الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمْ تُذْكَرْ هُنَا كَلَفْظِ الْجِيرَانِ، وَأَهْلِ السِّكَّةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ كَالْوَصِيَّةِ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: لَكِنَّ الْوَصِيَّةَ أَعَمُّ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى مَا يَأْتِي.
[فَصْلٌ الْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ]
(فَصْلٌ وَالْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ) قَالَ فِي التَّلْخِيصِ، وَغَيْرِهِ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ (لَا يَجُوزُ فَسْخُهُ بِإِقَالَةٍ وَلَا غَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ (مَثَلًا وَيَلْزَمُ) الْوَقْفُ (بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ بِدُونِ حُكْمِ حَاكِمٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيث عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ وَكَالْعِتْقِ.
وَقَوْلُهُ " بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ " جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْفِعْلُ مَعَ الدَّالِّ عَلَى الْوَقْفِ يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِهِ أَيْضًا، وَيَحْرُمُ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا الْمُنَاقَلَةُ بِهِ) أَيْ: إبْدَالُهُ وَلَوْ بِخَيْرٍ مِنْهُ (نَصًّا) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَقَدْ صَنَّفَ الشَّيْخُ يُوسُفُ الْمِرْدَاوِيُّ كِتَابًا لَطِيفًا فِي رَدِّ الْمُنَاقَلَةِ، وَأَجَادَ، وَأَفَادَ (إلَّا أَنْ تَتَعَطَّلَ مَنَافِعُهُ) أَيْ: الْوَقْفِ (الْمَقْصُودَةُ مِنْهُ بِخَرَابٍ) لَهُ أَوْ لِمَحَلَّتِهِ (أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَرُدُّ) الْوَقْفُ (شَيْئًا) عَلَى أَهْلِهِ (أَوْ يَرُدُّ شَيْئًا لَا يُعَدُّ نَفْعًا) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ (وَتَتَعَذَّرُ عِمَارَتُهُ، وَعَوْدُ نَفْعِهِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْوَقْفِ مَا يُعَمَّرُ بِهِ.
(وَلَوْ) كَانَ الْخَارِبُ الَّذِي تَعَطَّلَتْ مَنْفَعَتُهُ مَنْفَعَتُهُ وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ (مَسْجِدًا حَتَّى يُضَيِّقَهُ عَلَى أَهْلِهِ) الْمُصَلِّينَ بِهِ.
(وَتَعَذَّرَ تَوْسِيعُهُ) فِي مَحَلِّهِ (أَوْ) كَانَ مَسْجِدًا، وَتَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهِ ل (خَرَابِ مَحَلَّتِهِ) أَيْ: النَّاحِيَةِ الَّتِي بِهَا الْمَسْجِدُ (أَوْ كَانَ مَوْضِعُهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (قَذِرًا فَيَصِحُّ بَيْعُهُ) ، وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ، لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَفِي إبْقَائِهِ إذَنْ إضَاعَةٌ، فَوَجَبَ الْحِفْظُ بِالْبَيْعِ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ انْتِفَاعُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِالثَّمَرَةِ لَا بِعَيْنِ الْأَصْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَمَنْعُ الْبَيْعِ إذَنْ مُبْطِلٌ لِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي اقْتَضَاهُ الْوَقْفُ فَيَكُونُ خِلَافَ الْأَصْلِ؛ وَلِأَنَّ فِيمَا نَقُولُ بَقَاءً لِلْوَقْفِ بِمَعْنَاهُ حِينَ تَعَذَّرَ الْإِبْقَاءُ بِصُورَتِهِ فَيَكُونُ مُتَعَيِّنًا، وَعُمُومُ " لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا " مَخْصُوصٌ بِحَالَةِ تَأَهُّلِ الْمَوْقُوفِ لِلِانْتِفَاعِ الْمَخْصُوصِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَيَجُوزُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ أَنْ يُبَاعَ ذَلِكَ الْمَسْجِدُ، وَيُعَمَّرُ بِثَمَنِهِ مَسْجِدٌ آخَرُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى إذَا لَمْ يُحْتَجْ
إلَيْهِ فِي الْقَرْيَةِ الْأُولَى وَالْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ بِعَيْنِهِمْ أَحَقُّ بِجَوَازِ نَقْلِهِ إلَى مَدِينَتِهِمْ مِنْ الْمَسْجِدِ.
(وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (شَجَرَةٍ) مَوْقُوفَةٍ (يَبِسَتْ وَ) بَيْعُ (جِذْعٍ) مَوْقُوفٍ (انْكَسَرَ أَوْ بَلِيَ، أَوْ خِيفَ الْكَسْرُ أَوْ الْهَدْمُ) قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: إذَا أَشْرَفَ جِذْعُ الْوَقْفِ عَلَى الِانْكِسَارِ أَوْ دَارُهُ عَلَى الِانْهِدَامِ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أُخِّرَ لَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُنْتَفَعًا بِهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ رِعَايَةً لِلْمَالِيَّةِ أَوْ يُنْقَضُ تَحْصِيلًا لِلْمَصْلَحَةِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ قَالَ: وَالْمَدَارِسُ وَالرُّبَطُ وَالْخَانَاتُ الْمُسْبَلَةُ، وَنَحْوُهَا جَائِزٌ بَيْعُهَا عِنْدَ خَرَابِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَجْهًا وَاحِدًا.
(وَ) يَصِحُّ (بَيْعُ مَا فَضَلَ مِنْ نِجَارَةِ خَشَبِهِ خَشَبِهِ وَنُحَاتَتِهِ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ شَرَطَ) الْوَاقِفُ عَدَمَهُ أَيْ: الْبَيْعِ (إذَنْ) أَيْ: فِي الْحَالِ الَّتِي قُلْنَا يُبَاعُ فِيهِ (فَشَرْطٌ فَاسِدٌ) لِحَدِيثِ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ» إلَى آخِرِهِ.
(وَ) حَيْثُ يُبَاعُ الْوَقْفُ فَإِنَّهُ (يُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ) ؛ لِأَنَّ فِي إقَامَةِ الْبَدَلِ مَقَامَهُ تَأْبِيدًا لَهُ، وَتَحْقِيقًا لِلْمَقْصُودِ فَتَعَيَّنَ وُجُوبُهُ (أَوْ بَعْضُ مِثْلِهِ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ فِي مِثْلِهِ، وَيُصْرَفُ فِي جِهَتِهِ (وَهِيَ مَصْرِفُهُ) لِامْتِنَاعِ تَغْيِيرِ الْمَصْرِفِ مَعَ إمْكَانِ مُرَاعَاتِهِ.
(فَإِنْ تَعَطَّلَتْ) جِهَةُ الْوَقْفِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَاقِفُ (صُرِفَ فِي جِهَةٍ مِثْلِهَا فَإِذَا وَقَفَ عَلَى الْغُزَاةِ فِي مَكَان فَتَعَطَّلَ فِيهِ الْغَزْوُ صُرِفَ) الْبَدَلُ (إلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْغُزَاةِ فِي مَكَان آخَرَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا) تَحْصِيلًا لِغَرَضِ الْوَاقِفِ فِي الْجُمْلَةِ حَسَبَ الْإِمْكَانِ.
