الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُسْتَحَقٌّ مُعَيَّنٌ يُمْكِنُ إيجَابُ الْأَرْشِ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ تَعَلُّقُهَا بِرَقَبَتِهِ فَتَعَيَّنَ فِي كَسْبِهِ.
(وَإِنْ جَنَى) الْمَوْقُوفُ (جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ وَجَبَ) الْقِصَاصُ، لِعُمُومِ {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]- الْآيَةَ (فَإِنْ قَتَلَ بَطَلَ الْوَقْفُ) كَمَا لَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، وَإِنْ عَفَا مُسْتَحِقُّهُ فَعَلَى مَا سَبَقَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْأَرْشِ.
(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى ثَلَاثَةٍ) كَزَيْدٍ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ (ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ رَجَعَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ بَقِيَ) مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوَّلًا، وَعَوْدُهُ إلَى الْمَسَاكِينِ مَشْرُوطٌ بِانْقِرَاضِهِمْ، إذْ اسْتِحْقَاقُ الْمَسَاكِينِ مُرَتَّبٌ بِثُمَّ (فَإِذَا مَاتُوا) أَيْ: الثَّلَاثَةُ (فَلِلْمَسَاكِينِ) عَمَلًا بِشَرْطِهِ.
(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى ثَلَاثَةٍ) كَزَيْدٍ مَثَلًا وَعَمْرٍو مَثَلًا وَبَكْرٍ (وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَآلًا فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ) أَيْ: الثَّلَاثَةِ (فَحُكْمُ نَصِيبِهِ حُكْمُ الْمُنْقَطِعِ كَمَا لَوْ مَاتُوا جَمِيعًا) قَالَهُ الْحَارِثِيُّ قَالَ: وَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ - أَيْ: الْمُقْنِعِ - يُصْرَفُ إلَى مَنْ بَقِيَ انْتَهَى وَقَدْ قَوَّى الْحَارِثِيُّ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ سَابِقًا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَلَامُ الْحَارِثِيِّ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْقَوَاعِدِ، وَاخْتَارَ الثَّانِي فِي الْقَوَاعِدِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَهُوَ قَوِيٌّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى.
(وَإِنْ قَالَ وَقَفْتُهُ) أَيْ: الْعَبْدَ أَوْ الدَّارَ أَوْ الْكِتَابَ الْكِتَابَ وَنَحْوَهُ (عَلَى أَوْلَادِي أَوْلَادِي وَعَلَى الْمَسَاكِينِ فَهُوَ بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ نِصْفَيْنِ) يُصْرَفُ لِأَوْلَادِهِ النِّصْفُ وَلِلْمَسَاكِينِ النِّصْفُ (لِاقْتِضَاءِ الْإِضَافَةِ التَّسْوِيَةَ) مَعَ انْتِفَاءِ مُقْتَضَى التَّفَاوُتِ.
[فَصْلٌ يُرْجَعُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ إلَى شَرْطِ وَاقِفٍ]
(فَصْلٌ وَيُرْجَعُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ (إلَى شَرْطِ وَاقِفٍ) كَقَوْلِهِ: شَرَطْتُ لِزَيْدٍ كَذَا وَلِعَمْرٍو كَذَا؛ لِأَنَّ عُمَرَ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ شُرُوطًا وَلَوْ لَمْ يَجِبْ اتِّبَاعُ شَرْطِهِ لَمْ يَكُنْ فِي اشْتِرَاطِهِ فَائِدَةٌ؛ وَلِأَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ " وَجَعَلَ لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ أَنْ تَسْكُنَ غَيْرَ مُضِرَّةٍ وَلَا مُضَرٍّ بِهَا فَإِذَا اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَا حَقَّ لَهَا فِيهِ "؛ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ
مُتَلَقَّى مِنْ جِهَتِهِ فَاتُّبِعَ شَرْطُهُ.
