الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي بَعْضِهَا ضَمِنَ (وَإِنْ قَالَ: اجْعَلْهُ فِي الْبِنْصِرِ فَجَعَلَهُ فِي الْخِنْصِرِ) ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْمَأْمُورِ بِهِ (أَوْ) قَالَ: اجْعَلْهُ فِي الْبِنْصِرِ فَجَعَلَهُ (فِي الْوُسْطَى وَلَمْ يَدْخُلْ) الْخَاتَمُ (فِي جَمِيعِهَا ضَمِنَ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ أَمَرَهُ) رَبُّ الْوَدِيعَةِ (أَنْ يَجْعَلَهَا فِي مَنْزِلِهِ فَتَرَكَهَا) الْمُسْتَوْدَعُ (فِي ثِيَابِهِ) وَلَوْ شَدَّهَا فِيهَا (وَخَرَجَ بِهَا ضَمِنَهَا) ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ أَحْرَزُ.
[فَصْلٌ دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ]
(فَصْلٌ)، وَإِنْ (دَفَعَ الْمُسْتَوْدِعُ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ) أَيْ: الْمُسْتَوْدَعِ عَادَةً (أَوْ) دَفَعَهَا إلَى مَنْ يَحْفَظُ (مَالَ رَبِّهَا عَادَةً، كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ وَخَادِمِهِ وَنَحْوِهِمْ) كَخَازِنٍ (لَمْ يَضْمَنْ) الْمُسْتَوْدَعُ إنْ تَلِفَتْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ حِفْظُهَا، فَلَهُ تَوَلِّيهِ بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَلِقِيَامِهِ، وَلِقِيَامِهِمْ مَقَامَ الْمَالِكِ فِي الرَّدِّ (كَوَكِيلِ رَبِّهَا) وَكَمَا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَاشِيَةً فَدَفَعَهَا لِلرَّاعِي، أَوْ لِغُلَامِهِ لِيَسْقِيَهَا.
(وَلَوْ دَفَعَهَا) أَيْ: دَفَعَ الْمُسْتَوْدِعُ الْوَدِيعَةَ (إلَى الشَّرِيكِ) رَبِّهَا فِي غَيْرِهَا، أَوْ فِيهَا أَوْ دَفَعَهَا الْمُسْتَوْدِعُ إلَى شَرِيكِهِ نَفْسِهِ (ضَمِنَ) الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إنْ تَلِفَتْ (كَالْأَجْنَبِيِّ الْمَحْضِ) الَّذِي لَيْسَ بِشَرِيكٍ، أَمَّا شَرِيكَا الْعَنَانِ فَإِنْ جَازَ إيدَاعُ أَحَدِهِمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ فِي الرَّدِّ لِلْآخَرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرِكَةِ، وَالْعَيْنُ لِاثْنَيْنِ إذَا أَوْدَعَاهَا لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ الرَّدُّ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ حِصَّتَهُ.
(وَلَهُ) أَيْ: الْمُسْتَوْدَعِ (الِاسْتِعَانَةُ بِالْأَجَانِبِ فِي الْحَمْلِ وَالنَّقْلِ) أَيْ: فِي حَمْلِ الْوَدِيعَةِ وَنَقْلِهَا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ حَيْثُ جَازَ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ.
(وَ) لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِالْأَجَانِبِ أَيْضًا فِي (سَقْيِ الدَّابَّةِ) الْمُودَعَةِ وَ (وَعَلْفِهَا) ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ، فَكَذَا فِي الْوَدِيعَةِ.
(وَإِنْ دَفَعَهَا) أَيْ: دَفَعَ الْمُسْتَوْدِعُ الْوَدِيعَةَ (إلَى أَجْنَبِيٍّ) لِعُذْرٍ لَمْ يَضْمَنْ (أَوْ) دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى (حَاكِمٍ لِعُذْرٍ) كَمَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ، أَوْ أَرَادَ سَفَرًا وَخَافَ عَلَيْهَا (لَمْ يَتَعَدَّ) وَلَمْ يُفَرِّطْ.