(وَيَجُوزُ)(نَقْلُ آلَةِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يَجُوزُ بَيْعُهُ) لِخَرَابِهِ أَوْ خَرَابِ مَحَلَّتِهِ أَوْ قَذَرِ مَحَلِّهِ (وَ) نَقْلُ (أَنْقَاضِهِ إلَى مِثْلِهِ إنْ احْتَاجَهَا) مِثْلُهُ وَاحْتَجَّ الْإِمَامُ بِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه " قَدْ حَوَّلَ مَسْجِدَ الْجَامِعِ مِنْ التَّمَّارِينَ أَيْ: بِالْكُوفَةِ "(وَهُوَ) أَيْ: نَقْلُ آلَاتِهِ، وَأَنْقَاضِهِ إلَى مِثْلِهِ (أَوْلَى مِنْ بَيْعِهِ) لِبَقَاءِ الِانْتِفَاعِ مِنْ غَيْرِ خَلَلٍ فِيهِ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ " إلَى مِثْلِهِ أَنَّهُ لَا يُعَمَّرُ بِآلَاتِ الْمَسْجِدِ مَدْرَسَةٌ وَلَا رِبَاطٌ وَلَا بِئْرٌ وَلَا حَوْضٌ وَلَا قَنْطَرَةٌ وَكَذَا آلَاتُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ لَا يُعَمَّرُ بِهَا مَا عَدَاهُ؛ لِأَنَّ جَعْلَهَا فِي مِثْلِ الْعَيْنِ مُمْكِنٌ فَتَعَيَّنَ لِمَا تَقَدَّمَ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.
(وَيَصِيرُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ) بَعْدَ بَيْعِهِ (لِلثَّانِي) الَّذِي اشْتَرَى بَدَلَهُ، وَأَمَّا إذَا نُقِلَتْ آلَتُهُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ فَالْبُقْعَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى أَنَّهَا مَسْجِدٌ قَالَ حَرْبٌ: قُلْت: لِأَحْمَدَ رَجُلٌ بَنَى مَسْجِدًا فَأَذَّنَ فِيهِ ثُمَّ قَلَعُوا هَذَا الْمَسْجِدَ، وَبَنَوْا مَسْجِدًا آخَرَ فِي مَكَان آخَرَ، وَنَقَلُوا خَشَبَ هَذَا الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ إلَى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ قَالَ: يَرُمُّوا هَذَا الْمَسْجِدَ الْآخَرَ الْعَتِيقَ قَالَ الْحَارِثِيُّ: فَلَمْ يَمْنَعْ النَّقْلُ مَنْعَ الْبَيْعِ، وَإِخْرَاجَ الْبُقْعَةِ عَنْ كَوْنِهَا مَسْجِدًا.
(وَيَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهِ) أَيْ: الْوَقْفِ (لِإِصْلَاحِ مَا بَقِيَ)
مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ بَيْعُ الْكُلِّ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَبَيْعُ الْبَعْضِ مَعَ بَقَاءِ الْبَعْضِ أَوْلَى (إنْ اتَّحَدَ الْوَاقِفُ كَالْجِهَةِ) الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا (إنْ كَانَ) الْمَوْقُوفُ (عَيْنَيْنِ) عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ وَاقِفٍ وَاحِدٍ فَتُبَاعُ إحْدَاهُمَا لِإِصْلَاحِ الْأُخْرَى لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ) كَانَ الْمَوْقُوفُ (عَيْنًا) فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا لِإِصْلَاحِ بَاقِيهَا لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) مَحَلُّ ذَلِكَ إنْ (لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ) أَيْ: قِيمَةُ الْعَيْنِ الْمَبِيعِ بَعْضُهَا (بِتَشْقِيصٍ) أَيْ: بِبَيْعِ بَعْضِهَا.