، وَنَصُّهُ كَنَصِّ الشَّارِعِ (فَلَوْ تَعَقَّبَ) الشَّرْطُ، وَنَحْوُهُ (جُمَلًا عَادَ) الشَّرْطُ، وَنَحْوُهُ (إلَى الْكُلِّ) أَيْ: إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ، وَكَذَا الصِّفَةُ إذَا تَعَقَّبَتْ جُمَلًا عَادَتْ إلَى الْكُلِّ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ فِي عَوْدِ الصِّفَةِ لِلْكُلِّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مُتَقَدِّمَةً أَوْ مُتَأَخِّرَةً قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْمُتَوَسِّطَةُ: الْمُخْتَارُ اخْتِصَاصُهَا بِمَا وَلِيَتُهُ انْتَهَى قُلْت: بَلْ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَوْدُهُ لِلْكُلِّ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مُوجِبُ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا أَيْ: فِي عَوْدِ الشَّرْطِ، وَنَحْوِهِ لِلْكُلِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ، أَوْ بِالْفَاءِ، أَوْ بِثُمَّ عَلَى عُمُومِ كَلَامِهِمْ (وَاسْتِثْنَاءٌ كَشَرْطٍ) فَيُرْجَعُ إلَيْهِ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ كَأَوْلَادِهِ أَوْ قَبِيلَةِ كَذَا مَثَلًا وَاسْتَثْنَى زَيْدًا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ.
(وَكَذَا مُخَصَّصٌ مِنْ صِفَةٍ) كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ الْفُقَهَاءِ أَوْ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِمْ فَلَا يُشَارِكُهُمْ مَنْ سِوَاهُمْ.
(وَ) مَنْ (عَطْفُ بَيَانٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الصِّفَةَ فِي إيضَاحِ مَتْبُوعِهِ، وَعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ، فَمَنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ، وَفِي أَوْلَادِهِ مَنْ كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ غَيْرُهُ اخْتَصَّ بِهِ مُحَمَّدٌ.
(وَ) مَنْ (تَوْكِيدٌ) فَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ بِنَفْسِهِ لَمْ يُدْخِلْ أَوْلَادَ أَوْلَادِهِ.
(وَ) مَنْ (بَدَلٌ) كَمَنْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَوْلَادٍ وَقَالَ: وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ مَثَلًا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي فَإِنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ عَلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ، وَأَوْلَادِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَبْدَلَ بَعْضَ الْوَلَدِ، وَهُوَ فُلَانٌ، وَفُلَانٌ، وَفُلَانٌ مِنْ اللَّفْظِ الْمُتَنَاوِلِ لِلْجَمِيعِ، وَهُوَ وَلَدِي فَاخْتَصَّ الْبَعْضُ الْمُبْدَلُ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْحُكْمِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] لَمَّا خَصَّ الْمُسْتَطِيعَ بِالذِّكْرِ اخْتَصَّ الْحُكْمُ بِهِ (وَنَحْوِهِ) كَالْغَايَةِ كَعَلَى أَوْلَادِي حَتَّى يَبْلُغُوا.
، وَالْإِشَارَةُ بِلَفْظِ " ذَلِكَ "، وَالتَّمْيِيزِ (وَجَارٍ، وَمَجْرُورٍ نَحْوَ) وَقَفْتُ هَذَا (عَلَى أَنَّهُ) مَنْ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ مِنْ أَوْلَادِي صُرِفَ إلَيْهِ.
(وَ) كَذَا إنْ قَالَ: وَقَفْتُهُ (بِشَرْطِ أَنَّهُ) مَنْ تَأَدَّبَ بِالْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ صُرِفَ إلَيْهِ (، وَنَحْوُهُ) فَيُرْجَعُ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ كَالشَّرْطِ.
(وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ) أَيْ: الشَّرْطِ (فِي عَدَمِ إيجَارِهِ) أَيْ: الْوَقْفِ (وَ) فِي (قَدْرِ الْمُدَّةِ) فَإِذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَر مِنْ سَنَةٍ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا
لَكِنْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ يُزَادُ بِحَسَبِهَا وَلَمْ يَزَلْ عَمَلُ الْقُضَاةِ فِي عَصْرِنَا وَقَبْلِهِ عَلَيْهِ بَلْ نُقِلَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ رحمه الله، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ الْآتِي:، وَالشُّرُوطُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهَا إذَا لَمْ تُفْضِ إلَى الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ، وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الْمِرْدَاوِيُّ وَلَمْ نَزَلْ نُفْتِي بِهِ إذْ هُوَ أَوْلَى مِنْ بَيْعِهِ إذَنْ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَعَنْ بَعْضِهِمْ جَوَازُ الزِّيَادَةِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ.
