الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْبَيِّنَةُ صَادِقَةٌ (لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارِهِ بِحَقٍّ لِآدَمِيٍّ فَلَمْ يُقْبَلْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِدَيْنٍ.
(وَإِنْ ادَّعَى) الشَّفِيعُ (أَنَّكَ) أَيُّهَا الْوَاضِعُ يَدَكَ عَلَى الشِّقْصِ (اشْتَرَيْتَهُ بِأَلْفٍ) فَلِيَ الشُّفْعَةُ، احْتَاجَ إلَى تَحْرِيرِ الدَّعْوَى، فَيُحَدِّدُ الْمَكَانَ الَّذِي فِيهِ الشِّقْصُ، وَيَذْكُرُ قَدْرَ الشِّقْصِ وَثَمَنَهُ، فَإِنْ اعْتَرَفَ لَزِمَهُ، وَإِنْ أَنْكَرَ (فَقَالَ) وَاضِعُ الْيَدِ (بَلْ اتَّهَبْتُهُ، أَوْ وَرِثْتُهُ) فَلَا شُفْعَةَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) أَنَّهُ اتَّهَبَهُ، أَوْ وَرِثَهُ،؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ وَالْمُثْبِتُ لِلشُّفْعَةِ الْبَيْعُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ.
، وَإِنْ قَالَ لَا تُسْتَحَقُّ عَلَيَّ شُفْعَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَهِيَ عَلَى حَسَبِ جَوَابِهِ (فَإِنْ نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَنْهَا) أَيْ: الْيَمِينِ (أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ) بِدَعْوَاهُ (فَلَهُ أَخْذُهُ) أَيْ: الشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ ثَبَتَ بِالنُّكُولِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِذَا ثَبَتَ تَبِعَتْهُ حُقُوقُهُ، وَالْأَخْذُ الثَّمَنَ فَإِنْ أَخَذَهُ دُفِعَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَ (يَبْقَى الثَّمَنُ فِي يَدِهِ) يَعْنِي فِي ذِمَّةِ الشَّفِيعِ (إلَى أَنْ يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي) فَيَدْفَعُ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الشَّفِيعُ أَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ اشْتَرَاهُ فَأَنْكَرَ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ، وَيَأْتِي.
وَلَوْ ادَّعَى شَرِيكٌ عَلَى حَاضِرٍ بِيَدِهِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالشُّفْعَةِ فَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الشَّرِيكُ عَلَى الْحَاضِرِ أَنَّهُ بَاعَ نَصِيبَ الْغَائِبَ بِإِذْنِهِ فَقَالَ نَعَمْ، فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ فَأَنْكَرَ حَلَفَ وَانْتَزَعَ الشِّقْصَ وَطَالَبَ بِالْأُجْرَةِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الشَّفِيعِ، وَإِنْ أَنْكَرَ وَاضِعُ الْيَدِ أَنَّهُ اشْتَرَى نَصِيبَ الْغَائِبِ وَقَالَ: بَلْ أَنَا وَكِيلٌ فِي حِفْظِهِ، أَوْ مُسْتَوْدَعٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ احْتَمَلَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَقَضَى عَلَيْهِ، وَاحْتَمَلَ أَلَّا يَقْضِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا إقْرَارٍ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ،.
[لَا شُفْعَةَ فِي بَيْعٍ فِيهِ خِيَارُ مَجْلِسٍ أَوْ خِيَارُ شَرْطٍ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (وَلَا شُفْعَةَ فِي بَيْعٍ فِيهِ خِيَارُ مَجْلِسٍ أَوْ) خِيَارُ (شَرْطٍ قَبْلَ انْقِضَائِهِ) أَيْ: الْخِيَارِ (سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا) أَيْ: الْمُتَبَايِعَيْنِ (أَوْ لِأَحَدِهِمَا) لِمَا فِي الْأَخْذِ مِنْ إبْطَالِ خِيَارِهِ، وَإِلْزَامِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ قَبْلَ رِضَاهُ بِالْتِزَامِهِ، وَإِيجَابِ الْعُهْدَةِ عَلَيْهِ، وَتَفْوِيتِ حَقِّهِ مِنْ الرُّجُوعِ فِي عَيْنِ الثَّمَنِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، وَتَفْوِيتِ حَقِّ الْبَائِعِ مِنْ الرُّجُوعِ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ.
(وَبَيْعُ الْمَرِيضِ) وَلَوْ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفَ (كَبَيْعِ الصَّحِيحِ فِي الصِّحَّةِ) أَيْ: كَوْنِ الْبَيْعِ صَحِيحًا.
