المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

رَادَّ الْآبِقِ (صَاحِبَهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ إذَا اعْتَرَفَ الْعَبْدُ أَنَّهُ سَيِّدُهُ، - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٤

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ إجَارَةُ الْعَيْنِ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِجَارَة عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فِي الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ مَعَ إطْلَاقِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى زَرَعَ فَغَرِقَ الزَّرْعُ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَجِيرُ قِسْمَانِ خَاصٌّ وَمُشْتَرَكٌ]

- ‌[فَصْلٌ تَجِبُ الْأُجْرَةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ]

- ‌[بَابُ السَّبَقِ وَالْمُنَاضَلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُسَابَقَةُ جِعَالَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُنَاضَلَةِ مِنْ النَّضْلِ]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[فَصْلُ حُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ]

- ‌[فَصْلُ دَفَعَ إلَيْهِ دَابَّةً أَوْ غَيْرَهَا]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ وَجِنَايَةِ الْبَهَائِمِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ الْإِتْلَافَاتِ]

- ‌[فَصْلُ يَلْزَمُ الْغَاصِب رَدُّ الْمَغْصُوبِ إلَى مَحَلِّهِ]

- ‌[فَصْل زَادَ الْمَغْصُوبُ بِيَدِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ بِيَدِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ خَلَطَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ بِمَالِهِ]

- ‌[فَصْلٌ وَطِئَ الْغَاصِبُ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ]

- ‌[فَصْلٌ تَلَفُ الْمَغْصُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مَنْفَعَةٌ تَصِحُّ إجَارَتُهَا]

- ‌[فَصْلٌ تَصَرُّفَاتُ الْغَاصِبِ الْحُكْمِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَالُ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ]

- ‌[فَصْلٌ أَجَّجَ نَارًا فِي مَوَاتٍ أَوْ أَجَّجَهَا فِي مِلْكِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الشُّفْعَة أَنْ يَكُونَ الشِّقْصُ الْمُنْتَقِلُ عَنْ الشَّرِيكِ مَبِيعًا أَوْ مُصَالَحًا بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ وَمَا بِمَعْنَاهُ شِقْصًا مُشَاعًا]

- ‌[فَصْلٌ لِلشُّفْعَةِ الْمُطَالَبَةُ بِهَا عَلَى الْفَوْرِ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَأْخُذ الشَّرِيك جَمِيعَ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَكُونَ لِلشَّفِيعِ مِلْكٌ لِلرَّقَبَةِ سَابِقٌ عَلَى الْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الطَّلَبِ]

- ‌[فَصْلٌ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ]

- ‌[لَا شُفْعَةَ فِي بَيْعٍ فِيهِ خِيَارُ مَجْلِسٍ أَوْ خِيَارُ شَرْطٍ]

- ‌[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُودَعُ أَمِينٌ]

- ‌[بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ إحْيَاء الْأَرْضِ الْمَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْطَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الِانْتِفَاعِ بِالْمِيَاهِ غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[بَابُ الْجَعَالَةِ]

- ‌[بَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[فَصْلُ التَّصَرُّفُ فِي اللُّقَطَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُلْتَقِطِ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا]

- ‌[بَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[فَصْلٌ مِيرَاثُ اللَّقِيطِ إنْ مَاتَ]

- ‌[فَصْلٌ أَقَرَّ إنْسَانٌ أَنَّ اللَّقِيطَ وَلَدُهُ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[فَصْلٌ: إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ وَالْغُزَاةِ وَالْعُلَمَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ يَزُولُ مِلْكِ الْوَاقِفِ عَنْ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ بِمُجَرَّدِ الْوَقْفِ]

- ‌[فَصْلٌ يُرْجَعُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ إلَى شَرْطِ وَاقِفٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُرْجَعُ إلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي النَّاظِرِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ نَاظِرًا وَشَرَطَهُ النَّظَرَ]

- ‌[فَصْلٌ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَسِّمَ الْوَقْفَ عَلَى أَوْلَادِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَبْرَأَ غَرِيمٌ غَرِيمَهُ مِنْ دَيْنِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعْدِيلِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ: وَلِأَبٍ حُرًّا أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عَطِيَّةِ الْمَرِيضِ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْعَطِيَّةِ فِي مَرَض الْمَوْتِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ مَلَكَ فِي صِحَّتِهِ ابْنَ عَمِّهِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا بِقَبُولِهِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الرُّجُوعِ فِي الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبَاتُ الَّتِي عَلَى الْمَيِّتِ تُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى بِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ قَتَلَ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى]

- ‌[فَصْلٌ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكَنِيسَةٍ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُفْرَدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أُوصِيَ لَهُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ زَادَتْ الْوَصَايَا عَلَى الْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ وَالْأَنْصِبَاءِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَّا فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَدّ مَعَ الْإِخْوَة أَوْ الْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مُنْفَرِدِينَ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْأُمِّ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْجَدَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ]

- ‌[بَابُ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَالْعَوْلِ وَالرَّدِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّدِّ]

- ‌[بَابُ تَصْحِيحُ الْمَسَائِلِ]

- ‌[فَصْل تَمَاثُلِ الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْمُنَاسَخَاتِ]

- ‌[بَابُ قِسْمَةِ التَّرِكَاتِ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَكَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِهِمْ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ غَمَى أَيْ خَفَى مَوْتُهُمْ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ]

- ‌[فَصْلٌ يَرِثُ مَجُوسِيٌّ إذَا أَسْلَمَ أَوْ حَاكَمَ إلَيْنَا]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي طَرِيقُ الْعَمَلِ فِي هَذَا الْبَابِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَقَرَّ مِنْ الْوَرَثَةِ فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا عَوْلٌ بِمَنْ أَيْ بِوَارِثٍ يُزِيلُ الْعَوْلَ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَلَاءِ وَجَرِّهِ وَدَوْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَرِثُ النِّسَاءُ بِالْوَلَاءِ إلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَوْرِ الْوَلَاءِ وَمَعْنَاهُ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ رَقِيقِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ قَالَ السَّيِّدُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ]

- ‌[فَصْلٌ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ نَفْعَ نَفْسِهِ وَكَسْبَهُ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ شَيْئًا مِنْ كَسْبِهِ أَيْ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصْلٌ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ فِي مُدَّةِ الْكِتَابَةِ بِشَرْطٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ كَاتَبَ عَبِيدَهُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ إمَاءَهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِعِوَضٍ وَاحِدٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ]

الفصل: رَادَّ الْآبِقِ (صَاحِبَهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ إذَا اعْتَرَفَ الْعَبْدُ أَنَّهُ سَيِّدُهُ،

رَادَّ الْآبِقِ (صَاحِبَهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ إذَا اعْتَرَفَ الْعَبْدُ أَنَّهُ سَيِّدُهُ، إنْ كَانَ كَبِيرًا) ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ أَخْذَهُ بِوَصْفِهِ إيَّاهُ فَبِتَصْدِيقِهِ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْلَى، وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَقَوْلُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (أَوْ أَقَامَ) صَاحِبُهُ (بَيِّنَةً) أَنَّهُ لَهُ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ.

(فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) وَاجِدُ الْآبِقِ (سَيِّدَهُ دَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ أَوْ) إلَى (نَائِبِهِ، فَيَحْفَظُهُ لِصَاحِبِهِ) إلَى أَنْ يَجِدَهُ (أَوْ يَبِيعَهُ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ) أَيْ: فِي بَيْعِهِ، وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ لِرَبِّهِ لِانْتِصَابِهِ لِذَلِكَ.

(فَإِنْ بَاعَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا، فَجَاءَ سَيِّدُهُ فَاعْتَرَفَ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ) قَبْلَ بِيَعِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (قُبِلَ قَوْلُهُ، وَبَطَلَ الْبَيْعُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا، وَلَا يَدْفَعُ عَنْهَا ضَرَرًا، وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ مَا يُنَافِيهِ.

