المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الهبة والعطية] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٤

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ إجَارَةُ الْعَيْنِ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِجَارَة عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فِي الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ مَعَ إطْلَاقِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى زَرَعَ فَغَرِقَ الزَّرْعُ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَجِيرُ قِسْمَانِ خَاصٌّ وَمُشْتَرَكٌ]

- ‌[فَصْلٌ تَجِبُ الْأُجْرَةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ]

- ‌[بَابُ السَّبَقِ وَالْمُنَاضَلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُسَابَقَةُ جِعَالَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُنَاضَلَةِ مِنْ النَّضْلِ]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[فَصْلُ حُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ]

- ‌[فَصْلُ دَفَعَ إلَيْهِ دَابَّةً أَوْ غَيْرَهَا]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ وَجِنَايَةِ الْبَهَائِمِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ الْإِتْلَافَاتِ]

- ‌[فَصْلُ يَلْزَمُ الْغَاصِب رَدُّ الْمَغْصُوبِ إلَى مَحَلِّهِ]

- ‌[فَصْل زَادَ الْمَغْصُوبُ بِيَدِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ بِيَدِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ خَلَطَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ بِمَالِهِ]

- ‌[فَصْلٌ وَطِئَ الْغَاصِبُ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ]

- ‌[فَصْلٌ تَلَفُ الْمَغْصُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مَنْفَعَةٌ تَصِحُّ إجَارَتُهَا]

- ‌[فَصْلٌ تَصَرُّفَاتُ الْغَاصِبِ الْحُكْمِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَالُ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ]

- ‌[فَصْلٌ أَجَّجَ نَارًا فِي مَوَاتٍ أَوْ أَجَّجَهَا فِي مِلْكِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الشُّفْعَة أَنْ يَكُونَ الشِّقْصُ الْمُنْتَقِلُ عَنْ الشَّرِيكِ مَبِيعًا أَوْ مُصَالَحًا بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ وَمَا بِمَعْنَاهُ شِقْصًا مُشَاعًا]

- ‌[فَصْلٌ لِلشُّفْعَةِ الْمُطَالَبَةُ بِهَا عَلَى الْفَوْرِ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَأْخُذ الشَّرِيك جَمِيعَ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَكُونَ لِلشَّفِيعِ مِلْكٌ لِلرَّقَبَةِ سَابِقٌ عَلَى الْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الطَّلَبِ]

- ‌[فَصْلٌ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ]

- ‌[لَا شُفْعَةَ فِي بَيْعٍ فِيهِ خِيَارُ مَجْلِسٍ أَوْ خِيَارُ شَرْطٍ]

- ‌[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُودَعُ أَمِينٌ]

- ‌[بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ إحْيَاء الْأَرْضِ الْمَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْطَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الِانْتِفَاعِ بِالْمِيَاهِ غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[بَابُ الْجَعَالَةِ]

- ‌[بَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[فَصْلُ التَّصَرُّفُ فِي اللُّقَطَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُلْتَقِطِ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا]

- ‌[بَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[فَصْلٌ مِيرَاثُ اللَّقِيطِ إنْ مَاتَ]

- ‌[فَصْلٌ أَقَرَّ إنْسَانٌ أَنَّ اللَّقِيطَ وَلَدُهُ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[فَصْلٌ: إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ وَالْغُزَاةِ وَالْعُلَمَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ يَزُولُ مِلْكِ الْوَاقِفِ عَنْ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ بِمُجَرَّدِ الْوَقْفِ]

- ‌[فَصْلٌ يُرْجَعُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ إلَى شَرْطِ وَاقِفٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُرْجَعُ إلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي النَّاظِرِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ نَاظِرًا وَشَرَطَهُ النَّظَرَ]

- ‌[فَصْلٌ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَسِّمَ الْوَقْفَ عَلَى أَوْلَادِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَبْرَأَ غَرِيمٌ غَرِيمَهُ مِنْ دَيْنِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعْدِيلِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ: وَلِأَبٍ حُرًّا أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عَطِيَّةِ الْمَرِيضِ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْعَطِيَّةِ فِي مَرَض الْمَوْتِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ مَلَكَ فِي صِحَّتِهِ ابْنَ عَمِّهِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا بِقَبُولِهِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الرُّجُوعِ فِي الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبَاتُ الَّتِي عَلَى الْمَيِّتِ تُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى بِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ قَتَلَ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى]

- ‌[فَصْلٌ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكَنِيسَةٍ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُفْرَدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أُوصِيَ لَهُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ زَادَتْ الْوَصَايَا عَلَى الْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ وَالْأَنْصِبَاءِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَّا فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَدّ مَعَ الْإِخْوَة أَوْ الْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مُنْفَرِدِينَ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْأُمِّ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْجَدَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ]

