الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِ (قَرِيبِي فُلَانٍ بِاسْمٍ مُشْتَرَكٍ) لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمُوصَى لَهُ شَرْطٌ فَإِذَا قَالَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ فَقَدْ أَبْهَمَ الْمُوصَى لَهُ وَكَذَا الْجَارُ وَالْقَرِيبُ لِوُقُوعِهِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُسَمَّيَيْنِ (مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مُعَيَّنًا مِنْ الْجَارِ وَالْقَرِيبِ) فَيُعْطَى مَنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى إرَادَتِهِ (فَإِنْ قَالَ أَعْطُوا ثُلُثِي أَحَدَهُمَا صَحَّ) كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتِقُوا أَحَدَ عَبْدَيَّ.
(وَلِلْوَرَثَةِ الْخِيرَةُ) فِيمَنْ يُعْطُوهُ الثُّلُثَ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ قَوْلَهُ أَعْطُوا ثُلُثِي أَحَدَهُمَا أَمْرٌ بِالتَّمْلِيكِ فَصَحَّ جَعْلُهُ إلَى اخْتِيَارِ الْوَرَثَةِ كَمَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: بِعْ سِلْعَتِي مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: وَصَيْتُ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَصِحَّ لِمُبْهَمٍ.
(وَإِنْ قَالَ عَبْدِي غَانِمٌ حُرٌّ وَلَهُ مِائَةٌ وَلَهُ) أَيْ: الْمُوصِي (عَبْدَانِ بِهَذَا الِاسْمِ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ) لِأَنَّهُ عِتْقٌ اسْتَحَقَّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَأُخْرِجَ بِالْقُرْعَةِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُمَا فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا أَحَدُهُمَا وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ عِتْقَهُمَا.
(وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ: لِمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِهَا وَقَعَتْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَمْ تَصِحَّ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَإِنْ وَصَفَ الْمُوصَى لَهُ أَوْ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ صِفَتِهِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: عَلَى أَوْلَادِي السُّودِ، وَهُمْ بِيضٌ، أَوْ الْعَشَرَةِ، وَهُمْ اثْنَا عَشَرَ، فَهَهُنَا الْأَوْجُهُ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْمَوْصُوفُ دُونَ الصِّفَةِ.
[فَصْلٌ قَتَلَ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى]
(فَصْلٌ وَإِنْ قَتَلَ الْوَصِيُّ) أَيْ: الْمُوصَى لَهُ (الْمُوصِي) قَتْلًا مَضْمُونًا بِقِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ كَمَا قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ.
(وَلَوْ) كَانَ الْقَتْلُ (خَطَأً، أَوْ قَتَلَ مُدَبَّرٌ سَيِّدَهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) وَالتَّدْبِيرُ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ الَّذِي هُوَ آكَدُ مِنْهَا فَالْوَصِيَّةُ أَوْلَى وَمُعَامَلَةٌ لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ (وَإِنْ أَوْصَى لِقَاتِلِهِ لَمْ تَصِحَّ) الْوَصِيَّةُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ جَرَحَهُ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ فَمَاتَ مِنْ الْجُرْحِ لَمْ تَبْطُلْ) وَصِيَّتُهُ لِأَنَّهَا صَدَرَتْ مِنْ أَهْلِهَا فِي مَحَلِّهَا لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهَا مَا يُبْطِلُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَتْ فَإِنَّ الْقَتْلَ طَرَأَ عَلَيْهَا فَأَبْطَلَهَا (وَكَذَا فِعْل مُدَبَّرٍ بِسَيِّدِهِ) فَإِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ ثُمَّ دَبَّرَهُ وَمَاتَ السَّيِّدُ لَمْ يَبْطُلْ تَدْبِيرُهُ لِمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَبَّرَهُ ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَبْطُلَ تَدْبِيرُهُ وَتَقَدَّمَ قَالَ الْحَارِثِيُّ وَكَذَلِكَ الْعَطِيَّةُ الْمُنْجَزَةُ فِي الْمَرَضِ إذَا وُجِدَ الْقَتْلُ مِنْ الْمُعْطَى.
