الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِوَقْفٍ حَقِيقِيٍّ، بَلْ كُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ جَازَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْمُنْتَهَى مُوَافَقَةً لِلشَّيْخِ الرَّمْلِيِّ، وَغَيْرِهِ فِي وَقْفِ جَامِعِ طُولُونَ، وَنَحْوِهِ.
(وَقَالَ) الشَّيْخُ (أَيْضًا مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ قَوْمٌ لَهُمْ رَوَاتِبُ أَضْعَافُ حَاجَاتِهِمْ) أَيْ: مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَقَوْمٌ لَهُمْ جِهَاتٌ مَعْلُومُهَا كَثِيرٌ يَأْخُذُونَهُ وَيَسْتَنِيبُونَ) فِي الْجِهَاتِ (بِيَسِيرٍ) مِنْ الْمَعْلُومِ؛ لِأَنَّ هَذَا خِلَافُ غَرَضِ الْوَاقِفِينَ.
(قَالَ) الشَّيْخُ (وَالنِّيَابَةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَةِ) مِنْ تَدْرِيسٍ، وَإِمَامَةٍ، وَخَطَابَةٍ، وَأَذَانٍ، وَغَلْقِ بَابٍ، وَنَحْوِهَا (جَائِزَةٌ وَلَوْ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ)، وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى لَهُ: وَلَوْ نَهَى الْوَاقِفُ عَنْهُ (إذَا كَانَ النَّائِبُ مِثْلُ مُسْتَنِيبِهِ) فِي كَوْنِهِ أَهْلًا لِمَا اُسْتُنِيبَ فِيهِ (وَقَدْ يَكُونُ) هَكَذَا فِي الْفُرُوعِ، وَالِاخْتِيَارَاتِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: صَوَابُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ (فِي ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ انْتَهَى، وَكَذَا ذُكِرَ مَعْنَاهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَجَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ فِي هَذِهِ الْأَعْمَالِ (كَالْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ) كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ، وَبِنَاءِ الْحَائِطِ.
[فَصْلٌ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ نَاظِرًا وَشَرَطَهُ النَّظَرَ]
(فَصْلٌ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ) الْوَاقِفُ (نَاظِرًا نَاظِرًا وَشَرَطَهُ) أَيْ: النَّظَرَ (لِإِنْسَانٍ فَمَاتَ) الْمَشْرُوطُ لَهُ (فَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ وِلَايَةُ النَّصْبِ) أَيْ: نَصْبِ نَاظِرٍ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ فَلَا يَمْلِكُ النَّصْبَ وَلَا الْعَزْلَ كَمَا فِي الْأَجْنَبِيِّ.
(وَيَكُونُ النَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (آدَمِيًّا مُعَيَّنًا) كَزَيْدٍ (أَوْ جَمْعًا مَحْصُورًا) كَأَوْلَادِهِ أَوْ أَوْلَادِ زَيْدٍ (كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَنْظُرُ عَلَى حِصَّتِهِ) كَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ، وَغَلَّتُهُ لَهُ.
(وَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (غَيْرُ الْمَحْصُورِ كَالْوَقْفِ عَلَى جِهَةٍ لَا تَنْحَصِرُ كَالْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ) ، وَالْعُلَمَاءِ، وَالْغُزَاةِ نَظَرُهُ لِلْحَاكِمِ (أَوْ) الْمَوْقُوفِ عَلَى (مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَسِقَايَةٍ (ف) نَظَرُهُ (لِلْحَاكِمِ أَوْ مَنْ يَسْتَنِيبُهُ) الْحَاكِمُ عَلَى بَلَدِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ.
(مُعَيَّنٌ وَوَظِيفَةُ النَّاظِرِ: حِفْظُ الْوَقْفِ، وَعِمَارَتُهُ، وَإِيجَارُهُ، وَزَرْعُهُ، وَمُخَاصَمَةٌ فِيهِ، وَتَحْصِيلُ رِيعِهِ مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ ثَمَرٍ، وَالِاجْتِهَادُ فِي تَنْمِيَتِهِ وَصَرْفِهِ فِي جِهَاتِهِ مِنْ عِمَارَةٍ، وَإِصْلَاحٍ، وَإِعْطَاءٍ مُسْتَحِقٍّ) ، وَتَقَدَّمَ
فِي الْوِكَالَةِ: يُقْبَلُ قَوْلُ النَّاظِرِ الْمُتَبَرِّعِ فِي دَفْعٍ لِمُسْتَحِقٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (وَنَحْوِهِ) كَشِرَاءِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ هُوَ الَّذِي يَلِي الْوَقْفَ، وَحِفْظَهُ، وَحِفْظَ رِيعِهِ، وَتَنْفِيذَ شَرْطِ وَاقِفِهِ وَطَلَبُ الْحَظِّ فِيهِ مَطْلُوبٌ شَرْعًا فَكَانَ ذَلِكَ إلَى النَّاظِرِ (وَلَهُ) أَيْ: النَّاظِرِ (وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ) أَيْ: الْوَقْفِ مَثَلًا وَعَلَى رِيعِهِ.
(وَ) لَهُ (التَّقْرِيرُ فِي وَظَائِفِهِ ذَكَرُوهُ فِي نَاظِرِ الْمَسْجِدِ فَيَنْصِبُ مَنْ يَقُومُ بِوَظَائِفِهِ مِنْ إمَامٍ، وَمُؤَذِّنٍ وَقَيِّمٍ، وَغَيْرِهِمْ، كَمَا أَنَّ لِلنَّاظِرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ نَصْبَ مَنْ يَقُومُ بِمَصْلَحَتِهِ) أَيْ: الْوَقْفِ (مِنْ جَابٍ، وَنَحْوِهِ) كَحَافِظٍ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَمَتَى امْتَنَعَ مِنْ نَصْبِ مَنْ يَجِبُ نَصْبُهُ نَصَبَهُ الْحَاكِمُ، كَمَا فِي عَضَلِ الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ انْتَهَى قُلْت: وَكَذَا لَوْ طَلَبَ جَعْلًا عَلَى النَّصْبِ.