- ‌[بَابُ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَالْعَوْلِ وَالرَّدِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّدِّ]

- ‌[بَابُ تَصْحِيحُ الْمَسَائِلِ]

- ‌[فَصْل تَمَاثُلِ الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْمُنَاسَخَاتِ]

- ‌[بَابُ قِسْمَةِ التَّرِكَاتِ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَكَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِهِمْ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ غَمَى أَيْ خَفَى مَوْتُهُمْ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ]

- ‌[فَصْلٌ يَرِثُ مَجُوسِيٌّ إذَا أَسْلَمَ أَوْ حَاكَمَ إلَيْنَا]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي طَرِيقُ الْعَمَلِ فِي هَذَا الْبَابِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَقَرَّ مِنْ الْوَرَثَةِ فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا عَوْلٌ بِمَنْ أَيْ بِوَارِثٍ يُزِيلُ الْعَوْلَ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَلَاءِ وَجَرِّهِ وَدَوْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَرِثُ النِّسَاءُ بِالْوَلَاءِ إلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَوْرِ الْوَلَاءِ وَمَعْنَاهُ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ رَقِيقِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ قَالَ السَّيِّدُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ]

- ‌[فَصْلٌ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ نَفْعَ نَفْسِهِ وَكَسْبَهُ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ شَيْئًا مِنْ كَسْبِهِ أَيْ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصْلٌ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ فِي مُدَّةِ الْكِتَابَةِ بِشَرْطٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ كَاتَبَ عَبِيدَهُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ إمَاءَهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِعِوَضٍ وَاحِدٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ]

الفصل: ‌[باب الهبة والعطية]

[بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ]

(بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ) الْهِبَةُ مَصْدَرُ وَهَبَ الشَّيْءِ يَهَبُهُ هِبَةً، وَوَهْبًا بِإِسْكَانِ الْهَاءِ، وَفَتْحِهَا، وَمَوْهُوبًا وَالِاسْمُ الْمَوْهُوبَةُ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ: وَالْمُوهِبُ بِكَسْرِ الْهَاءِ فِيهِمَا وَقَدْ تُطْلَقُ الْهِبَةُ عَلَى الْمَوْهُوبِ كَمَا فِي الْخَبَرِ «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا إلَّا لِوَالِدٍ» .

وَفِي الْمُحْكَمِ: لَا يُقَالُ وَهَبَكَهُ، وَعَنْ السِّيرَافِيِّ: أَنَّ بَعْضَ الْأَعْرَابِ قَالَ: انْطَلِقْ مَعِي أَهَبُكَ نَبْلًا، وَأَصْلُهَا مِنْ هُبُوبِ الرِّيحِ أَيْ: مُرُورِهِ وَالِاتِّهَابُ قَبُولُ الْهِبَةِ وَالِاسْتِيهَابُ سُؤَالُهَا، وَأَوْهَبَهُ لَهُ أَعَدَّهُ لَهُ وَ (الْهِبَةُ تَمْلِيكُ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) وَهُوَ الْحُرُّ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ (مَالًا مَعْلُومًا) مَنْقُولًا أَوْ عَقَارًا (مَجْهُولًا تَعَذَّرَ عِلْمُهُ) بِأَنْ اخْتَلَطَ مَالُ اثْنَيْنِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مَالَهُ (مَوْجُودًا مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ غَيْرَ وَاجِبٍ فِي الْحَيَاةِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَمْلِيكٍ (بِلَا عِوَضٍ) مُتَعَلِّقٌ أَيْضًا بِهِ فَخَرَجَ بِالْمَالِ الِاخْتِصَاصَاتُ، وَتَأْتِي، وَبِالْمَعْلُومِ الْمَجْهُولُ الَّذِي لَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ فَلَا تَصِحُّ هِبَتُهُ كَبَيْعِهِ، وَبِالْمَوْجُودِ الْمَعْدُومُ كَعَبْدٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَبِالْمَقْدُورِ عَلَى تَسْلِيمِهِ الْحَمْلُ، وَبِغَيْرِ الْوَاجِبِ الدُّيُونُ وَالنَّفَقَاتُ، وَنَحْوُهَا، وَبِفِي الْحَيَاةِ الْوَصِيَّةُ، وَبِلَا عِوَضٍ عُقُودُ الْمُعَاوَضَاتِ وَقَوْلُهُ (بِمَا يُعَدُّ هِبَةً عُرْفًا) مُتَعَلِّقٌ بِتَمْلِيكٍ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ مِنْ لَفْظِ هِبَةٍ، وَتَمْلِيكٍ، وَنَحْوِهِمَا مِنْ كُلِّ قَوْلٍ، وَفِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهَا كَمَا يَأْتِي وَهُوَ بَيَانٌ لِمَا يُعَدُّ هِبَةً (هِبَةٌ وَتَنْعَقِدُ) الْهِبَةُ (بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ) بِأَيِّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَيْهِمَا.