(وَإِنْ وَصَّى لِصِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ أَوْ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ) الثَّمَانِيَةِ (صَحَّ) الْإِيصَاءُ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ
وَلِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ بِدَلِيلِ الزَّكَاةِ وَالْوَقْفِ (وَيُعْطُونَ بِأَجْمَعِهِمْ) بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ فِي الزَّكَاةِ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ أَنَّ آيَةَ الزَّكَاةِ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ مَنْ يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ وَالْوَصِيَّةُ أُرِيدَ بِهَا مَنْ يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْمُغْنِي ".
(وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطِي كُلَّ صِنْفٍ) حَيْثُ أَوْصَى لِجَمِيعِهِمْ (ثُمُنَ الْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ وَصَّى لِثَمَانِ قَبَائِلَ وَيَكْفِي مِنْ كُلِّ صِنْفٍ) شَخْصٌ (وَاحِدٌ) لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيعَابِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِثَلَاثَةٍ عُيِّنُوا حَيْثُ تَجِبُ التَّسْوِيَةُ لِإِضَافَةِ الِاسْتِحْقَاقِ إلَى أَعْيَانِهِمْ (وَيُسْتَحَبُّ إعْطَاءُ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ) وَالدَّفْعُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ.
(وَتَقْدِيمُ أَقَارِبِ الْمُوصِي) لِمَا فِيهِ مِنْ الصِّلَةِ (وَلَا يُعْطِي إلَّا الْمُسْتَحِقَّ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ) أَيْ: الْمُوصِي كَالزَّكَاةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ فَقِيرٌ تَقَيَّدَ بِالْأَقْرَبِ إلَيْهِ (وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ) بَيْنَهُمْ فَيَجُوزُ التَّفْضِيلُ كَمَا لَا يَجِبُ التَّعْمِيمُ (وَيُعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْقَدْرَ الَّذِي يُعْطَاهُ مِنْ الزَّكَاةِ) عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ.
(وَإِنْ وَصَّى لِلْفُقَرَاءِ دَخَلَ فِيهِ الْمَسَاكِينُ وَكَذَا الْعَكْسُ) فَإِذَا أَوْصَى لِلْمَسَاكِينِ دَخَلَ فِيهِ الْفُقَرَاءُ لِأَنَّهُمْ كَنَوْعٍ وَاحِدٍ فِيمَا عَدَا الزَّكَاةَ لِوُقُوعِ كُلٍّ مِنْ الِاسْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ (إلَّا أَنْ يَذْكُرَ الصِّنْفَيْنِ جَمِيعًا) فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ (وَيُسْتَحَبُّ تَعْمِيمُ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ، وَ) يُسْتَحَبُّ (الدَّفْعُ إلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، وَالْبُدَاءَةُ بِأَقَارِبِ الْمُوصِي كَمَا تَقَدَّمَ) .
وَالْوَصِيَّةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمَشْهُورُ عَنْهُ اخْتِصَاصُهَا بِالْغَزْوِ وَعَنْهُ دُخُولُ الْحَجِّ فِي ذَلِكَ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ.
(وَإِنْ وَصَّى لِكَتْبِ الْقُرْآنِ أَوْ) كَتْبِ (الْعِلْمِ) النَّافِعِ (صَحَّ) لِأَنَّهُ جِهَةُ قُرْبَةٍ.
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (لِمَسْجِدٍ وَتُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِ) وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ لِقَنْطَرَةٍ وَسِقَايَةٍ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ.
(وَإِنْ وَصَّى بِشِرَاءِ عَيْنٍ) كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ (وَأَطْلَقَ أَوْ) وَصَّى بِ (بَيْعِ عَبْدِهِ وَأَطْلَقَ) فَلَمْ يَقُلْ لِزَيْدٍ وَنَحْوِهِ وَلَا بِشَرْطِ عِتْقٍ (فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ) لِخُلُوِّهَا عَنْ قُرْبَةٍ (فَإِنْ وَصَّى بِبَيْعِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ) لِأَنَّ عِتْقَهُ قُرْبَةٌ (وَبَيْعٌ كَذَلِكَ) أَيْ: بِشَرْطِ الْعِتْقِ (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيه كَذَلِكَ بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِهَا.
