المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الموصى إليه] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٤

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ إجَارَةُ الْعَيْنِ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِجَارَة عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فِي الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ مَعَ إطْلَاقِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى زَرَعَ فَغَرِقَ الزَّرْعُ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَجِيرُ قِسْمَانِ خَاصٌّ وَمُشْتَرَكٌ]

- ‌[فَصْلٌ تَجِبُ الْأُجْرَةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ]

- ‌[بَابُ السَّبَقِ وَالْمُنَاضَلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُسَابَقَةُ جِعَالَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُنَاضَلَةِ مِنْ النَّضْلِ]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[فَصْلُ حُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ]

- ‌[فَصْلُ دَفَعَ إلَيْهِ دَابَّةً أَوْ غَيْرَهَا]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ وَجِنَايَةِ الْبَهَائِمِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ الْإِتْلَافَاتِ]

- ‌[فَصْلُ يَلْزَمُ الْغَاصِب رَدُّ الْمَغْصُوبِ إلَى مَحَلِّهِ]

- ‌[فَصْل زَادَ الْمَغْصُوبُ بِيَدِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ بِيَدِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ خَلَطَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ بِمَالِهِ]

- ‌[فَصْلٌ وَطِئَ الْغَاصِبُ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ]

- ‌[فَصْلٌ تَلَفُ الْمَغْصُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مَنْفَعَةٌ تَصِحُّ إجَارَتُهَا]

- ‌[فَصْلٌ تَصَرُّفَاتُ الْغَاصِبِ الْحُكْمِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَالُ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ]

- ‌[فَصْلٌ أَجَّجَ نَارًا فِي مَوَاتٍ أَوْ أَجَّجَهَا فِي مِلْكِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الشُّفْعَة أَنْ يَكُونَ الشِّقْصُ الْمُنْتَقِلُ عَنْ الشَّرِيكِ مَبِيعًا أَوْ مُصَالَحًا بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ وَمَا بِمَعْنَاهُ شِقْصًا مُشَاعًا]

- ‌[فَصْلٌ لِلشُّفْعَةِ الْمُطَالَبَةُ بِهَا عَلَى الْفَوْرِ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَأْخُذ الشَّرِيك جَمِيعَ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَكُونَ لِلشَّفِيعِ مِلْكٌ لِلرَّقَبَةِ سَابِقٌ عَلَى الْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الطَّلَبِ]

- ‌[فَصْلٌ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ]

- ‌[لَا شُفْعَةَ فِي بَيْعٍ فِيهِ خِيَارُ مَجْلِسٍ أَوْ خِيَارُ شَرْطٍ]

- ‌[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُودَعُ أَمِينٌ]

- ‌[بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ إحْيَاء الْأَرْضِ الْمَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْطَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الِانْتِفَاعِ بِالْمِيَاهِ غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[بَابُ الْجَعَالَةِ]

- ‌[بَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[فَصْلُ التَّصَرُّفُ فِي اللُّقَطَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُلْتَقِطِ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا]

- ‌[بَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[فَصْلٌ مِيرَاثُ اللَّقِيطِ إنْ مَاتَ]

- ‌[فَصْلٌ أَقَرَّ إنْسَانٌ أَنَّ اللَّقِيطَ وَلَدُهُ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[فَصْلٌ: إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ وَالْغُزَاةِ وَالْعُلَمَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ يَزُولُ مِلْكِ الْوَاقِفِ عَنْ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ بِمُجَرَّدِ الْوَقْفِ]

- ‌[فَصْلٌ يُرْجَعُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ إلَى شَرْطِ وَاقِفٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُرْجَعُ إلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي النَّاظِرِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ نَاظِرًا وَشَرَطَهُ النَّظَرَ]

