الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ دِينُهُ، وَإِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ (وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ) يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ (كَمَا لَوْ بَلَغَ سِنًّا يَصِحُّ إسْلَامُهُ فِيهِ) كَسَبْعِ سِنِينَ (وَنَطَقَ بِالْإِسْلَامِ) ، وَهُوَ يَعْقِلُهُ (ثُمَّ قَالَ إنَّهُ كَافِرٌ) فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ بَعْدَ بُلُوغِهِ ثَلَاثًا فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ؛ لِأَنَّ إسْلَامَهُ مُتَيَقَّنٌ.
[فَصْلٌ أَقَرَّ إنْسَانٌ أَنَّ اللَّقِيطَ وَلَدُهُ]
فَصْلٌ: وَإِنْ أَقَرَّ إنْسَانٌ أَنَّهُ أَيْ: اللَّقِيطَ وَلَدُهُ وَقَوْلُهُ (مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ) صِفَةٌ لِإِنْسَانٍ (يُمْكِن كَوْنُهُ) أَيْ: اللَّقِيطِ (مِنْهُ) أَيْ: الْمُقِرِّ (حُرًّا كَانَ) الْمُقِرُّ (أَوْ رَقِيقًا رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً وَلَوْ) كَانَتْ أَمَةً، حَيًّا كَانَ اللَّقِيطُ أَوْ مَيِّتًا أُلْحِقَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِلْحَاقٌ لِمَجْهُولِ النَّسَبِ ادَّعَاهُ مَنْ يُمْكِنُ أَنَّهُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فِيهِ وَلَا دَافِعَ عَنْهُ وَلَا ظَاهِرَ يَرُدُّهُ فَوَجَبَ اللِّحَاقُ؛ وَلِأَنَّهُ مَحْضُ مَصْلَحَةٍ لِلطِّفْلِ لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ، وَكِسْوَتِهِ، وَاتِّصَالِ نَسَبِهِ، فَكَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ.
(وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ) أَيْ اللَّقِيطِ (عَلَى الْعَبْدِ) إذَا أَلْحَقْنَاهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ.
(وَلَا حَضَانَةَ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ عَلَى مَنْ اسْتَلْحَقَهُ لِاشْتِغَالِهِ بِالسَّيِّدِ فَيُضَيِّعُ فَلَا يَتَأَهَّلُ لِلْحَضَّانَةِ كَمَا قَالَ الْحَارِثِيُّ، وَإِنَّ أَذِنَ السَّيِّدُ جَازَ لِانْتِفَاءِ مَانِعِ الشُّغْلِ.
(وَلَا) تَجِبُ نَفَقَةُ مَنْ اسْتَلْحَقَهُ الْعَبْدُ (عَلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ) أَيْ اللَّقِيطَ (مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ) وَالسَّيِّدُ غَيْرُ نَسِيبٍ لَهُ (وَتَكُونُ) نَفَقَتُهُ (فِي بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّهُ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ.
(وَلَا يَلْحَقُ) اللَّقِيطُ (بِزَوْجِ الْمَرْأَةِ الْمُقِرَّةِ بِهِ بِدُونِ تَصْدِيقِهِ) أَيْ الزَّوْجِ، لِأَنَّ إقْرَارَهَا لَا يَنْفُذُ عَلَى غَيْرِهَا فَلَا يَلْحَقُهُ بِذَلِكَ نَسَبٌ لَمْ يُقِرَّ بِهِ.
(وَلَا) يَلْحَقْ اللَّقِيطُ (بِالرَّقِيقِ) إذَا اسْتَلْحَقَهُ (فِي رِقِّهِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَإِضْرَارُ بِالطِّفْلِ (بِدُونِ بَيِّنَةِ الْفِرَاشِ فِيهِمَا) .
فَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّهَا وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِ زَوْجِهَا لَحِقَ بِهِ وَكَذَا لَوْ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ بِأَنْ تَشْهَدَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ قِنُّهُ أَوْ أَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (كَمَا لَوْ اسْتَلْحَقَ) حُرٌّ (رَقِيقًا) فَيُثْبَتُ نَسَبُهُ دُونَ حُرِّيَّتِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ.