(وَ) فِي (ثُبُوتِ
الشُّفْعَةِ وَغَيْرِهَا) مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ لَكِنْ فِي الْمُحَابَاةِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي بَيَانُهُ فِي عَطِيَّةِ الْمَرِيضِ (وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ) الْمَشْفُوعَ (بِمَا صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ) إذَا كَانَ فِيهِ مُحَابَاةٌ مِنْ الْمَرِيضِ عَلَى مَا يَأْتِي.
(وَإِنْ أَقَرَّ بَائِعٌ بِبَيْعِ) شِقْصٍ مَشْفُوعٍ (وَأَنْكَرَ مُشْتَرٍ) شِرَاءَهُ (وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ) مِنْ الثَّمَنِ،؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَقَرَّ بِحَقَّيْنِ: حَقٍّ لِلشَّفِيعِ، وَحَقٍّ لِلْمُشْتَرِي، فَإِذَا سَقَطَ حَقُّ الْمُشْتَرِي بِإِنْكَارِهِ ثَبَتَ حَقُّ الشَّفِيعِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَارٍ لِرَجُلَيْنِ، فَأَنْكَرَ أَحَدُهُمَا (فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْبَائِعِ.
(وَيَدْفَعُ) الشَّفِيعُ (إلَيْهِ الثَّمَنَ إنْ لَمْ يَكُنْ) الْبَائِعُ (مُقِرًّا بِقَبْضِهِ) مِنْ الْمُشْتَرِي (وَإِنْ كَانَ) الْبَائِعُ (مُقِرًّا بِقَبْضِهِ) أَيْ: الثَّمَنِ (مِنْ الْمُشْتَرِي بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الشَّفِيعِ إلَى أَنْ يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي، وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ، وَلَا لِلْبَائِعِ مُحَاكَمَةُ الْمُشْتَرِي لِيَثْبُتَ الْبَيْعُ فِي حَقِّهِ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، لِوُصُولِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى مَقْصُودِهِ بِدُونِ الْمُحَاكَمَةِ.
(وَمَتَى ادَّعَى الْبَائِعُ) الثَّمَنَ دُفِعَ إلَيْهِ (إلَيْهِ أَوْ) مَتَى ادَّعَى (الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ دُفِعَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ ادَّعَيَاهُ) أَيْ: الثَّمَنَ (جَمِيعًا، فَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ الْقَبْضَ، فَهُوَ) أَيْ: الثَّمَنُ (لِلْمُشْتَرِي) فَيَأْخُذُهُ مِنْ الشَّفِيعِ، وَطَلَبُ الْبَائِعِ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، مَا لَمْ يَثْبُتْ دَفْعُهُ إلَيْهِ (وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ مَلَكَ الشِّقْصَ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي، فَهُوَ كَبَائِعِهِ (وَعُهْدَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ) لِمَا ذُكِرَ (إلَّا إذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ وَحْدَهُ بِالْبَيْعِ) وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ مِنْ الْبَائِعِ (فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْبَائِعِ لِحُصُولِ الْمِلْكِ لِلشَّفِيعِ مِنْ جِهَتِهِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ، وَالْعُمْدَةُ فِي الْأَصْلِ كِتَابُ الشِّرَاءِ.
(وَالْمُرَادُ بِالْعُهْدَةِ هُنَا رُجُوعُ مَنْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ إلَيْهِ) مِنْ شَفِيعٍ أَوْ مُشْتَرٍ عَلَى مَنْ انْتَقَلَ عَنْهُ الْمِلْكُ مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ (بِالثَّمَنِ أَوْ الْأَرْشِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الشِّقْصِ أَوْ عَيْبِهِ) فَإِذَا ظَهَرَ الشِّقْصُ مُسْتَحَقًّا رَجَعَ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، ثُمَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ ظَهَرَ الشِّقْصُ مَعِيبًا، وَاخْتَارَ الشَّفِيعُ الْإِمْسَاكَ مَعَ الْأَرْشِ، رَجَعَ بِالْأَرْشِ عَلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْمَبِيعِ) لِيُسَلِّمَهُ لِلشَّفِيعِ (أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى قَبْضِ الشِّقْصِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ وَاجِبٌ، لِيَحْصُلَ حَقُّ الْمُشْتَرِي مِنْ تَسْلِيمِهِ وَمِنْ شَأْنِ الْحَاكِمِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُمْتَنِعَ.