، وَهُوَ يَحْتَاجُ عِنْدِي إلَى تَفْصِيلٍ (وَ) يُرْجَعُ إلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي (قَسْمِهِ) أَيْ: الرِّيعِ (عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَى شَرْطِهِ (فِي تَقْدِيرِ الِاسْتِحْقَاقِ) كَعَلَى أَنَّ لِلْأُنْثَى سَهْمًا وَلِلذَّكَرِ سَهْمَيْنِ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ عَلَى أَنَّ لِلْمُؤَذِّنِ كَذَا، وَلِلْإِمَامِ كَذَا وَلِلْخَطِيبِ كَذَا وَلِلْمُدَرِّسِ كَذَا، وَنَحْوِهِ.
(وَ) يُرْجَعُ أَيْضًا إلَى شَرْطِهِ فِي (تَقْدِيمٍ، كَالْبُدَاءَةِ بِبَعْضِ أَهْلِ الْوَقْفِ دُونَ بَعْضٍ، نَحْوُ وَقَفْتُ عَلَى زَيْدٍ، وَعَمْرٍو، وَبَكْرٍ، وَيَبْدَأُ بِالدَّفْعِ إلَى زَيْدٍ، أَوْ وَقَفْتُ عَلَى طَائِفَةِ كَذَا، وَيَبْدَأُ بِالْأَصْلَحِ أَوْ الْأَفْقَهِ أَوْ نَحْوِهِ) فَيُرْجَعُ إلَى ذَلِكَ.
(وَ) يُرْجَعُ أَيْضًا إلَى شَرْطِهِ فِي (تَأْخِيرٍ، وَهُوَ عَكْسُ التَّقْدِيمِ) كَوَقَفْت عَلَى زَيْدٍ، وَعَمْرٍو، وَبَكْرٍ، وَيُؤَخَّرُ زَيْدٌ أَوْ وَقَفْتُ عَلَى طَائِفَةِ كَذَا، وَيُؤَخِّرُ بَطِيءَ الْفَهْم، وَنَحْوَهُ.
(وَ) يُرْجَعُ أَيْضًا إلَى شَرْطِهِ فِي (جَمْعٍ، كَجَعْلِ الِاسْتِحْقَاقِ مُشْتَرَكًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ) كَأَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَأَوْلَادِهِمْ.
(وَ) يُرْجَعُ إلَى شَرَطِهِ أَيْضًا فِي (تَرْتِيبٍ كَجَعْلِ اسْتِحْقَاقِ بَطْنٍ مُرَتَّبًا عَلَى آخَرَ) كَأَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ (فَالتَّقْدِيمُ بَقَاءُ أَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمُؤَخَّرِ عَلَى صِفَةِ أَنَّ لَهُ مَا فَضَلَ) عَنْ الْمُقَدَّمِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ الْمُقَدَّمِ شَيْءٌ (سَقَطَ) الْمُؤَخَّرُ.
(، وَالْمُرَادُ إذَا كَانَ لِلْمُقَدَّمِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ) كَمِائَةٌ مَثَلًا (فَحِينَئِذٍ إنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ وَافِرَةٌ حَصَلَ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الْمُقَدَّرِ لِلْمُقَدَّمِ (فَضْلٌ) فَيَأْخُذُهُ الْمُؤَخَّرُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ غَيْرَ وَافِرَةٍ (فَلَا) يَفْضُلُ بَعْدَهُ فَضْلٌ، فَلَا شَيْءَ لِلْمُؤَخَّرِ (وَالتَّرْتِيبُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْمُؤَخَّرِ مَعَ وُجُودِ الْمُقَدَّمِ) فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا.