(يُنَافِيه وَلَيْسَ لِوَاجِدِهِ) أَيْ: الْعَبْدِ (بَيْعُهُ وَلَا تَمَلُّكُهُ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَتَحَفَّظُ بِنَفْسِهِ (فَهُوَ كَضَوَالِّ الْإِبِلِ) لَكِنْ جَازَ الْتِقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ لِحَاقُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَارْتِدَادُهُ، وَاشْتِغَالُهُ بِالْفَسَادِ.

(وَمَتَى كَانَ الْعَمَلُ فِي مَالِ الْغَيْرِ إنْقَاذًا لَهُ مِنْ التَّلَفِ الْمُشْرِف عَلَيْهِ كَانَ جَائِزًا) بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ إحْسَانٌ إلَيْهِ (كَذَبْحِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ إذَا خِيفَ مَوْتُهُ، وَلَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَ بِمَوْتِهِ) أَيْ: ذَبْحِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِهِ.

وَلَوْ (وَقَعَ الْحَرِيقُ بِدَارٍ وَنَحْوِهَا فَهَدَمَهَا غَيْرُ صَاحِبِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ عَلَى النَّارِ لِئَلَّا تَسْرِيَ) النَّارُ (أَوْ هَدَمَ قَرِيبًا مِنْهَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْوُصُولِ إلَيْهَا، وَخِيفَ تَعَدِّيهَا، وَعُتُوُّهَا لَمْ يَضْمَنْ، ذَكَرَهُ) ابْنُ الْقَيِّمِ (فِي الطُّرُقِ الْحُكْمِيَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ رَأَى السَّيْلَ يَقْصِدُ الدَّارَ الْمُؤَجَّرَةَ فَبَادَرَ وَهَدَمَ الْحَائِطَ لِيُخْرِجَ السَّيْلَ وَلَا يَهْدِمُ الدَّارَ كَانَ مُحْسِنًا، وَلَا يَضْمَنُ انْتَهَى) ، وَكَذَا فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ.

(وَإِنْ وَجَدَ فَرَسًا لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَعَ أُنَاسٍ مِنْ الْعَرَبِ أَيْ: مِنْ الْبَدْوِ، فَأَخَذَ الْفَرَسَ مِنْهُمْ، ثُمَّ إنَّ الْفَرَسَ مَرِضَ بِحَيْثُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ جَازَ لِلْآخِذِ بَيْعُهُ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَبِيعَهُ لِصَاحِبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَكَّلَهُ فِي الْبَيْعِ، وَقَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَنَظَائِرِهَا، وَيَحْفَظُ الثَّمَنَ) لِرَبِّهِ.

(قَالَهُ الشَّيْخُ، وَهِيَ) أَيْ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ (فِي) الْجُزْءِ (الْخَامِسِ مِنْ الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ) .

[بَابُ اللُّقَطَةِ]

ِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: اللُّقَطَةُ مُحَرَّكَةٌ، وَكَحُرْمَةٍ، وَهُمَزَةٍ، وَثُمَامَةَ: مَا اُلْتُقِطَ انْتَهَى، وَقَوْلُهُ: مُحَرَّكَةٌ أَيْ: مَفْتُوحَةُ اللَّامِ، وَالْقَافِ، وَحُكِيَ عَنْ الْخَلِيلِ: اللُّقَطَةُ بِضَمِّ اللَّامِ، وَفَتْحِ الْقَافِ

ص: 208

الْكَثِيرُ الِالْتِقَاطِ، وَحُكِيَ عَنْهُ فِي الشَّرْحِ: أَنَّهَا اسْمٌ لِلْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّ مَا جَاءَ عَلَى فُعَلَةٍ فَهُوَ اسْمُ الْفَاعِلِ، كَالضُّحَكَةِ، وَالْهُمَزَةِ، وَاللُّمَزَةِ (وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُلْتَقَط مِنْ مَالٍ) ضَائِعٍ (أَوْ مُخْتَصٍّ ضَائِعٍ) كَالسَّاقِطِ مِنْ رَبِّهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ.

(وَمَا فِي مَعْنَاهُ) أَيْ: مَعْنَى الضَّائِعِ، كَالْمَتْرُوكِ قَصْدًا لِأَمْرٍ يَقْتَضِيهِ (لِغَيْرِ حَرْبِيٍّ) فَإِنْ كَانَتْ لِحَرْبِيٍّ مَلَكَهَا وَاجِدُهَا، كَالْحَرْبِيِّ إذَا ضَلَّ الطَّرِيقَ فَوَجَدَهُ إنْسَانٌ فَأَخَذَهُ مَلَكَهُ، وَتَقَدَّمَ (يَلْتَقِطُهُ غَيْرُ رَبِّهِ) فَإِنْ الْتَقَطَهُ رَبُّهُ لَمْ يُسَمَّ لُقَطَةً عُرْفًا، وَالْأَصْلُ فِي اللُّقَطَةِ: مَا رَوَى زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُقَطَةِ الذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ فَقَالَ: اعْرِفْ وِكَاءَهَا، وَعِفَاصَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِقْهَا، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَك فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَادْفَعْهَا إلَيْهِ، وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ فَقَالَ: مَا لَكَ، وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا، وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا، وَسَأَلَهُ عَنْ الشَّاةِ؟ فَقَالَ: خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

مَثَلًا وَأَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ: مُلْتَقِطٌ، وَمَلْقُوطٌ، وَالْتِقَاطٌ (وَالْتِقَاطٌ وَيَنْقَسِمُ) الْمَالُ الضَّائِعُ، وَنَحْوُهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: مَا لَا تَتْبَعُهُ هِمَّةُ أَوْسَاطُ النَّاسِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْهِمَّةُ بِالْكَسْرِ، وَتُفْتَحُ مَا هَمَّ بِهِ مِنْ أَمْرٍ لِيَفْعَلَ (كَالسَّوْطِ) مَا يُضْرَب بِهِ.

وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُوَ فَوْقَ الْقَضِيبِ، وَدُونَ الْعَصَا، وَفِي الْمُخْتَارِ هُوَ سَوْطٌ لَا ثَمَرَةَ لَهُ (وَالشِّسْعِ) أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ الَّذِي يَدْخُلُ بَيْنَ الْإِصْبَعَيْنِ (وَالرَّغِيفِ، وَالْكِسْرَةِ، وَالتَّمْرَةِ، وَالْعَصَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَالْخِرْقَةِ، وَالْحَبْلِ، وَمَا لَا خَطَرَ لَهُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ تَقْيِيدُهُ بِمَا لَا تَتْبَعُهُ هِمَّةُ أَوْسَاطِ النَّاسِ، وَلَوْ كَثُرَ، وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ صَدَقَةَ أَنَّهُ يُعَرِّفُ الدِّرْهَمَ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَجِبُ تَعْرِيفُ الدَّانِقِ، وَحَمَلَهُ فِي التَّلْخِيصِ عَلَى دَانِقِ الذَّهَبِ نَظَرًا لِعُرْفِ الْعِرَاقِ.

(وَمَا قِيمَتُهُ كَقِيمَةِ ذَلِكَ، فَيُمْلَكُ بِأَخْذِهِ، وَيَنْتَفِعُ بِهِ آخِذُهُ بِلَا تَعْرِيفٍ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ «رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَصَا، وَالسَّوْطِ، وَالْحَبْلِ يَلْتَقِطُهُ الرَّجُلُ يَنْتَفِعُ بِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ) ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ.

(وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ: الْمُلْتَقِطَ (دَفْعُ بَدَلِهِ إنْ وَجْدَ رَبَّهُ) ؛ لِأَنَّ لَاقِطَهُ مَلَكَهُ بِأَخْذِهِ (وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا تَلِفَ) قَالَ فِي الشَّرْحِ: إذَا الْتَقَطَهُ إنْسَانٌ، وَانْتَفَعَ بِهِ، وَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ.

