ وَلِيِّ (السَّفِيهِ حُكْمُ وَلِيِّ الصَّغِيرِ) فِيمَا تَقَدَّمَ وَسَبَقَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.
(وَإِذَا مَاتَ مَوْرُوثُ الْحَمْلِ) كَأَبِيهِ (بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهَا) أَيْ: الشُّفْعَةِ (لَمْ يُؤْخَذْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ) نَقَلَهُ ابْنُ رَجَبٍ عَنْ الْأَصْحَابِ.
(وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: إذَا وُلِدَ وَكَبِرَ فَلَهُ الْأَخْذُ إذَا لَمْ يَأْخُذْ بِهِ الْوَلِيُّ كَالصَّبِيِّ) قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَمْلِكُ الشِّقْصَ بِالطَّلَبِ، وَأَمَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ لِلْمُوَرِّثِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيُورَثُ عَنْهُ الشِّقْصُ كَسَائِرِ تَرِكَتِهِ وَيُوَفَّى الثَّمَنُ مِنْ التَّرِكَةِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ.
(وَلِلْمُفْلِسِ الْأَخْذُ بِهَا) أَيْ: بِالشُّفْعَةِ (وَ) لَهُ (الْعَفْوُ عَنْهَا) ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ رَشِيدٌ (وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ إجْبَارُهُ) أَيْ: الْمُفْلِسِ (عَلَى الْأَخْذِ بِهَا وَلَوْ كَانَ فِيهَا حَظٌّ) لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى اسْتِيفَائِهِ.
(وَلِلْمُكَاتَبِ الْأَخْذُ) بِالشُّفْعَةِ (وَالتَّرْكُ) كَالْحُرِّ.
(وَلِلْمَأْذُونِ لَهُ مِنْ الْعَبِيدِ) فِي التِّجَارَةِ (الْأَخْذُ) بِالشُّفْعَةِ (دُونَ التَّرْكِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا لِسَيِّدِهِ لَا لَهُ فَهُوَ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ) هَذَا بِحَسَبِ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ لَمْ يَفِ بِهِ.
(وَإِذَا بَاعَ وَصِيُّ الْأَيْتَامِ لِأَحَدِهِمْ نَصِيبًا فِي شَرِكَةِ الْآخَرِ فَلَهُ) أَيْ: الْوَلِيِّ