الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ (عَنْ إرْثِهِ كَمَنْ) أَيْ كَذِمِّيٍّ (لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ) فَبَاقِي مَالِهِ فَيْءٌ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.
فَإِنْ وَرِثَهُ حَرْبِيٌّ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ اخْتِلَافَ الدَّارَيْنِ لَيْسَ بِمَانِعٍ كَانَ أَيْضًا لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مَالُ حَرْبِيٍّ قَدَرْنَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ قِتَالٍ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.
[بَابُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ]
(بَابُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ) أَيْ بَيَانِ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ، كَالْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا بِلَا تُهْمَةٍ وَمَنْ يَرِثُ مِنْهُنَّ كَالْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا يُتَّهَمُ فِيهِ بِقَصْدِ الْحِرْمَانِ (إذَا أَبَانَ) الزَّوْجُ (زَوْجَتَهُ فِي صِحَّتِهِ) لَمْ يَتَوَارَثَا (أَوْ) أَبَانَهَا (فِي مَرَضِهِ غَيْرِ الْمَخُوفِ وَمَاتَ بِهِ) لَمْ يَتَوَارَثَا (أَوْ) أَبَانَهَا فِي (مَرَضٍ غَيْرِ مَرَضِ الْمَوْتِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَخُلْعٍ عَلَى عِوَضٍ (وَلَوْ قَصَدَ الْفِرَارَ مِنْ الْمِيرَاثِ لَمْ يَتَوَارَثَا) ؛ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا فِرَارَ مِنْهُ (بَلْ) يَتَوَارَثَانِ (فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ) سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَرَضِ أَوْ الصِّحَّةِ قَالَ فِي الْمُغْنِي: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ وَظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ وَيَمْلِكُ إمْسَاكَهَا بِالرَّجْعَةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَلَا صَدَاقٍ جَدِيدٍ.
(وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ) الْمَخُوفِ أَوْ غَيْرِهِ (طَلَاقًا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ) بِقَصْدِ الْفِرَارِ (بِأَنْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ أَوْ الْخُلْعَ) فَأَجَابَهَا إلَيْهِ، فَكَطَلَاقِ الصَّحِيحِ (أَوْ) عَلَّقَهُ (عَلَى مَشِيئَتِهَا فَشَاءَتْ) فَكَطَلَاقٍ صَحِيحٍ وَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ الَّتِي قَبْلَهَا (أَوْ خَيَّرَهَا) أَيْ خَيَّرَ الْمَرِيضُ زَوْجَتَهُ (فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا) فَكَطَلَاقٍ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِقَصْدِ الْحِرْمَانِ (أَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ عَلَّقَ صَحِيحَ الطَّلَاقِ (بِفِعْلِ زَيْدٍ كَذَا) كَدُخُولِهِ الدَّارَ (فَفَعَلَهُ) زَيْدٌ (فِي مَرَضِهِ) فَكَطَلَاقٍ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْهُ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ.