(وَلَا) بِأَنْ دَفَعَهَا لِأَجْنَبِيٍّ مَثَلًا أَوْ حَاكِمٍ بِلَا عُذْرٍ (ضَمِنَ) الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ لِتَعَدِّيهِ،؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدِعَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَ بِلَا عُذْرٍ، قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَلَعَلَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي الْحَاكِمِ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْحَاكِمُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ حَاضِرٍ.
(وَلِلْمَالِكِ) أَيْ: مَالِكِ الْوَدِيعَةِ (مُطَالَبَتُهُ) أَيْ: الْمُسْتَوْدَعِ بِبَدَلِ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ ضَامِنًا بِنَفْسِ
الدَّفْعِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ الْحِفْظِ (وَ) لِمَالِكِ الْوَدِيعَةِ أَيْضًا (مُطَالَبَةُ الثَّانِي) وَهُوَ الْقَابِضُ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ مَا لَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ، أَشْبَهَ الْمُودَعَ مِنْ الْغَاصِبِ (وَلَوْ كَانَ) الثَّانِي (جَاهِلًا بِالْحَالِ) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ لَا عُذْرَ لِلْمُسْتَوْدَعِ فِي إيدَاعِهَا (وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ) أَيْ: الثَّانِي (الضَّمَانُ إنْ كَانَ عَالِمًا) بِأَنَّهَا وَدِيعَةٌ لَا عُذْرَ فِي إيدَاعِهَا، فَإِنْ ضَمِنَهُ الْمَالِكُ ابْتِدَاءً لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْتَوْدَعُ رَجَعَ عَلَيْهِ،؛ لِأَنَّ التَّلَفَ وُجِدَ فِي يَدِهِ وَلَا تَغْرِيرَ.
(وَإِلَّا) يَكُنْ عَالِمًا بِأَنَّهَا وَدِيعَةٌ لَا عُذْرَ فِي إيدَاعِهَا (فَلَا) يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بَلْ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ، فَإِنْ ضَمِنَ الْمَالِكُ الْمُسْتَوْدَعَ ابْتِدَاءً لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ، وَإِنْ ضَمِنَهُ رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ.
(وَإِنْ أَرَادَ) الْمُسْتَوْدَعُ (سَفَرًا سَفَرًا أَوْ خَافَ عَلَيْهَا عِنْدَهُ فَلَهُ) أَيْ: الْمُسْتَوْدَعِ (رَدُّهَا عَلَى مَالِكِهَا الْحَاضِرِ، أَوْ مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً) كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ وَخَازِنِهِ.
(وَ) رَدُّهَا إلَى (وَكِيلِهِ) أَيْ: وَكِيلِ رَبِّ الْوَدِيعَةِ (فِي قَبْضِهَا إنْ كَانَ) لِرَبِّهَا وَكِيلٌ فِي قَبْضِهَا، أَوْ قَبْضِ حُقُوقِهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَخْلِيصًا لَهُ مِنْ دَرْكِهَا، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ إذَا دَفَعَهَا إلَى الْحَاكِمِ إذَنْ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْحَاضِرِ وَيَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ لِتَعَدِّيهِ (وَلَهُ) أَيْ: الْمُسْتَوْدَعِ (السَّفَرُ بِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ: وَرَبُّهَا حَاضِرٌ (إنْ لَمْ يَخَفْ) الْمُسْتَوْدِعُ (عَلَيْهَا، أَوْ كَانَ) السَّفَرُ (أَحْفَظُ لَهَا) مِنْ إبْقَائِهَا (وَلَمْ يَنْهَهُ) رَبُّ الْوَدِيعَةِ عَنْ السَّفَرِ بِهَا.
