المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب إحياء الموات] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٤

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ إجَارَةُ الْعَيْنِ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِجَارَة عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فِي الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ مَعَ إطْلَاقِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى زَرَعَ فَغَرِقَ الزَّرْعُ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَجِيرُ قِسْمَانِ خَاصٌّ وَمُشْتَرَكٌ]

- ‌[فَصْلٌ تَجِبُ الْأُجْرَةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ]

- ‌[بَابُ السَّبَقِ وَالْمُنَاضَلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُسَابَقَةُ جِعَالَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُنَاضَلَةِ مِنْ النَّضْلِ]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[فَصْلُ حُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ]

- ‌[فَصْلُ دَفَعَ إلَيْهِ دَابَّةً أَوْ غَيْرَهَا]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ وَجِنَايَةِ الْبَهَائِمِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ الْإِتْلَافَاتِ]

- ‌[فَصْلُ يَلْزَمُ الْغَاصِب رَدُّ الْمَغْصُوبِ إلَى مَحَلِّهِ]

- ‌[فَصْل زَادَ الْمَغْصُوبُ بِيَدِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ بِيَدِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ خَلَطَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ بِمَالِهِ]

- ‌[فَصْلٌ وَطِئَ الْغَاصِبُ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ]

- ‌[فَصْلٌ تَلَفُ الْمَغْصُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مَنْفَعَةٌ تَصِحُّ إجَارَتُهَا]

- ‌[فَصْلٌ تَصَرُّفَاتُ الْغَاصِبِ الْحُكْمِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَالُ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ]

- ‌[فَصْلٌ أَجَّجَ نَارًا فِي مَوَاتٍ أَوْ أَجَّجَهَا فِي مِلْكِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الشُّفْعَة أَنْ يَكُونَ الشِّقْصُ الْمُنْتَقِلُ عَنْ الشَّرِيكِ مَبِيعًا أَوْ مُصَالَحًا بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ وَمَا بِمَعْنَاهُ شِقْصًا مُشَاعًا]

- ‌[فَصْلٌ لِلشُّفْعَةِ الْمُطَالَبَةُ بِهَا عَلَى الْفَوْرِ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَأْخُذ الشَّرِيك جَمِيعَ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَكُونَ لِلشَّفِيعِ مِلْكٌ لِلرَّقَبَةِ سَابِقٌ عَلَى الْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الطَّلَبِ]

- ‌[فَصْلٌ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ]

- ‌[لَا شُفْعَةَ فِي بَيْعٍ فِيهِ خِيَارُ مَجْلِسٍ أَوْ خِيَارُ شَرْطٍ]

- ‌[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُودَعُ أَمِينٌ]

- ‌[بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ إحْيَاء الْأَرْضِ الْمَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْطَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الِانْتِفَاعِ بِالْمِيَاهِ غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[بَابُ الْجَعَالَةِ]

- ‌[بَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[فَصْلُ التَّصَرُّفُ فِي اللُّقَطَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُلْتَقِطِ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا]

- ‌[بَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[فَصْلٌ مِيرَاثُ اللَّقِيطِ إنْ مَاتَ]

- ‌[فَصْلٌ أَقَرَّ إنْسَانٌ أَنَّ اللَّقِيطَ وَلَدُهُ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[فَصْلٌ: إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ وَالْغُزَاةِ وَالْعُلَمَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ يَزُولُ مِلْكِ الْوَاقِفِ عَنْ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ بِمُجَرَّدِ الْوَقْفِ]

- ‌[فَصْلٌ يُرْجَعُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ إلَى شَرْطِ وَاقِفٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُرْجَعُ إلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي النَّاظِرِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ نَاظِرًا وَشَرَطَهُ النَّظَرَ]

- ‌[فَصْلٌ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَسِّمَ الْوَقْفَ عَلَى أَوْلَادِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَبْرَأَ غَرِيمٌ غَرِيمَهُ مِنْ دَيْنِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعْدِيلِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ: وَلِأَبٍ حُرًّا أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عَطِيَّةِ الْمَرِيضِ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْعَطِيَّةِ فِي مَرَض الْمَوْتِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ مَلَكَ فِي صِحَّتِهِ ابْنَ عَمِّهِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا بِقَبُولِهِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الرُّجُوعِ فِي الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبَاتُ الَّتِي عَلَى الْمَيِّتِ تُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى بِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ قَتَلَ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى]

