الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيقول بعد كل بيت مدح: أستغفر الله وبعد كل بيت دعاء: إن شاء الله.
فأكرم بالملوك والأمراء الذين يعرفون قدر الأدب والأدباء. . .
الصحافة والصحافيون
كان حامل القلم كحامل السيف في يمين كليهما سلاح ماض. . . وأصبح حامل القلم، في العصر الحديث، كالقابض على الصولجان: كلاهما نافذ الكلمة، مرعي الجانب.
ولكن لا يتم ذلك للكاتب، إلا إذا فهم حقيقة مهمته، وأدرك شرف مهنته. فإذا لم يكن كل من هز الحسام بضارب فكذلك ليس كل من هز اليراع بكاتب وأبعد حملة الأقلام نفوذاً الآن هم الصحافيون، بفضل انتشار الصحف وإقبال الكبير والصغير عليها. وعليه يجب أن تكون الصحافة - كما قال احد كبار المفكرين - شجرة الحقيقة يغرد على فنانها الكتاب الصادقون وإنه ليسرنا أن ندون على صفحات الزهور كلمتين في هذا الموضوع: أحداهما لأمير شرقي كبير، والثانية لشريف غربي خطير.
1
قام دولة الأمير الجليل حسين باشا كامل عم سمو الجناب العالي الخديوي في إحدى جلسات مجلس شورى القوانين ووجه إلى رجال الصحافة كلمات قلما سمعنا مثلها في الشرق من كبرائنا، قال:
إن كل أمة متمدنة يجب عليها أن تحترم الصحافة، ونود أن تكون معها يداً في يد، لتتعلم منها وتستفيد مما ينشر من الفوائد. . . .
نتمنى أن يكون التعليم في مصر إجبارياً حتى يصبح الكل يطالعون الصحف ويستفيدون منها ويتنورون بما فيها. .
مكثت نحو الثمان سنوات تلميذاً في أوروبا، فرأيت أن تنور العامة جاء من مطالعة الصحف. .
الجرائد أكبر من أن تكون مهنة لتعيش أصحابها، بل هي أشرف من ذلك ولها فوائد عامة عديدة
إننا نعتبركم جزءاً منا حيث تحضرون جلساتنا ونقبل بارتياح أن تنتقدوا أعمالنا. . وأنتم جميعاً تعلمون مقدار احترامي لكم. .
2
وعقد مؤخراً في إنكلترا مؤتمر الصحافة فألقى اللورد مورلاي خطاباً نقتطف منه الفقرات
الآتية:
الإنشاء هو تأليف المقالات أو الكتب الضارة والمفيدة. وهو كالتصوير اليدوي يأتي بالصور الجميلة والقبيحة.
مهنة الصحافة شريفة وشاقة. قال كارليل: الصحافي، سواء كان قائداً للرأي العام أم لم يكن، أليس هو واحداً من حكام العالم؟
ولا يفهم بالصحافي من يحسن اللغة جيداً ولا من هو كثير التأنق ولا من يرسل الكلام على عواهنه بل الصحافي الحقيقي المفيد هو الذي يحافظ على أدب الكتابة وآداب الاجتماع. ويكفي أن تجتمع في المنشئ، فضيلتان: معرفة الحقوق والبساطة، وجوهر الصحافة والإنشاء قائم في ثلاثة أشياء: حسن النية والخبرة والمقدرة.
الصحافة والإنشاء يحتاجان إلى روية أكثر من الخاطبة. لأن ما يقوله الخطيب ينسى حالاً. وأما ما يقوله الصحافي فيبقى مكتوباً ليطالع ويراجع وينتقد. وكمثله كلام المنشئ: وإنما الصحافي يحتاج إلى ذكاء متقد وإلى رزانة أعظم مما يحتاجه المنشئ لأن هذا يمكنه أن يراجع وأن يشاور. وأما الصحافي فليس له من الوقت ما يمكنه من المراجعة والمشاورة. والمنشئ ينشئ في موضوع أو فن واحد. وأما الصحافي فتعرض له كل المواضيع وكل الفنون. فيجب أن يكون راجح العقل، كثير الإدراك، سريع التحصيل ذا حنكة وحكمة ليحصل على رضى الجمهور. ويكون رأيه هو الأصح وحزبه هو الأقوى ويكون هو المحور الذي تدور حوله الآراء - وعلى الصحافي أن يكون فوق الطبيب والفقيه والصناعي والعالم والجندي والسياسي والملك وأن يكون بعيداً عن أغراض الجميع، ولا يتخذ إلا الحق له غرضاً.
الصحافي ليس خادماً في مكتب، بل هو مدير الأفكار بوجهٍ عام: وإذا خطر له مرة أن يفضل الجزئي على الكلي، والعرض على الجوهر، والغرض على الحقيقة، فليتصور أن أمامه الرأي العام يكذبه. وحينذاك تتضح له المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقه، ويفهم أهمية مركزه فيحافظ عليه.
الإنشاء كلام منزل كالناموس، إذا قيل مرة فلا يجوز بعد ذلك إزالة حرف منه. هكذا يجب أن تكون الصحافة لتكون مفيدة. والصحافي المفيد هو الذي يقرأ ويحسن الاستنتاج، ويفهم
معنى الاستقلال والمسؤولية.