قَالَ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُوجِزِ: وَالْغَالِبُ السَّلَامَةُ، فَعَلَى هَذَا لَا يَضْمَنُهَا إنْ تَلِفَتْ مَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِهِ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ نَقَلَهَا إلَى مَوْضِعٍ مَأْمُونٍ، فَلَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا لَوْ نَقَلَهَا فِي الْبَلَدِ، وَكَأَبٍ وَوَصِيٍّ لَا كَمُسْتَأْجِرٍ لِحِفْظِ شَيْءٍ.
(وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ الْمَالِكِ وَمَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ وَوَكِيلِهِ (حَمَلَهَا) الْمُسْتَوْدَعُ (مَعَهُ فِي سَفَرِهِ) إنْ كَانَ السَّفَرُ (أَحْفَظَ لَهَا وَلَمْ يَنْهَهُ) رَبُّهَا عَنْ السَّفَرِ بِهَا (وَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ إذْ سَافَرَ بِهَا مَعَ كَوْنِهِ أَحْفَظَ وَلَمْ يَنْهَهُ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ السَّفَرُ لَيْسَ أَحْفَظَ وَلَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ (فَلَا) يُسَافِرُ بِهَا، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ (وَإِنْ نَهَاهُ) أَيْ: نَهَى رَبُّ الْوَدِيعَةِ الْمُسْتَوْدَعَ عَنْ السَّفَرِ بِهَا (امْتَنَعَ) عَلَيْهِ السَّفَرُ بِهَا.
(وَضَمِنَ) إنْ سَافَرَ بِهَا وَتَلِفَتْ لِلْمُخَالَفَةِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ بِهَا لِعُذْرٍ، كَجَلَاءِ أَهْلِ الْبَلَدِ، أَوْ هُجُومِ عَدُوٍّ، أَوْ حَرْقٍ، أَوْ غَرَقٍ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ إذَا سَافَرَ بِهَا وَتَلِفَتْ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ، فَإِنْ تَرَكَهَا إذَنْ وَتَلِفَتْ فَمُقْتَضَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ: يَضْمَنُ حَيْثُ تَرَكَ الْأَصْلَحَ.
(وَلَوْ أَوْدَعَ) رَبُّ وَدِيعَةٍ (مُسَافِرًا فَسَافَرَ) أَيْ: سَافَرَ الْمُسْتَوْدَعُ (بِهَا وَتَلِفَتْ بِالسَّفَرِ فَلَا
ضَمَانَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ إيدَاعَ الْمَالِكِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَقْتَضِي الْإِذْنَ فِي السَّفَرِ الْوَدِيعَةِ (فَإِنْ هَجَمَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُسَافِرِ بِوَدِيعَةٍ حَيْثُ جَازَ لَهُ السَّفَرُ بِهَا (فَأَلْقَى الْمَتَاعَ) الْمُودَعَ (إخْفَاءً لَهُ وَضَاعَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ هَذَا عَادَةُ النَّاسِ فِي حِفْظِ أَمْوَالِهِمْ (فَإِنْ خَافَ) الْمُسْتَوْدَعُ (الْمُقِيمُ عَلَيْهَا) أَيْ: الْوَدِيعَةِ (إذَا سَافَرَ بِهَا وَلَمْ يَجِدْ) الْمُسْتَوْدَعُ (مَالِكَهَا) وَلَا مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً (وَلَا وَكِيلَهُ) فِي قَبْضِهَا (دَفَعَهَا) الْمُسْتَوْدَعُ (إلَى الْحَاكِمِ) الْمَأْمُونِ،؛ لِأَنَّ فِي السَّفَرِ بِهَا غَرَرًا؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلنَّهْبِ وَغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ يَقُومُ مَقَامَ صَاحِبِهَا عِنْدَ غَيْبَتِهِ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَوْدَعَهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْحَاكِمِ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا (فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ) أَيْ: دَفْعُهَا إلَى الْحَاكِمِ الْمَأْمُونِ (أَوْدَعَهَا) الْمُسْتَوْدَعُ (ثِقَةً) لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ أَوْدَعَ الْوَدَائِعَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ لِأُمِّ أَيْمَنَ وَأَمَرَ عَلِيًّا رضي الله عنه أَنْ يَرُدَّهَا إلَى أَهْلِهَا» (أَوْ دَفَنَهَا) أَيْ: دَفَنَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ (إنْ لَمْ يَضُرَّهَا الدَّفْنُ، وَأَعْلَمَ) الْمُسْتَوْدَعُ (بِهَا) أَيْ: الْوَدِيعَةِ الْمَدْفُونَةِ (ثِقَةً يَسْكُنُ تِلْكَ الدَّارِ) الَّتِي دَفَنَهَا بِهَا (فَيَكُونُ) الدَّفْنُ وَإِعْلَامُ الثِّقَةِ السَّاكِنِ (كَإِيدَاعِهِ) ؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ يَحْصُلُ بِهِ (فَإِنْ دَفَنَهَا) الْمُسْتَوْدَعُ (وَلَمْ يُعْلِمْ بِهَا أَحَدًا، أَوْ) دَفَنَهَا وَ (أَعْلَمَ بِهَا غَيْرَ ثِقَةٍ، أَوْ) أَعْلَمَ بِهَا مَنْ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ وَلَوْ ثِقَةً ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي الْحِفْظِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْلِمْ أَحَدًا قَدْ يَمُوتُ فِي سَفَرِهِ أَوْ يَضِلُّ عَنْ مَوْضِعِهَا فَلَا تَصِلُ لِرَبِّهَا، وَإِذَا أَعْلَمَ غَيْرَ ثِقَةٍ رُبَّمَا أَخَذَهَا، وَمَنْ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ لَا يَتَأَتَّى حِفْظُهُ مَا فِيهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الدَّفْنُ يَضُرُّهَا.
(وَحُكْمُ مَنْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ) وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ (حُكْمُ مَنْ أَرَادَ سَفَرًا فِي دَفْعِهَا إلَى الْحَاكِمِ، أَوْ ثِقَةٍ) ، أَوْ دَفْنِهَا وَإِعْلَامِ سَاكِنٍ ثِقَةٍ إنْ لَمْ يَجِدْ رَبَّهَا وَلَا مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً وَلَا وَكِيلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ.
(وَالْوَدَائِعُ الَّتِي جُهِلَ مُلَّاكُهَا يَجُوزُ) لِلْمُسْتَوْدَعِ (أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا بِدُونِ إذْنِ حَاكِمٍ) وَأَنْ يَدْفَعَهَا إلَى الْحَاكِمِ.
(وَكَذَلِكَ إنْ فُقِدَ مَالِكُهَا وَلَمْ يُطَّلَعْ عَلَى خَبَرِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَرَثَةٌ) فَيَجُوزُ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَتَصَدَّقَ الْوَدِيعَةِ بِنِيَّةِ غُرْمِهَا إذَا عَرَفَهُ، أَوْ عَرَفَ وَارِثَهُ، وَأَنْ يَدْفَعَهَا لِلْحَاكِمِ (وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي) بَابِ (الْغَصْبِ وَ) فِي آخِرِ بَابِ (الرَّهْنِ) مُفَصَّلًا.
(وَ) تَقَدَّمَ أَيْضًا (أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ قَبُولُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْغَصْبِ وَالرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ، وَكَذَا نَحْوُهَا (إذَا دُفِعَ إلَيْهِ) أَيْ: دَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْ غَاصِبٍ وَمُرْتَهِنٍ وَوَدِيعٍ وَنَحْوِهِمْ.