(وَ) يُرْجَعُ أَيْضًا إلَى شَرْطِهِ فِي (تَسْوِيَةٍ، كَقَوْلِهِ الذَّكَرُ، وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ، وَنَحْوِهِ وَ) يُرْجَعُ أَيْضًا إلَى شَرْطِهِ فِي (تَفْضِيلٍ كَقَوْلِهِ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] ، وَنَحْوِهِ) ، وَالتَّسْوِيَةُ، وَالتَّفْضِيلُ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ " فِي قَسْمِهِ "(وَلَوْ جُهِلَ شَرْطُ الْوَاقِفِ) الْوَاقِفِ وَأَمْكَنَ التَّآنُسُ بِصَرْفِ مَنْ تَقَدَّمَ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ رُجِعَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَرْجَحُ مِمَّا عَدَاهُ، وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ، وَوُقُوعِهِ عَلَى الْوَقْفِ فَإِنْ تَعَذَّرَ، وَكَانَ الْوَقْفُ عَلَى عِمَارَةٍ أَوْ إصْلَاحٍ صُرِفَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.
، وَإِنْ كَانَ عَلَى قَوْمٍ (عُمِلَ بِعَادَةٍ جَارِيَةٍ) أَيْ: مُسْتَمِرَّةٍ إنْ كَانَتْ (ثُمَّ) عُمِلَ
(بِعُرْفٍ) مُسْتَقِرٍّ فِي الْوَقْفِ (فِي مَقَادِيرِ الصَّرْفِ كَفُقَهَاءِ الْمَدَارِسِ) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ وُقُوعُ الشَّرْطِ عَلَى وَفْقِهِ، وَأَيْضًا فَالْأَصْلُ عَدَمُ تَقْيِيدِ الْوَاقِفِ فَيَكُونُ مُطْلَقًا، وَالْمُطْلَقُ مِنْهُ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْعُرْفِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ ف (التَّسَاوِي) فَيُسَوَّى بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ التَّشْرِيكَ ثَابِتٌ، وَالتَّفْضِيل لَمْ يَثْبُتْ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَرْبَابُ الْوَقْفِ جُعِلَ كَوَقْفٍ مُطْلَقٍ لَمْ يُذْكَرْ مَصْرِفُهُ، ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ.
(التَّلْخِيصِ وَإِنْ شَرَطَ) الْوَاقِفُ إخْرَاجَ مَنْ شَاءَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ (بِصِفَةٍ بِصِفَةٍ وَإِدْخَالَهُ) أَيْ: مَنْ شَاءَ (بِصِفَةٍ، وَمَعْنَاهُ) أَيْ: الْإِخْرَاجِ، وَالْإِدْخَالِ بِصِفَةٍ (جَعْلُ الِاسْتِحْقَاقِ) عَلَى وَصْفٍ (كَالْوَقْفِ) عَلَى أَوْلَادِهِ مَثَلًا (بِشَرْطِ كَوْنِهِمْ فُقَرَاءَ أَوْ صُلَحَاءَ، وَتَرَتَّبَ الْحِرْمَانُ) بِالْوَصْفِ (أَنْ يَقُولَ) هَذَا وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي أَوْ أَوْلَادِ زَيْدٍ مَثَلًا (وَمَنْ فَسَقَ مِنْهُمْ أَوْ اسْتَغْنَى، وَنَحْوُهُ) كَتَرْكِ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) صَحَّ عَلَى مَا قَالَ.
(وَ) شَرَطَ الْوَاقِفُ (إخْرَاجَ مَنْ شَاءَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مَثَلًا وَإِدْخَالَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ صَحَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِخْرَاجٍ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ الْوَقْفِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ الِاسْتِحْقَاقَ بِصِفَتِهِ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ حَقًّا فِي الْوَقْفِ إذَا اتَّصَفَ بِإِرَادَتِهِ أَعْطَاهُ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَقًّا إذَا انْتَفَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ فِيهِ وَلَيْسَ هُوَ تَعْلِيقٌ لِلْوَقْفِ بِصِفَةٍ، بَلْ وَقْفٌ مُطْلَقٌ، وَالِاسْتِحْقَاقُ لَهُ صِفَةٌ.