- ‌[فَصْلٌ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَسِّمَ الْوَقْفَ عَلَى أَوْلَادِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَبْرَأَ غَرِيمٌ غَرِيمَهُ مِنْ دَيْنِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعْدِيلِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ: وَلِأَبٍ حُرًّا أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عَطِيَّةِ الْمَرِيضِ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْعَطِيَّةِ فِي مَرَض الْمَوْتِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ مَلَكَ فِي صِحَّتِهِ ابْنَ عَمِّهِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا بِقَبُولِهِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الرُّجُوعِ فِي الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبَاتُ الَّتِي عَلَى الْمَيِّتِ تُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى بِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ قَتَلَ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى]

- ‌[فَصْلٌ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكَنِيسَةٍ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُفْرَدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أُوصِيَ لَهُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ زَادَتْ الْوَصَايَا عَلَى الْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ وَالْأَنْصِبَاءِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَّا فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَدّ مَعَ الْإِخْوَة أَوْ الْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مُنْفَرِدِينَ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْأُمِّ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْجَدَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ]

- ‌[بَابُ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَالْعَوْلِ وَالرَّدِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّدِّ]

- ‌[بَابُ تَصْحِيحُ الْمَسَائِلِ]

- ‌[فَصْل تَمَاثُلِ الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْمُنَاسَخَاتِ]

- ‌[بَابُ قِسْمَةِ التَّرِكَاتِ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَكَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِهِمْ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ غَمَى أَيْ خَفَى مَوْتُهُمْ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ]

- ‌[فَصْلٌ يَرِثُ مَجُوسِيٌّ إذَا أَسْلَمَ أَوْ حَاكَمَ إلَيْنَا]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي طَرِيقُ الْعَمَلِ فِي هَذَا الْبَابِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَقَرَّ مِنْ الْوَرَثَةِ فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا عَوْلٌ بِمَنْ أَيْ بِوَارِثٍ يُزِيلُ الْعَوْلَ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَلَاءِ وَجَرِّهِ وَدَوْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَرِثُ النِّسَاءُ بِالْوَلَاءِ إلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَوْرِ الْوَلَاءِ وَمَعْنَاهُ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ رَقِيقِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ قَالَ السَّيِّدُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ]

- ‌[فَصْلٌ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ نَفْعَ نَفْسِهِ وَكَسْبَهُ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ شَيْئًا مِنْ كَسْبِهِ أَيْ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصْلٌ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ فِي مُدَّةِ الْكِتَابَةِ بِشَرْطٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ كَاتَبَ عَبِيدَهُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ إمَاءَهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِعِوَضٍ وَاحِدٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ]

الفصل: ‌[باب الموصى إليه]

أَرْبَاعٍ يَبْقَى رُبُعٌ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ زِدْ عَلَى ثَلَاثَةٍ يَبْلُغُ ثَلَاثَةً وَرُبُعًا وَهُوَ الْمَالُ فَابْسُطْ الْكُلَّ أَرْبَاعًا لِيَزُولَ الْكَسْرُ يَبْلُغُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، لِلْوَصِيَّةِ وَاحِدٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةٌ وَفِي أَكْثَرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصُّوَرِ طُرُقٌ أُخْرَى أَعْرَضْنَا عَنْهَا خَوْفَ الْإِطَالَةِ وَاعْتِمَادًا عَلَى مَا وُضِعَ فِي هَذَا الْفَنِّ مِنْ الْكُتُبِ الْمُخْتَصَرَةِ وَالْمُطَوَّلَةِ.