- ‌[فَصْلٌ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكَنِيسَةٍ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُفْرَدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أُوصِيَ لَهُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ زَادَتْ الْوَصَايَا عَلَى الْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ وَالْأَنْصِبَاءِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَّا فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَدّ مَعَ الْإِخْوَة أَوْ الْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مُنْفَرِدِينَ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْأُمِّ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْجَدَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ]

- ‌[بَابُ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَالْعَوْلِ وَالرَّدِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّدِّ]

- ‌[بَابُ تَصْحِيحُ الْمَسَائِلِ]

- ‌[فَصْل تَمَاثُلِ الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْمُنَاسَخَاتِ]

- ‌[بَابُ قِسْمَةِ التَّرِكَاتِ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَكَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِهِمْ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ غَمَى أَيْ خَفَى مَوْتُهُمْ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ]

- ‌[فَصْلٌ يَرِثُ مَجُوسِيٌّ إذَا أَسْلَمَ أَوْ حَاكَمَ إلَيْنَا]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي طَرِيقُ الْعَمَلِ فِي هَذَا الْبَابِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَقَرَّ مِنْ الْوَرَثَةِ فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا عَوْلٌ بِمَنْ أَيْ بِوَارِثٍ يُزِيلُ الْعَوْلَ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَلَاءِ وَجَرِّهِ وَدَوْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَرِثُ النِّسَاءُ بِالْوَلَاءِ إلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَوْرِ الْوَلَاءِ وَمَعْنَاهُ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ رَقِيقِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ قَالَ السَّيِّدُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ]

- ‌[فَصْلٌ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ نَفْعَ نَفْسِهِ وَكَسْبَهُ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ شَيْئًا مِنْ كَسْبِهِ أَيْ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصْلٌ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ فِي مُدَّةِ الْكِتَابَةِ بِشَرْطٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ كَاتَبَ عَبِيدَهُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ إمَاءَهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِعِوَضٍ وَاحِدٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ]

الفصل: ‌[باب إحياء الموات]

[بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

ِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هُوَ الْأَرْضُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَالِكٌ وَلَا بِهَا مَاءٌ وَلَا عِمَارَةٌ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا انْتَهَى وَتُسَمَّى مَيْتَةً وَمَوَاتًا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ، وَالْمَوْتَانَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ الْمَوْتُ الذَّرِيعُ وَرَجُلٌ مَوْتَانُ الْقَلْبِ - بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ يَعْنِي أَعْمَى الْقَلْبِ لَا يَفْهَمُ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي.

وَفِي الْقَامُوسِ: الْمَوَاتُ وَكَغُرَابٍ الْمَوْتُ وَكَسَحَابٍ: مَا لَا رَوْحَ فِيهِ وَأَرْضٌ لَا مَالِكَ لَهَا وَالْمَوَتَانُ بِالتَّحْرِيكِ خِلَافُ الْحَيَوَانِ، وَأَرْضٌ لَمْ تُحْيَا بَعْدُ، وَبِالضَّمِّ: مَوْتٌ يَقَعُ بِالْمَاشِيَةِ وَيُفْتَحُ (وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُنْفَكَّةُ عَنْ الِاخْتِصَاصِيَّاتِ وَمِلْكٌ مَعْصُومٌ) مُسْلِمٌ، أَوْ كَافِرٌ وَيَأْتِي بَيَانُ الِاخْتِصَاصَاتِ.

وَالْأَصْلُ فِي إحْيَاءِ الْأَرْضِ حَدِيثُ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَحَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعَرَقِ ظَالِمٍ حَقٌّ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَى مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ وَأَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ مِثْلَهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مُتَلَقَّى بِالْقَبُولِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَعَامَّةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْمَوَاتَ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ.

وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي شُرُوطِهِ (فَإِنْ كَانَ الْمَوَاتُ) أَيْ الْأَرْضُ لِخَرَابِ الدِّرَاسَةِ (لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ أَثَرُ عِمَارَةٍ مُلِكَ بِالْإِحْيَاءِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِالْإِحْيَاءِ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ نَقَلَ أَبُو الْمُظَفَّرِ فِي أَرْضٍ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ لَيْسَ فِيهَا مَزَارِعُ وَلَا عُيُونٌ وَأَنْهَارٌ تَزْعُمُ كُلُّ قَرْيَةٍ أَنَّهَا لَهُمْ فِي حَرَمِهِمْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لِهَؤُلَاءِ وَلَا لِهَؤُلَاءِ، حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّهُمْ أَحْيَوْهَا فَمَنْ أَحْيَاهَا فَلَهُ وَمَعْنَاهَا نَقْلَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَأْتِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ أَثَرُ عِمَارَةٍ.