(وَلَا) يَلْحَقُ اللَّقِيطُ (بِزَوْجَةِ الْمُقِرِّ بِدُونِ تَصْدِيقِهَا) لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَسْرِي عَلَيْهَا.
(وَيَلْحَقُ) اللَّقِيطُ (الذِّمِّيَّ) إذَا اسْتَلْحَقَهُ (نَسَبًا) كَالْمُسْلِمِ (لَا دِينًا) لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِدَعْوَى الْكَافِرِ، وَلِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ وَفِيهِ إضْرَارٌ بِاللَّقِيطِ.
(وَلَا حَقَّ لَهُ) أَيْ الذِّمِّيِّ (فِي حَضَانَتِهِ) أَيْ اللَّقِيطِ الَّذِي اسْتَلْحَقَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِكَفَالَةِ مُسْلِمٍ وَلَا تُؤْمَنُ فِتْنَتُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ
وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ.
(وَلَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ إلَّا أَنَّ يُقِيمَ) الذِّمِّيُّ (بَيِّنَةً أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشٍ فَيَلْحَقُهُ دِينًا) لِثُبُوتِ أَنَّهُ وَلَدُ ذِمِّيَّيْنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَقِيطًا (بِشَرْطِ اسْتِمْرَارِ أَبَوَيْهِ عَلَى الْحَيَاةِ وَالْكُفْرِ) إلَى بُلُوغِهِ عَاقِلًا فَإِنَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ.
(وَالْمَجْنُونُ كَالطِّفْلِ) إذَا أَقَرَّ إنْسَانٌ أَنَّهُ وَلَدُهُ لَحِقَ بِهِ (إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ وَكَانَ) الْمَجْنُونُ (مَجْهُولَ النَّسَبِ) لِأَنَّ قَوْلَ الْمَجْنُونِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَهُوَ كَالطِّفْلِ.
(وَكُلُّ مَنْ ثَبَتَ إلْحَاقُهُ بِالِاسْتِلْحَاقِ لَوْ بَلَغَ) أَوْ عَقِلَ (وَأَنْكَرَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ) لِنُفُوذِ الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ فِي صِغَرِهِ أَوْ جُنُونِهِ لِمُسْتَنِدٍ صَحِيحٍ أَشْبَهَ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ.
(وَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ نَسَبَ اللَّقِيطِ (اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ) سُمِعَتْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَوْ انْفَرَدَ صَحَّتْ دَعْوَاهُ فَإِذَا تَنَازَعُوا تَسَاوَوْا فِي الدَّعْوَى وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ (لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُدِّمَ بِهَا) لِأَنَّهَا تُظْهِرُ الْحَقَّ وَتُبَيِّنُهُ (وَإِنْ كَانَ) اللَّقِيطُ الْمُدَّعَى نَسَبُهُ (فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَأَقَامَا بَيِّنَةً قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ خَارِجٍ) كَالْمَالِ.
(وَإِنْ كَانَ) اللَّقِيطُ (فِي يَدِ امْرَأَةٍ) وَادَّعَتْ نَسَبَهُ وَأَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةً (قُدِّمَتْ عَلَى امْرَأَةٍ ادَّعَتْهُ بِلَا بَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مُوَضِّحَةٌ (وَإِنْ تَسَاوَوْا فِي الْبَيِّنَةِ) بِأَنْ أَقَامَ كُلُّ مِنْهُمْ بَيِّنَةً وَالطِّفْلُ بِأَيْدِيهِمْ أَوْ لَيْسَ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (أَوْ) تَسَاوَوْا فِي (عَدَمِهَا عُرِضَ) اللَّقِيطُ (مَعَهُمَا) أَيْ الْمُدَّعِيَيْنِ إنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا وَإِلَّا لَحِقَ بِالْأَوَّلِ، إلَّا أَنْ تُلْحِقَهُ الْقَافَةُ بِالثَّانِي فَيَلْحَقَ بِهِ وَيَنْقَطِعَ نَسَبُهُ عَنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ فِي إلْحَاقِ النَّسَبِ فَيَزُولَ بِهَا الْحُكْمُ الثَّابِتُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى (عَلَى الْقَافَةِ) بِالتَّخْفِيفِ جَمْعُ قَائِفٍ، وَيَأْتِي مَعْنَاهُ.
