الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصل اللفظة. وإلا فسائر أمهات اللغة ودواوينها القديمة لا تذكرها.
(دوسيه) المستعمل في العراق في هذا المعنى الإضبارة وقد جاءت بهذا المعنى في كتب العرب وأما ملف فلا تؤدي هذا المؤدى إلا ببعض تكلف.
هذا ما بدا لنا وهو فوق كل علم عليم.
(بغداد) ساتسنا
حالة آداب العرب
في عصر الجاهلية وعلى عهد الخلفاء
اقترحنا على الأدباء في الجزء الأول من الزهور كتابة نبذة عن الوسائل الواجب اتخاذها لترقية اللغة العربية بعد إيراد لمحة وجيزة فيما كانت عليه أيام الجاهلية وعلى عهد الخلفاء. فاستحن الموضوع كثيرون، ولكن الذين حاولوا الكتابة فيه كانوا قليلين، لأنه يقتضي بحثاً وتدقيقاً عظيمين. وكان المجلي في هذا الميدان حضرة الباحث المدقق عيسى أفندي إسكندر المعلوف، فأفاد فيما كتب، وأجاد فيما اقترح، وها إننا ننشر اليوم مقدمته عما كانت عليه آداب العرب في عصر الجاهلية وعلى عهد الخلفاء مرجئين القسم الثاني، وهو ما يجب اتخاذه من الوسائل لترقية تلك الآداب إلى العدد الآتي:
العرب من القبائل السامية التي انتشرت في شبه الجزيرة المنتسبة إليهم، وقد بقوا سحابة عصور طويلة بلا كتابة فحفظت آثارهم بأشعارهم ورواتهم، وعرفوا بفرعين عظيمين البائد والباقي: فالقبائل البائدة طمست آثارها كعاد وثمود وطسم وجديس ممن أقاموا في عمان والبحرين واليمامة
واشتهر منهم لقمان الحكيم صاحب الأمثال التي يقال أن أصلها من الشعر المقفى ولغتها حميرية. والقبائل الباقية هي بنو قحطان وبنو عدنان ويعرفون بالعرب العاربة وكانت كتابتهم الحميرية أو القلم المسند القديم انتشرت في اليمن فكانت لغة القبائل البادية وعرفت بلغة قحطان وقد وجدت آثارها في جبل الصفا في حوران وفي مأرب (اليمن) وحروفها منفصلة ولما اعتمد الإسلام على لغة قريش العدنانية تغلبت على اللغات الأخرى وأماتتها. واللغات السبع المشهورة بالفصاحة في العرب العرباء هي: لغة قريش وهذيل وهوزان واليمن وطي وثقيف وبني تميم. ومن القلم المحيري اشتق الكوفي ثم النسخي وفروعه إلى عهدنا.
وكانت نهضة العرب قبل الإسلام بنحو قرن أي في أثناء القرن السادس للميلاد ولقد رقاهم احتكاكهم بالحبشة والفرس والروم من مناوئيهم.
وكان الشعر في أول أمره عندهم مقاطيع وأرجازاً فقصده المهلهل، وأول من أطال الرجز وقصده الأغلب العجلي بزمن النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم العجاج. وسئل أبو عمرو بن العلاء: هل كانت العرب تطيل؟ فقال نعم ليسمع عنها. قيل وهل كانت توجز؟ فقال نعم ليحفظ عنها. .
ومن أقدم أشعارهم احتضار جدهم يعرب بن قحطان، ومنظومات الحارث بن مضاض الأصغر الجرهمي وشداد بن عاد، وعاد بن عوض وثمود بن عابر وزرقاء اليمامة وربيعة بن نزار والزباء وعامر بن حليس والمرقش الأصغر إلى أن نبغ أصحاب المعلقات والمجمهرات والمنتقيات والمذهبات والمرائي والمشوبات والملحمات فكانت المعلقات من الطبقة الأولى وما يليها من الثانية إلخ.