" تَنْبِيهٌ " ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالتَّنْقِيحِ، وَالْمُنْتَهَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْرِطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلنَّاظِرِ بَعْدَهُ، وَفَرَضَهَا فِي الشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْإِنْصَافِ فِيمَا إذَا شَرَطَهُ لِلنَّاظِرِ بَعْدَهُ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ وَ (لَا) يَصِحُّ الْوَقْفُ إنْ شَرَطَ فِيهِ (إدْخَالَ مَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِهِمْ) أَيْ: أَهْلِ الْوَقْفِ مَثَلًا وَإِخْرَاجَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْوَقْفِ فَأَفْسَدَهُ قَالَهُ الْمُوَفَّقُ، وَمَنْ تَابَعَهُ، وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ، وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (كَشَرْطِهِ) أَيْ: الْوَاقِفِ (تَغْيِيرَ شَرْطٍ) فَيَفْسُدُ الْوَقْفُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَكَمَا لَوْ شَرَطَ) الْوَاقِفُ (أَنْ لَا يَنْتَفِعَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (بِهِ) أَيْ: بِالْوَقْفِ فَيَفْسُدُ الْوَقْفُ لِمُنَافَاةِ الشَّرْطِ مُقْتَضَاهُ.
(وَلَوْ وَقَفَ) شَيْئًا (لِأَوْلَادِهِ لِأَوْلَادِهِ وَشَرَطَ) الْوَاقِفُ (أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْبَنَاتِ فَلَا حَقَّ لَهَا) فِي الْوَقْفِ صَحَّ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ (أَوْ وَقَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ مَا دَامَتْ عَازِبَةً صَحَّ) عَلَى مَا قَالَ قِيَاسًا عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا (وَيَأْتِي فِي الْحَضَانَةِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا قَالَ الشَّيْخُ: كُلُّ مُتَصَرِّفٍ بِوِلَايَةٍ إذَا قِيلَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ فَإِنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ فِعْلُهُ لِمَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ حَتَّى لَوْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِفِعْلِ مَا يَهْوَاهُ) مُطْلَقًا (أَوْ
مَا يَرَاهُ مُطْلَقًا فَشَرْطٌ بَاطِلٌ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ) لِمُخَالَفَتِهِ الشَّرْعَ (قَالَ: وَعَلَى النَّاظِرِ بَيَانُ الْمَصْلَحَةِ) أَيْ: التَّثَبُّتُ، وَالتَّحَرِّي فِيهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:(فَيَعْمَلُ بِمَا ظَهَرَ) لَهُ أَنَّهُ مَصْلَحَةٌ (وَمَعَ الِاشْتِبَاهِ إنْ كَانَ) النَّاظِرُ (عَالِمًا عَادِلًا سَاغَ لَهُ اجْتِهَادُهُ وَقَالَ: لَوْ شَرَطَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ عَلَى أَهْلِ مَدْرَسَةٍ فِي الْقُدْسِ كَانَ الْأَفْضَلُ لِأَهْلِهَا أَنْ يُصَلُّوا فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَلَا يَقِفُ اسْتِحْقَاقُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْمَدْرَسَةِ، وَكَانَ يُفْتِي بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَغَيْرُهُ انْتَهَى) .