(وَإِنْ تَعَدَّى) الْوَدِيعُ (فِيهَا) أَيْ: فِي الْوَدِيعَةِ (بِانْتِفَاعِهِ) بِهَا (فَرَكِبَ) الْوَدِيعُ (الدَّابَّةَ)
الْمُودَعَةَ (لِغَيْرِ نَفْعِهَا) أَيْ: عَلْفِهَا وَسَقْيِهَا وَ (لَبِسَ الثَّوْبَ) الْمُودَعَ لَا لِخَوْفِ عُثٍّ وَنَحْوِهِ (أَوْ أَخْرَجَهَا لَا لِإِصْلَاحِهَا كَ) أَنْ أَخْرَجَهَا (لِنِفَاقِهَا، أَوْ) أَخْرَجَهَا (لِيَخُونَ فِيهَا، أَوْ) أَخْرَجَهَا (شَهْوَةً إلَى رُؤْيَتِهَا ثُمَّ رَدَّهَا) إلَى حِرْزِهَا (بِنِيَّةِ الْأَمَانَةِ) بَطَلَتْ وَضَمِنَ لِتَصَرُّفِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (أَوْ كَسَرَ) الْوَدِيعُ (خِتْمَ كِيسِهَا) أَيْ: الْوَدِيعَةِ (أَوْ كَانَتْ) الْوَدِيعَةُ (مَشْدُودَةً فَحَلَّ) الْوَدِيعُ (الشَّدَّ، أَوْ) كَانَتْ (مَصْرُورَةً فِي خِرْقَةٍ فَفَتَحَ) الْوَدِيعُ (الصُّرَّةَ) أَوْ مَقْفُولَةً فَأَزَالَهُ، ضَمِنَ سَوَاءٌ أَخْرَجَ مِنْهَا شَيْئًا، أَوْ لَا، لِهَتْكِهِ الْحِرْزَ بِفِعْلٍ تَعَدَّى فِيهِ (أَوْ جَحَدَهَا) أَيْ: الْوَدِيعَةَ (ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا) ضَمِنَ (؛ لِأَنَّهُ بِجَحْدِهَا خَرَجَ عَنْ الِاسْتِئْمَانِ عَنْهَا، فَلَمْ يَزُلْ عَنْهُ الضَّمَانُ بِالْإِقْرَارِ بِهَا،؛ لِأَنَّ يَدَهُ صَارَتْ يَدَ عُدْوَانٍ أَوْ مَنَعَهَا بَعْدَ طَلَبِ طَالِبهَا شَرْعًا) بِأَنْ طَلَبَهَا مَالِكُهَا، أَوْ وَلِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ الثَّابِتَةُ وَكَالَتُهُ بِالْبَيِّنَةِ.
(وَ) بَعْدَ (التَّمَكُّنِ مِنْ دَفْعِهَا) إلَى ذَلِكَ الطَّالِبِ ضَمِنَ،؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَادِيَّةٌ إذَنْ بِمَنْعِهَا (أَوْ خَلَطَهَا بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْهُ) كَزَيْتٍ بِزَيْتٍ، أَوْ شَيْرَجٍ، وَدَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ.
(وَلَوْ كَانَ التَّعَدِّي) بِشَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ (فِي إحْدَى عَيْنَيْنِ) مُودَعَتَيْنِ وَكَانَ فِعْلُ مَا تَقَدَّمَ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ: الْمَالِكِ (بَطَلَتْ) الْوَدِيعَةُ.
(وَضَمِنَ) الْمُسْتَوْدَعُ؛ لِأَنَّهُ صَيَّرَهَا فِي حُكْمِ التَّالِفِ وَفَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ رَدَّهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَلْقَاهَا فِي بَحْرٍ وَسَوَاءٌ خَلَطَهَا بِمَالِهِ، أَوْ مَالِ غَيْرِهِ مِثْلِهَا، أَوْ دُونِهَا، أَوْ أَجْوَدَ، فِي الرِّعَايَةِ: إذَا خَلَطَ إحْدَى وَدِيعَتَيْ زَيْدٍ بِالْأُخْرَى بِلَا إذْنٍ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ فَوَجْهَانِ (وَيَأْتِي بَعْضُهُ) فِي الْبَابِ.