وَكَذَا لَوْ عَلَّقَهُ صَحِيحًا بِطُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ نُزُولِ الْمَطَرِ أَوْ قُدُومِ الْحَاجِّ فَوُجِدَ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ (أَوْ) عَلَّقَهُ صَحِيحًا (بِشَهْرٍ، فَجَاءَ فِي مَرَضِهِ، أَوْ عَلَّقَهُ فِي الصِّحَّةِ عَلَى شَرْطٍ كَقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ صَلَاتِهَا الْفَرْضَ فَوُجِدَ)
ذَلِكَ (فِي الْمَرَضِ) فَكَطَلَاقٍ صَحِيحٍ لِعَدَمِ قَرِينَةِ إرَادَةِ الْفِرَارِ (أَوْ طَلَّقَ) وَلَوْ مَرِيضًا (مَنْ لَا تَرِثُ كَالْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ فَعَتَقَتْ وَأَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ) فَكَطَلَاقٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ فَارًّا لِمَانِعٍ مِنْ رِقٍّ أَوْ اخْتِلَافِ دِينٍ (أَوْ قَالَ لَهُمَا) أَيْ لِلْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ: (أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ غَدًا فَعَتَقَتْ الْأَمَةُ) قَبْلَ غَدٍ (وَأَسْلَمَتْ الذِّمِّيَّةُ قَبْلَ غَدٍ) فَكَطَلَاقِ الصَّحِيحِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(أَوْ وَطِئَ مَجْنُونٌ أُمَّ زَوْجَتِهِ فَكَطَلَاقِ الصَّحِيحِ؛) لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا قَصْدَ لَهُ صَحِيحٌ إذَنْ (إلَّا إذَا سَأَلَتْهُ) أَيْ سَأَلَتْ زَوْجَةُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ أَنْ يُطَلِّقَهَا (طَلْقَةً) أَوْ طَلْقَتَيْنِ (فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَتَرِثُهُ) مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ أَوْ تَرْتَدَّ لِقَرِينَةِ التُّهْمَةِ.
قُلْتُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا لَمْ تَكُنْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ عَلَى عِوَضٍ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَرِثْهُ؛ لِأَنَّهَا سَأَلَتْهُ الْإِبَانَةَ وَقَدْ أَجَابَهَا إلَيْهَا (وَإِنْ كَانَ يُتَّهَمُ فِيهِ) أَيْ الطَّلَاقِ (بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا الْمِيرَاثَ كَمَنْ طَلَّقَهَا ابْتِدَاءً) بِلَا سُؤَالٍ مِنْهَا (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ أَوْ عَلَّقَهُ فِيهِ) أَيْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ (عَلَى فِعْلٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ شَرْعًا كَصَلَاةٍ وَنَحْوِهَا) كَوَضُوءٍ وَغُسْلٍ (أَوْ) عَلَّقَهُ فِيهِ عَلَى فِعْلٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ (عَقْلًا كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَوْمٍ وَنَحْوِهِ فَفَعَلَتْهُ وَلَوْ عَالِمَةً، وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْفِعْلِ الَّذِي لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ (كَلَامُ أَبَوَيْهَا أَوْ) كَلَامُ (أَحَدِهِمَا) ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ فَلَوْ عَلَّقَ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ طَلَاقَهَا عَلَى كَلَامِهِمَا أَوْ عَلَى كَلَامِ أَحَدِهِمَا فَفَعَلَتْ، لَمْ تَرِثْ وَجَعَلَ فِي الْمُحَرَّرِ كَلَامَ أَبِيهَا مِمَّا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ شَرْعًا.
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ وَكَلَامُ أَبَوَيْهَا أَوْ أَحَدِهِمَا انْتَهَى.
قُلْتُ: وَلَوْ قِيلَ بِهِ حَتَّى فِي الْأَجْنَبِيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَحْذُورٌ لَمْ يَبْعُدْ؛ لِمَا يَأْتِي فِي حَدِيثِ «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ أَيَّامٍ» (أَوْ طَلَّقَهَا) فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا (أَوْ خَلَعَهَا فِيهِ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (عَلَى مَرَضِهِ أَوْ عَلَى فِعْلٍ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (فَفَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ) الْمَخُوفِ، (أَوْ) عَلَّقَهُ (عَلَى تَرْكِهِ) أَيْ تَرْكِ فِعْلٍ لَهُ (كَقَوْلِهِ) : أَنْتِ طَالِقٌ (لِأَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْك أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك وَنَحْوِهِ، فَمَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ) وَرِثَتْهُ (أَوْ أَقَرَّ فِيهِ) أَيْ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ (أَنَّهُ كَانَ أَبَانَهَا) فِي صِحَّتِهِ وَرِثَتْهُ.
