الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُصَلُّونَ قَالَ تِلْمِيذُهُ صَاحِبُ الْمُبْدِعِ: وَفِيهِ شَيْءٌ انْتَهَى وَلَوْ قِيلَ: يُعْمَلُ بِهِ نَبْلٌ وَنِشَابٌ لِلْجِهَادِ لَمْ يَبْعُدْ.
(وَلَوْ وَصَّى بِكُتُبِ الْعِلْمِ لِآخَرَ صَحَّ) لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى طَاعَةٍ (وَلَا تَدْخُلُ كُتُبُ الْكَلَامِ) فِي كُتُبِ الْعِلْمِ (لِأَنَّهُ) أَيْ: الْكَلَامُ (لَيْسَ مِنْ الْعِلْمِ) قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: الْكَلَامُ رَدِيءٌ لَا يَدْعُو إلَى خَيْرٍ لَا يُفْلِحُ صَاحِبُ كَلَامٍ، تَجَنَّبُوا أَصْحَابَ الْجِدَالِ وَالْكَلَامِ وَعَلَيْك بِالسُّنَنِ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْكَلَامَ وَعَنْهُ لَا يُفْلِحُ صَاحِبُ كَلَامٍ أَبَدًا وَلَا تَرَى أَحَدًا نَظَرَ فِي الْكَلَامِ إلَّا.
وَفِي قَلْبِهِ دَغَلٌ وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا حَكَى الْبَغَوِيّ لَوْ كَانَ الْكَلَامُ عِلْمًا لَتَكَلَّمَ فِيهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ كَمَا تَكَلَّمُوا فِي الْأَحْكَامِ وَالشَّرَائِعِ وَلَكِنَّهُ بَاطِلٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْآثَارِ مِنْ جَمِيعِ الْأَمْصَارِ أَنَّ أَهْلَ الْكَلَامِ لَا يُعَدُّونَ فِي طَبَقَاتِ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا الْعُلَمَاءُ أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ (وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكُتُبِهِ) أَيْ: الْكَلَامِ (وَلَا) الْوَصِيَّةُ (لِكُتُبِ الْبِدَعِ الْمُضِلَّةِ، وَ) لَا لِكُتُبِ (السِّحْرِ وَالتَّعْزِيمِ وَالتَّنْجِيمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِنْ الْعُلُومِ الْمُحَرَّمَةِ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ.
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمُصْحَفٍ لِيُقْرَأَ فِيهِ) لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ (وَيُوضَعُ بِجَامِعٍ أَوْ مَوْضِعٍ حَرِيزٍ) لِيَحْفَظَهُ.
[بَابُ الْمُوصَى بِهِ]
ِ وَهُوَ الْمُتَمِّمُ لِأَرْكَانِ الْوَصِيَّةِ الْأَرْبَعَةِ (يُعْتَبَرُ فِيهِ) أَيْ: الْمُوصَى بِهِ (إمْكَانُهُ فَلَا تَصِحُّ بِمُدَبَّرَةٍ) وَلَا بِأُمِّ وَلَدِهِ لِأَنَّهُمَا يُعْتَقَانِ بِالْمَوْتِ فَلَا يُمْكِنُ دُخُولُهُمَا فِي مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ.
(وَ) يُعْتَبَرُ فِيهِ أَيْضًا اخْتِصَاصُهُ أَيْ: الْمُوصَى بِهِ فَ (لَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِمَالٍ الْغَيْرِ وَلَوْ مَلَكَهُ بَعْدُ) بِأَنْ قَالَ وَصَّيْت بِمَالِ زَيْدٍ، فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ مَلَكَ الْمُوصِي مَالَ زَيْدٍ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِإِضَافَةِ الْمَالِ إلَى غَيْرِهِ.