(وَلَا تَعُودُ وَدِيعَةٌ) بَعْدَ التَّعَدِّي فِيهَا بِشَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ (إلَّا بِعَقْدِ) وَدِيعَةٍ (جَدِيدٍ) لِبُطْلَانِ الِاسْتِئْمَانِ بِالْعُدْوَانِ.
(وَ) حَيْثُ بَطَلَتْ الْوَدِيعَةُ (وَجَبَ الرَّدُّ فَوْرًا) ؛ لِأَنَّ يَدَهُ صَارَتْ عَادِيَةً كَالْغَاصِبِ.
(وَإِنْ خَلَطَهَا غَيْرُهُ) أَيْ: خَلَطَ الْوَدِيعَةَ غَيْرُ الْمُسْتَوْدَعِ بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْهُ (فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْخَالِطِ دُونَ الْمُسْتَوْدَعِ، لِوُجُودِ الْعُدْوَانِ مِنْ الْخَالِطِ.
(وَمَتَى جَدَّدَ) الْمُسْتَوْدَعُ (اسْتِئْمَانًا) بَرِئَ فَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِي الِاسْتِئْمَانِ الَّذِي تَلِفَتْ فِيهِ، وَالْأَوَّلُ قَدْ زَالَ (أَوْ أَبْرَأَهُ) الْمَالِكُ (مِنْ الضَّمَانِ) بِتَعَدِّيهِ (بَرِئَ) الْمُسْتَوْدَعُ، فَلَا يَضْمَنُهَا إنْ تَلِفَتْ بَعْدُ،؛ لِأَنَّهُ مُمْسِكُهَا بِإِذْنِ رَبِّهَا وَزَالَ حُكْمُ التَّعَدِّي بِالْبَرَاءَةِ.
(وَلَا يَضْمَنُ) الْمُسْتَوْدَعُ (بِمُجَرَّدِ نِيَّةِ التَّعَدِّي) فِي الْوَدِيعَةِ (إذَا تَلِفَتْ) الْوَدِيعَةُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ بِخِلَافِ الْمُلْتَقِطِ نَوَى التَّمَلُّكَ، وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْإِيدَاعَ عَقْدٌ وَالنِّيَّةُ ضَعِيفَةٌ فَلَا تُزِيلُهُ بِخِلَافِ
الِالْتِقَاطِ.
(وَإِنْ خَلَطَهَا) أَيْ: الْوَدِيعَةَ، مُسْتَوْدَعٌ (بِمُتَمَيِّزٍ كَدَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ، أَوْ دَرَاهِمَ بِيضٍ بِسُودٍ) ، أَوْ بُرٍّ بِشَعِيرٍ، أَوْ عَدَسٍ، لَمْ يَضْمَنْ لِإِمْكَانِ التَّمْيِيزِ، فَلَا يَعْجِزُ بِذَلِكَ عَنْ رَدِّهَا، فَلَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا لَوْ تَرَكَهَا فِي صُنْدُوقٍ فِيهِ أَكْيَاسٌ لَهُ.
(أَوْ اخْتَلَطَ) مُودَعٌ (غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ) كَبُرٍّ بِبُرٍّ، أَوْ بِدَقِيقٍ (بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ) فَلَا ضَمَانَ، فَإِنْ ضَاعَ الْبَعْضُ جُعِلَ مِنْ مَالِ الْمُودَعِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ أَنَّهُمْ يَصِيرَانِ شَرِيكَيْنِ، قَالَ الْمَجْدُ: وَلَا يَبْعُدُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْهَالِكُ مِنْهُمَا، ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ.
(أَوْ رَكِبَ) الْمُسْتَوْدَعُ (الدَّابَّةَ) الْمُودَعَةَ (لِعَلْفِهَا أَوْ سَقْيِهَا) لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرَفًا.