(وَإِنْ وَصَّى بِبَيْعِهِ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بِيعَ بِهِ) أَيْ: بِالثَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ الرِّفْقَ إمَّا بِالْعَبْدِ لِحُسْنِ مُعَاشَرَةِ الرَّجُلِ، أَوْ بِالرَّجُلِ لِنَفْعِ الْعَبْدِ لَهُ.
(وَإِنْ) وَصَّى بِبَيْعِهِ لِرَجُلٍ مُعَيَّنٍ، وَ (لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا بِيعَ) لَهُ (بِقِيمَتِهِ) لِأَنَّهُ الْعَدْلُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ لِلرَّجُلِ) لِمَانِعٍ مَا (أَوْ أَبَى) الرَّجُلُ (أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِالثَّمَنِ) الْمُعَيَّنِ (أَوْ بِقِيمَتِهِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ) الْمُوصِي (الثَّمَنَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ.
(وَإِنْ وَصَّى فِي أَبْوَاب الْبِرِّ صُرِفَ فِي الْقُرَبِ كُلِّهَا وَيُبْدَأُ بِالْغَزْوِ)
لِأَنَّهُ أَفْضَلُهَا.
(وَإِنْ قَالَ ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ أَرَاك اللَّهُ فَلَهُ صَرْفُهُ فِي أَيْ: جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْقُرْبِ وَالْأَفْضَلُ) صَرْفُهُ (إلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ) لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْوَصِيُّ أَقَارِبَ فُقَرَاءَ غَيْرَ وَارِثِينَ لِلْمُوصَيْ لَهُ (فَإِلَى مَحَارِمِهِ مِنْ الرَّضَاعِ) كَأَبِيهِ وَأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ رَضَاعٍ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) لَهُ مَحَارِمَ مِنْ رَضَاعٍ (فَإِلَى جِيرَانِهِ) الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ إلَى مَا يَرَاهُ فَلَا يَجُوزُ تَقْيِيدُهُ بِالتَّحَكُّمِ وَلَوْ وَصَّى بِفِكَاكِ الْأَسْرَى أَوْ وَقَفَ مَالًا عَلَى فِكَاكِهِمْ صُرِفَ مِنْ يَدِ الْوَصِيِّ أَوْ وَكِيلِهِ وَلَهُ أَنْ يَقْتَرِضَ عَلَيْهِ وَيُوفِيَهُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ الْجِهَاتِ وَمَنْ افْتَكَّ أَسِيرًا غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ جَازَ صَرْفُ الْمَالِ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ اقْتَرَضَ غَيْرُ الْوَصِيِّ مَالًا فَكَّ بِهِ أَسِيرًا جَازَ تَوْفِيَتُهُ مِنْهُ وَمَا احْتَاجَ إلَيْهِ الْوَصِيُّ فِي افْتِكَاكِهِمْ مِنْ أُجْرَةٍ صُرِفَ مِنْ الْمَالِ.
وَلَوْ تَبَرَّعَ بَعْضُ أَهْلِ الثَّغْرِ بِفِدَائِهِ وَاحْتَاجَ الْأَسِيرُ إلَى نَفَقَةِ الْإِيَابِ صَرَفَ مِنْ مَالِ الْأَسْرَى، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ عَلَى افْتِكَاكِهِمْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ إلَى بُلُوغِ مَحَلِّهِ قَالَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ (وَيَأْتِي فِي بَابِ الْمُوصَى إلَيْهِ إذَا قَالَ: ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ شِئْتَ وَإِذَا قَالَ: يَخْدُمُ عَبْدِي فُلَانًا سَنَةً ثُمَّ هُوَ حُرٌّ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ) عَلَى مَا قَالَ الْمُوصِي (فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ) الْوَصِيَّةَ (أَوْ وَهَبَ لَهُ) أَيْ: الْعَبْد (الْخِدْمَةَ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا بَعْدَ السَّنَةِ) قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَفِي الْمُنْتَهَى وَغَيْرُهُ يَعْتِقُ فِي الْحَالِ.
فَرْعٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَوْ قَالَ الْمُوصِي أَعْتِقْ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا فَأَعْتَقَ مُسْلِمًا أَوْ ادْفَعْ ثُلُثِي إلَى نَصْرَانِيٍّ فَدَفَعَهُ إلَى مُسْلِمٍ ضَمِنَ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ (وَإِذَا أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى عَبْدُ زَيْدٍ بِخَمْسِمِائَةٍ فَيُعْتَقُ فَلَمْ يَبِعْهُ سَيِّدُهُ أَوْ امْتَنَعَ) سَيِّدُهُ (مِنْ بَيْعِهِ بِالْخَمْسِمِائَةِ أَوْ تَعَذَّرَ شِرَاؤُهُ بِمَوْتِهِ) أَيْ: الْعَبْدِ (أَوْ لِعَجْزِ الثُّلُثِ عَنْ ثَمَنِهِ فَالْخَمْسمِائَةِ لِلْوَرَثَةِ) وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِتَعَذُّرِ الْإِيفَاءِ بِهَا.
(وَلَا يَلْزَمُهُمْ شِرَاءُ عَبْدٍ آخَرَ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَعَلَّقَتْ بِعَيْنِ الْمُوصَى بِهِ (وَإِنْ اشْتَرَوْهُ) أَيْ: الْعَبْدَ (بِأَقَلَّ)(مِمَّا قَالَ الْمُوصِي) كَمَا لَوْ اشْتَرَوْهُ بِأَرْبَعِمِائَةٍ (فَالْبَاقِي) مِنْ الثَّمَنِ (لِلْوَرَثَةِ) لِأَنَّهُ لَا مَصْرِفَ لَهُ.
(وَإِذَا أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى عَبْدٌ بِأَلْفٍ فَيُعْتَقُ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثِهِ اُشْتُرِيَ عَبْدٌ بِالثُّلُثِ) إنْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ الْقُرْبَةِ) كَالْهِبَةِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ لِلدَّوَامِ بِخِلَافِهِمَا.
(قَالَ الشَّيْخُ لَوْ جَعَلَ الْكُفْرَ أَوْ الْجَهْلَ شَرْطًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ تَصِحَّ) الْوَصِيَّةُ (فَلَوْ وَصَّى لِأَجْهَلِ النَّاسِ لَمْ يَصِحَّ) انْتَهَى.
(وَإِنْ وَصَّى مَنْ لَا حَجَّ عَلَيْهِ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ صَرَفَ) الْوَصِيُّ (مِنْ ثُلُثِهِ مُؤْنَةَ حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى) لِمَنْ يَحُجَّ (رَاكِبًا أَوْ
رَاجِلًا يَدْفَعُ) الْوَصِيُّ (لِكُلِّ وَاحِدٍ قَدْرَ مَا يَحُجَّ بِهِ) مِنْ النَّفَقَةِ (حَتَّى يَنْفَدَ) أَيْ: يَفْرُغَ الْأَلْفُ لِأَنَّهُ وَصَّى بِجَمِيعِهِ فِي جِهَة قُرْبَةٍ فَوَجَبَ صَرْفُهُ فِيهَا، كَمَا لَوْ وَصَّى بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَةِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ التَّصَرُّفَ فِي الْمُعَاوَضَةِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ عِوَضَ الْمِثْلِ كَالتَّعْوِيضِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (فَلَوْ لَمْ يَكْفِ الْأَلْفُ) لِلْحَجِّ حَجَّ بِهِ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ (أَوْ) صُرِفَ مِنْهُ فِي حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى وَبَقِيَ بَقِيَّةٌ وَلَمْ تَكْفِ (الْبَقِيَّةُ) لِلْحَجِّ (حَجَّ بِهِ) أَيْ: الْبَاقِي (مِنْ حَيْثُ يَبْلُغَ) لِأَنَّ الْمُوصِي قَدْ عَيَّنَ صَرْفَ ذَلِكَ فِي الْحَجِّ فَصُرِفَ فِيهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.