(وَإِنْ أَجَرَ النَّاظِرُ) الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ ب (أَنْقَصَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ صَحَّ) عَقْدُ الْإِجَارَةِ (وَضَمِنَ) النَّاظِرُ (النَّقْصَ) عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ غَيْره، وَكَانَ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَغَابَنُ بِهِ فِي الْعَادَةِ كَالْوَكِيلِ إذَا بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ أَجَّرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَفِيهِ وَجْهٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ فِيهِ.
(وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) حَيْثُ صَحَّتْ (لَوْ طَلَبَ) الْوَقْفَ (بِزِيَادَةٍ) عَنْ الْأُجْرَةِ الْأُولَى، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا ضَرَرٌ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَتَقَدَّمَ (قَالَ الْمُنَقِّحُ: لَوْ غَرَسَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (أَوْ بَنَى) لِنَفْسِهِ (فِيمَا هُوَ وَقْفٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَهُوَ) أَيْ: الْغِرَاسُ، وَالْبِنَاءُ (لَهُ) أَيْ: الْغَارِسِ أَوْ الْبَانِي (مُحْتَرَمٌ) ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَهُ بِحَقٍّ قُلْت: فَلَوْ مَاتَ، وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ لِغَيْرِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَغَرْسٍ، وَبِنَاءٍ مُسْتَأْجَرٍ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ.
(وَإِنْ كَانَ) الْغَارِسُ (أَوْ الْبَانِي شَرِيكًا) فِيمَا غَرَسَ أَوْ بَنَى فِيهِ، بِأَنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، وَعَلَى غَيْرِهِ (أَوْ) كَانَ (لَهُ النَّظَرُ فَقَطْ) دُونَ الِاسْتِحْقَاقِ (ف) غَرْسُهُ أَوْ بِنَاؤُهُ (غَيْرُ مُحْتَرَمٍ) فَلِبَاقِي الشُّرَكَاءِ الْمُسْتَحِقِّينَ هَدْمُهُ.
(وَيَتَوَجَّهُ إنْ أَشْهَدَ) أَيْ: فَغَرْسُهُ، وَبِنَاؤُهُ لَهُ مُحْتَرَمًا أَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ لَهُ (ف) غَرْسُهُ، وَبِنَاؤُهُ (لِلْوَقْفِ) تَبَعًا لِلْأَرْضِ (وَلَوْ غَرَسَهُ) النَّاظِرُ أَوْ بَنَاهُ (لِلْوَقْفِ أَوْ مِنْ) مَالِ (الْوَقْفِ فَوَقْفٌ، وَيَتَوَجَّهُ فِي غَرْسِ أَجْنَبِيٍّ) ، وَمِثْلُهُ بِنَاؤُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ غَيْرُ النَّاظِرِ، وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (أَنَّهُ لِلْوَقْفِ بِنِيَّتِهِ انْتَهَى) ، وَالتَّوْجِيهَانِ لِصَاحِبِ الْفُرُوعِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَدُ الْوَاقِفِ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمُتَّصِلِ بِهِ مَا لَمْ تَأْتِ حُجَّةٌ تَدْفَعُ مُوجِبَهَا كَمَعْرِفَةِ كَوْنِ الْغَارِسِ غَرَسَهَا لَهُ بِحُكْمِ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ غَصْبٍ، وَيَدُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَلَيْسَ لَهُ دَعْوَى الْبِنَاءِ بِلَا حُجَّةٍ، وَيَدُ أَهْلِ عَرْصَةٍ مُشْتَرَكَةٍ ثَابِتَةٌ
عَلَى مَا فِيهَا بِحُكْمِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا مَعَ بَيِّنَةٍ بِاخْتِصَاصِهِ بِبِنَاءٍ، وَنَحْوِهِ.
(مَثَلًا وَيَأْكُلُ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْوَقْفَ بِمَعْرُوفٍ نَصًّا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ وَقَالَ الشَّيْخُ: لَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ عَمَلِهِ مَعَ فَقْرِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ) .
(الْحَجْرُ وَيُشْتَرَطُ فِي النَّاظِرِ الْمَشْرُوطِ إسْلَامٌ) إنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا، أَوْ كَانَتْ الْجِهَةُ كَمَسْجِدٍ، وَنَحْوِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى كَافِرٍ مُعَيَّنٍ جَازَ شَرْطُ النَّظَرِ فِيهِ لَكَافِرٍ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ الْكُفَّارِ، وَشَرَطَ النَّظَرَ لِأَحَدِهِمْ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْكُفَّارِ، فَيَصِحُّ كَمَا فِي وَصِيَّةِ الْكَافِرِ لَكَافِرٍ عَلَى كَافِرٍ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي، وَغَيْرُهُ.
(وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي النَّاظِرِ الْمَشْرُوطِ (تَكْلِيفٌ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا يُنْظَرُ فِي مِلْكِهِ الْمُطْلَقِ فَفِي الْوَقْفِ أَوْلَى.
(وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِيهِ (كِفَايَةٌ فِي التَّصَرُّفِ مَثَلًا وَخِبْرَةٌ بِهِ) أَيْ: التَّصَرُّفِ.
(وَقُوَّةٌ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ حِفْظِ الْوَقْفِ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّاظِرُ مُتَّصِفًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَمْ يُمْكِنْهُ مُرَاعَاةُ حِفْظِ الْوَقْفِ وَ (لَا) تُشْتَرَطُ فِيهِ (الذُّكُورِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَوْصَى بِالنَّظَرِ إلَى حَفْصَةَ رضي الله عنهما (وَلَا) تُشْتَرَطُ أَيْضًا فِيهِ (الْعَدَالَةُ) ، وَيُضَمُّ إلَى الْفَاسِقِ عَدْلٌ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالسَّامِرِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ بِالشَّرْطِ، وَحِفْظِ الْوَقْفِ (مَثَلًا وَيُضَمُّ إلَى) نَاظِرٍ (ضَعِيفٍ قَوِيٌّ أَمِينٌ) لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ سَوَاءٌ كَانَ نَاظِرًا بِشَرْطٍ أَوْ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ.
(فَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لِغَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) بِأَنْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ وَلَّى الْحَاكِمُ نَاظِرًا مِنْ غَيْرِهِمْ (أَوْ) كَانَ النَّظَرُ (لِبَعْضِهِمْ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ (وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ مِنْ حَاكِمٍ) بِأَنْ كَانَ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَوَلَّى الْحَاكِمُ مِنْهُمْ نَاظِرًا عَلَيْهِ (أَوْ) مِنْ (نَاظِرٍ) أَصْلِيٍّ (فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْعَدَالَةِ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ عَلَى مَالٍ فَاشْتُرِطَ لَهَا الْعَدَالَةَ كَالْوِلَايَةِ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْأَجْنَبِيُّ الْمُوَلَّى مِنْ حَاكِمٍ أَوْ نَاظِرٍ أَصْلِيٍّ (عَدْلًا لَمْ تَصِحَّ وِلَايَتُهُ) لِفَوَاتِ شَرْطِهَا، وَهُوَ الْعَدَالَةُ.
(وَأُزِيلَتْ يَدُهُ) عَنْ الْوَقْفِ حِفْظًا لَهُ (فَإِنْ) تَوَلَّى الْأَجْنَبِيُّ الْأَجْنَبِيُّ وَهُوَ عَدْلٌ ثُمَّ (فَسَقَ) أُزِيلَتْ يَدُهُ (أَوْ أَجَّرَ) صَوَابُهُ: أَصَرَّ، كَمَا هِيَ عِبَارَةُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ (مُتَصَرِّفًا بِخِلَافِ الشَّرْطِ الصَّحِيحِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ فَسَقَ، وَأُزِيلَتْ يَدُهُ) ؛ لِأَنَّ مَا مَنَعَ التَّوْلِيَةَ ابْتِدَاءً مَنَعَهَا دَوَامًا.
(فَإِنْ عَادَ إلَى أَهْلِيَّتِهِ عَادَ حَقُّهُ) مِنْ النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ (كَمَا لَوْ صَرَّحَ) الْوَاقِفُ (بِهِ) أَيْ: بِأَنَّهُ إذَا عَادَ إلَى أَهْلِيَّتِهِ عَادَ حَقُّهُ (وَكَالْمَوْصُوفِ) بِأَنْ قَالَ: النَّظَرُ لِلْأَرْشَدِ
وَنَحْوِهِ فَإِذَا زَالَ هَذَا الْوَصْفُ عَنْهُ أُزِيلَتْ يَدُهُ فَإِنْ عَادَ عَادَ حَقُّهُ.
(قَالَهُ الشَّيْخُ) ، وَهَذَا فِي النَّاظِرِ الْمَشْرُوطِ مَرْجُوحٌ، وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى، وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إذَا فَسَقَ يُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ وَلَا تُزَالُ يَدُهُ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ حِفْظُ الْوَقْفِ مِنْهُ فَتُزَالُ وِلَايَتُهُ؛ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ حِفْظِ الْوَقْفِ أَهَمُّ مِنْ إبْقَاءِ وِلَايَةِ الْفَاسِقِ عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّيْخُ (الشَّيْخُ وَمَتَى فَرَّطَ) النَّاظِرُ (سَقَطَ مِمَّا لَهُ) أَيْ: مِنْ الْمَعْلُومِ (بِقَدْرِ مَا فَوَّتَهُ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ الْوَاجِبِ) عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فَيُوَزَّعُ مَا قُدِّرَ لَهُ عَلَى مَا عَمِلَ، وَعَلَى مَا لَمْ يَعْمَلْهُ، وَيَسْقُطُ قِسْطُ مَا لَمْ يَعْمَلْهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فِي الْعَامِلِ يَسْتَحِقُّ مَا) جُعِلَ (لَهُ إنْ كَانَ) الْجُعْلُ (مَعْلُومًا فَإِنْ قَصَّرَ) الْعَامِلُ (فَتَرَكَ بَعْضَ الْعَمَلِ لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا قَابَلَهُ) أَيْ: مَا قَابَلَ بَعْضَ الْعَمَلِ الْمَتْرُوكِ (الْمَتْرُوكِ وَإِنْ كَانَ) الْعَمَلُ قَدْ وُجِدَ لَكِنْ (بِجِنَايَةٍ) أَيْ: مَعَ جِنَايَةٍ (مِنْهُ) أَيْ: الْعَامِلِ (اسْتَحَقَّهُ) أَيْ: الْجُعْلَ لِوُجُودِ الْعَمَلِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْجَعْلِ، وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ يُسَاوِي أَكْثَرَ مِمَّا جُعِلَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْجَاعِلَ لَمْ يَلْتَزِمْهَا (يَلْتَزِمْهَا وَإِنْ كَانَ) الْجُعْلُ (مَجْهُولًا) وَلَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ كُفَّارٍ فَالْجِعَالَةُ فَاسِدَةٌ وَلِلْعَامِلِ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجَعَالَةِ (فَإِنْ كَانَ) أَيْ: الْجُعْلُ (مُقَدَّرًا فِي الدِّيوَانِ، وَعَمِلَ بِهِ) أَيْ: بِذَلِكَ الْمُقَدَّرِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُمَّالِ (فَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) يَسْتَحِقُّهُ ذَلِكَ الْعَامِلُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ لَهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مُوَافَقَتُهُ لِلْوَاقِعِ.