وَقَالَ: إذَا شَرَطَ فِي اسْتِحْقَاقِ رِيعِ الْوَقْفِ الْعُزُوبَةَ فَالْمُتَأَهِّلُ أَحَقُّ مِنْ الْمُتَعَزِّبِ إذَا اسْتَوَيَا فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ وَقَالَ: إذَا وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَأَقَارِبُ الْوَاقِفِ الْفُقَرَاءُ أَحَقُّ مِنْ الْفُقَرَاءِ الْأَجَانِبِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْحَاجَةِ، وَإِذَا قُدِّرَ وُجُودُ فَقِيرٍ مُضْطَرٍّ كَانَ دَفْعُ ضَرُورَتِهِ وَاجِبًا، وَإِذَا لَمْ تَنْدَفِعْ ضَرُورَتُهُ إلَّا بِتَشْقِيصِ كِفَايَةِ أَقَارِبِ الْوَاقِفِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ تَحْصُلُ لَهُمْ تُعَيِّنُ ذَلِكَ (مَثَلًا وَإِنْ خَصَّصَ) الْوَاقِفُ (الْمَدْرَسَةَ بِأَهْلِ مَذْهَبٍ) كَالْحَنَابِلَةِ أَوْ الشَّافِعِيَّةِ تَخَصَّصَتْ (أَوْ) خَصَّصَ الْمَدْرَسَةَ بِأَهْلِ (بَلَدٍ أَوْ) خَصَّصَهَا ب (قَبِيلَةٍ تَخَصَّصَتْ، وَكَذَلِكَ الرِّبَاطُ وَالْخَانِقَاهُ كَالْمَقْبَرَةِ) إذَا خَصَّصَهَا بِأَهْلِ مَذْهَبٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ قَبِيلَةٍ تَخَصَّصَتْ إعْمَالًا لِلشَّرْطِ إلَّا أَنْ يَقَعَ الِاخْتِصَاصُ بِنَقَلَةِ بِدْعَةٍ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.
(وَأَمَّا الْمَسْجِدُ فَإِنْ عَيَّنَ لِإِمَامَتِهِ) أَوْ عَيَّنَ ل (نَظَرِهِ أَوْ الْخَطَابَةِ) فِيهِ (شَخْصًا تَعَيَّنَ) فَلَا يَصِحُّ تَقْرِيرُ غَيْرِهِ، إعْمَالًا لِلشَّرْطِ (وَإِنْ خَصَّصَ الْإِمَامَةَ) فِي مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ.
وَفِي نُسَخٍ أَوْ الْخَطَابَةَ (بِمَذْهَبٍ تَخَصَّصَتْ بِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (مَا لَمْ يَكُنْ) الْمَشْرُوطُ لَهُ الْإِمَامَة (فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ مُخَالِفًا لِصَرِيحِ السُّنَّةِ أَوْ) مُخَالِفًا ل (ظَاهِرِهَا سَوَاءٌ كَانَ) خِلَافُهُ (لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ) عَلَى السُّنَّةِ (أَوْ) ل (تَأْوِيلٍ) ضَعِيفٍ إذْ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ مِثْلِ هَذَا قَالَهُ الْحَارِثِيُّ (وَإِنْ خَصَّصَ الْمُصَلِّينَ فِيهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ، وَنَحْوِهِ (بِمَذْهَبٍ لَمْ يَخْتَصَّ) بِهِمْ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْمَسْجِدِيَّةِ تَقْتَضِي عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ، كَمَا فِي التَّحْرِيرِ، فَاشْتِرَاطُ التَّخْصِيصِ يُنَافِيهِ (خِلَافًا لِصَاحِبِ التَّلْخِيصِ)
حَيْثُ قَالَ: تَخْتَصُّ بِهِمْ عَلَى الْأَشْبَهِ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي أَحْكَامِ الصَّلَاةِ، وَيَصِيرُ كَمَا لَوْ كَانَ مَدْرَسَة أَوْ رِبَاطًا.