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَلِلْوَصِيِّ السَّعْيُ فِي تَحْصِيلِهِ كَآبِقٍ وَشَارِدٍ وَطَيْرٍ فِي هَوَاءٍ وَحَمْلٍ فِي بَطْنٍ وَلَبَنٍ فِي ضَرْعٍ) وَسَمَكٍ فِي لُجَّةٍ قَالَ الْحَارِثِيُّ: عَلَى التَّمْثِيلِ هَهُنَا بِاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ مُنَاقَشَةٌ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ بِالْحَلِيبِ لَكِنَّهُ مِنْ نَوْعِ الْمَجْهُولِ أَوْ الْمَعْدُومِ لِتَجَدُّدِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا (وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ أَيْضًا (بِمَعْدُومٍ كَاَلَّذِي تَحْمِلُ أَمَتُهُ) قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي تَعَالِيقِهِ الْقَدِيمَةِ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ
بِالْحَمْلِ نَظَرًا إلَى عِلَّةِ التَّفْرِيقِ إذْ لَيْسَ التَّفْرِيقُ مُخْتَصًّا بِالْبَيْعِ، بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ تَفْرِيقٍ إلَّا الْعِتْقَ وَافْتِدَاءَ الْأَسِيرِ (أَوْ) تَحَمُّلَ (شَجَرَتِهِ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً) كَسَنَةٍ وَسَنَتَيْنِ (فَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ فَلَهُ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُجْرِيَتْ مَجْرَى الْمِيرَاثِ وَهَذَا يُورَثُ، فَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ إلَّا حَمْلَ الْأَمَةِ فَيُعْطِي مَالِكُ الْأَمَةِ قِيمَتَهُ لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ فَإِنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَعَلَى الْوَاطِئِ قِيمَةُ الْوَلَدِ لَوْ وَصَّى لَهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ صَارَتْ حُرَّةً بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ السَّقْيُ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ تَسْلِيمَهَا بِخِلَافِ بَائِعٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِمَّا وَصَّى بِهِ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا.
(وَمِثْلُهُ) أَيْ: مَا تَقَدَّمَ فِي الصِّحَّةِ الَوَصِيَّة (بِمِائَةٍ لَا يَمْلِكُهَا فَإِنْ قَدَرَ) الْمُوصِي (عَلَيْهَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ قَدَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا) صَحَّتْ وَاعْتُبِرَتْ مِنْ الثُّلُثِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ بِإِنَاءٍ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ لِأَنَّهُ مَالٌ يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ بِأَنْ يَكْسِرَهُ وَيَبِيعَهُ أَوْ يُغَيِّرَهُ عَنْ هَيْئَتِهِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ حُلِيًّا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ كَالْأَمَةِ الْمُغَنِّيَةِ.
(وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِإِنْسَانٍ (بِزَوْجَتِهِ) الْأَمَةُ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِقَبُولِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ.
(وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِمَا فِيهِ نَفْعٌ مُبَاحٌ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ كَكَلْبِ صَيْدٍ، وَ) كَلْبِ (مَاشِيَةٍ، وَ) كَلْبِ زَرْعٍ وَحَرْثٍ (وَلِمَا يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ مِنْهَا) لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا، وَتُقَرُّ الْيَدُ عَلَيْهِ؛ وَالْوَصِيَّةُ تَبَرُّعٌ فَصَحَّتْ فِي غَيْرِ الْمَالِ كَالْمَالِ (وَيَأْتِي فِي الصَّيْدِ) بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا (وَكَزَيْتٍ مُتَنَجِّسٍ) فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ (وَلِغَيْرِ مَسْجِدٍ) لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا، وَهُوَ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ، وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ لِمَسْجِدٍ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ فِيهِ وَتَقَدَّمَ (وَلَهُ) أَيْ: الْمُوصَى لَهُ بِالْكَلْبِ الْمُبَاحِ أَوْ الزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ (ثُلُثُ الْكَلْبِ، وَ) ثُلُثُ (الزَّيْتِ) الْمُتَنَجِّسِ الْمُوصَى بِهِ (إنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ) لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْوَصِيَّةِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ ثُلُثَا التَّرِكَةِ لِلْوَرَثَةِ، وَلَيْسَ مِنْ التَّرِكَةِ شَيْءٌ مِنْ جِنْسِ الْمُوصَى بِهِ.
(وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِكِلَابِهِ، وَ) وَصَّى (لِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ، فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثُ الْمَالِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْكِلَابِ ثُلُثُهَا إنْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ) لِأَنَّ مَا حَصَلَ لِلْوَرَثَةِ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ قَدْ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ وَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ وَلَمْ يُحْتَسَبْ عَلَى الْوَرَثَةِ بِالْكِلَابِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ (وَلَوْ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَمْ يُوصِ بِالْكِلَابِ دَفَعَ إلَيْهِ) أَيْ: الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ (ثُلُثَ الْمَالِ وَلَمْ تُحْتَسَبْ الْكِلَابُ عَلَى الْوَرَثَةِ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ (وَتُقْسَمُ) الْكِلَابُ (بَيْنَ الْوُرَّاثِ) بِالْعَدَدِ.
(وَ) تُقْسَمُ أَيْضًا بَيْنَ الْوُرَّاثِ وَبَيْنَ (الْمُوصَى لَهُ) بِهَا إنْ لَمْ تُجِزْ
الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهَا بِالْعَدَدِ (أَوْ) أَيْ: وَتُقْسَمُ الْكِلَابُ (بَيْنَ اثْنَيْنِ) فَأَكْثَرَ (مُوصًى لَهُمَا بِهَا عَلَى عَدَدِهَا لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهَا، فَإِنْ تَشَاحُّوا فِي بَعْضِهَا) بِأَنْ طَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ (فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ) قَالَهُ فِي الشَّرْحِ: لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمْ عَلَى غَيْرِهِ وَعِبَارَتُهُ فِي الْمُبْدِعِ وَالْإِنْصَافِ وَغَيْرِهِمَا: فَإِنْ تَشَاحُّوا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ.
(وَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمَا لَا يُبَاحُ اتِّخَاذُهُ مِنْهَا) كَالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ وَالْعَقُورِ وَمَا لَا يَصْلُحُ لِلصَّيْدِ، وَلَا لِلزَّرْعِ، وَلَا لِلْمَاشِيَةِ (وَلَا بِالْخِنْزِيرِ، وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ السِّبَاعِ) مِنْ الْبَهَائِمِ وَالطُّيُورِ (الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ) لِعَدَمِ نَفْعِهَا (وَلَا بِمَا لَا نَفْعَ فِيهِ مُبَاحٌ كَالْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ) الْمُحَرَّمَةِ (وَنَحْوِهَا) كَالدَّمِ، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ فَلَا تَصِحُّ بِذَلِكَ كَالْهِبَةِ وَقَدْ حَثَّ الشَّارِعُ عَلَى إرَاقَةِ الْخَمْرِ وَإِعْدَامِهِ فَلَمْ يُنَاسِبْ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ بِهِ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ قُلْنَا: يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهَا بَعْدَ الدِّبَاغِ.
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمَجْهُولٍ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ) لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَبِيهٌ بِالْوَارِثِ مِنْ جِهَةِ انْتِقَالِ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ إلَيْهِ مَجَّانًا، وَالْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ الْإِرْثَ؛ فَلَا تَمْنَعُ الْوَصِيَّةَ (وَيُعْطَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ الِاسْمُ بِالْحَقِيقَةِ) الْوَضْعِيَّةِ (وَالْعُرْفِ كَالشَّاةِ هِيَ فِي) الْحَقِيقَةِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ.
وَالْهَاءُ لِلْوَحْدَةِ وَفِي (الْعُرْفِ لِلْأُنْثَى الْكَبِيرَةِ مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ) غُلِّبَ الْعُرْفُ كَالْأَيْمَانِ (وَالْبَعِيرِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا (وَالثَّوْرِ هُوَ فِي الْعُرْفِ لِلذَّكَرِ الْكَبِيرِ) مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ (وَفِي الْحَقِيقَةِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى غُلِبَ الْعُرْفُ كَالْأَيْمَانِ) اخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالتَّبْصِرَةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إرَادَتُهُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ خُوطِبَ قَوْمٌ بِشَيْءٍ لَهُمْ فِيهِ عُرْفٌ وَحَمَلُوهُ عَلَى عُرْفِهِمْ لَمْ يُعَدُّوا مُخَالِفِينَ (وَصَحَّحَ الْمُنَقِّحُ أَنَّهُ تُغَلَّبُ الْحَقِيقَةُ) وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَلِهَذَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا كَلَامُ اللَّهِ وَكَلَامُ رَسُولِهِ (فَيَتَنَاوَلُ) اللَّفْظُ مِمَّا ذُكِرَ (الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ وَالصِّغَارَ وَالْكِبَارَ، فَيُعْطَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ) لِصَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لَهُ (وَحِصَانٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ لِذَكَرٍ (وَجَمَلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِهَا لِذَكَرٍ (وَحِمَارٍ وَبَغْلٍ وَعَبْدٍ لِذَكَرٍ) فَقَطْ قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] .
وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَلِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْعَبْدِ فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ فَلَيْسَ لَهُ شِرَاءُ أَمَةٍ (وَأَتَانٍ) الْحِمَارَةُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ:
وَالْأَتَانَةُ قَلِيلَةٌ (وَنَاقَةٍ وَبَكْرَةٍ وَقَلُوصٍ) الْأُنْثَى (وَحِجْرٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ الْأُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَبِالْهَاءِ لَحْنٌ (وَبَقَرَةٌ لِأُنْثَى وَكَبْشٍ لِلذَّكَرِ الْكَبِيرِ مِنْ الضَّأْنِ، وَتَيْسٍ لِلذَّكَرِ الْكَبِيرِ مِنْ الْمَعْزِ وَفَرَسٍ) لِذَكَرٍ وَأُنْثَى (وَرَقِيقٍ لِذَكَرٍ وَأُنْثَى) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَيَكُونَانِ لِلْخُنْثَى أَيْضًا (وَالدَّابَّةُ اسْمٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ) لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَعَارَفُ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْقَائِلُونَ بِالْحَقِيقَةِ لَمْ يَقُولُوا هَهُنَا بِالْأَعَمِّ، كَأَنَّهُمْ لَحَظُوا غَلَبَةَ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ بِحَيْثُ صَارَتْ الْحَقِيقَةُ مَهْجُورَةً (فَإِنْ قَرَنَ بِهِ) أَيْ: بِذَكَرِ الدَّابَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ (مَا يَصْرِفُهُ إلَى أَحَدِهَا) أَيْ: أَحَدِ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ (كَقَوْلِهِ) أَعْطُوا لَهُ (دَابَّةً يُقَاتِلُ عَلَيْهَا انْصَرَفَ إلَى الْخَيْلِ) وَكَذَا لَوْ قَالَ: دَابَّةٌ يُسْهَمُ لَهَا لِاخْتِصَاصِهَا بِذَلِكَ (وَإِنْ قَالَ) أَعْطُوا لَهُ (دَابَّةً يَنْتَفِعُ بِظَهْرِهَا وَنَسْلِهَا خَرَجَ مِنْهُ الْبِغَالُ) وَالذَّكَرُ لِانْتِفَاءِ النَّسْلِ فِيهِمَا.
(وَلَوْ قَالَ) أَعْطُوهُ (عَشْرَةً) أَوْ عَشْرًا مِنْ إبِلِي أَوْ غَنَمِي فَلِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لِأَنَّهُ قَدْ يُلْحَظُ فِي التَّذْكِيرِ مَعْنَى الْجَمْعِ وَفِي التَّأْنِيثِ مَعْنَى الْجَمَاعَةِ.
وَأَيْضًا اسْمُ الْجِنْسِ يَصِحُّ تَذْكِيرُهُ وَتَأْنِيثُهُ (وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ مَجْهُولٍ) بِأَنْ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ (صَحَّ وَيُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا مِنْهُمْ) لِأَنَّ لَفْظَهُ تَنَاوَلَ وَاحِدًا فَيَلْزَمُ الْمُوصَى لَهُ قَبُولُ مَا يَدْفَعُهُ الْوَارِثُ مِنْ صَحِيحٍ أَوْ مَعِيبٍ جَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبِيدٌ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ إنْ لَمْ يَمْلِكْ الْمُوصِي عَبِيدًا قَبْلَ الْمَوْتِ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَقْتَضِي عَبْدًا مِنْ الْمَوْجُودِينَ حِينَ الْمَوْتِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَا فِي الْكِيسِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ أَوْ بِدَارِهِ وَلَا دَارَ لَهُ (فَلَوْ مَلَكَ) الْمُوصِي شَيْئًا مِنْ الْعَبِيدِ (قَبْلَهُ) أَيْ: الْمَوْتِ (وَلَوْ وَاحِدًا أَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ وَاحِدٌ صَحَّتْ) الْوَصِيَّةُ وَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ مَحَلٌّ غَيْرُهُ.
(وَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ: الْمُوصِي (عَبِيدٌ فَمَاتُوا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي) بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا (وَلَوْ تَلِفُوا بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ) مِنْ الْوَرَثَةِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ: بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَعْنَى أَنَّهُ فَاتَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ إذْ لَا مُوجِبَ لِلضَّمَانِ لِحُصُولِ التَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهمْ بِغَيْرِ فِعْلِهِمْ (وَإِنْ مَاتُوا) أَيْ: الْعَبِيدُ (إلَّا وَاحِدًا تَعَيَّنَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ وَقَدْ تَعَذَّرَ تَسَلُّمُ الْبَاقِي.
وَهَذَا إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ (وَإِنْ قُتِلُوا) أَيْ الْعَبِيدُ (كُلُّهُمْ فَلَهُ) أَيْ: الْمُوصَى لَهُ (قِيمَةُ أَحَدِهِمْ وَهُوَ مَنْ يَخْتَارُ الْوَرَثَةُ بَذْلَهُ لِلْمُوصَى لَهُ عَلَى قَاتِلِهِ) كَمَا يَلْزَمُ الْقَاتِلَ قِيمَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوصًى بِهِ (وَمِثْلُهُ) أَيْ: الْعَبْدِ فِي الْوَصِيَّةِ (شَاةٌ مِنْ غَنَمِهِ) وَثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِهِ وَأَمَةٍ مِنْ إمَائِهِ وَأَتَانٍ مِنْ حَمِيرِهِ وَفَرَسٍ مِنْ خَيْلِهِ وَنَحْوِهَا عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ بِلَا فَرْقٍ.
(وَلَوْ وَصَّى أَنْ يُعْطَى) زَيْدٌ مَثَلًا (مِائَةً مِنْ أَحَدِ كِيسَيَّ
فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِمَا شَيْءٌ اسْتَحَقَّ مِائَةً) اعْتِبَارًا لِلْمَقْصُودِ وَهُوَ أَصْلُ الْوَصِيَّةِ لَا صِفَتُهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَّى لَهُ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَلَا عَبْدَ لَهُ تَبْطُلُ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقَدْرَ الْفَائِتَ فِي صُورَةِ الْمِائَةِ صِفَةُ مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ لَا أَصْلَ الْمَحَلِّ فَإِنَّ كِيسًا يُؤْخَذُ مِنْهُ مِائَةً مَوْجُودٌ مِلْكًا فَأَمْكَنَ تَعَلُّقُ الْوَصِيَّةِ بِهِ وَالْفَائِتُ فِي صُورَةِ الْعَبْدِ أَصْلُ الْمَحَلِّ وَهُوَ عَدَمُ الْعَبِيدِ بِالْكُلِّيَّةِ فَالتَّعَلُّقُ مُتَعَذِّرٌ انْتَهَى.
وَقَدْ ذَكَرْت فِي الْحَاشِيَةِ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا عَنْ ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ: أَعْطُوهُ عَبْدًا مِنْ مَالِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَبْدٌ اُشْتُرِيَ لَهُ (وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِقَوْسٍ وَلَهُ أَقْوَاسٌ قَوْسُ نُشَّابٍ وَهُوَ الْفَارِسِيُّ وَقَوْسُ نَبْلٍ وَهُوَ الْعَرَبِيُّ أَوْ قَوْسٌ بِمَجَرَّتِي وَهُوَ) الْقَوْسُ (الَّذِي يُوضَعُ السَّهْمُ) الصَّغِيرُ (فِي مَجْرَاهُ فَيَخْرُجُ) السَّهْمُ (مِنْ الْمَجْرَى) وَيُقَالُ لَهُ قَوْسُ حُسْبَانٍ، وَهِيَ السِّهَامُ الصَّغِيرَةُ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.
(وَ) قَوْسُ (جَرْخٍ) وَهُوَ الَّذِي يَرْمِي بِهِ الرُّومُ (أَوْ) قَوْسُ (بُنْدُقٍ وَهُوَ قَوْسُ جُلَاهِقَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْبُنْدُقِ.