وكان شعرهم في الجاهلية طبيعياً، وصفوا فيه الظواهر الجوية، ومحاسن الأخلاق والعادات، ومنهم من أحب الروية ومنهم من فضل البداهة، وكان مذهبهم الشعري صحيحاً يتجنبون فيه السرقة والكذب. وقال الأصبهاني في الأغاني: إن موضع شعراء الجاهلية واحد من البلاغة إلا أنه غلب على ذي القروح (امرئ القيس) التجمل بالمعاني وبديع الوصف، وعلى النابغة الاسترسال في البراعة، وعلى زهير العناية بتقويم الألفاظ. وانفرد من هم دون طبقتهم بأشياء مثل أبي دؤاد بوصف الخيل، وعلقمة بوصف الوحش، وأوس بن حجر بوصف الخمر، إلى غير ذلك مما اكترث من أمثلته في كتابي (الطرف الأدبية في تاريخ اللغة العربية).
ومن خطبائهم المشهورين عبد شمس الملقب بسبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وقس بن ساعدة الأيادي أسقف نجران، وسحبان وائل الباهلي، وكعب بن لؤي بن غالب، وعامر بن الظرب العدواني، وأكثم بن صيفي وعبد المطلب بن هاشم جد النبي (صلى الله عليه وسلم) وغيرهم.
وعقدوا لهم أسواقاً لتناشد الأشعار وإلقاء الخطب والمباحثة والمماجدة أهمها سوق عكاظ. ولم يعرفوا من العلوم إلا نتفاً من النجامة ومن التاريخ ولاسيما الأنساب، ونبغ بينهم تراجمة عرفوا اللغات الأعجمية مثل زيد بن حماد المنتهي نسبه إلى زيد مناة الذي تقرب من الأكاسرة واقطعوه قطائع وولده عدي بن زيد وغيرهما.
ثم صارت الخلافة الإسلامية إلى الخلفاء الراشدين منهم فنبغ رأسهم النبي بالخطابة والقول الفصل وهكذا أخلافه وصحابته وعرفت الكتابة في
هذا العهد، وتحضرت العرب وكان الشعر على منوال الجاهلي ولكنه أدخلت فيه صناعة المديح والألفاظ الدينية فنبغ فيه الشعراء المخضرمون كعبد الله بن رواحة ومالك بن نويرة والعباس بن مرداس وكعب بن زهير وحسان بن ثابت الأنصاري والخنساء، ثم الشعراء المسلمون مثل عمرو بن معدي
كرب الزبيدي والنمر بن تولب التغلبي وأبي ذؤيب الهذليو النابعة الجعدي وغيرهم. وكان للخفاء أشعار وتواقيع وخطب ورسائل بليغة، ووضع أبو الأسود الدؤلي علم النحو بإشارة الإمام علي بن أبي طالب إلى غير ذلك.
ثم جاءت الخلافة الأموية فوضعت النقط والحركات. وكان الشعر عليه مسحة من صبغة الجاهلية ولكنه مال إلى الحضارة والتبسط بالمدح والإطراء فنبغ فيه القطامي النصراني وعبيد الراعي وذو الرمة والكميت بن زيد وابن خماعة وليلى الأخيلية وأشهرهم ثلاثة الفرزدق وجرير والأخطل النصراني. واشتهر من خطبائهم إياس بن معاوية وزياد ابن بيه وابن القرية الهلالي وخالد بن صفوان التميمي ونحوهم.
أما الكتابة فقد حولت في هذا العصر إلى العربية في الدواوين، بعد أن كانت بالأعجمية في الشام ومصر والعراق. وكبير كتاب هذا العصر عبد الحميد كاتب مروان الجعدي وإليه ينسب وضع آداب هذا الفن.
واشتهر عندهم علم الأنساب، ومن أكبر رواتهم حماد الطائي. وعرف الغناء عن الفرس. والفقه والطب وبنيت المستشفيات وعربت المصنفات الأعجمية من طبية وكيماوية إلى غير ذلك.