(قَالَ الشَّيْخُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ نُصُوصُ الْوَقْفِ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ يَعْنِي فِي الْفَهْمِ، وَالدَّلَالَةِ لَا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ)، وَهَذَا مُقَابِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ (مَعَ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ لَفْظَهُ) أَيْ: الْوَاقِفِ (وَلَفْظَ الْمُوصِي، وَالْحَالِفِ، وَالنَّاذِرِ، وَكُلِّ عَاقِدٍ يُحْمَلُ عَلَى عَادَتِهِ فِي خِطَابِهِ وَلُغَتِهِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا، وَافَقَتْ لُغَةَ الْعَرَبِ أَوْ لُغَةَ الشَّارِعِ أَوْ لَا وَقَالَ:، وَالشُّرُوطُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ عَلَيْهَا إذَا لَمْ تُفْضِ إلَى الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ وَلَا تَجُوزُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى بَعْضِهَا مَعَ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ) الشَّرْعِيِّ (بِهَا وَقَالَ: وَمَنْ شَرَطَ فِي الْقُرُبَاتِ أَنْ يُقَدِّمَ فِيهَا الصِّنْفَ الْمَفْضُولَ فَقَدْ شَرَطَ خِلَافَ شَرْطِ اللَّهِ كَشَرْطِهِ فِي الْإِمَامَةِ تَقْدِيمَ غَيْرِ الْأَعْلَمِ وَقَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ فَاسِقٌ فِي جِهَةٍ دِينِيَّةٍ كَمَدْرَسَةٍ، وَغَيْرِهَا مُطْلَقًا) سَوَاءٌ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ أَوْ لَا (؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ الْإِنْكَارُ، وَعُقُوبَتُهُ، فَكَيْفَ يَنْزِلُ وَقَالَ أَيْضًا: إنْ نَزَلَ مُسْتَحِقٌّ تَنْزِيلًا شَرْعِيًّا لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ) عَمَّا نَزَلَ فِيهِ (بِلَا مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ؛ لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ وَقَالَ فِي وَاقِفٍ وَقَفَ مَدْرَسَةً مَدْرَسَةً وَشَرَطَ أَنْ لَا يُصْرَفَ رِيعُهَا لِمَنْ لَهُ مَثَلًا وَظِيفَةٌ بِجَامِكِيَّةٍ وَلَا مُرَتَّبٌ فِي جِهَةٍ أُخْرَى أَيْ: جَامَكِيَّةٌ فِي مَكَان آخَرَ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الشَّرْطِ مَقْصُودٌ شَرْعِيٌّ خَالِصٌ أَوْ رَاجِحٌ كَانَ) الشَّرْطُ (بَاطِلًا كَمَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ نَوْعًا مِنْ الْمَطْعَمِ، وَالْمَلْبَسِ، وَالْمَسْكَنِ الَّذِي لَمْ تَسْتَحِبَّهُ الشَّرِيعَةُ وَلَا يَمْنَعُهُمْ النَّاظِرُ مِنْ تَنَاوُل كِفَايَتِهِمْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى) .
هُمْ (مُرَتَّبُونَ فِيهَا وَلَيْسَ هَذَا إبْطَالًا لِلشَّرْطِ لَكِنَّهُ تَرْكٌ لِلْعَمَلِ بِهِ انْتَهَى) .
، (وَإِنْ شَرَطَ) الْوَاقِفُ (أَنْ لَا يَنْزِلَ) فِي وَقْفِهِ (فَاسِقٌ وَلَا شِرِّيرٌ وَلَا مُتَجَوِّهٌ مُتَجَوِّهٌ وَنَحْوُهُمْ) كَمُبْتَدِعٍ (عُمِلَ بِهِ) أَيْ: الشَّرْطِ وُجُوبًا.
(قَالَ الشَّيْخُ: الْجِهَاتُ الدِّينِيَّةُ مِثْلُ الْخَوَانِكِ
وَالْمَدَارِسِ، وَغَيْرِهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ فِيهَا فَاسِقٌ سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ بِظُلْمِهِ الْخَلْقَ، وَتَعَدِّيهِ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ، وَفِعْلِهِ) مِنْ نَحْوِ سَبٍّ أَوْ ضَرْبٍ (أَوْ) كَانَ (فِسْقُهُ بِتَعَدِّيهِ حُدُودَ اللَّهِ يَعْنِي: وَلَوْ لَمْ يَشْرِطْهُ الْوَاقِفُ) ، وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ قَرِيبًا (وَهُوَ) أَيْ: مَا قَالَهُ الشَّيْخُ (صَحِيحٌ) مُوَافِقٌ لِلْقَوَاعِدِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: الشَّرْطُ الْمُبَاحُ الَّذِي لَا يَظْهَرُ قَصْدُ الْقُرْبَةِ مِنْهُ، هَلْ يَجِبُ اعْتِبَارُهُ؟ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ: وَالْمَعْرُوفُ عَنْ الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَغَيْرِهِمْ.
