الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِيَمِينِهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَسْتَحِقُّ) الْمَالِكُ (قِيمَةَ الْعَيْنِ إنْ كَانَتْ تَالِفَةً) وَلَا أُجْرَةَ.
(وَعَكْسُهَا) بِأَنْ قَالَ الْمَالِكُ: أَوْدَعْتُك فَقَالَ الْقَابِضُ: أَعَرْتَنِي (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهُ) أَيْ الْمَالِكِ (أَيْضًا) لِمَا تَقَدَّمَ (فَيَضْمَنُ) الْقَابِضُ (مَا انْتَفَعَ بِهِ) أَيْ أُجْرَةِ انْتِفَاعِهِ بِالْمَقْبُوضِ وَيَرُدُّ الْعَيْنَ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا أَيْضًا وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ زَرَعَهَا عَارِيَّةً وَقَالَ رَبُّهَا إجَارَةً فَقَوْلُ رَبِّهَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
[بَابُ الْغَصْبِ وَجِنَايَةِ الْبَهَائِمِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ الْإِتْلَافَاتِ]
ِ (الْغَصْبُ حَرَامٌ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيِّ (وَهُوَ) أَيْ الْغَصْبُ مَصْدَرُ غَصَبَ الشَّيْءَ يَغْصِبُهُ، بِكَسْرِ الصَّادِ، غَصْبًا وَاغْتَصَبَهُ يَغْتَصِبُهُ اغْتِصَابًا وَالشَّيْءُ مَغْصُوبٌ وَغَصْبٌ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَابْنُ سِيدَهْ وَشَرْعًا اسْتِيلَاءُ غَيْرِ حَرْبِيٍّ عُرْفًا) أَيْ فِعْلٌ بَعْدَ اسْتِيلَاءٍ عُرْفًا عَلَى حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ مَالٍ أَوْ اخْتِصَاصٍ (قَهْرًا بِغَيْرِ حَقٍّ) فَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّ الْغَصْبَ لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِ الِاسْتِيلَاءِ وَيَأْتِي، وَأَنَّ اسْتِيلَاءَ الْحَرْبِيِّ عَلَى مَالِنَا لَيْسَ غَصْبًا لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْغَنِيمَةِ وَأَنَّ السَّرِقَةَ وَالنَّهْبَ وَالِاخْتِلَاسَ لَيْسَتْ غَصْبًا لِعَدَمِ الْقَهْرِ فِيهَا وَأَنَّ اسْتِيلَاءَ الْوَلِيِّ عَلَى مَالِ مُوَلِّيهِ لَيْسَ غَصْبًا لِأَنَّهُ بِحَقٍّ قِيلَ " قَهْرًا زِيَادَةً فِي الْحَدِّ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُهُ، مَعَ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِقَيْدِ الْقَهْرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسْرُوقِ وَالْمُنْتَهَبِ وَالْمُخْتَلَسِ وَدَخَلَ فِي الْحَدِّ: مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَمْوَالِ بِغَيْرِ حَقٍّ كَالْمُكُوسِ.
(وَتُضْمَنُ أُمُّ وَلَدٍ) بِغَصْبٍ لِأَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْمَالِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ فِي الْإِتْلَافِ، لِكَوْنِهَا مَمْلُوكَةً كَالْقِنِّ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَمْلُوكَةٍ فَلَا تُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ.
(وَ) يُضْمَنُ
(قِنٌّ) بِغَصْبٍ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، كَسَائِرِ الْمَالِ (وَ) يُضْمَنُ (عَقَارٌ بِغَصْبٍ) لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ اقْتَطَعَ مِنْ الْأَرْضِ شِبْرًا ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَة مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ مَا يُضْمَنُ فِي الْإِتْلَافِ يَجِبُ أَنْ يُضْمَنَ فِي الْغَصْبِ كَالْمَنْقُولِ وَالْعَقَارِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ قَالَ أَبُو السَّعَادَاتِ: هُوَ الضَّيْعَةُ وَالنَّخْلُ وَالْأَرْضُ فَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ الْعَقَارَ (إذَا تَلِفَ بِغَرَقٍ وَنَحْوِهِ) كَسَائِرِ الْمَغْصُوبَاتِ.