(أَوْ وَكَّلَ فِي صِحَّتِهِ مَنْ يُبِينُهَا مَتَى شَاءَ فَأَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ) وَرِثَتْهُ (أَوْ قَذَفَهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ وَلَاعَنَهَا فِي مَرَضِهِ؛ لِنَفْيِ الْحَدِّ أَوْ لِنَفْيِ الْوَلَدِ) وَرِثَتْهُ (أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ ذِمِّيَّةٍ) أَوْ طَلَاقَ أَمَةٍ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ الذِّمِّيَّةِ (وَالْعِتْقِ) لِلْأَمَةِ (فَوُجِدَا) أَيْ الْإِسْلَامُ وَالْعِتْقُ (فِي مَرَضِهِ) وَرِثَتْهُ (أَوْ عَلِمَ) الْمَرِيضُ (أَنَّ سَيِّدَهَا
عَلَّقَ عِتْقَهَا بَعْدُ، فَأَبَانَهَا الْيَوْمَ) وَرِثَتْهُ (أَوْ وَطِئَ فِيهِ) أَيْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ (عَاقِلٌ وَلَوْ صَبِيًّا أُمَّ امْرَأَتَهُ) أَوْ بِنْتَهَا انْفَسَخَ نِكَاحُ امْرَأَتِهِ وَوَرِثَتْهُ (أَوْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ) أَيْ امْرَأَةَ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفَ (أَبُوهُ) أَوْ ابْنُهُ الْعَاقِلُ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَ.
(وَرِثَتْهُ) ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه " وَرَّثَ بِنْتَ الْأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةِ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَكَانَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ فَبَتَّهَا ".
وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ وَرَوَى عُرْوَةُ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ:" لَئِنْ مِتَّ لَأُورِثَنَّهَا مِنْكَ قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ: " لَا تَرِثْ مَبْتُوتَةٌ " فَمَسْبُوقٌ بِالْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَلِأَنَّ قَصْدَ الْمُطَلِّقِ قَصْدٌ فَاسِدٌ فِي الْمِيرَاثِ فَعُورِضَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَالْقَاتِلِ الْقَاصِدِ اسْتِعْجَالَ الْمِيرَاثِ يُعَاقَبُ بِحِرْمَانِهِ، وَكَمَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ: مَا أُلْحِقَ بِهِ كَمَنْ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ أَوْ حُبِسَ لَهُ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي عَطِيَّةِ الْمَرِيضِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ (وَلَمْ يَرِثْهَا) لِانْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ وَلَا قَصْدَ مِنْهَا فَيُعَاقَبُ بِضِدِّهِ وَتَرِثُ الْمُبَانَةُ فِرَارًا مِنْ مُبِينِهَا.
(وَلَوْ) مَاتَ (بَعْدَ) انْقِضَاءِ (الْعِدَّةِ)، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا طَلَّقَهَا الْمَرِيضُ أَنَّهَا تَرِثُهُ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا (مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ) ؛ لِمَا رَوَى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَاهُ طَلَّقَ أُمَّهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَمَاتَ فَوَرِثَتْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا " فَإِنْ تَزَوَّجَتْ لَمْ تَرِثْ مِنْ الْأَوَّلِ (أَبَانَهَا الثَّانِي أَوْ لَا، أَوْ تَرْتَدَّ) فَإِنْ ارْتَدَّتْ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ.
(وَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الِارْتِدَادِ وَلَوْ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ تَزَوُّجِهَا وَارْتِدَادِهَا يَسْقُطُ بِهِ إرْثُهَا؛ لِأَنَّهَا فَعَلَتْ بِاخْتِيَارِهَا مَا يُنَافِي نِكَاحَ الْأَوَّلِ (وَتَعْتَدُّ) الْمُبَانَةُ فِرَارًا (أَطْوَلَ الْأَجَلَيْنِ) مِنْ عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي الْعِدَدِ) بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا.