(وَإِنْ مَلَكَهَا مَنْ لَهُ حُرْمَةٌ) مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهِدٍ لَمْ تُمْلَكْ بِإِحْيَاءٍ (أَوْ) مَلَكَهَا مَنْ شُكَّ فِيهِ أَلَهُ حُرْمَةٌ أَمْ لَا (فَإِنْ وَجَدَ) هُوَ (أَوْ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ لَمْ يَمْلِكْ بِإِحْيَاءٍ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَا عُرِفَ بِمِلْكِ مَالِكٍ غَيْرِ مُنْقَطِعٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُ لَأَحَدٍ غَيْرِ أَرْبَابِهِ انْتَهَى وَمُرَادُهُ: مَا مُلِكَ بِشِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ مَا مُلِكَ بِإِحْيَاءٍ ثُمَّ دَثَرَ فَفِيهِ خِلَافٌ فَعِنْدَ مَالِكٍ: يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ.

(وَإِنْ عُلِمَ)

ص: 185

مَالِكُهُ (وَلَمْ يُعْقِبْ) ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ (لَمْ يَمْلِكْ) أَيْضًا بِالْإِحْيَاءِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ تَرْفَعُهُ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ» (وَأَقْطَعهُ الْإِمَامُ مَنْ شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ فَيْءٌ.

(وَإِنْ كَانَ) الْمَوَاتُ (قَدْ مُلِكَ بِإِحْيَاءٍ ثُمَّ تُرِك حَتَّى دَثَرَ وَعَادَ مَوَاتًا لَمْ يَمْلِكْ بِإِحْيَاءٍ إنْ كَانَ لِمَعْصُومٍ) ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُحْيِي أَوَّلًا لَمْ يَزُلْ عَنْهَا بِالتَّرْكِ بِدَلِيلِ سَائِرِ الْأَمْلَاكِ.

(وَإِنْ عُلِمَ مِلْكُهُ) أَيْ الدَّارِسِ الْخَرَابِ (لِمُعَيَّنٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ) بِأَنْ كَانَ لِكَافِرٍ لَا ذِمَّةَ لَهُ وَلَا أَمَانَ (فَإِنْ كَانَ بِدَارِ حَرْبٍ وَانْدَرَسَ كَانَ كَمَوَاتٍ أَصْلِيٍّ يَمْلِكُهُ مُسْلِمٌ بِإِحْيَاءٍ) ؛ لِأَنَّ مِلْكَ مَنْ لَا عِصْمَةَ لَهُ كَعَدَمِهِ، وَإِنْ كَانَ بِدَارِ إسْلَامٍ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ، فَلَا أَثَرَ لِإِحْيَائِهِ.

وَإِنْ مَلَكَهُ بِنَحْوِ شِرَاءٍ، بِأَنْ وَكَّلَ غَيْرٌ الْمَعْصُومِ مَعْصُومًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ مَكَانًا فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ تُرِكَ حَتَّى دَرَسَ، وَصَارَ مَوَاتًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ فَيَكُونُ فَيْئًا بِمَنْزِلَةِ مَا جَلَوْا عَنْهُ خَوْفًا مِنَّا لَكِنْ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا: أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ.

(وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ الْخَرَابِ أَثَرٌ لِمِلْكٍ غَيْرِ جَاهِلِيٍّ، كَالْخَرَابِ الَّتِي ذَهَبَتْ أَنْهَارُهَا وَانْدَرَسَتْ آثَارُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ الْآنَ لَهَا مَالِكٌ (مُلِكَ بِالْإِحْيَاءِ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ مِنْ الْأَخْبَارِ، وَسَوَاءٌ كَانَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ.

(وَكَذَا إنْ كَانَ) أَثَرُ الْمِلْكِ بِهِ (جَاهِلِيًّا قَدِيمًا كَدِيَارِ عَادٍ) وَآثَارِ الرُّومِ فَيَمْلِكُهُ مَنْ أَحْيَاهُ لِمَا سَبَقَ وَرَوَى سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ فِي الْأَمْوَالِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «عَادِي الْأَرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، ثُمَّ هُوَ بَعْدُ لَكُمْ» .

(فَأَمَّا مَسَاكِنُ ثَمُودَ فَلَا تُمْلَكُ فِيهَا لِعَدَمِ دَوَامِ الْبُكَاءِ مَعَ السُّكْنَى وَ) مَعَ (الِانْتِفَاعِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ) وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَنَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ، بَلْ صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.