وَكَانَ إيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَائِفًا وَكَذَا شُرَيْحٌ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (أَوْ) عَرَضَ (مَعَ أَقَارِبِهُمَا إنْ مَاتَا) أَيْ الْمُدَّعِيَيْنِ (كَالْأَخِ وَالْأُخْتِ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ فَإِنْ أَلْحَقْتُهُ) الْقَافَةُ (بِأَحَدِهِمَا لَحِقَ بِهِ) لِحَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ مَسْرُورٌ فَقَالَ: أَيْ عَائِشَةُ أَلَمْ تَرَيْ إلَى مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ؟ دَخَلَ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» .
وَفِي لَفْظٍ «دَخَلَ قَائِفٌ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَاهِدٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مُضْطَجِعَانِ فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، فَسُرَّ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَعْجَبَهُ وَأَخْبَرَ بِهِ عَائِشَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَبِهِ قَالَ عُمَرُ وَأَبُو مُوسَى وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ وَقَضَى بِهِ عُمَرُ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَكَانَ إجْمَاعًا.
(وَإِنَّ أَلْحَقَتْهُ)
الْقَافَةُ (بِهِمَا) أَيْ الْمُدَّعِيَيْنِ (لَحِقَ) نَسَبُهُ (بِهِمَا) لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ عُمَرَ " فِي امْرَأَةٍ وَطِئَهَا رَجُلَانِ فِي طُهْرٍ فَقَالَ الْقَائِفُ: قَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا فَجَعَلَهُ بَيْنَهُمَا " وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ وَعَلِيٌّ يَقُولُ " هُوَ ابْنُهُمَا وَهُمَا أَبَوَاهُ يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ " وَرَوَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بِكَارٍ عَنْ عُمَرَ (فَيَرِثُ) الْمُلْحَقُ بِأَبَوَيْنِ (كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إرْثَ وَلَدٍ كَامِلٍ، وَيَرِثَانِهِ إرْثَ أَبٍ وَاحِدٍ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنَّ وَصَّى لَهُ) أَيْ الْمُلْحَقِ بِاثْنَيْنِ (قَبِلَا) الْوَصِيَّةَ لَهُ (جَمِيعًا) لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ أَبٍ وَاحِدٍ وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ نِكَاحٍ وَقَبُولٍ هِبَةٍ وَنَحْوِهَا قَالَ الْمُوَضِّحُ: وَهُمَا وَلِيَّانِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَنِكَاحٍ وَغَيْرِهِ.
(وَإِنَّ خَلَفَ) الْمُلْحَقَ بِاثْنَيْنِ (أَحَدُهُمَا فَلَهُ إرْثُ أَبٍ كَامِلٍ وَنَسَبُهُ ثَابِتٌ مِنْ الْمَيِّتِ) كَمَا أَنَّ الْجَدَّةَ إذَا انْفَرَدَتْ أَخَذَتْ مَا يَأْخُذُهُ الْجَدَّاتُ وَالزَّوْجَةُ كَالزَّوْجَاتِ (وَلِأُمَّيْ أَبَوَيْهِ مَعَ أُمِّ أُمِّهِ نِصْفُ السُّدْسِ) لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ أُمِّ أَبٍ مَعَ أُمٍّ (وَلَهَا) أَيْ لِأُمِّ أُمِّهِ (نِصْفُهُ) أَيْ السُّدُسُ.
(وَلَوْ تَوَقَّفَتْ الْقَافَةُ فِي إلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا أَوْ نَفْتَهُ عَنْ الْآخَرِ لَمْ يَلْحَقْ بِاَلَّذِي تَوَقَّفَتْ فِيهِ) لِأَنَّهُ لَا دَلِيلٌ لَهُ.