(وَإِنْ شَرَطَ) الْوَاقِفُ (لِنَاظِرٍ أُجْرَةً) أَيْ: عِوَضًا مَعْلُومًا فَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ اخْتَصَّ بِهِ، وَكَانَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَقْفُ مِنْ أُمَنَاءَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ أَكْثَرَ (فَكُلْفَتُهُ) أَيْ: كُلْفَةُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَقْفُ مِنْ نَحْوِ أُمَنَاءَ، وَعُمَّالٍ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى النَّاظِرِ يَصْرِفُهَا مِنْ الزِّيَادَةِ (حَتَّى يَبْقَى) لَهُ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ) إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ شَرَطَهُ لَهُ خَالِصًا، وَهَذَا الْمَذْكُورُ فِي النَّاظِرِ نَقَلَهُ الْحَارِثِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ صَرِيحٌ فِي اخْتِصَاصِ النَّاظِرِ بِهِ فَتَوَقُّفُ الِاخْتِصَاصِ عَلَى مَا قَالُوا لَا مَعْنَى لَهُ - إلَى أَنْ قَالَ - وَصَرِيحُ الْمُحَابَاةِ لَا يَقْدَحُ فِي الِاخْتِصَاصِ بِهِ إجْمَاعًا.
(وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ) الْوَاقِفُ (لَهُ) أَيْ: النَّاظِرِ (شَيْئًا فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِأَخْذِ الْجَارِي) أَيْ: أَجْرِ الْمِثْلِ (عَلَى عَمَلِهِ) أَيْ: مُعَدًّا لِأَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى عَمَلِهِ (فَلَهُ جَارِي) أَيْ: أُجْرَةٌ مِثْلُ (عَمَلِهِ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِأَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى عَمَلِهِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِعَمَلِهِ، وَهَذَا فِي عَامِلِ النَّاظِرِ، وَاضِحٌ، وَأَمَّا النَّاظِرُ فَقَدْ تَقَدَّمَ إذَا لَمْ يُسَمَّ لَهُ شَيْءٌ يَأْكُلُ بِالْمَعْرُوفِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْقَاضِي فِي
الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فَيَكُونُ مُقَابِلًا لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَهُ) أَيْ: النَّاظِرِ (الْأُجْرَةُ مِنْ وَقْتِ نَظَرِهِ فِيهِ) أَيْ: الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَتِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ إلَّا بِقَدْرِهِ (فَإِنْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ) أَيْ: النَّاظِرِ (مِنْ وَاقِفٍ هُوَ) أَيْ: النَّاظِرُ (فَاسِقٌ) حَالَ الْوِلَايَةِ (أَوْ عَدْلٌ فَفَسَقَ صَحَّ) كَوْنُهُ نَاظِرًا (وَضُمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ) سَوَاءٌ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ بَعْضَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ كَمَا قَدَّمْتُهُ.
(وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إمَّا بِجَعْلِ الْوَاقِفِ النَّظَرَ لَهُ) بِأَنْ قَالَ: وَقَفْتُهُ عَلَى زَيْدٍ وَنَظَرُهُ لَهُ (أَوْ لِكَوْنِهِ أَحَقَّ بِهِ لِعَدَمِ نَاظِرٍ) شَرَطَهُ الْوَاقِفُ (فَهُوَ) أَيْ: الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (أَحَقُّ بِهِ بِذَلِكَ) أَيْ: بِالنَّظَرِ (إذَا كَانَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا رَجُلًا كَانَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (أَوْ امْرَأَةً عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا؛ لِأَنَّهُ) يَمْلِكُ الْوَقْفَ فَهُوَ (يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ) مُقْتَضَاهُ: وَلَوْ كَافِرًا كَمَا مَالَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى.
(وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ لِجَمَاعَةٍ) مَحْصُورِينَ (رَشِيدِينَ فَالنَّظَرُ لِلْجَمِيعِ لِكُلِّ إنْسَانٍ) مِنْهُمْ يَنْظُرُ (فِي حِصَّتِهِ) فِي الطَّلْقِ وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: إنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ فِي حَالِ الشَّرْطِ لَا يَسْتَقِلُّ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ مُسْنَدٌ إلَى الْجَمِيعِ فَوَجَبَ الشَّرْطُ فِي مُطْلَقِ النَّظَرِ فَمَا مِنْ نَظَرٍ إلَّا وَهُوَ مُشْتَرَكٌ (فَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا أَوْ مَجْنُونًا) وَلَمْ يَشْتَرِطْ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ (قَامَ وَلِيُّهُ فِي النَّظَرِ مَقَامَهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ فَهُوَ (كَمِلْكِهِ الطَّلْقِ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ) مِنْ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (ثُمَّ عَزَلَهُ لَمْ يَصِحَّ عَزْلُهُ) كَإِخْرَاجِ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ) أَيْ: عَزْلَ النَّاظِرِ الْوَاقِفَ (لِنَفْسِهِ) فَإِنْ اشْتَرَطَهُ مَلَكَهُ بِالشَّرْطِ.
(فَإِنْ شَرَطَ) الْوَاقِفُ (النَّظَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ جَعَلَهُ) أَيْ: النَّظَرَ (لِغَيْرِهِ أَوْ أَسْنَدَهُ أَوْ فَوَّضَهُ) أَيْ: النَّظَرَ (إلَيْهِ) بِأَنْ قَالَ: جَعَلْتُ النَّظَرَ أَوْ فَوَّضْتُهُ أَوْ أَسْنَدْتُهُ إلَى زَيْدٍ (فَلَهُ) أَيْ: الْوَاقِفِ (عَزْلُهُ) أَيْ: الْمَجْعُولِ أَوْ الْمُفَوَّضِ أَوْ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ أَشْبَهَ بِالْوَكِيلِ.