(وَإِنْ وَرِثَ اثْنَانِ شِقْصًا عَنْ أَبِيهِمَا) أَبِيهِمَا أَوْ أُمِّهِمَا أُمِّهِمَا أَوْ أَخُوهُمًا وَنَحْوِهِ (فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ) لِلْآخَرِ لِلْآخَرِ أَوْ غَيْرِهِ (فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ أَخِيهِ وَشَرِيكِ أَبِيهِ) ، أَوْ أُمِّهِ، أَوْ أَخِيهِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ حَالَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا، كَمَا لَوْ تَمَلَّكَاهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ؛ وَلِأَنَّهَا تَثْبُتُ لِدَفْعِ ضَرَرِ
الشَّرِيكِ الدَّاخِلِ عَلَى شُرَكَائِهِ بِسَبَبِ شَرِكَتِهِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ نِصْفَ دَارٍ ثُمَّ اشْتَرَى اثْنَانِ نِصْفَهَا الْآخَرَ أَوْ وَرِثَاهُ أَوْ اتَّهَبَاهُ أَوْ وَصَلَ إلَيْهِمَا بِسَبَبٍ مَا مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ وَشَبَهُهَا دَاخِلَةٌ فِيمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ: وَهِيَ بَيْنَ شُرَكَاءٍ عَلَى حَسَبِ أَمْلَاكِهِمْ.
(وَلَا شُفْعَةَ لِكَافِرٍ حِينَ الْبَيْعِ أَسْلَمَ بَعْدَ) الْبَيْعِ (أَوْ لَا) أَيْ: لَمْ يُسْلِمْ (عَلَى مُسْلِمٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا شُفْعَةَ لِنَصْرَانِيٍّ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ وَأَبُو بَكْرٍ، وَفِي إسْنَادِهِمَا بَابِلُ بْنُ نَجِيحٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ، وَبَابِلُ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ عَدِيٍّ؛ وَلِأَنَّهُ مَعْنَى يَخْتَصُّ بِهِ الْعَقَارُ، أَشْبَهَ الِاسْتِعْلَاءَ فِي الْبُنْيَانِ.
(وَتَجِبُ) أَيْ: تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ (فِيمَا) أَيْ: فِي شِقْصٍ مَشْفُوعٍ (ادَّعَى شِرَاءَهُ لِمُوَلِّيهِ) أَيْ: مَحْجُورِهِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ حَقٌّ ثَبَتَ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ، فَاسْتَوَى فِيهِ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُ وَلِيِّهِ بِهِ كَإِقْرَارِهِ بِعَيْبٍ فِي مَبِيعِهِ، وَكَذَا مَا ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ، فَإِنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ فِيهِ، وَيَأْخُذُهُ الْحَاكِمُ وَيَدْفَعُهُ لِلشَّفِيعِ، وَالْغَائِبُ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ، وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ لِمَحْجُورِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ الْغَائِبِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِالشِّرَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ تَثْبُتْ الشُّفْعَةُ حَتَّى تَقُومَ بِالشِّرَاءِ بَيِّنَةٌ، أَوْ يَقْدَمَ الْغَائِبُ، أَوْ يَنْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْ الْمَحْجُورِ وَيَعْتَرِفَا بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ لَهُمَا بِالْإِقْرَارِ، وَإِقْرَارُهُ بِالشِّرَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ إقْرَارٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، فَلَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَ الْمِلْكِ لَمْ يَسْأَلْهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ وَلَمْ يُطَالِبْ بِبَيَانِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْكَشْفِ عَنْهُ، ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.
(وَ) تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ (لِلْمُسْلِمِ) عَلَى الْكَافِرِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ؛ لِأَنَّهَا إذَا ثَبَتَتْ عَلَى الْمُسْلِمِ مَعَ عِظَمِ حُرْمَتِهِ، فَلَأَنْ تَثْبُتَ عَلَى الذِّمِّيِّ مَعَ دَنَاءَتِهِ أَوْلَى.
(وَ) تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ أَيْضًا (لِكَافِرٍ عَلَى كَافِرٍ) لِاسْتِوَائِهِمَا كَالْمُسْلِمَيْنِ (وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ) لِلشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ (مُسْلِمًا) ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْمُسَاوِي لَهُ لَا مِنْ الْبَائِعِ.