(وَلَا يَلْتَحِقُ) الْوَلَدُ (بِأَكْثَرَ مِنْ أُمٍّ وَاحِدَةٍ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أُمَّيْنِ فَإِنَّ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَكْثَرَ مِنْ أُمٍّ سَقَطَ قَوْلُهَا وَلَمْ يَلْحَقْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِتَبَيُّنِ خَطَأِ الْقَافَةِ وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى.
(وَإِنَّ ادَّعَى نَسَبَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ لَحِقَ بِهِمَا) لِأَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُمَا بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَيَكُونُ ابْنَهُمَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُمَا كَالِانْفِرَادِ.
(فَإِنْ قَالَ الرَّجُلُ هُوَ ابْنِي مِنْ زَوْجَتِي وَادَّعَتْ زَوْجَتُهُ ذَلِكَ) أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْهُ وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ ابْنُهَا (فَهُوَ ابْنُهُ) وَ (تُرَجَّحُ زَوْجَتُهُ عَلَى الْأُخْرَى) لِأَنَّ زَوْجَهَا أَبُوهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا أُمُّهُ.
وَالْقَافَةُ قَوْمٌ يَعْرِفُونَ الْأَنْسَابَ بِالشَّبَهِ جَمْعُ قَائِفٍ (وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِقَبِيلَةٍ مُعَيَّنَةٍ) كَبَنِي مُدْلِجٍ (بَلْ مَنْ عُرِفَ مِنْهُ الْمَعْرِفَةَ بِذَلِكَ وَتَكَرَّرَتْ مِنْهُ الْإِصَابَةُ فَهُوَ قَائِفٌ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ: يُقَالُ قَفَّتْ وَقَفَوْتُ وَقَافَ وَاقْتَافَ أَثَرَهُ إذَا اتَّبَعَهُ وَهُوَ أَقْوَفُ النَّاسِ اهـ وَالْقَائِفُ كَالْحَاكِمِ فَلَوْ أُلْحِقَ بِوَاحِدٍ لَمْ يَصِحَّ إلْحَاقُهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِآخَرَ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَلَدُهُ حُكِمَ لَهُ بِهِ وَسَقَطَ قَوْلُ الْقَائِفِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ، فَيَسْقُطُ بِوُجُودِ الْأَصْلِ.
(وَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ نَسَبًا لِلَّقِيطِ وَنَحْوِهِ (أَكْثَرُ مِنْ اثْنَيْنِ) كَثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرُ (فَأُلْحِقَ) أَيْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ (بِهِمْ لَحِقَ بِهِمْ وَإِنَّ كَثُرُوا) لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ أُلْحِقَ بِاثْنَيْنِ مَوْجُودٌ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ قِيَاسًا وَقَوْلُهُمْ إنَّ إلْحَاقَهُ بِاثْنَيْنِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ مَمْنُوعٌ، وَإِنْ سَلَّمْنَاهُ، لَكِنْ ثَبَتَ لِمَعْنًى مَوْجُودٍ فِي غَيْرِ، فَيَجِبُ
تَعْدِيَةُ الْحُكْمِ إلَيْهِ (وَالْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ) مِنْ أَنَّهُ يَرِثُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَدٌ كَامِلٌ وَيَرِثُونَهُ إرْثَ أَبٍ وَاحِدٍ وَيَقْبَلُونَ لَهُ الْوَصِيَّةِ وَنَحْوَهَا (لَا يُرَجَّحُ أَحَدُهُمْ بِذِكْرِ عَلَامَةٍ فِي جَسَدِهِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الْغَيْرُ فَلَا تَحْصُلُ الثِّقَةُ بِذِكْرِهَا.
(وَإِنَّ نَفَتْهُ الْقَافَةُ عَنْهُمْ أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ أَوْ لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ) يُمْكِنُ الذَّهَابُ إلَيْهَا (وَلَوْ بَعِيدَةً فَيَذْهَبُونَ إلَيْهَا) ضَاعَ نَسَبُهُ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ لِأَحَدِهِمْ أَشْبَهَ مَنْ لَمْ يُدَّعَ نَسَبُهُ.
(أَوْ اخْتَلَفَ قَائِفَانِ أَوْ) اخْتَلَفَ (اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ ضَاعَ نَسَبُهُ) لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ لِأَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ كَمَا لَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا.