وَقَدْ أَطَالَ الْأَصْحَابُ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَزَادُوا عَلَيْهَا صُوَرًا تُنَاسِبُهَا، لَكِنْ أَضْرَبْنَا عَنْ ذَلِكَ لِمَا شَاهَدْنَاهُ مِنْ قُصُورِ الْهِمَمِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

[بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ]

ِ وَهُوَ الْمَأْمُورُ بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ الْمَوْتِ (الدُّخُولُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَوِيِّ عَلَيْهَا قُرْبَةً) مَنْدُوبَةً لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ (أَنَّهُ لَمَّا عَبَرَ الْفُرَاتَ أَوْصَى إلَى عُمَرَ) وَأَوْصَى إلَى الزُّبَيْرِ سِتَّةً مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنهم وَلِأَنَّهُ مَعُونَةٌ لِلْمُسْلِمِ فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90] وَقَوْلِهِ: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وَقَوْلُهُ: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ وَاَلَّتِي تَلِيهَا» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (، وَ) قَالَ فِي الْمُغْنِي قِيَاسُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّ (تَرْكَهُ) أَيْ: تَرْكَ الدُّخُولِ فِي الْوَصِيَّةِ (أَوْلَى) لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ وَهُوَ لَا يَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا انْتَهَى (فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ) إذْ الْغَالِبُ فِيهَا الْعَطَبُ وَقِلَّةُ السَّلَامَةِ لَكِنْ رَدَّ الْحَارِثِيُّ ذَلِكَ وَقَالَ: لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إمَّا وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ، وَأَوْلَوِيَّةُ تَرْكِ الدُّخُولِ يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِهَا قَالَ

ص: 393

فَالدُّخُولُ قَدْ يَتَعَيَّنُ فِيمَا هُوَ مُعَرَّضٌ لِلضَّيَاعِ إمَّا لِعَدَمِ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ دَرْءِ الْمَفْسَدَةِ وَجَلْبِ الْمَصْلَحَةِ.

(وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ إلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَلِيَ مُسْلِمًا (مُكَلَّفٍ) فَلَا تَصِحُّ إلَى طِفْلٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا أَبْلَهَ، لِأَنَّهُمَا لَا يَتَأَهَّلُونَ إلَى تَصَرُّفٍ أَوْ وِلَايَةِ (رَشِيدٍ) فَلَا تَصِحُّ إلَى سَفِيهٍ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ (عَدْلٍ وَلَوْ مَسْتُورًا أَوْ أَعْمَى أَوْ امْرَأَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ عَدُوَّ الطِّفْلِ الْمُوصَى عَلَيْهِ) لِأَنَّهُمْ أَهْلٌ لِلِائْتِمَانِ (وَ) كَذَا لَوْ كَانَ (عَاجِزًا) لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلِائْتِمَانِ.

(وَيُضَمُّ إلَيْهِ) أَيْ: الضَّعِيفِ (قَوِيٌّ أَمِينٌ مُعَاوِنٌ وَلَا تُزَالُ يَدُهُ عَنْ الْمَالِ وَلَا) يُزَالُ (نَظَرُهُ) عَنْهُ، لِأَنَّ الضَّعِيفَ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ وَالْأَمَانَةِ (وَهَكَذَا إنْ كَانَ) حَالُ الْوِصَايَةِ (قَوِيًّا فَحَدَث فِيهِ) بَعْدَهَا (ضَعْفٌ) أَوْ عِلَّةٌ ضَمَّ إلَيْهِ الْحَاكِمُ يَدًا أُخْرَى.