وَأَصْلُهُ بِالْفَارِسِيَّةِ جُلَّةٌ وَهِيَ كُبَّةُ غَزْلٍ وَالْكَبِيرُ جُلُّهَا (أَوْ) قَوْسُ (نَدْفٍ) يُنَدَّفُ بِهِ الْقُطْنُ (فَلَهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ بِقَوْسٍ مُطْلَقٍ (قَوْسُ النِّشَابِ بِغَيْرِ وَتَرٍ لِأَنَّهُ أَظْهَرُهَا) أَيْ أَسْبَقُ إلَى الْفَهْمِ فَلَهُ وَاحِدٌ مِنْ الْمُتَعَارَفِ يُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ: الْمُوصِي (إلَّا قَوْسٌ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْقِسِيِّ تَعَيَّنَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ) إذْ لَا مَحَلَّ لَهَا غَيْرَهُ (وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظِهِ) أَيْ: الْمُوصِي (أَوْ حَالِهِ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ إلَى أَحَدِهَا) أَيْ: الْأَقْوَاسُ (انْصَرَفَ إلَيْهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: قَوْسٌ يُنْدَفُ بِهِ أَوْ) قَوْسٌ (يَتَعَيَّشُ) بِهِ (أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذَا يَصْرِفُهُ إلَى قَوْسِ النَّدْفِ) عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ.
(وَإِنْ قَالَ: قَوْسٌ يَغْزُو بِهِ خَرَجَ قَوْسُ النَّدْفِ وَالْبُنْدُقِ) لِأَنَّهُمَا لَا يُقَاتَلُ بِهِمَا (وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ) بِقَوْسٍ (نَدَّافًا لَا عَادَةَ لَهُ بِالرَّمْيِ أَوْ بُنْدُقَانِيًّا لَا عَادَةَ لَهُ بِالرَّمْيِ عَنْ سِوَاهُ، أَوْ يَرْمِي بِقَوْسٍ غَيْرِهِ وَلَا يَرْمِي بِسِوَاهُ انْصَرَفَتْ الْوَصِيَّةُ إلَى الْقَوْسِ الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ عَادَةً) .
لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةً تُخَصِّصُ ذَلِكَ النَّوْعَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إرَادَةُ الِانْتِفَاعِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ: الْمُوصِي (أَقْوَاسٌ مِنْ النَّوْعِ الَّذِي اسْتَحَقَّ الْوَصِيُّ) قَوْسًا مِنْهَا (أُعْطِيَ أَحَدَهَا بِقُرْعَةٍ) قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُعْطَى مَا يَخْتَارُهُ الْوَرَثَةُ.
(وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِطَبْلِ حَرْبٍ صَحَّتْ) الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا وَمِثْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ طَبْلُ صَيْدٍ وَطَبْلُ حَجِيجٍ لِنُزُولٍ وَارْتِحَالٍ، وَ (لَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِطَبْلِ لَهْوٍ وَلَا تَصْلُحُ لِلْحَرْبِ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ) لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ مُبَاحَةً، فَإِنْ كَانَ الطَّبْلُ يَصْلُحُ لِلْحَرْبِ وَاللَّهْوِ مَعًا، صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ لِقِيَامِ الْمَنْفَعَةِ الْمُبَاحَةِ بِهِ.
(وَإِنْ كَانَ) الطَّبْلُ (مِنْ جَوْهَرٍ
نَفِيسٍ يُنْتَفَعُ بِرُضَاضِهِ) بِضَمِّ الرَّاءِ أَيْ: فَتُوتِهِ وَكُلَّ شَيْءٍ كَسَرْته فَقَدْ رَضَضْته (كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ صَحَّتْ) الْوَصِيَّةُ بِهِ (نَظَرًا إلَى الِانْتِفَاعِ بِجَوْهَرِهِمَا دُونَ جِهَةِ التَّحْرِيمِ) كَآنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ صِحَّةُ بَيْعِهِ.