(وَلَا يَصِحُّ حَجُّ وَصِيٍّ بِإِخْرَاجِهَا) أَيْ: الْأَلْفِ فِي الْحَجِّ (لِأَنَّهُ مُنَفِّذٌ فَهُوَ كَقَوْلِهِ) الْإِنْسَانُ (تَصَدَّقَ عَنِّي) بِكَذَا (لَمْ) يَجُزْ لِلْمَأْمُورِ (أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ) شَيْئًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ.
(وَلَا) يَصِحُّ أَيْضًا حَجُّ (وَارِثٍ) لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُوصِي جَعْلُهُ لِغَيْرِهِ فَإِنْ عَيَّنَ الْمُوصِي أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ الْوَارِثُ بِالنَّفَقَةِ جَازَ (وَيُجْزِئُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ) أَيْ: عَمَّنْ أَوْصَى بِالْحَجِّ وَلَا حَجَّ عَلَيْهِ (مِنْ الْمِيقَاتِ) حَمْلًا عَلَى أَدْنَى الْحَالَاتِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّائِدِ، وَلِأَنَّ اللَّفْظَ إنَّمَا تَنَاوَلَ الْحَجَّ، وَفِعْلُهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَقَطْعُ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَسَافَةِ لَيْسَ مِنْهُ.
(وَإِنْ قَالَ حُجُّوا عَنِّي بِأَلْفٍ وَلَمْ يَقُلْ وَاحِدَةً لَمْ يُحَجَّ عَنْهُ إلَّا حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ وَمَا فَضَلَ لِلْوَرَثَةِ) هَكَذَا فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ أَسْقَطَ بِأَلْفٍ لَكَانَ مُوَافِقًا لِنُصُوصِ الْإِمَامِ قَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَحَرْبٍ إنْ قَالَ: حُجُّوا عَنِّي وَلَمْ يُسَمِّ دَرَاهِمَ فَمَا فَضَلَ رَدَّهُ إلَيْهِمْ قَالَ الْحَارِثِيُّ: أَمَّا إيجَابُ الْمِثْلِ فَلِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِيهِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ.
وَأَمَّا أَنَّ الْفَضْلَ لِلْوَارِثِ فَلِحُصُولِ الْمُوصَى بِهِ وَهُوَ الْحَجُّ وَالْإِنْفَاقُ فِيهِ فَوَجَبَ كَوْنُهُ لِلْوَارِثِ وَأَمَّا وُجُوبُ حَجَّةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلِأَنَّ اللَّفْظَ إنَّمَا اقْتَضَى وُجُودَ الْمَاهِيَّةِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْمَرَّةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ إرَادَةِ الْمُوصِي الزِّيَادَةَ انْتَهَى.
وَيُمْكِنُ تَخْرِيجُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى اخْتِيَارِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ إنْ أَوْصَى بِأَلْفٍ يُحَجُّ بِهَا يُصْرَفُ فِي كُلِّ حَجَّةٍ قَدْرُ نَفَقَةٍ حَتَّى يَنْفَدَ وَلَوْ قَالَ: حُجُّوا عَنِّي بِأَلْفٍ فَمَا فَضَلَ لِلْوَرَثَةِ، لَكِنَّ صَاحِبَ الْإِنْصَافِ حَكَاهُ مُقَابِلًا لِمَا قَدَّمَ أَنَّهُ الصَّحِيحُ.