(وَبِمُعَاطَاةٍ بِفِعْلٍ يَقْتَرِنُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا) أَيْ: الْهِبَةِ (فَتَجْهِيزُ ابْنَتِهِ) أَوْ أُخْتِهِ، وَنَحْوِهَا (بِجِهَازٍ إلَى) بَيْتِ (زَوْجِهَا تَمْلِيكٌ) لَهَا.

(وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (أَوَّلَ الْبَيْعِ وَالْعَطِيَّةُ تَمْلِيكُ عَيْنٍ) مَالِيَّةٍ مَوْجُودَةٍ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهَا مَعْلُومَةٍ، وَمَجْهُولَةٍ تَعَذَّرَ عِلْمُهَا (فِي الْحَيَاةِ بِلَا عِوَضٍ) ، وَمُحْتَرَزُ هَذِهِ الْقُيُودِ مَعْلُومٌ مِمَّا سَبَقَ فَالْعَطِيَّةُ عَلَى هَذَا مَصْدَرٌ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ كَذَلِكَ فِيمَا عَلِمْتُ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ قَالَ: بَلْ نَفْسُ الشَّيْءِ الْمُعْطَى وَالْجَمْعُ عَطَايَا، وَأَعْطِيَةٌ وَجَمَعُوا أَعْطِيَةً عَلَى أَعْطِيَاتٍ، وَأَمَّا الْمَصْدَرُ فَالْإِعْطَاءُ وَالِاسْمُ الْعَطَاءُ، وَيُقَالُ أَيْضًا عَلَى الشَّيْءِ الْمُعْطَى.

(وَهْبَةُ التَّلْجِئَةِ بَاطِلَةٌ بِحَيْثُ تُوهَبُ فِي الظَّاهِرِ، وَتُقْبَضُ مَعَ اتِّفَاقِ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى أَنَّهُ يَنْزِعُهُ مِنْهُ إذَا شَاءَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ

ص: 298

الْحِيَلِ الَّتِي تُجْعَلُ طَرِيقًا إلَى مَنْعِ الْوَارِثِ أَوْ الْغَرِيمِ حُقُوقَهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْوَسَائِلَ لَهَا حُكْمُ الْمَقَاصِدِ.

(الْمَقَاصِدُ وَأَنْوَاعُ الْهِبَةِ صَدَقَةٌ، وَهَدِيَّةٌ، وَنِحْلَةٌ وَهِيَ الْعَطِيَّةُ، وَمَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ) وَكُلُّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ بِلَا عِوَضٍ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي (تَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُهَا) أَيْ: أَحْكَامُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ تَجْرِي فِي الْبَقِيَّةِ (فَإِنْ قَصَدَ بِإِعْطَائِهِ ثَوَابَ الْآخِرَةِ فَقَطْ فَصَدَقَةٌ، وَإِنْ قَصَدَ) بِإِعْطَائِهِ (إكْرَامًا، وَتَوَدُّدًا، وَمُكَافَأَةً) وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا فِي الْمُنْتَهَى (فَهَدِيَّةٌ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ بِإِعْطَائِهِ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ (فَهِبَةٌ، وَعَطِيَّةٌ، وَنِحْلَةٌ وَهِيَ) أَيْ: الْمَذْكُورَاتُ مِنْ صَدَقَةٍ وَهَدِيَّةٍ وَهَدِيَّةٍ وَعَطِيَّةٍ (مُسْتَحَبَّةٌ إذَا قُصِدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى، كَالْهِبَةِ لِلْعُلَمَاءِ وَالْفُقَرَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَمَا قُصِدَ بِهِ صِلَةُ الرَّحِمِ) قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَجِنْسُ الْهِبَةِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ لِشُمُولِهِ مَعْنَى التَّوْسِعَةِ عَلَى الْغَيْرِ، وَنَفْي الشُّحِّ قَالَ: وَالْفَضْلُ فِيهَا يَثْبُتُ بِإِزَاءِ مَا قُصِدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى، كَالْهِبَةِ لِلصُّلَحَاءِ وَالْعُلَمَاءِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا خَيْرَ فِيمَا قُصِدَ بِهِ رِيَاءٌ أَوْ سُمْعَةٌ وَ (لَا) تُسْتَحَبُّ إنْ قُصِدَ بِهَا (مُبَاهَاةٌ وَرِيَاءٌ، وَسُمْعَةٌ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (فَتُكْرَهُ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعْ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَاءِ يُرَاءِ اللَّهُ بِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى قَرِيبٍ أَفْضَلُ مِنْ عِتْقٍ، لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مَيْمُونَةَ «أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَوْ أَعْطَيْتِهَا لِأَخْوَالِكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ» .