(وَيُكْرَهُ دُخُولُ دِيَارِهِمْ) أَيْ ثَمُودَ (إلَّا لِبَاكٍ مُعْتَبِرٍ، لَا يُصِيبُهُ مَا أَصَابَهُمْ) مِنْ الْعَذَابِ لِلْخَبَرِ.

(أَوْ) كَانَ أَثَرُ الْمِلْكِ بِهِ جَاهِلِيًّا (قَرِيبًا) فَيَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ؛ لِأَنَّ أَثَرَ الْمِلْكِ الَّذِي بِهِ لَا حُرْمَةَ لَهُ أَشْبَهَ آثَارَ الْجَاهِلِيِّ الْقَدِيمِ.

(أَوْ تَرَدَّدَ فِي جَرَيَانِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ) وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مِلْكُهُ لِمَعْصُومِ مِلْكٍ بِالْإِحْيَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جَرَيَانِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ.

(وَمَتَى أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ) أَيْ لِلْمُحْيِي (مُسْلِمًا كَانَ) الْمُحْيِي (أَوْ ذِمِّيًّا) ، وَسَوَاءٌ أَحْيَاهَا (بِإِذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ) بِ (غَيْرِ إذْنِهِ، فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهَا) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ مِنْ الْأَخْبَارِ؛ وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ مُبَاحَةٌ فَلَمْ يُفْتَقَرْ مِلْكُهَا إلَى إذْنِ الْإِمَامِ، كَأَخْذِ الْمُبَاحِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عُمُومَ الْأَشْخَاصِ يَسْتَلْزِمُ عُمُومَ الْأَحْوَالِ.

(إلَّا مَوَاتَ الْحَرَمِ) وَ (عَرَفَاتٍ)

ص: 186

فَلَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ فِي أَدَاءِ الْمَنَاسِكِ، وَاخْتِصَاصِهِ بِمَحَلٍّ النَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ وَمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ عَلَى الْحَرَمِ كَمَا سَبَقَ فَلَا إحْيَاءَ بِهِمَا.

(وَمَوَاتُ الْعَنْوَةِ) كَأَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ (كَغَيْرِهِ) مِمَّا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، كَالْمَدِينَةِ وَمَا صُولِحَ أَهْلُهُ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لِلْمُسْلِمِينَ (فَيُمْلَكُ) مَوَاتُ الْعَنْوَةِ بِالْإِحْيَاءِ.

(وَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ أَحْيَا مَوَاتَ الْعَنْوَةِ وَمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ " لَيْسَ فِي أَرْضِ السَّوَادِ مَوَاتٌ " مُعَلَّلًا بِأَنَّهَا لِجَمَاعَةٍ فَلَا يَخْتَصُّ بِهَا أَحَدُهُمْ حَمَلَهَا الْقَاضِي عَلَى الْعَامِرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَحْمَدَ قَالَهُ لِكَوْنِ السَّوَادِ كَانَ عَامِرًا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَحِينَ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْكُفَّارِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْمُحْيِي لِلْعَنْوَةِ (ذِمِّيًّا) فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا تُقَرُّ فِي يَدِ غَيْرِهِمْ بِدُونِ الْخَرَاجِ كَغَيْرِ الْمَوَاتِ وَهَلْ يَمْلِكُهُ مَعَ ذَلِكَ عِبَارَةُ الْإِنْصَافِ أَوَّلًا: تَقْتَضِي أَنَّهُ يَمْلِكُهُ وَثَانِيًا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بَلْ يُقَرُّ بِيَدِهِ بِالْخَرَاجِ.

(وَلَا يَمْلِكُ مُسْلِمٌ) بِالْإِحْيَاءِ (مَا) أَيْ مَوَاتًا (أَحْيَاهُ مِنْ أَرْضِ كُفَّارٍ صُولِحُوا عَلَى أَنَّهَا) أَيْ الْأَرْضَ (لَهُمْ، وَلَنَا الْخَرَاجُ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّهُمْ صُولِحُوا فِي بِلَادِهِمْ فَلَا يَجُوزُ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْمَوَاتَ تَابِعٌ لِلْبَلَدِ وَيُفَارِقُ دَارَ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ.