(وَإِنْ اتَّفَقَ) قَائِفَانِ اثْنَانِ وَخَالَفَهُمَا قَائِفٌ (ثَالِثٌ أُخِذَ بِهِمَا) لِكَمَالِ النِّصَابِ إنْ اُعْتُبِرَ التَّعَدُّدُ وَإِلَّا فَتَعَارُضُ الْقَائِفِينَ يَقْتَضِي تَسَاقُطِهِمَا، وَالثَّالِثُ خَلَا عَنْ مُعَارِضٍ فَيُعْمَلُ بِهِ (وَمِثْلُهُ طَبِيبَانِ وَبَيْطَارَانِ فِي عَيْبٍ) خَالَفَهُمَا ثَالِثٌ فَيُقَدَّمَانِ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ رَجَعَا) بَعْدَ التَّقْوِيمِ بِأَنَّ قَوَّمَاهُ بِعَشْرَةٍ ثُمَّ رَجَعَا إلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ ثَمَانِيَةٍ لَمْ يُقْبَلْ قَالَ الْحَارِثِيُّ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَوْ رَجَعَ مَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ الْقَافَةُ عَنْ دَعْوَاهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَمَعَ عَدَمِ إلْحَاقِهَا بِوَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ فَرَجَعَ أَحَدُهُمَا يَلْحَقُ بِالْآخَرِ.
(وَلَوْ أَلْحَقَتْهُ) الْقَافَةُ (بِوَاحِدٍ لِانْفِرَادِهِ بِالدَّعْوَى ثُمَّ عَادَتْ فَأَلْحَقَتْهُ بِغَيْرِهِ) كَانَ لِلْأَوَّلِ (أَوْ أَلْحَقَتْهُ قَافَةٌ بِوَاحِدٍ فَجَاءَتْ قَافَةٌ أُخْرَى فَأَلْحَقَتْهُ بِآخَرَ كَانَ لِلْأَوَّلِ) لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ.
وَإِنَّ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَلَدُهُ حُكِمَ لَهُ بِهِ وَسَقَطَ قَوْلُ الْقَائِفِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ فَسَقَطَ بِوُجُودِ الْأَصْلِ.
(وَإِنَّ وَلَدَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرًا وَ) وَلَدَتْ (أُخْرَى أُنْثَى وَادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمْ أَنَّ الذَّكَرَ وَلَدُهَا دُونَ الْأُنْثَى عُرِضَتَا مَعَ الْوَلَدَيْنِ عَلَى الْقَافَةِ فَيَلْحَقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ) الْقَافَةُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ آخَرُ (فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ اعْتَبَرَ بِاللَّبَنِ خَاصَّةً، فَإِنَّ لَبَنَ الذَّكَرِ يُخَالِفُ لَبَنَ الْأُنْثَى فِي طَبْعِهِ وَزِنَتِهِ وَقَدْ قِيلَ إنَّ لَبَنَ الِابْنِ أَثْقَلُ مِنْ لَبَنِ الْأُنْثَى فَمَنْ كَانَ لَبَنُهَا لَبَنَ الِابْنِ فَهُوَ وَلَدُهَا وَالْبِنْتُ لِلْأُخْرَى وَإِنْ كَانَ الْوَلَدَانِ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ وَادَّعَتَا أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ عَرْضُهُ) أَيْ الْوَلَدِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ (عَلَى الْقَافَةِ) كَمَا تَقَدَّمَ.
وَإِنْ ادَّعَى اثْنَانِ مَوْلُودًا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: هُوَ ابْنَيْ وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ ابْنِي نَظَرَ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَلِمُدَّعِيهِ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلِمُدَّعِيهَا سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ أَوْ لَا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَسْتَحِقُّ سِوَى مَا ادَّعَاهُ، وَإِنْ كَانَ خُنْثَى مُشْكَلًا عُرِضَ مَعَهُمَا عَلَى الْقَافَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَوْلُ أَحَدِهِمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ.