(وَلَوْ تَبَايَعَ كَافِرَانِ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا (وَتُقَابَضَا) قَبْلَ إسْلَامِهِمَا، إسْلَامِهِمَا أَوْ تَرَافُعِهِمَا إلَيْنَا (لَمْ يَنْقَضِ الْبَيْعُ) ، وَكَذَا سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِمْ وَلَا شُفْعَةَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَيْسَ بِمَالٍ وَتَقَدَّمَ.
(وَلَا شُفْعَةَ لِأَهْلِ الْبِدَعِ الْغُلَاةِ عَلَى مُسْلِمٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَأَهْلِ الْبِدَعِ الْغُلَاةِ (كَالْمُعْتَقِدِ أَنَّ جِبْرِيلَ غَلِطَ فِي الرِّسَالَةِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا أُرْسِلَ إلَى عَلِيٍّ وَنَحْوِهِ) كَمَنْ يَعْتَقِدُ أُلُوهِيَّةَ عَلِيٍّ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَثْبُتْ لِلذِّمِّيِّ الَّذِي يُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى
(وَكَذَا حُكْمُ مَنْ حُكِمَ بِكُفْرِهِ مِنْ الدُّعَاةِ إلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ) وَنَحْوِهِ، وَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ قَوْلُهُمْ: وَيَكْفُرُ مُجْتَهِدُهُمْ الدَّاعِيَةُ (وَتَثْبُتُ) الشُّفْعَةُ (لِكُلٍّ مَنْ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ (كَالْفَاسِقِ بِالْأَفْعَالِ) مِنْ زِنًا وَلِوَاطٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ.
(وَ) تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ (لِكُلٍّ مِنْ الْبَدْوِيِّ) أَيْ: سَاكِنِ الْبَادِيَةِ (وَالْقَرَوِيِّ) أَيْ: سَاكِنِ الْقُرَى (عَلَى الْآخَرِ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ.
(وَلَمْ يَرَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ فِي أَرْضِ السَّوَادِ شُفْعَةً) ؛ لِأَنَّ عُمَرَ وَقَفَهَا (وَكَذَا الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الْأَرْضِ) الَّتِي وَقَفَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (كَأَرْضِ الشَّامِّ وَ) أَرْضِ (مِصْرَ، وَغَيْرِهَا مِمَّا لَمْ يُقَسَّمْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ)، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ:(إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِبَيْعِهَا حَاكِمٌ، أَوْ يَفْعَلَهُ) أَيْ: بَيْعَهَا (الْإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ، فَتَثْبُتُ) الشُّفْعَةُ (فِيهِ) أَيْ: فِيمَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ لَوْ بَاعَهُ الْإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَحُكْمُ الْحَاكِمِ يَنْفُذُ فِيهِ، وَفِعْلُهُ كَحُكْمِهِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَخْرُجُ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الشِّرَاءِ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهَا فَرْعٌ مِنْهُ.
(وَلَا شُفْعَةَ لِمُضَارِبٍ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ لَهُ جُزْءٌ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، فَلَا تَثْبُتُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ (وَإِلَّا) أَيْ:، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ (وَجَبَتْ) الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ (وَصُورَتُهُ: أَنْ يَكُونَ لِلْمُضَارِبِ شِقْصٌ فِي دَارٍ) تَنْقَسِمُ إجْبَارًا (فَيَشْتَرِي) الْمُضَارِبُ (مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بَقِيَّتَهَا) أَيْ: الدَّارِ.
(وَلَا) شُفْعَةَ أَيْضًا (لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَصُورَتُهُ: أَنْ يَكُونَ لِرَبِّ الْمَالِ شِقْصٌ فِي دَارٍ، فَيَشْتَرِي الْمُضَارِبُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بَقِيَّتَهَا) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِرَبِّ الْمَالِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ عَلَى نَفْسِهِ.
(وَلَوْ بِيعَ شِقْصٌ) مَشْفُوعٌ مِنْ عَقَارٍ (فِيهِ شَرِكَةُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَلِلْعَامِلِ الْأَخْذُ) أَيْ: أَخْذُ الشِّقْصِ (بِهَا) أَيْ: بِالشُّفْعَةِ لِلْمُضَارَبَةِ (إذَا كَانَ الْحَظُّ فِيهَا) أَيْ: فِي الشُّفْعَةِ أَيْ: فِي الْأَخْذِ بِهَا، كَمَا لَوْ كَانَ ثَمَنُهُ دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ بِمَظِنَّةِ أَنْ يَرْبَحَ (فَإِنْ تَرَكَهَا) أَيْ: تَرَكَ الْعَامِلُ الْأَخْذَ