(وَلَا يُمْلَكُ بِإِحْيَاءِ مَا قَرُبَ) عُرْفًا (مِنْ الْعَامِرِ وَتَعَلَّقَ بِمَصَالِحِهِ، كَطُرُقِهِ وَفِنَائِهِ) مَا اتَّسَعَ أَمَامَهُ (وَمُجْتَمَعِ نَادِيهِ) أَيْ جَمَاعَتِهِ (وَمَسِيلِ مِيَاهِهِ، وَمَطْرَحِ قُمَامَتِهِ، وَمُلْتَقَى تُرَابِهِ وَ) مَلْقَى (آلَاتِهِ) الَّتِي لَا نَفْعَ بِهَا (وَمَرْعَاهُ وَمُحْتَطَبِهِ، وَحَرِيمِ الْبِئْرِ، وَ) حَرِيمِ (النَّهْرِ، وَ) حَرِيمِ (الْعَيْنِ، وَمُرْتَكَضِ الْخَيْلِ) أَيْ الْمَحَلِّ الْمُعَدِّ لِرَكْضِهَا (وَمَدَافِنِ الْأَمْوَاتِ، وَمُنَاخِ الْإِبِلِ، وَالْمَنَازِلِ الْمُعْتَادَةِ لِلْمُسَافِرِينَ حَوْلَ الْمِيَاهِ، وَالْبِقَاعِ الْمُرْصَدَةِ لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَ) لِصَلَاةِ (الِاسْتِسْقَاءِ، وَ) لِصَلَاةِ (الْجَنَائِزِ، وَ) الْبِقَاعِ الْمُرْصَدَةِ لِ (دَفْنِ الْمَوْتَى) وَلَوْ قَبْلَ الدَّفْنِ.

(وَنَحْوِهِ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَا يَجُوزُ إحْيَاءُ مَا تَعَلَّقَ بِمَصَالِحِهِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً مِنْ غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ فَهِيَ لَهُ» ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِ الْمِلْكِ فَأُعْطِيَ حُكْمَهُ وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّ مُبَاحَ الْمَرَافِقِ لَا يَمْلِكُهَا الْمُحْيِي بِالْإِحْيَاءِ لَكِنْ هُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ.

(وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إقْطَاعُ مَا لَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُ) مِمَّا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ وَتَعَلَّقَ بِمَصَالِحِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَمْلُوكِ لِأَهْلِ الْعَامِرِ.

(وَمَا) قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ لَكِنَّهُ (لَا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِهِ مِلْكٌ بِإِحْيَاءٍ) كَالْبَعِيدِ عَنْهُ، لِعُمُومِ مَا سَبَقَ، مَعَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ، وَهُوَ التَّعَلُّقُ بِمَصَالِحِ الْعَامِرِ.

(وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُهُ) أَيْ مَا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ

ص: 187

وَلَمْ وَلَمْ وَلَمْ بِمَصَالِحِهِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْعَقِيقَ» مَعَ قُرْبِهِ مِنْ عَامِرِ الْمَدِينَةِ.

(وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي الطَّرِيقِ وَقْتَ الْإِحْيَاءِ جُعِلَتْ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ) لِلْخَبَرِ (وَلَا تُغَيَّرُ) الطَّرِيقُ (بَعْدَ وَضْعِهَا، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى سَبْعَةِ أَذْرُعٍ؛ لِأَنَّهَا لِلْمُسْلِمِينَ) فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا.

(وَلَا تُمْلَكُ مَعَادِنُ ظَاهِرَةٌ) بِإِحْيَاءٍ (وَلَا تُحَجَّرُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَحَجَّرَهَا لِيَخْتَصَّ بِهَا (وَهِيَ) أَيْ الْمَعَادِنُ الظَّاهِرَةُ (مَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى عَمَلٍ) بِأَنْ كَانَ يُتَوَصَّلُ إلَى مَا فِيهَا بِلَا مُؤْنَةٍ (كَمِلْحٍ وَقَارٍ، وَنَفْطٍ وَكُحْلٍ، وَجَصٍّ، وَيَاقُوتٍ وَمَاءٍ، وَثَلْجٍ) فِي عَدِّهِمَا مِنْ الْمَعَادِنِ نَظَرٌ (وَمُومْيَا، وَبِرَامٍ، وَكِبْرِيتٍ، وَمُقَاطِعِ طِينٍ) فِي جَعْلِهِ مِنْ الْمَعَادِنِ نَظَرٌ.

(وَنَحْوِهَا) ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِالْمُسْلِمِينَ وَتَضْيِيقًا عَلَيْهِمْ «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ أَبْيَضَ بْنَ حَمَّالٍ مَعْدِنَ الْمِلْحِ فَلَمَّا قِيلَ لَهُ إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ الْعِدِّ رَدَّهُ» كَذَا قَالَ أَحْمَدُ.

(وَلَا) تُمْلَكُ وَلَا تُحْتَجَرُ مَعَادِنُ (بَاطِنَةٌ) وَهِيَ الَّتِي تَحْتَاجُ فِي إخْرَاجِهَا إلَى حَفْرٍ وَمُؤْنَةٍ (ظَهَرَتْ) الْبَاطِنَةُ (أَوْ لَا كَحَدِيدٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ نُحَاسٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجَوْهَرٍ وَشِبْهِهَا (بِإِحْيَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِلَا تَمَلُّكٍ؛ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ الَّذِي يُمْلَكُ بِهِ الْعَمَارُ الَّتِي يَتَهَيَّأُ بِهَا الْمُحْيَا لِلِانْتِفَاعِ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارِ عَمَلٍ وَهَذَا حَفْرٌ وَتَخْرِيبٌ يَحْتَاجُ إلَى تَكْرَارٍ عِنْدَ كُلِّ انْتِفَاعٍ.

(وَلَا) يُمْلَكُ بِإِحْيَاءِ (مَا نَضَبَ) أَيْ غَارَ (عَنْهُ الْمَاءُ مِمَّا كَانَ مَمْلُوكًا وَغَلَبَ) الْمَاءُ (عَلَيْهِ ثُمَّ نَضَبَ) الْمَاءُ عَنْهُ، بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مُلَّاكِهِ قَبْلَ غَلَبَةِ الْمَاءِ عَلَيْهِ فَ (لَهُمْ أَخْذُهُ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ مِلْكَهُمْ عَنْهُ.

(أَمَّا مَا نَضَبَ) أَيْ غَارَ (عَنْهُ الْمَاءُ مِنْ الْجَزَائِرِ وَالرَّقَاقِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَرْضٌ لَيِّنَةٌ أَوْ رِمَالٌ يَتَّصِلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَرْضٌ مُسْتَوِيَةٌ لَيِّنَةُ التُّرَابِ تَحْتَهَا صَلَابَةٌ (مِمَّا لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا فَلِكُلِّ أَحَدٍ إحْيَاؤُهُ) بَعُدَتْ، أَوْ قَرُبَتْ (كَمَوَاتٍ) قَالَ الْحَارِثِيُّ: مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ وَنَصَّ عَلَيْهِ انْتَهَى وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى وَقَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَى: إذَا نَضَبَ الْمَاءُ مِنْ جَزِيرَةٍ إلَى فِنَاءِ رَجُلٍ لَمْ يُبْنَ فِيهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا وَهُوَ أَنَّ الْمَاءَ يَرْجِعُ، أَيْ يَرْجِعُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِذَا وَجَدَهُ مَبْنِيًّا رَجَعَ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَأَضَرَّ بِأَهْلِهِ؛ وَلِأَنَّ الْجَزَائِرَ مَنْبَتُ الْكَلَأِ وَالْحَطَبِ، فَجَرَتْ مَجْرَى الْمَعَادِن الظَّاهِرَةِ.

(وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إقْطَاعُ مَعَادِنَ ظَاهِرَةٍ أَوْ بَاطِنَةٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ وَصَحَّحَ فِي الشَّرْحِ جَوَازَهُ «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ جَلِيسَهَا وَغُوَيْرَهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.

(فَإِنْ كَانَ

ص: 188

بِقُرْبِ السَّاحِلِ مَوْضِعٌ حَصَلَ فِيهِ الْمَاءُ صَارَ مِلْحًا مُلِكَ بِالْإِحْيَاءِ وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تَضْيِيقَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ، بَلْ يَحْدُثُ نَفْعُهُ بِالْعَمَلِ فِيهِ فَلَمْ يُمْنَعُ مِنْهُ، كَبَقِيَّةِ الْمَوَاتِ وَإِحْيَاؤُهُ بِتَهْيِئَتِهِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ مِنْ حَفْرِ تُرَابِهِ وَتَمْهِيدِهِ وَفَتْحِ قَنَاةٍ إلَيْهِ يَتَهَيَّأُ بِهَذَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ.

(وَإِذَا مَلَكَ الْمُحْيَا) بِأَنْ أَحْيَا مَا يَجُوزُ لَهُ إحْيَاؤُهُ (مَلَكَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْمَعَادِنِ الْجَامِدَةِ، كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَنَحْوِهِمَا) كَالْجَوَاهِرِ (بَاطِنَةً كَانَتْ) الْمَعَادِنُ (أَوْ ظَاهِرَةً) تَبَعًا لِلْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْأَرْضَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَطَبَقَاتِهَا وَهَذَا مِنْهَا فَدَخَلَ فِي مِلْكِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ وَيُفَارِقُ الْكَنْزَ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ فِيهَا لِلنَّقْلِ عَنْهَا فَالْبَاطِنَةُ كَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ، وَالرَّصَاصِ وَالظَّاهِرَةُ كَالْكُحْلِ، وَالْجَصِّ، وَالزِّرْنِيخِ، وَالْكِبْرِيتِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ:.