(وَإِلَّا) بِأَنْ نَقَصَتْ بِذَلِكَ (بِيعَ الْكُلُّ) كَبَيْعِ وَصِيٍّ لِدَيْنٍ أَوْ حَاجَةٍ بَلْ هَذَا أَسْهَلُ لِجَوَازِ تَغْيِيرِ صِفَاتِهِ لِمَصْلَحَةٍ، وَبَيْعُهُ عَلَى قَوْلٍ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عِمَارَةُ الْمَسْجِدِ عَلَى بَعْضِ آلَاتِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصُّورَةِ مَعَ بَقَاءِ الِانْتِفَاعِ وَلَا يُعَمَّرُ وَقْفٌ مِنْ آخَرَ وَلَوْ عَلَى جِهَتِهِ (وَأَفْتَى عُبَادَةُ) مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا (بِجَوَازِ عِمَارَةِ وَقْفٍ عَلَى آخَرَ أَيْ: مِنْ رِيعِهِ عَلَى جِهَتِهِ) ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي طَبَقَاتِهِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ قَوِيٌّ بَلْ عُمِلَ عَلَيْهِ، لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي ابْنَ قُنْدُس فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: إنَّ كَلَامَهُ فِي الْفُرُوعِ أَظْهَرُ أَيْ: لَا يُعَمِّرُ وَقْفًا مِنْ رِيعٍ آخَرَ، وَإِنْ اتَّحَدَتْ الْجِهَةُ.
(الْجِهَةُ وَيَجُوزُ اخْتِصَارُ آنِيَةٍ) مَوْقُوفَةٍ مُتَعَطِّلَةٍ (إلَى أَصْغَر مِنْهَا وَإِنْفَاقُ الْفَضْلِ عَلَى الْإِصْلَاحِ) مُحَافَظَةً عَلَى بَقَاءِ عَيْنِ الْوَقْفِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ اخْتِصَارُهَا بِيعَتْ وَصُرِفَ ثَمَنُهَا فِي آنِيَةٍ مِثْلِهَا رِعَايَةً لِلنَّفْعِ الَّذِي لِأَجْلِهِ وُقِفَتْ.
(وَيَجُوزُ تَجْدِيدُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ لِمَصْلَحَةٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا «لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ، فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ، وَأَلْزَقْتُهُ بِالْأَرْضِ وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا، وَبَابًا غَرْبِيًّا، فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إبْرَاهِيمَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَ (لَا) يَجُوزُ (قَسْمُهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (مَسْجِدَيْنِ بِبَابَيْنِ إلَى دَرْبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ لَهُ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ وَجَوَّزَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ تَغْيِيرَ صُورَةِ الْوَقْفِ لِلْمَصْلَحَةِ كَجَعْلِ الدُّورِ حَوَانِيتَ وَالْحَاكُورَةِ الْمَشْهُورَةِ (الْمَشْهُورَةِ وَيَجُوزُ نَقْضُ مَنَارَتِهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (وَجُعْلُهَا فِي حَائِطِهِ لِتَحْصِينِهِ) مِنْ نَحْوِ كِلَابٍ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ.
(وَحُكْمُ فَرَسٍ حَبِيسٍ) أَيْ: مَوْقُوفٍ عَلَى الْغَزْوِ (إذَا لَمْ يَصْلُحْ) الْفَرَسُ (لِغَزْوٍ كَوَقْفٍ فَيُبَاعُ، وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ مَا) أَيْ: فَرَسًا (يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ) قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد الَّذِي يَعْجِفُ يَعْنِي: مِنْ الدَّوَابِّ الَّتِي تُحْبَسُ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي بِلَادِ الرُّومِ لَا يَنْفَعُ إلَّا لِلطَّحْنِ أَوْ نَحْوِهِ، يُبَاعُ ثُمَّ يُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي حَبِيسٍ.