(وَ) يَكُونُ (الْأَوَّلُ هُوَ الْوَصِيُّ دُونَ الثَّانِي) فَإِنَّهُ مُعَاوِنٌ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْحَاكِمِ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصِيِّ قَالَ فِي الْإِرْشَادِ: وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَجْعَلَ مَعَهُ أَمِينًا يَحْتَاطُ عَلَى الْمَالِ إذَا كَانَ مُتَّهَمًا أَوْ عَاجِزًا وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (إلَى رَقِيقِهِ) أَيْ: الْمُوصِي (الْمُوصِيَ وَ) إلَى (رَقِيقِ غَيْرِهِ) بِأَنْ يُوصِي رَقِيقَهُ أَوْ رَقِيقَ زَيْدٍ عَلَى أَوْلَادِهِ وَنَحْوَهُ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلرِّعَايَةِ عَلَى الْمَالِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ» وَالرِّعَايَةُ وِلَايَةٌ فَوَجَبَ ثُبُوتُ الصِّحَّةِ وَلِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْعَدَالَةِ وَالِاسْتِنَابَةِ فِي الْحَيَاةِ فَتَأَهَّلَ لِلْإِسْنَادِ إلَيْهِ وَأَمَّا إنَّهُ لَا يَلِيَ عَلَى ابْنِهِ فَلَا أَثَرَ لَهُ بِدَلِيلِ الْمَرْأَةِ، وَكَوْنِ عَبْدِ الْغَيْرِ يَتَوَقَّفُ تَصَرُّفُهُ عَلَى إذْنِ سَيِّدِهِ لَا أَثَرَ لَهُ أَيْضًا بِدَلِيلِ تَوَقُّفِ التَّنْفِيذِ لِلْقَدْرِ الْمُجَاوِزِ لِلثُّلُثِ عَلَى إذْنِ الْوَارِثِ (وَلَا يَقْبَلُ) عَبْدُ الْغَيْرِ الْوَصِيَّةَ أَيْ: لَا يَتَصَرَّفُ (إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ فِيهَا (وَيُعْتَبَرُ وُجُودُ هَذِهِ الصِّفَاتِ) أَيْ: الْإِسْلَامِ وَالتَّكْلِيفِ وَالرُّشْدِ وَالْعَدَالَةِ (عِنْدَ الْوَصِيَّةِ إلَيْهِ) لِأَنَّهَا شُرُوطٌ لِصِحَّتِهَا فَاعْتُبِرَ وُجُودُهَا حَالَهَا.

(وَ) يُعْتَبَرُ وُجُودُ هَذِهِ الصِّفَاتِ (عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي) لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَمْلِكُ الْمُوصَى إلَيْهِ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِالْإِيصَاءِ (فَإِنْ تَغَيَّرَتْ) هَذِهِ الصِّفَاتُ (بَعْدَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ عَادَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ عَادَ) الْمُوصَى إلَيْهِ (إلَى عَمَلِهِ) لِعَدَمِ الْمَانِعِ.

(وَإِنْ زَالَتْ) هَذِهِ الصِّفَاتُ (بَعْدَ الْمَوْتِ) انْعَزَلَ لِوُجُودِ الْمُنَافِي (أَوْ) زَالَتْ (بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ تَعُدْ قَبْلَ الْمَوْتِ انْعَزَلَ) مِنْ الْوَصِيَّةِ (وَلَمْ تَعُدْ وَصِيَّتُهُ) لَوْ عَادَتْ الصِّفَاتُ بَعْدُ (إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ) إنْ أَمْكَنَ بِأَنْ قَالَ الْمُوصِي مَثَلًا: إنْ انْعَزَلْتَ لِفَقْدِ صِفَةٍ ثُمَّ عُدْتَ إلَيْهَا فَأَنْتَ وَصِيِّي.

وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَمَنْ عَادَ إلَى حَالِهِ مِنْ عَدَالَةٍ وَغَيْرِهَا عَادَ إلَى عَمَلِهِ (وَيَنْعَقِدُ الْإِيصَاءُ بِقَوْلِ الْمُوصِي: فَوَّضْتُ) إلَيْكِ كَذَا (أَوْ وَصَّيْت إلَيْكَ)

