الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منظومات الأديب أمين أفندي فتح الله صباغ والجزء الثاني من الريحانيات وقد أفضنا في الكلام عنها ص 80 من الزهور والجزء الثاني من دروس التاريخ الإسلامي تأليف الشيخ محيي الدين الخياط وقد تكلمنا عن هذه الدروس أيضاً ص 225 عند صدور الجزء الأول منها. وموضوع هذا الجزء مجمل تاريخ الخلفاء الراشدين.
أزهار وأشواك
العود أحمد
السلام عليك أيها القارئ ورحمة الله. .! طال عهد الفراق بيني وبينك على غير وداع، وها نحن نلتقي اليوم على خير وسلام. ولم يجد صاحب الزهور متسعاً لأشواكي ولا مجالاً لأزهاري في عدده الكبير عن مصر وسورية فحرمني من التفكه بمحادثتك الشهرية، حتى خفت أن تنساني، وإن كنت لا أنساك. . . أنت لاشك قضيت صيفك خارج العاصمة بعيداً عن حرها وغبارها وضوضائها، فطلبت بليل الهواء في الإسكندرية، أو عيشة الخلاء في رأس البر، أو النزهة في ربوع أوروبا، أو الراحة في ربى لبنان. وإذا لم يكن قد تم لك شيء من ذلك، فأنا مشفق عليك راثٍ لحالك، وناقم معك على رئيسك وأشغالك. أما أنا
فلما بدت طلائع الصيف حملت منجلي وأخذت حبلي وذهبت إلى حقلي للحصاد، فكان موسمي مقبلاً. ورجعت الآن مثقلاً بأحمال كثيرة سأهدي إليك منها الشيء الكثير، منتظراً منك هدية حملتها لي من مصيفك. ومهما كانت الهدية فأنا أهنئك وأهنئ نفسي بسلامة العودة، وأقول لك كما كان يقول العرب عدنا والعود أحمد.
المقيدات
لما أخذت على نفسي كتابة هذا الباب من الزهور جعلت من مواد بر وغرامي ألا أتعرض لسيداتي بنات الجنس اللطيف. احتراماً لهن وخوفاً منهن. فإن غضب السماء والأرض والإنس والجن لأهون علي من غضبهن. ويسوءني وأيم الحق أن أقدم لهن لأول مرة أحادثهن أشواكاً بدلاً من باقة أزهار. ولكن على نفسها جنت براقش وأنا لست الملوم. . . تفننت يا سيدتي في أزيائك وبرزت لنا في كل فصل بل في كل شهر في زي جديد، ففتنت وسبيت وفتكت: فمن قبعة أشبه بحديقة لما عليها من أنواع الأزهار، إلى قبعة أشبه بغابة لما عليها من الأطيار، فقلنا: ذلك لك فأنت زهرة هذه الحياة العطرة وبلبلها الغرد. . . وأغرقت في تنويع ملبوسك لوناً وشكلاً، فرضينا بكل أنواع دلالك ومظاهر جمالك. ولكن كيف نرضى لك بزيك الأخير وقد قيدت مشيتك وضيقت خطوتك حتى أطلق على تابعات زيك الغريب اسم المقيدات فأصبحن يرسفن رسف المكيل بعد ما كن يكرجن كرج الحجل.
يمشين مشي قطا البطاح تأوداً
…
قب البطون رواجح الأكفال
بل أين مشيتك الآن، وأنت أشبه بالبطة، من المشية التي قال عنها الشاعر:
كأن مشيتها من بيت جارتها
…
مشي السحابة لا ريث ولا عجل
والله يا سيدتي - وتأكدي إني أخلص لك النصح وأصدق القول - إن زيك هذا يسلبك كل ما جادت به عليك الطبيعة. فبحق فاتنات ألحاظك، حلي هذا القيد من رجلك، وكفاك ما قيدك به ظلم الرجال من القيود والأغلال. ولسان حال كل منا يقول:
لو أطلقت لمشت نحوي على قدم
…
تكاد من رقة في المشي تنفطر
حب الملك وملك الحب
الحب سلطان - مطلق لا مقيد، ومستبد لا دستوري - هكذا يقول الناس وخصوصاً معشر العشاق الذين عرفوا حكمه. على أن الحزب الجمهوري في البرتغال لا يريد أن يقر بذلك للجميع. سطا هذا الملك بصورة مغنية جميلة على قلب ملكهم، فأسره وقيده بقيوده الذهبية. - وهل الملك إلا بشر؟ فأنكر الحزب هذا الاستسلام من مليك البلاد لمليك الألباب. وخسر مانويل تاجه وعرشه في سبيل غرامه. فكأن شعب البرتغال يعترف بملك الحب وينكر حب الملك. ولكن فليتعز سليل أسرة براغنس، فإن له قدوة بأحد ملوك العرب الذين جلسوا قبله منذ قرون على عرش الأندلس. فرضي أن ينال من أحب كيفما كان الأمر.
فإما بذل وهو أليق بالهوى
…
وإما بعز وهو أليق بألمك