(فَأَمَّا إنْ كَانَ) مَا الْتَقَطَهُ مِمَّا لَا تَتْبَعُهُ الْهِمَّةُ (مَوْجُودًا وَوَجَدَ) مُلْتَقِطُهُ (رَبَّهُ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ)، وَيُؤَيِّدُهُ: تَعْبِيرُهُمْ بِالْبَدَلِ

ص: 209

إذْ لَا يُعْدَلُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ تَلَفِ الْمُبْدَلُ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُوَضِّحِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَلْزَمُ دَفْعُ عَيْنِهِ.

(وَكَذَا لَوْ لَقِيَ كَنَّاسٌ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ) كَالْمُقْلِشِ (قِطَعًا صِغَارًا مُفَرَّقَةً) مِنْ الْفِضَّةِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا بِأَخْذِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهَا، وَلَا بَدَلُهَا إنْ وَجَدَ رَبَّهَا (وَلَوْ كَثُرَتْ) بِضَمِّ بَعْضِهَا إلَى بَعْضِ؛ لِأَنَّ تَفَرُّقهَا يَدُلُّ عَلَى تَغَايُرِ أَرْبَابِهَا.

(وَمَنْ تَرَكَ دَابَّةً بِمَهْلَكَةٍ أَوْ فَلَاةٍ تَرْكَ إيَاسٍ لِانْقِطَاعِهَا) أَيْ: عَجْزِهَا عَنْ الْمَشْي (أَوْ) تَرْكَهَا لِ (عَجْزِهِ عَنْ عَلَفِهَا، مَلَكَهَا آخِذُهَا) لِحَدِيثِ الشَّعْبِيِّ، وَتَقَدَّمَ بِخِلَافِ عَبْدٍ، وَمَتَاعٍ (إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرَكَهَا لِيَرْجِعَ إلَيْهَا، أَوْ ضَلَّتْ مِنْهُ) فَلَا يَمْلِكَهَا آخِذُهَا (، وَتَقَدَّمَ آخِرَ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) مُوَضَّحًا.

(وَكَذَا مَا أُلْقِيَ خَوْفُ الْغَرَقِ) فِي الْبَحْرِ فَيَمْلِكُهُ آخِذُهُ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ أَلْقَاهُ بِاخْتِيَارِهِ فَأَشْبَهَ الْمَنْبُوذَ رَغْبَةً عَنْهُ كَمَا فِي التَّنْقِيحِ، وَالْمُنْتَهَى، وَغَيْرِهِمَا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَاد التَّشْبِيهُ فِي تَقَدُّمِ حُكْمِهِ أَوْ أَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِالْمُسْتَثْنَى فَلَا مُخَالَفَةَ، وَتَقَدَّمَ تَوْضِيحُ ذَلِكَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ، وَبَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ.

الْقِسْمُ (الثَّانِي: الضَّوَالُّ الَّتِي تَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ مِثْلَ ثَعْلَبٍ، وَذِئْبٍ، وَابْنِ آوَى، وَوَلَدِ الْأَسَدِ) ، وَالضَّوَالُّ جَمْعُ ضَالَّةٍ، وَهِيَ اسْمُ حَيَوَانٍ خَاصَّةً، وَيُقَالُ لَهَا الْهَوَامِي، وَالْهَوَافِي، وَالْحَوَامِلُ، وَامْتِنَاعُهَا إمَّا لِكِبَرِ جُثَثِهَا (كَإِبِلٍ، وَخَيْلٍ، وَبَقَرٍ، وَبِغَالٍ وَ) إمَّا لِطَيَرَانِهَا كَ (طُيُورٍ تَمْتَنِعُ بِطَيَرَانِهَا وَ) إمَّا بِسُرْعَةِ عَدْوِهَا (كَظِبَاءٍ، وَ) إمَّا بِنَابِهَا (كَفُهُودٍ مُعَلَّمَةٍ) أَوْ قَابِلَةٍ لِلتَّعْلِيمِ، وَإِلَّا فَلَيْسَتْ مَالًا، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ (وَكَ) إبِلٍ (حُمُرٍ) أَهْلِيَّةٍ.

(وَخَالَفَ الْمُوَفَّقُ فِيهَا) فَقَالَ: الْأَوْلَى إلْحَاقُهَا بِالشَّاةِ لِمُسَاوَاتِهَا لَهَا فِي الْعِلَّةِ (فَهَذَا الْقِسْمُ غَيْرُ الْآبِقِ يَحْرُمُ الْتِقَاطُهُ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ مَا لَكَ، وَلَهَا دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا، وَسِقَاءَهَا تَرِدُ الْمَاءِ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا» ، وَحِذَاؤُهَا خُفُّهَا؛ لِأَنَّهُ لِقُوَّتِهِ، وَصَلَابَتِهِ يَجْرِي مُجْرَى الْحِذَاءِ، وَسِقَاؤُهَا بَطْنُهَا؛ لِأَنَّهَا تَأْخُذُ فِيهِ مَاءً كَثِيرًا، فَيَبْقَى مَعَهَا يَمْنَعُهَا الْعَطَشَ، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يُؤْوِي الضَّالَّةَ إلَّا ضَالٌّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا الْآبِقُ فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ صَوْنًا لَهُ عَنْ اللُّحُوقِ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَارْتِدَادِهِ، وَسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ، وَتَقَدَّمَ (وَ) هَذَا الْقِسْمُ (لَا يَمْلِكُهُ) مُلْتَقِطُهُ (بِتَعْرِيفِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِأَخْذِهِ كَالْغَاصِبِ لِعَدَمِ إذْنِ الْمَالِكِ، وَالشَّارِعِ سَوَاءٌ كَانَ زَمَنَ أَمْنٍ أَوْ فَسَادٍ.

(وَإِنْ أَنْفَقَ) الْمُلْتَقِطُ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْقِسْمِ (لَمْ يَرْجِعْ) عَلَى رَبِّهِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ (لِتَعَدِّيهِ بِالْتِقَاطِهِ) ، وَإِمْسَاكِهِ.

(فَإِنْ تَبِعَ شَيْءٌ مِنْهَا)

ص: 210

أَيْ: الضَّوَالِّ الْمَذْكُورَةِ (دَوَابَّهُ فَطَرَدَهُ) فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (أَوْ دَخَلَ) شَيْءٌ مِنْهَا (دَارِهِ فَأَخْرَجَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَلَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَيْهِ) .

(لَكِنْ لِلْإِمَامِ وَنَائِبِهِ فَقَطْ) دُونَ غَيْرِهِمَا (أَخْذُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الضَّوَالِّ (لِيَحْفَظَهُ لِرَبِّهِ) ؛ لِأَنَّ لَهُمَا نَظَرًا فِي حِفْظِ مَالِ الْغَائِبِ، وَفِي أَخَذِهَا عَلَى وَجْهِ الْحِفْظِ مَصْلَحَةً لِرَبِّهَا لِصَوْنِهَا، وَ (لَا) يَجُوزُ لَهُمَا كَغَيْرِهِمَا أَخَذُهَا (عَلَى سَبِيلِ الِالْتِقَاطِ) لِمَا تَقَدَّمَ.

(مَثَلًا وَلَا يَلْزَمُهُمَا) أَيْ: الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ (تَعْرِيفُهُ) أَيْ: تَعْرِيفُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الضَّوَالِّ لِيَحْفَظَهُ لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه لَمْ يَكُنْ لِيُعَرِّفَ الضَّوَالَّ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا عُرِفَ مِنْ الْإِمَامِ حِفْظُ الضَّوَالِّ فَمَنْ كَانَتْ لَهُ ضَالَّةٌ جَاءَ إلَى مَوْضِعِ الضَّوَالِّ فَمَنْ عَرَفَ مَالَهُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ (وَلَا تَكْفِي فِيهِ الصِّفَةُ) ؛ لِأَنَّ الضَّالَّةَ كَانَتْ ظَاهِرَةً لِلنَّاسِ حِينَ كَانَتْ فِي يَدِ مَالِكِهَا فَلَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَةِ صِفَاتِهَا دُونَ غَيْرِهِ، وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا مُمْكِنَةٌ لِظُهُورِهَا لِلنَّاسِ.