(فَإِنْ لَمْ يَمُتْ) الْمُطَلِّقُ (مِنْ الْمَرَضِ) الْمَخُوفِ (وَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُ بَلْ لُسِعَ) بِشَيْءٍ مِنْ الْقَوَاتِلِ (أَوْ أَكَلَهُ سَبُعٌ) وَنَحْوُهُ (فَكَذَلِكَ) أَيْ وَرِثَتْهُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ أَوْ تَرْتَدَّ نَظَرًا إلَى قَصْدِ الْفِرَارِ (وَلَوْ أَبَانَهَا) أَيْ أَبَانَ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفَ زَوْجَتَهُ (قَبْلَ الدُّخُولِ) وَالْخَلْوَةِ.
(وَرِثَتْهُ) مُعَاقَبَةً لَهُ بِضِدِّ قَصْدِهِ (وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّهَا مُبَانَةٌ فِي الْحَيَاةِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومٍ لَهُ بِضِدِّ قَصْدِهِ الْفَاسِدِ (وَيَأْتِي فِي بَابِ) يَعْنِي كِتَابَ (الصَّدَاقِ) مُفَصَّلًا.
(وَإِنْ أُكْرِهَ ابْنٌ عَاقِلٌ وَارِثٌ) وَلَوْ صَبِيًّا (وَلَوْ نَقَصَ إرْثُهُ) بِوُجُودِ مُزَاحِمٍ بِأَنْ وُجِدَ لِلْمَرِيضِ ابْنٌ آخَرُ (أَوْ انْقَطَعَ) إرْثُهُ لِقِيَامِ مَانِعٍ أَوْ حَجْبٍ بِأَنْ كَانَ ابْنَ ابْنٍ، فَحَدَثَ لِلْمَرِيضِ
ابْنٌ حَجَبَهُ (امْرَأَةَ أَبِيهِ أَوْ امْرَأَةَ جَدِّهِ وَهُوَ وَارِثُهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ أَكْرَهَ الْمَرْأَةَ حَالَ كَوْنِهِ وَارِثًا وَلَوْ صَارَ غَيْرَ وَارِثٍ بَعْدُ كَمَا تَقَدَّمَ (فِي مَرَضِهِ) أَيْ مَرَضِ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ الْمَخُوفِ (عَلَى مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا) مُتَعَلِّقٌ بِأُكَرِهِ مِنْ وَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ بَيَانٌ لِمَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا.
وَغَيْرُ الْوَطْءِ إرْضَاعُ زَوْجَةٍ لَهُ صُغْرَى أُخْرَى (لَمْ يَنْقَطِعْ مِيرَاثُهَا) ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ حَصَلَ فِي مَرَضِ الزَّوْجِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الزَّوْجَةِ لِقَصْدِ حِرْمَانِهَا فَلَمْ يَنْقَطِعْ إرْثُهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ أَبَانَهَا الزَّوْجُ (إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (امْرَأَةٌ تَرِثُهُ سِوَاهَا) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ إذَنْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَفَّرْ عَلَيْهِ بِفَسْخِ نِكَاحِهَا شَيْءٌ مِنْ الْمِيرَاثِ (أَوْ) كَانَ (لَمْ يُتَّهَمْ فِيهِ) أَيْ قَصْدِ حِرْمَانِهَا الْمِيرَاثَ (حَالَ الْإِكْرَاهِ) بِأَنْ كَانَ ابْنَ ابْنٍ مَعَ وُجُودِ ابْن، أَوْ كَانَ رَقِيقًا أَوْ مُبَايِنًا لِدِينِ زَوْجِهَا، (أَوْ طَاوَعَتْ) الْمَرْأَةُ ابْنَ زَوْجِهَا وَنَحْوَهُ عَلَى وَطْئِهِ وَنَحْوِهِ فَلَا تَرِثُ؛ لِأَنَّهَا شَارَكَتْهُ فِيمَا يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الْبَيْنُونَةَ فَأَبَانَهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ زَائِلَ الْعَقْلِ.