ص: 394

بِكَذَا (أَوْ) وَصَّيْتُ (إلَى زَيْدٍ بِكَذَا أَوْ أَنْتَ) وَصِيِّي (أَوْ هُوَ) أَيْ: زَيْدٌ وَصِيِّي فِي كَذَا (أَوْ جَعَلْتَهُ) أَيْ: زَيْدًا وَصِيِّي (أَوْ جَعَلْتُكَ وَصِيِّي) عَلَى كَذَا (وَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (إلَى فَاسِقٍ وَلَا) إلَى (صَبِيٍّ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَلَا إلَى مَجْنُونٍ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ وَالْأَمَانَةِ وَتَقَدَّمَ (وَلَا إلَى كَافِرٍ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا إلَى سَفِيهٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا نَظَرَ لِحَاكِمٍ مَعَ وَصِيٍّ خَاصٍّ إذَا كَانَ) الْوَصِيُّ (كُفْئًا فِي ذَلِكَ) التَّصَرُّفِ الَّذِي أُسْنِدَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةُ تَقْطَعُ نَظَرَ الْحَاكِمِ لَكِنْ لَهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَ مَا لَا يُسَوَّغُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ.

(وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمُنْتَظَرِ) أَيْ: الَّذِي تُنْتَظَرُ أَهْلِيَّتُهُ (بِأَنْ يَجْعَلَهُ وَصِيًّا بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَ حُضُورِهِ مِنْ غَيْبَتِهِ وَنَحْوِهَا) نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: هُوَ وَصِيِّي إذَا أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ أَوْ زَالَ فِسْقُهُ أَوْ سَفَهُهُ أَوْ أَسْلَمَ وَنَحْوُهُ.

(وَ) كَذَا إنْ قَالَ وَصَّيْتُ إلَى فُلَانٍ فَ (إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَفُلَانٌ وَصِيِّي أَوْ) قَالَ (هُوَ وَصِيِّي سَنَةً ثُمَّ فُلَانٌ بَعْدَهَا) أَيْ: السَّنَةِ (فَإِذَا قَالَ أَوْصَيْتُ إلَيْكِ فَإِذَا بَلَغَ ابْنِي فَهُوَ وَصِيِّي صَحَّ) ذَلِكَ (فَإِذَا بَلَغَ ابْنُهُ صَارَ وَصِيَّهُ وَمِثْلَهُ) فِي الصِّحَّةِ إذَا قَالَ (أَوْصَيْتُ إلَيْكَ فَإِذَا تَابَ ابْنِي مِنْ فِسْقِهِ أَوْ صَحَّ مِنْ مَرَضهِ أَوْ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ أَوْ صَالَحَ أُمَّهُ أَوْ رُشْدَهُ فَهُوَ وَصِيِّي صَحَّتْ) الْوَصِيَّةُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا.

(وَيَصِيرُ) الْمَذْكُورُ (وَصِيًّا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ فَإِنْ قُتِلَ فَجَعْفَرٌ فَإِنْ قُتِلَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» وَالْوَصِيَّةُ كَالتَّأْمِيرِ وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ الْخَلِيفَةُ بَعْدِي فُلَانٌ فَإِنْ مَاتَ فِي حَيَاتِي أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ فَفُلَانٌ صَحَّ وَكَذَا فِي ثَالِثٍ وَرَابِع لَا لِلثَّانِي إنْ قَالَ فُلَانٌ وَلِيُّ عَهْدِي فَإِنْ وَلِيَ ثُمَّ مَاتَ فَفُلَانٌ بَعْدَهُ وَإِنْ عَلَّقَ وَلِيُّ أَمْرٍ وِلَايَةَ حُكْمٍ أَوْ وَظِيفَةٍ بِشَرْطِ شُغُورِهَا أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يُوجَدْ حَتَّى قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ صَارَ الِاخْتِيَارُ لَهُ.

(وَإِذَا أَوْصَى إلَى وَاحِدٍ، وَ) أُوصِيَ (بَعْدَهُ إلَى آخَرَ، فَهُمَا وَصِيَّانِ) وَلَمْ يَكُنْ عَزْلًا لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مُطَابَقَةً وَلَا تَضَمُّنًا، وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ فَإِنَّ الْجَمْعَ مُمْكِنٌ (كَمَا لَوْ أَوْصَى إلَيْهِمَا جَمِيعًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا أَنْ يَقُولَ قَدْ أَخْرَجْتُ الْأَوَّلَ) فَإِنْ قَالَهُ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ، انْعَزَلَ لِحُصُولِ الْعَزْلِ مِمَّنْ يَمْلِكهُ.

(وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ: الْوَصِيَّيْنِ (الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ) لِأَنَّ الْمُوصِي لَمْ يَرْضَ إلَّا بِتَصَرُّفِهِمَا، وَانْفِرَادِ أَحَدِهِمَا يُخَالِفُ ذَلِكَ (إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ) أَيْ: التَّصَرُّفَ (الْمُوصِي لِكُلٍّ مِنْهُمَا) فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ حِينَئِذٍ، لِرِضَا الْمُوصِي بِذَلِكَ (أَوْ يَجْعَلَهُ) أَيْ: التَّصَرُّفَ (لِأَحَدِهِمَا) وَالْيَدَ لِلْآخَرِ (فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ مُنْفَرِدًا) عَمَلًا بِالْوَصِيَّةِ.

(وَإِذَا تَصَرَّفَا) أَيْ: أَرَادَا التَّصَرُّفَ (فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ) بِاجْتِمَاعِهِمَا لَيْسَ مَعْنَاهُ تَلَفُّظَهُمَا بِصِيَغِ الْعُقُودِ

ص: 395

مَعًا بَلْ (صُدُورَهُ) أَيْ: التَّصَرُّفِ (عَنْ رَأْيِهِمَا) وَاجْتِهَادِهِمَا (ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُبَاشِرَ أَحَدُهُمَا) التَّصَرُّفَ وَحْدَهُ (أَوْ) يُبَاشِرَهُ (الْغَيْرُ بِإِذْنِهِمَا وَلَا يُشْتَرَطُ تَوْكِيلِهِمَا) أَيْ: أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ وُقِفَ الْأَمْرُ، حَتَّى يَتَّفِقَا.

(وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّ، أَوْ غَابَ، أَوْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يُوجِبُ عَزْلَهُ) كَسَفَهٍ وَعَزْلِهِ نَفْسَهُ (وَلَمْ يَكُنْ الْمُوصِي جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ بِالتَّصَرُّفِ أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ أَوْ الْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِ (أَمِينًا) لِيَتَصَرَّفَ مَعَ الْآخَرَ (وَإِنْ أَرَادَ الْحَاكِمُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِالْبَاقِي مِنْهُمَا، لَمْ يَجُزْ لَهُ) الِاكْتِفَاءُ بِهِ، لِأَنَّ الْمُوصِي لَمْ يَكْتَفِ بِأَحَدِهِمَا، فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ إذْ الْوَصِيَّةُ تَقْطَعُ نَظَرَ الْحَاكِمِ وَاجْتِهَادِهِ.

(فَإِنْ جَعَلَ الْمُوصِي لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ بِالتَّصَرُّفِ، أَوْ جَعَلَهُ) أَيْ: التَّصَرُّفَ (لِأَحَدِهِمَا صَحَّ تَصَرُّفُهُ مُنْفَرِدًا) وَتَقَدَّمَ (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ) لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ (أَوْ خَرَجَ) أَحَدُهُمَا (عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ) وَالْحَالَةُ هَذِهِ (لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ، وَاكْتَفَى بِالْبَاقِي) مِنْهُمَا لِرِضَا الْمُوصِي بِهِ (إلَّا أَنْ يَعْجِزَ) الْبَاقِي (عَنْ التَّصَرُّفِ وَحْدِهِ) فَيَضُمُّ الْحَاكِمُ إلَيْهِ أَمِينًا يُعَاوِنُهُ (وَلَوْ حَدَثَ) لِأَحَدِهِمَا (عَجْزٌ لِضَعْفٍ أَوْ كَثْرَةِ عَمَلٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ مُنْفَرِدًا، ضُمَّ أَمِينٌ) أَيْ: ضَمَّ الْحَاكِمُ أَمِينًا لِمَنْ عَجَزَ يُعَاوِنُهُ وَالْوَصِيُّ هُوَ الْأَوَّلُ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَإِذَا اخْتَلَفَ الْوَصِيَّانِ) وَلَيْسَا مُسْتَقِلَّيْنِ (عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُ الْمَالَ مِنْهُمَا) بِأَنْ طَلَبَ كُلٌّ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ تَحْتَ يَدِ الْآخَرِ (لَمْ يُجْعَلْ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِعَدَمِ رِضَا الْمُوصِي بِذَلِكَ.