(وَإِنْ قَالَ) حُجُّوا عَنِّي (حَجَّةً بِأَلْفٍ دُفِعَ إلَى مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ) حَجَّةً وَاحِدَةً بِمُقْتَضَى وَصِيَّتِهِ وَتَنْفِيذًا لَهَا (فَإِنْ عَيَّنَهُ) الْمُوصِي (أَوَّلًا فِي الْوَصِيَّةِ فَقَالَ: يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ) حَجَّةً (بِأَلْفٍ فَهُوَ وَصِيَّةٌ لَهُ إنْ حَجَّ) وَلَهُ أَخْذُهُ قَبْلَ التَّوَجُّهِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي التَّجَهُّزِ بِهِ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ الْأَخْذُ قَبْلَهُ لَكِنْ لَا يَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ لِأَنَّ الْمَالَ جُعِلَ لَهُ عَلَى صِفَةٍ فَلَا يُمْلَكُ بِدُونِ تِلْكَ الصِّفَةِ فَلَا يَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِلَا تَفْرِيطَ (وَلَا يُعْطَى) الْمَالُ
(إلَّا أَيَّامَ الْحَجَّ) احْتِيَاطًا لِلْمَالِ وَلِأَنَّهُ مَعُونَةٌ فِي الْحَجِّ، فَلَيْسَ مَأْذُونًا فِيهِ قَبْلَ وَقْتِهِ.
(فَإِنْ أَبَى) الْمُعَيَّنُ (الْحَجَّ وَقَالَ اصْرِفُوا الْفَضْلَ لَمْ يُعْطَهُ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي حَقِّهِ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِهِ إنَّمَا هِيَ بِصِفَةِ الْحَجِّ فَلَا يُسْتَحَقُّ بِدُونِهَا، وَسَوَاءٌ فِيهِ حَجُّ الْفَرْضِ وَنَفْلُهُ (وَيُحَجُّ عَنْهُ بِأَقَلَّ مَا يُمْكِنُ مِنْ النَّفَقَةِ) لِمِثْلِهِ (وَالْبَقِيَّةُ لِلْوَرَثَةِ) لِأَنَّهُ لَا مَصْرِفَ لَهَا (وَلَهُ تَأْخِيرُهُ) أَيْ: لِلنَّائِبِ تَأْخِيرُ الْحَجِّ (لِعُذْرٍ) كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ.
(وَلَوْ قَالَ مَنْ عَلَيْهِ حَجٌّ) أَيْ: قَالَ حُجُّوا عَنِّي بِأَلْفٍ أَوْ حَجَّةً بِأَلْفٍ (صُرِفَ الْأَلْفُ كَمَا سَبَقَ) إنْ لَمْ يَقُلْ حَجَّةً صُرِفَ فِي حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يَنْفَدَ وَإِنْ قَالَ حَجَّةً وَكَانَ أَوْصَى لِمُعَيِّنٍ دُفِعَ إلَيْهِ إنْ قَبِلَ (وَحُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ الْفَاضِلِ مِنْ نَفَقَةِ الْمِثْلِ) لِحَجَّةِ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ.
(وَإِنْ قَالَ قَالَ حُجُّوا عَنِّي حَجَّةً وَلَمْ يُذْكَرْ قَدْرًا مِنْ الْمَالِ دُفِعَ إلَى مَنْ يَحُجُّ قَدْرُ نَفَقَةُ الْمِثْلِ فَقَطْ) لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ لَا يَقْتَضِي الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا (فَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ فِي الطَّرِيقِ) بِيَدِ النَّائِب (فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُوصِي) غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى النَّائِبِ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ بِالْإِذْنِ فِي إثْبَاتِ يَدِهِ أَشْبَهَ الْمُودَعَ وَالتَّصَرُّفُ بِالْإِنْفَاقِ لَا يُوجِدُ ضَمَانًا وَلَا يُزِيلُ ائْتِمَانًا لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ كَمَا فِي إنْفَاقِ الْمُضَارِبِ بِالْإِذْنِ.