: وَلَوْ تَحَجَّرَ الْأَرْضَ أَوْ قَطَعَهَا فَظَهْرَ فِيهَا الْمَعْدِنُ قَبْلَ إحْيَائِهَا كَانَ لَهُ إحْيَاؤُهَا، وَيَمْلِكُهَا بِمَا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَحَقَّ بِتَحَجُّرِهِ وَإِقْطَاعِهِ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ إتْمَامِ حَقِّهِ.

(وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ) أَيْ الْمُحْيَا مِنْ الْأَرْضِ (عَيْنُ مَاءٍ مَاءٍ أَوْ مَعْدِنٍ جَارٍ إذَا أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ خَلَفَهُ غَيْرُهُ، كَنَفْطٍ وَقَارٍ أَوْ) ظَهَرَ فِيهَا (كَلَأٌ، أَوْ شَجَرٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ) لِأَنَّهُ لَوْ سَبَقَ إلَى الْمُبَاحِ الَّذِي لَيْسَ بِأَرْضِهِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ سَبَقَ إلَى مَاءٍ لَمْ يَسْبِقْهُ إلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَفِي لَفْظٍ «فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» فَهُنَا أُولَى (وَلَا يَمْلِكُهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَابْنُ مَاجَهْ وَزَادَ «وَثَمَنُهُ حَرَامٌ» وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ فَلَمْ تُمْلَكْ بِمِلْكِهَا كَالْكَنْزِ.

(وَمَا فَضَلَ مِنْ مَائِهِ الَّذِي فِي قَرَارِ الْعَيْنِ، الْعَيْنِ أَوْ) فِي قَرَارِ (الْبِئْرِ) عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ عِيَالِهِ وَمَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ (لَزِمَهُ بَذْلُهُ لِبَهَائِمِ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَاءٌ مُبَاحٌ وَلَمْ يَتَضَرَّرْ) رَبُّ الْأَرْضِ (بِهِ سَوَاءٌ، اتَّصَلَ) مَوْضِعُ الْمَاءِ (بِالْمَرْعَى، أَوْ بَعُدَ عَنْهُ وَيَلْزَمُ) أَيْضًا (بَذْلُهُ لِزَرْعِ غَيْرِهِ مَا لَمْ يُؤْذِهِ بِالدُّخُولِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ الْكَلَأَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «مَنْ مَنَعَ فَضْلَ مَائِهِ، أَوْ فَضْلَ كَلَئِهِ مَنَعَهُ اللَّهُ فَضْلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلَا يَتَوَعَّدُ عَلَى مَا يَحِلُ.

(فَإِنْ آذَاهُ) بِالدُّخُولِ فَلَهُ مَنْعُهُ، وَكَذَا لَوْ تَضَرَّرَ بِبَذْلِهِ، أَوْ وَجَدَهُ مُبَاحًا غَيْرُهُ، (أَوْ كَانَ لَهُ فِيهِ) أَيْ الْبِئْرِ (مَاءُ السَّمَاءِ فَيَخَافُ عَطَشًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمْنَعَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْحِيَازَةِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ بِخِلَافِ الْعِدِّ.

(وَكَذَا لَوْ حَازَهُ) أَيْ الْمَاءَ الْعِدَّ (فِي إنَاءٍ) لَمْ يَلْزَمْهُ

ص: 189

بَذْلُهُ لِغَيْرِهِ لِمَا تَقْدَمَ، إلَّا عِنْدَ الِاضْطِرَارِ بِشَرْطِهِ (وَعِنْدَ الْأَذَى يُورِدُ الْمَاشِيَةَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمَاءِ الْعِدِّ الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَةِ رَبِّ أَرْضِهِ (فَيَجُوزُ لِرُعَاتِهَا سَوْقُ فَضْلِ الْمَاءِ إلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْصِيلًا لِلْمَقْصُودِ بِلَا مَفْسَدَةٍ.

(وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بَذْلُ الْمَاءِ (بَذْلُ آلَةِ الِاسْتِسْقَاءِ، كَالْحَبْلِ وَالدَّلْوِ وَالْبَكَرَةِ) ؛ لِأَنَّهَا تَتْلَفُ بِالِاسْتِعْمَالِ أَشْبَهَتْ بَقِيَّةَ مَالِهِ لَكِنْ إنْ اُضْطُرَّ بِلَا ضَرَرٍ عَلَى رَبِّهَا لَزِمَ بَذْلُهَا وَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ.