(وَمَنْ أَخَذَهُ) أَيْ: مَا يَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ، وَلَمْ يَكْتُمْهُ ضَمِنَهُ إنْ تَلِفَ أَوْ نَقَصَ قَبْلَ رَدِّهِ (كَالْغَاصِبِ) قَبْلَ أَدَائِهِ؛ لِأَنَّ الْتِقَاطَهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ (وَإِنْ كَتَمَهُ، وَتَلِفَ ضَمِنَهُ) الْكَاتِمُ (بِقِيمَتِهِ مَرَّتَيْنِ) لِرَبِّهِ (إمَامًا كَانَ) الْمُلْتَقِطُ (أَوْ غَيْرَهُ) قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ: ثَبَتَ خَبَرٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «فِي الضَّالَّةِ الْمَكْتُومَةِ غَرَامَتُهَا، وَمِثْلُهَا مَعَهَا» قَالَ: وَهَذَا حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا يُرَدُّ.

(وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ) مَا الْتَقَطَهُ مِنْ الضَّوَالِّ (رَدَّهُ) إلَى رَبِّهِ إنْ وَجَدَهُ بِلَا غُرْمٍ إنْ لَمْ يُنْقَصْ، وَإِلَّا فَأَرْشُ نَقْصِهِ، وَتَقَدَّمَ.

(فَإِنْ دَفَعَهُ إلَى إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ) لِيَحْفَظَهُ لِرَبِّهِ زَالَ عَنْهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ نَظَرًا فِيهَا.

(أَوْ أَمَرَهَ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (بِرَدِّهِ إلَى مَكَانِهِ زَالَ عَنْهُ الضَّمَانُ) لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ بِسَنَدِهِ " أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِرَجُلٍ وَجَدَ بَعِيرًا: أَرْسِلْهُ حَيْثُ وَجَدْتَهُ "؛ وَلِأَنَّ أَمْرَهُ بِرَدِّهِ كَأَخْذِهِ مِنْهُ،.

فَإِنْ رَدَّهُ إلَى مَكَانِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ وَتَلِفَ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ بِأَخْذِهِ لَزِمَهُ حِفْظُهُ، وَتَرْكُهُ تَضْيِيعٌ لَهُ.

(وَكَذَا مَنْ أَخَذَ مِنْ نَائِمٍ أَوْ) أَخَذَ مِنْ (سَاهٍ) أَيْ: غَافِلٍ (شَيْئًا لَا يَبْرَأُ بِرَدِّهِ) لَهُ نَائِمًا أَوْ سَاهِيًا (بَلْ بِتَسْلِيمِهِ لِرَبِّهِ بَعْدَ انْتِبَاهِهِ) مِنْ النَّوْمِ، وَالسَّهْوِ؛ لِأَنَّ الْآخِذَ مُتَعَدٍّ بِالْأَخْذِ فَهُوَ سَارِقٌ أَوْ غَاصِبٌ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ عُهْدَتِهِ إلَّا بِرَدِّهِ فِي حَالٍ يَصِحُّ قَبْضُ مَالِكِهِ لَهُ فِيهَا (أَوْ) بِتَسْلِيمِهِ (لِإِمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ) لِيَحْفَظَهُ لِرَبِّهِ فَيَبْرَأُ بِذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا وِلَايَةَ لِحَاكِمٍ عَلَى نَائِمٍ، وَسَاهٍ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُنْتَهَى، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ.

(وَيَجُوزُ الْتِقَاطُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ) الصَّيْدَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَغَيْرِهِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ أَصَحّ

ص: 211

لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي الْمَنْعِ، وَلَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَمْنُوعِ (وَيَنْتَفِعُ بِهِ فِي الْحَالِ) بِلَا تَعْرِيفٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَقَدَّمَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الْتِقَاطُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ تَبَعًا لِلْمُغْنِي، وَغَيْرِهِ لَكِنْ لَا ضَمَانَ.

(ضَمَانُ وَيَسِمُ الْإِمَامُ) مِنْ الْوَسْمِ وَهُوَ الْعَلَامَةُ (مَا يَحْصُلُ عِنْدَهُ مِنْ الضَّوَالِّ) ، وَقَوْلُهُ (بِأَنَّهَا ضَالَّةٌ) مُتَعَلِّقٌ بِيَسِمُ (، وَيُشْهِدُ عَلَيْهَا) لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِهِ (ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُ حِمًى يَرْعَى فِيهِ) مَا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ مِنْ الدَّوَابِّ (تَرَكَهَا) تَرْعَى (فِيهِ إنْ رَأَى ذَلِكَ، وَإِنْ رَأَى) الْمَصْلَحَةَ فِي (بَيْعِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِمًى بَاعَهَا بَعْدَ أَنْ يُحَلِّيَهَا، وَيَحْفَظَ صِفَاتِهَا، وَيَحْفَظَ ثَمَنَهَا لِصَاحِبِهَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَحْفَظُ لَهَا؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا يُفْضِي إلَى أَنْ تَأْكُلَ جَمِيعَ ثَمَنِهَا.

(وَيَجُوزُ الْتِقَاطُ الصُّيُودِ الْمُتَوَحِّشَةِ الَّتِي إذَا تُرِكَتْ رَجَعَتْ إلَى الصَّحْرَاءِ بِشَرْطِ عَجْزِ رَبِّهَا عَنْهَا) ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا أَضْيَعُ لَهَا مِنْ سَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَالْمَقْصُودُ حِفْظُهَا لِصَاحِبِهَا لَا حِفْظُهَا فِي نَفْسِهَا، وَلَوْ كَانَ الْقَصْدُ حِفْظَهَا فِي نَفْسِهَا لَمَا جَازَ الْتِقَاطُ الْأَثْمَانِ، فَإِنَّ الدِّينَارَ دِينَارٌ حَيْثُمَا كَانَ، وَلَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِذَلِكَ فِيهَا.

وَمِثْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي، وَغَيْرِهِ لَوْ وَجَدَ الضَّالَّةَ فِي أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْأَسَدَ يَفْتَرِسُهَا إنْ تُرِكَتْ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ يَخَافُ عَلَيْهَا مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ بِمَحَلٍّ يَسْتَحِلُّ أَهْلُهُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ كَوَادِي التَّيْمِ، أَوْ فِي بَرِيَّةٍ لَا مَاءَ فِيهَا، وَلَا مَرْعًى فَالْأَوْلَى جَوَازُ أَخَذِهَا لِلْحِفْظِ، وَلَا ضَمَانَ، وَيُسَلِّمُهَا لِنَائِبِ الْإِمَامِ، وَلَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْرِيفِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ فِي الْإِنْصَافِ لَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ أَخَذِهَا، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ.

(وَجْهٌ وَأَحْجَارُ الطَّوَاحِينَ) مُبْتَدَأٌ (الْكَبِيرَةُ وَالْقُدُورُ، الضَّخْمَةُ وَالْأَخْشَابُ الْكَبِيرَةُ) ، وَقَوْلُهُ (مُلْحَقَةٌ بِإِبِلٍ) خَبَرُهُ، أَيْ: فَلَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَكَادُ تَضِيعُ عَنْ صَاحِبِهَا، وَلَا تَبْرَحُ مِنْ مَكَانِهَا، فَهِيَ أَوْلَى بِعَدَمِ التَّعَرُّضِ مِنْ الضَّوَالِّ.

(وَيَجُوزُ الْتِقَاطُ قِنٍّ صَغِيرٍ ذَكَرًا كَانَ) الْقِنُّ (أَوْ أُنْثَى) كَالشَّاةِ (وَلَا يُمْلَكُ بِالِالْتِقَاطِ) ، وَلَوْ عَرَّفَهُ حَوْلًا.

(قَالَ الْمُوَفَّقُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: اللَّقِيطَ (مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ) ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي اللَّقِيطِ.