تَنْبِيهٌ " عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ، وَغَيْرِهِ: يُبَاعُ أَوْ بِيعَ، وَنَحْوُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَمَا فِي عِبَارَةِ أَحْمَدَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْبَيْعِ حَالَ التَّعَطُّلِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ (وَالتَّلْخِيصِ وَبِمُجَرَّدِ شِرَاءِ الْبَدَلِ) أَيْ: بَدَلِ مَا بِيعَ مِنْ الْوَقْفِ أَوْ أُتْلِفَ أُتْلِفْ وَنَحْوِهِ (يَصِيرُ) الْبَدَلُ (وَقْفًا كَبَدَلِ أُضْحِيَّةٍ وَ) بَدَلِ (رَهْنٍ أُتْلِفَ) قَالَ ابْنُ قُنْدُسٍ فِي حَوَاشِي الْمُحَرَّر الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الشِّرَاءُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَلَزِمَ الْعَقْدُ أَنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فِي الشِّرَاءِ وَالْوَكِيلُ يَقَعُ شِرَاؤُهُ لِلْمُوَكِّلِ فَكَذَا هُنَا يَقَعُ شِرَاؤُهُ لِلْجِهَةِ الْمُشْتَرَى لَهَا وَلَا يَكُون ذَلِكَ إلَّا وَقْفًا انْتَهَى فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْوَقْفِ لَمْ يَكُنْ مَا اشْتَرَاهُ وَقْفًا، وَيُطَالِبُ بِالثَّمَنِ لِيَشْتَرِيَ بِهِ مَا يَكُونُ وَقْفًا، وَأَنَّهُ لَا يَصِيرُ وَقْفًا إذَا اشْتَرَاهُ لِلْوَقْفِ إلَّا بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ بِأَنْ يَنْقَضِيَ الْخِيَارُ (وَالِاحْتِيَاطُ وَقْفُهُ) لِئَلَّا يَنْقُضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ لَا يَرَى وَقْفِيَّتَهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ.
(الشِّرَاءُ وَيَبِيعُهُ) أَيْ: الْوَقْفَ (حَاكِمُ) بَلَدِهِ (إنْ كَانَ) الْوَقْفُ عَلَى سُبُلِ الْخَيْرَاتِ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِعَقْدٍ لَازِمٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ اخْتِلَافًا قَوِيًّا فَتُوقَفُ عَلَى الْحَاكِمِ، كَمَا قِيلَ فِي الْفُسُوخِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا (وَإِلَّا) يَكُونُ عَلَى سُبُلِ الْخَيْرَاتِ، بِأَنْ كَانَ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ مَنْ يَؤُمُّ أَوْ يُؤَذِّنُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، وَنَحْوِهِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى (ف) يَبِيعُهُ (نَاظِرُهُ الْخَاصُّ) إنْ كَانَ.
(وَالْأَحْوَطُ إذْنُ حَاكِمٍ لَهُ) أَيْ: لِلنَّاظِرِ الْخَاصِّ فِي بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْبَيْعَ عَلَى مَنْ سَيَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ بَعْدَ الْمَوْجُودِينَ الْآنَ أَشْبَهَ الْبَيْعَ عَلَى الْغَائِبِ (فَإِنْ عُدِمَ) النَّاظِرُ الْخَاصُّ (ف) يَبِيعُهُ (حَاكِمٌ) لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ.
(وَيَجُوزُ بَيْعُ آلَتِهِ) أَيْ: الْوَقْفِ (وَصَرْفُهَا فِي عِمَارَتِهِ) إنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ (مَثَلًا وَمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَةِ الْمَسْجِد مِنْ حُصُرِهِ حُصُرِهِ وَزَيْتِهِ وَزَيْتِهِ وَمُغَلِّهِ مَثَلًا وَأَنْقَاضِهِ وَأَنْقَاضِهِ وَآلَتِهِ وَآلَتِهِ وَثَمَنِهَا) إذَا بِيعَتْ (جَازَ صَرْفُهُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ مُحْتَاجٍ) إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ فِي نَوْعِ الْمُعَيَّنِ.