(وَإِذَا حَفَرَ بِئْرًا بِ) أَرْضٍ (مَوَاتٍ لِلسَّابِلَةِ) أَيْ لِنَفْعِ الْمُجْتَازِينَ (فَالنَّاسُ مُشْتَرِكُونَ فِي مَائِهَا، وَالْحَافِرُ لَهَا كَأَحَدِهِمْ فِي السَّقْيِ وَالزَّرْعِ وَالشُّرْبِ) ؛ لِأَنَّ الْحَافِرَ لَمْ يَخُصَّ بِهَا نَفْسَهُ وَلَا غَيْرَهُ.

(وَعِنْدَ الضَّيِّقِ) أَيْ التَّزَاحُمِ (يُقَدَّمُ الْآدَمِيُّ) فِي السَّقْيِ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ حُرْمَةً (ثُمَّ) تُقَدَّمُ (الْبَهَائِمُ) ؛ لِأَنَّ لَهَا حُرْمَةً (ثُمَّ) يُسْقَى (الزَّرْعُ) .

(وَإِنْ حَفَرَهَا) أَيْ الْبِئْرِ (لِيَرْتَفِقَ هُوَ) أَيْ الْحَافِرُ (بِمَائِهَا كَحَفْرِ السِّفَارَةِ فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ) بِئْرًا لِيَرْتَفِقُوا بِمَائِهَا وَكَحَفْرِ الْمُنْتِجِينَ (كَالْأَعْرَابِ وَالتُّرْكُمَانِ يُنْتِجُونَ أَرْضًا فَيَحْفِرُونَ لِشُرْبِهِمْ وَشُرْبِ دَوَابِّهِمْ لَمْ يَمْلِكُوهَا) ؛ لِأَنَّهُمْ جَازِمُونَ بِانْتِقَالِهِمْ عَنْهَا وَتَرْكِهَا لِمَنْ يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُمْ بِخِلَافِ الْحَافِرِ لِلتَّمَلُّكِ.

(وَهُمْ أَحَقُّ بِمَائِهَا مَا أَقَامُوا) لِسَبْقِهِمْ (وَعَلَيْهِمْ بَذْلُ الْفَاضِلِ) مِنْ الْمَاءِ (لِشَارِبِهِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (وَبَعْدَ رَحِيلِهِمْ تَكُونُ سَابِلَةً لِلْمُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِمَّنْ لَمْ يَحْفُرْهَا أَحَقَّ مِنْ الْآخَرِ (فَإِنْ عَادُوا) أَيْ الْحَافِرُونَ (إلَيْهَا كَانُوا أَحَقَّ بِهَا) مَنْ غَيْرِهِمْ،؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْفِرُوهَا إلَّا لِأَنْفُسِهِمْ وَمِنْ عَادَتِهِمْ الرَّحِيلُ وَالرُّجُوعُ فَلَمْ تَزَلْ أَحَقِّيَّتُهُمْ بِذَلِكَ.

(قَالَ فِي الْمُغْنِي) وَالشَّرْحِ (وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي لِشُرْبِهِ وَطَهَارَتِهِ وَغَسْلِ ثِيَابِهِ وَانْتِفَاعِهِ بِهِ، فِي أَشْبَاهِ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الشُّرْبِ وَالطَّهَارَةِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ (مِمَّا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ) رَبِّهِ (إذَا لَمْ يَدْخُلْ إلَيْهِ فِي مَكَان مَحُوطٍ عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِهِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ كَانَ بِفَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ ابْنَ السَّبِيلِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

فَأَمَّا مَا يُؤَثِّرُ فِيهِ كَسَقْيِ الْمَاشِيَةِ الْكَثِيرَةِ فَإِنْ فَضَلَ الْمَاءُ عَنْ حَاجَةِ صَاحِبِهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَتَقَدَّمَ (وَقَالَ الْحَارِثِيُّ الْفَضْلُ الْوَاجِبُ بَذْلُهُ مَا فَضَلَ عَنْ شَفَتِهِ وَشَفَةِ عِيَالِهِ، وَعَجِينِهِمْ، وَطَبِيخِهِمْ، وَطَهَارَتِهِمْ، وَغَسْلِ ثِيَابِهِمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ وَعَنْ مَوَاشِيهِ وَمَزَارِعِهِ وَبَسَاتِينِهِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ حَاجَتِهِ.

وَإِنْ حَفَرَ الْبِئْرَ بِمَوَاتٍ تَمَلَّكَهَا فَهِيَ لَهُ كَمَا يَأْتِي كَمَا لَوْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ الْحَيِّ.

ص: 190