(أَوْ لَبِسَ) الْمُسْتَوْدَعُ (الثَّوْبَ مِنْ نَحْوِ صُوفٍ خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ عُثٍّ) - جَمْعُ عُثَّةٍ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ -: سُوسَةٌ تَلْحَسُ الصُّوفَ (وَنَحْوَهُ) بِأَنْ كَانَتْ فَرْشًا وَنَحْوَهَا فَفَرِشَهَا لِخَوْفٍ مِنْ عُثٍّ أَوْ كَانَتْ آلَةَ صِنَاعَةٍ مِنْ خَشَبٍ فَاسْتَعْمَلَهَا لِخَوْفٍ مِنْ الْأَرَضَةِ (لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ.
(وَإِنْ أَخَذَ) الْمُسْتَوْدَعُ (دِرْهَمًا) بِلَا إذْنٍ مِنْ وَدِيعَةٍ غَيْرِ مَخْتُومَةٍ وَلَا مَشْدُودَةٍ وَلَا مَصْرُورَةٍ (ثُمَّ رَدَّهُ) وَتَلِفَ ضَمِنَهُ وَحْدَهُ (أَوْ) أَخَذَ مِنْهَا دِرْهَمًا ثُمَّ رَدَّ (بَدَلَهُ مُتَمَيِّزًا) وَضَاعَتْ ضَمِنَهُ وَحْدَهُ (أَوْ أَذِنَ) الْمَالِكُ (لَهُ) أَيْ: الْمُسْتَوْدَعِ (فِي أَخْذِهِ) دِرْهَمًا (مِنْهَا) فَأَخَذَهُ (وَرَدَّ) الْمُسْتَوْدَعُ (بَدَلَهُ بِلَا إذْنٍ فَضَاعَ الْكُلُّ ضَمِنَهُ) أَيْ: الدِّرْهَمَ الْمَأْخُوذَ (وَحْدَهُ) ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَعَلَّقَ بِالْأَخْذِ، فَلَمْ يَضْمَنْ غَيْرَ مَا أَخَذَهُ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَ رَدِّهِ (إلَّا أَنْ تَكُونَ) الْوَدِيعَةُ دَرَاهِمَ (مَخْتُومَةً، أَوْ مَشْدُودَةً أَوْ مَصْرُورَةً) فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ ضَمِنَ الْجَمِيعَ، لِهَتْكِ الْحِرْزِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ (أَوْ) إلَّا أَنْ (رَدَّ بَدَلَهُ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ) وَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ (فَيَضْمَنُ الْجَمِيعَ) لِخَلْطِهِ الْوَدِيعَةَ بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْهُ (كَمَا لَوْ لَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا ضَاعَ) بِأَنْ ضَاعَ دِرْهَمٌ مَثَلًا وَلَمْ يَدْرِ أَهُوَ الْمَرْدُودُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ فَيَضْمَنُهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بَرَاءَتِهِ.
(وَلَوْ خَرَقَ) الْمُسْتَوْدَعُ (الْكِيسَ) الْمَشْدُودَ عَلَى دَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا مِنْ فَوْقِ الشَّدِّ لَمْ يَضْمَنُ إلَّا الْخَرْقَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَهْتِكْ الْحِرْزَ.
(وَ) بِخَرْقِ الْكِيسِ (مِنْ تَحْتِهِ) أَيْ: الشَّدِّ (يَضْمَنُ أَرْشَهُ) أَيْ: الْخَرْقِ (وَ) يَضْمَنُ (مَا فِيهِ) مِنْ دَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا إنْ ضَاعَتْ لِهَتْكِهِ الْحِرْزَ.
(وَإِنْ أَوَدَعَهُ صَغِيرٌ مُمَيِّزٌ أَوْ لَا وَدِيعَةَ) مَثَلًا أَوْ أَوْدَعَهُ مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَدِيعَةً (فَتَلِفَتْ) عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ (ضَمِنَهَا) الْمُسْتَوْدَعُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ، أَشْبَهَ مَا لَوْ غَصَبَهُ.
(وَلَا يَبْرَأُ) الْمُسْتَوْدَعُ مِنْ