(وَلِنَاظِرٍ بِالْأَصَالَةِ، وَهُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ) الْمُعَيَّنُ (وَالْحَاكِمُ) فِيمَا وُقِفَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ غَيْرَهُ (نَصْبُ نَاظِرٍ، وَعَزْلُهُ) قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: أَيْ: نَصْبُ وَكِيلٍ عَنْهُ، وَعَزْلُهُ، انْتَهَى لِأَصَالَةِ وِلَايَتِهِ، أَشْبَهَ الْمُتَصَرِّفَ فِي مَالِ نَفْسِهِ (وَأَمَّا النَّاظِرُ الْمَشْرُوطُ فَلَيْسَ لَهُ نَصْبُ نَاظِرٍ وَلَا الْوَصِيَّةُ بِالنَّظَرِ) ؛ لِأَنَّ نَظَرَهُ مُسْتَفَادٌ بِالشَّرْطِ وَلَمْ يُشْرَطْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (مَا لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا لَهُ) أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ شَاءَ أَوْ يُوصِي لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ هُوَ الْمَشْرُوطُ لَهُ، فَالْأَشْبَهُ أَنَّ لَهُ النَّصْبَ لِأَصَالَةِ وِلَايَتِهِ، إذْ الشَّرْطُ كَالْمُؤَكِّدِ لِمُقْتَضَى الْوَقْفِ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ أَسْنَدَ) الْوَاقِفُ (النَّظَرَ إلَى اثْنَيْنِ) مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوْ غَيْرِهِمْ (فَأَكْثَرَ أَوْ جَعَلَهُ) أَيْ: النَّظَرَ (الْحَاكِمُ أَوْ النَّاظِرُ)
الْأَصْلِيُّ (إلَيْهِمَا) أَيْ: إلَى اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا مُسْتَقِلًّا) عَنْ الْآخَرِ (بِمَا شَرَطَ) ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَرْضَ بِوَاحِدٍ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ، وَأَبَى أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَ أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ آخَرَ (آخَر وَإِنْ شَرَطَهُ) أَيْ: النَّظَرَ (لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَحَّ) تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا، وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَبَى لَمْ يُحْتَجْ إلَى إقَامَةِ آخَرَ (وَاسْتَقَلَّ) الْمَوْجُودُ مِنْهُمَا (بِهِ) أَيْ: بِالنَّظَرِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، وَاللَّفْظُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (وَلَوْ تَنَازَعَ نَاظِرَانِ فِي نَصْبِ إمَامٍ نَصَّبَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: النَّاظِرَيْنِ (زَيْدًا وَ) نَصَّبَ الْآخَر (عَمْرًا إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّا) أَيْ: إنْ لَمْ يَشْرِطْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ بِالتَّصَرُّفِ (لَمْ تَنْعَقِدْ) وِلَايَةُ (الْإِمَامَةِ) لِأَحَدِهِمَا لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا.
(وَإِنْ اسْتَقَلَّا، وَتَعَاقَبَا) بِأَنْ سَبَقَ نَصْبُ أَحَدِهِمَا الْآخَر (فَانْعَقَدَتْ لِلْأَسْبَقِ) مِنْهُمَا دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ لَمْ تُصَادِفْ مَحَلًّا (مَحَلًّا وَإِنْ اتَّحَدَا اتَّحَدَا وَاسْتَوَى الْمَنْصُوبَانِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا مُرَجِّحٌ (قُدِّمَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ) لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ.
(وَلَا نَظَرَ لِحَاكِمٍ مَعَ نَاظِرٍ خَاصٍّ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ مَعَ حُضُورِهِ، فَيُقَرِّرُ حَاكِمٌ فِي وَظِيفَةٍ خَلَتْ فِي غَيْبَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْقِيَامِ بِلَفْظِ الْوَاقِفِ فِي الْمُبَاشَرَةِ، وَدَوَامِ نَفْعِهِ انْتَهَى وَعَلَى هَذَا لَوْ وَلَّى النَّاظِرُ الْغَائِبُ إنْسَانًا، وَوَلَّى الْحَاكِمُ آخَرَ قُدِّمَ الْأَسْبَقُ تَوْلِيَةً مِنْهُمَا (لَكِنْ لِلْحَاكِمِ النَّظَرُ الْعَامُّ فَيَعْتَرِضُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى النَّاظِرِ الْخَاصِّ (إنْ فَعَلَ) الْخَاصُّ (مَا لَا يَسُوغُ) لَهُ فِعْلُهُ لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ (وَلَهُ) أَيْ: الْحَاكِمِ (ضَمُّ أَمِينٍ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْخَاصِّ (مَعَ تَفْرِيطِهِ أَوْ تُهْمَتِهِ لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ) مِنْ حِفْظِ الْوَقْفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوَّلَ يَرْجِعُ إلَى رَأْيِ الثَّانِي وَلَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِإِذْنِهِ لِيَحْصُلَ الْغَرَضُ مِنْ نَصْبِهِ وَكَذَا إذَا ضُمَّ إلَى ضَعِيفٍ قَوِيٌّ مُعَاوِنٌ لَهُ فَلَا يُزَالُ يَدُ الْأُوَلِ عَنْ الْمَالِ وَلَا نَظَرِهِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ النَّاظِرُ دُونَ الثَّانِي هَذَا قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُوصَى لَهُ.
(وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ نَاظِرًا مَثَلًا وَمُدَرِّسًا وَمُدَرِّسًا وَمُعِيدًا وَمُعِيدًا وَإِمَامًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقُومَ شَخْصٌ بِالْوَظَائِفِ كُلِّهَا، وَتَنْحَصِرُ فِيهِ)، وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ بَعْضٍ لَا يَتَعَذَّرُ قِيَامُهُ بِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ (وَقَالَ الشَّيْخُ: إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَجْمَعَ) النَّاظِرُ (بَيْنَ الْوَظَائِفِ لِوَاحِدٍ فَعَلَ) النَّاظِرُ ذَلِكَ.
(مَثَلًا وَمَا بَنَاهُ أَهْلُ الشَّوَارِعِ الشَّوَارِعِ وَالْقَبَائِلِ مِنْ الْمَسَاجِدِ فَالْإِمَامَةُ) فِيهِ (لِمَنْ رَضُوا بِهِ لَا اعْتِرَاضَ لِلسُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ) فِي أَئِمَّةِ مَسَاجِدِهِمْ.