(وَلَيْسَ عَلَى النَّائِبِ إتْمَامُ الْحَجِّ) وَلَا يَضْمَنُ مَا كَانَ أَنْفَقَ لِوُجُودِ الْإِذْنِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَوْ أُحْصِرَ أَوْ مَرِضَ أَوْ ضَلَّ الطَّرِيقَ لِلْإِذْنِ فِيهِ وَإِنْ رَجَعَ خَشْيَةَ أَنْ يَمْرَضَ وَجَبَ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ وَالْعُذْرُ مَوْهُومٌ وَلِلْمَعْذُورِ مِمَّنْ ذُكِرَ نَفَقَةُ الرُّجُوعِ وَإِنْ مَضَى مَنْ ضَاعَتْ مِنْهُ النَّفَقَةُ فَمَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مَالٍ اسْتَدَانَهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى التَّرِكَةِ إذَا عَادَ إنْ كَانَ وَاجِبًا وَإِنْ مَضَى هَذَا الضَّائِعُ مِنْهُ النَّفَقَةُ لِلْحَجِّ عَنْ آخَرَ بِنَفَقَةٍ يَأْخُذُهَا جَازَ لِانْقِطَاعِ عَلَقِهِ عَنْ الْأَوَّلِ بِنَفَادِ نَفَقَتِهِ وَلِانْتِفَاءِ اللُّزُومِ عَلَى الْوَصِيِّ اسْتِنَابَةُ ثِقَةٍ لِأَنَّ فِي الْحَجِّ أَمَانَةٌ فَإِنَّ مِمَّا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَيْهِ النِّيَّةَ وَلَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَمَا لَمْ يَكُنْ ثِقَةً لَا يَبْرَأُ بِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ.
(وَلَوْ وَصَّى بِثَلَاثِ حِجَجٍ إلَى ثَلَاثَةٍ صَحَّ صَرْفُهَا) إلَى ثَلَاثَةٍ (فِي عَامٍ وَاحِدٍ) لَإِطْلَاقِ الْوَصِيَّةِ وَإِمْكَانِ الْفِعْلِ قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَكَانَ أَوْلَى مِنْ التَّأْخِيرِ (وَأَحْرَمَ النَّائِبُ بِالْفُرُوضِ أَوَّلًا إنْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُوصِي (فَرْضٌ) لِتَقَدُّمِهِ فَإِنْ أَحْرَمَ بِغَيْرِهِ قَبْلَهُ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ (وَكَذَا إنْ وَصَّى) بِثَلَاثِ حِجَجٍ حِجَجَ وَ (لَمْ يَقُلْ إلَى ثَلَاثَةٍ) وَكَذَا لَوْ قَالَ حُجُّوا عَنِّي بِأَلْفٍ وَأَمْكَنَ أَنْ يُسْتَنَابَ بِهَا جَمَاعَةٌ فِي عَامٍ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلُهُمْ صُرِفَ فِي حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى أَيْ: بَعْدَ الصَّرْفِ فِي حَجَّةٍ أُخْرَى كَمَا يَمِيلُ إلَيْهِ كَلَامُ الْحَارِثِيِّ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلْ بِالْمُبَاشَرَةِ إلَّا حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَتَّسِعُ لِأَكْثَرَ وَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَحْصُلَ بِالنَّائِبِ أَكْثَرَ لِأَنَّ النَّائِبَ إذَا تَعَدَّدَ أَمْكَنَ الِاتِّسَاعُ
فَأَمْكَنَ تَعَدُّدُ الْوُقُوعِ.
(وَالْوَصِيَّةُ بِالصَّدَقَةِ) بِمَالٍ (أَفْضَلُ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِحَجِّ التَّطَوُّعِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ أَنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ أَفْضَلُ مِنْ حَجَّهُ.
(وَإِنْ وَصَّى لِأَهْلِ سِكَّتِهِ) بِكَسْرِ السِّين (أَوْ) وَصَّى (لِقَرَابَتِهِ أَوْ) وَصَّى (لِأَهْلِ بَيْتِهِ أَوْ لِجِيرَانِهِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَدْخُلْ مَنْ وُجِدَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ كَمَنْ وُجِدَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَكَمَا لَوْ أَوْصَى بِمَالٍ فِي كِيسٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْمُتَجَدِّدَ فِيهِ) بَعْدَ الْوَصِيَّةِ.