(قَالَ الشَّيْخُ: وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْهِبَةِ) لِمَا وَرَدَ فِيهَا مِمَّا لَا يُحْصَرُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْهِبَةِ مَعْنًى تَكُونُ) الْهِبَةُ (بِهِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ مِثْلُ الْإِهْدَاءِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَحَبَّةً لَهُ، وَمَثَلُ هَذَا الْإِهْدَاءُ لِقَرِيبٍ يَصِلُ بِهِ رَحِمَهُ أَوْ) الْإِهْدَاءُ ل (أَخٍ لَهُ فِي اللَّهِ فَهَذَا قَدْ يَكُونُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ) أَيْ: عَلَى غَيْرِهِ (انْتَهَى، وَوِعَاءُ هَدِيَّةٍ كَهِيَ) فِي أَنَّهَا لَا تُرَدُّ (مَعَ عُرْفٍ كَقَوْصَرَةِ التَّمْرِ فَتَتْبَعُهُ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ.

(وَمَنْ أَهْدَى) شَيْئًا (لِيُهْدَى لَهُ أَكْثَرُ) مِنْهُ (فَلَا بَأْسَ) بِهِ لِغَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) فَكَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] أَيْ: لَا تُعْطِ شَيْئًا لِتَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُهُ: هُوَ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَشْرَفِ الْأَخْلَاقِ، وَأَجَلِّهَا.

(وَيُعْتَبَرُ) فِي الْهِبَةِ (أَنْ تَكُونَ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) فَلَا تَصِحُّ مِنْ صَغِيرٍ، وَلَا سَفِيهٍ، وَلَا عَبْدٍ، وَنَحْوِهِمْ كَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ.

(وَهِيَ كَبَيْعٍ فِي تَرَاخِي

ص: 299

قَبُولٍ عَنْ إيجَابٍ فَتَصِحُّ مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهَا، فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ تَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهَا بَطَلَ.

(وَ) هِيَ كَبَيْعٍ أَيْضًا فِي (تَقَدُّمِهِ) أَيْ: تَقَدُّم الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ فَتَصِحُّ فِي الْحَالِ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا الْبَيْعُ، وَتَبْطُلُ فِيمَا يَبْطُلُ فِيهِ (أَوْ) هِيَ كَبَيْعٍ أَيْضًا فِي غَيْرِهِمَا) كَانْعِقَادِهَا بِكُلِّ لَفْظٍ أَدَّى مَعْنَاهَا، وَبِالْمُعَاطَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَلَا تَقْتَضِي) الْهِبَةُ (عِوَضًا وَلَوْ مَعَ عُرْفٍ كَأَنْ يُعْطِيَهُ) أَيْ: يُعْطِي الْأَدْنَى أَعْلَى مِنْهُ (لِيُعَاوِضَهُ أَوْ يَقْضِيَ لَهُ حَاجَةً) وَلَمْ يُصَرِّحْ لَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ اللَّفْظِ انْتِفَاءُ الْعِوَضِ وَالْقَرِينَةُ لَا تَسَاوِيهِ فَلَا يَصِحُّ إعْمَالُهَا وَلِهَذَا لَمْ نُلْحِقْهُ بِالشَّرْطِ.

(وَإِنْ شَرَطَ) الْوَاهِبُ (فِيهَا) أَيْ: الْهِبَةِ (عِوَضًا مَعْلُومًا صَارَتْ) الْهِبَةُ (بَيْعًا فَيَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ مَجْلِسٍ، وَنَحْوِهِ.

(وَ) يَثْبُتُ فِيهَا شُفْعَةٌ) إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ شِقْصًا مَشْفُوعًا (، وَنَحْوَهُمَا) كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَاللُّزُومِ قَبْلَ التَّقَابُضِ وَضَمَانُ الدَّرَكِ، وَوُجُوبُ التَّسَاوِي مَعَ التَّقَابُضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فِي الرِّبَوِيِّ الْمُتَّحِدِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُكَ أَوْ مَلَّكْتُكَ هَذَا بِهَذَا.