(وَلَيْسَ لَهُمْ بَعْدَ الرِّضَا بِهِ عَزْلُهُ) ؛ لِأَنَّ رِضَاهُمْ بِهِ كَالْوِلَايَةِ لَهُ فَلَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ (مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ) بِنَحْوِ فِسْقٍ أَوْ مَا يَمْنَعُ الْإِمَامَةَ (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ إنْ غَابَ) قَالَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْجِيرَانِ لَهُ لَيْسَ وِلَايَةً، وَإِنَّمَا قُدِّمَ لِرِضَاهُمْ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ رِضَاهُمْ بِهِ
الرِّضَا بِنَائِبِهِ كَمَا فِي الْوَصِيِّ بِالصَّلَاةِ عَلَى مَيِّتٍ بِخِلَافِ مَنْ وَلَّاهُ النَّاظِرُ أَوْ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ صَارَ لَهُ بِالْوِلَايَةِ فَجَازَ أَنْ يَسْتَنِيبَ.
(قَالَ الْحَارِثِيُّ) : فَيُجْعَلُ نَصْبُ الْإِمَامِ فِي هَذَا النَّوْعِ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ أَيْ: جِيرَانِهِ، وَالْمُلَازِمِينَ لَهُ (، وَالْأَصَحُّ: أَنَّ لِلْإِمَامِ النَّصْبَ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ (لَكِنْ لَا يُنَصِّبُ إلَّا بِرِضَا الْجِيرَانِ) عِبَارَتُهُ: لَا يُنَصِّبُ إلَّا مَنْ يَرْضَاهُ الْجِيرَانُ.
(وَكَذَلِكَ النَّاظِرُ الْخَاصُّ لَا يُنَصِّبُ مَنْ لَا يَرْضَاهُ الْجِيرَانُ) لِمَا فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُد، وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ «ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمْ صَلَاةً مَنْ تَقَدَّمَ قَوْمًا، وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْخَبَرِ وَقَالَ أَيْضًا الْحَارِثِيُّ مَا مَعْنَاهُ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (لَيْسَ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ مَعَ وُجُودِ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ نَصْبُ نَاظِرٍ فِي مَصَالِحِهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (وَوَقْفِهِ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَمَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ.
(فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) الْقَاضِي (كَالْقُرَى الصِّغَارِ، وَالْأَمَاكِنِ النَّائِيَةِ) أَيْ: الْبَعِيدَةِ (أَوْ وُجِدَ الْقَاضِي وَكَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ، أَوْ) وُجِدَ الْقَاضِي، وَهُوَ مَأْمُونٌ لَكِنَّهُ (يُنَصِّبُ غَيْرَ مَأْمُونٍ فَلَهُمْ) أَيْ: أَهْلِهِ (النَّصْبُ تَحْصِيلًا لِلْغَرَضِ، وَدَفْعًا لِلْمَفْسَدَةِ وَكَذَا مَا عَدَاهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (مِنْ الْأَوْقَافِ لِأَهْلِهِ نَصْبُ نَاظِرٍ فِيهِ لِذَلِكَ) أَيْ: لِعَدَمِ وُجُودِ الْقَاضِي الْمَأْمُونِ نَاصِبًا لِمَأْمُونٍ (وَإِنْ تَعَذَّرَ النَّصْبُ مِنْ جِهَةِ هَؤُلَاءِ فَلِرَئِيسِ الْقَرْيَةِ، أَوْ) رَئِيسِ (الْمَكَانِ النَّظَرُ، وَالتَّصَرُّفُ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى مِثْلِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
(كَلَامُهُ وَإِنْ نَزَلَ مُسْتَحِقٌّ تَنْزِيلًا شَرْعِيًّا لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ مِنْهُ) أَيْ: مِمَّا نَزَلَ فِيهِ (بِلَا مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ) مِنْ نَحْوِ فِسْقٍ يُنَافِيهِ أَوْ تَعْطِيلِ عَمَلٍ مَشْرُوطٍ (، وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَمَنْ لَمْ يَقُمْ بِوَظِيفَةِ غَيْرِهِ عَزَلَهُ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ لِمَنْ يَقُومُ بِهَا) تَحْصِيلًا لِغَرَضِ الْوَاقِفِ (إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْأَوَّلُ، وَيَلْتَزِمُ الْوَاجِبَ) قَبْلَ صَرْفِهِ قَالَ فِي النُّكَتِ: وَلَوْ عُزِلَ مِنْ وَظِيفَةٍ لِلْفِسْقِ ثُمَّ تَابَ لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ فِي الْمَسَاجِدِ السُّلْطَانِيَّةِ السُّلْطَانِيَّةِ وَهِيَ) الْمَسَاجِدُ (الْكِبَارُ) أَيْ: الْجَوَامِعُ الْجَوَامِعُ وَمَا كَثُرَ أَهْلُهُ (إلَّا مَنْ وَلَّاهُ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبُهُ لِئَلَّا يَفْتَاتُ عَلَيْهِ فِيمَا وُكِّلَ إلَيْهِ) ، وَإِنْ نَدَبَ لَهُ إمَامَيْنِ، وَخَصَّ كُلًّا مِنْهُمَا بِبَعْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ جَازَ كَمَا فِي تَخْصِيصِ أَحَدِهِمَا بِصَلَاةِ النَّهَارِ، وَالْآخَرِ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ فَإِنْ لَمْ يُخَصِّصْ فَهُمَا سَوَاءٌ، وَأَيُّهُمَا سَبَقَ كَانَ أَحَقَّ وَلَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَؤُمَّ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِقَوْمٍ آخَرِينَ، وَاخْتُلِفَ فِي السَّبْقِ فَقِيلَ: بِالْحُضُورِ فِي الْمَسْجِدِ وَقِيلَ: بِالْإِمَامَةِ، وَإِنْ حَضَرَا مَعًا، وَتَنَازَعَا احْتَمَلَ الْقُرْعَةَ وَاحْتَمَلَ الرُّجُوعَ إلَى اخْتِيَارِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ قَالَهُ فِي الْأَحْكَامِ
السُّلْطَانِيَّةِ، وَعَمَلُ النَّاسِ عَلَى خِلَافِهِ.