(وَأَهْلُ سِكَّتِهِ هُمْ أَهْلُ دَرْبِهِ أَيْ: زُقَاقِهِ) بِضَمِّ الزَّاي وَالْجَمْعُ أَزِقَّةٌ قَالَ الْأَخْفَشُ وَالْفَرَّاءُ: " أَهْلُ الْحِجَازِ يُؤَنِّثُونَ الزُّقَاقَ وَالطَّرِيقَ وَالسَّبِيلَ وَالصِّرَاطَ وَالسُّوقَ، وَتَمِيمٌ تُذَكِّرُ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْوَصِيَّةُ لِأَهْلِ خِطِّهِ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْعَرَبِ يَقُولُهُ بِالضَّمِّ يَسْتَحِقُّهَا أَهْلُ دَرْبِهِ وَمَا قَارَبَهُ مِنْ الشَّارِعِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ لِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْوَصِيَّةَ لِأَهْلِ مَحَلَّتِهِ كَالْوَصِيَّةِ لِأَهْلِ حَارَتِهِ.
" تَتِمَّةٌ أَهْلُ الْعِلْمِ مَنْ اتَّصَفَ بِهِ وَأَهْلُ الْقُرْآنِ حَفَظَتُهُ ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَتِهِ، وَلَوْ وَصَّى (لِجِيرَانِهِ يَتَنَاوَلُ أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«الْجَارُ أَرْبَعُونَ دَارًا هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ (وَيُقَسَّمُ الْمَالُ) الْمُوصَى بِهِ (عَلَى عَدَدِ الدُّورِ وَكُلُّ حِصَّةِ دَارٍ تُقَسَّمُ عَلَى سُكَّانِهَا) لِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِضَافَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ (وَجِيرَانُ الْمَسْجِدِ مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ) لِحَدِيثِ «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ جَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَة مَعَ «قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْأَعْمَى لَمَّا سَأَلَهُ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ فِي بَيْتِهِ: هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَأَجِبْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَ) إنْ وَصَّى (لِأَقْرَبَ قَرَابَتِهِ أَوْ) وَصَّى بِشَيْءٍ لِ (أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ أَوْ) وَصَّى بِشَيْءٍ لِ (أَقْرَبِهِمْ بِهِ وَمِمَّا لَا يَدْفَعُ إلَى الْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ فَأَبٌ وَابْنُ سَوَاءٌ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُدْلِي بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ (وَأَخٌ مِنْ أَبَوَيْنِ أَوْلَى مِنْ أَخٍ لِأَبٍ) لِأَنَّ مَنْ لَهُ قَرَابَتَانِ أَقْرَبُ مِمَّنْ لَهُ قَرَابَةٌ وَاحِدَةٌ (وَكُلُّ مَنْ قُدِّمَ) عَلَى غَيْرِهِ (قُدِّمَ وَلَدُهُ) فَيُقَدَّمُ ابْنُ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ عَلَى ابْنِ أَخٍ لِأَبٍ (إلَّا الْجَدَّ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى بَنِي إخْوَتِهِ) أَيْ: الْمُوصِي مَعَ أَنَّهُ يَسْتَوِي مَعَ آبَائِهِمْ.
(وَ) إلَّا (أَخَاهُ لِأَبِيهِ) فَإِنَّهُ (يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ لِأَبَوَيْهِ) كَمَا فِي الْإِرْثِ مَعَ أَنَّ الْأَخَ لِأَبَوَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ فِيهَا) أَيْ: الْقَرَابَةِ سَوَاءٌ، فَابْنٌ وَبِنْتٌ (سَوَاءٌ) وَأَخٌ وَأُخْتٌ سَوَاءٌ وَعَمٌّ وَعَمَّةٌ سَوَاءٌ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَبَ أَوْلَى مِنْ ابْنِ الِابْنِ وَمِنْ الْجَدِّ وَمِنْ الْإِخْوَةِ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى.
(وَأَخٌ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ (وَجَدٌّ) لِأَبٍ (سَوَاءٌ) لِأَنَّ كُلًّا