(وَإِنْ شَرَطَ) فِي الْهِبَةِ (ثَوَابًا مَجْهُولًا لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ) ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ مَجْهُولٌ فِي مُعَاوَضَةٍ، فَلَمْ تَصِحَّ كَالْبَيْعِ (وَحُكْمُهَا) أَيْ: الْهِبَةِ بِثَوَابٍ مَجْهُولٍ (حُكْمُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) فَيَضْمَنُهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ إنْ قَبَضَهَا، وَتَلِفَتْ بِمِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً وَقِيمَتُهَا إنْ كَانَتْ مُتَقَوَّمَةً (، وَيَرُدُّهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ) إنْ بَقِيَتْ (بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ) ؛ لِأَنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِ الْوَاهِبِ.

(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطِ عِوَضٍ) بِأَنْ قَالَ الْوَاهِبُ: شَرَطْنَا الْعِوَضَ، وَأَنْكَرَهُ مَوْهُوبٌ لَهُ (فَقَوْلُ مُنْكِرٍ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ (وَإِنْ قَالَ) قَابِضٌ (وَهَبْتَنِي مَا بِيَدَيَّ) وَ.

(قَالَ) مُقْبِضٌ بَلْ (بِعْتُكَهُ، وَلَا بَيِّنَةَ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ (مِنْهُمَا عَلَى مَا أَنْكَرَ وَلَا يَصِحُّ) أَيْ: لَا يَثْبُتُ (الْبَيْعُ وَلَا الْهِبَةُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا.

" تَتِمَّةٌ قَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَتَصِحُّ، وَتُمْلَكُ بِعَقْدٍ فَيَصِحُّ تَصَرُّفٌ قَبْلَ قَبْضٍ انْتَهَى وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: إنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْهُوبِ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ الْقَبْضِ وَكَذَا صَرَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ بِأَنَّ الْقَبْضَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْهِبَةِ كَالْإِيجَابِ فِي غَيْرِهَا وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَعَنْ ابْنِ حَامِدٍ وَجْهُ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْهِبَةِ يَقَعُ مُرَاعًى فَإِنْ وُجِدَ الْقَبْضُ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ لِلْمَوْهُوبِ بِقَوْلِهِ: وَإِلَّا فَهُوَ لِلْوَاهِبِ قُلْت: وَهُوَ وَجْهٌ حَسَنٌ.

(حَسَنٌ وَيَصِحُّ أَنْ يَهَبَ شَيْئًا) مِنْ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ عَبْدٍ وَنَحْوِهِمَا (وَيَسْتَثْنِيَ نَفْعَهُ مُدَّةً

ص: 300

مَعْلُومَةً) كَالْبَيْعِ وَالْعِتْقِ (وَ) يَصِحُّ (أَنْ يَهَبَ أَمَةً وَيَسْتَثْنِي مَا فِي بَطْنِهَا) كَالْعِتْقِ.

(وَتَلْزَمُ) الْهِبَةُ (بِقَبْضِهَا بِإِذْنِ وَاهِبٍ)، وَ (لَا) تَلْزَمُ (قَبْلَهُمَا) أَيْ: قَبْلَ الْقَبْضِ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ (وَلَوْ) كَانَتْ الْهِبَةُ (فِي غَيْرِ مَكِيلٍ وَنَحْوِهِ) لِمَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ عَائِشَةَ " أَنَّ أَبَا بَكْرٍ نَحَلَهَا جُذَاذَ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْعَالِيَةِ فَلَمَّا مَرِضَ قَالَ: يَا بُنَيَّةُ كُنْتُ نَحَلْتُكِ جُذَاذَ عِشْرِينَ وَسْقًا وَلَوْ كُنْتِ جَذَذْتِيهِ أَوْ قَبَضْتِيهِ كَانَ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى " وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرَ نَحْوَهُ.

وَرُوِيَ أَيْضًا نَحْوُهُ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ تَلْزَمُ فِي الْمُتَمَيِّزِ غَيْرِ الْمَكِيلِ وَنَحْوِهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ (إلَّا مَا كَانَ فِي يَدِ مُتَّهَبٍ كَوَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَغَصْبٍ وَنَحْوِهِ) كَشَرِكَةٍ (فَيَلْزَمُ) عَقْدُ الْهِبَةِ فِيهِ (بِ) بِمُجَرَّدِ (عَقْدٍ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى) مُضِيِّ (مُدَّةٍ يَتَأَتَّى قَبْضُهُ فِيهَا وَلَا إلَى إذْنِ) وَاهِبٍ (فِي الْقَبْضِ) لِأَنَّ قَبْضَهُ مُسْتَدَامٌ، فَأَغْنَى عَنْ الِابْتِدَاءِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ سِلْعَةً بِيَدِهِ.

(وَلَا يَصِحُّ قَبْضُ) الْهِبَةِ (إلَّا بِإِذْنِ وَاهِبٍ) لِأَنَّهُ قَبْضٌ غَيْرُ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَصِحَّ إلَّا بِإِذْنِهِ، كَأَصْلِ الْعَقْدِ وَكَالرَّهْنِ.

(وَالْإِذْنُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اللَّفْظِ بَلْ الْمُنَاوَلَةُ) إذْنٌ (وَالتَّخْلِيَةُ إذْنٌ) لِدَلَالَةِ الْحَالِ، وَكَذَا الْأَمْرُ بِأَكْلِ الطَّعَامِ الْمَوْهُوبِ (وَلِوَاهِبٍ) أَذِنَ لِمُتَّهَبٍ فِي قَبْضِ هِبَةٍ (الرُّجُوعُ فِي إذْنٍ) قَبْلَ الْقَبْضِ لِبَقَاءِ الْمُلْكِ، وَلَيْسَ الرُّجُوعُ عَنْهُ رُجُوعًا فِي الْهِبَةِ لِأَنَّ إبْطَالَ الْإِذْنِ إعْدَامٌ لَهُ وَعَدَمُهُ لَا يُوجِبُ رُجُوعًا قَالَهُ الْحَارِثِيُّ (وَ) لِوَاهِبٍ أَيْضًا الرُّجُوعُ فِي (هِبَةٍ قَبْلَ قَبْضٍ) لِأَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ لَمْ يَتِمَّ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمَنْعِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَعِتْقُ الْمَوْهُوبِ وَبَيْعُهُ وَهِبَتُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ رُجُوعٌ لِحُصُولِ الْمُنَافَاةِ (مَعَ الْكَرَاهَةِ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْهِبَةَ تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ.

(وَيَبْطُلُ إذْنُ الْوَاهِبِ) فِي الْقَبْضِ (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) أَيْ: الْوَاهِبِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّ إذْنَهُ فِيهِ وَكَالَةٌ وَهِيَ تَبْطُلُ بِذَلِكَ.

(وَيَقْبِضُ لِطِفْلٍ) وَهَبَهُ وَلِيُّهُ هِبَةً (أَبُوهُ فَقَطْ مِنْ نَفْسِهِ، فَيَقُولُ: وَهَبْتُ وَلَدِي كَذَا وَقَبَضْتُهُ لَهُ) فَإِنْ لَمْ يُقَلْ: وَقَبَضْتُهُ لَهُ لَمْ يَكْفِ عَلَى ظَاهِرِ رِوَايَةِ حَرْبٍ، لِتَغَايُرِ الْقَبْضَيْنِ، فَلَا بُدُّ مِنْ تَمْيِيزٍ لِأَنَّ الْيَدَ الَّتِي لِجِهَةِ الْمُتَّهَبِ هُنَا هِيَ نَفْسُ يَدُ الْوَاهِبِ فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدَّعِيهِ فِي ثَانِي الْحَالِ أَوْ يَدَّعِيهِ الْوَرَثَةُ تَرِكَةً فَيَذْهَبُ عَلَى الطِّفْلِ (وَلَا يَحْتَاجُ) أَبٌ وَهَبَ طِفْلَهُ (إلَى قَبُولٍ) لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ (وَلَا يَصِحُّ قَبْضُ الطِّفْلِ) أَيْ: غَيْرِ بَالِغٍ.

(وَلَوْ) كَانَ غَيْرُ الْبَالِغِ (مُمَيِّزًا وَلَا قَبْضُ

ص: 301

مَجْنُونٍ لِأَنْفُسِهِمَا وَلَا قَبُولُهُمَا) الْهِبَةَ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ (بَلْ) يَقْبَلُ وَيَقْبِضُ لَهُمَا (وَلِيُّهُمَا) لِأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ عَلَيْهِمَا فَالْأَبُ (الْأَمِينُ) أَيْ: الْعَدْلُ وَلَوْ ظَاهِرًا (يَقُومُ مَقَامَهُمَا) فِي ذَلِكَ (ثُمَّ) عِنْدَ عَدَمِهِ (وَصِيٌّ ثُمَّ حَاكِمٌ أَمِينٌ كَذَلِكَ أَوْ مَنْ يُقِيمُونَهُ مَقَامَهُمْ وَعِنْدَ عَدَمِهِمْ) أَيْ: الْأَوْلِيَاءِ (يَقْبِضُ لَهُ مَنْ يَلِيهِ مِنْ أُمٍّ وَقَرِيبٍ وَغَيْرِهِمَا نَصًّا) قَالَ ابْنُ الْحَكَمِ: سُئِلَ أَحْمَدُ يُعْطِي مِنْ الزَّكَاةِ الصَّبِيُّ؟ قَالَ نَعَمْ يُعْطِي أَبَاهُ أَوْ مَنْ يَقُومُ بِشَأْنِهِ وَرَوَى الْمَرْوَزِيُّ أَيْضًا نَحْوَهُ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ جَلْبُ مَنْفَعَةٍ وَمَحَلُّ حَاجَةٍ (وَتَقَدَّمَ آخَرَ بَابِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ لَكِنْ يَصِحُّ مِنْهُمَا) أَيْ: الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ (قَبْضُ الْمَأْكُولِ الَّذِي يُدْفَعُ مِثْلُهُ لِلصَّغِيرِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «كَانَ النَّاسُ إذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثِّمَارِ جَاءُوا بِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا أَخَذَهُ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا، ثُمَّ يُعْطِيهِ أَصْغَرَ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنْ الْوِلْدَانِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

(وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ لَهُمَا) أَيْ: لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ (أَحَدُ الثَّلَاثَةِ غَيْرُ الْأَبِ) بِأَنْ كَانَ الْوَاهِبُ الْوَصِيَّ أَوْ الْحَاكِمَ (لَمْ يَتَوَلَّ طَرَفَيْ الْعَقْدِ) كَالْبَيْعِ (وَوَكَّلَ مَنْ يُقْبَلُ) بِخِلَافِ الْأَبِ، لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْبَيْعِ (وَيَقْبِضُ هُوَ) أَيْ: الْوَلِيُّ.

قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّ الْأَبَ وَغَيْرَهُ فِي هَذَا سَوَاءٌ لِأَنَّهُ عَقْدُ جَارٍ صُدُورُهُ مِنْهُ وَمِنْ وَكِيلِهِ فَجَازَ لَهُ تَوَلِّي طَرَفَيْهِ كَالْأَبِ، وَفَارَقَ الْبَيْعُ فِي أَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَمُرَابَحَةٍ فَتَحْصُلُ التُّهْمَةُ فِي الْعَقْدِ لِنَفْسِهِ وَالْهِبَةُ مَحْضُ مَصْلَحَةٍ لَا تُهْمَةَ فِيهَا، فَجَازَ لَهُ تَوَلِّي طَرَفَيْهَا كَالْأَبِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَبِهِ أَقُولُ انْتَهَى وَالسَّفِيهُ فِيمَا تَقَدَّمَ كَالصَّغِيرِ.

(وَإِنْ كَانَ الْأَبُ غَيْرَ مَأْمُونٍ) ، قَبِلَ الْحَاكِمُ الْهِبَةَ لِلصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ (أَوْ) كَانَ الْأَبُ (مَجْنُونًا) قَبِلَ الْحَاكِمُ الْهِبَةَ لِوَلَدِهِ (أَوْ) كَانَ الْأَبُ قَدْ مَاتَ، وَ (لَا وَصِيَّ لَهُ قَبِلَ لَهُ الْحَاكِمُ) لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ إذَنْ.

(وَلَوْ اتَّخَذَ الْأَبُ دَعْوَةَ خِتَانٍ وَحُمِلَتْ هَدَايَا إلَى دَارِهِ فَهِيَ لَهُ) لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ (إلَّا أَنْ يُوجَدَ مَا يَقْتَضِي الِاخْتِصَاصَ بِالْمَخْتُونِ فَيَكُونُ لَهُ، وَهَذَا كَثِيَابِ الصِّبْيَانِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِمْ وَكَذَا لَوْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْأُمِّ) بِشَيْءٍ (فَيَكُونُ لَهَا مِثْلُ كَوْنِ الْمُهْدِي مِنْ أَقَارِبِهَا أَوْ مَعَارِفِهَا) حُمِلَ عَلَى الْعُرْفِ (وَخَادِمُ الْفُقَرَاءِ الَّذِي يَطُوفُ لَهُمْ فِي الْأَسْوَاقِ مَا حَصَلَ لَهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ) لِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ إنَّمَا يُدْفَعُ إلَيْهِ لِلشَّرِكَةِ فِيهِ، وَهُوَ إمَّا كَوَكِيلِهِمْ أَوْ وَكِيلِ الدَّافِعِينَ فَيَنْتَفِي الِاخْتِصَاصُ.

(وَمَا يُدْفَعُ مِنْ صَدَقَةٍ إلَى شَيْخِ زَاوِيَةٍ أَوْ) شَيْخِ (رِبَاطٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ) .

لِأَنَّهُ فِي الْعَادَةِ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ اخْتِصَاصًا بِهِ، فَهُوَ كَوَكِيلِ الْفُقَرَاءِ أَوْ الدَّافِعِينَ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَهُ التَّفْضِيلُ فِي الْقَسْمِ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ) لِأَنَّ الصَّدَقَةَ يُرَادُ بِهَا سَدُّ الْخَلَّةِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ

ص: 302

يَصْدُرْ إلَيْهِ مَا يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ وَالظَّاهِرُ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ.