(وَلَمْ يُقَسَّمْ) الْمَالُ (بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ مِنْ لَوَازِمِ الشَّرِكَةِ فِي التَّصَرُّفِ الشَّرِكَةُ فِي الْحِفْظِ لِأَنَّهُ مِمَّا وُصِّيَ بِهِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِبَعْضِ الْحِفْظِ، كَمَا لَا يَسْتَقِلُّ بِبَعْضِ التَّصَرُّفِ.

(وَجُعِلَ) الْمَالُ (فِي مَكَان تَحْتَ أَيْدِيهِمَا) لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ نَحْوَ قُفْلٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ خَتَمَا عَلَيْهِ وَدُفِعَ إلَى أَمِينِ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَا مُسْتَقِلَّيْنِ احْتَمَلَ ذَلِكَ وَاحْتَمَلَ الْقِسْمَةَ ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ.

(وَإِنْ نَصَّبَ) الْمُوصِي وَصِيًّا (وَنَصَّبَ) الْمُوصَى (عَلَيْهِ نَاظِرًا؛ يَرْجِعُ الْوَصِيُّ إلَى رَأْيِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ) الْوَصِيُّ (إلَّا بِإِذْنِهِ) جَازَ قُلْتُ: فَإِنْ خَالَفَ لَمْ يُنَفَّذْ تَصَرُّفُهُ، لِأَنَّ الْمُوصِي لَمْ يَرْضَ بِرَأْيِهِ وَحْدَهُ.

(وَإِنْ فَسَقَ الْوَصِيُّ انْعَزَلَ) لِوُجُودِ الْمُنَافِي، وَلَا يَعُودُ إلَى الْأَهْلِيَّةِ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُنْتَهَى وَكَذَا مَنْصُوبُ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا فَسَقَ تَعُودُ وِلَايَتُهُ الْأَهْلِيَّةُ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَنْ سَبَبِ الْأُبُوَّةِ، وَهُوَ ثَابِتٌ، وَوِلَايَةُ الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ عَنْ الْإِيصَاءِ وَتُوَلِّيهِ، وَقَدْ بَطَلَ فَلَا بُدَّ فِي الْعَوْدِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ

ص: 396

السَّبَبِ، ثُمَّ مَا تَصَرَّفَ بَعْدَ الْبُطْلَانِ مَرْدُودٌ، لِصُدُورِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ لَكِنْ رَدَّ الْوَدَائِعَ، وَالْغُصُوبَ، وَالْعَوَارِيَّ، وَقَضَاءَ الدُّيُونِ الَّتِي جِنْسُهَا فِي التَّرِكَةِ تَقَعُ مَوْقِعَهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ: وُصُولُهَا إلَى أَهْلِهَا، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ وَإِذَا أُعِيدَ وَكَانَ أَتْلَفَ مَالًا فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ بَرَاءَتُهُ بِالْقَبْضِ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ لِلْأَبِ وَقَدْ نَصَّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، إلَّا فِي النِّكَاحِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ (وَأَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ) أَيْ: الْفَاسِقِ (أَمِينًا) لِيَتَصَرَّفَ.

(وَيَصِحَّ قَبُولُ) الْوَصِيِّ (الْإِيصَاءَ إلَيْهِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) لِأَنَّهُ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ، فَصَحَّ قَبُولُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْوَكَالَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ، فَإِنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي وَقْتٍ فَلَمْ يَصِحَّ الْقَبُولُ قَبْلَهُ.