أما العصر الذهبي للعربية فهو عصر العباسيين من سنة 750 م - 1258 م وقد قسمته في كتابي (الطرف الأدبية) إلى نهضتين نهضة المشرق ونهضة المغرب. فأزهرت في المشرق بغداد والبصرة وبخارى ودمشق والقاهرة والإسكندرية بالعلوم والآداب واشتهر خلفاؤه بمعاضدة العلم ولاسيما هارون الرشيد وولده المأمون، حتى قال بعض المستشرقين: إن هارون كان يستصحب في سفراته مائة عالم. ولقب أوغسطين اللغة العربية حتى لقد أهدى القيصر نيقيفور إلى الرشيد كتباً كثيرة عربية. ولما كتب المأمون المعاهدة بينه وبين ميخائيل الثالث إمبراطور القسطنطينية على إثر الحرب المشهورة بينهما كان من جملة شروطها أن يرسل إليه الكتب النادرة الثمينة فأرسلها وعربت. وكان في بغداد ديوان الترجمة للتعريب وبيت الحكمة للمطالعة. وكان العلماء يتسابقون إلى خدمة الخلفاء ويرحلون في طلب العلم وقراءة الكتب على مؤلفيها أو طلبتهم ويأخذون إجازات بما اقتنوه منها. وأزهرت في المغرب قرطبة وإشبيلية وغرناطة وبلنسية وصقلية وفاس ومراكش
والقيروان ولاسيما بمعاضدة الخلفاء أخصهم عبد الرحمن الناصر وابنه الحكم المستنصر. وكانوا ينافسون المشرق بترقية المعارف حتى أن الحكم الثاني الأندلسي اشتهر باستنساخ الكتب، فأرسل ألف دينار إلى أبي الفرج الأصبهاني ثمن أول نسخة من الأغاني، ليظهره في الأندلس قبل ظهوره في المشرق فقرئ فيها قبله. وقد حمله مؤلفه إلى سيف الدولة بن حمدان قلم يعطه أكثر من ألف دينار فاستنزرها الصاحب بن عباد لأنه كان يكبر الكتاب.
وهكذا تبارت الدولتان الشرقية والغربية بتعريب الكتب العلمية وتعزيز المكاتب وتشييد المدارس وتقريب العلماء والمترجمين والشعراء وكان معظم الأطباء المعربين في المشرق من النساطرة المسيحيين وفي الأندلس من الإسرائيليين. وكانت المدرسة المستنصرية في بغداد وكلية قرطبة والقيروان مباءة للعلماء.
فوضع في المشرق فن العروض والقوافي، وضعه الخليل بن أحمد الفراهيدي. واشتهر سيبويه بالنحو والأصمعي بالرواية وإسحق الموصلي وولده إبراهيم بالغناء وأبو نواس وأبو العتاهية والمعري وديك الجن بالشعر. وأشهر شعراء هذا العصر ثلاثة المتنبي وأبو تمام والبحتري كما فصل ذلك ابن الأثير في مثله السائر.
ووضع في المغرب فن الموشحات المنسوب إلى مقدم بن معافر الغريري وأخذ عنه ابن عبد ربه صاحب العقد الفريد وغيره فاشتهر من شعراء المغرب ابن خفاجة وابن هانئ وابن حمديس وابن سهل وابن همار وابن هبون وابن صارة وابن رضوان وحفصة بنت حمدون والرميكية وابنتها بثينة وابن باجة وابن بقي وابن زهر وغيرهم.
وعلى الجملة فقد كان الأندلسيون نحو ثمانية قرون أساتذة للأوروبيين، ونبغ من أدباء ملوكهم المعتضد بالله العبادي وولده المعتمد وغيرهما ولهم شعر رائق.
ومن مشاهير كتاب المغرب ابن عبد البر وابن الأبار وابن رشيق وابن زيدون وابن زمرك وابن أبي رندقة الطرطوشي وعائشة بنت أحمد
وأسماء العامرية والشلبية وغيرهم.