(وَإِنْ كَانَ الشَّيْءُ يَسِيرًا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِتَفْرِيقِهِ اخْتَصَّ هُوَ بِهِ) لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ صَدَرَ إلَيْهِ وَلَا قَرِينَةَ تُصْرَفُ عَنْهُ (ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ) .

(وَالْهِبَةُ مِنْ الصَّبِيِّ لِغَيْرِهِ بَاطِلَةٌ) لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ (وَلَوْ أَذِنَ فِيهَا الْوَلِيُّ) لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ (وَكَذَا السَّفِيهُ) لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ وَلَوْ أَذِنَ فِيهَا وَلِيُّهُ.

(وَتَجُوزُ) الْهِبَةُ (مِنْ الْعَبْدِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ فَإِذَا إذْنُهُ انْفَكَّ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ (وَلَهُ) أَيْ: الْعَبْدِ (أَنْ يَقْبَلَ الْهِبَةَ وَالْهَدِيَّةَ بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ: سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ مَنْفَعَةٍ كَالِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَتَكُونُ لِسَيِّدِهِ إلَّا الْمُكَاتَبُ.

(وَإِنْ مَاتَ وَاهِبٌ قَبْلَ إقْبَاضٍ وَرُجُوعٍ) لَمْ تَبْطُلْ الْهِبَةُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مَآلُهُ إلَى اللُّزُومِ، فَلَمْ يَنْفَسِخْ بِالْمَوْتِ كَالْبَيْعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَ (قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي إذْنٍ) فِي قَبْضٍ (وَ) فِي (رُجُوعٍ) فِي الْهِبَةِ.

(وَتَبْطُلُ) الْهِبَةُ (بِمَوْتِ مُتَّهَبٍ قَبْلَ الْقَبْضِ) لِقِيَامِ قَبْضِهِ مَقَامَ الْقَبُولِ أَشْبَهَ مَا لَوْ مَاتَ مَنْ أَوْجَبَ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ قَالَ الْحَارِثِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَقَدَّمَ أَنَّهُ كَمَوْتِ الْوَاهِبِ.

(وَلَوْ وَهَبَ) إنْسَانٌ (لِغَائِبٍ هِبَةً وَأَنْفَذَهَا) الْوَاهِبُ (مَعَ رَسُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ) مَعَ (وَكِيلِهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ أَوْ) مَاتَ (الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ وُصُولِهَا) إلَيْهِ (لَزِمَ حُكْمُهَا وَكَانَتْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّ قَبْضَهُمَا) أَيْ: قَبْضَ رَسُولِهِ وَوَكِيلِهِ (كَقَبْضِهِ) فَيَكُونُ الْمَوْتُ بَعْدَ لُزُومِهَا بِالْقَبْضِ فَلَا يُؤَثِّرُ.

(وَإِنْ أَنْفَذَهَا الْوَاهِبُ مَعَ رَسُولِهِ نَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ) الْوَاهِبُ (قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَطَلَتْ) الْهِبَةُ.

(وَكَانَتْ لِلْوَاهِبِ أَوْ وَرَثَتِهِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ) لِحَدِيثِ أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ: «لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ: لَهَا إنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إلَى النَّجَاشِيِّ حُلَّةً وَأَوَاقِيَ مِسْكٍ، وَلَا أَرَى النَّجَاشِيَّ إلَّا قَدْ مَاتَ، وَلَا أَرَى هَدِيَّتِي إلَّا مَرْدُودَةً عَلَيَّ فَإِنْ رُدَّتْ فَهُوَ لَكَ قَالَتْ فَكَانَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرُدَّتْ عَلَيْهِ هَدِيَّتُهُ فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةً مِنْ مِسْكٍ، وَأَعْطَى أُمَّ سَلَمَةَ بَقِيَّةَ الْمِسْكِ وَالْحُلَّةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَبُطْلَانُ الْهِبَةِ إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ بَعْدَ بَعْثِ رَسُولِهِ بِالْهَدِيَّةِ لِعَدَمِ الْقَبُولِ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ (وَلَيْسَ لِلرَّسُولِ حَمْلُهَا) أَيْ: الْهِبَةِ (بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ) لَهُ (الْوَارِثُ) لِأَنَّ الْحَقَّ صَارَ إلَيْهِ.

(وَكَذَا حُكْمُ هَدِيَّةٍ) وَصَدَقَةٍ لِأَنَّهُمَا نَوْعَانِ مِنْ الْهِبَةِ (وَإِنْ مَاتَ الْمُتَّهَبُ أَوْ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ، وَكَذَا لَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ.

ص: 303