(وَإِنْ كَانَ لَهُ طَبْلَانِ أَحَدُهُمَا مُبَاحٌ) وَالْآخَرُ مُحَرَّمٌ وَوَصَّى بِطَبْلٍ انْصَرَفَتْ الْوَصِيَّةُ إلَى الْمُبَاحِ (أَوْ وَصَّى لَهُ بِكَلْبٍ وَلَهُ كَلْبَانِ أَحَدُهُمَا مُبَاحٌ) وَالْآخَرُ مُحَرَّمٌ (انْصَرَفَتْ الْوَصِيَّةُ إلَى الْمُبَاحِ) لِأَنَّ وُجُودَ الْمُحَرَّمِ كَعَدَمِهِ شَرْعًا فَلَا يَشْمَلُهُ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (وَكَذَا الدُّفُّ) أَيْ: لَوْ كَانَ لَهُ دُفٌّ مُبَاحٌ وَدُفٌّ مُحَرَّمٌ بِحَلْقٍ أَوْ صُنُوجٍ وَأَوْصَى بِدُفٍّ انْصَرَفَ إلَى الْمُبَاحِ دُونَ الْمُحَرَّمِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْبُوقِ لِمَنْفَعَتِهِ فِي الْحَرْبِ) قَالَهُ الْقَاضِي.
(وَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ: الْمُوصِي (طُبُولٌ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِهَا) لِكَوْنِهَا كُلِّهَا تَصْلُحُ لِلْحَرْبِ وَوَصَّى بِأَحَدِهَا وَأَطْلَقَ (فَلَهُ) أَيْ: الْمُوصَى لَهُ (أَحَدُهَا بِالْقُرْعَةِ) قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ أَحَدُهَا بِاخْتِيَارِ الْوَرَثَةِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاحُ فَلَهُ أَحَدُهَا إمَّا بِالْقُرْعَةِ أَوْ اخْتِيَارِ الْوَرَثَةِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيهِ.
(وَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمِزْمَارٍ وَطُنْبُورٍ وَعُودِ لَهْوٍ وَكَذَا آلَاتُ اللَّهْوِ كُلُّهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَوْتَارٌ) لِأَنَّهَا مُهَيَّأَةٌ لِفِعْلِ الْمَعْصِيَةِ أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَتْ بِأَوْتَارِهَا وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ: إنْ كَانَتْ مِنْ جَوْهَرٍ نَفِيسٍ يُنْتَفَعُ بِرُضَاضِهِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ صَحَّتْ نَظَرًا إلَى الِانْتِفَاعِ بِجَوْهَرِهَا دُونَ جِهَةِ التَّحْرِيمِ.
(وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا عَلِمَ) الْمُوصِي مِنْ مَالِهِ وَمَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ فَإِنَّ الْمَالَ يَعُمُّ مَعْلُومَهُ وَمَجْهُولَهُ وَقِيَاسًا عَلَى نَذْرِ الصَّدَقَةِ بِالثُّلُثِ (فَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ) لِنَحْوِ زَيْدٍ أَوْ مَسْجِدٍ (فَاسْتَحْدَثَ مَالًا وَلَوْ بِنَصْبِ أُحْبُولَةٍ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَقَعُ فِيهَا صَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ دَخَلَ ثُلُثُهُ) أَيْ: الْمُسْتَحْدَثِ (فِي الْوَصِيَّةِ وَيُقْضَى مِنْهُ دَيْنُهُ وَإِنْ قُتِلَ وَأُخِذَتْ دِيَتُهُ دَخَلَتْ) دِيَتُهُ (فِي الْوَصِيَّةِ فَهِيَ) أَيْ: الدِّيَةُ (مِيرَاثٌ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ) لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسِهِ وَنَفْسُهُ لَهُ، فَكَذَلِكَ بَدَلُهَا وَلِأَنَّ دِيَةَ أَطْرَافِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ لَهُ، فَكَذَلِكَ دِيَةُ نَفْسِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ (فَيُقْضَى مِنْهَا) أَيْ: الدِّيَةِ (دَيْنُهُ وَيُجَهَّزُ مِنْهَا إنْ كَانَ) أَخَذَهَا (قَبْلَ تَجْهِيزِهِ) وَإِنَّمَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَمَّا يَسْتَغْنِي عَنْهُ فَأَمَّا مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ حَاجَتُهُ فَلَا وَوَصِيَّتُهُ مِنْ حَاجَتِهِ (وَلَوْ وَصَّى بِ)(نَحْوِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ بِقَدْرِ نِصْفِ الدِّيَةِ حُسِبَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْوَرَثَةِ مِنْ ثُلُثَيْهِ) لِأَنَّهَا تَرِكَةٌ وَيَأْخُذُ الْعَبْدُ الْمُوصَى لَهُ بِهِ.