(وَ) جَازَتْ (الصَّدَقَةُ بِهَا) أَيْ: بِالْمَذْكُورَاتِ (عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُنْقَطِعِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَإِنَّمَا لَمْ يُرْصَدْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَطُّلِ فَيُخَالِفُ الْمَقْصُودَ، وَلَوْ تَوَقَّعَتْ الْحَاجَةُ فِي زَمَنٍ آخَرَ وَلَا رِيعَ يَسُدُّ مَسَدَّهَا لَمْ يُصْرَفْ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصَّرْفُ فِي الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَإِنَّمَا سُومِحَ بِغَيْرِهَا حَيْثُ لَا حَاجَةَ حَذَرًا مِنْ التَّعَطُّلِ، وَخَصَّ أَبُو الْخَطَّابِ وَالْمَجْدُ الْفُقَرَاءَ بِفُقَرَاءِ جِيرَانِهِ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِمَزِيدِ مُلَازَمَتِهِ وَالْعِنَايَةِ بِمَصْلَحَتِهِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ.
(قَالَ الشَّيْخُ) يَجُوزُ صَرْفُ الْفَاضِلِ فِي مِثْلِهِ (وَفِي سَائِرِ الْمَصَالِحِ، وَ) فِي (بِنَاءِ مَسَاكِنَ لِمُسْتَحِقِّ رِيعِهِ الْقَائِمِ بِمَصْلَحَتِهِ، وَفَضْلُ غَلَّةِ مَوْقُوفٍ عَلَى مُعَيَّنٍ
اسْتِحْقَاقُهُ مُقَدَّرٌ) مِنْ الْوَقْفِ (بِتَعَيُّنِ إرْصَادِهِ ذَكَرَهُ) الْقَاضِي (مُحَمَّدٌ أَبُو الْحُسَيْنِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَارِثِيُّ) قَالَ: وَأَمَّا فَضْلُ غَلَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ مُعَيَّنَيْنِ أَوْ طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَتَعَيَّنَ إرْصَادُهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ فِي فَضْلِ غَلَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَى نَفَقَةِ إنْسَانٍ، وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى إذَا كَانَ الصَّرْفُ مُقَدَّرًا أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ التَّقْدِيرِ فَلَا فَضْلَ إذْ الْغَلَّةُ مُسْتَغْرَقَةٌ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى (وَقَالَ الشَّيْخُ: إنْ عُلِمَ أَنَّ رِيعَهُ يَفْضُلُ دَائِمًا وَجَبَ صَرْفُهُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فَسَادٌ) لَهُ.
(وَإِعْطَاؤُهُ) أَيْ: الْمُسْتَحِقِّ (فَوْقَ مَا قَدَّرَهُ الْوَاقِفُ جَائِزٌ) ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَهُ.
قَالَ وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ النَّاظِرِ صَرْفُ الْفَاضِلِ؛ لِأَنَّهُ افْتِيَاتٌ عَلَى مَنْ لَهُ وِلَايَتُهُ قُلْت: وَالظَّاهِرُ لَا ضَمَانَ كَتَفْرِقَةِ هَدْيٍ، وَأُضْحِيَّةٍ.
(وَمَنْ وَقَفَ عَلَى ثَغْرٍ فَاخْتَلَّ) الثَّغْرُ (صُرِفَ) الْمَوْقُوفُ (فِي ثَغْرٍ مِثْلِهِ) أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْوَقْفِ إذَا خَرِبَ، إذْ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ هُنَا الصَّرْفُ إلَى الْمُرَابِطِ، فَإِعْمَالُ شَرْطِ الثَّغْرِ الْمُعَيَّنِ مُعَطِّلٌ لَهُ، فَوَجَبَ الصَّرْفُ إلَى ثَغْرٍ آخَرَ قَالَ فِي التَّنْقِيحِ (وَعَلَى قِيَاسِهِ مَسْجِدٌ وَرِبَاطٌ، وَنَحْوُهُمَا)، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْحَارِثِيُّ قَالَ: وَالشَّرْطُ قَدْ يُخَالَفُ لِلْحَاجَةِ كَالْوَقْفِ عَلَى الْمُتَفَقِّهِ عَلَى مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّ الصَّرْفَ يَتَعَيَّنُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُتَفَقِّهَةِ عَلَى ذَلِكَ الْمَذْهَبِ إلَى الْمُتَفَقِّهَةِ عَلَى مَذْهَبٍ آخَرَ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْوَقْفِ إذَا خَرِبَ.
قَالَ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ حَوْضٍ حَوْضٍ وَتَعَطَّلَ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا صُرِفَ إلَى مِثْلِهِمَا وَلَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِمَالٍ فِي يَوْمٍ مَخْصُوصٍ مِنْ السَّنَةِ، وَتَعَذَّرَ فِيهِ وَجَبَ مَتَى أَمْكَنَ.
(وَنَصَّ) أَحْمَدُ (فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى قَنْطَرَةٍ) فَانْحَرَفَ الْمَاءُ أَوْ انْقَطَعَ (يُرْصَدُ لَعَلَّهُ) أَيْ: الْمَاءَ (يَرْجِعُ) فَيَحْتَاجُونَ إلَى الْقَنْطَرَةِ وَقَدَّمَ الْحَارِثِيُّ: يُصْرَفُ إلَى قَنْطَرَةٍ أُخْرَى لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَحْرُمُ حَفْرُ بِئْرٍ) فِي مَسْجِدٍ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مُسْتَحَقَّةٌ لِلصَّلَاةِ فَتَعْطِيلُهَا عُدْوَانٌ، وَنَصَّ عَلَى الْمَنْعِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ (وَ) يَحْرُمُ (غَرْسُ شَجَرَةٍ فِي مَسْجِدٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ فَعَلَ) بِأَنْ حَفَرَ أَوْ غَرَسَ (قُلِعَتْ) الشَّجَرَةُ.
(وَطُمَّتْ) الْبِئْرُ لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ لَمْ تُقْلَعْ) الشَّجَرَةُ (فَثَمَرُهَا لِمَسَاكِينِ الْمَسْجِدِ) وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: التَّقْيِيدُ بِأَهْلِ الْمَسْجِدِ فِيهِ بَحْثٌ وَالْأَقْرَبُ حِلُّهُ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْمَسَاكِينِ أَيْضًا (وَيَتَوَجَّهُ جَوَازُ حَفْرِ بِئْرٍ) فِي الْمَسْجِدِ (إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ ضِيقٌ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: لَمْ يَكْرَهْ أَحْمَدُ حَفْرَهَا فِيهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ، لَكِنْ يَرُدُّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ.
(وَإِنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ مَغْرُوسَةً قَبْلَ بِنَائِهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (مَثَلًا وَوَقْفُهَا مَعَهُ فَإِنْ عَيَّنَ) الْوَاقِفُ (مَصْرِفَهَا عُمِلَ بِهِ) كَسَائِرِ الشُّرُوطِ (وَإِلَّا) يُعَيِّنْ مَصْرِفَهَا
(فَكَوَقْفٍ مُنْقَطِعٍ) تُصْرَفُ ثَمَرَتُهَا لِوَرَثَةِ الْوَاقِفِ نَسَبًا وَقْفًا فَإِنْ انْقَرَضُوا فَلِمَسَاكِينَ.
(وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ الْمَسْجِدِ) وَلَا بَيْعُهُ (مَعَ إمْكَانِ عِمَارَتِهِ بِدُونِ الْعِمَارَةِ الْأُولَى) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَنْعُ، فَيَجُوزُ لِلْحَاجَةِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا (هُنَا وَيَجُوزُ رَفْعُهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (إذَا أَرَادَ أَكْثَرُ أَهْلِهِ ذَلِكَ) أَيْ: رَفْعَهُ.
(وَجُعِلَ تَحْتَ سَفَلِهِ سِقَايَةٌ، وَحَوَانِيتُ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، وَمَنَعَ مِنْهُ الْمُوَفَّقُ، وَابْنُ حَامِدٍ، وَتَأَوَّلَا نَصَّ الرَّفْعِ لِأَجْلِ السِّقَايَةِ عَلَى حَالَةِ إنْشَاءِ الْمَسْجِدِ، وَسَمَّاهُ مَسْجِدًا بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ وَرَدَّهُ الْحَارِثِيُّ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ.
(قَالَ) ابْنُ عَقِيلٍ (فِي الْفُنُونِ لَا بَأْسَ بِتَغْيِيرِ حِجَارَةِ الْكَعْبَةِ إنْ عَرَضَ لَهَا مَرَمَّةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَصْرٍ احْتَاجَتْ) الْكَعْبَةُ (فِيهِ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى تَغْيِيرِ الْحِجَارَةِ (قَدْ فَعَلَ وَلَمْ يَظْهَرْ نَكِيرٌ وَلَوْ تَعَيَّنَتْ الْآلَةُ لَمْ يَجُزْ) التَّغْيِيرُ (كَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ) فَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ.
(وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ) مِنْ مَوْضِعِهِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ (وَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ) مَعَ وُجُودِهِ (وَلَا يَنْتَقِلُ النُّسُكُ مَعَهُ) إذَا نُقِلَ مِنْ مَوْضِعِهِ إلَخْ (إلَخْ وَيُكْرَهُ نَقْلُ حِجَارَتِهَا عِنْدَ عِمَارَتِهَا إلَى غَيْرِهَا) أَيْ: الْكَعْبَةِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ يَحْرُمُ لِقَوْلِهِ (كَمَا لَا يَجُوزُ ضَرْبُ تُرَابِ الْمَسَاجِدِ لِبِنَاءٍ فِي غَيْرِهَا) أَيْ: الْمَسَاجِدِ (بِطَرِيقِ الْأَوْلَى) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ صَرْفُ الْوَقْفِ لِلْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ (قَالَ) فِي الْفُنُونِ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُعَلَّى أَبْنِيَتُهَا زِيَادَةً عَلَى مَا وُجِدَ مِنْ عُلُوِّهَا) ، وَإِنَّهُ يُكْرَهُ الصَّكُّ فِيهَا، وَفِي أَبْنِيَتِهَا إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ.
(قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ جَوَازُ الْبِنَاءِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي: إدْخَالَ الْحِجْرِ فِي الْبَيْتِ) وَجَعْلَ بَابَيْنِ لَهُ (لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَوْلَا الْمُعَارِضُ فِي زَمَنِهِ) ، وَهُوَ أَنَّ قَوْمَهُ حَدِيثُ عَهْدِهِمْ بِجَاهِلِيَّةٍ (لَفَعَلَهُ، كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ) السَّابِقِ.
(قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِيهِ) أَيْ: حَدِيثِ عَائِشَةَ (يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّوَابِ لِأَجْلِ قَالَةِ النَّاسِ وَرَأَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ تَرْكُهُ) أَيْ: تَرْكُ الْبِنَاءِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم (لِئَلَّا يَصِيرَ الْبَيْتُ مَلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
" خَاتِمَةٌ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَالْأَرْزَاقُ الَّتِي يُقَدِّرُهَا الْوَاقِفُونَ ثُمَّ يَتَغَيَّرُ النَّقْدُ فِيمَا بَعْدُ نَحْوُ أَنْ يَشْرِطَ مِائَةَ دِرْهَمٍ نَاصِرِيَّةً ثُمَّ يَحْرُمُ التَّعَامُلُ بِهَا، وَتَصِيرُ الدَّرَاهِمُ ظَاهِرِيَّةً، فَإِنَّهُ يُعْطِي الْمُسْتَحِقَّ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ مَا قِيمَتُهُ قِيمَةُ الْمَشْرُوطِ وَقَدْ أَوْسَعْنَا الْعِبَارَةَ فِي ذَلِكَ فِي الْحَاشِيَةِ.