(قَالَ الْقَاضِي: وَإِنْ غَابَ مَنْ وَلَّاهُ) السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ (فَنَائِبُهُ أَحَقُّ) لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَائِبٌ (مَنْ رَضِيَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ لِتَعَذُّرِ إذْنِهِ) .
(وَإِنْ عَلَّقَ الْوَاقِفُ الِاسْتِحْقَاقَ بِصِفَةٍ اسْتَحَقَّ مَنْ اتَّصَفَ بِهَا فَإِنْ زَالَتْ عَنْهُ زَالَ اسْتِحْقَاقُهُ) ، وَإِنْ عَادَتْ عَادَ اسْتِحْقَاقُهُ (فَلَوْ وَقَفَ) شَيْئًا (عَلَى الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ اسْتَحَقَّ مَنْ اشْتَغَلَ بِهِ فَإِنْ تَرَكَ الِاشْتِغَالَ زَالَ اسْتِحْقَاقُهُ فَإِنْ عَادَ) إلَى الِاشْتِغَالِ (عَادَ اسْتِحْقَاقُهُ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا، وَعَدَمًا.
قَالَ الْحَارِثِيُّ (وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ فِي الصَّرْفِ نَصْبَ النَّاظِرِ لِلْمُسْتَحِقِّ كَالْمُدَرِّسِ، وَالْمُعِيدِ، وَالْمُتَفَقِّهَةِ) أَيْ: الطَّلَبَةِ (بِالْمَدْرَسَةِ مَثَلًا فَلَا إشْكَالَ فِي تَوَقُّفِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى نَصْبِ النَّاظِرِ لَهُ) أَيْ: الْمُدَرِّسِ، وَنَحْوِهِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ.
(وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ) الْوَاقِفُ نَصْبَ النَّاظِرِ لِلْمُسْتَحِقِّ (بَلْ قَالَ: وَيَصْرِفُ النَّاظِرُ إلَى مُدَرِّسٍ أَوْ مُعِيدٍ أَوْ مُتَفَقِّهَةٍ بِالْمَدْرَسَةِ لَمْ يَتَوَقَّفْ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى نَصْبِ النَّاظِرِ وَلَا الْإِمَامِ بَلْ لَوْ انْتَصَبَ مُدَرِّسٌ أَوْ مُعِيدٌ بِالْمَدْرَسَةِ، وَأَذْعَنَ لَهُ الطَّلَبَةُ بِالِاسْتِفَادَةِ، وَتَأَهَّلَ لِذَلِكَ اسْتَحَقَّ وَلَمْ تَجُزْ مُنَازَعَةٌ لِوُجُودِ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ) أَيْ: التَّدْرِيسِ، وَالْإِعَادَةِ (وَكَذَا لَوْ قَامَ طَالِبٌ بِالْمَدْرَسَةِ مُتَفَقِّهًا، وَلَوْ لَمْ يُنَصِّبْهُ نَاصِبٌ) اسْتَحَقَّ لِوُجُودِ التَّفَقُّهِ.
(وَكَذَا لَوْ شَرَطَ الصَّرْفَ الْمُطْلَقَ إلَى إمَامِ مَسْجِدٍ أَوْ مُؤَذِّنٍ أَوْ قَيِّمٍ فَأَمَّ إمَامٌ وَرَضِيَهُ الْجِيرَانُ) أَوْ أَذَّنَ فِيهِ مُؤَذِّنٌ (أَوْ قَامَ بِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ قَائِمٌ قَائِمٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ) كَانَ مُسْتَحِقًّا لِوُجُودِ الشَّرْطِ انْتَهَى.
(قَالَ الشَّيْخُ: وَلَوْ وَقَفَ لِمُدَرِّسٍ لِمُدَرِّسٍ وَفُقَهَاء فَلِلنَّاظِرِ ثُمَّ الْحَاكِمِ تَقْدِيرُ أَعْطِيَتِهِمْ فَلَوْ زَادَ النَّمَاءُ فَهُوَ لَهُمْ وَلَيْسَ تَقْدِيرُ النَّاظِرِ أَمْرًا حَتْمًا كَتَقْدِيرِ الْحَاكِمِ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ زِيَادَتُهُ، وَنَقْصُهُ لِمَصْلَحَةٍ) وَقَرِيبٌ مِنْهُ تَغْيِيرُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَنَفَقَتِهِ، وَكِسْوَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ، وَالْأَحْوَالِ وَلَيْسَ مِنْ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ بَلْ عَمَلٌ بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي لَتَغَيُّرِ السَّبَبِ (وَإِنْ قِيلَ: أَنَّ الْمُدَرِّسَ لَا يُزَادُ وَلَا يُنْقَصُ بِزِيَادَةِ النَّمَاءِ، وَنَقْصِهِ لِلْمَصْلَحَةِ كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ لَهُمْ فَالْحُكْمُ بِتَقْدِيمِ مُدَرِّسٍ أَوْ غَيْرِهِ بَاطِلٌ لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا يُعْتَدُّ بِهِ قَالَ بِهِ وَلَا بِمَا يُشْبِهُهُ وَلَوْ نَفَّذَهُ حَاكِمٌ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْقَيِّمُ، وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةُ) .
عَمَلِهِ (وَلِهَذَا يَحْرُمُ أَخْذُهُ فَوْقَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ بِلَا شَرْطٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَجَعَلَ) أَيْ: الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (الْإِمَامَ، وَالْمُؤَذِّنَ كَالْقَيِّمِ بِخِلَافِ الْمُدَرِّسِ، وَالْمُعِيدِ، وَالْفُقَهَاءِ) أَيْ: الْمُتَفَقِّهَةِ (فَإِنَّهُمْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَقَالَ الشَّيْخُ أَيْضًا لَوْ عُطِّلَ مَغَلُّ مَسْجِدٍ سَنَةً تَقَسَّطَتْ الْأُجْرَةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ عَلَيْهَا) .