(وَإِنْ فَعَلَتْ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا بِأَنْ تُرْضِعَ امْرَأَةَ زَوْجِهَا الصَّغِيرَةَ أَوْ) تُرْضِعَ (زَوْجَهَا الصَّغِيرَ فِي الْحَوْلَيْنِ) خَمْسَ رَضَعَاتٍ (أَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ ابْنِ زَوْجِهَا) أَوْ ذَكَرَ أَبِيهِ.
(وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ ارْتَدَّتْ) فِي مَرَضِ مَوْتِهَا الْمَخُوفِ (لَمْ يَسْقُطْ مِيرَاثُ زَوْجِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، فَلَمْ يُسْقِطْ فِعْلُهَا مِيرَاثَ الْآخَرِ كَالزَّوْجِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَكَذَا خَرَّجَ الشَّيْخُ، أَيْ الْمُوَفَّقُ فِي بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ، أَيْ إذَا فَعَلَ مَا يَقْطَعُ مِيرَاثَ قَرِيبِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ بِأَنْ ارْتَدَّ؛ لِئَلَّا يَرِثَهُ قَرِيبُهُ فَيُعَاقَبُ بِضِدِّ ذَلِكَ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ رِدَّةَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَرَضِ لَا تَقْطَعُ الْمِيرَاثَ كَمَا فِي الِانْتِصَارِ وَقَالَ الْمُوَفَّقُ: وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَشْهَرُ: لَا أَيْ أَنَّ الرِّدَّةَ لَيْسَتْ كَفِعْلِ مَا يَفْسَخُ النِّكَاحَ، فَتَقْطَعَ الْمِيرَاثَ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُنْتَهَى؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ أَوْ ارْتَدَّ (وَكَذَا) لَا يَسْقُطُ مِيرَاثُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُطَلِّقُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ، فَقَالَ: وَالزَّوْجُ فِي إرْثِهَا إذَا قَطَعَتْ نِكَاحَهَا مِنْهُ كَفِعْلِهِ انْتَهَى.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَرِثُهَا فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا كَمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ (هُوَ الْمُطَلِّقُ) وَكَذَا أَطْلَقَ فِي الْمُقْنِعِ وَتَبِعَهُ فِي الشَّرْحِ وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ: مُرَادُهُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَكَذَا قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ.
وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى، لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ (هَذَا) أَيْ عَدَمُ سُقُوطِ مِيرَاثِ زَوْجِهَا بِفَسْخِهَا النِّكَاحَ (إنْ كَانَتْ مُتَّهَمَةً فِيهِ) أَيْ فِي فِعْلِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا بِقَصْدِ حِرْمَانِهِ الْمِيرَاثَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ
مُتَّهَمَةً فِي ذَلِكَ (سَقَطَ) الْمِيرَاثُ (كَفَسْخِ مُعْتَقَةٍ تَحْتَ عَبْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ لَا لِلْفِرَارِ (أَوْ فَعَلَتْهُ) أَيْ مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا مِنْ اسْتِدْخَالِ ذَكَرِ أَبِيهِ أَوْ إرْضَاعِ زَوْجَةِ زَوْجِهَا الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ (مَجْنُونَةً) فَلَا إرْثَ؛ لِأَنَّهَا لَا قَصْدَ لَهَا.
(وَلَوْ خَلَّفَ زَوْجَاتٍ نِكَاحُ بَعْضِهِنَّ فَاسِدٌ) وَلَمْ تُعْلَم عَيْنُهَا أَخْرَجَهَا وَارِثٌ بِقُرْعَةٍ (أَوْ) خَلَّفَ زَوْجَاتٍ نِكَاحُ بَعْضِهِنَّ (مُنْقَطِعٌ قَطْعًا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ (وَلَمْ تُعْلَمْ عَيْنُهَا) أَيْ عَيْنُ مَنْ انْقَطَعَ نِكَاحُهَا قَطْعًا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ (أَخْرَجَهَا وَارِثٌ بِقُرْعَةٍ) وَالْمِيرَاثُ لِلْبَوَاقِي لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ عَنْ آدَمِيٍّ فَتُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْقُرْعَةُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ كَالْعِتْقِ وَلِأَنَّ الْحُقُوق تَسَاوَتْ عَلَى وَجْهٍ تَعَذَّرَ تَعْيِينُ الْمُسْتَحِقِّ فِيهِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِيهِ الْقُرْعَةُ كَالْقِسْمَةِ.
(وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عِنِّينًا فَأُجِّلَ سَنَةً فَلَمْ يُصِبْهَا حَتَّى مَرِضَتْ) مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ (فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَاخْتَارَتْ فُرْقَتَهُ وَفَرَّقَ) الْحَاكِمُ (بَيْنَهُمَا لَمْ يَتَوَرَّثَا) لِانْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا فِرَارَ فِيهِنَّ لِأَنَّ الْفَسْخَ هُنَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ لَا لِلْفِرَارِ، فَهِيَ كَالْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدٍ.
(وَإِنْ طَلَّقَ أَرْبَعًا فِي مَرَضِهِ) الْمَخُوفِ (طَلَاقًا يُتَّهَمُ فِيهِ) بِقَصْدِ حِرْمَانِهِنَّ (فَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ) ثُمَّ مَاتَ (فَالْمِيرَاثُ لِلثَّمَانِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ الْمُطَلَّقَاتُ) أَوْ يَرْتَدَّنَّ؛ لِأَنَّ طَلَاقَهُنَّ لَمْ يُسْقِطْ مِيرَاثَهُنَّ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُشَارِكْنَ الزَّوْجَاتِ.
(وَلَوْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ) فِرَارًا (وَاحِدَةً) فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا (وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا) ثُمَّ مَاتَ (فَالْمِيرَاثُ بَيْنَ الْخَمْسِ عَلَى السَّوَاءِ) ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ وَارِثَةٌ بِالزَّوْجِيَّةِ فَكَانَتْ أُسْوَةَ مَنْ سِوَاهَا.
(وَلَوْ ادَّعَتْ) امْرَأَةٌ (أَنَّ زَوْجَهَا أَبَانَهَا وَجَحَدَ الزَّوْجُ) دَعْوَاهَا (ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ إنْ دَامَتْ عَلَى قَوْلِهَا) لِإِقْرَارِهَا أَنَّهَا مُقِيمَةٌ تَحْتَهُ بِغَيْرِ نِكَاحٍ.
وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَرِثَتْهُ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ آثَارُهُ مِنْ وُجُوبِ طَاعَتِهِ وَنَحْوِهَا وَلَا عِبْرَةَ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ إذَنْ وَفِيهِ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارٍ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ فَلَمْ يُقْبَلْ.
(وَلَوْ قَتَلَهَا) أَيْ قَتَلَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (فِي مَرَضِ الْمَوْتِ) الْمَخُوفِ (ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ لِخُرُوجِهَا مِنْ حَيِّزِ التَّمَلُّكِ وَالتَّمْلِيكِ) ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهَا مِنْ أَجْلِ أَنْ لَا تَرِثَهُ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ خِلَافٌ كَمَنْ وَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ صَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَحُكْمُ التَّزَوُّجِ فِي مَرَضِهِ) حُكْمُهُ فِي الصِّحَّةِ (أَوْ) أَيْ وَحُكْمُ تَزَوُّجِهَا فِي (مَرَضِهَا حُكْمُ التَّزَوُّجِ فِي الصِّحَّةِ (أَوْ) أَيْ وَحُكْمُ تَزَوُّجِ إنْسَانٍ بِامْرَأَةٍ فِي (مَرَضِهَا وَلَوْ) كَانَ الْمَرَضُ (مَخُوفًا وَلَوْ) كَانَ النِّكَاحُ (مُضَارَّةً) لِلْوَرَثَةِ أَوْ بَعْضِهِمْ حُكْمُ النِّكَاحِ فِي