، وَاسْتَدَلَّ لَهُ إلَى أَنْ قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ جَعْلِ الْمُبَاحِ جِهَةً لِلْوَقْفِ انْتِفَاءُ جَعْلِهِ شَرْطًا فِيهِ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ أَصْلًا فِي الْجِهَةِ مُخِلٌّ بِالْمَقْصُودِ، وَهُوَ الْقُرْبَةُ، وَجَعْلُهُ شَرْطًا لَا يُخِلُّ بِهِ فَإِنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يُفِيدُ تَخْصِيصَ الْبَعْضِ بِالْعَطِيَّةِ، وَذَلِكَ لَا يَرْفَعُ أَصْلَ الْقُرْبَةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّوَابِعِ، وَالشَّيْءُ قَدْ يَثْبُتُ لَهُ حَالَ تَبْقِيَتِهِ مَا لَا يَثْبُتُ لَهُ حَالَ أَصَالَتِهِ (وَقَالَ) الشَّيْخُ (لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَحْضَرٍ لِوَقْفٍ فِيهِ شُرُوطٌ ثُمَّ ظَهَرَ كِتَابُ الْوَقْفِ غَيْرَ ثَابِتٍ وَجَبَ ثُبُوتُهُ، وَالْعَمَلُ بِهِ إنْ أَمْكَنَ) إثْبَاتُهُ.
(وَقَالَ أَيْضًا لَوْ أَقَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِي هَذَا الْوَقْفِ إلَّا مِقْدَارًا مَعْلُومًا ثُمَّ ظَهَرَ شَرْطُ الْوَاقِفِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ) مِمَّا قَالَ حُكِمَ لَهُ بِمُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ الْمُتَقَدِّمُ انْتَهَى؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِعَدَمِ عِلْمِهِ إيَّاهُ.
وَقَوْلُهُ: ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ شَرْطَ الْوَاقِف، إلَخْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا كَذَا كَذَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فَإِنْ انْتَقَلَ اسْتِحْقَاقُهُ بَعْدَهُ لِوَلَدِهِ مَثَلًا فَلَهُ الطَّلَبُ بِمَا فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مِنْ حِينِ الِانْتِقَالِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَسْرِي عَلَى وَلَدِهِ، وَذَكَرَ التَّاجُ السُّبْكِيّ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِرُ: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ سَوَاءٌ عَلِمَ شَرْطَ الْوَاقِفِ، وَكَذِبَ فِي إقْرَارِهِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّ ثُبُوتَ هَذَا الْحَقِّ لَهُ لَا يَنْتَقِلُ بِكَذِبِهِ انْتَهَى قَالَ الْمُحِبُّ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ كَوْنُ الْمُقِرِّ يَمْلِكُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي يُقِرُّ بِهَا، وَمُسْتَحِقُّ الْوَقْفِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ.
وَلَا يَمْلِكُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي رِيعِهِ إلَّا بَعْدَ حُصُولِهِ فِي يَدِهِ فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ جَوَازَ بَيْعِهِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ وَلَوْ صَحَّ الْإِقْرَارُ بِالرَّيْعِ قَبْلَ مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ لَاتَّخَذَ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى إيجَارِهِ مُدَّةً مَجْهُولَةً بِأَنْ يَأْخُذَ الْمُسْتَحِقُّ عِوَضًا مِنْ شَخْصٍ عَنْ رِيعِهِ أَوْ عَنْ رَقَبَتِهِ، وَيُقِرُّ لَهُ بِهِ فَيَسْتَحِقُّهُ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُقِرِّ، أَوْ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِ الْمُقِرِّ، فَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ إقْرَارِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْوَقْفِ وَلَا بِرِيعِهِ إلَّا بِشَرْطِ مِلْكِهِ لِلرِّيعِ وَلَمْ