(وَإِنْ وَطِئَ اثْنَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ أَوْ) وَطِئَا (جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ أَوْ وُطِئَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ أَوْ وُطِئَتْ أُمُّ وَلَدِهِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ
مِنْهُ) أَيْ الْوَاطِئِ (فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ مِنْ الْوَاطِئِ أُرِيَ) الْوَلَدُ (الْقَافَةَ مَعَهُمَا) أَيْ الْوَاطِئَيْنِ إنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ وَإِلَّا فَمَعَ، أَقَارِبِهِمَا، كَاللَّقِيطِ، وَأُلْحِقَ بِمَنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ مِنْهُمَا (سَوَاءٌ ادَّعَيَاهُ أَوْ جَحَدَاهُ أَوْ) ادَّعَاهُ (أَحَدُهُمَا) وَجَحَدَهُ الْآخَرُ وَقَدْ ثَبَتَ الْفِرَاشُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ مِنْ الْوَاطِئِ تَبَعًا لِأَبِي الْخَطَّابِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يُلَائِمُ آخِرُ كَلَامِهِ لَكِنَّهُ تَبِعَ صَاحِبَ الْإِنْصَافِ وَعِبَارَةُ الْمُبْدِعِ أَيْضًا مُوهِمَةٌ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ وَمُتَابِعِيهِ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَحْدَهُ اخْتَصَّ بِهِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا كُلُّ مِنْهُمَا تَزْوِيجًا فَاسِدًا، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَحِيحًا وَالْآخَرُ فَاسِدًا أَوْ بِيعَتْ أَمَتُهُ فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَيْسَ لِزَوْجٍ أُلْحِقَ بِهِ اللِّعَانُ لِنَفْيِهِ.
(وَنَفَقَةُ الْمَوْلُودِ) الْمُشْتَبَهُ نَسَبُهُ (عَلَى الْوَاطِئَيْنِ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي إمْكَانِ لُحُوقِهِ بِهِمَا (فَإِذَا أُلْحِقَ) الْوَلَدُ (بِأَحَدِهِمَا رَجَعَ مَنْ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ عَلَى الْآخَرِ بِنَفَقَتِهِ) لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مَحَلُّ الْوُجُوبِ.
(وَيُقْبِلُ قَوْلُ الْقَائِفِ فِي غَيْرِ بُنُوَّةٍ، كَأُخُوَّةٍ وَعُمُومَةٍ) وَخُؤُولَةٍ لِحَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا عَلَا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَخْوَالَهُ وَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا أَشْبَهَ أَعْمَامَهُ» ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْعَصَبَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ شَبَهِ الْمُدَّعِي لِلْمَيِّتِ بِشِبْهِ مُنَاسِبِيهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْعَصَبَاتِ.
(وَلَا قَوْلَ الْقَائِفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا عَدْلًا مُجَرَّبًا فِي الْإِصَابَةِ) لِأَنَّ قَوْلَهُ حُكْمٌ فَاعْتُبِرَ لَهُ هَذِهِ الشُّرُوطُ (وَلَا تُشْتَرَطُ حُرِّيَّتُهُ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: هَذَا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهَذَا أَصَحُّ لِأَنَّ الرِّقَّ لَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ، فَلَا يُمْنَعُ الْقَبُولُ كَالرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَالْمُفْتِي، بِجَامِعِ الْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ وَقِيلَ تُشْتَرَطُ حُرِّيَّتُهُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَذَكَره فِي التَّرْغِيبِ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: الْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ كَحَاكِمٍ، فَتُعْتَبَرُ حُرِّيَّتُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَلَا الْإِسْلَامُ.
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا اشْتَرَطَ إسْلَامَ الْقَائِفِ وَعِنْدِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ وَجَزَمَ بِاشْتِرَاطِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى أَخْذًا مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ قُلْتُ مُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ كَحَاكِمٍ أَوْ شَاهِدٍ اعْتِبَارُ الْإِسْلَامِ قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَيَكْفِي قَائِفٌ وَاحِدٌ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتَقَافَ الْمُصْطَلِقِيَّ وَحْدَهُ وَكَذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ اسْتَقَافَ ابْنَ كَلَدَةَ وَحْدَهُ،