(لَكِنْ لَا تَثْبُتُ يَدٌ عَلَى بُضْعٍ) بِضَمِّ الْبَاءِ، وَجَمْعُهُ أَبْضَاعٌ كَقُفْلٍ وَأَقْفَالٍ يُطْلَقُ عَلَى الْفَرْجِ وَالْجِمَاعِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْبِضَاعُ: الْجِمَاعُ لَفْظًا وَمَعْنًى، ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (فَيَصِحُّ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ الْمَغْصُوبَةِ) قِنًّا كَانَتْ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً.
(وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ مَهْرَهَا لَوْ حَبَسَهَا عَنْ النِّكَاحِ حَتَّى فَاتَ) نِكَاحُهَا (بِالْكِبَرِ) أَيْ كِبَرُهَا لِأَنَّ النَّفْعَ إنَّمَا يُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ إذَا كَانَ مِمَّا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ بِالْإِجَارَةِ وَالْبُضْعُ لَيْسَ كَذَلِكَ.
(وَلَا يَحْصُلُ الْغَصْبُ مِنْ غَيْرِ اسْتِيلَاءٍ فَلَوْ دَخَلَ أَرْضَ إنْسَانٍ أَوْ دَارِهِ صَاحِبُهَا فِيهَا أَوْ لَا) سَوَاءٌ دَخَلَ (بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَضْمَنْهَا بِدُخُولِهِ) حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ (كَمَا لَوْ دَخَلَ صَحْرَاةً لَهُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ مَا يُضْمَنُ بِالْعَارِيَّةِ وَهَذَا لَا يَثْبُتُ بِهِ الْعَارِيَّةُ وَلَا يَجِبُ بِهِ الضَّمَانُ فِيهَا فَكَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ الْغَصْبُ.
" تَنْبِيهٌ " فِي قَوْلِهِ: صَحْرَاةً نَظَر قَالَ فِي الصِّحَاحِ: تَقُولُ هَذِهِ صَحْرَاءُ وَاسِعَةٌ، وَلَا تَقُولُ هَذِهِ صَحْرَاةٌ فَتُدْخِلُ تَأْنِيثًا عَلَى تَأْنِيثٍ.
" فَائِدَةٌ " لَا يُشْتَرَطُ لِتَحَقُّقِ الْغَصْبِ نَقْلُ الْعَيْنِ فَيَكْفِي مُجَرَّدُ الِاسْتِيلَاءِ فَإِذَا رَكِبَ دَابَّةً وَاقِفَةً لِإِنْسَانٍ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَهَا صَارَ غَاصِبًا وَلَوْ دَخَلَ دَارًا قَهْرًا أَوْ أَخْرَجَ رَبَّهَا فَغَاصِبٌ وَإِنْ أَخْرَجَهُ قَهْرًا وَلَمْ يَدْخُلْ أَوْ دَخَلَ مَعَ حُضُورِ رَبِّهَا وَقُوَّتِهِ فَلَا وَإِنْ دَخَلَ قَهْرًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ فَقَدْ غَصَبَ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُرَدَّ الْغَصْبُ فَلَا وَإِنْ دَخَلَهَا قَهْرًا فِي غَيْبَةِ رَبِّهَا فَغَاصِبٌ وَلَوْ كَانَ فِيهَا قُمَاشُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَإِنْ غَصَبَ كَلْبًا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ) وَهُوَ كَلْبُ صَيْدٍ وَمَاشِيَةٍ وَحَرْثٍ لَزِمَهُ رَدُّهُ (أَوْ غَصَبَ خَمْرَ ذِمِّيٍّ مَسْتُورَةٍ) أَوْ خَمْرَ خَلَّالٍ لَزِمَهُ رَدُّهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْ إمْسَاكِهَا وَكَذَا لَوْ غَصَبَ دُهْنًا مُتَنَجِّسًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ (أَوْ تَخَلَّلَ خَمْرُ مُسْلِمٍ فِي يَدِ غَاصِبٍ لَزِمَهُ رَدُّهُ) لِأَنَّهَا صَارَتْ خَلًّا عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ فَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ.
وَقَوْلُهُ مُسْلِمٍ " لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ خَمْرُ الذِّمِّيِّ إذَا تَخَلَّلَ بِيَدِ الْغَاصِبِ يَجِبُ رَدُّهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ كَانَ يَجِبُ رَدُّهُ قَبْلَ