ومن فلاسفة الشرقيين ابن سينا، والفارابي والرازي ومن الغربيين ابن رشد وابن الطفيل وغيرهما من كبار الأطباء ممن لا محل لاستيفاء تراجمهم الآن.
ولقد نالت العربية في عصر الدولتين الشرقية والغربية مجدها وامتدت آدابها مع غزوات أهلها في القارات الثلاث آسيا وأفريقية وأوروبا، ومعظم أوروبا التي بسط العرب عليها
جناح سطوتهم إسبانيا وصقلية وإيطاليا الجنوبية.
واقتبس الأوروبيون عن العرب العلوم مثل الباب سيلبسترس الثاني (جيربرت) وفريدريك الثاني إمبراطور ألمانيا وألبرت الكبير وغيرهم.
ولقد سمي هذا العصر بالعباسي تغليباً مع أن دولاً كثيرة نشأت في أثنائه مثل دولة بني حمدان في حلب، وبني بويه في فارس، وبني ساسان في ما وراء النهر، والفاطمية في مصر، والأموية في الأندلس. وقامت في تلك الأثناء الدولة السلجوقية فشيدت المدرسة النظامية في بغداد، وأقامت المستشفيات والمراصد. وشيد الفاطميون بمصر دار الحكمة للعلوم ومكتبة كبيرة. ثم جاءت الدولة الأيوبية على عقب الفاطمية فشيدت المدارس في بغداد وحلب والمستشفيات في مصر والمراصد في دمشق وغيرها وكانت رغبات الشعب في العلم ومساعدات الحكومة هي الباعث الأكبر على النجاح.
ثم غلبت الأمة العربية على الملك في القرون المتأخرة فكثرت غزوات الصليبيين والترك والتتر حتى تأخرت لغتهم بمزاحمة لغة الفاتحين لها وذلك من سنة 1258م إلى أوائل القرن التاسع عشر. ومع ذلك فقد نبغ في هذا
العصر المتأخر شعراء من أشهرهم ابن العفيف التلمساني وصفي الدين الحلي وابن الوردي وابن نباتة وابن النحاس وان معتوق والنابلسي والشيخ أحمد البربير ومن المسيحيين المطران سليمان الغزي والمطران جرمانوس فرحات والخوري نقولا الصائغ وغيرهم.
ومن الكتاب ابن خلدون المغربي وابن جزي الغرناطي. ومن المؤلفين كثير لا محل لاستيفاءهم وحسبنا أن نشير إليهم ففي العلوم اللسانية ابن مالك الأندلسي صاحب الألفية وابن عقيل والاشموني شارحاها والصبان محشيها. وفي العلوم البيانية واللغوية جلال الدين السيوطي الذي ألف في جميع الفنون العربية، والخفاجي صاحب طراز المجالس وشفاء الغليل وشرح درة الغواص. وابن منظور صاحب لسان العرب والفيروز بادي صاحب القاموس والزبيدي صاحب تاج العروس.
وفي التاريخ والجغرافية والرحلة أبو الفداء وابن جبير وابن بطوطة والحسن القرطبي المعروف بالأسد الأفريقي. وياقوت صاحب معجم البلدان والمقريزي والمسعودي ومن النصارى ابن العبري وابن الفضل الإنطاكي والسمعاني والدويهي والبطريرك مكاريوس
الحلبي المعروف بابن الزعيم وولده الأرشد ياكون بولس وغيرهم. وفي الرياضيات ابن الهائم وأبو بكر الجمال المصري وغيرهم. ومما امتاز به هذا العصر اختراع المطبعة فكان للعربية نصيب منها في أوروبا فطبعت بحروفها كتب كثيرة في إيطاليا وفرنسا وإنكلترا والأستانة وحلب ولبنان ومالطة إلخ.
ولما تنفس القرن التاسع عشر انتشرت بيننا الطباعة فاعتزت بها