الْقِسْمُ (الثَّالِثُ: سَائِرُ) أَيْ: بَاقِي (الْأَمْوَالِ، كَالْأَثْمَانِ، وَالْمَتَاعِ، وَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ، كَالْغَنَمِ، وَالْفُصْلَانِ) بِضَمِّ الْفَاءِ، وَكَسْرِهَا جَمْعُ فَصِيلٍ، وَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ إذَا فَصَلَ عَنْ أُمِّهِ (وَالْعَجَاجِيلُ) جَمْعُ عِجْلٍ، وَهُوَ وَلَدُ الْبَقَرَةِ (وَجِحَاشُ الْحَمِيرِ، وَالْأَفْلَاءِ) بِالْمَدِّ جَمْعُ فِلْوٍ، بِوَزْنِ سِحْرٍ، وَجِرْوٍ، وَعَدُوٍّ، وَسُمُوٍّ، وَهُوَ الْجَحْشُ، وَالْمُهْرُ إذَا فُطِمَا أَوْ بَلَغَا السَّنَةَ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ (وَالْإِوَزِّ، وَالدَّجَاجِ، وَنَحْوِهَا) كَالْخَشَبَةِ

ص: 212

الصَّغِيرَةِ، وَقِطَعِ الْحَدِيدِ، وَالنُّحَاسِ، وَالرَّصَاصِ، وَالزِّقِّ مِنْ الدُّهْنِ أَوْ الْعَسَلِ، وَالْغِرَارَةِ مِنْ الْحَبِّ، وَالْكُتُبِ، وَمَا جَرَى مُجْرَى ذَلِكَ، وَالْمَرِيضِ مِنْ كِبَارِ الْإِبِلِ وَنَحْوِهِ، كَالصَّغِيرِ (سَوَاءٌ وُجِدَ ذَلِكَ بِمِصْرٍ، أَوْ بِمَهْلَكَةٍ لَمْ يَنْبُذْهُ رَبُّهُ رَغْبَةً عَنْهُ) فَإِنْ نَبَذَهُ كَذَلِكَ، مَلَكَهُ آخِذُهُ، وَتَقَدَّمَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ.

(فَمَنْ لَا يَأْمَنُ نَفْسَهُ عَلَيْهَا) أَيْ: اللُّقَطَةِ (لَا يَجُوزُ لَهُ أَخَذُهَا بِحَالٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَتِهَا عَلَى رَبِّهَا، فَهُوَ كَإِتْلَافِهَا، وَكَمَا لَوْ نَوَى تَمَلُّكَهَا فِي الْحَالِ أَوْ كِتْمَانَهَا.

(فَإِنْ أَخَذَهَا) أَيْ: اللُّقَطَةَ (بِهَذِهِ النِّيَّةِ) أَيْ: بِنِيَّةِ الْخِيَانَةِ (ضَمِنَهَا) إنْ تَلِفَتْ (وَلَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ فَضَمِنَهُ، كَالْغَاصِبِ (وَلَمْ يَمْلِكْهَا) أَيْ: اللُّقَطَةَ، إذَا أَخَذَهَا، وَهُوَ لَا يَأْمَنُ لِنَفْسِهِ عَلَيْهَا، أَوْ نَوَى تَمَلُّكَهَا فِي الْحَالِ أَوْ كِتْمَانَهَا (وَإِنْ عَرَّفَهَا) ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُحَرَّمَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ بِدَلِيلِ السَّرِقَةِ.

(وَمَنْ أَخَذَهَا) أَيْ: اللُّقَطَةَ (بِنِيَّةِ الْأَمَانَةِ ثُمَّ طَرَأَ) لَهُ (قَصْدُ الْخِيَانَةِ لَمْ يَضْمَنْ) اللُّقَطَةَ إنْ تَلِفَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ فِي الْحَوْلِ كَمَا لَوْ كَانَ أَوْدَعَهُ إيَّاهَا.

(وَمَنْ أَمِنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا) أَيْ: اللُّقَطَةِ (اللُّقَطَةِ وَقَوِيَ عَلَى تَعْرِيفِهَا فَلَهُ أَخْذُهَا) لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْمَذْكُورِ أَوَّلَ الْبَابِ فِي النَّقْدَيْنِ، وَقِيسَ عَلَيْهِمَا كُلُّ مُتَمَوَّلٍ غَيْرِ الْحَيَوَانِ، وَفِي الْحَيَوَانِ لَا يَمْتَنِعُ بِنَفْسِهِ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِمَامِ، وَغَيْرِهِ (وَالْأَفْضَلُ) لِمَنْ أَمِنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا، وَقَوِيَ عَلَى تَعْرِيفِهَا (تَرْكُهَا) أَيْ: عَدَمُ التَّعَرُّضِ لَهَا قَالَ أَحْمَدُ: الْأَفْضَلُ تَرْكُ الِالْتِقَاطِ.

وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه (وَلَوْ وَجَدَهَا بِمَضْيَعَةٍ) ؛ لِأَنَّ فِي الِالْتِقَاطِ تَعْرِيضًا بِنَفْسِهِ لِأَكْلِ الْحَرَامِ، وَتَضْيِيعِ الْوَاجِبِ مِنْ تَعْرِيفِهَا، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ فِيهَا، فَتَرْكُ ذَلِكَ أَوْلَى، وَأَسْلَمُ.

(وَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَعْرِيفِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا) وَلَوْ بِنِيَّةِ الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ مِنْ وُصُولِهَا إلَى رَبِّهَا.

(وَمَتَى أَخَذَهَا) أَيْ: أَخَذَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ (ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا) ضَمِنَهَا (أَوْ فَرَّطَ فِيهَا) فَتَلِفَتْ (ضَمِنَهَا) ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ فِي يَدِهِ، فَلَزِمَهُ حِفْظُهَا كَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ، وَتَرْكُهَا، وَالتَّفْرِيطُ فِيهَا تَضْيِيعٌ لَهَا.

(إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْمُلْتَقِطُ (رَدَّهَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ) إلَى مَوْضِعِهِ، فَلَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ نَظَرًا فِي الْمَالِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ مَالِكُهُ، وَكَذَا لَوْ الْتَقَطَهَا وَدَفَعَهَا لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ.

(وَلَوْ) كَانَ الْمُلْتَقَطُ (مُمْتَنِعًا) مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ وَرَدَّهُ إلَى مَكَانِهِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهَا (كَمَا تَقَدَّمَ) .

، (وَإِنْ ضَاعَتْ اللُّقَطَةُ مِنْ مُلْتَقِطِهَا فِي حَوْلِ التَّعْرِيفِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ) مِنْهُ (فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَلَمْ يَضْمَنْهَا كَالْوَدِيعَةِ.

(فَإِنْ)

ص: 213

ضَاعَتْ مِنْهُ فَ (الْتَقَطَهَا آخَرُ فَعَلِمَ) الثَّانِي (أَنَّهَا ضَاعَتْ مِنْ الْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ) أَيْ: الثَّانِي (رَدُّهَا إلَيْهِ) أَيْ: الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ التَّمَوُّلِ، وَوِلَايَةُ التَّعْرِيفِ، وَالْحِفْظِ، فَلَا يَزُول ذَلِكَ بِالضَّيَاعِ (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِالْحَالِ حَتَّى عَرَّفَهَا حَوْلًا مَلَكَهَا) ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ وُجِدَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عُدْوَانٍ (وَلَا يَمْلِكُ الْأَوَّلُ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ التَّمَلُّكِ (فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا مِنْ الثَّانِي وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ.

(وَإِنْ عَلِمَ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ فَرَدَّهَا إلَيْهِ فَأَبَى) الْأَوَّلُ (أَخْذَهَا مَثَلًا وَقَالَ) لِلثَّانِي (عَرِّفْهَا أَنْتَ فَعَرَّفَهَا) الثَّانِي حَوْلًا (مَلَكَهَا أَيْضًا) ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَرَكَ حَقَّهُ فَسَقَطَ.

(وَإِنْ قَالَ) الْأَوَّلُ لِلثَّانِي (عَرِّفْهَا وَتَكُونُ مِلْكًا لِي فَفَعَلَ) الثَّانِي (فَهُوَ نَائِبُهُ فِي التَّعْرِيفِ، وَيَمْلِكُهَا الْأَوَّلُ) ؛ لِأَنَّهُ، وَكَّلَهُ فِي التَّعْرِيفِ فَصَحَّ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْأَوَّلِ.

(وَإِنْ قَالَ) الْأَوَّلُ لِلثَّانِي (عَرِّفْهَا مَثَلًا وَتَكُونُ بَيْنِنَا، فَفَعَلَ) أَيْ: عَرَّفَهَا (صَحَّ أَيْضًا، وَكَانَتْ بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ نِصْفِهَا، وَوَكَّلَهُ فِي الْبَاقِي.

(وَإِنْ غَصَبَهَا غَاصِبٌ مِنْ الْمُلْتَقِطِ وَعَرَّفَهَا) الْغَاصِبُ (لَمْ يَمْلِكْهَا) ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِأَخْذِهَا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ سَبَبُ تَمَلُّكِهَا، فَإِنَّ الِالْتِقَاطَ مِنْ جُمْلَةِ السَّبَبِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَقَطَهَا ثَانٍ، فَإِنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ الِالْتِقَاطُ.

(وَاللُّقَطَةُ) الَّتِي أُبِيحَ الْتِقَاطُهَا وَلَمْ تُمْلَكْ بِهِ، وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ (عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: أَحَدُهَا حَيَوَانٌ) مَأْكُولٌ، كَفَصِيلٍ، وَشَاةٍ، وَدَجَاجَةٍ (فَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الْمُلْتَقِطَ فِعْلُ الْأَحَظِّ لِمَالِكِهِ (مِنْ) أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ (أَكْلُهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) فِي الْحَالِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَسُئِلَ عَنْ لُقَطَةِ الشَّاةِ هِيَ لَك أَوْ لِأَخِيك أَوْ لِلذِّئْبِ» فَجَعَلَهَا لَهُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الذِّئْبِ، وَالذِّئْبُ لَا يُسْتَأْنَى بِأَكْلِهَا؛ وَلِأَنَّ فِي أَكْلِ الْحَيَوَانِ فِي الْحَالِ إغْنَاءً عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، وَحِرَاسَتِهِ لِمَالِيَّتِهِ عَلَى صَاحِبِهِ إذَا جَاءَ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ بِكَمَالِهَا (أَوْ) مِنْ (بَيْعِهِ) أَيْ: الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَكْلُهُ، فَبَيْعُهُ أَوْلَى.

(وَ) إذَا بَاعَهُ (حَفِظَ ثَمَنَهُ لِصَاحِبِهِ وَلَهُ) أَيْ: الْمُلْتَقِطِ (أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ فِي الْأَكْلِ) لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ (وَ) لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ أَيْضًا فِي (الْبَيْعِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَكْلُهُ بِلَا إذْنِهِ، فَبَيْعُهُ أَوْلَى (يَلْزَمُهُ) أَيْ: الْمُلْتَقِطَ (حِفْظُ صِفَتِهَا) أَيْ: اللُّقَطَةِ (فِيهِمَا) أَيْ: فِيمَا إذَا أَرَادَ الْأَكْلَ أَوْ الْبَيْعَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ إذَا وَصَفَهَا رَبُّهَا (أَوْ) مَنْ (حَفِظَهُ) أَيْ: الْحَيَوَانَ.

(وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حِفْظِهِ عَلَى مَالِكِهِ (وَلَا يَتَمَلَّكُهُ) أَيْ: لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْمُلْتَقِطُ الْحَيَوَانَ وَلَوْ بِثَمَنٍ

ص: 214

كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ لَا يَبِيعُ مِنْ نَفْسِهِ.

(فَإِنْ تَرَكَهُ) أَيْ: تَرَكَ الْحَيَوَانَ (وَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِ) حَتَّى تَلِفَ (ضَمِنَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ.

(مُفَرِّطٌ وَيَرْجِعُ) الْمُلْتَقِطُ (بِهِ) أَيْ: بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْحَيَوَانِ (مَا لَمْ يَتَعَدَّ) بِأَنْ الْتَقَطَهُ لَا لِيُعَرِّفَهُ، أَوْ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ فِي الْحَالِ، وَنَحْوِهِ (وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ) عَلَى مَالِكِهِ إنْ وَجَدَهُ بِمَا أَنْفَقَ كَالْوَدِيعَةِ.

(وَإِلَّا) بِأَنْ أَنْفَقَ وَلَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ (فَلَا) رُجُوعَ لَهُ بِمَا أَنْفَقَ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ.

(فَإِنْ اسْتَوَتْ) الْأُمُورُ (الثَّلَاثَةُ) فِي نَظَرِ الْمُلْتَقِطِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ الْأَحَظُّ مِنْهَا (خُيِّرَ بَيْنَهَا) لِجَوَازِ كُلٍّ مِنْهَا مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ الْأَحَظِّ.

(قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَأَوْلَى الْأُمُور: الْحِفْظُ مَعَ الْإِنْفَاقِ، ثُمَّ الْبَيْعُ، وَحِفْظُ الثَّمَنِ، ثُمَّ الْأَكْلُ، وَغُرْمُ الْقِيمَةِ)، وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يَبِيعُ بَعْضَ الْحَيَوَانِ.

الضَّرْبُ الثَّانِي مَا يُخْشَى فَسَادُهُ بِتَبْقِيَتِهِ (كَطَبِيخٍ، وَبِطِّيخٍ، وَفَاكِهَةٍ، وَخَضْرَاوَاتٍ، وَنَحْوِهَا، فَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الْمُلْتَقِطَ (فِعْلُ الْأَحَظِّ مِنْ أَكْلِهِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَبَيْعُهُ) وَلَوْ (بِلَا حُكْمِ) أَيْ: إذْنِ (حَاكِمٍ، وَحِفْظُ ثَمَنِهِ) ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حِفْظًا لِمَالِيَّتِهِ عَلَى رَبِّهِ،، وَكَالْحَيَوَانِ.

(وَلَوْ تَرَكَهُ) أَيْ: تَرَكَ الْمُلْتَقِطُ مَا يُخْشَى فَسَادَهُ بِلَا أَكْلٍ وَلَا بِيَعٍ (حَتَّى تَلِفَ ضَمِنَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ.

(فَإِنْ اسْتَوَيَا) فِي نَظَرِ الْمُلْتَقِطِ (خُيِّرَ بَيْنَهُمَا) فَأَيُّهُمَا فَعَلَ جَازَ لَهُ (وَقَيَّدَهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْبَيْعِ، وَالْأَكْلِ (جَمَاعَةٌ، بَعْدَ تَعْرِيفِهِ بِقَدْرِ مَا يَخَافُ مَعَهُ فَسَادَهُ، ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ) بَيْنَ أَكْلِهِ، وَبَيْعِهِ.

(إلَّا أَنْ يُمْكِنَ تَجْفِيفُهُ) أَيْ: تَجْفِيفُ مَا يُخْشَى فَسَادُهُ (كَالْعِنَبِ فَيَفْعَلُ) الْمُلْتَقِطُ (مَا يَرَى الْحَظَّ فِيهِ لِمَالِكِهِ مِنْ الْأَكْلِ) بِقِيمَتِهِ (وَالْبَيْعِ) مَعَ حِفْظِ ثَمَنِهِ (وَالتَّجْفِيفِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ، وَفِعْلُ الْأَحَظِّ فِي الْأَمَانَةِ مُتَعَيِّنٌ.

(مُتَعَيِّنٍ وَغَرَامَةِ التَّجْفِيفِ) إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا (مِنْهُ فَيَبِيعُ) الْمُلْتَقِطُ (بَعْضَهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي تَجْفِيفِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ فَإِنْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ رَجَعَ بِهِ فِي الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.

وَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ تَعَيَّنَ أَكْلُهُ.