أَيْ: عَلَى السَّنَةِ الَّتِي تَعَطَّلَ مَغَلُّهَا (وَعَلَى السَّنَةِ الْأُخْرَى) الَّتِي لَمْ يَتَعَطَّلْ مَغَلُّهَا (لِتَقُومَ الْوَظِيفَةُ فِيهِمَا) أَيْ: السَّنَتَيْنِ (فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ التَّعْطِيلِ وَلَا يُنْقِصُ الْإِمَامُ بِسَبَبِ تَعْطِيلِ الزَّرْعِ بَعْضَ الْعَامِ قَالَ
فِي الْفُرُوعِ فَقَدْ أَدْخَلَ) أَيْ: الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (مَغَلَّ سَنَةٍ فِي سَنَةٍ، وَأَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَّا) أَيْ: الْحَنَابِلَةِ (فِي زَمَنِنَا فِيمَا نَقَصَ عَمَّا قَدَّرَهُ الْوَاقِفُ كُلَّ شَهْرٍ أَنَّهُ يُتَمَّمُ مِمَّا بَعْدُ، وَحَكَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْدَ سِنِينَ وَرَأَيْت غَيْرَ وَاحِدٍ لَا يَرَاهُ انْتَهَى) .
، (وَمَنْ شُرِطَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (لِغَيْرِهِ النَّظَرُ إنْ مَاتَ) بِأَنْ قَالَ الْوَاقِفُ: النَّظَرُ لِزَيْدٍ فَإِنْ مَاتَ فَلِعَمْرٍو مَثَلًا (فَعَزَلَ) زَيْدٌ (نَفْسَهُ أَوْ فَسَقَ) وَقُلْنَا يَنْعَزِلُ (فَكَمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ) أَيْ: الْمَوْتِ (لِلْغَالِبِ) أَيْ: خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا يُعْتَدُّ بِمَفْهُومِهِ، وَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ النَّظَرِ لِغَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إدْخَالٌ فِي الْوَقْفِ لِغَيْرِ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَمْلِكْهُ، وَحَقُّهُ بَاقٍ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى عَدَمِ التَّصَرُّفِ انْتَقَلَ إلَى مَنْ يَلِيهِ كَمَا لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَلِيهِ أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَرَهُ مَسْطُورًا وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
(وَإِنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَفْضَلِ مِنْ أَوْلَادِهِ) أَوْ أَوْلَادِ زَيْدٍ (فَهُوَ) أَيْ: النَّظَرُ (لَهُ) أَيْ: لِلْأَفْضَلِ مِنْهُمْ عَمَلًا بِالشَّرْطِ (فَإِنْ أَبَى) الْأَفْضَلُ (الْقَبُولَ انْتَقَلَ) النَّظَرُ (إلَى مَنْ يَلِيهِ) كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ (فَإِنْ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمْ أَفْضَلُ ثُمَّ صَارَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ انْتَقَلَ) النَّظَرُ (إلَيْهِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ فِيهِ فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ) فِي الْفَضْلِ (اشْتَرَكَا) فِي النَّظَرِ.
(وَلِلْإِمَامِ النَّصْبُ) أَيْ: نَصْبُ نَاظِرٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ حَيْثُ لَا شَرَطَ (؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ قَالَ الشَّيْخُ إنْ أَطْلَقَ) الْوَاقِفُ شَرْطَ (النَّظَرِ لِحَاكِمٍ) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِحَنْبَلِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ (شَمَلَ) لَفْظُ الْحَاكِمِ (أَيَّ حَاكِمٍ سَوَاءٌ كَانَ مَذْهَبُهُ مَذْهَبَ حَاكِمِ الْبَلَدِ زَمَنَ الْوَاقِفِ أَوْ لَا، وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ (لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظَرٌ إذَا انْفَرَدَ، وَهُوَ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا انْتَهَى) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى (فَإِنْ تَعَدَّدَ الْحُكَّامُ كَانَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُوَلِّيهِ) أَيْ: النَّظَرَ (مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُتَأَهِّلِينَ) لِذَلِكَ أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ نَصْرُ اللَّهِ الْحَنْبَلِيُّ، وَالشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ وَلَدُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ، وَوَافَقَهُمَا السَّرَّاجُ الْبُلْقِينِيُّ، وَالشِّهَابُ الْبَاعُونِيُّ، وَابْنُ الْهَائِمِ وَالتَّفِهْنِيُّ الْحَنَفِيُّ، وَالْبِسَاطِيُّ الْمَالِكِيُّ.
(وَلَوْ فَوَّضَهُ) أَيْ: النَّظَرَ (حَاكِمٌ) لِإِنْسَانٍ (لَمْ يَجُزْ ل) حَاكِمٍ آخَرَ نَقْضُهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْأَصْحَابَ قَاسُوا التَّفْوِيضَ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ قَبْلَهُ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَهُ نَصْبُ نَاظِرٍ، وَعَزْلُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا تَعَدَّدَتْ الْحُكَّامُ، وَمَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا حَاكِمٌ وَاحِدٌ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ، أَوْ يُقَالُ: النَّصْبُ بِمَعْنَى التَّوْكِيلِ، وَالتَّفْوِيضُ إسْنَادُهُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ يَسْتَقِلُّ بِهِ وَلَوْ وَلَّى كُلٌّ مِنْ حَاكِمَيْنِ النَّظَرَ شَخْصًا شَخْصًا وَتَنَازَعَا قَدَّمَ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَحَقَّهُمَا.
(وَتَعَيَّنَ مَصْرِفُ الْوَقْفِ) أَيْ: يَتَعَيَّنُ صَرْفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي