الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَرَهُ) بِالْأَخْذِ لَهُ (فِي قَوْلِ) مَنْ يَقُولُ بِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الِالْتِقَاطِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ وَالْمَذْهَبُ لَا يَصِحُّ وَتَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاصْطِيَادِ.
[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الِانْتِفَاعِ بِالْمِيَاهِ غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ وَنَحْوِهَا]
(وَإِذَا كَانَ الْمَاءُ فِي نَهْرٍ) صَغِيرٍ (غَيْرِ مَمْلُوكٍ كَمِيَاهِ الْأَمْطَارِ، وَ) كَ (الْأَنْهَارِ الصِّغَارِ وَازْدَحَمَ النَّاسُ فِيهِ) أَيْ: الْمَاءِ (وَتَشَاحُّوا فَلِمَنْ فِي أَعْلَاهُ) أَيْ: النَّهْرِ (أَنْ يَبْدَأَ) بِالسَّقْيِ (فَيَسْقِي) أَرْضَهُ.
(وَيَحْبِسُ الْمَاءَ) بِهَا (حَتَّى يَصِلَ إلَى كَعْبِهِ ثُمَّ يُرْسِلُهُ إلَى مَنْ يَلِيهِ) فَيَسْقِي وَيَحْبِسُهُ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى كَعْبِهِ، ثُمَّ يُرْسِلُهُ إلَى مَنْ يَلِيهِ فَيَفْعَلُ (كَذَلِكَ) وَهَلُمَّ جَرًّا (إلَى آخِرِهِمْ) لِحَدِيثِ عُبَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَضَى فِي شُرْبِ النَّخْلِ مِنْ السَّيْلِ أَنَّ الْأَعْلَى يَشْرَبُ قَبْلَ الْأَسْفَلِ، وَيَتْرُكُ الْمَاءَ إلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُرْسِلُ الْمَاءَ إلَى الْأَسْفَلِ الَّذِي يَلِيهِ، وَكَذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَوَائِطُ، أَوْ يَفْنَى الْمَاءُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ وَمَعْنَاهُ قِصَّةُ الزُّبَيْرِ مَعَ الْأَنْصَارِيِّ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
(فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ مِنْ الْمَاءِ مِنْ الْأَوَّلِ) شَيْءٌ (أَوْ) لَمْ يَفْضُلْ (عَمَّنْ يَلِيهِ) أَيْ الْأُوَلِ (شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لِلْبَاقِي) أَيْ لِمَنْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا فَضَلَ فَهُوَ كَالْعَصَبَةِ مَعَ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ فِي الْمِيرَاثِ.
(الْمِيرَاثِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَرْضِ أَحَدِهِمْ مُسْتَقِلًّا وَ) كَانَ (بَعْضُهَا مُسْتَعْلِيًا سَقَى كُلَّ وَاحِدَةٍ عَلَى حِدَتِهَا) أَيْ انْفِرَادِهَا فَيَسْقِي الْأَعْلَى ثُمَّ يُرْسِلُ الْمَاءَ إلَى مَنْ يَلِيهِ، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى يَصِلَ إلَى الْأَسْفَلِ فَيَسْقِيه لِمَا تَقَدَّمَ.
(فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ) فَأَكْثَرُ (فِي الْقُرْبِ مِنْ أَوَّلِ النَّهْرِ اقْتَسَمَا الْمَاءَ بَيْنِهِمَا) عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ (إنْ أَمْكَنَ) قَسْمُهُ لِتُسَاوِيهِمَا فِي الْحَقِّ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُ بَيْنَهُمْ (أَقْرَعَ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ لَا يَفْضُلُ عَنْ) سَقْيِ (أَحَدِهِمَا سَقَى الْقَارِعُ) أَوَّلًا (بِقَدْرِ حَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ ثُمَّ يَتْرُكُهُ) أَيْ الْمَاءَ (لِلْآخَرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْقِيَ بِجَمِيعِ الْمَاءِ لِمُسَاوَاةِ الْآخَرِ لَهُ) فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَاءِ (وَإِنَّمَا الْقُرْعَةُ لِلتَّقَدُّمِ) فِي اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ لَا فِي أَصْلِ الْحَقِّ (بِخِلَافِ الْأَعْلَى مَعَ الْأَسْفَلِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْأَسْفَلِ حَقٌّ إلَّا فِي الْفَاضِلِ عَنْ الْأَعْلَى) كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْضِ الْآخَرِ قُسِمَ الْمَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ) فَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا جَرِيبٌ وَلِلْآخَرِ جَرِيبَانِ
مَثَلًا قُسِمَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِذِي الْجَرِيبِ ثُلُثٌ وَلِلْآخَرِ ثُلُثَانِ وَهَكَذَا،؛ لِأَنَّ مَنْ أَرْضُهُ أَكْثَرُ مُسَاوٍ لِلْآخَرِ فِي الْقُرْبِ فَاسْتَحَقَّ جُزْءًا مِنْ الْمَاءِ فِي نَظِيرِ الزَّائِدِ.
(وَلَوْ احْتَاجَ الْأَعْلَى إلَى الشُّرْبِ) أَيْ: سَقْيِ أَرْضَهُ (ثَانِيًا قَبْلَ انْتِهَاءِ سَقْيِ الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ) إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ سَقْيُ الْأَرَاضِي لِيَحْصُلَ التَّعَادُلُ.
(وَمَنْ سَبَقَ إلَى قَنَاةٍ لَا مَالِكَ لَهَا وَسَبَقَ آخَرُ إلَى بَعْضِ أَفْوَاهِهَا مِنْ فَوْقٍ أَوْ مِنْ أَسْفَلَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا سَبَقَ إلَيْهِ) لِحَدِيثِ «مَنْ سَبَقَ إلَى مَاءٍ لَمْ يَسْبِقْهُ إلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ» .
(وَلِمَالِكِ أَرْضٍ مَنْعُهُ مِنْ الدُّخُولِ بِهَا) أَيْ: بِأَرْضِهِ (وَلَوْ كَانَتْ رُسُومُهَا) أَيْ الْقَنَاةِ (فِي أَرْضِهِ) فَلَا يَدْخُلُ الْمُحْيِي أَرْضَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ مِنْ دَلَالَةِ الرُّسُومِ عَلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْمُحْيِيَ إنَّمَا يَمْلِكُ الْقَنَاةَ بِالْإِحْيَاءِ فَوُجُودُ الرُّسُومِ لَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ مِلْكِهِ بِخِلَافِ الْجَارِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ مِلْكِهِ ثَابِتٌ.
(وَإِنَّهُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ (لَا يَمْلِكُ) رَبُّ أَرْضٍ (تَضْيِيقَ مَجْرَى قَنَاةٍ فِي أَرْضِهِ خَوْفَ لِصٍّ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ مَجْرَاهَا (لِصَاحِبِهَا) أَيْ الْقَنَاةِ فَلَا يَتَصَرَّفُ غَيْرُهُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
(وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ كَبِيرًا لَا يَحْصُلُ فِيهِ تَزَاحُمٌ كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ فَلِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْقِيَ مِنْهُ مَا شَاءَ مَتَى شَاءَ كَيْفَ شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ.
(فَإِنْ أَرَادَ إنْسَانٌ إحْيَاءَ أَرْضٍ يَسْقِيهَا مِنْهُ) أَيْ: مِنْ السَّيْلِ (أَوْ) يَسْقِيهَا (مِنْ غَيْرِ مَمْلُوكٍ تَجْرِي فِيهِ مِيَاهُ الْأَمْطَارِ وَلَوْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى أَوَّلِ النَّهْرِ لَمْ يُمْنَعْ) أَيْ لَمْ يَمْنَعْهُ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي هَذَا الْمَاءِ مِنْ الْإِحْيَاءِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْمَاءِ لَا فِي الْمَوَاتِ (مَا لَمْ يَضُرَّ بِأَهْلِ الْأَرْضِ الشَّارِبَةِ مِنْهُ) فَيَمْلِكُونَ مَنْعَهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمْ.
(وَلَا يَسْقِي) مَنْ أَحْيَا بَعْدَهُمْ (قَبْلَهُمْ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ أَسْبَقُ؛ وَلِأَنَّ مَنْ مَلَكَ أَرْضًا مَلَكَهَا بِحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا فَلَا يَمْلِكُ غَيْرُهُ إبْطَالَ حُقُوقِهَا، وَسَبْقُهُمْ إيَّاهُ بِالسَّقْيِ مِنْ حُقُوقِهَا (وَلَوْ أَحْيَا سَابِقٌ فِي أَسْفَلِهِ) أَيْ: النَّهْرِ الصَّغِيرِ (ثُمَّ)(أَحْيَا آخَرُ فَوْقَهُ ثُمَّ) أَحْيَا (ثَالِثٌ فَوْقَ الثَّانِي سَقَى الْمُحْيِي أَوَّلًا ثُمَّ) سَقَى (الثَّانِي ثُمَّ) سَقَى (الثَّالِثُ) ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ السَّبْقُ إلَى الْإِحْيَاءِ لَا إلَى أَوَّلِ النَّهْرِ.
(وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ بِنَهْرٍ مَمْلُوكٍ كَحَفْرِ نَهْرٍ صَغِيرٍ سِيقَ الْمَاءُ إلَيْهِ مِنْ نَهْرٍ كَبِيرٍ فَمَا حَصَلَ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ مِلْكٌ) لِلْحِيَازَةِ (فَلَوْ كَانَ) النَّهْرُ (لِجَمَاعَةٍ فَ) الْمَاءُ (بَيْنَهُمْ) عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمْ فِي النَّهْرِ وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى حَسَبِ الْعَمَلِ وَالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مُلِكَ بِالْعِمَارَةِ وَالْعِمَارَةُ بِالنَّفَقَةِ وَالْعَمَلِ (فَإِنْ لَمْ يَكْفِهِمْ) الْمَاءُ (وَتَرَاضَوْا عَلَى قِسْمَتِهِ جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمْ.
(وَإِلَّا) أَيْ لَمْ يَتَرَاضَوْا عَلَى قِسْمَتِهِ (قَسَمَهُ الْحَاكِمُ) بَيْنَهُمْ (عَلَى
قَدْرِ مُلْكِهِمْ) أَيْ قَسَمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَاءِ بِقَدَرِ مَا يَمْلِكُ مِنْ النَّهْرِ (فَتُؤْخَذُ خَشَبَةٌ، أَوْ حَجَرٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَالْوَسَطِ فَتُوضَعُ عَلَى مَوْضِعٍ مُسْتَوٍ مِنْ الْأَرْضِ فِي مَصَدِّ الْمَاءِ فِيهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْخَشَبَةِ أَوْ الْحَجَرِ (حُزُوزٌ أَوْ ثُقُوبٌ مُتَسَاوِيَةٌ فِي السَّعَةِ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ يُخْرَج مَنْ كُلِّ حَزٍّ، أَوْ ثُقْبٍ إلَى سَاقِيَةٍ مُفْرَدَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَإِذَا حَصَلَ الْمَاءُ فِي سَاقِيَتِهِ انْفَرَدَ بِهِ) فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا أَحَبَّ؛ لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِمِلْكِهِ (فَإِنْ كَانَتْ أَمْلَاكُهُمْ) مُسْتَوِيَةً فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَتْ (مُخْتَلِفَةً قُسِمَ) الْمَاءُ (عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ) أَيْ: أَمْلَاكِهِمْ (فَإِنْ كَانَ لِأَحَدٍ نِصْفُهُ وَلِلثَّانِي ثُلُثُهُ وَلِلثَّالِثِ سُدُسُهُ جَعَلَ فِيهِ سِتَّةَ ثُقُوبٍ، لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةُ) ثُقُوبٍ (تَصُبُّ فِي سَاقِيَتِهِ: وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ) يَصُبَّانِ فِي سَاقِيَتِهِ (وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدٌ) يَصُبُّ فِي سَاقِيَتِهِ.
(فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يُجْرِيَ مَاءَهُ فِي سَاقِيَةِ غَيْرِهِ لِيُقَاسِمَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ) لَهُ ذَلِكَ (بِغَيْرِ رِضَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي سَاقِيَتِهِ وَيُخَرِّبُ حَافَّتَهَا وَيَخْلِطُ حَقَّهُ بِحَقِّ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ.
(وَمَا حَصَلَ لِأَحَدِهِمْ فِي سَاقِيَتِهِ تَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا أَحَبَّ مِنْ عَمَلِ رَحًى عَلَيْهَا) أَيْ السَّاقِيَةِ (أَوْ) عَمَلِ (دُولَابٍ، أَوْ عَبَّارَةٍ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (وَهِيَ خَشَبَةٌ تُمَدُّ عَلَى طَافِي النَّهْرِ، أَوْ) عَمَلِ (قَنْطَرَةٍ يَعْبُرُ الْمَاءُ عَلَيْهَا، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ) ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ لَا حَقّ لِغَيْرِهِ فِيهَا.
(وَأَمَّا النَّهْرُ الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ جَمَاعَةٍ (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَتَصَرَّف فِيهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا أَحَبَّ (فَلَيْسَ لَهُ) أَيْ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ (فَتْحُ سَاقِيَةٍ إلَى جَانِبِهِ) أَيْ النَّهْرِ (قَبْلَ الْمَقْسِمِ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ: مَوْضِعِ الْقَسْمِ وَهُوَ الْحَجَرُ أَوْ الْخَشَبَةُ الَّتِي بِهَا الثُّقُوبُ (يَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهَا وَلَا أَنْ يَنْصِبَ عَلَى حَافَتَيْ النَّهْرِ رَحًى تَدُورُ بِالْمَاءِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ) مِنْ نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ (؛ لِأَنَّ حَرِيمَ النَّهْرِ مُشْتَرَكٌ فَلَمْ يُمْلَكْ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ.
" تَتِمَّةٌ " نَقَلَ يَعْقُوبُ فِيمَنْ غَصَبَ حَقَّهُ مِنْ مَاءٍ مُشْتَرَكٍ لِلْبَقِيَّةِ أَخْذُ حَقِّهِمْ.
(وَإِذَا اقْتَسَمُوا مَاءَ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ بِالْمُهَايَأَةِ وَكَانَ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعْلُومًا مِثْلَ أَنْ يَجْعَلُوا لِكُلِّ حِصَّةٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً، أَوْ لِوَاحِدٍ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ، وَلِلْآخَرِ مِنْ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) جَازَ (أَوْ اقْتَسَمُوهُ بِالسَّاعَاتِ وَأَمْكَنَ ضَبْطُ ذَلِكَ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ جَازَ إذَا تَرَاضَوْا بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَتَجَاوَزُهُمْ.
(وَتَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ لَوْ احْتَاجَ النَّهْرُ) الْمُشْتَرَكُ (وَنَحْوُهُ إلَى عِمَارَةٍ، أَوْ كَرْيٍ) أَيْ تَنْظِيفٍ وَأَنَّهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ بِحَسَبِ أَمْلَاكِهِمْ وَمَنْ سَدَّ لَهُ مَاءً لِجَاهِهِ فَلِغَيْرِهِ السَّقْيُ مِنْهُ لِحَاجَةٍ مَا لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ يَرُدُّهُ عَلَى مَنْ سَدَّ عَنْهُ.
(وَمَنْ تَرَكَ دَابَّةً بِمَهْلَكَةٍ أَوْ) بِ (فَلَاةٍ لِعَجْزِهِ عَنْ عَلَفِهَا أَوْ) تَرْكَهَا بِهِمَا (لِانْقِطَاعِهَا) أَيْ: عَجْزِهَا عَنْ الْمَشْيِ (وَيَأْسِهِ مِنْهَا مَلَكَهَا مُسْتَنْقِذُهَا نَصًّا) لِمَا رَوَى الشَّعْبِيُّ مَرْفُوعًا «مَنْ وَجَدَ دَابَّةً عَجَزَ عَنْهَا أَهْلُهَا، فَسَيَّبُوهَا، فَأَخَذَهَا، فَأَحْيَاهَا فَهِيَ لَهُ» قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ: يَعْنِي: لِلشَّعْبِيِّ مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا قَالَ: غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ وَالدَّارَقُطْنِيّ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ إحْيَاءً لَهَا، وَإِنْقَاذًا مِنْ الْهَلَاكِ، وَصَوْنًا لِلْمَالِ عَنْ الضَّيَاعِ، وَحِفْظًا لِحُرْمَةِ الْحَيَوَانِ.
(لَا) إنْ أَخَذَ (عَبْدًا أَوْ مَتَاعًا تَرَكَهُ) رَبُّهُ (عَجْزًا) عَنْهُ فَلَا يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ، اقْتِصَارًا عَلَى صُورَةِ النَّصِّ؛ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ يُمْكِنُهُ فِي الْعَادَةِ التَّخَلُّصَ إلَى الْأَمَاكِنِ الَّتِي يَعِيشُ بِهَا، وَالْمَتَاعُ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِي نَفْسِهِ، وَلَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ كَالْخَشْيَةِ عَلَى الْحَيَوَانِ فَإِنَّ الْحَيَوَانَ يَمُوتُ إذَا لَمْ يُطْعَمْ، وَيُسْقَى، وَتَأْكُلُهُ السِّبَاعُ، وَالْمَتَاعُ يَبْقَى.
(وَلَا مَا أُلْقِيَ فِي الْبَحْرِ خَوْفًا مِنْ الْغَرَقِ) فَلَا يَمْلِكُهُ آخِذُهُ قَالَ الْحَارِثُ نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يَمْلِكُهُ آخِذُهُ قَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ، وَالْمُنْتَهَى، وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ فِي اللُّقَطَةِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ.
(أَوْ انْكَسَرَتْ السَّفِينَةُ السَّفِينَةُ وَأَخْرَجَهُ) أَيْ: الْمَتَاعَ الَّذِي كَانَ فِيهَا (قَوْمٌ) فَلَا يَمْلِكُونَهُ (فَيَرْجِعُ آخِذُهُ) أَيْ: الْعَبْدُ عَلَى رَبِّهِ (بِنَفَقَةٍ وَاجِبَةٍ وَ) بِ (أُجْرَةِ حَمْلِ مَتَاع) وَإِنْقَاذِ الْعَبْد أَوْ الْمَتَاعِ مِنْ الْبَحْرِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ رَبُّهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِعَالَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَثًّا، وَتَرْغِيبًا فِي إنْقَاذِ الْأَمْوَالِ مِنْ الْهَلَكَةِ.
(، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَحْمِيَ)، وَفِي نُسَخٍ: أَنْ يُحْيِيَ، وَالْأَوَّلُ الصَّوَابُ كَمَا فِي الْمُقْنِعِ، وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ كَلَامِهِ (أَرْضَ مَوَاتٍ لِرَعْيِ دَوَابِّ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يَقُومُ بِحِفْظِهَا مِنْ الصَّدَقَةِ، وَالْجِزْيَةِ، وَدَوَابِّ الْغُزَاةِ، وَ) رَعْيِ (مَاشِيَةِ الضُّعَفَاءِ عَنْ الْبُعْدِ لِلرَّعْيِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، مَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " الْمَالُ مَالُ اللَّهِ، وَالْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ، وَاَللَّهِ لَوْلَا مَا أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْتُ مِنْ الْأَرْضِ شِبْرًا فِي شِبْرٍ رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنْ الظَّهْرِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّ عُثْمَانَ حَمَى، وَاشْتَهَرَ، وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ (لَيْسَ ذَلِكَ) أَيْ: الْحِمَى (لِغَيْرِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ لِقِيَامِ الْإِمَامِ مَقَامَ الْمُسْلِمِينَ، فِيمَا هُوَ مِنْ مَصَالِحِهِمْ دُونَ غَيْرِهِ.
غَيْرِهِ وَمَا حَمَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ أَوْ غَيْرِهِمْ (نَقْضُهُ نَقْضُهُ وَلَا تَغْيِيرُهُ) لَا (مَعَ بَقَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَ) لَا مَعَ (عَدَمِهَا، وَلَا إحْيَاؤُهُ فَإِنْ أَحْيَاهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) ؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ، (وَكَانَ لَهُ صلى الله عليه وسلم فَقَطْ) دُونَ غَيْرِهِ