الضَّرْبُ (الثَّالِثُ: سَائِرُ الْأَمْوَالِ) أَيْ: مَا عَدَا الضَّرْبَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ كَالْأَثْمَانِ، وَالْمَتَاعِ، وَنَحْوِهِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الْمُلْتَقِطَ حِفْظُ الْجَمِيعِ مِنْ حَيَوَانٍ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ بِالْتِقَاطِهِ.

(وَ) يَلْزَمُهُ (تَعْرِيفُهُ عَلَى الْفَوْرِ) لِظَاهِرِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ الْفَوْرِ؛ وَلِأَنَّ صَاحِبَهَا يَطْلُبُهَا عَقِبَ ضَيَاعِهَا (حَيَوَانًا كَانَ) الْمُلْتَقَطُ (أَوْ غَيْرَهُ) سَوَاءٌ أَرَادَ الْمُلْتَقِطُ تَمَلُّكَهُ أَوْ حِفْظَهُ لِصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهِ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلَا حَفِظَهَا لِصَاحِبِهَا إنَّمَا يُفِيدُ بِوُصُولِهَا إلَيْهِ، وَطَرِيقُهُ التَّعْرِيفُ.

وَيَكُونُ التَّعْرِيفُ (بِالنِّدَاءِ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُلْتَقَطِ (بِنَفْسِهِ) أَيْ: الْمُلْتَقِطِ (أَوْ بِنَائِبِهِ) ، وَيَكُونُ النِّدَاءُ (فِي مَجَامِعِ

ص: 215

النَّاسِ كَالْأَسْوَاقِ، وَالْحَمَّامَاتِ، وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ أَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إشَاعَةُ ذِكْرِهَا.

(وَيُكْرَهُ) النِّدَاءُ عَلَيْهَا (فِيهَا) أَيْ: فِي الْمَسَاجِدِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لَا أَدَّاهَا اللَّهُ إلَيْك فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا» ، وَالْإِنْشَادُ دُونَ التَّعْرِيفِ فَهُوَ أَوْلَى.

(أَوْلَى وَيَكْثُرُ مِنْهُ) أَيْ: التَّعْرِيفِ (فِي مَوْضِعِ وُجْدَانِهَا) ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ طِلَبِهَا (وَ) يَكْثُرُ أَيْضًا مِنْهُ (فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَلِي الْتِقَاطَهَا) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَطْلُبُهَا عَقِبَ ضِيَاعِهَا، فَالْإِكْثَارُ مِنْهُ إذَنْ أَقْرَبُ إلَى وُصُولِهَا إلَيْهِ.

، وَيَكُونُ التَّعْرِيفُ (حَوْلًا كَامِلًا) لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ (نَهَارًا) ؛ لِأَنَّهُ مَجْمَعُ النَّاسِ، وَمُلْتَقَاهُمْ (كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً أُسْبُوعًا) أَيْ: سَبْعَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَبَ فِيهِ أَكْثَرُ (ثُمَّ) لَا يَجِبُ تَعْرِيفُهَا بَعْدَ أُسْبُوعٍ مُتَوَالِيًا بَلْ عَلَى عَادَةِ النَّاسِ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى، وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَ فِي التَّرْغِيبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهَا (مَرَّةً مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ مِنْ شَهْرٍ ثُمَّ مَرَّةً فِي كُلِّ شَهْرٍ) حَتَّى يَتِمَّ الْحَوْلُ.

(وَلَا يَصِفُهُ) أَيْ: لَا يَصِفُ مَا يُعَرِّفُهُ (بَلْ يَقُولُ: مَنْ ضَاعَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ مَنْ ضَاعَ مِنْهُ نَفَقَةٌ) قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ.

وَفِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ فَيَقُولُ: مَنْ ضَاعَ مِنْهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ أَوْ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ أَوْ ثِيَابٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ انْتَهَى، لَكِنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِفُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدَّعِيَهَا بَعْضُ مَنْ سَمِعَ صِفَتَهَا فَتَضِيعَ عَلَى مَالِكِهَا، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ: لَا يَصِفُهَا أَنَّهُ لَوْ وَصَفَهَا فَأَخَذَهَا غَيْرُ مَالِكِهَا بِالْوَصْفِ ضَمِنَهَا الْمُلْتَقِطُ لِمَالِكِهَا كَمَا لَوْ دَلَّ الْوَدِيعُ عَلَى الْوَدِيعَةِ مَنْ سَرَقَهَا.

(وَإِنْ سَافَرَ) الْمُلْتَقِطُ فِي حَوْلِ التَّعْرِيفِ (وَكَّلَ مَنْ يُعَرِّفُهَا) عَنْهُ حَتَّى يَحْضُرَ، فَيَنُوبَ نَائِبُهُ مَنَابَهُ.

(فَإِنْ الْتَقَطَ) اللُّقَطَةَ (فِي صَحْرَاءَ عَرَّفَهَا فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ مِنْ الصَّحْرَاءِ) الَّتِي الْتَقَطَهَا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ طَلَبِهَا.

(طَلَبُهَا وَأُجْرَةُ الْمُنَادِي عَلَى الْمُلْتَقِطِ) ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي الْعَمَلِ، فَكَانَتْ أُجْرَتُهُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اكْتَرَى شَخْصًا يَقْلَعُ لَهُ مُبَاحًا (وَلَا يَرْجِعُ) الْمُلْتَقِطُ (بِهَا) أَيْ: بِأُجْرَةِ الْمُنَادِي عَلَى رَبِّ اللُّقَطَةِ وَلَوْ قَصَدَ حِفْظَهَا لِمَالِكِهَا خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ وَاجِبٌ عَلَى الْمُلْتَقِطِ فَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ.

(وَلَا تُعَرَّفَ كِلَابٌ) وَلَوْ مُعَلَّمَةٌ (بَلْ يُنْتَفَعُ بِالْمُبَاحِ مِنْهَا) فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي الْمَنْعِ وَلَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَمْنُوعِ، وَفِي أَخْذِهِ حِفْظُهُ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ أَشْبَهَ الْأَثْمَانَ، وَأَوْلَى مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَيْسَ مَالًا فَيَكُونُ أَخَفَّ.

(وَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى وُجُودُ صَاحِبِ اللُّقَطَةِ) ، وَمِنْهُ لَوْ كَانَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لَيْسَتْ بِصُرَّةٍ وَلَا نَحْوِهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي فِي مُغْنِي ذَوِي الْأَفْهَامِ حَيْثُ

ص: 216

ذَكَر أَنَّهُ يَمْلِكُهَا مُلْتَقِطُهَا بِلَا تَعْرِيفٍ (لَمْ يَجِبْ تَعْرِيفُهَا فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) نَظَرًا إلَى أَنَّهُ كَالْعَبَثِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّنْقِيحِ، وَالْمُنْتَهَى، وَغَيْرِهِمَا: يَجِبُ مُطْلَقًا.

(وَلَوْ أَخَّرَ) الْمُلْتَقِطُ (التَّعْرِيفَ عَنْ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ) أَثِمَ، وَسَقَطَ (أَوْ) أَخَّرَهُ (بَعْضَهُ) أَيْ: بَعْضَ الْحَوْلِ الْأُوَلِ (أَثِمَ) الْمُلْتَقِطُ بِتَأْخِيرِهِ أَيْ: التَّعْرِيفِ لِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَسَقَطَ) التَّعْرِيفُ؛ لِأَنَّ حِكْمَةَ التَّعْرِيفِ لَا تَحْصُلُ بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ،.

فَإِذَا تَرَكَهُ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ عَرَّفَ بَقِيَّتَهُ فَقَطْ (كَ) مَا يَأْثَمُ (بِالْتِقَاطِهِ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ أَوْ) بِالْتِقَاطِ (مَا لَمْ يُرِدْ تَعْرِيفَهُ) ، وَتَقَدَّمَ.