(وَ) يَصِحَّ الْقَبُولُ أَيْضًا (بَعْدَ مَوْتِهِ) لِأَنَّهَا نَوْعُ وَصِيَّةٍ، فَيَصِحُّ قَبُولُهَا إذَنْ كَوَصِيَّةِ الْمَالِ (فَمَتَى قُبِلَ صَارَ وَصِيًّا) قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَقُومُ فِعْلُ التَّصَرُّفِ مَقَامَ اللَّفْظِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: هُوَ الْأَظْهَرُ (وَلَهُ) أَيْ: الْوَصِيِّ (عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْعَجْزِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَبَعْدَ مَوْتِهِ، وَ) فِي (حُضُورِهِ وَغِيبَتِهِ) لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِالْإِذْنِ، كَالْوَكِيلِ.

وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَحَنْبَلٌ: لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ إنْ وَجَدَ حَاكِمًا كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقَطَعَ بِهِ الْحَارِثِيُّ لِأَنَّ الْعَزْلَ تَضْيِيعٌ لِلْأَمَانَةِ وَإِبْطَالٌ لِحَقِّ الْمُسْلِمِ، وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَ تَنْفِيذُ الْحَاكِمِ لِلْمُوصَى بِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ عِنْدَهُ أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْحَاكِمَ يُسْنِدُ إلَى مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ، أَوْ أَنَّ الْحَاكِمَ ظَالِمٌ ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ.

(وَلِلْمُوصِي عَزْلُهُ مَتَى شَاءَ) كَالْمُوَكِّلِ (وَلَيْسَ لِلْمُوصِي) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (أَنْ يُوصِيَ) لِأَنَّهُ قَصَرَ تَوَلَّيْتَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ التَّفْوِيضُ كَالْوَكِيلِ وَسَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ: لَهُ أَنْ يُوَكَّلَ فِيمَا لَا يُبَاشِرُهُ مِثْلُهُ، أَوْ يَعْجِزُ عَنْهُ فَقَطْ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْأَمْرَاضُ الْمُعْتَادَةُ كَالرَّمَدِ وَالْحُمَّى تَلْحَقُ بِنَوْعِ مَا لَا يُبَاشِرُهُ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَالْفَالِجِ وَغَيْرِهِ يُلْتَحَقُ بِنَوْعِ مَا يُبَاشِرُهُ (إلَّا أَنْ يَجْعَلَ إلَيْهِ) الْمُوصِي (ذَلِكَ) أَيْ: أَنْ يُوصِيَ (نَحْوَ أَنْ يَقُولَ) الْمُوصِي لِلْوَصِيِّ (أَذِنْتُ لَك أَنْ تُوصِي إلَى مَنْ شِئْتَ، أَوْ) يَقُولَ (كُلُّ مَنْ أَوْصَيْتَ) أَنْتَ إلَيْهِ (فَقَدْ أَوْصَيْتُ أَنَا إلَيْهِ، أَوْ) يَقُولَ: كُلُّ مَنْ أَوْصَيْتَ أَنْتَ إلَيْهِ (فَهُوَ وَصِيِّي) فَلَهُ أَنْ يُوصِيَ لِأَنَّ الْمُوصِي رَضِيَ رَأْيَهُ، وَرَأْيَ مَنْ يَرَاهُ، وَلِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَأْذُونٌ فِيهِ فَكَانَ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ.

(وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ) الْمُوصِي أَوْ الْحَاكِمُ (لِلْوَصِيِّ جَعْلًا) مَعْلُومًا كَالْوَكَالَةِ.

(وَمُقَاسَمَةُ الْوَصِيِّ لِلْمُوصَى لَهُ جَائِزَةٌ) أَيْ: نَافِذَةٌ (عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُمْ) فَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِمْ (وَمُقَاسَمَتُهُ) أَيْ: الْوَصِيِّ (لِلْوَرَثَةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ لَا تَجُوزُ)

ص: 397