(وَلَا يَمْلِكُهَا) أَيْ: اللُّقَطَةَ إذَا لَمْ يُعَرِّفْهَا فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ (بِالتَّعْرِيفِ بَعْدَ الْحَوْلِ الْأُوَلِ) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمِلْكِ التَّعْرِيفُ فِيهِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَهَلْ يَتَصَدَّقُ بِهَا أَوْ يَحْبِسُهَا عِنْدَهُ أَبَدًا عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

(وَكَذَا لَوْ تَرَكَهُ) أَيْ: التَّعْرِيفَ (فِيهِ) أَيْ: الْحَوْلِ الْأَوَّلِ (عَجْزًا كَمَرِيضٍ، وَمَحْبُوسٍ أَوْ) تَرَكَهُ فِيهِ (نِسْيَانًا) فَلَا يَمْلِكُهَا بِهِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَهَا فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ سَبَبُ الْمِلْكِ، وَالْحُكْمُ يَنْتَفِي لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ سَوَاءٌ انْتَفَى لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَمْلِكُهَا بِتَعْرِيفِهَا حَوْلًا بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْ التَّعْرِيفَ عَنْ وَقْتِ إمْكَانِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَرَّفَهَا فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، وَمَفْهُومُ كَلَامِ التَّنْقِيحِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى.

(أَوْ تَرَكَهُ) أَيْ: التَّعْرِيفَ (فِي بَعْضِ الْحَوْلِ) لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَلَا يَمْلِكُهَا وَلَوْ عَرَّفَهَا بَعْدَهُ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ وَجَدَهَا صَغِيرٌ، وَنَحْوُهُ) كَسَفِيهٍ (فَلَمْ يُعَرِّفْهَا وَلِيُّهُ) الْحَوْلَ الْأَوَّلَ فَلَا يَمْلِكُهَا لِانْتِفَاءِ سَبَبِ الْمِلْكِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(أَوْ ضَاعَتْ) اللُّقَطَةُ (فَعَرَّفَهَا)(الْمُلْتَقِطُ الثَّانِي مَعَ عِلْمِهِ بِ) الْمُلْتَقِطِ (الْأَوَّلِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ) بِهَا لَمْ يَمْلِكْهَا (أَوْ أَعْلَمَهُ) أَيْ: أَعْلَمَ الثَّانِي الْأَوَّلَ (وَقَصَدَ) الثَّانِي (بِتَعْرِيفِهَا لِنَفْسِهِ) دُونَ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَأْذَنْهُ الْأَوَّلُ (لَمْ يَمْلِكْهَا) الثَّانِي؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّعْرِيفِ لِلْأَوَّلِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ غَصَبَهَا مِنْ الْمُلْتَقِطِ غَاصِبٌ فَعَرَّفَهَا، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَمْلِكُهَا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلِكِ وُجِدَ مِنْهُ، وَالْأَوَّلُ لَمْ يَمْلِكْهَا قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ، وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى، لَكِنْ تَوَهَّمَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُهَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا حَكَوْا الْوَجْهَيْنِ فِي مِلْكِ الثَّانِي لَهَا، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعْرِيفٌ لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِنَائِبِهِ، وَالتَّعْرِيفُ هُوَ سَبَبُ الْمِلْكِ، وَالْحُكْمُ يَنْتَفِي لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ.

(وَلَيْسَ خَوْفُهُ) أَيْ: الْمُلْتَقِطِ (أَنْ يَأْخُذَهَا) أَيْ: اللُّقَطَةَ (سُلْطَانٌ جَائِرٌ) عُذْرًا فِي تَرْكِ تَعْرِيفِهَا (أَوْ) خَوْفُهُ أَنْ (يُطَالِبَهُ بِأَكْثَرَ عُذْرًا فِي تَرْكِ تَعْرِيفِهَا) قَالَ فِي الْفُرُوعِ

ص: 217

(فَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ: التَّعْرِيفَ لِذَلِكَ الْخَوْفِ (لَمْ يَمْلِكْهَا إلَّا بَعْدَهُ) أَيْ: التَّعْرِيفِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَمُرَادُهُمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ عُذْرًا حَتَّى يَمْلِكَهَا بِلَا تَعْرِيفٍ، وَلِهَذَا ذَكَرُوا أَنَّهُ يَمْلِكُهَا بَعْدَهُ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ خَوْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْوَاجِبِ وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ تَبْقَى بِيَدِهِ فَإِذَا وَجَدَ أَمْنًا عَرَّفَهَا حَوْلًا انْتَهَى فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ تَأْخِيرَ التَّعْرِيفِ لِلْعُذْرِ لَا يُؤَثِّرُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا بَعْدُ، فَيَتَعَارَضُ كَلَامُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا مُتَأَخِّرٌ عَمَّا تَقَدَّمَ، فَكَأَنَّهُ رَجَعَ إلَى هَذَا.

(وَإِذَا عَرَّفَهَا) أَيْ: عَرَّفَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ الْجَائِزَ الْتِقَاطِهَا حَوْلًا كَامِلًا فَوْرًا (فَلَمْ تُعَرَّفْ دَخَلَتْ) اللُّقَطَةُ (فِي مِلْكِهِ) أَيْ: الْمُلْتَقِطِ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا (بَعْدَ الْحَوْلِ) لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ «فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ فَاسْتَنْفِقْهَا» .

وَفِي لَفْظٍ «، وَإِلَّا فَهِيَ كَسَبِيلِ مَالِكَ» ، وَفِي لَفْظٍ «ثُمَّ كُلْهَا» .

وَفِي لَفْظٍ «فَانْتَفِعْ بِهَا» ، وَفِي لَفْظٍ «فَشَأْنُكَ بِهَا» ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ كَعْبٍ «فَاسْتَنْفِقْهَا» .

وَفِي لَفْظٍ «فَاسْتَمْتِعْ بِهَا» ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَقَالَ: وَيَمْلِكُ اللُّقَطَةَ مِلْكًا مُرَاعًى يَزُولُ بِمَجِيءِ صَاحِبِهَا قَالَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنَّمَا يَتَجَدَّدُ وُجُوبُ الْعِوَضِ بِوُجُودِ صَاحِبِهَا كَمَا يَتَجَدَّدُ وُجُوبُ نِصْفِ الصَّدَاقِ أَوْ بَدَلُهُ لِلزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ (حُكْمًا كَالْمِيرَاثِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ؛ وَلِأَنَّ الِالْتِقَاطَ، وَالتَّعْرِيفَ سَبَبُ التَّمَلُّكِ، فَإِذَا تَمَّا وَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ الْمِلْكُ حُكْمًا كَالْإِحْيَاءِ، وَالِاصْطِيَادِ، فَلَا يَقِفُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا اخْتِيَارِهِ.

(وَلَوْ) كَانَتْ اللُّقَطَةُ (عُرُوضًا) فَهِيَ (كَالْأَثْمَانِ) لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِي اللُّقَطَةِ جَمِيعِهَا، وَرَوَى الْجُوزَجَانِيُّ، وَالْأَثْرَمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَيْفَ تَرَى مَتَاعًا يُوجَدُ فِي الطَّرِيقِ الْمِيتَاءِ؟ أَوْ فِي مَسْكُونَةٍ فَقَالَ: عَرِّفْهُ سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ، وَإِلَّا فَشَأْنُكَ بِهِ» .

(وَ) لَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ (لُقَطَةَ الْحَرَمِ) فَإِنَّهَا تُمْلَكُ بِالتَّعْرِيفِ حُكْمًا كَلُقَطَةِ الْحِلِّ.

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ رضي الله عنهم، لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ؛ وَلِأَنَّهُ أَحَدُ الْحَرَمَيْنِ فَأَشْبَهَ حَرَمَ الْمَدِينَةِ؛ وَلِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فَلَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُهَا بِالْحِلِّ، وَالْحَرَمِ كَالْوَدِيعَةِ وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «لَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ إلَّا لِمَنْ عَرَّفَهَا عَامًا، وَتَخَصُّصُهَا بِذَلِكَ لِتَأَكُّدِهَا لَا لِتَخْصِيصِهَا كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرْقُ

ص: 218